المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الرابع: صفة الصلاة - فقه العبادات على المذهب المالكي

[كوكب عبيد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة [المؤلفة]

- ‌تقديم [الشيخ إبراهيم اليعقوبي الحسني]

- ‌مالك بن أنس رضي الله عنه

- ‌[متن الكتاب]

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول: تعريف الطهارة:

- ‌الباب الثاني: الأعيان الطاهرة والأعيان النجسة

- ‌الباب الثالث: آداب قضاء الحاجة

- ‌الباب الرابع: الفصل الأول الوضوء

- ‌الباب الخامس: الغُسْل

- ‌الباب السادس: التيمم

- ‌الباب السابع: الحيض والنفاس والاستحاضة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الباب الأول: تعريف الصلاة:

- ‌الباب الثاني: الأذان والإقامة

- ‌الباب الثالث: شروط الصلاة:

- ‌الباب الرابع: صفة الصلاة

- ‌الباب الخامس: الفصل الأول سجود السهو

- ‌الباب السادس: صلاة التطوع

- ‌الباب السابع: صلاة الجماعة

- ‌الباب الثامن: صلاة المسافر (القصر والجمع)

- ‌الباب التاسع: صلاة الجمعة (1)

- ‌الباب العاشر: صلاة الخوف

- ‌الباب الحادي عشر: الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌الباب الأول: تعريف الزكاة:

- ‌الباب الثاني: الفصل الأول

- ‌الباب الثالث: مصارف الزكاة

- ‌الباب الرابع: صدقة الفطر

- ‌كتاب الصوم

- ‌الباب الأول⦗ص: 303⦘: تعريف الصوم:

- ‌الباب الثاني: الاعتكاف

- ‌كتاب الحج

- ‌الباب الأول⦗ص: 333⦘: تعريف الحج والعمرة:

- ‌الباب الثاني: أركان الحج والعمرة

- ‌الباب الثالث: واجبات الحج والعمرة

- ‌الباب الرابع: مندوبات الحج

- ‌الباب الخامس: الفصل الأول

- ‌الباب السادس: الفصل الأول

الفصل: ‌الباب الرابع: صفة الصلاة

‌الباب الرابع: صفة الصلاة

ص: 148

الفصل الأول

أركان الصلاة

أركان الصلاة هي الأجزاء التي تتركب منها الصلاة، وعددها أربع عشر وهي:

أولاً- النية:

وهي قصد القلب فعل الصلاة، محلها القلب، ويجوز لفظها باللسان لكن الأَولى ترك لفظها، وإن خالف اللفظ نية القلب فالعبرة لنية القلب إن وقع اللفظ سهواً، وإن كان عمداً فهو متلاعب وتبطل صلاته.

ودليل فرضيتها ما روى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى"(1) .

ووقتها مع تكبيرة الإحرام أو تسبقها بوقت يسير جداً، كمن نوى الصلاة خارج المسجد ثم دخل وكبر فيصح ذلك، أما إن سبقت النية تكبيرة الإحرام بوقت غير يسير فلا تصح الصلاة.

وذهاب النية من القلب بعد استحضارها عند تكبيرة الإحرام غير مبطل لها، ولو ذهبت بتفكير دنيوي، بخلاف الرفض فإنه يبطل الصلاة، والرفض هو نية إبطال العمل فهو مبطل للصلاة ومبطل للصوم إن وقع أثناء الصلاة والصيام، أما إذا وقع بعدها فمختلف فيه.

⦗ص: 149⦘

(1) مسلم: ج 3/ كتاب الإمارة باب 45/155.

ص: 148

شروطها:

آ- في الصلاة المفروضة أو السنة المؤكدة (كالوتر والعيدين والكسوف والاستسقاء) أو الغيبة (سنة الفجر) هي:

ص: 149

1-

أداء الفرض أو السنة.

ص: 149

2-

تعيين الفرض أو السنة.

ويجوز للمكلف الدخول في الصلاة على ما أحرم به الإمام، كأن يجد المكلف إماماً ولم يدرِ أهو في صلاة الجمعة أو في صلاة الظهر، فينوي ما أحرم به الإمام فإن ذلك يجزئه.

وكذا لو وجد المكلف إماماً ولم يدر أهو مسافر أم مقيم، فأحرم بما أحرم به الإمام فيجزئه (ما تبين من سفرية أو حضرية) لكن إن كان المأموم مقيماً فإنه يتم بعد سلام إمامه المسافر، وإن كان المأموم مسافراً فيلزمه متابعة إمامه المقيم.

ب- في بقية النوافل المندوبة كالضحى والراتبه والتهجد، يكفي فيه نية أداء النفل، ولا يشترط تعيينها، لأن الوقت الذي تصلى فيه كاف في تعيينها، فإن كانت الصلاة في الضحى انصرفت إلى الضحى، وإن كانت بعد الزوال وقبل فرض الظهر انصرفت إلى راتبة الظهر القبلية وهكذا.....

مكروهاتها:

ص: 149

1-

التلفظ بها.

ص: 149

2-

ترك نية الأداء أو القضاء.

ص: 149

3-

ترك نية عدد الركعات.

ص: 149

4-

التفكير الدنيوي أثناء الصلاة.

نية الإمامة:

يشترط أن يعقد الإمام نية الإمامة في كل صلاة تتوقف صحتها على الجماعة وهي:

الجمعة، والمغرب والعشاء المجموعتان جمع تقديم ليلة المطر، وصلاة الخوف، والمستخلف (1) .

⦗ص: 150⦘

(1) من ينيبه الإمام عند خروجه من الصلاة لعذر شرعي قبل تسليم الإمام.

ص: 149

نية اقتداء المأموم بإمامه:

بأن ينوي المأموم متابعة الإمام في أول الصلاة.

حكمها: ركن بالنسبة للصلاة، فإن لم ينوي الاقتداء به وتابعه متابعة المأموم كأن ترك قراءة الفاتحة مثلاً بطلت صلاته. وبالنسبة للاقتداء هي شرط لصحة اقتدائه.

ومحلها: في أول الصلاة، فلو أحرم شخص بالصلاة منفرداً ثم وجد إماماً فنوى الاقتداء به فإن صلاته لا تصح.

ثانياً- تكبيرة الإحرام:

الإحرام: هو الدخول في حرمات الصلاة بحيث يحرم كل ما ينافيها.

حكم تكبيرة الإحرام: فرض على كل من يصلي فرضاً أو نفلاً، ولو كان مأموماً، فلا يتحملها عنه إمامه.

فإن شك المنفرد أو المأموم في تكبيرة الإحرام قبل أن يركع، أتى بها من غير سلام ثم يستأنف القراءة، وإن شك بها بعد الركوع فيقطع الصلاة ويبتدئ من جديد.

وإن كان الشاك إماماً فيمضي في صلاته حتى ينتهي، فإذا سلم سأل المأمومين فإذا قالوا: أنه أحرم رجع إلى قولهم وإن شكو أعاد الجميع.

دليل فرضيتها: ما روي عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم"(1) .

صيغتها: اللَّه أكبر، ولا يضر إبدال الهمزة من أكبر واواً لمن لغته ذلك (العامية) .

شروطها:

ص: 150

1-

أن تكون باللغة العربية، إن كان قادراً عليها، وإلا سقطت عنه ككل فرض، وإن قدر على الإتيان ببعضها أتى به إن كان له معنى وإلا فلا. ولا تجزئ بترجمتها إلا العجمية، وكذا الإتيان بمرادفها في العربية.

ص: 150

2-

أن يقدم لفظ الجلالة على أكبر.

ص: 150

3-

أن لا يفصل بين لفظ الجلالة وأكبر بكلمة أخرى أو بسكوت طويل.

ص: 150

4-

أن لا يمد همزة اللَّه بقصد الاستفهام.

ص: 150

5-

أن لا يمد باء أكبر.

ص: 150

6-

أن يمد لفظ الجلالة مداً طبيعياً.

ص: 151

7-

أن لا يحذف هاء لفظ الجلالة.

ص: 151

8-

أن يحرك لسانه بالتكبيرة، ولا يشترط أن يسمع نفسه، وإن كان أخرسَ تسقط عنه ويكتفى منه بالنية.

ص: 151

9-

الإتيان بها قائماً بالصلاة المفروضة عند القدرة على القيام.

(1) أبو داود: ج 1/ كتاب الطهارة باب 31/61.

ص: 151

ثالثاً__ القيام لتكبيرة الإحرام:

هو فرض في الصلاة المفروضة سواء كان الفرض أصلياً كالصلوات الخمس، أو عارضاً كالنذر (إن نذر أن يصلي قائماً) ، أو كفائياً كصلاة الجنازة. ومثله القيام لقراءة الفاتحة وللهوي للركوع وللقيام منه إن كان قادراً عليه. فلا يجزئ إيقاع تكبيرة الإحرام قائماً مستنداً إلى شيء بحيث لو سقط هذا الشيء سقط معه، ولا إيقاعها جالساً أو منحنيا حتى يستقل قائماً، إلا المسبوق إذا وجد إمامه راكعاً وكبر منحنياً ورفع قبل أن يرفع إمامه فإن تكبيرته هذه مجزئة عن تكبيرة الإحرام، ولكن لا تحسب له هذه الركعة وعليه إعادتها بعد سلام إمامه، والسبب في عدم اعتبارها أن عدم الإتيان بالتكبير أثناء القيام يبطل الصلاة بالأصل لكن اعتبروا التكبير للقيام للركعة الثانية هو تكبير إحرام لأنه يقع في القيام وأبطلت الأولى لبطلان تكبيرة الإحرام. أما إذا ابتدأ التكبير وهو قائم قبل أن يرفع الإمام ثم أتم التكبير فيما بعد فإن الركعة تحتسب له بشرط أن يكون نوى بالتكبيرة تكبيرة الإحرام أو الإحرام والركوع فقط لم تنعقد الصلاة.

أما حكم القيام في الصلاة المسنونة فهو سنة، وتركه مع القدرة عليه مكروه، وفي الصلاة المندوبة القيام مندوب وتركه مع القدرة عليه خلاف الأَولى، حيث يجوز للمتنفل الجلوس في الصلاة ابتداءاً وفي أثنائها بعد إيقاع بعضها من قيام، لكن لا يجوز بدل القيام غير الجلوس مع القدرة عليه، ويندب أن يكون هذا الجلوس متربعاً ليتميز عن الأصلي.

رابعاً__ قراءة الفاتحة:

قراءة الفاتحة فرض في الصلاة المفروضة والنافلة في كل ركعة وهو الراجح (1) لأنه قول الإمام

⦗ص: 152⦘

مالك، ولابد من حركة اللسان بها وإن لم يسمع نفسه لإِمام وفذ، فإن تركها عمداً فصلاته باطلة، لما روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"(2) ، وإن تركها في ركعة أو ترك بعضها ولو آية سهواً وركع قبل أن يتدارك ما ترك سجد في آخر صلاته قبل السلام سجود سهو، ولا إعادة عليه ولكن تندب الإعادة، فإن تذكر قبل الركوع وجب عليه الإِتيان بها وإلا بطلت صلاته.

ومن لا يحسن قراءة الفتحة يجب عليه تعلمها إن أمكنه ذلك، فإن لم يمكنه يجب عليه الاقتداء بمن يحسنها، فإن لم يجده سقطت عنه كما يسقط عنه القيام لقراءة الفاتحة وهو المختار، ولكن يندب له أن يفصل بين تكبيرة الإِحرام والركوع بسكوت أو بذكر للَّه تعالى.

أما قراءة الفاتحة بالنسبة للمأموم فهي مندوبة في الصلاة السرية ومكروهة في الصلاة الجهرية.

(1) اختلف في بين أربعة أقوال، فالأول: قراءة الفاتحة فرض في كل ركعة، والثاني: فرض في أكثر الصلاة وفي الباقي سنة، الثالث: واجبة في ركعة وسنة في بقية الصلاة، والرابع: واجبة في نصف الصلاة وسنة في نصف الصلاة وسنة في النصف الثاني. وهناك قول أن الفاتحة سنة في كل الصلاة لأن الإِمام يتحملها عن المأموم والإِمام لا يتحمل فرضاً.

(2)

البخاري: ج 1/ كتاب صفة الصلاة باب 13/723.

ص: 151

خامساً- القيام لقراءة الفاتحة:

يجب القيام لقراءة الفاتحة في صلاة الفرض للقادر، قال تعالى:{وقوموا للَّه قانتين} (1) ، وهو ليس بفرض مستقل وإنما تابع للفاتحة، لذا كان القيام لها فرضاً على الإِمام والفذ، أما المأموم لما كان يجوز له ترك قراءة الفاتحة جاز له ترك القيام، أي جاز له أن يستند إلى شيء يسقط بسقوطه أثناء قيام إمامه لقراءة الفاتحة، لكن إن قعد خلف إمامه القائم بغير عذر ثم قام للركوع بطلت صلاته لإِتيانه بأفعال كثيرة وليس لمخالفته لإِمامه لأنه يصح اقتداء الجالس بالقائم واقتداء القائم بالقاعد العاجز عن القيام ويتحمل الإِمام القاعد الفاتحة عن المأموم، فإن كان الإِمام والفذ عاجزين عن القيام سقط عنهما، وإن كان عاجزاً عن بعض القيام دون بعض وقف بقدر ما يستطيع ثم قعد وأتم صلاته على القول المشهور وقيل: يقعد من الأصل. أما إن جلس أو انحنى حال القراءة بدون عجز أو استند إلى شيء بحيث لو أزيل لسقط بطلت صلاته، أما إذا لم يسقط إذا أزيل ما استند إليه كره له ذلك وأعاد في الوقت.

أما في النفل فالقيام ليس بفرض، لذا إذا قعد بدلاً من القيام ندب له التربيع ليتميز قعود القيام عن قعود التشهد أو بين السجدتين حيث يندب فيهما التورك.

⦗ص: 153⦘

(1) البقرة: 238.

ص: 152

سادساً- الركوع:

الركوع فرض في كل صلاة سواء كانت فرضاً أو نفلاً، وحدّ الركوع هو أن ينحني المصلي بقدر ما تصل راحتا الكفين إلى رأس الفخذين مما يلي الركبتين.

ودليل ركنيته قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا} (1) .

(1) الحج: 77.

ص: 153

سابعاً- الرفع من الركوع:

يجب الرفع من الركوع، وحدّه أن ينتقل المصلي من انحناء الظهر إلى اعتداله، فإن لم يرتفع من الركوع عمداً أو جهلاً بطلت صلاته، وإن لم يرفع سهواً فيرجع محدودباً حتى يصل لحالة الركوع ثم يرفع ويسجد للسهو بعد السلام إن كان إماماً أو فذاً، أما إن كان مأموماً فلا يسجد للسهو لتحمل إمامه سهو عنه، أما إن رجع إلى القيام ثم سجد أعاد صلاته إن كان رجوعه عمداً، وإن كان رجوعه سهواً ألغى تلك الركعة وسجد للسهو بعد السلام.

ودليل ركنيته قوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: "ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً"(1) .

(1) البخاري: ج 1/ كتاب صفة الصلاة باب 13/724.

ص: 153

ثامناً- السجود:

ودليل ركنيته قوله تعالى: {اركعوا واسجدوا} .

ويتحقق بوضع أيسر جزء من الجبهة على الأرض، فلو سجد أنفه دون جبهته لم يجزئه.

وإن عجز عن السجود على الجبهة ففرضه أن يومىء للسجود. وعرَّف بعضهم السجود بقوله: مسُّ الأرض أو ما اتصل بها من ثابت بالجبهة. إذن شروطه هي:

ص: 153

1-

أن يمس الأرض بجبهته، فلو وضع جبهته على كفيه لم تصح صلاته، ولكن لا يضر إن وضع جبهته على شيء ملبوس أو محمول له يتحرك بحركته ككور عمامته وإن كان مكروهاً.

ص: 153

2-

أن يسجد على شيء ثابت متصل بالأرض بحيث تستقر جبهته عليه كالحصير والبساط بخلاف الفراش المنفوش أو السرير ذي النابض وما شابههما فإنهما لا تستقر الجبهة عليهما ولا يصح على السرير المعلق لأنه لا يتصل بالأرض.

ص: 153

3-

أن لا يكون موضع جبهته مرتفعاً عن الأرض كثيراً، أما إن كان ارتفاعاً يسيراً فلا يضر لكنه خلاف الأولى كالسجود على مفتاح أو سبحة.

ص: 154

4-

يشترط التحامل على الجبهة، فلا يكفي مجرد الملاصقة، وليس معنى التحامل هو شد الجبهة على الأرض حتى تؤثر فيها.

تاسعاً- الرفع من السجود:

ويتحقق برفع الجبهة عن الأرض، ولو بقيت يداه عليها، وهو المعتمد، فإن تركه عمداً أو سهواً ولم يتمكن من تداركه بطلت صلاته، لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته:"ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً"(1) .

(1) البخاري: ج 1/ كتاب صفة الصلاة باب 13/724.

ص: 154

عاشراً- القعود للسلام:

القعود بقدر السلام فرض (وبقدر التشهد الأخير سنة وبقدر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مندوب وبقدر الدعاء المندوب مندوب أيضاً) ، فلا يصح السلام من قيام ولا اضطجاع، ولا يقاس على تكبيرة الإحرام للمسبوق، لأن اللمسبوق حريص على الدخول في العبادة فاغتفر له ترك القيام لها، وأما المسلّم خارج من العبادة فلا يغتفر له ترك الجلوس.

حادي عشر- السلام:

وهو فرض لمرة واحدة، فإن تركه واكتفى بنية الخروج من الصلاة، أو أتى بمنافٍ للصلاة قبله، بطلت صلاته، لخبر أبي داود المتقدم:(مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم) .

وصيغته: السلام عليكم، ولا يضر زيادة ورحمة اللَّه وبركاته، ولكن الأولى تركها

شروطه:

ص: 154

1-

تعريف السلام بأل، وتقديمه على عليكم بلا فاصل.

ص: 154

2-

أن يكون بصيغة الجمع، سواء كان المصلي إماماً أو مأموماً أو فذاً، إذ لا يخلو من جماعة من الملائكة مصاحبين له أقلهم الحفظة.

ص: 154

3-

أن يكون بالعربية للقادر عليها، فلا يجزئ الإتيان بمرادفه في غير العربية، أما من عجز عن العربية فيكتفي بنية الخروج.

ويندب قرن نية الخروج بالسلام.

ثاني عشر- الطمأنينة:

تجب الطمأنينة في جميع الأركان، لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته:"ثم اركع حتى تطمئن راكعاً" وقوله أيضاً: "ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً".

وحدُّها: استقرار الأعضاء زمناً ما زيادة على ما يحصل به الواجب من الاعتدال والانحناء.

ثالث عشر- الاعتدال:

الاعتدال هو رجوع المصلي كما كان، فيجب بعد الركوع والسجود، وحال السلام، وتكبيرة الإحرام، ولا يكفي الانحناء في ذلك، وإن تركه ولو سهواً بطلت الصلاة.

رابع عشر- ترتيب الأركان:

يجب ترتيب الأركان بحيث يؤدي المصلي القيام قبل الركوع والركوع قبل السجود.... وهكذا، فإن ترك الترتيب بطلت الصلاة.

حالات العجز عن أركان الصلاة:

أولاً- حالة العجز عن القيام فقط:

يسقط القيام عن المكلف إن كان عاجزاً عن القيام وحده دون شيء يعتمد عليه، أو إن كان يجد مشقة في القيام كالدُوار في الرأس مثلاً، أو إن توقع مع القيام حصول مرض يبيح التيمم، كأن كان من عادته إن قام أغمي عليه، أو إن خاف مع القيام خروج ريح إلى غير ذلك، لما روى عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فقال:"صلّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تسطع فعلى جنب"(1) .

وعندئذ يستبدل المكلف بالقيام ما ما يلي على الترتيب:

ص: 155

1-

يخيّر بين أن يقوم مستنداً إلى شيء أو إنسان بشرط أن لا يكون جنباً ولا حائضاً (إن استند

⦗ص: 156⦘

إليهما مع وجود غيرهما أعاد الصلاة في الوقت الضروري، وإن لم يوجد غيرهما فلا إعادة عليه للضرورة) أو أن يصلي جالساً، لكن يندب له اختيار القيام مستنداً، وإن صلى قاعداً ندب له القعود متربعاً في القعود الذي هو بدل من القيام ليتميز عن القعود الأصلي الذي هو بين السجدتين والقعود للتشهد حيث يندب فيه التورك.

ص: 155

2-

إن عجز عن الجلوس استقلالاً صلى جالساً مستنداً إلى شيء.

ص: 156

3-

إن عجز عن مستنداً صلى مضطجعاً على شقه الأيمن أو الأيسر، لكن يندب اختيار الأيمن.

ص: 156

4-

إن لم يستطع أن يصلي مضطجعاً صلى مستلقياً على ظهره ورجلاه للقبلة.

ص: 156

5-

إن لم يستطع أن يصلي مستلقياً فعلى بطنه ورأسه للقبلة.

فإن خلف المكلف هذا الترتيب المذكور بطلت صلاته. وإن زال عذره وهو في الصلاة أو خف انتقل من الحالة التي هو فيها إلى الأعلى وجوباً حسب الترتيب كمضطجع قدر على الجلوس فيجب عليه أن يتم صلاته جالساً وهكذا، لحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"(2) .

ثانياً- حالة العجز عن الركوع والسجود والجلوس مع القدرة على القيام:

إذا عجز المكلف عن الركوع والسجود مع القدرة على القيام يومئ للركوع وهو قائم على أن يكون إيماؤه للسجود أخفض منه للركوع ليتميز عنه. ومن حيث الإيماء باليدين إلى السجود مع الظهر والرأس هناك قولان: الأول: أن يتبع إيماء اليدين بإيماء الظهر والرأس، والثاني: لا يومئ بهما.

ثالثاً- حالة العجز عن الركوع والسجود مع القدرة على القيام والجلوس:

إذا عجز المكلف عن الركوع والسجود مع القدرة على القيام والجلوس يومئ للركوع من قيام ويومئ للسجود من قعود، فإن خالف ذلك بطلت صلاته. أما من حيث وضع اليدين على الأرض إن كان مستطيعاً ذلك في الإيماء للسجود فهناك قولان: الأول: يضع يديه، والثاني: لا يضعهما على الأرض بل على الركبتين.

ويجب في جميع حالات الإيماء للسجود، سواء كان من قيام أو من قعود، رفع العمامة عن الجبهة بحيث لو سجد المكلف لأمكن وضع جبهته على الأرض أو على ما اتصل بها.

ومن كان من حقه الإيماء للسجود لقروح في جبهته مثلاً، فسجد على أنفه فقط صحت

⦗ص: 157⦘

صلاته لأنه أتى بما في طاقته من الإيماء، وقيل: لا تصح صلاته لأنه لم يأت بإيماء ولا سجود لأن حقيقة السجود وضع الجبهة على الأرض.

رابعاً- حالة القدرة على كل الأركان مع العجز عن القيام من السجود:

إن عجز المكلف عن القيام لقراءة من السجود صلى ركعة كاملة بسجدتيها وتمم صلاته بعدها وهو جالس.

خامساً- حالة العجز عن القيام لقراءة الفاتحة فقط:

إن عجز المكلف عن القيام لقراءة الفاتحة فقط جلس وقرأها ثم قام وهوى للركوع.

سادساً- حالة العجز عن سائر الأركان:

إذا عجز المكلف عن سائر الأركان نوى الدخول في الصلاة واستحضرها في قلبه وأومأ بطرفه وسلّم إن استطاع، أي تجب عليه الصلاة بما قدر عليه ويسقط عنه غير مقدورِهِ، ولا يؤخرها عن وقتها بما قدر عليه ما دام المكلف سليم العقل.

⦗ص: 158⦘

(1) البخاري: ج 1/ كتاب تقصير الصلاة باب 19/1066.

(2)

البخاري: ج 6/ كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب 3/6858.

ص: 156

الفصل الثاني

سنن الصلاة

تقسم السنن إلى قسمين:

ص: 158

1-

سنن تختص بالفرائض فقط.

ص: 158

2-

سنن تشترك بها الفرائض والنوافل.

أولاً- السنن التي تختص بالفرائض فقط:

ص: 158

1-

قراءة ما تيسر من القرآن بعد الفاتحة للإمام والمنفرد وللمأموم في الصلاة السرية (أما في الجهرية فتكره له ولو لم يسمع الإمام أو سكت) ولو آية أو بعض آية ذات معنى (وإتمام السورة مندوب، أما قراءة سورتين أو سورة وبعض أخرى فمكروه) في الركعتين الأوليين في الصلاة المكتوبة، إن اتسع الوقت، إلا وجب تركها. وإن عجز عن القراءة بعد الفاتحة يركع ولا يقف بقدرها. عن أبي قتادة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر، في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأُخريين بأم الكتاب، ويسمعنا الآية، ويطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الركعة الثانية، وهكذا في العصر، وهكذا في الصبح)(1) .

ص: 158

2-

القيام للقراءة الزائدة على أم الكتاب.

ص: 158

3-

الجهر في الصبح والجمعة وأوليي المغرب والعشاء. ودليل الجهر في صلاة الصبح ما روى البخاري عن أم سلمة رضي الله عنها -تحت باب الجهر بقراءة صلاة الفجر- قالت: (طفت وراء الناس والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي ويقرأ بالطور)(2) .

وفي أوليي المغرب والعشاء ما روي عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: (سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالطور)(3) ، وعن البراء رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر، فقرأ في العشاء في إحدى الركعتين بالتين والزيتون)(4) .

ويتأكد الجهر لقراءة الفاتحة في الصلوات المذكورة. وأقل جهر الرجل إسماع من يليه إذا كان متوسط السمع، وأعلى جهره لا حد له والمهم الإبلاغ، أما المرأة فجهرها إسماع نفسها.

ص: 159

4-

الإسرار في الظهر والعصر وأخيرة المغرب وأخيرتي العشاء. لما روي عن أبي معمر قال: قلنا لخباب بن الأرت رضي الله عنه: (أكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم. قلنا: بم كنتم تعرفون ذاك؟ قال: باضطراب لحيته)(5) .

وسرُّ الرجل تحريك لسانه فقط وأعلى سره إسماع نفسه، أما المرأة فأدنى سرها حركة لسانها.

(1) البخاري: ج 1/ كتاب صفة الصلاة باب 25/743.

(2)

البخاري: ج 1/ كتاب صفة الصلاة باب 23.

(3)

البخاري: ج 1/ كتاب صفة الصلاة باب 17/731.

(4)

البخاري: ج 1/ كتاب صفة الصلاة باب 18/733.

(5)

البخاري: ج 1/ كتاب صفة الصلاة باب 9/713.

ص: 159

ثانياً- السنن التي تشترك بها الفرائض والنوافل:

ص: 159

1-

كل تكبيرات الصلاة ما عدا تكبيرة الإحرام فإنها فرض، لما روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:(كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة، يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول سمع اللَّه لمن حمد حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد، ثم يكبر حين يهوي، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها، ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس)(1) .

ص: 159

2-

قول عبارة "سمع اللَّه لمن حمده" لإمام وفذ حال رفعهما من الركوع، لا لمأموم بل تكره في حقه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قال الإمام: سمع اللَّه لمن حمده. فقولوا: اللَّهم ربنا لك الحمد فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه"(2) .

ص: 159

3-

التشهد الأول والأخير.

ص: 160

4-

الجلوس للتشهد (أما الجلوس للسلام فهو فرض وللدعاء مندوب) .

ص: 160

5-

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد الأخير بأي لفظ كان، وقيل بل وهي مندوبة كالدعاء بعدها. أما الجلوس لها فقيل: مندوب وقيل: سنة.

ودليلها ما روي عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: (أتانا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة. فقال له بشير بن سعد: أمرنا اللَّه تعالى أن نصلي عليك يا رسول اللَّه فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قولوا: اللَّهم صلّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد. والسلام كما قد علمتم)(3) .

ص: 160

6-

السجود على صدور القدمين وعلى الركبتين وعلى الكفين، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، على الجبهة

-وأشار بيده على أنفه- واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين، ولا نكفِت الثياب والشعر" (4) .

ص: 160

7-

رد المقتدي السلام على إمامه، ويسلم باتجاه القبلة، ويسن أن يسلم على من باليسار إن كان على يساره أحد شاركه في ركعة فأكثر. ويجزئه في السلام أن يقول:"سلام عليكم"، والأوْلى عدم زيادة "ورحمة اللَّه وبركاته"، إلا إذا قصد الخروج من خلاف الحنابلة فيزيد "ورحمة اللَّه"، مشيراً له بقلبه لا برأسه.

ص: 160

8-

جهر الرجل بتسليمة التحليل فقط دون تسليمة الرد، لأن الأولى تستدعي الرد أما الثانية فلا تستدعي الرد. وسلام الفذ لا يستدعي رداً لذا فلا جهر فيه.

ص: 160

9-

إنصات المأموم في الصلاة الجهرية، ولو سكت الإمام بين تكبيرة الإحرام والفاتحة أو بين الفاتحة والسورة، سمعه أو لم يسمعه لبعد أو صمم، فتكره قراءته إلا إن قصد الخروج من خلاف الشافعي فلا كراهة.

ص: 160

10-

الزيادة على الطمأنينة الواجبة بقدر الواجبة، ويطلب تطويل الركوع والسجود عن الرفع منهما.

⦗ص: 161⦘

(1) البخاري: ج 1/ كتاب صفة الصلاة باب 35/756.

(2)

مسلم: ج 1/ كتاب الصلاة باب 18/71.

(3)

مسلم: ج 1/ كتاب الصلاة باب 17/65.

(4)

البخاري: ج 1/ كتاب صفة الصلاة باب 50/779.

ص: 160

الفصل الثالث

مندوبات الصلاة

المندوبات في الصلاة هي:

ص: 161

1-

ما يندب في النية: ذكر نية الأداء أو القضاء وعدد الركعات، والخشوع: وهو استحضار عظمة اللَّه تعالى واستحضار امتثال أمره بتلك الصلاة، قال تعالى:{قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون} (1) .

ص: 161

2-

ما يندب في تكبيرة الإحرام: رفع اليدين حذو المنكبين بحيث تكون ظهورهما إلى السماء، وبطونهما إلى الأرض، حين شروعه في التكبير لا قبله، ويندب كشفهما.

أما في الهوي للركوع والرفع منه والقيام من الثانية فلا يندب رفع اليدين بل يكره.

ص: 161

3-

ويندب في القيام إرسال اليدين إلى الجنبين بوقار، ومن غير تكلف ومبالغة في إبراز الصدر لمنافاته للخشوع، ويجوز قبضهما على الصدر في النفل بل يندب، أما في الفرض فيكره إذا كان بقصد الاعتماد عليهما، أما إذا كان بقصد اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في فعله فيندب. والقول المعتمد جواز القبض في الفرض وفي النفل وهو مذهب الجمهور؛ ولم يحك عن مالك غيره.

كما يندب تفريج القدمين بأن يكون المصلي بحالة متوسطة في القيام بحيث لا يضمهما ولا يفرجهما كثيراً.

ص: 161

4-

يندب قراءة ما تيسر من القرآن بعد الفاتحة في كل ركعة في صلاة النفل.

ص: 161

5-

يندب أن تكون القراءة التي بعد الفاتحة في الصلاة المفروضة سورة كاملة، ويكره تكرار السورة في ركعتين من فرض، بل يندب أن تكون سورة أخرى بعدها لا قبلها، وتكره قراءة سورتين في ركعة واحدة، في الفرض لا في النفل، ويندب تطويل القراءة في صلاة الصبح من طوال المُفَصَّل (هي من الحجرات إلى آخر النازعات) ، وتليها صلاة الظهر في التطويل، فيقرأ فيها من طوال المُفَصَّل ووسطه (من عبس إلى الليل) . ويكون التطويل لفذ، وإمام جماعة محصورين، رضوا بالتطويل، وإلا فالتقصير في حق الإمام أفضل لأنه قد يكون في الناس الضعيف وذو الحاجة فيضرهم التطويل. ويندب تقصير القراءة في صلاة العصر والمغرب فيقرأ فيهما من قصار المفصل، وأو لها سورة الضحى، ويندب التوسيط في صلاة العشاء، فيقرأ فيها من الوسط.

ويندب تقصير الركعة الثانية عن الركعة الأولى في الزمن، فإن سوَّى بين الركعتين فهو خلاف الأوْلى، وإن طوَّل الثانية على الأولى فإنه مكروه. وذلك لحديث سليمان بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:(ما صليت وراء أحد أشبه صلاة برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من فلان. قال سليمان: كان يطيل الركعتين الأوليين من الظهر، ويخفف العصر، ويقرأ في المغرب بقصار المفصل، ويقرأ في العشاء بوسط المفصل، ويقرأ في الصبح بطول المفصل)(2) .

ويندب إسماع المصلي نفسه في الصلاة السرية لأنه أكمل، وللخروج من الخلاف.

وتندب للمأموم القراءة خلف الإمام في الصلاة السرية، لأن ترك قراءته في السرية ذريعة إلى التفكر والوسوسة.

كما يندب للمنفرد والمأموم، التأمين مطلقاً فيما يُسر فيه وفيما يُجهر فيه، أما الإمام فيؤمن سراً في الصلاة السرية، وأما في الصلاة الجهرية فيؤمن المأمون دون الإمام جهراً عقب فراغ إمامه من الفاتحة، وسراً في الصلاة السرية عقب فاتحته هو، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ (قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُعلمنا، يقول: لا تُبادروا الإمام. إذا كبر فكبروا، وإذا قال: ولا الضالين، فقولوا آمين

) (3) .

ص: 162

6-

يندب في الركوع:

ص: 162

1-

تسوية الظهر والعنق فلا ينكس رأسه ولا يرفعه، لحديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع

⦗ص: 163⦘

والسجود" (4)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت في صفة النبي صلى الله عليه وسلم:(.. وكان إذا ركع لم يُشخِص رأسه (5) ولم يصوِّبه (6) ، ولكن بين ذلك) (7) .

ص: 162

2-

وضع اليدين على الركبتين، لما روي عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال لنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إن الركب سنة لكم، فخذوا بالركب)(8) .

ص: 163

3-

تمكين اليدين من الركبتين مفرقة الأصابع، لحديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده على ركبتيه كأنه قابض عليهما ووتر يديه فنحاهما عن جنبيه)(9) .

ص: 163

4-

نصب الركبتين.

ص: 163

5-

مجافاة المرفقين عن الجنبين للرجل، للحديث المتقدم، أما المرأة فلا تجافي بين مرفقيها بل تضمهما إلى جنبيها لأن ذلك أستر لها.

ص: 163

6-

التسبيح، بأن يقول نحو "سبحان ربي العظيم وبحمده"، أو "سبحان ربي العظيم"، دون تحديد عدد معين، ولا يدعو المصلي في الركوع ولا يقرأ، عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا ركع أحدكم فقال في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاث مرات فقد تم ركوعه.."(10) .

ص: 163

7-

يندب أن يقول المصلي حال القيام بعد الرفع من الركوع: "اللَّهم ربنا ولك الحمد" أو "ربنا ولك الحمد"، وذلك بعد أن يقول هو بنفسه:"سمع اللَّه لمن حمد" إن كان منفرداً، أو بعد أن يقولها إمامه إن كان مقتدياً، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قال الإمام: سمع اللَّه لمن حمد. فقولوا: اللَّهم ربنا لك الحمد فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه"(11) .

⦗ص: 164⦘

أما الإمام فلا يقولها، وكذلك المقتدي لا يقول:"سمع اللَّه لمن حمده"، والفذ يجمع بينهما فيقول حال الرفع:"سمع اللَّه لمن حمده" وحال القيام: "ربنا ولك الحمد".

ص: 163

8-

يندب القنوت في صلاة الصبح فقط، ويندب أيضاً أن يكون قبل ركوع الركعة الثانية، فإن نسيه وركع أتى به بعد الرفع من الركوع ويكون فاته ندب السبق على الركوع، أما إذا ترك الركوع ورجع إلى القيام للإتيان به بطلت صلاته.

تعريف القنوت:

القنوت لغة: الدعاء، الطاعة، العبادة كما في قوله تعالى:{إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً} (12)، السكوت كما في قوله تعالى:{وقوموا للَّه قانتين للَّه} (13) أي ساكتين، القيام لحديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصلاة طول القنوت"(14) أي طول القيام:

وفقهاً: الدعاء والتضرع بأي لفظ نحو: "اللَّهم اغفر لنا وارحمنا"، ويندب أن يكون بهذا اللفظ:"اللَّهم إنَّا نستعينك، ونستغفرك (15) ، ونؤمن بك (16) ، ونتوكل عليك، ونخنع لك (17) ، ونخلع (18) ونترك من يكفرك، اللَّهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونَحْفد (19) ، نرجو رحمتك، ونخاف عذابك (20) ، إن عذابك الجدُّ (21) بالكافرين ملحق".

ولا يندب أن يضاف إليه دعاء: اللَّهم اهدنا فيمن هديت

".

ص: 164

9-

يندب التكبير في الهوي للركوع، وفي الهوي للسجود والرفع منه، وللسجدة الثانية والرفع منها. أما بعد التشهد الأول فلا يكبر حتى يستقل دائماً.

ص: 164

10-

يندب في السجود:

ص: 165

1-

تمكين الجبهة والأنف من الأرض أو ما اتصل بها، لحديث أبي حميد الساعدي في صفة صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته"(22) . وقيل يجب السجود على الأنف، ويعيد الصلاة في الوقت الضروري لتركه، سواء كان الترك عمداً أم مراعة للقول بالوجوب.

ص: 165

2-

تقديم اليدين على الركبتين عند النزول إلى السجود، وتأخير اليدين على الركبتين عند القيام للقراءة، لما روى وائل بن حجر قال:(رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا سجد يضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه)(23) .

ص: 165

3-

وضع اليدين حذو الأذنين أو قربهما، بحيث تكون أطراف أصابعه حذو الأذنين، مع ضم الأصابع وتوجيه رؤوسهما للقبلة، لما رواه البيهقي عن البراء قال:(كان صلى الله عليه وسلم إذا سجد فوضع يديه بالأرض استقبل بكفيه وأصابعه القبلة)(24) .

ص: 165

4-

يندب للرجل أن يبعد بطنه عن فخذيه، ومرفقيه عن ركبتيه، وضَبْعَيه (25) عن جنبيه إبعاداً وسطاً، أما المرأة فتكون منضمَّة في جميع أحوالها، لحديث عبد اللَّه بن مالك بن بُحينة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى فرج بين يديه، حتى يبدو بياض إبطيه)(26)، ولحديث أبي حميد في صفة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم:(وإذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه)(27) .

ص: 165

5-

رفع العجز عن الرأس، بأن يكون محل السجود على سوية محل القدمين حال القيام أو أخفض (كما عند الشافعي) .

ص: 165

6-

السجود على الركبتين والكفين وأطراف القدمين.

ص: 165

7-

ويندب الدعاء في السجود، ولو كان دنيوياً، أو الدعاء لغيره خصوصاً أو عموماً،

⦗ص: 166⦘

بلا حد بل بحسب ما يُيسر اللَّه تعالى، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء"(28) .

ص: 165

8-

يندب التسبيح في السجود، دون تحديد عدد معين، ويقول في سجوده نحو:"سبحان ربي الأعلى وبحمده"، ويقدّم التسبيح على الدعاء.

ص: 166

11-

يندب التورك للرجل والمرأة في الجلوس كله، سواء كان بين السجدتين أو في التشهد الأخير أو غيره، وهو أن يجلس على رجله وإليته اليسرى ماداً اليسرى من جهة اليمنى وأن ينصب قدمه اليمنى.

ويندب تقصير الجلوس الأول عن جلوس السلام، بأن لا يزيد المصلي على صيغة التشهد التالية شيئاً:"التحيات للَّه، الزاكيات للَّه، الطيبات الصلوات للَّه؛ السلام عليك أيها النبي ورحمة اللَّه وبركاته، السلام علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين، أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله".

ويندب وضع الكفين على رأس الفخذين بحيث تكون رؤوس أصابعهما على الركبتين.

ويندب تفريج الفخذين في الجلوس للرجل دون المرأة.

ص: 166

12-

يندب عقد ما عدا السبابة والإبهام من اليد اليمنى في حال تشهده مطلقاً (الأول والأخير) بحيث يضم ويقبض أصابع كفه اليمنى الثلاث إلى لحمة الإبهام مادّاً السبابة والإبهام.

ويندب تحريك السبابة دائماً يميناً وشمالاً تحريكاً وسطاً مع وضع حافة الكف على الفخذ.

ص: 166

13-

يندب الدعاء عقب الصلوات الإبراهيمية وقبل السلام بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، ويندب الإسرار فيه كما في التشهد، كما يندب تعميم الدعاء للمسلمين لأن ذلك أقرب للإجابة، ومنه:"اللَّهم أغفر لنا، ولوالدينا (29) ، ولأمتنا (30) ، ولمن سبقنا بالإيمان، مغفرة عزماً (31) ، اللَّهم اغفر لنا ما قدَّمنا، وما أخَّرنا، وما أسررنا، وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار".

وأحسن الدعاء ما ورد في الكتاب والسنة ثم ما فُتح به على العبد، ومن الأدعية الواردة ما روى أنس رضي الله عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي

⦗ص: 167⦘

على دينك" (32)، وما روته عائشة رضي الله عنها أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة:

"اللَّهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات، اللَّهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم"(33) .

ص: 166

14-

يندب التيامن في تسليمة التحليل للفذ والإمام والمأموم، فبالنسبة للإمام والفذ فلا يسلمان إلا تسليمة واحدة، وهي تسليمة التحليل، ويندب لهما أن يبدآها لجهة القبلة، ثم يختما النطق بها لجهة اليمين بحيث يرى مَنْ خلفهما صفحة وجههما، ويندب أن ينوي الإمام بها الخروج من الصلاة والسلام على الملائكة والمقتدين به في الصلاة.

وأما بالنسبة للمأموم فيندب له أن يتيامن بتسليمة التحليل أيضاً، لكن يسن له السلام على إمامه، فيبدأها لجهة القبلة ناوياً بها الإضافة إلى التحلل رد السلام على الإمام إذا كان أدرك معه ركعة كاملة فأكثر مشيراً له بقلبه لا برأسه (كما تقدم في سنن الصلاة) ، ويختم النطق بها لجهة اليمين، كما يسن له تسليمة ثانية جهة اليسار للرد على من اشترك معه في الصلاة من المأمومين (كما مر معنا في السنن) .

ص: 167

15-

يندب الرداء لكل مصلٍّ، ولو في الصلاة النافلة، وهو ما يلقيه المصلي على عاتقيه فوق ثوبه، ويتأكد لإمام المسجد.

ص: 167

16-

تندب قراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص عقب كل صلاة من الصلوات الخمس، كما يندب ذكر اللَّه عز وجل، بأن يسبح اللَّه ثلاثاً وثلاثين، ويحمد اللَّه ثلاثاً وثلاثين، ويكبر اللَّه ثلاثاً وثلاثين، ويختم المائة بقوله:"لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير". لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من سبح اللَّه في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين. وحمد اللَّه ثلاثاً وثلاثين. وكّبر اللَّه ثلاثاً وثلاثين. فتلك تسعة وتسعون. وقال، تمام المائة: لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير غُفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر"(34) .

ويندب الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء بما يتيسر عقب صلاة الفريضة أيضاً، وذلك لما روى ثوبان رضي الله عنه قال:(كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته، استغفر ثلاثاً. وقال: اللَّهم أنت السلام ومنك السلام. تباركت ذا الجلال والإكرام)(35)

ص: 167

17-

يندب التمادي بالذكر إثر صلاة الصبح إلى طلوع الشمس وصلاة ركعتين، لما روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر اللَّه حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: تامة، تامة، تامة"(36) فلا ينبغي لعاقل أن يفوت هذا الفضل العظيم.

ص: 168

18-

يندب الفصل بين الفريضة والنوافل البعدية بذكر مأثور.

ص: 168

19-

يندب للإمام والفذ أن يصليا إلى سترة ليمنعا مرور أحد بين يديهما (أما المأموم فسترته الإمام)، لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها"(37) فإذا صلى المرء لغير سترة في محل يظن به المرور ومر أحد بين يديه أثم المصلي (وسبب إثمه رغم أن المرور ليس بفعله وأنه لم يترك واجباً وإنما ترك مندوباً، وهو وجوب سد طريق الإثم)، أما الصلاة فلا تنقطع بهذا المرور لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يقطع الصلاة شيء وادرؤا ما استطعمتم، فإنما هو شيطان"(38) فهذا الحديث نسخ ما قبله وهو ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يقطع الصلاةَ المرأةُ والحمار والكلب ويقي ذلك مثل مؤخِرة الرحل" (39) .

والسترة هي كلُّ طاهرٍ (يكره النجس) ثابتٍ (خرج بذلك السوط، الحبل، المنديل، الدابة غير المربوطة، الخط في الأرض، والحفرة) غير مُشْغلٍ للمصلي ومنصوب كحائط أو اسطوانة. وأقل السترة أن تكون في غلظ رُمح وطول ذراع، وأن يكون بين المصلي وبينها قدر مرور الهرة، زائداً على موضع ركوعه وسجوده، وأن تكون منصوبة، فلو تعذر غرزها في الأرض لصلابتها فإنه لا يكفي وضعها بين يديه عرضاً أو طولاً.

ويصح الاستتار بظهر الآدمي لا بوجهه. (بشرط أن لا يكون كافراً ولا امرأة أجنبية) .

حكم المرور بين يدي المصلي:

ص: 168

1-

يحرم المرور بين يدي المصلي بلا عذر، ولو لم يتخذ المصلي سترة، ويندب للمصلي أن يدفع المارّ بين يديه بشرط أن لا يعمل في ذلك عملاً كثيراً يفسد الصلاة، لما روى

⦗ص: 169⦘

أبو جهيم الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه، لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه"(40) .

ص: 168

2-

لا يحرم المرور بين يدي المصلي إذا اضطر (بحيث لم يكن له طريق غير المرور بين يدي المصلي) سواء اتخذ المصلي سترة أم لم يتخذ.

ص: 169

3-

لا يحرم المرور إذا كان المار مصلياً، ومر لسد فرجة في الصف أو لغسل رعاف.

ص: 169

4-

أما في المسجد الحرام فهناك حالات:

ص: 169

1-

يحرم المرور إن كان المار له طريق آخر والمصلي يصلي لسترة.

ص: 169

2-

يجوز المرور إن كان المار له طريق آخر والمصلي لا يصلي إلى سترة.

ص: 169

3-

يجوز لطائف المرور بين يدي المصلي، سواء كان المصلي يتخذ سترة أم لا.

ص: 169

4-

يكره للطائف المرور إذا كان له طريق آخر وكان المصلي يصلي لسترة.

⦗ص: 170⦘

(1) المؤمنون: 1-2.

(2)

النسائي: ج 2/ ص 167.

(3)

مسلم: ج 1/ كتاب الصلاة باب 20/87.

(4)

أبو داود: ج 1/ كتاب الصلاة باب 148/855.

(5)

لم يشخص رأسه: لم يرفعه.

(6)

ولم يصوبه: لم يبالغ في خفضه وتنكيسه.

(7)

مسلم: ج 1/ كتاب الصلاة باب 46/240.

(8)

الترمذي: ج 2/ كتاب الصلاة باب 192/258.

(9)

سنن الدارمي: ج 1/ ص 299.

(10)

الترمذي: ج 2/ الصلاة باب 194/261.

(11)

مسلم: ج 1/ كتاب الصلاة باب 18/71.

(12)

النحل: 120.

(13)

البقرة: 238.

(14)

مسلم: ج 1/ كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 22/164.

(15)

نستعين بك على مصالح دنيانا وأخرانا، ونطلب منك ستر ذنوبنا.

(16)

نصدق بوجوب وجودك.

(17)

نخضع ونذل لك.

(18)

نترك كل شاغل عنك، قال تعالى:{ففروا إلى اللَّه} / الذاريات: 50.

(19)

نخدم.

(20)

لأنه لا يأمن مكر اللَّه إلا القوم الخاسرون.

(21)

الحق.

(22)

أبو داود: ج 1/ كتاب الصلاة باب 117/734.

(23)

الترمذي: ج 1/ الصلاة باب 199/268.

(24)

البيهقي: ج 2/ص 113.

(25)

أي العضدين.

(26)

البخاري: ج 1/ كتاب صفة الصلاة باب 46/744.

(27)

أبو داود: ج 1/ كتاب الصلاة باب 117/735.

(28)

مسلم: ج 1/ كتاب الصلاة باب 42/215.

(29)

أي كل من له علينا ولادة الوالدين ولأجداد.

(30)

من العلماء والخلفاء.

(31)

جزماً.

(32)

الترمذي: ج 4/كتاب القدر باب 7/2140.

(33)

البخاري: ج 1/ كتاب صفة الصلاة باب 65/798.

(34)

مسلم: ج 1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 26/146.

(35)

مسلم: ج 1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 26/135.

(36)

الترمذي: ج 2/ الصلاة باب 412/586.

(37)

أبو داود: ج 1/ كتاب الصلاة باب 108/698.

(38)

أبو داود: ج 1/ كتاب الصلاة باب 115/719.

(39)

مسلم: ج 1/ كتاب الصلاة باب 50/266.

(40)

مسلم: ج 1/ كتاب الصلاة باب 48/261.

ص: 169

الفصل الرابع

مكروهات الصلاة

ص: 170

1-

يكره في الصلاة التعوذ قبل الفاتحة والسورة في فرض أصلي، سراً كان أو جهراً، وأما في النافلة والمنذورة فيجوز سراً، وتركه أوْلى.

ص: 170

2-

تكره البسملة في الصلاة المفروضة، سواء كانت سرية أو جهرية، ما لم يراع المصلي الخروج من الخلاف، فيكون الإتيان بها أو الفاتحة سراً مندوباً، ويكره الجهر بها. أما في النافلة فيجوز الإتيان بالبسملة عند قراءة الفاتحة.

ص: 170

3-

يكره دعاء التوجه قبل قراءة الفاتحة على القول المشهور، لأن الصحابة رضوان اللَّه عليهم عملوا على تركه، ونقل عن الإمام مالك أنه قال بندبه خلافاً لمن يأمر به بعد تكبيرة الإحرام. وكذلك يكره الدعاء أثناء قراءة الفاتحة والسورة (إجابة القراءة كسؤال الرحمة والاستعاذة) وذلك في الصلاة المفروضة، أما في النافلة فيجوز.

ص: 170

4-

يكره الدعاء في الركوع لأنه شُرِعَ للتسبيح، أما قبل الركوع وبعد الرفع منه فيجوز، وكذا بين السجدتين مطلوب أن يقول بينهما:"اللَّهم اغفر لي وارحمني واسترني واجبرني وارزقني وعافني واعف عني"، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين:"اللَّهم اغفر لي، وارحمني واجبرني واهدني وارزقني"(1) .

ص: 170

5-

يكره الدعاء بعد التشهد الأول، وبعد سلام الإمام.

ص: 170

6-

يكره الجهر بالدعاء المطلوب في السجود وغيره، والجهر بالتشهد مطلقاً.

ص: 170

7-

يكره السجود على شيء من جلوس المصلي مثل كمه أو ردائه أو كور عمامته (الكائن على جبهته) ، فإن سجد على كور عمامته الخفيف فلا إعادة عليه، وإذا كان كور العمامة ثخيناً وليس على الجبهة منه شيء لكن منع وصول الجبهة إلى الأرض في السجود، لم يصح سجوده.

⦗ص: 171⦘

وكذلك يكره السجود على ثوب غير جلوس له، أو على بساط أو منديل، أو على حصير ناعم لا خشن، لأن كل ذلك ينافي الخشوع.

ص: 170

8-

يكره لمصلٍ عاجز مومئ للسجود في الصلاة المفروضة أن يرفع شيئاً عن الأرض ليسجد عليه.

ص: 171

9-

تكره القراءة في الركوع، أو في السجود إلا أن قصد بها الدعاء في السجود، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم:"ألا وإني نُهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً. فأما الركوع فعظِّموا فيه الرب عز وجل. وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فَقَمِنٌ أن يستجاب لكم"(2) .

ص: 171

10-

يكره للمصلي أن يخصص دعاء معيناً فلا يدعو إلا به، لإنكار الإمام مالك التحديد في الدعاء، وفي عدد التسبيحات، وفي تعيين لفظها، لاختلاف الآثار الواردة في ذلك.

ص: 171

11-

يكره الدعاء بالعجمية للقادر على العربية.

ص: 171

12-

يكره الالتفات في الصلاة يميناً أو شمالاً لغير حاجة ولو بجميع بدنه بشرط أن تبقى قدماه ثابتتان إلى جهة القبلة (أي الالتفات بالصدر وبجميع البدن لا يبطل الصلاة بشرط أن تبقى القدمان ثابتتان إلا أنه مكروه)، لما روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا بني إياك والالتفات في الصلاة، فإن الالتفات في الصلاة هَلكة. فإن كان لا بد ففي التطوع لا في الفريضة"(3) .

ص: 171

13-

يكره تشبيك الأصابع في الصلاة، لما روى كعب بن عجرة (أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً قد شبك أصابعه في الصلاة ففرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين أصابعه)(4) . ويكره فرقعتها لمنافاة ذلك الخشوع والأدب، لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"لا تُفَقِّعْ أصابعك وأنت في الصلاة"(5) ، أما خارج الصلاة فلا كراهة ولو في المسجد، إلا أنه خلاف الأوْلى.

ص: 171

14-

يكره الإقعاء في الصلاة، بأن يجلس المصلي بعد السجود بحيث تكون بطون أصابع قدميه إلى الأرض ناصباً قدميه وإليتاه على عقبيه، وذلك لقبح الهيئة. وأما جلوسه على إليتيه ناصباً فخذيه واضعاً يديه على الأرض كإقعاء الكلب فممنوع.

ص: 171

15-

يكره التخصر في الصلاة، بأن يضع المصلي يده على خاصرته حال قيامه، لأنه فعل المتكبرين ومن لا مروءة له، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:"نُهي عن الخصر في الصلاة"(6) .

ص: 171

16-

يكره تغميض العينين، إلا لخوف وقوع بصره على ما يشغله عن صلاته.

ص: 171

17-

يكره رفع المصلي رجله عن الأرض والاعتماد على الأخرى إلا لضرورة كطول قيام.

ص: 171

18-

يكره التفكير بدنيوي لم يشغله عن صلاته، أما إذا شغله عنها بحيث لم يدر ما صلى أعاد

مطلقاً، فإن شغله زائداً على المعتاد ودرى ما صلى أعاد في الوقت، وإن شك بنى على اليقين وأتى بما شك فيه.

ص: 171

19-

يكره للمصلي وضع شيء في كمه، أو فمه إذا لم يمنعه مخارج الحروف (أما إذا كان يمنع بطلت الصلاة) .

ص: 171

20-

يكره العبث القليل بيده في ثوبه أو لحيته أو غيرهما بلا حاجة، أما إذا كانت الحاجة كإزالة العرق عن وجهه أو التراب فلا يكره.

ص: 171

21-

يكره للمصلي حك جسده لغير ضرورة إن قل، أما إن كثر فيبطل الصلاة.

ص: 171

22-

يكره التبسم إن كان قليلاً، وإلا أبطل الصلاة ولو كان اضطراراً.

ص: 171

23-

يكره للمصلي عقص شعره (شده لمؤخرة رأس) إذا كان لأجل الصلاة، لحديث أبي رافع رضي الله عنه قال:"نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل وهو عاقص شعره"(7) .

ص: 171

24-

يكره للمصلي ترك سنة خفيفة عمداً، أما ترك السنة المؤكدة عمداً فيحرم.

ص: 171

25-

يكره حمد العاطس أو إشارة يشير بها، وتكره الإشارة في الصلاة بالرأس أو اليد للرد على مشمِّت شمّته وهو يصلي، أما الرد بالكلام فيبطل الصلاة.

وأما الإشارة باليد أو الرأس لرد السلام فواجبة في الصلاة.

ص: 171

26-

يُكره قراءة سورة أو آية في أخيرتي الفرض.

ص: 171

27-

يكره أن تكون القراءة في الصلاة عكس ترتيب المصحف وتواليه، بأن يقرأ في الركعة الأولى سورة أو آية ثم يقرأ في الركعة الثانية ما قبلها.

ص: 171

28-

يكره التصفيق في الصلاة ولو من امرأة لحاجة تتعلق بالصلاة كسهو الإمام، وقيل: إن

⦗ص: 173⦘

المطلوب شرعاً لمن نابه شيء في صلاته أن يقول: "سبحان اللَّه"، لحديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه:"إذا نابكم أمر فليسبح الرجال وليصفح النساء"(8) فالتصفيح أو التصفيق أخرجه مخرج الذم فليس على ظاهره (9) عند المالكية.

ص: 171

29-

تكره الصلاة خلف صف فيه فرجة.

ص: 173

30-

تكره الصلاة إلى تنور، أو موقد نار فيه جمر، لما فيه التشبه بالمجوس.

ص: 173

31-

يكره تزيين القبلة والمحراب في المسجد بذهب أو غيره، أو بكتابة ولو كانت قرآناً، وكذا يكره تزين سقف المسجد وجدرانه.

ص: 173

32-

يُكره بناء مسجد غير مربع، بأن يكون على شكل دائرة أو مثلث، لعدم استقامة الصفوف فيه، وكذا يكره بناء مسجد مربع قبلته إحدى زواياه للعلة المذكورة، أما الصلاة في مثل هذا المسجد ففي كراهتها وعدم كراهتها قولان من غير ترجيح.

ص: 173

33-

تكره الصلاة في مسجد بني بمال حرام، ولا تحرم لأن المال يتعلق بالذمم.

⦗ص: 174⦘

(1) الترمذي: ج 2 الصلاة باب 211/284.

(2)

مسلم: ج 1/ كتاب الصلاة باب 41/207، وقمن: أي حقيق.

(3)

الترمذي: ج 2/ الصلاة باب 413/589.

(4)

ابن ماجة: ج 1/ كتاب إقامة الصلاة باب 42/967.

(5)

ابن ماجة: ج 1/ كتاب إقامة الصلاة باب 42/965.

(6)

البخاري: ج 1/ العمل في الصلاة باب 17/1161.

(7)

ابن ماجة: ج 1/ كتاب إقامة الصلاة باب 67/1042.

(8)

البخاري: ج 6/ كتاب الأحكام باب 36/6767.

(9)

أما السادة الشافعية فحملوا الحديث على ظاهره.

ص: 173

الفصل الخامس

مبطلات الصلاة

ص: 174

1-

رفض نية الصلاة ولو بدون تلفظ وإنما القصد كاف.

ص: 174

2-

ترك ركن ولو كان قصيراً، أو شرط من ركن من أركان الصلاة، أو ترك شرط من شروط صحة الصلاة، عمداً، أما إن كان الترك سهواً فلا تبطل الصلاة إن تذكر قبل أن يطل الفصل، فإنه يلغي ركعة النقص ويبني على غيرها وتصح صلاته، أما إن طال الفصل أو خرج من المسجد فتبطل الصلاة.

ص: 174

3-

زيادة ركن فعلي عمداً ولو كان جهلاً، أما زيادة ركن قولي (تكبيرة الإحرام، الفاتحة، السلام) فلا يبطل الصلاة ولكن يحرم تعمد ذلك، أما إن كان سهواً فلا حرمة ويسجد للسهو.

ص: 174

4-

زيادة تشهد بعد الركعة الأولى أو الثالثة عمداً.

ص: 174

5-

الأكل والشرب عمداً، وإن قلَّ بل ولو كان مكرهاً، أو كان واجباً عليه لإنقاذ نفسه وفي هذه الحالة وجب عليه قطع الصلاة ولو خاف خروج الوقت.

أما إذا انفرد الأكل أو الشرب القليلان فلا يبطل الصلاة، ويجبر بوجود السهو.

والأكل القليل ما كان بمقدار حبة بين أسنانه فإن ابتلعها ولو بمضغ فلا تبطل صلاته.

ص: 174

6-

الكلام لغير إصلاح الصلاة عمداً مبطل بمجرد لفظ كلمة واحدة مفهمة نحو نعم أو لا لمن سأله عن شيء، لحديث معاوية بن الحكم السُّلمي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه:(إن هذه الصلاة لا يصح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن)(1) ، أما إذا قصد التفهيم بذكرٍ كتسبيح ليفهم غيره أنه في صلاة أو بآية يقرأها في محل التلاوة ويقصد بها تفهيم الآخرين فجائز، أما إن قرأها في غير محل التلاوة؛ كأن يقطع

⦗ص: 175⦘

الفاتحة ليقول: {يا يحيى خذ الكتاب} فهذا يبطل، لكن إن سبح للحاجة ولو قطع التلاوة فلا تبطل الصلاة.

أما الكلام سهواً فإن كان يسيراً عرفاً فلا يبطل، وإن كان كثيراً عرفاً فيبطل (2) ، أما إذا أتى بصورة الكلام كتحريك فكيه وشفتيه فلا يبطل الصلاة.

وأما إن كان الكلام لإِصلاح الصلاة فقليله لا يبطل، إذا لم يفهم الإِمام الغرض من تسبيح المأموم له، كأن سلم إمامه في الرباعية من ركعتين أو صلاها أربعاً وقام إلى الخامسة فسَبح له المأموم ولم يفهم الغرض من التسبيح، فإن للمأموم أن يقول له: أنت سلمت من اثنتين أو قمت إلى الخامسة، سواء كان هذا الكلام قبل السلام أو بعده.

أما الكثير من الكلام فيبطل الصلاة ولو كان لإِصلاحها. والكثير هو ما زاد على الحاجة، وتقدر الحاجة بالقدر الذي نقل عنه صلى الله عليه وسلم في قصة ذي اليدين (3) في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال:(صلى لنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلاة العصر، فسلم في ركعتين فقام ذو اليدين فقال: أقصِرَت الصلاة يا رسول! أم نسيت؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: كل ذلك لم يكن. فقال: قد كان بعض ذلك يا رسول اللَّه! فأقبل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على الناس فقال: أصدق ذو اليدين؟ فقالوا: نعم، يا رسول اللَّه! فأتم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة، ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم)(4) .

ص: 174

7-

التصويت عمداً خالٍ عن الحروف كصوت الغراب لكونه من معنى الكلام، والنفخ بالفم عمداً (النفخ بالأنف لا يبطل إلا إن كثر وتلاعب) .

أما التنحنح فلا يبطل الصلاة، وإن اشتمل على حروف مبطلة، سواء كان لحاجة أو لغير حاجة على المختار، ما لم يكن كثيراً أو متلاعباً فإنه يبطل.

ولا تبطل الصلاة بالأنين والتأوه والبكاء إن كان لوجع، ما لم يكثر. أما بكاء التخشع فلا يبطل قليله ولا كثيره. وأما البكاء لغير وجع وتخشع فحكمه حكم الكلام يبطل عمده وإن قل وسهوه إن كثر. أما البُكى (بلا صوت) فلا يبطل الصلاة إلا إذا كثر.

ولا تبطل الصلاة بإنصات المصلي إلى مخبر، أما إذا أجابه فبمجرد القول تبطل.

ص: 175

8-

التقيؤ عمداً، ولو كان قليلاً، وكذا القلس (القيء الخفيف) ، أما البلغم فلا يفسد صلاة ولا صوماً إلا إذا كثر فيجري على الأفعال الكثيرة.

ص: 176

9-

السلام حال الشك في إتمام الصلاة، سواء تبين بعده الكمال أو عدمه أو لم يتبين شيئاً، أما لو سلم وهو متيقن أو ظان الكمال فصلاته صحيحة إن تبين الكمال أو لم يتبين شيئاً، أما إن تبين عدم الكمال ولم يطل الفصل تداركه وإن طال الفصل بطلت.

ص: 176

10-

طروء ناقض الوضوء من حدث، أو سبب، أو شك، لكنه استمر في الصلاة في حالة الشك، فإن بان الطهر لم يعد الصلاة. ولا يسري البطلان للمأموم بحصول ذلك للإمام.

ص: 176

11-

كشف العورة المغلظة أو شيء منها.

ص: 176

12-

سقوط نجاسة على المصلي، إذا تعلقت به أو استقرت، وعلم بها، واتسع الوقت لإزالتها، وإلا لم تبطل لما مرّ أن طهارة الخبث واجبة مع الذكر والقدرة.

ص: 176

13-

فتح المصلي على غير إمامه، بأن كان في الصلاة فسمع أحداً يقرأ القرآن إما مصلياً أو غير مصلٍّ فتوقف في القراءة فأرشده إلى الصواب، فهذا يبطل الصلاة لأنه مكالمة؛ بخلاف الفتح على إمامه ولو في غير الفاتحة فلا تبطل الصلاة إذا وقف الإمام عن القراءة وطلب الفتح بأن تردد في القراءة، أما إذا وقف ولم يتردد في القراءة فإنه يكره الفتح عليه.

ص: 176

14-

القهقهة في الصلاة (الضحك بصوت عال) عمداً أو سهواً. فإن كان فذاً أو إماماً قطع واستأنف صلاته مطلقاً، سواء وقعت القهقهة منه اختياراً أو غلبة أو نسياناً لكونه في الصلاة.

أما إن كان مأموماً ففيه تفصيل: يتابع المأموم إمامه وجوباً في الصلاة (رغم أنها باطلة في حقه) لأن المأموم سجين الإمام ضمن شروط هي:

ص: 176

1-

الوقت يتسع لإعادتها بعد سلام إمامه في وقتها.

ص: 176

2-

لم تكن صلاة جمعة.

ص: 176

3-

ضحكه كان غلبة أو نسياناً أنه في صلاة.

ص: 176

4-

لم يكثر ضحكه.

ص: 176

5-

لم يلزم من استمراره في الصلاة ضحك باقي المأمومين.

فإذا اختل شرط من هذه الشروط قطع صلاته ثم استأنف مع إمامه.

ص: 176

15-

الفعل الكثير من غير جنس الصلاة، وهو ما يُخيل للناظر إليه أن فاعله ليس في صلاة، كما لو مشى لدفع مارّ (أما لو دفعه من بين يديه في مكانه فلا يبطل) .

أما إذا مشى نحو صفين لسترة يقترب إليها خشية من المرور بين يديه، أو مشى لسد فرجة في

⦗ص: 177⦘

صف فلا تبطل الصلاة، ولو كان المشي لجنب أو إلى الوراء (أما إذا استدبر القبلة بطلت) بل يندب.

وكذا إذا خشي على نفسه من عقرب فقتله فلا تبطل الصلاة، أو أصلح رداءه إن سقط عن كتفيه فتناوله ووضعه عليهما؛ ولو طأطأ لأخذه من الأرض، أو أصلح سترة نصبها أمامه ليصلي إليها إن سقطت؛ ولو انحط لإصلاحها فلا تبطل الصلاة.

أما الفعل القليل من غير جنس الصلاة فلا يبطلها، كالحك والإشارة بعضو كيد أو رأس لحاجة طرأت عليه وهو في الصلاة، أو كسد فمه بيده اليمنى لتثاؤب بل هو مندوب، أو بصاق بلا صوت في ثوبه لحاجة كامتلاء فمه بالبصاق (أما إن كان بصوت فيبطل) ، أو رد السلام بالإشارة على من سلم عليه وهو في الصلاة (وهو واجب) أما إن رده قولاً بطلت الصلاة.

ص: 176

16-

زيادة فعل من جنس الصلاة عمداً، سواء كان قليلاً أو كثيراً، وسهواً إن كان كثيراً، كزيادة أربع ركعات يقيناً سهواً على الصلاة الرباعية أو الثلاثية؛ ولو كان مسافراً، وزيادة ركعتين على الصلاة الثنائية أو الوتر. أما إن كان أقل مما ذكر فلا يبطل الصلاة، وكذا إذا شك في هذه الزيادة الكثيرة، ولكن تجبر بسجود السهو اتفاقاً.

ص: 177

17-

طروء شاغل عن لإتمام فرض، كاحتباس بول يمنع من الطمأنينة في الصلاة مثلاً، أما إن لم يشغل عن الفرض، أو شغل وزال فلا إعادة عليه.

ص: 177

18-

تذكر أولى الحاضرتين لمشتركتي الوقت وهو في الثانية، كأن يتذكر المصلي في صلاة العصر قبل الغروب أن عليه الظهر، فتبطل التي هو فيها، لأن ترتيب الحاضرتين واجب شرطاً.

ص: 177

19-

سجود المسبوق الذي لم يدرك ركعة كاملة مع إمامه سجود سهو قبلي أو بعدي مع الإمام، لأن سجوده لا يلزم ذلك المسبوق لأنه ليس بمأموم حقيقة فسجوده معه محض للزيادة.

أما إذا أدرك المسبوق ركعة كاملة مع الإمام فإنه يسجد مع إمامه سجود السهو القبلي ثم ينهض لإتمام صلاته بعد سلام إمامه.

ص: 177

20-

سجود المسبوق بركعة أو أكثر سجود سهو بعدي مع إمامه، لزيادة سجود، ولو جهلاً، وإنما يجب عليه تأخيره حتى يقضي ما عليه.

ص: 177

21-

سجود المصلي سجود سهو قبلي لترك سنة خفيفة.

ص: 177

22-

ترك المصلي سجود السهو لثلاث سنن خفيفة، إن طال الزمن بين صلاته وتذكر سجود السهو.

(1) مسلم: ج 1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 7/33.

(2)

اليسير عند السادة الشافعية ست كلمات عرفية فأقل.

(3)

طويل اليدين.

(8)

البخاري: ج 6/ كتاب الأحكام باب 36/6767.

(4)

زواه الشيخان واللفظ لمسلم: ج 1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 19/99.

ص: 178

متى يجب قطع الصلاة:

ص: 178

1-

لإنقاذ أعمى، فإذا أتم صلاته ولم يتكلم ولحق بالأعمى هلاك ضمن المصلي ديته.

ص: 178

2-

لتخليص مال إذا كان يخشى بذهابه هلاكاً أو شدة أذى، سواء كان المال قليلاً أو كثيراً، وسواء كان الوقت متسعاً أم لا، وإلا (إذا لم يخشى بذهابه هلاكاً) فإن كان يسيراً فلا يقطع وإن كان كثيراً قطع إن اتسع الوقت.

ص: 178

3-

لإجابة أحد والديه إن كان أعمى وأصم والصلاة نافلة، لأن إجابة الوالدين متفق على وجوبها، أما تتمة النافلة فمختلف في وجوب إتمامها. أما إذا كان المنادي من الوالدين ليس بأعمى ولا أصم فلا يقطع النافلة وإنما يسرع في الصلاة.

وأما إذا كانت الصلاة فريضة فلا يقطعها، ولو كان المنادي من الوالدين أعمى وأصم، وإنما يسرع بها.

ص: 178

4-

إذا ذكر المصلي الفوائت أثناء الصلاة الحاضرة، فإن كانت يسيرة -وهي ما لم تزد على أربع صلوات- فإن ذكرها قبل عقد ركعة بسجدتيها، قطع الصلاة وجوباً بسلام، سواء كان فذاً أو إماماً؛ أما المأموم فإنه يقطع صلاته إن قطع إمامه تبعاً له، وإلا فلا يقطع لتذكر فائتة نفسه، وإنما يعيدها ندباً بعد قضاء الفوائت إن بقي وقتها ولو الضروري.

وإن ذكر الفائتة بعد عقد ركعة بسجدتيها، فإنه يضم إليها ركعة أخرى ويسلم، وصارت صلاته نفلاً. فإن ذكرها بعد تمام ركعتين في صلاة المغرب، أو بعد تمام ثلاث ركعات في صلاة رباعية، فإنه لا يقطع الصلاة، بل يتمها وتقع الحاضرة صحيحة حينئذ، ثم يقضي الفائتة، ثم يعيد الحاضرة ندباً في الوقت.

أما إذا كانت الفوائت كثيرة، فإنه لا يقطع الصلاة الحاضرة على كل حال بل يتمها، ثم يقضي الفوائت.

أما إذا ذكر المصلي الفوائت اليسيرة أثناء الصلاة النافلة، فإنه يتم النفل وجوباً (لوجوبه بالشروع فيه ولا يقضى) إلا إذا خاف خروج الوقت لحاضرة عليه وكان لم يعقد ركوعاً بعد من النفل، فإنه يقطعه ويصلي الفريضة الحاضرة، أما إن كان عقد النفل بالركوع فيتمه ولو خرج وقت الحاضرة.

ص: 178