المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الأول: تعريف الطهارة: - فقه العبادات على المذهب المالكي

[كوكب عبيد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة [المؤلفة]

- ‌تقديم [الشيخ إبراهيم اليعقوبي الحسني]

- ‌مالك بن أنس رضي الله عنه

- ‌[متن الكتاب]

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول: تعريف الطهارة:

- ‌الباب الثاني: الأعيان الطاهرة والأعيان النجسة

- ‌الباب الثالث: آداب قضاء الحاجة

- ‌الباب الرابع: الفصل الأول الوضوء

- ‌الباب الخامس: الغُسْل

- ‌الباب السادس: التيمم

- ‌الباب السابع: الحيض والنفاس والاستحاضة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الباب الأول: تعريف الصلاة:

- ‌الباب الثاني: الأذان والإقامة

- ‌الباب الثالث: شروط الصلاة:

- ‌الباب الرابع: صفة الصلاة

- ‌الباب الخامس: الفصل الأول سجود السهو

- ‌الباب السادس: صلاة التطوع

- ‌الباب السابع: صلاة الجماعة

- ‌الباب الثامن: صلاة المسافر (القصر والجمع)

- ‌الباب التاسع: صلاة الجمعة (1)

- ‌الباب العاشر: صلاة الخوف

- ‌الباب الحادي عشر: الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌الباب الأول: تعريف الزكاة:

- ‌الباب الثاني: الفصل الأول

- ‌الباب الثالث: مصارف الزكاة

- ‌الباب الرابع: صدقة الفطر

- ‌كتاب الصوم

- ‌الباب الأول⦗ص: 303⦘: تعريف الصوم:

- ‌الباب الثاني: الاعتكاف

- ‌كتاب الحج

- ‌الباب الأول⦗ص: 333⦘: تعريف الحج والعمرة:

- ‌الباب الثاني: أركان الحج والعمرة

- ‌الباب الثالث: واجبات الحج والعمرة

- ‌الباب الرابع: مندوبات الحج

- ‌الباب الخامس: الفصل الأول

- ‌الباب السادس: الفصل الأول

الفصل: ‌الباب الأول: تعريف الطهارة:

[متن الكتاب]

ص: 27

‌كتاب الطهارة

ص: 27

‌الباب الأول: تعريف الطهارة:

-

ص: 27

الطهر لغةً بفتح الطاء: النظافة من الأوساخ الحسية والمعنوية، ومن ذلك ما ورد عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل على مريض يعوده قال له:(لا بأس ظَهور إن شاء اللَّه)(1) أي: المطهر من الذنوب، وهي أقذار معنوية.

وأمّا الطهارة في اصطلاح الفقهاء فهي صفة حُكمية (2) يستباح بها ما منعه (3) الحدث أو حكم الخبث، وقد عرّفها ابن عرفة بقوله:"صفة تقديرية تستلزم للمتصف بها جواز الصلاة".

دليلها:

قوله تعالى: {إن اللَّه يحب التوابين ويحب المتطهرين} (4)

وحديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (الطُّهور شطر الإيمان

) (5) .

⦗ص: 30⦘

أقسامها:

الطهارة قسمان:

آ - طهارة حدثية أي من الحدثين: وتكون مائية أو ترابية؛ فالمائية بالغسل والمسح، والترابية بالمسح فقط.

ب - طهارة خبيثة أي من الخبث: وتكون مائية أو غير مائية؛ فالمائية بالغسل والنضح، وغير المائية بالدبغ.

فأما الحدث فهو صفة تقديرية قائمة بجميع البدن أو بأعضاء الوضوء، ولا تقوم إلا بالمكلف (مسلم بالغ عاقل) . وقد عرفه ابن عرفة بقوله:"الحدث صفة حكمية توجب لموصوفها منع استباحة الصلاة سواء كان بجميع الأعضاء كالجنابة أو ببعضها كحدث الوضوء".

وعلى هذا فالحدث قسمان: حدث أصغر، وحدث أكبر.

وأما الخبث فهو العين المستقذرة شرعاً كالدم والبول ونحوها.

ويقسم الخبث إلى: نجاسة عينية: وهي ذات الخبث.

وحكمية: وهي أثر الخبث المحكوم على المحل به.

حكم الخبث: يمنع الصلاة والطواف والمكث وفي المسجد والوضوء والغسل سواء كان مفروضاً أو مندوباً أو مسنوناً.

(1) البخاري: ج 5/كتاب المرضى باب 10/ 5332.

(2)

حكمية: يحكم العقل (تبعاً للشرع لأن المدار عليه) بثبوتها وحصولها في نفسها كالجود والخسة والشرف.

(3)

ما منعه: الفعل الذي منع منه الحدث الأكبر أو الأصغر أو حكم الخبث.

(4)

البقرة: 222.

(5)

مسلم: ج 1 /كتاب الطهارة باب 1/1.

ص: 29

المياه

⦗ص: 31⦘

لا يرفع الحدث ولا حكم الخبث إلا الماء المطلق.

والماء المطلق هو ما صدق عليه اسم الماء (1) بلا قيد، وهو كل ما نبع من الأرض أو نزل من السماء ولم يتغير أحد أوصافه الثلاثة: اللون والطعم والريح بمخالط طاهر أو نجس.

فدليل ما نزل من السماء: قوله تعالى: {وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به} (2) وقوله عز وجل: {وأنزلنا من السماء ماءً طهوراً} (3) .

وحديث عبد اللَّه بن أبي أوفى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وسلم فيه: (

اللَّهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد. اللَّهم طهرني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الوسخ) (4) .

ودليل ماء البحر: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سأل رجل رسول اللَّه صلى عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال رسول اللَّه صلى عليه وسلم هو الطهور ماؤه، الحل ميتته) (5)

فإن خالط الماء شيءٌ نجس وغيرَّ أحد أوصافه أصبح نجساً، وإن خالطه طاهر وغيرّ أحد أوصافه سُلبت طهوريته وبقي طاهراً فقط باستثناء ما يلي:

ص: 31

1-

إنْ تغير الماءُ بسبب ما في مقره أو ممره (كالمغرة والكبريت والتراب) من أجزاء الأرض.

ص: 32

2-

إنْ تغير الماءُ بسبب طول المكث.

ص: 32

3-

إن تغير الماءُ بسبب ما طرح فيه من أجزاء الأرض ولو عمداً كالتراب والملح.

ص: 32

4-

إن تغير الماءُ بسبب وتولد فيه من سمك أو دود أو طحلب.

ص: 32

5-

إن تغير ريح الماء بالمادة التي دُبغ بها الإِناء إن كان هذا الدابغ طاهراً كالقطران، مثل القرب الجلدية المدبوغة بالقطران.

ص: 32

6-

إن تغير بما يعسر الاحتراز منه كالتبن وورق الشجر.

ص: 32

7-

إن تغير بمجاور من غير ملاصقته للماء، كأن تطرح جيفة في شاطئ الماء فيتغير الماء برائحتها.

ص: 32

8-

إن تغير تغيراً خفيفاً بآلة سقي كالحبل الذي تعلق به الدلاء.

ص: 32

9-

إن خالط الماء ما يوافقه في صفاته. ولو جزمنا أنه لو كان المخالط مخالفاً للماء لغيرَّه.

ص: 32

10-

إن أدخل حيوان لا يتوقى النجاسة سؤره في ماء يسير وعسر الاحتراز منه، كالهرة والفأرة، لما روت كبشة بنت كعب بن مالك أن أبا قتادة دخل عليها، قالت فسكبت له وضوءاً، قالت: فجاءت هرة تشرب، فأصغى (6) لها الإناء حتى شربت، قالت كبشة: فرآني انظر إليه فقال: أتعجبين يا بنت أخي؟ فقالت: نعم، قال إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:(إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات)(7) .

إن شُك في المُغيِّر هل هو: من نجس ما يضر كالبول والدم، أم من نجس مالا يضر كالكبريت، أو طول المكث، اكتفي بخبر الواحد العدل الرواية ولو كان أنثى أو عبداً إذا بين وجه التغير، إلا إن كان المُخبرِ والمخبرَ متفقيّ المذهب فيكتفي بحكمه ولو لم يبين وجه التغير.

⦗ص: 33⦘

(1) خرج بذلك الجامدات والمائعات التي لا يصدق عليها اسم الماء كالسمن والعسل.

(2)

الأنفال: 11.

(3)

الفرقان: 48

(4)

مسلم: ج 1/كتاب الصلاة باب 40/204.

(5)

الترمذي: ج 1/ الطهارة باب 52/69.

(6)

يعني آماله لها ليسهل عليه الشرب.

(7)

الترمذي: ج 1/الطهارة باب 69/92.

ص: 32

أقسام المياه:

أولاً: الماء الطاهر المطهر غير مكروه الاستعمال: وهو الماء المطلق المذكور آنفاً.

ثانياً: الماء الطاهر المطهر المكروه الاستعمال: وهو:

ص: 33

1-

الماء المشمس في قطر حار (سواء كان يسيراً أو كثيراً) في إناء مثل النحاس وما شابهه. وكراهيته طبية لا شرعية.

ص: 33

2-

الماء الشديد الحرارة والشديد البرودة شدة لا تضر بالبدن. وعلة الكراهة أنه في هذه الحالة يصرف المتطهر عن الخشوع لله، ويجعله مشغولاً بألم الحر أو البرد، ومنها عدم إسباغ الطهارة.

ص: 33

3-

الماء الراكد ولو كان كثيراً ما لم يستبحر، أو تكن له مادة (1) ، فإنه يكره الاغتسال فيه.

ص: 33

4-

ماء راكد مات فيه حيوان بري له دم سائل، ولم يتغير الماء، ولو كان لها مادة كبئر ويندب النزع منه (أي إخراج دلو أو دلوين أو أكثر) لإحداث مظنة إزالة الفضلات التي تطفو على سطح الماء من الميتة. أما إن تغير الماء بالميتة فقد أصبح نجساً لأن الميتة نجسة (أما إن خرج الحيوان حياً أو ألقي ميتاً، أو كان بحرياً أو برياً ليس له دم سائل كعقرب، أو كان الماء جارياً أو مستبحراً أي كثيراً كالبحر، فإنه لا يندب النزح منه كما لا يكره استعماله) .

ص: 33

5-

الماء اليسير (2) المستعمل في رفع الحدث ولو من صبي لرفع حدث آخر لا لرفع حكم خبث فإنه لا يكره. (أما المستعمل في رفع حكم خبث ولم يتغير فغير مكروه الاستعمال لا لرفع حدث ولا لرفع حكم خبث لمرة ثانية) .

وتتوقف الكراهية على شرطين:

ص: 33

1-

أن يكون الماء يسيراً.

ص: 33

2-

أن يكون الماء قد استعمل في وضوء واجب، أما إن استعمل في وضوء مندوب كالوضوء للنوم فلا كراهية.

وعلل المالكية (3) صحة الوضوء من الماء المستعمل بقوله تعالى: {وأنزلنا من السماءِ ماءً طهوراً} (4) وهذه صيغة مبالغة تفيد أنه يطهرِّ مرة إثر مرة. والمقصود بالمستعمل هو ما تقاطر

⦗ص: 34⦘

من الأعضاء بعد غسل أو وضوء، أما إن غمس العضو بالماء ولم ينوِ نية الاغتراف فلا يصبح الماء مستعملاً كما عند الشافعية.

ص: 33

6-

الماء اليسير الذي حلت به نجاسة ولم تغيره بشروط:

ص: 34

1-

أن يكون الماء يسيراً.

ص: 34

2-

أن تكون النجاسة كقطرة المطر المتوسطة فما فوق، أما إن كانت أقل فلا يكره.

ص: 34

3-

أن لا تتغير أوصافه من لون أو ريح أو طعم.

ص: 34

4-

أن لا يكون جارياً، فإن كان جارياً فلا كراهة.

ص: 34

5-

أن لا يكون له أمداد تزيد كمية الماء كماء البئر.

ص: 34

7-

الماء اليسير الذي ولغ فيه الكلب، وكذا سؤر كل حيوان لا يتوقى نجساً إن لم يعسر الاحتراز منه كطير وسباع، لما روى يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب (أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج في ركب فيه عمرو بن العاص حتى وردوا حوضاً، فقال عمرو بن العاص لصاحب الحوض: يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع؟ فقال عمر بن الخطاب: يا صاحب الحوض لا تخبرنا فإنا نرِدُ على السباع وترِدُ علينا)(5) أي أمر لابد منه. وهي طاهرة لا ينجس الماء بشربها منه لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة. تردها السباع والكلاب الحُمُر. وعن الطهارة منها؟ فقال: (لها ما حملت في بطونها ولنا ما غبر طهور)(6) .

وتتوقف كراهية استعمال هذا الماء وطهارته على شرطين:

ص: 34

1-

أن يكون الماء يسيراً.

ص: 34

2-

أن لا تتغير أحد أوصافه.

وكراهيته هذه في استعماله لرفع حدث، أما استعماله لرفع خبث أو في غسل الأواني فإنه لا يكره.

ص: 34

8-

الماء اليسير الذي شرب منه شخص اعتاد المسكر أو غسل عضواً من أعضائه وفي الحقيقة أنه لا فرق بين الماء القليل والكثير إلا الكراهية المذكورة أعلاه لليسير، أما لو كان كثيراً فلا كراهة.

وكذلك تزول كراهية هذه المياه المذكورة في حال عدم وجود غيرها.

(1) أي يزيد وينقص في نفسه.

(2)

الماء اليسير: هو ما كان قدر آنية الغسل، أي بمقدار ما يغسل به صاع أو صاعين فأقل، وفيما عداه فكثير.

(3)

عند السادة الشافعية لا يصح الوضوء بالماء المستعمل، بينما عند المالكية فإنه يصح مع الكراهة.

(4)

الفرقان: 48.

(5)

الموطأ: ص 26.

(6)

ابن ماجة: ج 1/ كتاب الطهارة باب 76/519.

ص: 34

ثالثاً: الماء الطاهر غير المطهر:

⦗ص: 35⦘

وهو الطاهر بنفسه، غير المطهر لغيره، أي الذي لا يرفع حدثاً ولا يزيل نجساً، وهو أقسام:

ص: 34

1-

الماء المطلق إذا خالطه (1) إحدى الطاهرات مثل الصابون أو ماء الورد وغيرت أحد أوصافه الثلاثة بشروط:

ص: 35

1-

أن يكون ذلك الطاهر ليس لازماً للماء بل يفارقه في غالب الأحيان.

ص: 35

2-

أن لا يكون من أجزاء الأرض.

ص: 35

3-

أن لا يكون من الأشياء التي يدبغ بها الإناء.

ص: 35

4-

أن لا يكون من الأشياء التي يصعب الاحتراز منها.

ص: 35

2-

الماء المطلق إذا تغير بنفس الإناء الذي وضع فيه بشرطين:

ص: 35

1-

أن يكون الإناء من غير جنس الأرض، كأن يكون من جلد أو خشب، فتغير الماء بمجاورته للإناء.

ص: 35

2-

أن يكون التغير فاحشاً.

ص: 35

3-

الماء الذي تغير طعمه أو لونه بسبب القطران.

(1) خالطه: أي امتزج به أو لاصقه مثل الرياحين المطروحة على سطح الماء والدهن الملاصق له.

ص: 35

رابعاً: الماء المتنجس:

ينجس الماء بنوعيه القليل والكثير إذا حلت فيه نجاسة وغيرت أحد أوصافه الثلاثة: الطعم أو الريح أو اللون. أما إن لم تغير أحد أوصافه، كأن كانت النجاسة جامدة، فإنه باق على طهوريته ولا فرق بين الماء الجاري والراكد؛ إلا أنه يكره استعماله إن وجد غيره.

حكم الماء المتنجس:

لا يجوز استعمال الماء المتنجس في العبادات ولا في العادات، ويحرم الانتفاع به في الطبخ والشرب وغيرهما، إلا في حالة الضرورة الملحة كأن يكون الشخص تائهاً في الصحراء وتتوقف حياته على شرب الماء النجس فإنه يجوز له في هذه الحالة أن يشرب منه (1) .

⦗ص: 36⦘

(1) يشرب منه قدر الضرورة وهو ما يندفع به الهلاك، أو قدر الحاجة وهي فوق الضرورة. قولان. والأول أحوط.

ص: 35