المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌خَاتِمَةٌ   وهذه من العناوين التي يُعنون بها المؤلفون والمصنفون لأن الأعلام - فتح رب البرية في شرح نظم الآجرومية

[أحمد بن عمر الحازمي]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الكَلَامِ

- ‌بَابُ الإِعْرَابِ

- ‌بَابُ عَلَامَاتِ الرَّفْعِ

- ‌بَابُ عَلَامَاتِ النَّصْبِ

- ‌بَابُ عَلَامَاتِ الخَفْضِ

- ‌بَابُ عَلَامَاتِ الجَزْمِ

- ‌بَابُ قِسْمَةِ الأَفْعَالِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌ باب نواصب المضارع

- ‌بَابُ جَوَازِمِ المُضَارِعِ

- ‌المَرْفُوعَاتُ مِنَ الأَسْمَاءِ

- ‌بَابُ الفاعِلِ

- ‌باب النائب عن الفاعل

- ‌بَابُ المُبْتَدَا وَالخَبَرِ

- ‌بَابُ كَانَ وَأَخَوَاتِهَا

- ‌بَابَ إِنَّ وَأَخَوَاتِهَا

- ‌بَابُ ظَنَّ وَأَخَوَاتِهَا

- ‌التَّوَابِعُ

- ‌بَابُ النَّعْتِ

- ‌المَعْرِفَةُ وَالنَّكِرَةُ

- ‌بَابُ العَطْفِ

- ‌بَابُ التَّوكِيدِ

- ‌بَابُ البَدَلِ

- ‌المَنْصُوبَاتُ مِنَ الأَسْمَاءِ

- ‌بَابُ المَفْعُولِ بِهِ

- ‌بَابُ المَفْعُولِ المُطْلَقِ

- ‌بَابُ الظَّرْفِ

- ‌بَابُ الحَالِ

- ‌بَابُ التَّمْيِيزِ

- ‌بَابُ الاِسْتِثْنَاءِ

- ‌بَابُ لَا

- ‌بَابُ المُنَادَى

- ‌بَابُ المَفْعُولِ لأَجْلِهِ

- ‌بَابُ المَفْعُولِ مَعَهُ

- ‌المَخْفُوضَاتُ مِنَ الأَسْمَاءِ

- ‌بَابُ الإِضَافَةِ

- ‌خَاتِمَةٌ

الفصل: ‌ ‌خَاتِمَةٌ   وهذه من العناوين التي يُعنون بها المؤلفون والمصنفون لأن الأعلام

‌خَاتِمَةٌ

وهذه من العناوين التي يُعنون بها المؤلفون والمصنفون لأن الأعلام عندهم ثمانية: كتاب، وباب، وفصل، وفرع، ومسألة، وتنبيه، وتتمة، وخاتمة، هذا هو المشهور عندهم لا بُدَّ أن يأتي بكلمة من هذه الكلمات وهي أعلام وألقاب لها مفهومها الخاص عند أرباب التصنيف [خَاتمَةٌ] أي هذه خاتمة، أو خاتمة هذا محلها، فخاتمة مبتدأ، وقد يعترض بأنها نكرة في اللفظ، ولا يجوز الابتداء بالنكرة، فنقول: بل هو معرفة لأنه صار علمًا ولقبًا على الألفاظ المخصوصة الدالة على المعاني المخصوصة. والخاتمة لغة: آخر الشيء هكذا عرفها البيجوري، واصطلاحًا: اسم لألفاظ مخصوصة دالة على معانٍ مخصوصة جعلت آخر كتاب أو باب. وفي السابق كانوا يذكرون في الخاتمة الحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأن الكتاب قد تم إلى آخره، والآن اقتصروا على الخاتمة بأن يُذكر فيها نتائج البحث. قال رحمه الله:

قَدْ تَمَّ مَا أُتِيْحَ لِي أَنْ أُنْشِئَهْ

فِي عَامِ عِشْرِينَ وَأَلْفٍ وَمِائَهْ

حَمْدِ رَبِّنَا وَحُسْنِ عَوْنِهِ

وَرِفْدِهِ وَفَضْلِهِ

وَمَنِّهِ

مَنْظُومَةً رَائِقَةَ الأَلفَاظِ

فَكُنْ لِمَا حَوَتْهُ ذَا اسْتِحْفَاظِ

جَعَلَهَا اللَّهُ لِكُلِّ مُبْتَدِي

دَائِمَةَ النَّفْعِ (بِحُبِّ أَحْمَدِ)

صَلَّى عَلَيْهِ رَبُّنَا وَسَلَّمَا

وَآلِهِ

وَصَحْبِهِ

تَكَرُّمَا

ص: 644

[قَدْ تَمَّ] قد للتحقيق، وتم فعلٌ ماضٍ بمعنى كمُل، وقلنا قد للتحقيق لأنه لا يأتي بالخاتمة إلا في آخر الكتاب عكس المقدمة، فالمقدمة قد يأتي بها في أول التصنيف، وقد يؤخرها بعد الانتهاء من الكتاب لذلك يجوز في قوله: وبعد فهذا .. فالمشار إليه قد يكون لشيء موجود أو لشيء مقدر في الذهن، أما الخاتمة فلا، لأنَّ الأصل فيها أنها تأتي بعد ما انتهى من الكتاب. [تَمَّ مَا أُتِيْحَ لِي أَنْ أُنْشِئَهْ] يعني ما تمكنت من إنشائه، وأنشأ يفعل كذا أي ابتدأ [أَنْ أُنْشِئَهْ] أي إنشاؤه، فأنْ وما دخلت عليه في تأويل مصدر فاعل أتيح، والذي أتاح له ذلك هو الله عز وجل، [فِي عَامِ عِشْرِينَ وَأَلْفٍ وَمِائَهْ] هذا تاريخ إنهاء النظم، فقد كانوا يؤرخون مصنفاتهم بل كانوا يؤرخون قراءاتهم على أهل العلم، وقوله: في عام عشرين وألف ومائة متعلق بقوله: أنشئه [بِحَمْدِ رَبِّنَا] بحمد جار ومجرور متعلق بقوله: تم، لأنه افتتح كتابه بالحمد، والثناء على الرَّب جلَّ وعلا ابتداءاً، كذلك هنا في الختام يحتاج إلى أن يثني على خالقه جلَّ وعلا الذي مكنه وأتاح له إنشاءَ هذا النظم، [بِحَمْدِ رَبِّنَا] سبق معنى الحمد أنه ذِكْرُ محاسنِ المحمود مع حبه وتعظيمه وإجلاله، وهذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية، والمشهور أنه فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعمًا على الحامد أو غيره، هذا في الاصطلاح، وفي اللغة الحمد هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري على جهة التبجيل والتعظيم، وهذه كلها منتقدة. [وَحُسْنِ عَوْنِهِ] يعني وعونه الحسن، من إضافة الصفة إلى الموصوف، والعون الظهير على الأمر، والجمع

ص: 645

الأعوان [وَرِفْدِهِ] بكسر الراء العطاء والصلة، وبفتحها المصدر، ورَفده أي أعطاه، ورَفده أعانه وبابهما ضرب كذا قال في المختار، والإرفاد أيضًا الإعطاء والإعانة، ورِفده يعني إعطائه لي [وَفَضْلِهِ] الإفضال هو الإحسان، [وَمَنِّهِ] يقال: منَّ عليه إذا أنعم، وهذه كلها كلمات مترادفة، والمراد به أنه حمِد ربَّه جلَّ وعلا على عونه، وفضله، ومنِّه، بأنه مكَّنه من هذه المنظومة [مَنْظُومَةً] يحتمل أنه حال من الاسم الموصول من قوله:[مَا أُتِيْحَ] أو يكون بدلا من الضمير في أنشئه أي أنشئ منظومة، فيكون بدلاً من الضمير على حد قولهم: ضربته زيدًا، وجوَّز بعضهم أن يكون زيدًا بدلاً من الضمير. [مَنْظُومَةً] مشتق من النظم، والنظم هو الكلام الموزون قصدًا، والأصل في النظم أنه التأليف، وضَمُّ شيء إلى شيء آخر، قال في القاموس: ونَظَمَ اللؤلؤَ ينظِمه نظمًا ونِظامًا ونظَّمه ألفه وجمعه في سلك فانتظم وتنظَّم، [رَائِقَةَ الأَلفَاظِ] هذا أيضًا من إضافة الصفة إلى الموصوف أي الألفاظ الرائقة، لأنَّ الوصف هنا بكونها رائقة للألفاظ، وراقه الشيءُ أعجبه، أي الألفاظ الرائقة السهلة في قراءتها، وفهمها، لأنَّ الفصاحة مبناها على الإيضاح والإيجاز.

[فَكُنْ] أيها الطالب [لِمَا حَوَتْهُ] وجمعته هذه المنظومة [ذَا اسْتِحْفَاظِ] ذا خبر كن، وذا استحفاظ أي صاحبَ حفظٍ لها، لأنَّ الحفظ هو الأساس، وطالبُ علمٍ بلا حفظٍ ليس بشيء، لا يتعب نفسه، ولا يتعب غيره، فلا بُدَّ من الحفظ وإن قلَّ، واستحفاظ استفعال فالسين للتأكيد أو للطلب يعني تطلب حفظه من مظانه، [جَعَلَهَا

ص: 646

اللَّهُ] أي هذه المنظومة [لِكُلِّ مُبْتَدِي] هذا عام، والمبتدئ المراد به من أخذ وشرع في تصور مسائل الفن، [دَائِمَةَ النَّفْعِ] أي مستمرة النفع من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي النفع الدائم، ودائمة مأخوذة من الدوام، ولذلك ما دام تدل على الاستمرار، والنفع ضد الضر، يقال: نفعه بكذا فانتفع به، والاسم المنفعة، [بِحُبِّ أَحْمَدِ] في الأصل بجاه أحمد، قلت: الأولى أن يقول: بحب أحمد، لأن حب النبي صلى الله عليه وسلم عمل صالح، والتوسل بالأعمال الصالحة مشروع، فلا إشكال. وأما التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت شرعًا، ولا شك أن له جاهًا عند الله عز وجل، لكن التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم محدث، وحبه عليه الصلاة والسلام عمل صالح، والتوسل بالأعمال الصالحة جائز فلذا أصلحنا البيت بما ترى. [صَلَّى عَلَيْهِ رَبُّنَا] لما أثنى على الخالق جلَّ وعلا ثنى بالثناء على أفضل مخلوق، وهو النبي صلى الله عليه وسلم -كما قيل:

وَأَفْضَلُ الخَلْقِ عَلَى الإِطَلَاقِ

نَبِيُّنَا فَمِلْ عَنِ الشِّقَاقِ

وسبق معنى الصلاة، [وَسَلَّمَا] لم يذكر السلام في المقدمة، وذكرنا أنه سلَّم في الخاتمة، والأصح أن يقال إنه لا يكره إفراد السلام عن الصلاة، ولا إفراد الصلاة عن السلام، وأما الآية فهي دالة على الأمر بكل واحد منهما على جهة الاستقلال، ((إِنَّاللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) [الأحزاب:56] والقول بكراهة إفراد

ص: 647

واحد منهما دون الآخر مأخوذ من دلالة الاقتران، وهي ضعيفة عند الأصوليين، مثل ما قيل في قوله تعالى:(وأتموا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ)) [البقرة:196] بأن العمرة واجبة، لأنها مقرونة بالحج، والحج واجب مرة في العمر، نقول: لا يصحُّ الاستدلال بهذه الآية على وجوب العمرة ولو مرة في العمر، فهذا ضعيف، لأنه مأخوذ من دلالة الاقتران وهي ضعيفة، بل النص هنا ليس في وجوب الحج ولا في العمرة، بل في الإتمام وهو غير أصل الحج والعمرة لقوله:(وأتموا). [وَسَلَّمَا] الألف للإطلاق، فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره هو يعود على ربنا، والسلام هو التحية على قول، وقيل: السلامة من النقائص والعيوب، وأردف به الصلاة امتثالاً للآية السابقة، وهروبًا من كراهة تركهما، والاقتصار على أحدهما، والصواب أنه لا يكره. [وَآلِهِ] بالخفض عطفًا على الضمير في عليه دون إعادة الجار، وهذا محل نزاع، وأكثر النحاة على المنع، والصواب الجواز قال تعالى:(واتقوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ)) [النساء:1] والأرحامَِ فيه قراءتان سبعيتان بالخفض وبالنصب، (تسألون به والأرحامِ) بالكسر، وبعض النحاة يجعلون القرآن تابعًا لقواعدهم، فحينئذٍ إذا جاءت قراءة على خلاف ما قُعد وأُصل عندهم قالوا: هذه قراءة شاذة لا يلتفت إليها، لأنها مخالفة للقواعد، والقاعدة عندهم أنه إذا أريد العطف على ضمير في محل خفض وجب إعادة الخافض، والأصح أنه لا يشترط إعادة الخافض، والدليل القراءة، وهي سنة متبعة، والقرآن بقراءته الثابتة

ص: 648

حجة على النحاة، وليس النحاة حجة على القرآن، إذًا وآله عطف على الضمير في عليه وهو جائز، والآل سبق أن المراد به أتباعه على دينه، وهنا أضيف إلى الضمير على الصحيح، [وَصَحْبِهِ] سبق معنى الصحب، [تَكَرُّمَا] منه جلَّ وعلا.

إذاً قد أتينا على هذا النظم بحمد ربنا جل وعلا ونسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وأن يحيينا وإياكم على الإسلام والسنة إنه سميع عليم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 649