الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلاصَة البَحْث
وهي فيما يأتي:
أولاً: الممانعة من تسمية هذا المشروع " تقنيناً " لما تقدم.
ثانياً: الممانعة من ترتيبه على هيئة تحاكي القوانين الغربية في
صياغتها إذ ينبغي لأهل الإسلام - دين العزة والأصالة - دفع عار
الاستجداء. والاستغناء بما عندهم من أصالة في الشكل والمنهج
والمضمون ففيه الغنى إضافة إلى أن لفظ " مادة " لهذا المعنى لا يساعد
عليه الوضع اللغوي فليعلم.
ثالثاً: إن إلزام القاضي بقول مقنن، أو مذهب معين ممتنع شرعاً
وواقعاً. فموقعه من أحكام التكليف حسب الدلائل والوجوه الشرعية أنه:
محرم شرعاً لا يجوز الإلزام به، ولا الالتزام به.
رابعاً: إن تقريب الفقه الإسلامي للقضاة وغيرهم من أهل الإسلام على
وجه يسهل الوقوف على أحكامه ودقائقه، ليس محلاً للتجاذب في هذه
النازلة.
وإن من رد العجز على الصدر: أن ألمح مرة أخرى إلى خلاصة هذا
المبحث فأقول، إن هذه النازلة:
1-
تسميتها " تقنيناً ".
2-
صناعتها على صفة تحاكي القوانين الموضوعة المختلقة
المصنوعة.
3-
إصابة شاكلة كل داهي: الإلزام.
إن هذه النازلة بهذا الشكل: مولود غريب ليس من أحشاء الأمة
الإسلامية، غريب في لغتها، غريب في سيرها وأصالة منهجها، غريب في
دينها ومعتقدها، فهو أجنبي عنها ومجلوب إليها فغريب جداً أن تحتضنه
الأمة الإسلامية بمجرد فكرة الله أعلم بدوافعها وإنه يتعين على أهل
الإسلام أن يحذروا من الانهزام ومعلوم أن من كان على الحق فهو أمة
قوية لا تهزم وإن كان وحده.
هذا: ولعمري فقد نزع المانعون من الإلزام بمنزع صحيح مؤيد
بالدليل الصريح والنظر الرجيح. والله أعلم.
وأخيراً أختم هذه الرسالة بما لهج ابن القيم رحمه الله تعالى بذكره
في كتابه " أعلام الموقعين "(1) مما كان معاذ بن جبل رضي الله عنه كثيراً
ما يقوله في خطبته كل يوم. قال ابن القيم رحمه الله تعالى (2) :
وكان معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول في خطبته كل يوم، قلما
يخطئه أن يقول ذلك: الله حكم قسط، هلك المرتابون، إن ورائكم فتناً
يكثر فيها المال، ويفتح فيها القرآن، حتى يقرأه المؤمن والمنافق والمرأة
والصبي والأسود والأحمر، فيوشك أحدهم أن يقول: قد قرأت القرآن فما
(1) إعلام الموقعين: 1 / 60، 104، 253 - 3 / 297 وقد ذكرها أبو نعيم في " حلية
الأولياء " من ترجمة معاذ رضي الله عنه.
(2)
إعلام الموقعين: 3 / 297.
أظن أن يتبعوني حتى أبتدع لهم غيره فإياكم وما ابتدع فإن كل بدعة
ضلالة، وإياكم وزيغة الحكيم، فإن الشيطان قد يتكلم على لسان الحكيم
بكلمة الضلالة، وإن المنافق قد يقول كلمة الحق، فتلقوا الحق عمن جاء
به، فإن على الحق نوراً. قالوا: كيف زيغة الحكيم؟ قال: هي كلمة
تروعكم وتنكرونها، وتقولون ما هذه فاحذروا زيغته، ولا تصدنكم عنه، فإنه
يوشك أن يفيء ويراجع الحق، وإن العلم والإيمان مكانهما إلى يوم القيامة
فمن ابتغاهما وجدهما) . انتهى.
وهنا ينتهي ما أردت تحريره في فقه هذه النازلة إلى أهل الإسلام والله
تعالى خليفتي عليهم والسلام.