المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثالث: شروط الصلاة: - فقه العبادات على المذهب المالكي

[كوكب عبيد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة [المؤلفة]

- ‌تقديم [الشيخ إبراهيم اليعقوبي الحسني]

- ‌مالك بن أنس رضي الله عنه

- ‌[متن الكتاب]

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول: تعريف الطهارة:

- ‌الباب الثاني: الأعيان الطاهرة والأعيان النجسة

- ‌الباب الثالث: آداب قضاء الحاجة

- ‌الباب الرابع: الفصل الأول الوضوء

- ‌الباب الخامس: الغُسْل

- ‌الباب السادس: التيمم

- ‌الباب السابع: الحيض والنفاس والاستحاضة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الباب الأول: تعريف الصلاة:

- ‌الباب الثاني: الأذان والإقامة

- ‌الباب الثالث: شروط الصلاة:

- ‌الباب الرابع: صفة الصلاة

- ‌الباب الخامس: الفصل الأول سجود السهو

- ‌الباب السادس: صلاة التطوع

- ‌الباب السابع: صلاة الجماعة

- ‌الباب الثامن: صلاة المسافر (القصر والجمع)

- ‌الباب التاسع: صلاة الجمعة (1)

- ‌الباب العاشر: صلاة الخوف

- ‌الباب الحادي عشر: الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌الباب الأول: تعريف الزكاة:

- ‌الباب الثاني: الفصل الأول

- ‌الباب الثالث: مصارف الزكاة

- ‌الباب الرابع: صدقة الفطر

- ‌كتاب الصوم

- ‌الباب الأول⦗ص: 303⦘: تعريف الصوم:

- ‌الباب الثاني: الاعتكاف

- ‌كتاب الحج

- ‌الباب الأول⦗ص: 333⦘: تعريف الحج والعمرة:

- ‌الباب الثاني: أركان الحج والعمرة

- ‌الباب الثالث: واجبات الحج والعمرة

- ‌الباب الرابع: مندوبات الحج

- ‌الباب الخامس: الفصل الأول

- ‌الباب السادس: الفصل الأول

الفصل: ‌الباب الثالث: شروط الصلاة:

‌الباب الثالث: شروط الصلاة:

ص: 130

تعريف الشرط:

شرط الشيء ما كان خارجاً عن حقيقته، وهو ما يلزم من عدمه عدم المشروط ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم.

أقسام الشروط:

ص: 130

1-

شروط الوجوب.

ص: 130

2-

شروط الصحة.

ص: 130

3-

شروط وجوب وصحة.

أولاً: شروط الوجوب

ص: 130

1-

البلوغ، لما روى علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"رفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل"(1) .

والبلوغ شرط للوجوب لا للصحة حيث تصح الصلاة من الصبي المميز.

ص: 130

2-

عدم الإكراه على تركها، والإكراه المعتبر في العبادات هو الخوف من قتل أو ضرب أو سجن أو قيد، فمن ترك الصلاة مكرهاً فلا إثم عليه بل لا تجب عليه. ولكن من المؤكد أن الإكراه لا

⦗ص: 131⦘

يتأتى على جميع أفعال الصلاة، فإذا تمكن من الطهارة سقط عنه مالا يقدر على الإتيان به فقط، ويفعل ما يقدر عليه من نية وإحرام وقراءة وإيماء كما يفعل المريض (الإكراه بمنزلة المرض) إذا تمكن من الطهارة.

ص: 130

3-

بلوغ الدعوة: أي بلغته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان كافراً؛ إذ الصحيح تكليف الكفار بفروع الشريعة كأصولها (العقيدة) .

(1) أبو داود: ج 4/ كتاب الحدود باب 16/4403.

ص: 131

أمر الصبي بالصلاة:

يندب للولي أن يأمر الصبي بالصلاة ابن سبع، لأن الشارع أمر الولي أن يأمر بها، فالوالي مأمور من قبل الشارع بالأمر بها، والصبي مأمور من قبل الشارع بفعلها، بناء على أن حكم الأمر من الشارع للولي بالأمر بالشيء للصبي هو بمثابة الأمر بذلك الشيء (1) للصبي مباشرة، فالصبي مكلف من قبل الشارع بالمندوبات والمكروهات فإذا فعلها يثاب عليها. أما البلوغ فهو شرط للتكليف بالواجبات والمحرمات.

ويندب أن يَضربه عليها ابنَ عشر ضرباً مؤلماً غير مبرح (لا يكسر عظماً ولا يشين عضواً) إن ظن إفادته وإلا فلا يضربه.

وتندب التفرقة بين الأولاد في المضاجع، أي لا ينام أحدهما مع الآخر في فراش واحد إلا وعليه ثوب (2) .

عن سيرة الجهني قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها"(3) ، وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع"(4) .

⦗ص: 132⦘

(1) هناك من يقول: إن الأمر بالأمر بالشيء ليس له حكم الأمر بذلك الشيء (الصبي) غير مكلف من قبل الشارع، لذا إذا صلى الصبي فلا ثواب له لامتثاله لأمر وليه لتدريبه، وإنما الثواب لوالديه لأمرهما الصبي بها.

(2)

يجب على الولي منع الصبي من كل ما هو معصية بحق البالغ.

(3)

أبو داود: ج 1/ كتاب الصلاة باب 26/494.

(4)

أبو داود: ج 1/ كتاب الصلاة باب 26/495.

ص: 131

ثانياً: شروط الوجوب والصحة:

ص: 132

1-

العقل (1) ، فلا تجب ولا تصح من المجنون ولا من المغمى عليه ولا من السكران بحلال (أي غير المتعدي بسكره)، لحديث علي رضي الله عنه المتقدم:"رفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل".

ص: 132

2-

وجود الطهور مع القدرة على استعماله، ويخرج بذلك فاقد الطهورين، أو فاقد القدرة على استعمالهما كالمكره، والمربوط، فلا تجب عليهما ولا يقضيان وإن تمكنا بعد خروج الوقت على القول المشهور.

ص: 132

3-

اليقظة وعدم النسيان، لأن النائم والناسي غير متمكنين من طهارة الحدث عادة، لكن يجب عليهما القضاء حال استيقاظهما، لأن عذرهما يزول بأدنى تنبيه، ولأنه يوجد من قبلهما تفريط.

ص: 132

4-

دخول الوقت، فلا تجب ولا تصح الصلاة قبل دخول الوقت، وقيل: دخول الوقت سبب للوجوب.

ص: 132

5-

النقاء من الحيض والنفاس، لعدم تمكن الحائض والنفساء من الطهارة شرعاً، فلا يجب ولا تصح منهما الصلاة ولا تقضيانها.

(1) كل من كان بالغاً عاقلاً بلغته الدعوة سمي مكلفاً ولو كان كافراً أي هو مطالب بما فيه كلفة (واجبات، منهيات، مندوبات، مكروهات) .

ص: 132

ثالثاً: شروط صحة فقط:

وهي خمسة:

ص: 132

1-

الإسلام، فلا تصح من الكافر وإن وجبت عليه بناء على القول المعتمد أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة.

ص: 132

2-

الطهارة من الحدث: تشمل الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر ابتداء ودواماً، سواء ذكر الحدث وكان قادراً على الطهارة أم لا، فلو صلى محدثاً أو طرأ الحدث في الصلاة، ولو سهواً، بطلت الصلاة، وإن لم يقدر على الطهارة سقطت عنه.

والدليل قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم

} (1) وقوله تعالى: {وإن كنتم جنباً فاطهروا} (2)، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم:"لا يقبل اللَّه صلاة بغير طهور".

ص: 132

3-

طهارة البدن ومحمول المصلي والمكان من الخبث (3) : وتشمل طهارة البدن طهارة البدن [؟؟] الظاهر وما في حكمه كداخل الأنف والفم والأذن والعين، ودليل طهارة البدن حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا رسول اللَّه إني لا أطهر أفأدع الصلاة، فإذا ذهب قَدْرُها فاغسلي عنك الدم وصلي" (4) .

والمكان هو ما تماس مع أعضاء المصلي بالفعل من قدميه وركبتيه ويديه ورجليه، ولا يشمل ما تحت حصيرته وإن اتصل بها كفورة ميتة صلى على صوفها (لأن الجلد لا يطهر بالدباغة) .

ودليل طهارة المكان حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقل لهم النبي صلى الله عليه وسلم:"دعوه، وهريقوا على بوله سَجْلاً من ماء أو ذَنُوباً من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين"(5) .

أما محمول المصلي فيشمل الثوب والعمامة والنعل والحزام والمنديل، ودليل طهارة الثوب قوله تعالى:{وثيابك فطهر} (6)، وما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن خولة بنت يسار أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول اللَّه، إنه ليس لي إلا ثوب واحد، وأنا أحيض فيه، فكيف أصنع؟ قال:"إذا طهرت فاغسليه ثم صلي فيه"(7) . ولو كانت النجاسة في طرف عمامة المصلي الملقى على الأرض، أو في طرف ثوبه الملقى على الأرض، وجب إزالتها لأنها تعتبر من محمول المصلي. وكذا ما استقر في بطنه من نجاسة مدة بقائها في بطنه يقيناً أو ظناً لا شكاً، فيجب عليه أن يتقيأها إن أمكن وإلا فلا إن كان عاجزاً. فإن تحولت هذه النجاسة إلى عذرة أصبحت بحكمها. وكذا ما علق في أسفل النعل من نجاسة، فإنها تعتبر نجاسة محمولة إذا رفع رجله بها؛ كأن سجد، فعندها تبطل صلاته، أما إن سلَّ قدمه من النعل سلاً بغير رفعه وقبل السجود، فإنها لا تبطل.

ومحل شروط هذه الطهارة أن يكون ذاكراً لها وقادراً عليها، فإن صلى ناسياً للنجاسة، أو جاهلاً بها فإن صلاته صحيحة، أو كان عالماً بها لكنه غير قادر على إزالتها إما لفقد الطهور، أو

⦗ص: 134⦘

للعجز عن استعمال الطهور، ولم يوجد عنده ثوب آخر غير المتنجس، فصلى، فإن صلاته صحيحة، ويحرم عليه تأخيرها حتى يخرج الوقت، ولكن يندب له إعادة الصلاة على الحكمين المشهورين إن اتسع الوقت (ووقت الظهرين يمتد إلى الاصفرار، لأن الإعادة نافلة والنافلة بعد الاصفرار مكروهة. ووقت العشاءين حتى طلوع الفجر الصادق. والفجر حتى طلوع الشمس) .

أما إن صلى وانتهى من صلاته وهو ذاكر للنجاسة وقادر على إزالتها، فعلى القول بالوجوب تكون صلاته باطلة، ويجب إعادتها سواء خرج الوقت أو لم يخرج، أما على القول بأن إزالتها سنة فيندب إعادة الصلاة في الوقت أو خارجه. وأما إن ذكر النجاسة قبل الصلاة ثم نسيها عند الدخول فيها واستمر حتى فرغ منها فلا تبطل ولو تكرر التذكر والنسيان قبلها، وإنما يندب له الإعادة في الوقت أو بعده.

(1) و (2) المائدة: 6.

(3)

بناء على الحكم المشهور بأنها واجبة إن ذكرها وكان قادراً على إزالتها، ولكن هناك حكم آخر مشهور وهو المعتمد في الفتيا أنها سنة. هذا بالنسبة للنجاسة غير المعفو عنها، أما النجاسة المعفو عنها فيندب إزالتها إن تفاحشت وإلا فلا.

(4)

البخاري: ج 1/ كتاب الحيض باب 8/300.

(5)

البخاري: ج 1/ كتاب الوضوء باب 57/217، والذنوب: الدلو الكبير الممتلئ ماء.

(6)

المدثر: 4.

(7)

أبو داود: ج 1/ كتاب الطهارة باب 132/365.

ص: 133

مسألة: سقوط النجاسة على المصلي أثناء الصلاة، أو تذكره للنجاسة أثناءها:

إذا سقطت النجاسة على المصلي أثناء الصلاة واستقرت عليه، أو تذكَّر نجاسة عليه أثناء الصلاة، بطلت صلاته بشروط:

ص: 134

1-

أن تستقر النجاسة عليه، لكونها رطبة، أو يابسة ولكن لم تنحدر حال سقوطها، وإنما علق منها به شيء.

ص: 134

2-

الوقت متسع لإزالة النجاسة وإدراك الصلاة فيه (أي إدراك ركعة كاملة بسجدتيها على الأقل) إن كان في الوقت الاختياري، وإن كان في الوقت الضروري فإمكانية الإدراك في الوقت الضروري.

ص: 134

3-

وجود ما تزال به النجاسة من ماء مطلق، أو وجود ثوب آخر طاهر.

ص: 134

4-

النجاسة الساقطة أو التي تذكرها غير معفو عنها.

ص: 134

5-

أن لا يكون ما فيه النجاسة محمولاً لغيره، وإلا فلا تقطع الصلاة لعدم بطلانها، كما لو سقط ثوب شخص متنجس لابس له على مصلٍّ، أو تعلق صبي نجس الثياب أو البدن بمصلٍّ وكان الصبي مستقراً على الأرض، فالصلاة صحيحة.

النجاسات المعفو عنها بالنسبة للصلاة ودخول المسجد:

يعفى عن كل ما يعسر التحرز منه من النجاسات بالنسبة للصلاة ودخول المسجد، لا بالنسبة للطعام والشراب، استناداً إلى القاعدة:"إذا ضاق الأمر اتسع" و "عند الضرورات تباح

⦗ص: 135⦘

المحظورات" وقوله تعالى: {ما جعل عليكم في الدين من حرج} (1) . وأمثلة هذه النجاسات التي يعسر التحرز عنها هي:

ص: 134

1-

سلس بول، أو مذي، أو ودي، أو غائط، إذا خرج من نفسه من غير اختيار، ولازم كل الزمان أو جله أو نصفه، فلا ينقض الوضوء، ولا يوجب غسل النجاسة للضرورة.

أما إن لازم أقل الزمان ولو مرة كل يوم فينقض الوضوء ولكن يعفى عن النجاسة فلا يجب غسله. وقيل يعفى عن النجاسة في حقه فقط لا في حق غيره، لأن سبب العفو للضرورة ولا توجد في حق الغير، وقيل: بحقه وبحق غيره لسقوط اعتبارها شرعاً. وثمرة هذا الاختلاف: أنه على القول الثاني يجوز لصاحب الحدث أن يصلي إماماً بالأصحاء، وعلى القول الأول فإنه مكروه ولم يقل بالبطلان لأن صاحب السلس صلاته صحيحة للعفو عن النجاسة في حقه فصحت صلاة من ائتم به لأن صلاته مرتبطة بصلاته وصلاته صحيحة.

ص: 135

2-

بلل الباسور، فإذا خرج الباسور وعليه بلل النجاسة فيعفى عنها إن أصابت الثوب أو البدن ولا يعفى عن اليد التي رفع بها الباسور لأن غسلها ليس فيه مشقة.

ص: 135

3-

ثوب الأم المرضع وجسدها، إذا أصابهما بول أو غائط الطفل، واجتهدت في درء النجاسة عنها حال نزولهما بخلاف المفرطة. وكذلك يعفى عن ثوب المرضع غير الأم وبدنها المتنجسين من بول الطفل أو غائطه، إذا اجتهدت في درء النجاسة عنها وكانت محتاجة إلى إرضاع هذا الطفل كأن لم يأخذ إلا ثديها، أو كانت فقيرة مضطرة إلى الإرضاع بالأجرة.

ص: 135

4-

ثوب جزار، وكناف، وطبيب جراح. ويندب لهم إعداد ثوب خاص للصلاة.

ص: 135

5-

يعفى عن نجاسة بقدر الدرهم البغلي (2) ، سواء كانت دماً أو قيحاً أو صديداً أو أي نجاسة أخرى. والمراد بالدرهم البغلي قدر مساحة قعر الكف، فالعبرة للمساحة لا للكمية لأنها قد تكون نقطة دم لكن ثخينة، ويعفى عنها سواء أصابت البدن أو الثوب أو المكان، وسواء أصابته أثناء الصلاة أو في خارجها، وسواء كانت من نفسه أو من غيره؛ آدمياً كان أو غيره، ولو خنزيراً.

ص: 135

6-

ويعفى عما يصيب ثوب العلاف (أو الراعي) أو بدنه أو مكانه، من بول أو روث خيل أو بغال أو حمير، وذلك لمشقة الاحتراز.

ص: 135

7-

يعفى عن النجاسة التي ينقلها الذباب أو الناموس إلى الثوب والبدن.

ص: 135

8-

يعفى عن مكان دم الحجامة الذي مسح مسحاً حتى يبرأ الجرح، فيغسله لمشقة الغسل قبل برء الجرح ويجب بعد البرء غسل المحل أو يندب غسله بناء على من يقول بندب إزالة الخبث.

ص: 136

9-

يعفى عما يصيب ثوب المصلي أو رجله من طين المطر وغير المختلط بالنجاسة ما دام الطين طرياً في الطريق ويخشى الإصابة ثانية ولو بعد انقطاع المطر، ما لم يجف طين الطريق فعندها يجب غسل ما أصاب الثوب أيام النزول. أما إن غلبت النجاسة على الطين يقيناً أو ظناً فلا يعفى عما أصاب الثوب منها، ومن الأَولى إذا أصاب الثوب عين النجاسة فلا يعفى عنها ويجب غسلها. وأما إذا لم توجد نجاسة عينية في الطريق __إذ الأصل في الأشياء الطهارة__ فلا حاجة أن نقول يعفى عن الطين الذي يصيب الثوب لأن الأصل فيه الطهارة.

ص: 136

10-

يعفى عن أثر ما سال من الدمامل بنفسه، أما إن عصرت وزاد السائل عن قدر درهم بغلي فلا يعفى عنه، فإن كان العصر ضرورياً ككثرة الدمامل وغلبة الحك والجرب، فعندها يعفى عن أثر ما سال ولو كثر.

ص: 136

11-

يعفى عن ذيل ثوب المرأة الجاف الذي يجر على الأرض المتنجسة الجافة، إذا كان طويلاً للستر، أما إذا كان للخيلاء فلا.

ص: 136

12-

يعفى عما يصيب الرجل المبلولة إذا مرت بنجاسة يابسة.

ص: 136

13-

يعفى عما يصيب الخف أو النعل من أرواث الدواب وأبوالها في الطرق والأماكن التي تطرقها الدواب كثيراً، وذلك لعسر الاحتراز، أو عما يصيب رِجلَ فقير لا يجد الخف ليلبسه، إذا دلك الخف أو النعل أو الرجل بخرقة أو تراب أو حجر دلكاً لا يبقى معه شيء من العين.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور"(4) .

أما فضلات غير الدواب كالآدمي والكلب والهر، فلا يعفى عما أصاب الخف أو النعل أو الرجل من فضلاتها، وكذلك إذا أصابت فضلات الدواب غير الخف أو النعل أو الرجل فلا يعفى عنها.

ص: 136

14-

الماء الساقط على المار بالطريق من بيت المسلمين، المشكوك بطهارته، أو المشكوك في إسلامهم، يحمل على الطهارة ولا يجب السؤال عنه لكن يندب الغسل منه، فإن أخبره

⦗ص: 137⦘

عدل الرواية (مسلم صالح، ذكراً كان أو أنثى، عبداً أو حراً) بالنجاسة وتبين له ذلك، أو كان مذهبه موافقاً لمذهب العدل أخذ بقوله، وفي هذه الحالة وجب الغسل. أما الماء المشكوك بطهارته الساقط على المار من بيت الكفار فيحمل على النجاسة، ما لم يخبره عدل الرواية وحاضرٌ مع أهل البيت بالطهارة فيأخذ بقوله. وأما الماء الساقط على المار بالطريق فإنه يحمل على الطهارة، إن ظن أو تحقق طهارته، ويحمل على النجاسة، إن ظن أو تحقق نجاسته.

(1) الحج: 78.

(2)

هو الدائرة السوداء التي تكون في ذراع البغل.

(3)

أبو داود: ج 1/ كتاب الطهارة باب 141/385.

(4)

أبو داود: ج 1/ كتاب الطهارة باب 141/385.

ص: 136

الثياب التي يحرم على المصلي لبسها في الصلاة:

يحرم على المصلي لبس ما غلبت عليه النجاسة تطبيقاً للقاعدة: "كل ما غلبت النجاسة عليه فلا يصلى به"، ومحل الحرمة إذا جزم بعدم الطهارة أو ظن أو شك، أما لو تحقق الطهارة بها أو ظنها فيجوز الصلاة فيها) وهي:

ص: 137

1-

محمول الكافر ولو كتابياً، سواء كان ذكراً أو أنثى، وسواء كانت الثياب مباشرة لجسده أم لا، كالقميص والسروال، لأن شأن الكافر عدم توقي النجاسة. وعندنا قاعدة:"الأصل في الأشياء الطهارة" لكن إن تعارض الأصل مع الغالب قدم الغالب.

ص: 137

2-

ثياب السكير (كثير السكر) .

ص: 137

3-

ثياب الكنّاف (شأنه نزع الأكنفة)

ص: 137

4-

ثياب غير المصلي (وتشمل ثياب الصبيان والنساء والرجال الذين لا اعتناء لهم بالصلاة) .

ص: 137

5-

ثياب النوم لغير مريد الصلاة (أما ما ينام فيه هو فهو أعلم بحاله) .

ص: 137

6-

الثياب المحاذية لفرج غير عالم بالطهارة، من إزرار أو سراويل (بخلاف العمامة والرداء) ، إلا إن علم طهارتها.

الأمكنة التي تجوز فيها الصلاة

ص: 137

1-

تجوز الصلاة في مرابض الغنم والبقر، من غير أن يفرش بأرضها ما يُصلى عليه لطهارة زبلها، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه (أن رجلاً سأل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

قال: أُصلي في مرابض الغنم؟ قال: نعم. قال: أُصلي في مبارك الإبل؟ قال: لا) (1) .

ص: 137

2-

تجوز الصلاة في المقبرة، سواء كانت عامرة أو مدروسة، وسواء كانت منبوشة أم لا، وسواء

⦗ص: 138⦘

كانت مقبرة مسلمين أو كافرين. وكذا تجوز الصلاة في الحمام والمزبلة والمجزرة وقارعة الطريق، إن أُمنت النجاسة في كل ذلك، وإن شك فيها وصلى فصلاته مكروهة، ويعيد في الوقت، فإذا خرج الوقت لا إعادة عليه. أما إن تحققت النجاسة فيها منعت الصلاة فيها، وإن صلى على أرضها أعاد على الإطلاق إن خرج الوقت أو لم يخرج.

(1) مسلم: ج 1/ كتاب الحيض باب 25/97.

ص: 137

الأمكنة التي تكره فيها الصلاة:

ص: 138

1-

تكره الصلاة في مَعْطن الإبل (موضع بروكها عند شربها، أما موضع مبيتها ليس بمعطن فلا تكره الصلاة فيه) ، ويعيد إن صلى عامداً أو ناسياً أو جاهلاً في الوقت، ولو أمن النجاسة أو صلى على مُصلى طاهر، والعلة هنا تعبدية.

ص: 138

2-

تكره الصلاة في الكنيسة (متعبد الكفار: نصارى وغيرهم) سواء كانت عامرة أو مدروسة، ويعيد في الوقت، إذا نزلها مختاراً وكانت عامرة، وصلى على أرضها أو فرشها، وكانت مشكوكاً فيما صلى عليه، أما إذا اضطر للنزول فيها لبرد أو خوف فلا كراهة ولو كانت عامرة، ولا يعيد الصلاة في الوقت على الأرجح (1) .

(1) لما قدم عمر بن الخطب رضي الله عنه الشام صنع له رجل نصراني طعاماً فقال: "إنا لا ندخل كنائسكم لأجل التماثيل". وعند السادة الحنفية يُكره دخول الكنائس كراهة تحريمية ولو لمجرد النظر والمشاهدة، لأن مجرد الدخول فيها تعظيم لها.

ص: 138

حالة الرعاف

الرعاف: هو خروج الدم من الأنف سواء كان رشحاً (1) أو قطراً أو سائلاً.

أقسامه:

أولاً__ الرعاف قبل الدخول في الصلاة:

آ- إن ظن أو شك استغراق الرعاف الوقت كله، صلى في أول الوقت، ولا تجب عليه الإعادة بل ولا تندب ولو انقطع في الوقت.

ب- إن ظن أو شك انقطاع الرعاف قبل انتهاء الوقت أخَّر الصلاة وجوباً إلى آخر الوقت الاختياري، فإذا لم ينقطع صلى على حالته بحيث تقطع الصلاة كلها أو ركعة كاملة منها في الوقت الاختياري، ويحرم تقديمها عن آخر الوقت الاختياري لعدم صحتها بالنجاسة مع ظن أو احتمال انقطاعها في آخره.

ص: 138

1-

سلس بول، أو مذي، أو ودي، أو غائط، إذا خرج من نفسه من غير اختيار، ولازم كل الزمان أو جله أو نصفه، فلا ينقض الوضوء، ولا يوجب غسل النجاسة للضرورة.

أما إن لازم أقل الزمان ولو مرة كل يوم فينقض الوضوء ولكن يعفى عن النجاسة فلا يجب غسله. وقيل يعفى عن النجاسة في حقه فقط لا في حق غيره، لأن سبب العفو للضرورة ولا توجد في حق الغير، وقيل: بحقه وبحق غيره لسقوط اعتبارها شرعاً. وثمرة هذا الاختلاف: أنه على القول الثاني يجوز لصاحب الحدث أن يصلي إماماً بالأصحاء، وعلى القول الأول فإنه مكروه ولم يقل بالبطلان لأن صاحب السلس صلاته صحيحة للعفو عن النجاسة في حقه فصحت صلاة من ائتم به لأن صلاته مرتبطة بصلاته وصلاته صحيحة.

(1) الرشح: هو عدم السيلان والتقاطر، وإنما يلوث طاقتي الأنف.

ص: 139

ثانياً: حالة من رعاف أثناء الصلاة:

آ- إن ظن دوام الرعاف إلى آخر الوقت الاختياري، وجب عليه متابعة صلاته، ما لم يخشى تلويث المسجد بالدم (بلاطة أو فرشه) ولو بقطرة، فإن خشي ذلك قطع الصلاة وخرج من المسجد صيانة له من التلويث وابتدأها خارجه.

وإن ظن أن الركوع والسجود يضره في جسمه أو يلطخ ثوبه حيث يفسده الغسل، وجب عليه الإيماء للركوع وهو قائم والإيماء للسجود وهو جالس، وإن شك الضرر ندب له الإيماء.

ب- إن ظن أو شك انقطاع الرعاف في الوقت المختار، فهناك حالات مختلفة باختلاف حالة الرعاف:

ص: 139

1-

إن كان الرعاف رشحاً وأمكن فتله، وجب إتمام الصلاة وفتلُ الدم بأنامل يسراه، وذلك بأن يدخل الأنملة في أنفه ثم يفتلها بعد انفصالها بأنمل الإبهام، وقيل: يضعها على أنفه بدون إدخال ثم يفتلها بالإبهام، فإن انقطع الدم تابع الصلاة ولو زاد الدم في الأنامل على الدرهم. وإن لم ينقطع الدم فتله بأنمل يسراه الوسطى، فإن قطعه وهو دون الدرهم فصلاته صحيحة، وإن زاد ما في أنمل يسراه الوسطى على الدرهم قطع صلاته وجوباً إن اتسع الوقت لغسل الدم وإدراك ولو ركعة في الوقت، وإلا استمر في الصلاة ولو زاد الدم على الدرهم، وكذا إن خاف تلويث المسجد ولو بأقل من درهم قطع الصلاة صوناً عن النجاسة ولو ضاق الوقت.

ص: 139

2-

إن كان الرعاف سائلاً أو قاطراً، فهو مخير إما أن يقطع صلاته، أو يبني على ما صلى، إن اتسع الوقت، أما إن ضاق الوقت تعين البناء وجوباً.

ما يفعله مريد البناء: يخرج من الصلاة ممسكاً أنفه من المارن (أعلاه) إلى أن يصل إلى الماء فيغسله ثم يعود إلى مصلاه، ويبني على ما تقدم من صلاته وذلك ضمن شروط هي:

ص: 139

1-

إن لم يتلطخ بالدم بما يزيد على درهم وإلا قطع الصلاة.

ص: 139

2-

أن لا يجاوز في الذهاب لغسل أنفه أقرب مكان ممكن فيه الغسل إلى أبعد منه.

ص: 139

3-

أن يكون مكان الغسل قريباً، أما إن بعد بعداً فاحشاً فتبطل صلاته بذهابه إليه ولو لم يجاوز أي مكان قبله.

ص: 139

4-

عدم استدبار القبلة بلا عذر.

ص: 139

5-

إن لم يطأ في طريقه نجاسة عامداً مختاراً.

ص: 140

6-

إن لم يتكلموا ولو سهواً وإلا بطلت.

ص: 140

7-

أن يكون الراعف يصلي جماعة، وعلى رأي بعضهم يصح البناء ولو كان يصلي فذاً.

ولا تحسب الركعة إلا إذا كملت بسجدتيها وإلا يعيد كل أجزاء الركعة. ويتم صلاته في موضع الغسل، إن كانت الصلاة غير جمعة، وإن لم يمكن فيه ففي أقرب مكان ممكن وإلا بطلت الصلاة، أما إذا كان يظن أنه سيلحق الإمام في إتمام الصلاة أوشك في ذلك رجع وجوباً إلى الإمام لإتمام صلاته معه، فإذا رجع ووجد قد فرغ أتم ولا شيء عليه. وإن رعف المأموم حال سلام إمامه سلم وصحت صلاته، لأن سلامه بنجاسة أخف من خروجه لغسلها. وإن اجتمع قضاء وبناء قدم البناء على القضاء، كأن كان مسبوقاً ورعف أثناء الصلاة وبعد غسل الدم يقدم البناء (أي ما فاته مع الإمام أثناء غسل الدم) ويجلس في أخيرة الإمام، وإن لم تكن أخيرته هو أو ثنائيته لمن أدرك مع الإمام الوسطين من رباعية العشاء مثلاً وفاتته الأولى قبل الدخول بالصلاة وفاتته الرابعة لرعافه فيها، فبعد غسل الرعاف يأتي بركعة يقرأ فيها الفاتحة فقط سراً ثم يجلس لأنها أخيرة الإمام، ثم يأتي بركعة يقرأ فيها أم الكتاب وسورة جهراً لأنها أُولى إمامه. وتسمى هذه الصلاة أم الجناحين لوقوع السورة مع أم الكتاب في طرفيها.

ولا يبني المصلي لغير الرعاف كسبق حدث أو سقوط نجاسة أو غير ذلك من مبطلات الصلاة.

رابعاً: ستر العورة

الستر: هو ما يستتر به بشروط:

ص: 140

1-

أن يكون كثيفاً، فلا يصف لون البشرة ولا يشف فإذا شف في بادئ النظر كان كعدمه وتبطل الصلاة به، أما إذا كان يشف بعد إمعان النظر فتكره الصلاة به وتندب إعادتها في الوقت.

ص: 140

2-

أن لا يكون الساتر ضيقاً بحيث يحدد العورة، فإذا صلى به كُره ذلك ووجب إعادة الصلاة في الوقت، أما إذا حدد العورة بسبب هبوب الريح أو بلل المطر فلا كراهية فيه ولا إعادة.

والعورة لغة من العور، وهو القبح والنقص، وسميت كذلك لقبح كشفها شرعاً.

⦗ص: 141⦘

ما ماهية العورة وأقسامها:

أولاً- العورة بالنسبة للصلاة:

تنقسم العورة بالنسبة للصلاة إلى قسمين: مغلظة ومخففة، حسب الآتي:

ص: 140

1-

العورة المغلظة:

آ- عند الرجل: السوءتان وهما القبل (ويضم الذكر والخصيتان) والدبر.

ب- عند الأَمة: الفرج والعانة والدبر والإليتين.

جـ- عند الحرة: البطن وما حاذاه من الظهر، ومن السرة إلى الركبة.

ص: 141

2-

العورة المخففة:

آ- عند الرجل والأمة: ما زاد على المغلظة من السرة إلى الركبة.

ب- عند المرأة الحرة البالغة: جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين وما ذكر من العورة المغلظة.

حكم ستر العورة في الصلاة:

ص: 141

1-

المغلظة:

آ- سترها شرط (1) لصحة الصلاة مع القدرة والذكر، فمن صلى مكشوف العورة المغلظة من ذكر أو أنثى كلها أو بعضها ولو قليلاً بطلت صلاته إن كان قادراً على الستر ذاكراً له، وعليه الإعادة مطلقاً، سواء في الوقت أو خارجه. أما إن صلى كاشفاً لها ناسياً أو عاجزاً عن الستر صحت صلاته. ويعتبر قادراً على الستر إذا وجد من يعيره الثوب، ويلزمه قبول الإعارة وإلا بطلت صلاته (لكن لا يلزمه قبول هبته لعظم المنة) . وكذا يجب عليه شراؤه بالثمن المعتاد. وإذا لم يجد المكلف إلا ثوباً حريرياً أو ثوباً نجساً فيصلي به، ويُقدَّم الحرير الطاهر على غير الحرير النجس إذا وجد معاً. فإذا عجز عن الستر صلى عرياناً ويعيد الصلاة في الوقت الضروري إذا وجد الستر فيه.

ب- سترها مندوب في الصلاة لأم الولد ولحرة صغيرة ولصبي صغير.

(1) قيل: واجب فيأثم تاركه ويعيد الصلاة في الوقت.

ص: 141

2-

المخففة:

آ- بالنسبة للمرأة: يجب سترها، فإذا صلت مكشوفة العورة المخففة يجب عليها إعادة الصلاة في الوقت الضروري (وهو إلى الاصفرار، والليل كله في العشاءين،

⦗ص: 142⦘

ولطلوع الشمس في الفجر) وإذا خرج يندب لها القضاء، باستثناء كشف باطن القدمين فلا تعيد الصلاة لكشفهما رغم أنهما من العورة المخففة. عن عائشة رضي الله عنها "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يقبل اللَّه صلاة حائض إلا بخمار" (1) وعن أم سلمة رضي الله عنها "أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أتصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار؟ قال: إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها" (2) .

ب- بالنسبة للرجل: المعتمد وجوبُ سترها، ويجب إعادة الصلاة لكشفها باستثناء كشف الفخذين فلا يعيد الصلاة لكشفهما رغم أنهما من العورة المخففة.

ويكره للرجل كشف كتفه أو جبينه أو تشمير ثوبه أو كفّ كمه أو عقص شعره أثناء الصلاة.

جـ- بالنسبة لأم الولد والصبية: يندب سترها، وبالنسبة للصبي: يندب ستر العانة والإليتين بالإضافة إلى المغلظة.

(1) ابن ماجة: ج 1/ كتاب الطهارة باب 132/655.

(2)

أبو داود: ج 1/ كتاب الصلاة باب 84/640.

ص: 141

ثانياً- العورة خارج الصلاة:

آ- في الخلوة: يندب ستر العورة المغلظة ولو في الظلام، سواء عورة الرجل أو المرأة، ويزاد على عورة الرجل المغلظة العانة والإليتين ويكره كشفها لغير حاجة، لحديث بهز بن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده قال:"قلت يا رسول اللَّه عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. قال: قلت يا رسول اللَّه إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: إن استطعت ألا يرينَّها أحد فلا يرينها. قال رسول اللَّه إذا كان أحدنا خالياً؟ قال: اللَّه أحق أن يستحيا منه من الناس"(1) .

ب- العورة بالنسبة للنظر: يجب على المكلف ستر عورته أمام من لا يحل له النظر إليها، إلا لضرورة كالتداوي فيجوز لها كشفها بقدر الضرورة، ويحرم النظر إلى عورة المرأة والرجل سواء كانت متصلة أو منفصلة مثل شعر المرأة المقصوص.

(1) أبو داود: ج 1/ كتاب الحمّام - باب 3/4017.

ص: 142

1-

عورة المرأة الحرة البالغة:

ص: 142

1-

حدُّها أمام المرأة الحرة المسلمة وأمام الأمة ولو كانت كافرة: من السرة إلى الركبة.

ص: 142

2-

حدها أمام المرأة الحرة الكافرة: على المعتمد كل بدنها عدا الوجه والكفين، وقيل:

⦗ص: 143⦘

من السرة إلى الركبة ولكن لا تمكنها من النظر لغير وجهها وكفيها لئلا تصفها إلى زوجها، فالتحريم لعارض لا لكونه عورة.

ص: 142

3-

مع محارمها الرجال: جميع بدنها عدا الرأس والعنق واليدين والقدمين، فيحرم عليها كشف صدرها أو ساقها، ويحرم على محارمها النظر إلى ذلك وإن لم يُلتذ.

ص: 143

4-

مع الرجل الأجنبي (ليس بمحرم لها) : جميع بدنها عدا الوجه والكفين، فإنهما ليس من العورة لكن يجب سترهما لخوف الفتنة. قال تعالى:{ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} (1)، قال ابن عباس رضي الله عنهما: وجهها وكفيها.

ص: 143

5-

مع الرجل الأجنبي الكافر: كلها عورة بما في ذلك الوجه والكفين.

وصوت المرأة ليس بعورة، لأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن يكلمن الصحابة وكانوا يستمعون منهن أحكام الدين، ولكن يحرم سماع صوتها إن خيفت الفتنة ولو بتلاوة القرآن.

(1) النور: 31.

ص: 143

2-

عورة الرجل:

ص: 143

1-

حدها أمام الرجال والنساء من محارمه: من السرة إلى الركبة.

ص: 143

2-

حدها أمام المرأة الأجنبية: جميع بدنه واستثني الرأس واليدان والرجلان فيجوز للأجنبية النظر إليها عند أمن التلذذ وإلا منع.

ص: 143

3-

عورة الأمة ولو شائبة (أم ولد، أو مكاتبة، أو مبعضة) :

من السرة إلى الركبة على الجميع، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره، فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة"(1) .

(1) أبو داود: ج 1/ كتاب الصلاة باب 26/496.

ص: 143

4-

عورة الأمرد:

يحرم النظر إلى الغلام الأمرد على كل من وجد فرقاً بالشعور ما بين النظر إليه والنظر إلى الملتحي، أما النظر إليه بغير قصد التلذذ فجائز إن أُمنت الفتنة.

ص: 143

5-

عورة الصغير والصغيرة خارج الصلاة:

ص: 143

1-

الصغير: ابن ثمان سنوات فأقل: لا عورة له، فيجوز للمرأة أن تنظر إلى جميع بدنه حياً وأن تغسله ميتاً.

⦗ص: 144⦘

وابن تسع إلى اثنتي عشر سنة: يجوز لها النظر إلى جميع بدنه، ولكن لا يجوز لها تغسيله.

وأما ابن ثلاث عشر سنة فما فوقها فعورته كعورة الرجل.

ص: 143

2-

الصغيرة: بنت سنتين وثمانية أشهر: لا عورة لها.

وبنت ثلاث إلى أربع سنوات: لا عورة لها بالنسبة للنظر، أما بالنسبة للمس فهي كعورة المرأة فلا يجوز للرجل النظر إلى عورتها ولا تغسيلها.

مس العورة:

آ- المحارم نساء ورجالاً: كل ما جاز لهم النظر لهم مسه، أما العورة فيجوز مسها بحائل.

ب- بين الأجانب نساء ورجالاً: ليس كل ما جاز النظر له جاز مسه، فإذا كان يجوز للأجنبي أن يرى وجه الأجنبية فلا يجوز لم مسه، وكذا المرأة لا يجوز لها مس أطراف الأجنبي رغم أنه يجوز النظر إليها.

خامساً: استقبال القبلة:

يشترط لصحة الصلاة استقبال القبلة بشروط ثلاث:

ص: 144

1-

القدرة على استقبالها، فمن كان عاجزاً عن التحول إلى القبلة، كأن كان مربوطاً أو مريضاً، ولم يجد من يوجهه إليها، سقط عنه استقبالها وصلى لغيرها، وإذا كان المريض يائساً من حضور مَن يحوله إلى القبلة، يصلي في أو الوقت للجهة التي يستطيع التوجه إليها، أما إذا كان راجياً حضور من يحوله قبل خروج الوقت، فيصلي آخر الوقت ولا إعادة عليه.

ص: 144

2-

الأمن، فمن خاف من عدو، آدمي أو غيره، على نفسه أو ماله، فقبلته هي الجهة التي يقدر على استقبالها ولا إعادة عليه.

ص: 144

3-

الذكر، فلو صلى ناسياً لغير جهة القبلة صحت صلاته وأعاد الفرض في الوقت ندباً.

ودليل اشتراط استقبال القبلة لصحة الصلاة:

من الكتاب قوله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولنك قبلة ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام} (1) .

⦗ص: 145⦘

ومن السنة: ما أخرجه مسلم عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما قال: "بينما الناس في صلاة الصبح بقباء إذ جاءهم آتٍ فقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد أُنزل عليه الليلة. وقد أُمِر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها. وكانت وجوههم إلى الشام. فاستداروا إلى الكعبة"(2) .

(1) البقرة: 144.

(2)

هناك قول مرجوح: يجوز استقبال هواء الكعبة المحاذي لها من أعلاها أو من أسفلها وبناء عليه: من صلى على جبل أبي قبيس وقابل هواءها فصلاته صحيحة.

ص: 144

ماهية القبلة:

ص: 145

1-

بالنسبة لمن هو في مكة: يجب استقبال القبلة، وهي عين بناء الكعبة، لمن بمكة فيستقبلها بجميع بدنه حتى لو خرج منه عضو لم تصح صلاته، وإن كان في الحرم صلى مع غيره صفاً أو قوساً أو دائرة، ولا يعتبر الحجر والشاذروان من الكعبة. وأما إن كان في بيته فعليه أن يجتهد في الاتجاه إلى عين الكعبة كأن يصعد على سطح البيت ثم ينظر الكعبة رأي العين، ويحدد قبلته جهتها، إذ لا يكفيه الاتجاه إلى جهتها ولا إلى هوائها على الراجح (1) .

ص: 145

2-

لمن كان بغير مكة، قبلته هي جهة الكعبة سواء كان قريباً من مكة أو بعيداً، فيستقبل المصلي جهة الكعبة ولا يلزمه استقبال عينها، لكن يشترط أن يبقى جزء من سطح الوجه مقابلاً لجهة الكعبة.

(1) مسلم: ج 1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 2/13.

ص: 145

كيف تُعرف القبلة:

ص: 145

1-

إن دخل المكلف مصراً ووجد في مسجدها محراباً صلى إلى المحراب.

ص: 145

2-

إن دخل مصراً ولم يجد محراباً، وكان يمكنه أن يتحرى، وجب عليه التحري، وذلك بمعرفة الأدلة الدالة على الجهة كالفجر والشفق والشمس والقطب، ولا يجوز له التقليد مع إمكان الاجتهاد، وإذا خفيت عليه علامات القبلة لزمه أن يسأل عنها شخصاً مكلفاً عدلاً عارفاً بأدلة القبلة، ولو كان أنثى أو عبداً، ولا يقلد مجتهد مجتهداً.

وإذا دخل مصراً ولم يجد محراباً ولا عدلاً يسأله، وتحير باجتهاده، فإنه يتخير جهة من الجهات الأربع ويصلي إليها.

وإذا لم يكن أهلاً للاجتهاد، أو كان أعمى، فعليه أن يسأل شخصاً مكلفاً عدلاً عارفاً بالقبلة، فإن لم يجد من يسأله تخير جهة يصلي إليها، وصحت صلاته.

وإذا اجتهد المجتهد وبعد الدخول في الصلاة تبين خطأ اجتهاده ظناً أو يقيناً، وجب عليه أن يقطع الصلاة بشرطين: الأول: أن يكون مبصراً، أما إن كان أعمى فلا يجب عليه قطع الصلاة

⦗ص: 146⦘

ولكن يجب عليه أن يتحول إلى القبلة وهو في الصلاة. والثاني: أن يكون الانحراف عن القبلة كثيراً، أما إذا كان يسيراً فإن الصلاة لا تبطل ولكن يجب التحول إلى القبلة، فإذا لم يتحول صحت الصلاة مع الإثم.

أما إن تبين خطأ المجتهد في القبلة بعد الانتهاء من صلاته، أعادها إن كان مبصراً ولو في الوقت الضروري، بخلاف المنحرف يسيراً والأعمى فلا إعادة عليهما.

الصلاة داخل الكعبة والحجر:

آ- لا تجوز (1) صلاة الفرض في جوف الكعبة، سواء كان الفرض عيناً أو كفائياً، وإن صلى عمداً أعاد في الوقت الضروري، وقيل: الناسي يعيد في الوقت الضروري أما العامد أو الجاهل فيعيد مطلقاً في الوقت وخارجه.

ب- لا تجوز (2) صلاة النفل المؤكد، كالوتر والعيدين وركعتي الفجر، وإذا صلاها فيها لا يعيد.

جـ- تجوز صلاة النفل غير المؤكد، كالضحى والشفع، بل تندب وتصح لأي جهة كانت فيها.

أما الصلاة على ظهر الكعبة فلا تجوز في الفرض والنفل المؤكد، وتجوز إن كانت نفلاً مطلقاً.

(1) هناك خلاف بين الكراهة والحرمة، والراجح الكراهة.

(2)

هناك خلاف بين الكراهة والحرمة، والمعتمد الكراهة.

ص: 145

الصلاة على الدابة:

أولاً: صلاة النفل: يجوز لمسافر سفَر قصرٍ، مباح، على دابة، راكباً لها ركوباً معتاداً، أن يتنفل، وتكون قبلته جهة سفره، فإن غيّر جهة سفره عامداً بلا ضرورة إلى غير القبلة لا تصح صلاته، ويومئ إيماءً للركوع والسجود. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال في حديث له:"إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يوتر على البعير"(1) .

ثانياً: صلاة الفرض: لا تجوز ولا تصح صلاة الفرض على ظهر الدابة إيماءٍ ولو كان مستقبلاً القبلة إلا في أربع مواضع:

ص: 146

1-

الالتحام بقتال جائز، كالدفاع عن نفس أو مال أو عِرْض، ولا يمكن النزول فيه عن الدابة، فيصلي على ظهرها ولا إعادة عليه. لقوله تعالى:{فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً} (2) .

ص: 146

2-

الخوف من سبع أو لص إن نزل عن دابته، وإن أمن بعد صلاته نُدبت الإعادة في الوقت الضروري. (أما في حالة الالتحام لا تندب الإعادة، لأن القتال فيه نص أما الخوف فقياس عليه) .

ص: 147

3-

الراكب في الخضخاض ولا يطيق النزول وخاف خروج الوقت الاختياري، فيجوز له أن يصلي الفرض.

ص: 147

4-

المريض الراكب على الدابة الذي لا يستطيع النزول، فيجوز له الصلاة عليها ويومئ للركوع والسجود، كأنه يصلي على الأرض، ويوقف الدابة ويصلي باتجاه القبلة.

الصلاة في السفينة:

تجوز صلاة الفرض والنفل في السفينة، وعليه أن يستقبل القبلة، وإذا دارت السفينة لغير القبلة وهو يصلي فعليه أن يدور إلى جهة القبلة، فإن عجز عن استقبال القبلة صلى إلى جهة قدرته.

وكذا يسقط عنه السجود إذا عجز عنه، ولا تجب عليه الإعادة بشرط أن يخاف خروج الوقت قبل أن تصل السفينة إلى بلد المقصد.

⦗ص: 148⦘

(1) مسلم: ج 1/ كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 4/36.

(2)

البقرة: 239.

ص: 147