المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب السابع: صلاة الجماعة - فقه العبادات على المذهب المالكي

[كوكب عبيد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة [المؤلفة]

- ‌تقديم [الشيخ إبراهيم اليعقوبي الحسني]

- ‌مالك بن أنس رضي الله عنه

- ‌[متن الكتاب]

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول: تعريف الطهارة:

- ‌الباب الثاني: الأعيان الطاهرة والأعيان النجسة

- ‌الباب الثالث: آداب قضاء الحاجة

- ‌الباب الرابع: الفصل الأول الوضوء

- ‌الباب الخامس: الغُسْل

- ‌الباب السادس: التيمم

- ‌الباب السابع: الحيض والنفاس والاستحاضة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الباب الأول: تعريف الصلاة:

- ‌الباب الثاني: الأذان والإقامة

- ‌الباب الثالث: شروط الصلاة:

- ‌الباب الرابع: صفة الصلاة

- ‌الباب الخامس: الفصل الأول سجود السهو

- ‌الباب السادس: صلاة التطوع

- ‌الباب السابع: صلاة الجماعة

- ‌الباب الثامن: صلاة المسافر (القصر والجمع)

- ‌الباب التاسع: صلاة الجمعة (1)

- ‌الباب العاشر: صلاة الخوف

- ‌الباب الحادي عشر: الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌الباب الأول: تعريف الزكاة:

- ‌الباب الثاني: الفصل الأول

- ‌الباب الثالث: مصارف الزكاة

- ‌الباب الرابع: صدقة الفطر

- ‌كتاب الصوم

- ‌الباب الأول⦗ص: 303⦘: تعريف الصوم:

- ‌الباب الثاني: الاعتكاف

- ‌كتاب الحج

- ‌الباب الأول⦗ص: 333⦘: تعريف الحج والعمرة:

- ‌الباب الثاني: أركان الحج والعمرة

- ‌الباب الثالث: واجبات الحج والعمرة

- ‌الباب الرابع: مندوبات الحج

- ‌الباب الخامس: الفصل الأول

- ‌الباب السادس: الفصل الأول

الفصل: ‌الباب السابع: صلاة الجماعة

‌الباب السابع: صلاة الجماعة

ص: 213

تعريف صلاة الجماعة: هي ربط صلاة مأموم بصلاة إمام مستكمل للشروط، بحيث يتبعه في قيامه وركوعه وجلوسه ونحو ذلك.

تحققها: تتحقق الجماعة بواحد مع الإمام فأكثر، لما روي عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب لي، فلما أردنا الإقفال من عنده قال لنا:(إذا حضرت الصلاة فأذنا ثم أقيما وليؤمكما أكبركما)(1) وتتحقق الفضيلة سواء كان هذا الواحد رجلاً أو امرأة، أما إن كان صبياً مميزاً فلا تتحقق الجماعة به.

حكمها:

ص: 213

1-

سنة (2) مؤكدة:

أ- بالفرائض الخمسة أداء وقضاء في كل بلد وفي كل مسجد وبحق كل مصل، ويقاتل أهل البلد إن تركوها جميعاً لاستهانتهم بالسنة. لما روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية)(3) .

ب- بصلاة الجنازة، فإن صلوا عليها وحداناً استحب إعادتها جماعة.

ص: 213

2-

مندوبة لصلاة العيدين والكسوف والاستسقاء والتراويح.

ص: 213

3-

مكروهة في باقي النوافل إذا صليت في المسجد أو في مكان يكثر تردد الناس إليه،

⦗ص: 214⦘

أو بجماعة كثيرة، وجائزة إذا كانت بجماعة قليلة في المنزل أو في مكان لا يكثر تردد الناس إليه.

ص: 213

4-

شرط صحة للصلاة الجمعة.

ص: 214

5-

يندب للمرأة الخروج للمسجد لحضور صلاة الجماعة إن كانت كبيرة بالسن أو شابة لا يخشى منها الفتنة، أما إن كان يخشى منها الفتنة فيحرم خروجها إلى المسجد لحضور صلاة الجماعة، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:(لا تمنع إماء اللَّه مساجد اللَّه ولكن ليخرجن وهن تفلات)(4)، وما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا نسائكم المساجد وبيوتهن خير لهن)(5) .

دليلها وفضيلتها:

روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم بخمسة وعشرين جزءاً)(6)، وعن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:(صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبعة وعشرين درجة)(7) .

إدراك فضيلتها:

يحصل فضل الجماعة بإدراك ركعة كاملة بسجدتيها مع الإمام لا أقل، ويكون ذلك بانحناء المأموم بحيث يمكن يديه من ركبتيه أو مما قاربهما قبل رفع الإمام رأسه من الركوع وإن لم يطمئن المأموم في ركوعه إلا بعد اعتدال إمامه.

إعادة صلاة الجماعة:

لا تتفاضل الجماعات تفاضلاً يكون سبباً لإعادة الجماعة رغم أن الصلاة مع جماعة العلماء والصالحين والكثير من أهل الخير أفضل من الصلاة مع غيرها لشمول الدعاء وكثرة الرحمة وسرعة الإجابة وقبول الشفاعة، لكن كل هذا لا يدل على جعلها سبباً للإعادة إلا في حالتين:

الأولى: تندب إعادة الجماعة جماعة لا فرادى في داخل المساجد الثلاثة:

مسجد الحرام ومسجد المدينة ومسجد الأقصى، إذا كانت الجماعة الأولى خارج هذه المساجد الثلاثة.

الثانية: تندب إعادة الجماعة لمن لم يحصل على فضيلة الجماعة كمن صلى بصبي فقط أو صلى منفرداً ولو حكماً (كمن أدرك ما دون الركعة مع الإمام) ، ولو في الوقت الضروري بنية الفرض مع جماعة أخرى منعقدة بدونه (أي اثنين فأكثر غيرهم) مأموماً لا إماماً لمن لم يصلِّ هذه

⦗ص: 215⦘

الصلاة (لأنها فريضة بحقهم وقد تكون نافلة بحقه) مفوضاً إلى اللَّه تعالى في قبول أيتهما شاء لفرضه وجعل الأخرى نفلاً، وذلك بشرط:

ص: 214

1-

ألا تكون الصلاة المراد إعادتها صلاة مغرب، لأن النافلة لا تكون ثلاثاً، ولا صلاة عشاء بعد صلاة الوتر (لكن قبل صلاة الوتر تعاد) لأنه إن أعهادها وجب عليه إعادة الوتر، وإن أعاد الوتر لزمه مخالفة قوله صلى الله عليه وسلم:(لا وتران في ليلة)، وإن لم يعده لزمه مخالفة قوله صلى الله عليه وسلم:(اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) .

فإن شرع بإعادة المغرب سهواً عن كونه صلاها ثم تذكر قطع صلاته إن لم يكن عقد ركعة بعد، وإلا ندب له أن يضم لها ركعة ثانية مع الإمام ويسلم قبله وتصبح نافلة، أما إن تذكر بعد إتمام الثلاثة مع الإمام أتى برابعة بعد سلام الإمام وسجد للسهو بعد السلام للزيادة. أما إن دخل سهواً بإعادة صلاة العشاء مع الإمام ثم تذكر قطع الصلاة مطلقاً سواء عقد ركعة أم لا كما لو أعاد عمداً.

ص: 215

2-

أن لا يكون مريد الإعادة إماماً راتباً، لأن الإمام الراتب إذا دخل المسجد ولم يجد أحداً صلى منفرداً وصلاته منفرداً كصلاته جماعة فضلاً وحكماً، إلا أنه ينوي بها الإمامة.

ص: 215

3-

أن لا يكون مريد الإعادة صلاها سابقاً منفرداً بأحد المساجد الثلاثة: مسجد الحرم أو المدينة أو الأقصى؛ إلا إذا أراد إعادتها جماعة في نفس هذه المساجد.

(1) مسلم: ج 1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 53/293.

(2)

على المشهور وقال ابن رشد: فرض كفاية في البلد وسنة في كل مسجد للرجال ومندوبة للرجل في خاصة نفسه.

(3)

النسائي: ج 2 /ص 106.

(4)

أبو داود: ج 1/ كتاب الصلاة باب 53/565.

(5)

أبو داود: ج 1/ الصلاة باب 53/567.

(6)

شرح الموطأ: ج 1 /ص 394.

(7)

البخاري: ج 1/ كتاب الجماعة والإمامة باب 2/619.

ص: 215

الأحكام المترتبة على المكلفين إذا أقيمت الصلاة الحاضرة من قبل الإمام الراتب في المسجد:

ص: 215

1-

تكره إقامة جماعة أخرى قبل إقامة الإمام الراتب أو بعده.

ص: 215

2-

تحرم إقامة جماعة أخرى أثناء إقامة الراتب.

ص: 215

3-

يحرم على المكلف ابتداء صلاة فرض أو نفل فرداً أو جماعة في المسجد أو رحبته بعد الشروع في إقامة الصلاة للإمام راتب لما في ذلك من الطعن في الإمام.

ص: 215

4-

يجب على من وجد في المسجد من المكلفين حال إقامة الصلاة من قبل الإمام الراتب:

أ- الدخول فيها إذا لم يصلها بعد أو صلاها منفرداً.

ب- الخروج من المسجد إذا كان صلاها جماعة.

جـ- متابعة الإمام صورة في الصلاة إذا كان عليه فرض سابق لهذه الصلاة مع نيته منفرداً.

د- قطع صلاته إذا كان يصلي الفريضة المقامة أو أي نافلة أخرى بسلام أو بأي شيء مبطل للصلاة والدخول مع الإمام مطلقاً سواء عقد ركعة أم لا إن خشي بإتمامها فوات ركعة مع الإمام من الصلاة المقامة.

⦗ص: 216⦘

هـ- إن كان في نفس الصلاة المقامة ولم يخشى من إتمامها فوات ركعة مع الإمام فهناك حالات:

ص: 215

1-

إن كان قد عقد ركعة انصرف منها بشفع ولا يتمها (فإن أقيمت الصلاة وكان لم يتم بعد ركعتين أتمها إلى الركعتين وسلم، وإن كان في ثالثة قبل تمام سجدتيها رجع إلى الجلوس وتشهد وسلم) .

ص: 216

2-

إن لم يكن عقد ركعة بعد أو كان عقدها وكانت من صلاة مغرب أو صبح قطعها ودخل مع الإمام لئلا يصبح متنفلاً في وقت نهيٍ.

ص: 216

3-

إن كان عقد ثانية المغرب أتمها فرضاً وخرج وجوباً من المسجد، لأن جلوسه فيه يؤدي إلى الطعن في الإمام، والدخول معه يؤدي إلى صلاة نافلة ثلاثية وهذا لا يصح.

ص: 216

4-

إن كان عقد الثنية من الصبح أو عقد الثالثة من فرض رباعي أتمها فرضاً ودخل مع الإمام.

و إن كان المصلي في غير الصلاة المقامة سواء كانت فرضاً أو نفلاً ولم يخش إذا أتمها فوات ركعة مع الإمام أتمها سواء كان عقد ركعة أم لا.

ز- إذا أقيمت الصلاة في المسجد وكان المكلف يصليها خارج المسجد أو أقيمت خارج المسجد وكان هو يصليها في المسجد أتمها وجوباً في الحالتين.

شروط صحة صلاة الجماعة:

أولاً- شروط الإمامة:

ص: 216

1-

الإسلام: فلا تصح الصلاة خلف كافر ولو لم يعلم بكفره حال الاقتداء

ص: 216

2-

البلوغ: فلا يصح اقتداء البالغ بالصبي المميز في الصلاة المفروضة، لأنها بحقه نافلة، والفريضة لا تصح خلف النافلة، أما في الصلاة النافلة فيصح الاقتداء.

ص: 216

3-

العقل: فلا تصح إمامة المجنون حالة جنونه، أما إذا كان جنونه غير مطبق وصلى إماماً في حالة الإفاقة صحت الصلاة.

ص: 216

4-

تحقق الذكورة: فلا تصح إمامة المرأة مطلقاً سواء كانت الصلاة نافلة أم فريضة وسواء كان المؤتمون رجالاً أو نساء، وكذلك الخنثى المشكل لا تصح إمامته لغيره ولو لمثله أما المرأة إذا اقتدى بها نساء صحت صلاتها هي فقط.

ص: 216

5-

الطهارة من الحدث: فمن تعمد الحث فيها أو حال الإحرام، فسدت صلاته وصلاة المأمومين، ولو لم يعلم المأمومين بذلك إلا بعد الفراغ من الصلاة. أما إن نسي الإمام حدثه ودخل في الصلاة، ثم تذكره بعد السلام أو قبله، أو إن غلبه الحدث كأن سبقه البول أو الريح، ولم يعمل عملاً بعد تذكره أو حدثه وإنما خرج من الصلاة وأشار لهم بالإتمام، صحت صلاة المأمومين دون الإمام. هذا إذا كان المأمومون لا يعلمون بحدث إمامهم قبل الدخول معه، أما إذا علموا ومع ذلك دخلوا معه في الصلاة ولو نسياناً بطلت صلاتهم. وحكم صلاة الإمام والمأموم إذا علق بالإمام خبث كالحكم إذا كان محدثاً، إلا أن صلاة الإمام تصح إذا لم يعلم بالخبث؛ إلا بعد الفراغ من الصلاة، لأن الطهارة شرط لصحة الصلاة مع العلم.

ص: 217

6-

عدم المأمومية: أي أن لا يكون مسبوقاً أدرك ركعة كاملة فأكثر مع إمامه وقام ليقضي ما فاته بعد سلام إمامه، فلا يصح أن يقتدي به أحد، ولو لم يعلم أنه كان مأموماً. أما إذا لم يدرك مع إمامه ركعة كاملة وقام لأداء صلاته بعد سلام إمامه، فإنه يصح الاقتداء به وينوي الإمامة بعد أن كان ناوياً الاقتداء.

ص: 217

7-

القدرة على أداء الأركان القولية (أي أن يكون قارئاً) ، والفعلية (أي أن بكون عاجزاً) ، فإن عجز عن أداء ركن واحد منها وكان المأموم قادراً عليه، فلا تصح الصلاة خلفه؛ إلا لمن كان يساويه في العجز في ذلك الركن، كأخرس يصلي بمثله، وعاجز عن القيام يصلي بمثله. ويستثنى من ذلك من يصلي بالإيماء فلا يصح أن يكون إماماً لمثله، لأن الإيماء لا ينضبط. وتصح صلاة أميٍّ بأميّ بشرط أن لا يوجد القارئ قبل الدخول في الصلاة، فإن وجد القارئ (يحسن قراءة مالا تصح الصلاة إلا به) قبل دخول الأميّ بالصلاة مع الأمي فلا تصح صلاتهما إلا أن يقتديا بالقارئ وهكذا

ص: 217

8-

العلم بما لا تصح الصلاة إلا به من شروط وأركان، ولو لم يميز الركن عن الشرط، بخلاف ما إذا اعتقد بفرض أنه سنة، أو أن جميع أجزء الصلاة سنة، فلا تصح الصلاة.

ص: 217

9-

ويشترط لفرض الجمعة زيادة عما تقدم: الحرية، والإقامة في بلد الجمعة فلا تصح صلاة الجمعة خلف خارج عنها (أي يبعد عن البلد بقدر فرسخ) .

ص: 217

10-

ألا يكون الإمام مبتدعاً، ولو كان غير كافر ببدعته كالمعتزلي والخارجي، فإن كان كذلك فعلى المأموم أن يعيد صلاته التي صلاّها مؤتماً به في وقتها ولو الضروري.

⦗ص: 218⦘

ثانياً: شروط الاقتداء بالإمام:

ص: 217

1-

نية القدوة: بأن ينوي المأموم الاقتداء بإمامه، أو يقول الصلاة في جماعة، في أو صلاته قبل تكبيره الإحرام. لذا من دخل بالصلاة منفرداً ثم رأى إماماً وهو في الصلاة، فلا يصح الاقتداء به لعدم وجود نية الاقتداء من أول الصلاة، وكذا من دخل بالصلاة مقتدياً فلا يصح أن ينوي الانتقال إلى الصلاة منفرداً (أي ينوي مفارقة الإمام) ؛ إلا لضرورة كأن أطال عليه الإمام.

أما نية الإمامة من قبل الإمام فليست شرطاً لصحت صلاة المأموم ولو في صلاة الجنازة إلا في مواضع:

ص: 218

1-

في صلاة الجمعة، لأنه يسترط [؟؟] لصحتها الجماعة، فلو لم ينو الإمام الجماعة بطلت عليه وعلى من خلفه.

ص: 218

2-

في صلاة الجمعة بين العشاءين لمطر فلا بد من نية الإمامة في افتتاح كل من الصلاتين، لأن الجماعة شرط فيها، فإذا ترك الإمام نية الإمامة بطلت الصلاة الثانية فقط.

ص: 218

3-

في صلاة الخوف، لأنه يشترط فيها الجماعة إذا صليت بطائفتين.

ص: 218

4-

للمُستخلَف، لأنه دخل في الصلاة مأموماً، لتتميز حالته الثانية عن الأولى.

ص: 218

2-

المساوة:

أ- في ذات الصلاة: فلا تصح الصلاة إن كان الإمام أدنى حالاً من المأموم، أي لا يصح اقتداء مفترض بمتنفل، وأما العكس كاقتداء مصلٍّ للضحى بقاضٍ لفريضة الصبح بعد طلوع الشمس.

ب- في صفة الصلاة من الأداء والقضاء: فلا يصح أداء خلف قضاء ولا عكسه، لذا لا يصح

اقتداء من يصلي الصبح بعد طلوع الشمس بمن أدرك ركعة قبل طلوعها، لأن الأول يصلي قضاء والآخر أداء. ويجوز اقتداء مسافر بمقيم إلا أنه يتم الصلاة معه.

ص: 218

3-

المتابعة: وهي أن يكون فعل المأموم واقعاً عقب فعل الإمام، فلا يسبقه ولا يساويه ولا يتأخر عنه، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه. فإذا كبر فكبروا. وإذا ركع فاركعوا. وإذا قال: سمع اللَّه لمن حمده. فقولوا: اللَّهم ربنا

⦗ص: 219⦘

لك الحمد. وإذا سجد فاسجدوا. وإذا صلى جالساً صلوا جلوساً أجمعون) (1) .

وتنقسم هذه المتابعة إلى ثلاثة أقسام:

ص: 218

1-

المتابعة في تكبيرة الإحرام: فإذا ساواه، أو سبقه بالتكبير، أو كبر بعد شروع إمامه لكن فرغ من التكبير قبله أو معه، بطلت صلاته في جميع هذه الحالات.

ص: 219

2-

المتابعة في السلام: فإذا ساواه، أو سبقه، أو سلم بعد شروع إمامه إلا أنه ختم قبله، ففي جميع هذه الحالات تبطل صلاة المأموم، أما إذا سلم عقب شروع إمامه بالسلام إلا أنه ختمه معه أو بعده صحت صلاته. وإذا سلم قبله سهواً فإنه ينتظر الإمام حتى يسلم فيعيد السلام بعده.

وإذا ترك الإمام السلام وطال الزمن عرفاً بطلت صلاة الجميع، ولو أتى به المأموم، لأن السلام ركن فإذا تركه الإمام بطلت صلاته وبطلت صلاة المأمومين تبعاً لبطلان صلاة الإمام.

ص: 219

3-

المتابعة في الركوع والسجود: يحرم السبق فيهما، وتكره المساواة، لكن الصلاة في الحالتين صحيحة. أما إذا كان سبقه سهواً فعليه أن ينتظره حتى يركع ثم يطمئن معه في الركوع، أما إذا لم ينتظره ورفع عمداً أو جهلاً بطلت الصلاة، وأما إن رفع سهواً فعليه أن يرجع ثانياً إلى الاشتراك مع إمامه في الركوع والسجود وتصح صلاته.

لما روى أنس رضي الله عنه قال: (صلى بنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات يوم. فلما قضى الصلاة أقبل علينا بوجهه فقال: (أيها الناس إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود. ولا بالقيام ولا بالانصراف)(2) .

أما إذا تأخر المأموم عن الإمام حتى انتهى من الركن فإن صلاته تبطل، إذا كان هذا التأخير في الركعة الأولى وكان عمداً لا سهواً، أما إن كان في غير الركعة الأولى فإن صلاته تصح مع الإثم إن كان عمداً وبغير إثم إن كان سهواً.

(1) مسلم: ج 1/ كتاب الصلاة باب 19/86.

(2)

مسلم: ج 1/ كتاب الصلاة باب 25/112.

ص: 219

4-

يشترط بالمأموم إمكانية ضبط أفعال الإمام ول بمن يسمعه ولو بمبلغ ولو اختلف مكانهما، كأن حال بين الإمام والمأموم نهر أو طريق أو جدار، أو كان المؤتم في بيته والإمام في المسجد ولو مع عدم إمكانية الوصول إليه (إلا في صلاة الجمعة فيشترط اجتماع الإمام والمأموم في المسجد لأن الصلاة فيه من شروط صحة الجمعة) . وكذا جاز

⦗ص: 220⦘

علو المأموم على إمامه، أما علو الإمام على المأموم فلا يجوز إلا لضرورة كقصد تعليم المأمومين، أما إن قصد الإمام أو المأموم بالعلو الكِبْر فتبطل صلاتهما.

ولا يشترط في الاقتداء عدم تقديم المأموم على إمامه، فلو تقدم لغير ضرورة صحت الصلاة مع الكراهة. لكن يندب إن كان المأموم صبياً مميزاً فأكثر أن يقف على يمين الإمام ويتأخر عنه قليلاً ليتميز الإمام عن المأموم، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال:(صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقمت عن يساره، فأخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم برأسي من ورائي، فجعلني عن يمينه)(1) .

فإذا كان الذكور اثنين فأكثر ندب أن يقفوا خلف الإمام والنساء خلف الجميع سواء كان يوجد مع الإمام ذكور أم لا، لما روى أنس رضي الله عنه قال: (

فقمت إلى حصير لنا قد اسودّ من طول ما لبس، فنضحته بماء، فقام عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى لنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم انصرف) (2) . وتكره صلاة رجل بين نساء أو خلفهن، وكذا صلاة امرأة بين رجال.

(1) البخاري: ج 1/ كتاب الجماعة والإمامة باب 48/693.

(2)

مسلم: ج 1/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 48/266.

ص: 219

أولى الناس بالإمامة:

إذا اجتمع جماعة كل واحد منهم صالح للإمامة يندب تقديم السلطان أو نائبه ولو كان غيرهما أفقه وأفضل، لحديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (

ولا يؤمن الرجلُ الرجلَ في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه) (1) . فإن لم يوجدا فالإمام الراتب إن كانوا في المسجد، ورب المنزل إن كانوا في المنزل أو من يستخلفه، ثم الأعلم بأحكام الصلاة (الأفقه) ، ثم الأعلم بفن الحديث، ثم الأعلم بالقراءة، ثم الزائد في العبادة، ثم الأقدم إسلاماً، ثم الأرقى نسباً، ثم الأحسن خلقاً، ثم الأحسن لباساً، لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (اجعلوا أئمتكم خياركم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم)(2) .

فإذا تساوى أهل رتبة قدم الأورع منهم، قال تعالى:{إن أكرمكم عند اللَّه أتقاكم} (3) ، وقدم الحر على العبد، فإن استَوَوْا في كل شيء أقرع بينهم إذا لم يرضَوْا بتقديم أحدهم.

⦗ص: 221⦘

(1) مسلم: ج 1/ كتاب المساجد باب 53/290.

(2)

البيهقي: ج 3 /ص 90، وإسناد الحديث ضعيف.

(3)

الحجرات: 13.

ص: 220

من تكره إمامته بصورة عامة:

ص: 221

1-

تكره إمامة فاسق بجارحة (1) من جوارحه، كشارب خمر أو عاق لوالديه، ولو بفساق مثله؛ ما لم يتعلق فسقه بالصلاة فلا تصح إمامته كأن يخل بركن أو شرط.

ص: 221

2-

تكره إمامة أعرابي (ساكن البادية) لغيره من أهل الحضر، ولو في سفر، ولو كان أقرأ منهم. أما إمامته لأمثاله فغير مكروهة.

ص: 221

3-

تكره إمامة من به عذر معفو عنه بحقه، كسلس بول يستغرق نصف الزمن فأقل، بالأصحاء لا بأمثاله فإنها لا تكره.

ص: 221

4-

تكره إمامة من كرهه أقل القوم، أم من كرهه أكثر القوم أو كلهم فتحرم إمامته.

ص: 221

5-

تكره إمامة الإمام في المسجد إذا كان بلا رداء يلقيه على كتفيه، بخلاف المأموم والفذ فلا يكره لهما بل هو خلاف الأوْلى.

ويكره تنفل الإمام بمحرابه وكذا جلوسه به على هيئة الصلاة، أما بغير هيئة الصلاة فلا مانع، لما روى سمرة بن جندب رضي الله عنه قال:(كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى أقبل علينا بوجهه)(2) ، لأنه لا يستحق المحراب إلا حال كونه إماماً، ولأنه قد يوهم غيره أنه في صلاة فريضة فيقتدي به.

(1) خص بجارحة من جوارحه ليخرج الفاسق بالاعتقاد.

(2)

البخاري: ج 1/ كتاب صفة الصلاة باب 72/809.

ص: 221

من تكره إمامته راتباً لا إماماً غير راتب في الفرائض والسنن:

ص: 221

1-

الخصي.

ص: 221

2-

المأبون (من يتكسر بكلامه كالنساء أو من يُشتهى أن يفعل به فاحشة) .

ص: 221

3-

الأغلف (1)(الذي لم يختن) .

ص: 221

4-

ولد الزنا (أي مجهول الأب) .

ص: 221

5-

مجهول العدالة (أي هل هو عدل أم فاسق) .

ص: 221

6-

العبد.

(1) الراجح هو كراهية إمامة الأغلف بصورة عامة سواء كان راتباً أم لا.

ص: 221

من تجوز إمامته مع توهم عدم جوازها:

ص: 221

1-

تجوز إمامة الأعمى (خلاف الأوْلى) ، وإن كانت إمامة البصير المساوي له بالفضل أولى، لما

⦗ص: 222⦘

روي عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم يؤمّ الناس وهو أعمى)(1) .

ص: 221

2-

تجوز إمامة مخالف بالفروع كشافعي وحنفي وإن عُلم أنه لم يمسح كل رأسه بالوضوء، لأنه ما كان شرطاً في صحة الصلاة فالعبرة فيه لمذهب الإمام، وما كان شرطاً لصحة الاقتداء فالعبرة فيه لمذهب المأموم، فلو اقتدى مالكي في صلاة فرض بشافعي متنفل فصلاته باطلة لأن شرط صحة الاقتداء عند الإمام مالك اتحاد صلاة الإمام والمأموم.

ص: 222

3-

تجوز إمامة الألثغ والفأفأء والأرت (هو من يلدغ حرفاً في آخر خطأ) ونحوهم وكل من لا يستطيع النطق ببعض الحروف بمثله أو بأصحاء.

ص: 222

4-

تجوز إمامة محدود لقذف أو شرب خمر أو غيرهما.

ص: 222

5-

تجوز إمامة عِنِّين، وأقطع يد أو رجل، وأشل، على الراجح فيهم وقيل تكره.

ص: 222

6-

تجوز إمامة المجذوم إلا أن يشتد جذامه بحيث يضر بالناس فليتنَّح وجوباً عن الإمامة بل عن الاجتماع بالناس.

ص: 222

7-

تجوز إمامة الصبي لمثله.

ص: 222

8-

تصح القراءة باللحن ولو بالفاتحة إن لم يتعمد، ويأتي المقتدي به إن وجد غيره ممن يحسن القراءة وإلا فلا يأثم.

ص: 222

البيهقي: ج 3 /ص 88.

ص: 222

ما يجوز في صلاة الجماعة:

ص: 222

1-

يجوز عدم التصاق من على يمين الإمام أو من على يساره بمن حذوه.

ص: 222

2-

تجوز الصلاة منفرد خلف صف إن تعسر عليه الدخول في الصف، وإلا كره، ويحصل له فضل الجماعة مطلقاً.

ص: 222

3-

يجوز الإسراع في المشي لتحصيل فضل الجماعة بلا خَبَب (هرولة) لأنه يُذهب الخشوع فيكره الخبب ولو خاف فوات إدراكها، إلا أن يخاف فوات الوقت فيجب.

ص: 222

4-

يجوز للإمام الراتب الجمع في مسجده إن جمع قبله غيره (لأن الأصل أن لا تجمع صلاة في مسجد مرتين إلا مسجد ليس له إمام راتب) بلا إذن منه إن لم يتأخر عن عادته تأخيراً كثيراً، أما إن أذن لغيره أن يصلي مكانه أو إن تأخر كثيراً، كره له الجمع ثانياً. وإن دخل جماعة المسجد ووجدوا راتبه قد صلى خرجوا ندباً من المسجد ليجمعوا خارجه إلا في المساجد الثلاثة

⦗ص: 223⦘

(المكي والمدني وبيت المقدس) فيصلوا أفذاذاً فيها إن دخلوها، لأن فذها أفضل من جماعة غيرها، فإن لم يدخلوها جمعوا خارجها.

- ويجوز إحضار صبي إلى المسجد إذا كان لا يعبث.

- كما يجوز قتل عقرب أو فأرة في المسجد لإذايتهما (أما الحشرة غير مؤذية فيكره قتلها في المسجد لأنه محل رحمة) .

حكم المسبوق:

تعريف المسبوق: هو من فاتته ركعة فأكثر قبل الدخول في الصلاة مع الإمام.

ما يجب على المسبوق فعله:

أ- عند الدخول في الصلاة: إذا وجد الداخل في الصلاة الإمام راكعاً أو ساجداً كبَّر، بالإضافة إلى تكبيرة الإحرام، تكبيرة للهوي للركوع أو السجود، أما إذا وجد الإمام جالساً جلوساً أوَل أو ثانياً أو جلوساً بين سجدتين فلا يكبر إلا تكبيرة الإحرام فقط ثم يجلس مع الإمام بدون تكبير، ويجب ألا ينتظر قيام الإمام للركعة التالية ليدخل معه في الصلاة في أية حالة من الحالات المذكورة.

ب- حين القيام لإتمام الصلاة بعد سلام إمامه: يكبر المأموم إذا كان قد أدرك مع إمامه الركعتين الأخيرتين من صلاة رباعية أو ثلاثية لأن جلوسه يكون في محله بالنسبة له، أما إن أدركه في ركعة واحدة فلا يقوم بتكبير لأن جلوسه في غير محله وإنما هو لموافقة الإمام فقط، وأما إن كان أدركه في أقل من ركعة، كمن أدرك الإمام بالتشهد الأخير فإنه يقوم مكبراً لأنه كمفتتح صلاة.

جـ- حين قضاء ما فاته خلف الإمام: يجب على المسبوق إذا قام لقضاء ما فاته خلف الإمام أن يكون قاضياً للقول، بانياً أو متماً للفعل. ومعنى قاضياً للقول: أن يجعل ما فاته خلف إمامه أول صلاته، وما أدركه معه آخرها؛ فيأتي بما فاته على الهيئة التي فات عليها بالنسبة للقراءة من إسرار وجهر وقراءة سورة. ومعنى متماً أو بانياً للفعل: بأن يجعل ما أدركه مع الإمام أول صلاته، وما فاته آخرها. ومثال ذلك كمن أدرك مع الإمام الركعة الرابعة من العشاء، فإذا سلم إمامه قام إلى قضاء ما فاته بدون تكبير، فيأتي بركعة يقرأ فيها جهراً الفاتحة والسورة لأنها أولى صلاته بالنسبة للقراءة ثم يجلس على رأسها للتشهد لأنها ثانية له بالنسبة للأفعال، ثم يقوم بعد التشهد فيأتي بركعة يقرأ فيها الفاتحة والسورة جهراً لأنها ثانية بالنسبة للقراءة ولا

⦗ص: 224⦘

يجلس على رأسها لأنها ثالثة بالنسبة للأفعال، ثم يقوم فيأتي بركعة يقرأ فيها الفاتحة فقط سراً لأنها ثالثة بالنسبة للأقوال ويجلس على رأسها لأنها رابعة بالنسبة للأفعال ثم يسلم.

ويُعتبر القنوت ملحقاً بالأفعال (1) ، لذا من أدرك ثانية الصبح مع الإمام وقنت فيها لأنها ثانيته بالنسبة للأفعال.

- ومن دخل ووجد الإمام راكعاً أحرم وركع أينما كان دون صف، إن ظن إدراك الإمام بالركوع وخشي بوصوله إلى الصف فوات الركعة مع الإمام برفع الإمام من ركوعه إن لم يحرم، وإن ظن إدراك الصف قبل رفع الإمام من الركوع أتم المشي للوصول إلى الصف؛ إلا أن تكون الركعة الأخيرة من صلاة الإمام فإنه يحرم عليه أن يمشي ببطء لئلا تفوته الركعة الأخيرة. ومن أحرم دون الصف مشى إلى أن يصل إلى الصف. وكذا من رأى فرجة وهو في الصلاة أو فرجات مشى إلى آخر فرجة راكعاً أو قائماً في ثانيته لا رفعه من ركوعه.

(1) هناك قول: يُلحق القنوت بالأقوال، وبناء عليه من أدرك ثانية الصبح مع الإمام فلا يقنت إذا قام لقضاء الأولى.

ص: 222

متى يدرك المسبوق الركعة مع الإمام:

إذا أدرك المسبوق الإمام وهو راكع، أي انحنى المسبوق قبل اعتدال الإمام من الركوع، فقد أدرك الركعة بشرط أن يكون أتى بتكبيرة الإحرام قائماً أو أبدأها في القيام وأتمها في الانحناء. لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (إذا جئتم إلى الصلاة. ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدوها شيئاً، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة)(1) وعنه أيضاً أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صلبه)(2) .

أما إذا لم يدركه بالركوع فعليه أن يتبعه بالحالة التي هو فيها، وإن خالفه وركع وجب عليه أن لا يرتفع منه إلا بعد الاطمئنان ثم يعتدل وإن لم تحسب له ركعة، فإن رفع قبل الاطمئنان بطلت صلاته.

وإن توهم أو ظن أو شك هل أدرك الإمام بالركوع أم لا، ألغى الركعة وقضاها بعد سلام إمامه. ومن أحرم مع الإمام إلا أنه زوحم أو نعس عن الركوع معه، فإن تحقق الفوات فلا يركع،

⦗ص: 225⦘

وإن ظن الإدراك ركع معه جزماً، فإن شك هل أدركه أم لا ألغى الركعة، وإن تحقق الإدراك أجزأته، وإن تحقق عدم الإدراك اطمأن في ركوعه ثم اعتدل وإن لم تحسب له ركعة.

ويكره للإمام إطالة الركوع ليدركه داخل إلا لضرورة.

(1) أبو داود: ج 1/ كتاب الصلاة باب

ص: 224

الاستخلاف في الصلاة:

الاستخلاف هو أن ينيب الإمام غيره من المأمومين لإتمام الصلاة بهم لعذر قام به.

حكمه: مندوب في غير صلاة الجمعة وإن وجب قطع الصلاة. ولم يستخلف أحداً ندب للمأمومين أن يستخلفوا بدون أن يتحركوا أو يتحولوا عن القبلة، ويجوز أن يتموا صلاتهم فرداى. وإن تقدم للإمامة غير الذي استخلفه الإمام وصلى بهم صحت صلاتهم، أو إن ائتموا بإمامين كل طائفة بإمام، أو إن ائتم البعض بإمام وصلى الآخرون أفذاذاً، صحت صلاتهم جميعاً.

أسباب الاستخلاف:

ص: 225

1-

الخوف من تلف مال ذي بال بعد دخوله في الصلاة، سواء كان المال له أو لغيره، وسواء كان عرضاً أو حيواناً (كانفلات دابة) بشرط أن يؤدي تلف هذا المال أو ضياعه إلى هلاك صاحبه أو حصول ضرر شديد له، ففي هذه الحالة يجب (1) قطع الصلاة ويندب الاستخلاف، سواء كان المال قليلاً أو كثيراً، وسواء اتسع الوقت لإدراك الصلاة في وقتها أو لم يتسع. ومثل ذلك ما لو خاف على تلف نفسه محترمة؛ كأن خاف على أعمى من الاصطدام بسيارة أو الوقوع في حفرة عميقة يضره الوقوع فيها.

ص: 225

2-

عدم الاطمئنان على ماله لتركه دون حراسة، فهنا يجوز قطع الصلاة وذلك بشرطين: أن يكون الوقت متسعاً لإدراك الصلاة بعد قطعها قبل خروج الوقت، والثاني: أن يكون المال كثيراً وله شأن عند صاحبه.

ص: 225

3-

طروء مانع يمنع الإمام من إتمام الصلاة كلها كسبق حدث من بول أو ريح، أو تذكر حدثه بعد دخوله في الصلاة، أو شك هل دخل الصلاة بوضوء أم لا، أو تحقق الطهارة والحدث لكن شك بالسابق منهما لا إن شك هل انتقض الوضوء فإنه يتمادى في هذه الحالة بالصلاة ثم إن بان له الطهر لم يُعد وإلا أعاد الإمام فقط.

وإن طرأ العذر والإمام في ركوع أو سجود، فيرفع رأسه بلا تسميع في الأول وبلا تكبير في الثاني لئلا يرتفعوا معه، وإنما يرتفعون مع المستخلف، ولكن لا تبطل صلاتهم إذا رفعوا برفع

⦗ص: 226⦘

الإمام الأول قبل الاستخلاف وإنما يجب العودة مع المستخلف ولو أخذوا فرضهم مع الأول قبل العذر، فإذا لم يعودوا لم تبطل صلاتهم.

ص: 225

4-

طروء مانع يمنع الإِمام من الإمامة فقط، وهو عجزه عن أداء ركن لا سنة كعجزه عن القيام أو الركوع لحصول رعاف له، ففي هذه الحالة يستخلف ثم يرجع هو مأموماً إن أمكنه، ولا يجوز له قطع الصلاة في حالة العجز.

(1) سواء كان إماماً أو مأموماً أو فذاً.

ص: 226

شروط صحة الاستخلاف:

ص: 226

1-

أن يكون الإِمام الأول ثبتت إمامته بنيةٍ وتكبيرة إحرام واقتداء به.

ص: 226

2-

أن يحصل للإِمام عذر يقطع الصلاة أو يمنعه منها أو من الإمامة.

ص: 226

3-

أن يكون الخليفة من المأمومين وأدرك مع الإمام قبل طروء العذر جزءاً يُعتد به من الركعة المستخلف فيها، سواء كانت الأولى أو الثانية، أي أن يكون قد أدركه قبل عقد ركوعها (أي قبل الاعتدال) ، قلا تصح استخلاف من فاته الركوع مع الإمام في الركعة المستخلف فيها سواء بسبب السبق أو لعذر كالازدحام أو النعاس.

ما يجب على الخليفة أن يفعله حين استخلافه:

يجب على الخليفة أن يراعي نَظْم صلاة الإمام، فيقرأ من انتهاء قراءة الإمام إن علم الانتهاء؛ وإلا ابتدأ قراءة الفاتحة من أولها، ويجلس في محل الجلوس وهكذا، فإذا كان الخليفة مسبوقاً بالأصل أتم بالقوم صلاة الإمام حتى لو كان على الإمام سجود قبلي سجده وسجد معه القوم ثم يشير لهم بالانتظار جلوساً، سواء كان فيهم المسبوق أم غيره، ويقوم هو لقضاء ما فاته مع الإمام الأصلي، فإذا أتى به سلم وسلم معه غير المسبوقين، ثم قام المسبوقون لقضاء ما عليهم.

ومثل هذه الحالة ما لو كان الإمام الأصلي مسافراً وكان خلفه مسافرون ومقيمون والخليفة كان مقيماً، فيتم الخليفة صلاة مسافر ثم يشير لهم جميعاً بالانتظار جلوساً حتى يأتي ببقية صلاته، ثم يسلم ويسلم معه المسافرون، ثم يقوم المقيمون لإتمام صلاتهم. وفي الحالتين إذا سلم القوم ولم ينتظروا الخليفة بطلت صلاتهم. أما إذا كان الإمام على سجود بعدي فيسجده الخليفة بعد أن يأتي بما عليه ويسلم القوم.

ما يندب في الاستخلاف:

ص: 226

1-

يندب أن يكون الخليفة من الصف الأقرب للإمام لأنه أدرى بأفعاله.

ص: 226

2-

يندب للإمام ترك الكلام في حدث سبقه أو ذكره (تذكر عدم طهارته) ، وإنما يشير لمن يستخلفه بالتقدم.

ص: 226

3-

يندب للإمام أن يخرج من الصلاة لسبق حدثه له ممسكاً أنفه وموهماً أنه راعف.

ص: 227

4-

يندب للإمام في حال عجزة عن الإمامة فقط أن يغير نيته من إمام إلى مأموم مع تأخره عن مكان الإمام.

ص: 227

5-

يندب للخليفة أن يتقدم إلى مكان الإمام كمن يتقدم ليسد فرجة في الصلاة على حالته التي هو فيها وإن كان جالساً أو ساجداً.

ص: 227