الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس
في الاجتهاد اللغوي
علم بالضرورة أن لغة كل أمة عنصر من عناصر تكوينها ورقيها وذلك
بقدر التزامها واحتفائها بها، أو هبوطها وتدليها بقدر الفوت منها. وأن اللغة
أيضاً تخضع لحياة الأمة ونموها وتتطور بتطورها، لكن متى وقع زمام ذلك
في أيد أمينة تقودها بحزم وأناة، وإلا جلبت لها أمراضاً تنذر بموتها، وعيوباً
تذهب بمحاسنها.
ولهذا قرر حماتها، المخلصون لها، البارزون في حلائبها أن باب
الاجتهاد اللغوي ما زال نافذاً، وأمره راشداً، وأن دعوى إغلاقه لا تُسمع
إلا بدليل يساوي الدليل الذي انفتح به ذلكم الباب الراشد أولاً.
فالاجتهاد إذاً مقيد بان يكون على يد أهله، موزوناً بمقاييس اللغة
المأخوذة من موارد الكلام الفصيح، لا أن يفرض على الأمة بما لم يفه
به فصحاؤها وبناتها أو تؤيده قواعد لغتها وسنن كلامها.
وإلا كان الاجتهاد فيها سبيلاً إلى إفنائها وإحداث لغة أخرى.
ولهذا وجب على حماتها وحدهم دون من سواهم تكميل حاجة الأمة
بوضع مصطلحات لما يتجدد من العلوم والفنون مما تسعه مقاييسها،
ومعاييرها الدقيقة.
ودراسة أي مصطلح علمي وافد بوضعه تحت مجهر اللغة والشريعة
إعمالاً لوصل حاضر الأمة بماضيها، وكف أي دخيل عليها في لغتها
وشريعتها.