الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مالك بن أنس رضي الله عنه
-
لمحة عن حياته (93 - 179 هـ)
⦗ص: 13⦘
نسبه:
هو الإمام الذي عرف بإمام دار الهجرة، مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو الأصبحي اليمني.
انتقل جد أبيه - وهو أبو عامر بن عمرو - من اليمن إلى المدينة المنورة بعد غزوة بدر الكبرى، وصاهر بني تميم وحضر المغازي كلها مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلا بدراً، فهو صحابي جليل، رضي الله عنه.
أما أبوه أنس، وجده مالك، فمن التابعين. وأما الإمام مالك وكنيته أبو عبد اللَّه، فمن تابعي التابعين، رضوان اللَّه عليهم.
مولده ونشأته:
اختلف العلماء في السنة التي ولد فيها مالك رضي الله عنه، ولكن الأكثر على أنه ولد سنة ثلاث وتسعين للهجرة في ذي المروة شمال المدينة المنورة، ثم انتقلت الأسرة إلى العقيق ومن العقيق انتقلت الأسرة إلى المدينة المنورة، وبها نشأ الإمام، فرأى آثار الصحابة والتابعين كما رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيها فانطبع في نفسه تقديسها مما دعاه أن لا يطأ أديمها بدابة قط. وكان ما عليه أهلها أصلاً من أصول استنباطه.
نشأ الإمام مالك في بيت مجد من بيوت العلم فجده مالك بن أبي عامر كان من كبار التابعين وعلمائهم. وشارك هذا الجد المبارك في مهمة دينية رسمية، وهي مهمة كتابة المصاحف في
⦗ص: 14⦘
عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان، رضي الله عنه، فكان مالك الجد، ممن كتبوها، في حين لم يكن يندب في ذلك العهد لهذه المهمة إلا أشخاص بارزون.
وكان النضر - أخو الإمام مالك - ملازماً للعلماء، يتلقى عليهم، حتى إن مالكاً حين لازمهم، كان يعرف بأخي النضر، فلما ذاع أمر مالك بين شيوخه، صار يُذكر بأن النضر أخو مالك.
ولقد كانت البيئة العامة للبلد الذي عاش فيه توعز بالعرفان وتنمي المواهب إذ هي مدينة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم موطن الشرع ومبعث النور ومعقد الحكم الإسلامي الأول ومرجع العلماء في العصر الأموي الأول، حتى إن ابن مسعود كان يُسأل عن الأمر في العراق فيفتي فإذا رجع إلى المدينة ووجد ما يخالفه لا يحط عن راحلته حتى يرجع فيخبر من أفتى.
في ظل هذه البيئة الخاصة والعامة نشأ مالك وحفظ القرآن في صدر حياته، ثم اتجه بعد ذلك إلى حفظ الحديث، وجالس العلماء. ويحكي عن نفسه رضي الله عنه فيقول:"إنه استأذن أمه في مجالسة العلماء، فألبسته أحسن الثياب وعممته، ثم قالت له: اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه". فجلس بنصيحة أمه إلى ربيعة الرأي وهو حدث صغير.
طلبه للعلم ومنزلته العلمية:
كان الإمام مالك رضي الله عنه دؤوباً على طلب العلم وصرف نفسه إليه في جد ونشاط وصبر، يترقب أوقات خروج العلماء من منازلهم إلى المسجد. وقد حدث الإمام مالك عن نفسه فقال:"إنه انقطع إلى ابن هرمز سبع سنين لم يخلطه بغيره" وأنه كان يلازمه من بكرة النهار إلى الليل. وقد رأى فيه ابن هرمز النجابة وتنبأ له بمستقبل زاهر، فقد قال لجاريته يوماً:"من بالباب"؟ فلم تر إلا مالكاً، فقالت: ما ثم إلا ذاك الأشقر، فقال:"أدعيه فذلك عالم الناس".
كما كان مالك رضي الله عنه لا يستجم في وقت تحسن فيه الراحة إن وجد في ذلك الوقت فرصة للطلب لا يجدها في غيره، وقد قال رضي الله عنه: "شهدت العيد، فقلت: هذا يوم يخلو فيه ابن شهاب، فانصرفت من المصلى حتى جلست على بابه فسمعته يقول لجاريته: انظري من بالباب، فسمعتها تقول له: هو ذاك الأشقر مالك. قال: أدخليه. فدخلت، فقال: ما أراك انصرفت بعد إلى منزلك؟ قلت: لا، قال: هل أكلت شيئاً؟ قلت: لا، قال: أتريد طعاماً، قلت: لا حاجة لي فيه. قال: فما تريد؟ قلت: تحدثني، قال: هات، فأخرجت ألواحي، فحدثني بأربعين حديثاً، فقلت: زدني، قال: حسبك إن كنت رويت هذه الأحاديث فأنت من الحفاظ،
⦗ص: 15⦘
قلت: قد رويتها فجذب الألواح من يدي، ثم قال: حدث، فحدثته بها، فردها إلي وقال: قم، أنت من أوعية العلم".
وأخذ الإمام أيضاً عن نافع مولى ابن عمر فانتفع بعلمه كثيراً. ويقول الإمام مالك في ذلك: "كنت آتي نصف النهار وما تظلني شجرة من شمس أتحين خروجهُ. فإذا خرج أدعه ساعة كأني لم أره، ثم أتعرض له فأسلم عليه، حتى إذا دخل، أقول له: كيف قال ابن عمر في كذا وكذا، فيجيبني".
وهكذا نجد أن مالكاً لم يدخر جهداً في طلب العلم كما أنه لم يدخر في سبيلهِ مالاً حتى لقد قال تلميذه ابن القاسم: "أفضى بمالك طلب العلم إلى أننقض سقف بيته فباع خشبه ثم مالت عليه الدنيا من بعد".
ولما نضج فكر مالك رضي الله عنه واستوت رجولته جلس في مجلس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للدرس والإفتاء، وذلك بعد أن استوثق من رأي شيوخه فيه وإقرارهم بأنه لذلك أهل، ولقد قال رحمه الله:"ما جلست للحديث والفتيا حتى شهد لي سبعون شيخاً من أهل العلم أني موضع لذلك - ومنهم الزُهري وربيعة -". وكان يردد كلمته الرائعة: "لا خير فيمن يرى نفسه في حال لا يراه الناس لها أهلاً".
وكان الإمام مالك رضي الله عنه لا يروي إلا عن الثقات، حتى قال الإمام النسائي:"أمناء اللَّه على علم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: شعبة بن الحجاج، ومالك بن أنس، ويحيى بن سعيد الفطان".
وقد التزم مالك في دراسة السكينة والوقار والابتعاد عن لغو القول ومالا يحسن بمثله وكان يقول: "من آداب العالم ألا يضحك إلا تبسماً" وما كان ذلك فيه لجفوة في نفسه بل كان يأخذ نفسه بذلك احتراماً للدرس والحديث. قال بعض تلامذته: "كان مالك إذا جلس معنا كأنه واحد منا، يتبسط معنا في الحديث، وهو أشد تواضعاً منا له، فإذا أخذ في الحديث - أي حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تهيبنا كلامه، وكأنه ما عرفنا ولا عرفناه".
وكان مع أنه النبيل ذو السمت الحسن في عامة أحواله كان في درسه يعطي نفسه عند التحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم سمتاً أحسن ومظهراً أروع، فكان إذا تحدث توضأ وتهيأ، ولبس أحسن ثيابه، ولم يكن يجلس على المنصة إلا إذا حدث حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان يوضع عود بالمجلس، فلا يزال يبخر حتى يفرغ الحديث الشريف.
وكان رضي الله عنه يعنى في درسه بأن يجيب عن المسائل الواقعة، ولا يحب أن يسير وراء
⦗ص: 16⦘
الفرض والتقدير. وقد سأله سائل عن مسألة فرضية، فقال:"سل عما يكون، ودع ما لم يكن". وسأله آخر عن مسألة أخُرى فلم يجبه فقال له: لم لا تجيبني؟ فقال: "لو سألت عما ينتفع به لأجبتك".
وكان رضي الله عنه يقول: "لا أحب من الكلام إلا ما كان تحته عمل".
وكان رضي الله عنه إذا سُأل عن مسألة لا يعلمها يقول: "لا أدري"، وقد أخذ هذه الكلمة عن شيخه ابن هرمز رضي الله عنه فقد حدث عن شيخه فقال:"سمعت ابن هرمز يقول: ينبغي أن يورِّث العالم جلساءه قول لا أدري، حتى يكون ذلك أصلاً في أيديهم يفزعون إليه. فإذا سُئل أحدهم عما لا يدري، قال لا أدري".
وكان رضي الله عنه يقول: "بلغني أن العلماء يُسألون يوم القيامة عما يُسأل عنه الأنبياء".
كما كان يقول: "العلم آية محكمة أو سنة مبينة ثابتة أو: لا أدري".
وكان من طريقة الإمام مالك في فقهه، أن يقدم القرآن أولاً وقبل كل شيء، ويستعين في فهمه بالحديث والسنة، ولكنه كان - كما ذكرنا - يدقق في رواية الحديث، حتى لا يختلط صحيح بغير صحيح، وهو يعد عمل أهل المدينة حجة، ومصدراً من مصادر الفقه الهامة، وهو يلتزم السنة ولا يفارقها إلى الإفتاء، وكان كثيراً ما يردد البيت التالي:
وخير أمور الدين ما كان سُنة * وشر الأمور المحدثات البدائع
وبعد الكتاب والسنة، كان يأخذ بفتوى الصحابة، رضي الله عنهم، لأنهم هم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار. وقد شاهدوا الرسول، صلى الله عليه وسلم، وصاحبوه، وسمعوا منه، وأخذوا عنه. كما كان يأخذ بالإجماع، ويقصد به ما اجتمع عليه أهل الفقه والعلم.
وكان الإمام مالك إذا لم يجد نصاً، يأخذ بالقياس، والاستحسان، والعرف وسد الذرائع، والمصالح المرسلة (أي المطلقة غير المقيدة)، ولكنه يشترط في الأخذ بالمصالح المرسلة عدة شروط منها:
-1- ألا تنافي المصلحة أصلاً من أصول الإسلام، ولا دليلاً قطعياً من أدلته.
-2- أن تكون المصلحة مقبولة عند ذوي العقول.
3-
أن يرتفع بها الحرج، لقوله تعالى:{وما جعل عليكم في الدين من حرج} (1) .
وهكذا نرى أن مالكاً رضي الله عنه قد بلغ من علم السنة الذروة، ومن الفقه درجة صار فيها فقيه الحجاز الأوحد، حتى إن حماد بن زيد كان يقول لرجل جاءه في مسألة اختلف فيها الناس: "يا
⦗ص: 17⦘
أخي إن أردت السلامة لدينك فسل عالم المدينة وأصغِ إلى قوله فإنه حجة بين الناس".
وقد نال مالك رضي الله عنه من ثناء العلماء حظاً وافراً، فقال في حقه الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه:"ما رأيت أسرع منه بجواب ونقد تام".
وشهد له بالفضل أبو يوسف فكان يقول فيه: "ما رأيت أعلم من ثلاثة: مالك وابن أبي ليلى وأبي حنيفة" إذ كان الأخيران شيخيه فوضع مالك في مرتبتهما.
وقال في شأنه تلميذه الإِمام الشافعي رضي الله عنه: "مالك حجة اللَّه على خلقه بعد التابعين، ومالك أستاذي، وعنه أخذت العلم، ومالك معلمي، وما أحد أمنّ عليّ من مالك، وجعلته حجة فيما بيني وبين اللَّه".
وقال فيه أيضاً: "إذا ذكر العلماء فمالك النجم"، وكذلك قال فيه:"إذا جاءك الحديث عن مالك فشد يدك عليه"
وقال الإِمام أحمد بن حنبل فيه: "مالك سيد من سادات أهل العلم، وهو إمام في الحديث والفقه، ومن مثل مالك؟ متبع لآثار من مضى، مع عقل وأدب".
وقد تأول التابعون وتابعو التابعين في الإِمام مالك رضي الله عنه بأنه العالم الذي بشر به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: (يوشك أن يضرب الناس أكباد الإِبل يطلبون العلم، فلا يجدون أحداً أعلم من عالم المدينة)(2) .
وأخرج ابن عبد البر وغيره عن مصعب بن عبد اللَّه الزبيري عن أبيه قال:
"كنت جالساً بمسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مع مالك، فجاء رجل فقال: أيكم أبو عبد اللَّه مالك؟ فقالوا: هذا؛ فجاء فسلم عليه واعتنقه وقبله بين عينيه وضمه إلى صدره وقال: واللَّه لقد رأيت البارحة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جالساً في هذا الموضع فقال: هاتوا مالكاً، فأتي بك ترعد فرائصك، فقال: ليس عليك بأس يا أبا عبد اللَّه وكناك وقال: اجلس فجلست، فقال: افتح حجرك ففتحت فملأه مسكاً منثوراً وقال: ضمه إليك وبثه في أمتي، فبكى مالك طويلاً وقال: الرؤيا تسر ولا تغر، وإن صدقت رؤياك فهو العلم الذي أودعني اللَّه".
لذلك لا نعجب، إذا علمنا أن الناس كان يشدون الرحال إليه، من جميع البلاد الإِسلامية، ويزدحمون على بابه طلباً للعلم.
وشهدت القرون بفضله ومكانته وبأن فقهه يجمل عناصر العالمية والتقدم؛ ففي المغرب مثلاً
⦗ص: 18⦘
كانت حياته وما فيها من ملامح قوية موضع الأسوة والقدوة فدرسوها في مدارسهم صغاراً وكانت المثل الأعلى لهم كباراً. وبفقهه ساس المغرب خلفاؤه وحكم قضاته، وبهديه دعا مرشدوه، فكان مالك رضي الله عنه للمغرب المظهر الكامل للإِسلام عروبة وديناً.
وقد تهيأت الأسباب ليكون الإمام مالك بهذا القدر من العلم: فمواهبه وصفاته الشخصية، وشيوخه ودراساته، وعصره وبيئته، كل هذا هيأ له أسباب العلم، فاغترف من بحاره. ولنذكر في كل واحد من هذه الأسباب كلمة تكشفه وتجليه:
(1) الحج: 78.
(2)
الترمذي: ج 5/ كتاب العلم باب 18/2680.
1 -
مواهبه وصفاته:
لقد آتى اللَّه مالكاً من الصفات والمواهب ما جعل منه محدثاً وفقيهاً يأخذ سمته في الاتجاه المستقيم والسير في ضوء القرآن والسنة، وآثار السلف الصالح:
آ - لقد آتاه اللَّه حافظة تعي، فإذا استمع إلى شيء استمع إليه في حرص ووعاه وعياً تاماً، حتى إنه ليسمع نيفاً وأربعين حديثاً مرة واحدة فيلقيها على من استمعها منه مباشرة ولا يضل منه إلا النيف.
ب - والصفة الثانية التي اتصف بها مالك رضي الله عنه وكانت أساساً لنبوغه، هي الصبر والجلد والمثابرة، ومغالبة المعوقات في الوصول إلى الغاية. ولذلك كان رضي الله عنه يقول:"لا يبلغ أحد ما يريد من هذا العلم، حتى يضرَّ به الفقر ويؤثره على كل حال".
جـ - والصفة الثالثة التي كانت من أسباب إدراكه للحقائق وفهمه للحديث وكتاب اللَّه تعالى هي الإخلاص في طلب العلم، فقد طلب لذات اللَّه، ونقى نفسه من كل الشوائب الغرض والهوى في دراسته وأثر عنه أنه كان يقول:"العلم نور لا يأنس إلا بقلب تقي خاشع". وكان يقول أيضاً: "ما زهد أحد في الدنيا إلا أنطقه اللَّه بالحكمة".
د - ومن المواهب التي أعطاها اللَّه مالكاً أيضاً قوة الفراسة والنفاذ إلى بواطن الأمور. وإلى نفوس الأشخاص يعرف ما تكنّ نفوسهم من حركات جوارحهم، ومن لحن أقوالهم. ولقد قال أحد تلاميذه:"كان في مالك فراسة لا تخطئ".
هـ - وهناك في مالك صفة خاصة هي جماع ما وهبه اللَّه من صفات وهي المهابة، وكان له مجلس أقوى تأثيراً من مجلس السلطان من غير أن يكون صاحب سلطان. وقد اجتمع به سفيان
⦗ص: 19⦘
الثوري رضي الله عنه، وهو من قرنائه أصحاب المذاهب، فسئل عما رآه الإمام مالك، فقال سفيان مادحاً له:
يأبى الجواب فما يرجع هيبة * والسائلون نواكس الأذقان
أدب الوقار وعز سلطان التقى * فهو المطاع وليس ذا سلطان
ولا يمكن أن تسند هذه المهابة إلا إلى قوة الروح، وقد أعطى اللَّه سبحانه وتعالى مالكاً هذه الهبة الروحية التي جعلت له سلطاناً عن النفوس واجتذاباً للقلوب.. وإلى جانب هذا أعطاه اللَّه بسطة في الجسم حتى إن تلميذه الزبيري يقول:"كان مالك من أحسن الناس وجهاً وأحلاهم عيناً وأنقاهم بياضاً وأتهم طولاً في جودة بدن" وبذا كانت صفاته الجسمية والعقلية وأخلاقه وأحواله تلقي المهابة في نفس من يعرفه ويلقاه.
هذه هي صفات مالك رضي الله عنه وق تهيأ لهذه الصفات أن تجد شيوخاً صالحين يوجهونها ويسيرون بها نحو الغاية. ولنتكلم عن هؤلاء:
2 -
شيوخه:
جاء مالك في عصر الدولة الأموية، وقد كثر العلماء في المدينة، فأخذ يستقي العلم من شيوخهم غلاماً صبياً، حتى إذا ما شدا في العلم أخذ ينتقي من يأخذ عنهم العلم والحديث وكان يقول:"إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون منه، لقد أدركت سبعين ممن يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عند هذه الأساطين - وأشار إلى المسجد - فما أخذت عنهم شيئاً. وإن أحدهم لو أؤتمن على بيت مال لكان أميناً، إلا أنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن".
ونستطيع تقسيم شيوخ مالك رضي الله عنه إلى قسمين أحدهما: أخذ عنه الفقه كربيعة الرأي بن عبد الرحمن ويحيى بن سعيد، والآخر أخذ عنه الحديث مثل نافع وأَبي الزناد وابن شهاب. أما ابن هرمز فقد أخذ منه ما يعد تثقيفاً عاماً مع علم الرواية.
وأخذ الإمام مالك عن كثيرين غير هؤلاء الذين ذكرناهم، حتى جاء في بعض الروايات أن شيوخه جاوزوا تسعمائة شيخ، ثلثمائة من التابعين، وأكثر من ستمائة من تابعي التابعين.
3 -
دراساته واختباراته الخاصة:
بعد أن تخرج مالك على العلماء لم يقف علمه عند ذلك بل نمّاه، ونقحه باتصال العلمي بعلماء عصره (منهم الليث بن سعد) . وهو وإن لم يبرح المدينة إلا حاجاً، إلا أن الناس كانوا يأتونه
⦗ص: 20⦘
في موسم الحج أفواجاً أفواجاً من كل فج عميق. فوقف منهم على أحوال البلاد المختلفة، والعرف السائد فيها؛ ومن ثم جاء فقهه خصباُ، يتسع في أصوله، لمختلف البيئات والأزمنة.
كما أن تلاميذه الذين جاءوه من بلادهم، وتفقهوا بالمدينة على يديه، عادوا إلى بلادهم، فنشروا فيها فتاويه ومسائله وراسله في مسائل شتى عرضت لهم في بلادهم، فاتسع مذهبه، وكثرت فروعه في أمور واقعة بالفعل، وتتصل بمصالح الناس.
4 -
عصره:
ولد مالك رضي الله عنه في عهد الوليد بن عبد الملك وتوفي في عهد الرشيد، فعاش أربعين سنة في العصر الأموي يكوّن نفسه ويربيها وستاً وأربعين في العصر العباسي يكوّن التلاميذ ويغذيهم وقد وقف الإمام على حقيقة ما وقع في تلك العهود من اضطرابات سياسية ومنازعات فكرية، فأبى أن يزج نفسه في المعركة القائمة فبقي متحفظاً، ووصف بأنه كان أعظم الخلق مروءة وأكثرهم صمتاً، قليل الكلام، متحفظا بلسانه من الناس مداراة للناس.
وقد ظهر في عصره تميّز كل مدينة بناحية من نواحي الفكر: فالبصر بالعقيدة ومن علمائها الحسن البصري، من الكوفة بالفقه العراقي الذي يقوم على آثار ابن مسعود رضي الله عنه وآراء إبراهيم النخعي ومدرسته التي يقوم عليها حماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة، ودمشق وكان فقهها يقوم على تعرف آثار الصحابة والتابعين ويمثله الأوزاعي، أما المدينة كان بها الحديث وبها آثار السلف الصالح وآراء الصحابة كعمر وزيد بن ثابت رضي الله عنهما، ارتضاها مالك رضي الله عنه مقاماً له، شهد فيها كل أعراف الناس، وصور معاملاتهم في الجملة، ومعايشهم وأحوالهم الاجتماعية؛ فكان لهذا الأثر الأكبر في فقهه الذي جاء ملبياً لحاجات الناس ومصالحهم
وفي الحق إنه في عصر الإِمام مالك قد ابتدأت المدارس الفقهية تتلاقى، وأخذت المعارف بينها تتبادل. فكان يجتمع الشيوخ من كل البلدان في موسم الحج يتذاكرون ويتبادلون أنواع المعارف المتصلة بعلم الأثر وعلم الفقه. فهذا أبو حنيفة رضي الله عنه يلتقي بمالك وكلاهما شيخ مدرسة ويتحدثان في المسائل الفقهية ويتفرقان وكلاهما يقدر رأي صاحبه، وهذا الليث بن سعد يتذاكر العلم مع مالك بالخطاب وبالكتاب، فيأخذ كل منهما مما عند الآخر.
وهكذا جاء مالك في عصر كان فيه الفقه قد نضج واستوى على سوقه، فاستطاع بفطنته وقوة عقله أن يتغذى من كل عناصره، ليخرج على الناس بآرائه وفقهه.
⦗ص: 21⦘
معيشته وعلاقته بالحكام:
لم تذكر كتب المناقب والأخبار موارد رزق مالك رضي الله عنه موضحة مبينة، ولكن يُرجح أن مالكاً كان من مرتزقة التجارة فلقد قال ابن القاسم تلميذه:"إنه كان لمالك أربعمائة دينار يتجر بها، فمنها كان قوام عيشه". إلا أن مالكاً لم يكن من المتزهدين في أموال الخلفاء، وإن كان يتعفف عن الأخذ ممن دونهم، ويظهر أنه كان يتقبلها على مضض ليحفظ مروءته، ويدفع حاجته، وما كانت توجبه عليه مكانته الاجتماعية من إيواء لفقراء الطلاب وسد لحاجة المحتاجين. فهو يقبل هدايا الخلفاء بهذه النية، ويظهر أنه مع ذلك الغرض الحسن كان يرى فيها شيئاً ولذلك كان ينهى غيره عن قبولها.
ويبدو أن مالكاً رضي الله عنه كان في أول أمره في عسرة شديدة، سببها انقطاعه لطلب العلم وإهماله مورد رزقه حتى إن ابنته كانت تبكي من الجوع أحياناً، ثم مالت عليه الدنيا من بعد وأتم اللَّه عليه نعمته وأعطاه اليسر. فكان رحمه الله يعنى بلباسه وطعامه ومسكنه، وبكل ظاهر حاله، فكان يلبس أحسن الثياب ويأكل أطيب الطعام، حتى كان يأكل اللحم يومياً. وكان بيته مزوداً بأفخر الرياش، وكان يقول:"ما أحب لامرئ أنعم اللَّه عليه ألا يُرى أثر نعمته عليه، وخاصة أهل العلم، ينبغي لهم أن يظهروا مروءتهم في ثيابهم إجلالً للعلم".
وقد عابوا عليه تلك المعيشة الرغدة، وقالوا إنها معيشة أُمراء، وليست معيشة علماء، فكان رده عليهم أنه يعيش تلك العيشة تأويلاً لقوله تعالى:{قل من حرم زينة اللَّه التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين أمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون} (1) .
وكان رضي الله عنه يقدس المدينة المنورة ويجلها، ولا يركب فيها دابة، ويقول في ذلك:"كيف أطأ بحافر دابة أرضاً تضم جدث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".
وقد طلب إليه الرشيد أن يخرج معه إلى العراق، فقال له:"أما الخروج معه فلا سبيل إليه، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون"، وكان الرشيد أعطاه ثلاثة آلاف دينار فقال للرشيد عندئذ:"هذه دنانيركم كما هي، فلا أوثر الدنيا عن مدينة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".
وكان رضي الله عنه يرى دخول العلماء على السلاطين لدعوتهم إلى الخير، ونهيهم عن الشر،
⦗ص: 22⦘
وكان يقول: "إنما يدخل العالم على السلطان لذلك". ولما قال له بعض تلاميذه: إن الناس يستكثرون دخولك على الأمراء أجاب: "لولا أني آتيهم لما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المدينة سُنة معمولاً بها".
وقد وعظ، رضي الله عنه، الخليفة العباسي المهدي، حينما طلب منه أن يوصيه فقال له:"أوصيتك بتقوى اللَّه وحده، والعطف على أهل بلد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وجيرانه، فإنه بلغنا أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: المدينة مهاجري، وبها قبري، وبها مبعثي، وأهلها جيراني، وحقيق على أمتي حفظي في جيراني، فمن حفظهم كنت له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة".
وكان الإمام مالك، رضي الله عنه، يحرص مراعاة الأدب في رحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقد ناقشه مرة الخليفة المنصور بجوار القبر النبوي الشريف، فارتفع صوت أبي جعفر المنصور في المناقشة، فقال له الإمام مالك: يا أمير المؤمنين، إن اللَّه أدب قوماً فقال:{يا أيها الذين أمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} (2)، ومدح قوماً فقال:{إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول اللَّه أولئك الذين امتحن اللَّه قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم} (3) ، فاضطر المنصور أن يذعن ويخفض صوته.
(1) الأعراف: 32.
(2)
الحجرات: 2.
(3)
الحجرات: 3.
محنته:
نزلت بمالك رضي الله عنه المحنة، في العصر العباسي، في عهد أبي جعفر المنصور، حين اعتدى عليه بالضرب والي المدينة المنورة، وكان ابن عم للخليفة المنصور. وكان الوشاة قد وشوا بالإمام مالك سنة 146 هـ، وقالوا له: إن مالكاً يفتي بأنه لا يمين على مستكره، وهذا معناه أن ما أبرمتموه من بيعة الناس بالاستكراه ينقضه الإمام مالك بفتواه. فأمر الوالي بإحضاره، وضربه سبعين صوتاً، أرهقته وأضجعته.
ولمكانة الإمام مالك في قلوب المسلمين اهتزت جنبات المدينة المنورة، وثار الناس وهاجوا. فخاف الخليفة ثورة أهل الحجاز، فأرسل للإمام مالك يستقدمه إلى العراق. فاعتذر الإمام مالك، فطلب إليه الخليفة أن يقابله في منى في موسم الحج. فلما دخل الإمام على الخليفة، نزل المنصور من مجلسه إلى البساط، ورحب بالإمام وقربه، وقال يعتذر إليه عن ضربه وإيذائه: "واللَّه الذي لا إله إلا هو، يا أبا عبد اللَّه، ما أمرت بالذي كان، ولا علمته قبل أن يكون، ولا رضيته إذ بلغني. يا أبا
⦗ص: 23⦘
عبد اللَّه، لا يزال أهل الحرمين بخير ما كنت بين أظهرهم، وإني أخالك أماناً لهم من عذاب اللَّه وسطوته، ولقد رفع اللَّه بك عنهم وقعة عظيمة، وقد أمرت أن يؤتى بجعفر - الوالي - عدو اللَّه من المدينة على قتب (1) ، وأمرت بضيق محبسه، والمبالغة في امتهانه، ولا بد أن أنزل به من العقوبة أضعاف ما ناله منك".
فرد الإمام مالك، رضي الله عنه:"عافى اللَّه أمير المؤمنين وأكرم مثواه، قد عفوت عنه، لقرابته من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وقرابته منك".
(1) القتب: برذعة صغيرة.
آثاره:
-1 - كتبه:
كان المجتهدون في عصر الصحابة يمتنعون عن تدوين فتاويهم ليبقى المدوَّن من أصول الدين كتابَ اللَّه وحده، ثم اضطر العلماء لتدوين السنة وتدوين الفتوى والفقه، إلا أن هذه المجموعات لم تكن كتباً بل كانت أشبه بالمذكرات الخاصة، وكان أقدم مؤلف موطأ الإمام مالك رضي الله عنه.
ولم يكن لمالك رضي الله عنه الموطأ فقط بل تنسب له مؤلفات أخرى أهمها:
تفسير لطيف وكتاب المجالسات لابن وهب فيما سمعه من مالك في مجالسه، ولكن لم يشتهر عنه إلا الموطأ فقط وسائر تآليفه إنما رواها عنه من كتب بها إليه، وكلها لم تنتشر بين الناس.
والكتابان اللذان يعدان أصلين في مذهب الإِمام مالك هما: الموطأ، والمدونة الكبرى، وهما جامعان لفقهه جمعاً تاماً في الجملة.
أما الموطأ، فهو كتاب ألفه الإِمام مالك -كما ذكرنا - وجمع فيه الصحاح من الأحاديث والأخبار والآثار، وفتاوى الصحابة والتابعين، وذكر الرأي الذي يراه. وقد ألفه في الأربعين سنة، وذلك ما يدلنا على مدى مجهوده فيه. وبحسب كتاب الموطأ أن يقول فيه الإِمام الشافعي رضي الله عنه:"ما في الأرض كتاب من العلم أكثر صواباً من موطأ مالك".
ويقول أحد تلاميذ الإِمام مالك: عرضنا على مالك الموطأ قراءة في أربعين يوماً، فقال:"كتاب ألفته في أربعين سنة أخذتموه في أربعين يوماً، ما أقل ما تفقهون فيه". وقد قال القاضي أبو بكر بن العربي: "الموطأ هو الأصل واللباب، وكتاب البخاري هو الأصل الثاني في هذا الباب،
⦗ص: 24⦘
وعليهما بنى الجميع كمسلم والترمذي". وقال الإِمام النسائي: "ما عندي بعد التابعين أنبل من مالك ولا أجل منه ولا أوثق، ولا آمن على الحديث، ولا أقل رواية من الضعفاء".
وأما المدونة الكبرى، فقد رواها الإِمام سحنون من بعده، وجمع فيها آراء الإِمام مالك بالنص. وهو إن لم يدرك الإِمام، لكنه أدرك تلميذه الإِمام عبد الرحمن بن القاسم، وعنه أخذ الإِمام سحنون العلم. وكان يسأل ابن القاسم فيجيبه، فيقول له: هل سمعت ذلك من مالك؟ يقول: نعم سمعته، وأحياناً يقول: لم أسمع، ولكن هذا رأيي في المسألة. فأثبت الإِمام سحنون ما تلقاه من ابن القاسم في المدونة الكبرى (أربعة مجلدات كبار) ، فجمعت المدونة فتاوى الإِمام، وفتاوى أصحابه الذين ساروا على منهاجه، وكانت الصورة للمذهب المالكي الذي اشتق فقه الرأي فيه من الحياة الواقعية، وقام على أساس جلب أكبر قدر من المنافع، ودفع أكبر قدر من المضار. ولم يشأ الإِمام مالك أن يحمل الناس كلهم على مذهبه - كما أراد هارون الرشيد - بل بين أن أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، اخلفوا في الفروع، وتفرقوا في البلدان، وكل عند نفسه مصيب. كما بين أن اختلافهما رحمةً على هذه الأمة، كل يتبع ما يصح عنده، وكل على هدى، وكل يريد اللَّه. ولو شاء مالك، رضي الله عنه، لتمكن من جمع الناس على الموطأ، ولكنه لم يفعل، لأنه كان يريد وجه اللَّه، وينظر لصالح الأمة العام، ولا ينظر لنفسه.
وهذه النظرة الكريمة من الإِمام مالك، تعلمنا ألا نتعصب لمذهب دون مذهب. ومن تيسرت له دراسة مذهب من المذاهب الأربعة، فليتبعه محترماً بقية المذاهب، كما احترم أصحاب المذاهب بعضهم بعضاً.. فأصحاب المذاهب كلهم أئمتنا، وكلهم ذخر لأمتنا، والجماعة رحمة والفرقة عذاب، ويد اللَّه مع الجماعة.
-2- تلاميذه:
وهم المصدر الثاني لفقهه، وقد كانوا كثيرين جداً جاؤوا من شتى البقاع الإسلامية، وتفقهوا على يديه، ثم عادوا إلى بلادهم، وكانوا رسله إلى تلك البلاد النائية، فانتشر مذهبه في حياته أيّما انتشار، خاصة وأن اللَّه تعالى مدّ له في عمره. نذكر من هؤلاء:
- عبد اللَّه بن وهب: نشر فقه مالك في مصر.
- عبد الرحمن بن لقاسم: لازم مالكاً نحو عشرين سنة، وتفقه بفقهه حتى صار يُرجع إليه في مسائل مالك وفتاويه.
⦗ص: 25⦘
- أشهب بن عبد العزيز القيسي العامري: صحِب مالكاً، وتفقه عليه، وله مدونة يقال لها مدونة أشهب.
- أسد بن فرات بن سنان: جمع بين فقه المدينة وفقه العراق.
- عبد الملك بن ماجشون: وكان فقيهاً، فصيحاً، دارت عليه الفتيا في زمانه إلى موته.
- عبد اللَّه بن عبد الحكم بن أعين.
- عبد الملك بن حبيب الأندلسي.
هؤلاء جميعاً هم تلاميذ مالك رضي الله عنه البارزون في نقل فقهه ونشره في البلاد المتسعة المترامية الأطراف.
أولاده:
وهم أربعة: يحيى وفاطمة ومحمد وحماد. فيحيى روى عن أبيه نسخة الموطأ، ورحل إلى اليمن ومصر وحدّث فيهما. أما فاطمة فكانت من تلاميذه، وكانت محدّثة وحافظة.
مرضه ووفاته:
لقد شاء اللَّه أن يمرض الإِمام مالك يسلس البول، فنقل درسه من الحرم النبوي إلى منزله. وواصل العلم، والحديث، والدرس، والإِفتاء، إلى نهاية أجله المبارك. والأكثرون على أنه مات في الليلة الرابعة عشرة من ربيع الثاني سنة 179 هـ بعد أن مرض اثنين وعشرين يوماً لزم فيها الفراش.
ولم يخبر رضي الله عنه أحداً بمرضه وسبب انقطاعه عن الحرم النبوي إلا يوم وفاته. فقد قال لزواره: "لولا أني في آخر يوم ما أخبرتكم بسلس بولي، كرهت أن آتي مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بغير وضوء، وكرهت أن أذكر علّتي فأشكو ربّي".
وقد هاجت بوفاته الأحزان لدى الأدباء والعلماء، وقد رثته إحدى تلميذاته المعجبات به والوفيات لعهده قائلةً:
بكيت بدمع واكفٍ فقْدَ مالكٍ * ففي فقْده ضاقت علينا المسالكُ
ومالي لا أبكي عليه وقد بكت * عليه الثريا والنجومُ الشوابكُ
رحم اللَّه مالكاً، رضي عنه، وأكرم مثواه. فقد كان كما قال عنه ابن عُيينة:"مالك سراج هذه الأمّة".