المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثالث: واجبات الحج والعمرة - فقه العبادات على المذهب المالكي

[كوكب عبيد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة [المؤلفة]

- ‌تقديم [الشيخ إبراهيم اليعقوبي الحسني]

- ‌مالك بن أنس رضي الله عنه

- ‌[متن الكتاب]

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول: تعريف الطهارة:

- ‌الباب الثاني: الأعيان الطاهرة والأعيان النجسة

- ‌الباب الثالث: آداب قضاء الحاجة

- ‌الباب الرابع: الفصل الأول الوضوء

- ‌الباب الخامس: الغُسْل

- ‌الباب السادس: التيمم

- ‌الباب السابع: الحيض والنفاس والاستحاضة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الباب الأول: تعريف الصلاة:

- ‌الباب الثاني: الأذان والإقامة

- ‌الباب الثالث: شروط الصلاة:

- ‌الباب الرابع: صفة الصلاة

- ‌الباب الخامس: الفصل الأول سجود السهو

- ‌الباب السادس: صلاة التطوع

- ‌الباب السابع: صلاة الجماعة

- ‌الباب الثامن: صلاة المسافر (القصر والجمع)

- ‌الباب التاسع: صلاة الجمعة (1)

- ‌الباب العاشر: صلاة الخوف

- ‌الباب الحادي عشر: الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌الباب الأول: تعريف الزكاة:

- ‌الباب الثاني: الفصل الأول

- ‌الباب الثالث: مصارف الزكاة

- ‌الباب الرابع: صدقة الفطر

- ‌كتاب الصوم

- ‌الباب الأول⦗ص: 303⦘: تعريف الصوم:

- ‌الباب الثاني: الاعتكاف

- ‌كتاب الحج

- ‌الباب الأول⦗ص: 333⦘: تعريف الحج والعمرة:

- ‌الباب الثاني: أركان الحج والعمرة

- ‌الباب الثالث: واجبات الحج والعمرة

- ‌الباب الرابع: مندوبات الحج

- ‌الباب الخامس: الفصل الأول

- ‌الباب السادس: الفصل الأول

الفصل: ‌الباب الثالث: واجبات الحج والعمرة

‌الباب الثالث: واجبات الحج والعمرة

ص: 363

لم يفرق السادة المالكية بين الواجب والفرض في العبادات إلا في الحج، فإن الفرض فيه هو الركن، وهو ما لا تحصل حقيقة الحج والعمرة إلا به، ولا ينجبر تركه بدم. والواجب ما يحرمه تركه اختياراً بغير ضرورة، ولا يفسد النسك بتركه، وينجبر بدم.

ص: 363

1ً- واجبات الحج:

أولاً: طواف القدوم

شروط وجوبه:

ص: 363

1-

أن يكون محرماً يحج أو بحج وعمرة (قارناً) من الحِل لمن كانت داره خارج الحرم، أو كان مقيماً بمكة وخرج للحل لقرانه أو ميقاته.

ص: 363

2-

أن لا يخشى فوات عرفة إن اشتغل بطواف القدوم.

ص: 363

3-

أن لا يردف الحج على العمرة من الحرم، أي أن لا يكون متمتعاً (لأن المتمتع يحرم للحج من الحرم) .

ص: 363

4-

أن يكون ذاكراً له غير ناسٍ، وأن يكون قادراً عليه.

سقوطه:

يسقط طواف القدوم في الحالات التالية:

ص: 363

1-

إذا ضاق الوقت وخشي الحاج فوات الحج إذا اشتغل به فهنا يجب تركه.

ص: 363

2-

إذا حاضت المرأة أو نفست.

ص: 363

3-

المغمى عليه والمجنون إذا استمر عذرهما حتى لا يمكنهما الإتيان به.

⦗ص: 364⦘

شروط صحته:

يشترط لصحته شرط واحد وهو نية الوجوب، فإن طاف بنية النفل أو طاف بلا نية انصرف طوافه نفلاً ولم يجزئه عن طواف القدوم، أو إن اعتقد عدم وجوبه فعليه إعادته، أما إن لم ينو نفلاً واعتقد بوجوبه أجزأه.

ثانياً: النزول بمزدلفة (1)

دليله: ما روى عن جابر رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "وقفت ههنا، وجمع- المزدلفة- كلها موقف"(2) .

(1) سميت بذلك لأخذها من الازدلاف وهو التقريب، لأن الحجاج إذا أفاضوا من عرفات تقربوا بالمضي إليها.

(2)

مسلم: ج 2 / كتاب الحج باب 20 / 147.

ص: 363

وقته: ليلة النحر بعد النزول من عرفة وهو في طريقه إلى منى إذا لم يكن عنده عذر، وإلا فلا يجب عليه النزول فيها.

مدة النزول: أقلها بقدر الحطِّ والترحال (وإن لم يحطّ بالفعل) وصلاة العشاءين وتناول شيء من أكل أو شرب، فإن لم ينزل الحاج في مزدلفة لزمه دم.

سننه:

ص: 364

1-

جمع العشاءين بمزدلفة، بأن يؤخر المغرب إلى ما بعد غياب الشفق الأحمر ويصليها مع العشاء، لحديث جابر رضي الله عنه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين"(1) . هذا إذا وقف الحاج مع الناس في عرفة ودفع معهم، وإن صلاهما قبل وصوله إلى مزدلفة أعادهما ندباً فيها إلا لمعزور (كمن تأخر عن الناس لعذر به أو بمركوبه) فإنه يصليها جمعاً في أي مكان هو فيه إن كان وقف مع الإِمام في عرفة، أما إن كان انفرد بوقوفه عنهم فإنه يصلي كلاً من الفرضين في وقته: المغرب بعد الغروب والعشاء بعد مغيب الشفق قصراً.

ص: 364

2 -

يسن قصر العشاء لجميع الحجاج إلا أهل مزدلفة فيتمونها.

ص: 364

3-

يسن الوقوف بالمشعر (2) الحرام على القول المعتمد، وقيل يندب أن يستقبل الحاج عند المشعر

⦗ص: 365⦘

الحرام البيت جهة المغرب للدعاء بالمغفرة وغيرها والثناء على اللَّه تعالى حتى الإسفار. لما روى جابر رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب القصواء. حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعاه وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً، فدفع قبل أن تطلع الشمس)(3) .

(1) مسلم: ج 2 / كتاب الحج باب 19 / 147.

(2)

وهو المسجد الذي على يسار الذاهب إلى منى بين جبل مزدلفة وجبل قزح، وسمي مشعراً لما فيه من الشعائر (الطاعات) ومعالم الدين، ومعنى الحرام أنه يحرم فيه الصيد وغيره كقطع الشجر لأنه من الحرم.

(3)

مسلم: ج 2 / كتاب الحج باب 19 / 147.

ص: 364

مندوباته:

ص: 365

1-

يندب المبيت بمزدلفة وارتحاله منها بعد صلاة الصبح بغلس (عتمة) للحديث المتقدم.

ص: 365

2-

يندب أن يلتقط من مزدلفة حصيات رمي جمرة العقبة، ولو التقطها من منى كفاه.

ثالثاً: رمي جمرة العقبة يوم النحر

وقته: من طلوع فجر يوم النحر إلى غروب شمسه إذا لم يكن معذوراً، أما إن كان معذوراً فيسقط عنه.

دليله: حديث جابر رضي الله عنه قال: (رمى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى)(1) وحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل يوم النحر بمنى،.. فسأله رجل.. وقال: رميتُ بعدما أمسيت فقال: لا حرج)(2) .

(1) مسلم: ج 2 / كتاب الحج باب 53 / 314.

(2)

البخاري: ج 2 / كتاب الحج باب 129 / 1648.

ص: 365

واجباته:

ص: 365

1-

أن يكون بسبع حصيات، لحديث جابر رضي الله عنه في صفة حجه صلى الله عليه وسلم قال:(ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى. حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات (1) .

ص: 365

2-

أن يتقدم الرمي على الحلق والإفاضة، فلو حلق قبل الرمي أو طاف طواف الإفاضة قبله فعليه دم.

(1) مسلم: ج 2 / كتاب الحج باب 53 / 147.

ص: 365

مندوباته:

ص: 365

1-

الإسراع إلى الرمي حال وصوله إلى منى على أية حال كان عليها؛ فإذا وصل إليها قبل طلوع الشمس وكان ماشياً ذهب إلى الرمي ماشياً ولم ينتظر ليركب، وإن وصل راكباً ذهب راكباً

⦗ص: 366⦘

ولم ينتظر لينزل، أما إذا وصل إلى منى قبل طلوع الشمس فيندب له أن ينتظر إلى طلوع الشمس.

ص: 365

2-

أن يقع الرمي في الوقت ما بين طلوع الشمس وزوالها، ويكره تأخيره إلى ما بعد الزوال.

ص: 366

3-

تقديم الرمي على النحر.

ص: 366

4-

التقاط حصيات الرمي من مزدلفة.

رابعاً: المبيت بمنى (1) أيام التشريق

دليله:

ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: (أفاض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع منى، فمكث بها ليالي أيام التشريق)(2)

واجباته:

المبيت ثلاث ليالي بمنى: ليلة الثاني والثالث والرابع من أيام التشريق إن لم يتعجل، أما إذا تعجل فيكفيه مبيت ليلتين ويسقط عنه مبيت ليلة اليوم الرابع من أيام التشريق والرمي في ذلك اليوم، هذا إن كان المتعجل من أهل مكّة وأما إن كان من غير أهلها فلا يشترط خروجه قبل الغروب وإنما يكفي فيه التعجيل. والتعجيل جائز لا مكروه ولا خلاف الأولى إلا الإمام فيكره له التعجيل.

فإن ترك الحاج المبيت لمدة أكثر من نصف ليلة فما فوق لزمه دم (يحسب الليل من الغروب إلى الفجر) ، إلا المتعجل فليس عليه دم لتركه مبيت الليلة الثالثة.

(1) بطحاء متسعة ينزل بها الحجاج في الأيام المعدودات، تبدأ من فوق العقبة مما يلي مكة.

(2)

أبو داود: ج 2 / كتاب المناسك باب 78 / 1973.

ص: 366

خامسا: ً رمي الجمرات الثلاث أيام التشريق الثلاثة:

دليله:

حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم (فمكث بها ليالي أيام التشريق، يرمي الجمرة إذا زالت الشمس، كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويقف عند الأولى والثانية فيطيل القيام ويتضرع، ويرمي الثالثة ولا يقف عندها)(1) .

⦗ص: 367⦘

(1) أبو داود: ج 2 / كتاب المناسك باب 78/1973.

ص: 366

واجباته:

ص: 367

1-

رمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق الثلاثة، بسبع حصيات لكل واحدة في كل يوم، لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما (أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات، يكبر على إثر كل حصاة، ثم يتقدم، حتى يسهل، فيقوم مستقبل القبلة، فيقوم طويلاً ويدعو ويرفع يديه، ثم يرمي الوسطى، ثم يأخذ ذات الشمال فيُسْهِلُ، ويقوم مستقبل القبلة، فيقوم طويلاً فيدعو ويرفع يديه، ويقوم طويلاً ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي، ولا يقف عندها، ثم ينصرف، فيقول: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله)(1) .

ص: 367

2-

ألا يبدأ الرمي إلا بعد الزوال لكل يوم، ويستمر وقته حتى الغروب لحديث جابر رضي الله عنه قال:(رمى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد ذلك فإذا زالت الشمس)(2) ، فإذا رمى قبل الزوال فلا يجزئ، فإن لم يعده فعليه دم، وإن أخّره إلى الليل أو إلى اليوم الثاني ووقع الرمي قضاء.

ومن عجز عن الرمي بنفسه فعليه أن يستنيب من يرمي عنه ويلزمه دم، وفائدة الاستنابة أنها تسقط الإثم، فإن لم يستنيب فعليه دم وعليه إثم. وإذا استناب ولكن المستناب أخّر الرمي لعذر فعلى المستنيب دمان: دم لعدم رميه بنفسه ودم لتأخر المستناب بالرمي، أما إذا كان تأخر المستناب عن الرمي لغير عذر فالدم الثاني يقع عليه.

(1) البخاري: ج 2 / كتاب الحج باب 139 / 1664.

(2)

مسلم: ج 2 / كتاب الحج باب 53 / 314.

ص: 367

شروط صحة الرمي:

ص: 367

1-

أن يكون المرمي به حجراً (أي من جنس الحجر سواء كان زلطاً أو صواناً أو رخاماًً) ، فلا يصح بطين ولا بمعدن.

ص: 367

2-

أن تكون الحصى بمقدار حصى الخذف، أي قدر الفولة أو النواة ولا يجزئ الصغير جداً كالحمصة، ويكره الحصى الكبير ولو أنه يجزئ، لما روي عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما قال:(رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة، بمثل حصى الخذف)(1) .

ص: 367

3-

أنيكون رمياً أي دفعاً باليد، فلا يجزئ الوضع أو الطرح على الجمرة بل لا بد من الدفع باليد مباشرة لا بقوس ولا بغيره، وذلك بأن يأخذ الحصاة بسبّابته وإبهامه، وأن يرمي كل حصاة على انفراد، فلو رمى السبعة معاً لم تعتبر إلا رمية واحدة

ص: 367

4-

قصد إصابة المرمى تحقيقاً، وهو البناء وما حوله من موضع الحصى، وإن وقعت الحصاة في المرمى دون أن تصيب البناء أجزأته، أما إذا جاوزت الحصاة المرمى ووقعت خلفه فلا تجزئ.

ص: 368

5-

ترتيب رمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق، فيبدأ بالصغرى التي تلي مسجد منى، ثم الوسطى ثم العقبة. فإن نكس الترتيب وبدأ بالعقبة فلا يجزئ. والدليل ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى هكذا بالتسلسل المذكور، وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه جابر رضي الله عنه:"لتأخذوا عني مناسككم"(2) .

ومن ترك رمي بعض منها: حصاة أو أكثر من الجميع أو من بعضهن ولو سهواً، لم يجزئه، فلو رمى الأولى بخمس ثم رمى الثانية والثالثة يعود ويكمل الخمس إلى السبع ولم يجزئ رمي الجمرتين الأخيرتين بل عليه أعادتهما لأن ترتيب الجمار بالرمي واجب.

(1) مسلم: ج 2 / كتاب الحج باب 52 / 313.

(2)

مسلم: ج 2 / كتاب الحج باب 51 / 310.

ص: 368

مندوبات الرمي:

ص: 368

1-

يندب المشي إلى الرمي (في غير يوم النحر) .

ص: 368

2-

يندب أن يكبر تكبيرة واحدة مع رمي كل حصاة، بأن يقول: اللَّه أكبر.

ص: 368

3-

التقاط حصيات الجمرات الثلاث، فيكره أن يكسر حجراً كبيراً ويكره الرمي بمرميٍّ به من قبل (أي يكره التقاط الحصى من المرمى) .

ص: 368

4-

الرمي لكل يوم إثر الزوال وقبل صلاة الظهر، وأن يكون الرامي متوضئاً.

ص: 368

5-

طهارة الحصيات التي يرمي بها.

ص: 368

6-

المكث إثر رم يالجمرتين الأولى والوسطى للدعاء والثناء على اللَّه تعالى بقدر قراءة سورة البقرة، أما جمرة العقبة فيرميها وينصرف، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر اللَّه)(1) .

ص: 368

7-

أن يقف أثناء الدعاء عند الجمرة الوسطى بحيث يجعلها عن يساره ولا يحاذيها بل يتقدم عنها قليلاً، ويجعل الجمرة الأولى خلفه، وأما جمرة العقبة فيرميها من أسفلها من بطن الوادي ويقف بحيث تكون منى عن يمينه ومكّة عن يساره. للحديث المتقدم عن ابن عمر رضي الله عنهما:(ثم يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها) .

ص: 368

8-

التتابع في رمي الحصيات والتتابع في رمي الجمرات فلا يفصل بينها إلا بمقدار الدعاء.

ص: 368

9-

الرمي باليد اليمنى إن كان يحسن الرمي بها.

(1) أبو داود: ج 2 / كتاب المناسك باب 51 / 1888.

ص: 368

سادساً: الحلق والتقصير

الحلق هو أخذ الشعر من قرب أصوله وجذوره، وإن لم يكن له شعر يمرر الموس على رأسه، ويجزئ الحلق ولو بالنورة، ويسن الحلق لمن لبد شعره أو ضفره أو عقصه، والحلق أفضل للرجال من التقصير، فإن قصّر الشعر أجزئه بدليل حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من لبّد رأسه فليحلق)(1)، وعنه أيضاً أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:(اللَّهم ارحم المحلقين، قالوا: والمقصرين يا رسول اللَّه؟ قال: اللَّه ارحم المحلقين. قالوا: والمقصرين يا رسول اللَّه؟ قال: والمقصرين)(2) ولا يجزئ حلق أو تقصير بعض شعر الرأس بل لا بد من تناول الحلق أو التقصير كل شعر الرأس، ويبدأ بحلق اليمين من رأسه والأفضل أن يكون الحلق أو التقصير في منى.

أما المرأة فيسن لها التقصير نيابة عن الحلق، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ليس على النساء حلق إنما على النساء تقصير)(3) ، وذلك بأن تأخذ قدر أنمُلة من نهاية شعر رأسها كلّه، فلا يكفيها تقصير بعض الشعر.

ومن ترك الحلق أو التقصير، ولو كان لوجع في رأسه ولا يقدر على أحدهما، فعليه دم.

وقته: بعد رمي جمرة العقبة، لأنه إذا لم يرمها لم يحصل له تحلل فلا يجوز له الحلق ولا غيره من محرّمات الإحرام إلى ما قبل خروجه من مكّة، فإذا خرج منها بعد انتهاء أيام التشريق ولم يحلق بعد، أو عاد إلى بلده دون حلق فعليه دم، أمّا إذا أخّر الحلق إلى ما بعد أيام التشريق ثم حلق بمكّة فليس عليه شيء.

مندوباته:

ص: 368

1-

أن يحلق بعد الذبح لما روى أنس رضي الله عنه (أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أتى منى، فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر. ثم قل للحلاق خذ وأشار إلى جنبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه الناس)(4)

ص: 368

2-

أن يحلق قبل الزوال من يوم النحر بعد رمي جمرة العقبة.

ثانياً- واجبات العمرة:

للعمرة واجب واحد هو الحلق أو التقصير بعد السعي.

تكرار العمرة:

يكره تكرار العمرة في العام الواحد، وإنما يطلب كثرة الطواف، وابتداء العام يعتبر من شهر محرم؛ فمن اعتمر في ذي القعدة، ثم اعتمر في محرم فلا كراهة في عمرته الثانية، لأنه أداها في سنة أخرى.

ويستثنى من كراهة تكرار العمرة من دخل مكّة في غير أشهر الحج، وكان ممن يحرم عليه مجاوزة الميقات حلالاً، فإنه لا يكره له تكرارها، بل يحرم بعمرة حين دخوله، ولو كان قد تقدمت له عمرة في نفس العام.

⦗ص: 371⦘

(1) البيهقي: ج 5 / صلى الله عليه وسلم 135.

(2)

البخاري: ج 2 / كتاب الحج باب 126 / 1640.

(3)

أبو داود ج 2 / كتاب المناسك باب 79 / 1984.

(4)

مسلم: ج 2 / كتاب الحج باب 56 / 323.

ص: 370