المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثامن: صلاة المسافر (القصر والجمع) - فقه العبادات على المذهب المالكي

[كوكب عبيد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة [المؤلفة]

- ‌تقديم [الشيخ إبراهيم اليعقوبي الحسني]

- ‌مالك بن أنس رضي الله عنه

- ‌[متن الكتاب]

- ‌كتاب الطهارة

- ‌الباب الأول: تعريف الطهارة:

- ‌الباب الثاني: الأعيان الطاهرة والأعيان النجسة

- ‌الباب الثالث: آداب قضاء الحاجة

- ‌الباب الرابع: الفصل الأول الوضوء

- ‌الباب الخامس: الغُسْل

- ‌الباب السادس: التيمم

- ‌الباب السابع: الحيض والنفاس والاستحاضة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الباب الأول: تعريف الصلاة:

- ‌الباب الثاني: الأذان والإقامة

- ‌الباب الثالث: شروط الصلاة:

- ‌الباب الرابع: صفة الصلاة

- ‌الباب الخامس: الفصل الأول سجود السهو

- ‌الباب السادس: صلاة التطوع

- ‌الباب السابع: صلاة الجماعة

- ‌الباب الثامن: صلاة المسافر (القصر والجمع)

- ‌الباب التاسع: صلاة الجمعة (1)

- ‌الباب العاشر: صلاة الخوف

- ‌الباب الحادي عشر: الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌الباب الأول: تعريف الزكاة:

- ‌الباب الثاني: الفصل الأول

- ‌الباب الثالث: مصارف الزكاة

- ‌الباب الرابع: صدقة الفطر

- ‌كتاب الصوم

- ‌الباب الأول⦗ص: 303⦘: تعريف الصوم:

- ‌الباب الثاني: الاعتكاف

- ‌كتاب الحج

- ‌الباب الأول⦗ص: 333⦘: تعريف الحج والعمرة:

- ‌الباب الثاني: أركان الحج والعمرة

- ‌الباب الثالث: واجبات الحج والعمرة

- ‌الباب الرابع: مندوبات الحج

- ‌الباب الخامس: الفصل الأول

- ‌الباب السادس: الفصل الأول

الفصل: ‌الباب الثامن: صلاة المسافر (القصر والجمع)

‌الباب الثامن: صلاة المسافر (القصر والجمع)

ص: 228

الفصل الأول

قصر الصلاة

قصر الصلاة هو أن تقصر الصلاة الرباعية، وهي الظهر والعصر والعشاء، في السفر إلى ركعتين.

دليل مشروعية القصر في السفر:

ثبتت مشروعية القصر بالكتاب والسنة والإجماع.

من الكتاب قوله تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} (1) .

ومن السنة ما روى يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب: "ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا" فقد أمن الناس. فقال: عجبت مما عجبت منه فسألت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: (صدقة تصدق اللَّه بها عليكم فاقبلوا صدقته)(2) .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (إني صحبت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفر. فلم يزد على ركعتين حتى قبضه اللَّه. ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه اللَّه. وقد قال اللَّه: لقد كان لكم في رسول اللَّه أسوة حسنة)(3) .

وقد أجمعت الأمة على مشروعية القصر.

(1) النساء: 101.

(2)

مسلم: ج 1/ كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 1/4.

(3)

مسلم: ج 1/ صلاة المسافرين وقصرها باب 1/8.

ص: 228

حكم القصر:

ص: 228

1-

سنة مؤكدة آكد من صلاة الجماعة، أي لو لم يجد المسافر مسافراً مثله يصلي معه جماعة صلى

⦗ص: 229⦘

منفرداً على القصر، ولا يقتدي بإمام مقيم لكي لا يتم، وإذا ترك القصر حرم من ثواب هذه السنة. وهذا بالنسبة:

أ- للمسافر سفراً جائزاً (واجباً، مندوباً، مباحاً) طويلاً (مرحلتين فأكثر) تاركاً أهله.

ب- للحاج في مزدلفة وعرفة ولو لم يكن السفر طويلاً بشرط أن لا يكون من أهلهما في وطنهما (أي لا يقصر الحاج في مزدلفة إن كان من أهلها، ولا الحاج في عرفة إن كان من أهلها) .

ص: 228

2-

مكروه في السفر المكروه كالمسافر للهو.

ص: 229

3-

يحرم في السفر المحرم كمن سافر لقطع طريق أو سرقة مال. وأما من عصى في أثناء سفره كشرب خمر أو زنا فيتم صلاته وجوباً وإن قصرها فليس عليه إعادة.

شروط صحة القصر:

ص: 229

1-

أن يكون السفر طويلاً ذهاباً مسافة مسيرة يوم وليلة أو يومين (نهارين) بسير الإبل المحملة بالأثقال سيراً معتاداً (حط وترحال وسير وأكل وشرب وصلاة) ، وتقدر تقريباً بـ (81) كيلومتراً (1) . والعبرة للمسافة لا للمدة التي تقطع فيها هذه المسافة. ويستثنى من شرط المسافة أهل مكة ومنى ومزدلفة والمحصب إذا خرجوا في موسم الحج للوقوف بعرفة، فيسن لهم القصر في الذهاب والإياب إذا بقي عليهم عمل من أعمال الحج التي تؤدى في غير وطنهم؛ وإلا أتموا.

ص: 229

2-

أن يكون السفر مباحاً شرعاً غير محرم كمن سافر لقطع الطريق.

ص: 229

3-

أن يكون المسافر ناوياً في بدء سفره قطع مسافة القصر دفعة واحدة، أما إن كان ناوياً الإقامة بمكان في طريقه، على دون مسافة القصر، إقامة توجب الإتمام كأربعة أيام صحاح ثم يسافر بقية المسافة، فإنه يتم.

ولا تعتبر نية التابع بدون نية متبوعة كالزوجة مع زوجها والجندي مع قائده، فلو نوت الزوجة مسافة القصر دون زوجها لا يصح لها أن تقتصر.

ص: 229

4-

أن يعزم قبل بدء السفر على قطع مسافة القصر أو أكثر، لذا رضي الله عنه يقتصر الهائم على وجهه لأنه لا يدري أين يتوجه، ولا السائح الذي لا ينوي الإقامة في مكان.

ص: 229

5-

أن تكون الصلاة رباعية وسافر في وقتها الضروري، فيقصر الظهرين من غادر بساتين البلد

⦗ص: 230⦘

قبل الغروب بثلاث ركعات فأكثر ولو أخرهما عمداً، أما إن كان خرج وقتها الضروري فلا يقصر ولو قضاها في السفر. وفائتة السفر تصلى قصراً ولو قضاها في الحضر.

ص: 229

6-

أن يشرع في السفر، والشروع فيه يكون إن كان في البلد بمجاوزة بنيانها والفضاء الذي حولها والبساتين المسكونة ولو في بعض العام بشرط أن تكون متصلة بالبلد حقيقة أو حكماً بأن كان ساكنوها ينتفعون من أهل البلد، أما إذا كانت البساتين غير مسكونة فلا يشترط تجاوزها ولو كان فيها حراس بل يقصر بمجرد تجاوز البيوت.

والشروع بالسفر للبدوي يكون بمغادرة حلته (بيوت الشعر) ولو تفرقت.

والشروع بالسفر للساكن في محل خال عن البيوت والخيام يكون بمجرد انفصاله عن مكانه كساكن الجبل أو قرية صغيرة لا بساتين لها.

وينتهي القصر في العودة من السفر:

- إما بمجرد وصوله إلى مكان بدء سفره في ذهابه.

- أو بوصوله إلى البساتين المسكون أو البيوت (فيما لا بساتين له) التابعة لبلد المقصد إن كان ناوياً الإقامة فيها.

- أو إذا رجع من دون مسافة القصر تاركاً للسفر أو لشيء نسيه.

ص: 230

7-

أن لا يقتدي مسافر بمقيم أو بمسافر يتم الصلاة، لأنه إن فعل ذلك وجب عليه الإتمام، سواء اقتدى به في الوقت أو بعد خروج الوقت، ولو كان المقتدي ناوياً القصر بشرط أن يدرك مع الإمام المقيم ركعة كاملة (فإذا لم يدركها فلا يجب عليه الإتمام بل يقصر) ، ويعيد الصلاة في الوقت قصراً على المعتمد. وكذا لو نوى المسافر سهواً عن كونه مسافراً الإتمام فيصليها تامة ثم يعيدها ندباً قصراً، أما لو نوى الإتمام سهواً ثم تذكر أن عليه قصراً فليس له أن يقصرها، وإن قصرها عمداً بطلت وإن قصرها سهواً فأحكام السهو إن تذكر بالقرب أتم وسجد بعد السلام، وإن طال الوقت أو خرج من المسجد بطلت. وكذا إن نوى القصر فأتم عمداً بطلت عليه وعلى مأمومه سواء أتم معه أم لا، أما إن أتم سهواً أو تأويلاً (بأن يرى أن القصر لا يجوز أو أن الإتمام أفضل) أو جهلاً فيعيد في الوقت الضروري وصحت لمأمومه بلا إعادة إن لم يتبعه بالإتمام وإن اتبعه بطلت صلاته. وإن قام الإمام للإتمام سهواً أو جهلاً بعد نية القصر، سبح له المأموم فإن رجع سجد لسهوه وإن لم يرجع فلا يتبعه بل يجلس حتى يسلم لإمامه فإذا سلم الإمام سلم المأموم المسافر، وإن كان غير مسافر قام لإتمام صلاته، فإن سلم المسافر أو قام المقيم لإتمام صلاته قبل سلام الإمام بطلت الصلاة.

⦗ص: 231⦘

(1)80. 5 كيلو متر + 40 متر.

ص: 230

حالة من شك في الإمام هل هو مسافر أم لا:

إن ظن شخص أن الإمام مسافر فاقتدى به فظهر خلافه، أعاد المأموم صلاته أبداً لبطلانها، كمن ظن أن إمامه مقيم فإذا هو مسافر فيعيد أبداً، إن كان المأموم مسافراً في المسألتين. ففي الأولى نوى المأموم القصر وإمامه نوى الإتمام، فإن سلم المأموم من اثنتين خالف إمامه نية وفعلاً، وإن أتم معه فقد خالف فعله نيته. وفي المسألة الثانية نوى المأموم الإتمام لظنه أن إمامه مقيم والإمام نوى القصر لأنه مسافر، فإن قصر المأموم مع إمامه فقد خالف فعله نيته، وإن أتم بمقتضى نيته فقد خالف إمامه نية وفعلاً.

أما لو اقتدى المقيم بالمسافر فصح، لأن المقيم دخل في الصلاة على مخالفة إمامه من أول الأمر، أما الحالة السابقة فدخل المأموم على موافقة إمامه فأخطأ ظنه فلم يغتفر.

ص: 231

8-

أن ينوي القصر عند الصلاة، وتكفي نية القصر في أول صلاة صلاها في السفر ولا يلزم تجديدها فيما بعد من الصلوات.

وإذا لم ينو المسافر نية القصر أو الإتمام، كأن ينوي الظهر مثلاً من غير ملاحظة واحد منهما ففي صحتها وعدمها قولان، فإذا قلنا بصحتها ففي لزوم الإتمام أو التخيير بين الإتمام والقصر أيضاً قولان.

ما يمنع القصر في السفر:

ص: 231

1-

دخول وطنه المار عليه، بأن كان مسافراً من مكان غير وطنه فلما مرّ عليه دخله، فعليه أن يتم صلاته ولو لم ينو إقامة أربعة أيام.

ص: 231

2-

دخول مكان إقامة زوجته المدخول بها لا مكان إقامة أقاربه (أم، أب، أخ) .

ص: 231

3-

نية دخوله وطنه، أو مكان إقامة زوجته، الذي يمر عليه في طريقه إذا كان يبعد عن بدء السفر أقل من مسافة القصر، ولو لم ينو الإقامة أربعة أيام به. ثم إذا شرع في بقية سفره اعتبر ما بقي في سفره فإن كان الباقي مسافة قصرٍ قَصَر وإلا فلا يقصر. أما إذا كان وطنه أو بلد زوجته الناوي دخوله أثناء سفره يبعد عن بدء السفر مسافة قصر فإنه يستمر بالقصر حتى دخوله.

ص: 231

4-

دخوله بلده الراجع إليها سواء كانت وطنه أم لا، وإن لم ينو إقامة أربعة أيام. وفي رجوعه إن كانت المسافة مسافة قصرٍ قصَر وإلا فلا يقصر.

ص: 231

5-

نية إقامة أربعة أيام بشرطين:

الأول: أن تكون تامة ولا يحتسب منها يوم الدخول إن دخل بعد طلوع الفجر، ولا يوم الخروج إن خرج في أثنائه.

⦗ص: 232⦘

الثاني: وجوب عشرين صلاة على الشخص في هذه الإقامة، فمن دخل مثلاً قبل فجر السبت ونوى أن يقيم إلى غروب يوم الثلاثاء ويخرج قبل العشاء لم ينقطع حكم سفره، لأنه وإن كانت الأيام الأربع كاملة إلا أنه لم يجب عليه عشرون صلاة. ومن دخل قبل عصر يوم ولم يكن صلى الظهر ونوى الارتحال بعد صبح اليوم الخامس لم ينقطع حكم سفره، لأنه وإن وجب عليه عشرون صلاة إلا أنه ليس معه إلا ثلاثة أيام كاملة.

ونية الإقامة إما أن تكون في ابتداء السير أو في أثنائه، فإن كانت في ابتداء السير وكانت المسافة ما بين محل النية ومحل الإقامة مسافة قصرٍ قصَر إلى أن يدخل المحل المنوي الإقامة فيه، وإن كانت المسافة أقل من مسافة القصر انقطع القصر من حين النية.

أما إذا كانت نية الإقامة أثناء السفر فإنه يقصر حتى يدخل محل الإقامة بالفعل.

ومثل نية الإقامة أن يعلم المسافر بالعادة أن مثله يقيم في الجهة المتجه إليها أربعة أيام فأكثر، فإنه يتم وإن لم ينو الإقامة، أما إن أراد أن يخالف العادة ونوى أن لا يقيم فيها الأربعة أيام المعتادة فإنه لا ينقطع حكم سفره.

وإذا جهل مدة الإقامة، كالمقيم لحاجة الذي يرتبط سفره بانتهائها، فإنه لا يترك القصر ولو طالت المدة، إلا إذا علم أن حاجته لا تقضى إلا بعد أربعة أيام فعندها يترك القصر ويتم.

وإن كان في الصلاة، ونوى في أثنائها الإقامة في ذاك المكان أربعة أيام، قطع الصلاة، ويندب له إن كان إن كان صلى ركعة بسجدتيها، أن يشفعها بأخرى قبل قطع الصلاة، ولا تجزئه إن صلاها أربعاً ناوياً بها صلاة مقيم، لأنه لم يحرم بها بهذه النية، وكذلك لا تجزئه سفريّة لنية الإقامة فيها، أما إن نوى الإقامة بعد الفراغ من الصلاة أعاد الصلاة في وقتها الاختياري.

ما يندب للمسافر:

ص: 231

1-

تعجيل الرجوع إلى وطنه بعد قضاء حاجته والمكث بعدها خلاف الأوْلى.

ص: 232

2-

استصحاب هدية بقدر حاله لعياله وجيرانه.

ص: 232

3-

الدخول نهاراً، ويكره الطروق ليلاً لغير معلوم القدوم، أما من أعلم أهله بقدومه في وقت معين فلا كراهة إن كان قدم ليلاً.

⦗ص: 233⦘

الفصل الثاني

جمع الصلاة

الجمع هو أن يجمع المصلي تقديماً بين الظهر والعصر في وقت الظهر، والمغرب والعشاء في وقت المغرب. وتأخيراً بين الظهر والعصر في وقت العصر، والمغرب والعشاء في وقت العشاء.

أما الصبح فلا يصح فيه الجمع على أي حال.

حكمه: جائز (خلاف الأوْلى) عند وجود مشقة دفعاً للحرج. والأوْلى تركه.

أسباب الجمع:

ستة [ص؟؟] : السفر، والمرض، والمطر، والوحل مع الظلمة، وجود الحاج في عرفة ومزدلفة.

أولاً: الجمع في السفر:

يجوز الجمع في السفر بين الظهرين والعشاءين جمع تقديم أو تأخير. ودليله ما روى أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان (إذا عجل عليه السفر، يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر. فيجمع بينهما. ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء، حين يغيب الشفق)(1) .

(1) مسلم: ج 1/ كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 5/48.

ص: 232

شروط السفر الجائز فيه الجمع:

ص: 233

1-

أن يكون السفر مباحاً لا محرماً ولا مكروهاً.

ص: 233

2-

أن يكون السفر براً لا بحراً، لأن رخص الجمع ثبتت في سفر البر لا في غيره بدليل قوله تعالى:{وإذا ضربتم في الأرض} .

ولا يشترط أن يكون السفر طويلاً بل يجوز الجمع في السفر مطلقاً سواء كان سفر قصر أم لا

شروط جمع التقديم بين الظهرين:

ص: 233

1-

أن تزول الشمس عليه حال نزوله في المكان الذي ينزل فيه المسافر للاستراحة.

ص: 233

2-

أن ينوي الارتحال عنه قبل دخول وقت العصر، فإذا جمع ولأمر ما لم يرتحل حتى دخل وقت العصر، فالقول المعتمد لا يعيدها في وقتها.

ص: 234

3-

أن يكون ناوياً أن لا ينزل مرة ثانية إلا بعد الغروب، أما إن كان ناوياً النزول مرة أخرى قبل اصفرار الشمس وجب عليه أن يصلي الظهر فقط ولا يجمع (ولكن إن جمع العصر معه أجزأه مع الإثم وندب له إعادته بعد نزوله) ، أما إن نوى النزول بعد الاصفرار وقبل الغروب فهو مخير بين الجمع وعدمه، لأنه إن قدم العصر صلاها في وقتها الضروري المقدم لأجل السفر وإن أخّرها صلاها في وقتها الضروري المشروع وهذا هو الأوْلى.

ص: 234

4-

أن ينوي الجمع عند صلاة الظهر على الراجح.

كيفية جمع التقديم:

يؤذن لصلاة الظهر على المنارة كالعادة في أول وقتها ثم يصليها، ثم يؤذن لصلاة العصر بصوت منخفض في المسجد ثم يصليها قبل أن يرتحل.

ويكره الفصل بين الصلاتين بكلام أو بصلاة نفل.

شروط جمع التأخير بين الظهرين في السفر:

ص: 234

1-

أن تزول الشمس عليه وهو سائر.

ص: 234

2-

أن يكون ناوياً النزول في وقت الاصفرار أو قبله، أما إن نوى النزول بعد المغرب أو كان لا يعلم هل ينزل قبل الغروب أو بعده فيصلي كل واحدة في وقتها الاختياري ويجمعهما جمعاً صورياً بحيث يصلي الظهر في آخر وقتها ثم يدخل وقت العصر فيصليه في أول وقته.

ص: 234

3-

أن ينوي تأخير صلاة الظهر عن وقتها ليجمعها مع العصر.

وشروط الجمع بين العشاءين تقديماً وتأخيراً، هي نفس شروط الجمع بين الظهرين تقديماً وتأخيراً مع ملاحظة أن أول وقت المغرب وهو الغروب ينزل بمنزلة الزوال بالنسبة للظهر. وأن ثلث الليل الأول ينزل بمنزلة اصفرار الشمس بعد العصر وأن طلوع الفجر بمثابة غروب الشمس.

ثانياً- الجمع في المرض:

يجوز الجمع بين الظهرين والعشاءين لمن كان مريضاً يشق عليه القيام لكل صلاة أو وضوء، وكذلك للمبطون، ويكون الجمع صورياً بأن يصلي الظهر في آخر وقته الاختياري، والعصر في أول وقته الاختياري، ويصلي المغرب قبيل مغيب الشفق الأحمر، والعشاء في أول مغيبه. وهو جائز من غير كراهة في حقه لقيام عذره، ولصاحبه فضيلة أول الوقت. أما إذا جمع غير المعذور هذا الجمع

⦗ص: 235⦘

الصوري فيجوز له مع الكراهة لأن فضيلة أول الوقت تفوته دون عذر. وأما صحيح الجسم، إن خاف أن ينتابه دُوار يمنعه من أداء الصلاة على وجهها، أو إغماءٌ يمنعه من الصلاة عند دخول وقت الثانية، فإنه يجوز له أن يقدم الثانية مع الأولى، فإن قدمها ولم يقع ما خاف منه أعادها في الوقت استحباباً. ودليل ذلك ما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال:(جمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، بالمدينة، في غير خوف ولا مطر)(1) .

(1) مسلم: ج 1/ كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 6/54.

ص: 234

ثالثاً- الجمع في المطر والطين مع الظلمة:

يجوز جمع تقديم للعشاءَين فقط (لا الظهرين لعدم المشقة) إذا نزل مطر غزير أو برد (أما الثلج فلا يوجد فيه نص، وسئل عنه ابن سراج فقال: لا أعرف له نصاً، والذي يظهر أنه إذا كثر بحيث يتعذر رفعه جاز الجمع وإلا فلا) أو متوقعٌ نزول مطر (إذا جمع في حالة التوقع ولم ينزل المطر فينبغي إعادة الثانية في وقتها) أو حصول طين مع ظلمة للشهر لا للغيم. ويجوز الجمع في كل مسجد ولو مسجد غير جمعة (خلافاً لمن خصه بمسجد المدينة أو مكة) محافظة على صلاة العشاء في جماعة من غير مشقة.

شروط صحة الجمع في المطر أو الطين مع الظلمة:

ص: 235

1-

أن يكون الجمع في المسجد فلا يجوز في المنازل.

ص: 235

2-

أن تصلى جماعة، فلا يجوز الجمع لمنفرد ولو كان يصلي في المسجد؛ إلا إذا كان إماماً راتباً له منزل ينصرف إليه، فإنه يجمع وحده وينوي الجمع والإمامة، لأنه مُنْزل منزلة الجماعة.

ويجوز الجمع لمعتكف في المسجد تَبَعاً للجماعة لا استقلالاً (إذ لا مشقة عليه في إيقاع العشاء في وقتها) .

ص: 235

3-

نية الجمع عند الصلاة الأولى. فإذا نزل المطر أثناء صلاة الأولى أو بعدها فلا تجمع الثانية معها لوجوب نية الجمع عند الأولى وهو الراجح.

كيفية الجمع: يؤذن للمغرب كالعادة بصوت مرتفع في أول وقتها، وتؤخر (1) قليلاً ندباً بعد الأذان بقدر ثلاث ركعات ثم تصلى، ثم يؤذن (2) للعشاء ندباً في المسجد بصوت منخفض لا على المنارة لئلا يظن دخول وقت العشاء المعتاد، فيصلونها وينصرفون. ويكره الفصل بينهما بكلام أو نفل،

⦗ص: 236⦘

(1) قال المتأخرون: لا معنى لتأخيرها قليلاً إذ في ذلك خروج الصلاتين معاً عن وقتهما المختار.

(2)

وهناك قولان في إعادته عند مغيب الشفق، والمعتمد إعادته لأجل صلاة السنة.

ص: 235

وإذا تنفل فلا يمتنع الجمع، وكذا يكره التنفل في المسجد بعد صلاة العشاء لأن القصد من الجمع أن ينصرفوا في الضوء والتنفل يفوِّت ذلك. وتؤخر صلاة الوتر حتى يغيب الشفق لأنها لا تصح إلا بعده.

رابعاً- الجمع بعرفة:

حكمه: يسن للحاج بعرفة أن يجمع بين الظهر والعصر مع الإِمام جمع تقديم، ولو كان الحاج من أهل عرفة أو من أهل أماكن النسك كمنى ومزدلفة لكن يشرط أن يكون الجمع مع الإِمام، فإن لم يصل مع الإِمام صلى كل صلاة في وقتها.

خامساً- الجمع بمزدلفة:

حكمه: يسن للحاج بعد أن يفيض من عرفة أن يؤخر صلاة المغرب حتى يصل إلى مزدلفة فيصليها مع العشاء جمع تأخير، ولو كان من أهل مزدلفة.

ويسن قصر العشاء فيها لغير أهلها (لأن القاعدة هي: الجمع سنة لكل حاج والقصر خاص بغير أهل المكان الذي هو فيه: عرفة، مزدلفة) .

ص: 236