المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المواضعة في الاصطلاح على خلاف الشريعةوأفصح اللغى - فقه النوازل - جـ ١

[بكر أبو زيد]

فهرس الكتاب

- ‌التقنين والإلزام

- ‌إيقاظ

- ‌المطْلَبُ الأوّل: عرَضُ تاريخِ نُشُوء هذه الفكرة

- ‌المطْلَبُ الثاني:في بَيَان أوجُه القول بالإلزام مَع بيَان المصالحالمترتّبة عَليْه ثمَّ اتباعِها بمُناقشتها

- ‌الفصل الأولفي أوجه القول بالإلزام

- ‌الفصل الثانيفيما يترتب على الإلزام من مصَالحويندفع به من مفاسد

- ‌الفصل الثالثفي مناقشة أوجه الإِلزام على لسان الممانع

- ‌المطْلَبُ الثَّالثفي أدلة المنع من الإلزاممع بيان المضار المترتبة على القول بالإلزام

- ‌الفصل الأولفي أدلة المنع من الإلزام

- ‌الفصل الثانيفي معرفة ما يترتب على الإلزام

- ‌خلاصَة البَحْث

- ‌المواضعة في الاصطلاح على خلاف الشريعةوأفصح اللغى

- ‌المبحث الأولفي مصادر الأسباب الإسلامية والمصطلحات العلمية

- ‌المبحث الثانيفي ألقاب هذا الفن

- ‌المبحث الثالثفي حقيقة الاصطلاح لغة واصطلاحاً

- ‌المبحث الرابعفي العلاقة بين المعنيين اللغوي والاصطلاحي

- ‌المبحث الخامسفي أن المواضعات سنة لأهل كل فن

- ‌المبحث السادسفي الاجتهاد اللغوي

- ‌المبحث السابعفي تاريخ الأسباب الإسلامية ونشأة المصطلحات الشرعية

- ‌المبحث الثامنفي أنواع المصطلحات

- ‌المبحث التاسعفي طرق المواضعة

- ‌المبحث الحادي عشرفي فوائد الاصطلاح العلمي

- ‌المبحث الثالث عشرفي أن تغيير مصطلحات الشريعةمن ضراوة المخالفين لها

- ‌المبحث الرابع عشرفي العدوان على مصطلحات الشريعة

- ‌المبحث السادس عشرفي تقسيم التشريع إلى أصول وفروع

- ‌المبحث السابع عشرفي ذكر أمثلة لتغييرالمصطلحات في الديار الإسلامية

- ‌خطاب الضمان

- ‌المبحث الأولخطاب الضمان

- ‌المبحث الثانيالفقه الشرعي لخطاب الضمان

- ‌جهاز الإنعاش وعلامة الوفاةبين الأطباء والفقهاء

- ‌المبحث الأولالتصور لأجهزة الإنعاش

- ‌المبحث الثانيعلامة الموت عند الأطباء أو نازلة موت الدماغ

- ‌المبحث الثالثفي حقيقة الموت عند الفقهاء وعلاماته

- ‌المبحث الرابعحالات المريض تحت جهاز الإنعاش

- ‌المبحث الخامسالتكييف الفقهي لهذه النازلة

- ‌طرق الإنجاب في الطب الحديث وحكمها الشرعي

- ‌المبحث الأولبيان ما كتب في هذه النازلة تبعاً أو استقلالاً

- ‌المبحث الثانيقواعد شرعية أمام البحث

- ‌المبحث الثالثفي تفسير مصطلحات طبية ونحوها

- ‌المبحث الرابعتاريخ نشوء هذه النازلة زماناً ومكاناً

- ‌المبحث الخامسولائدها

- ‌المبحث السادسفي صور هذه النازلة

- ‌المبحث السابعفي تنزيل الحكم الشرعي على هذه النازلة

الفصل: ‌المواضعة في الاصطلاح على خلاف الشريعةوأفصح اللغى

" 2 "

‌المواضعة في الاصطلاح على خلاف الشريعة

وأفصح اللغى

(دراسة ونقد)

ص: 101

المواضعة في الاصطلاح

على خلاف الشريعة وأفصح اللغى

الحمد لله الذي فتق لسان العرب بأفصح لسان، وأبلغ بيان وبه أنزل

سبحانه القرآن واصطفى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم من خيار مضر بن نزار بن معد

ابن عدنان.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده

ورسوله، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان

إلى يوم الدين. أما بعد:

فإن قضية المواضعة في الاصطلاح للأمور الشرعية كانت جارية على

السنن الأقوم من هدي الشريعة، وما زالت كذلك على تعاقب القرون، إلا

أنه بقدر ما يصيب الأمة من ضعَةٍ وتحولٍ في حياتها، لقاء التيارات،

والتموجات الفكرية التي تحل في الديار الإسلامية، يحصل قطار جديد من

البلايا والأزمات الشديدة من الانهزام والضياع في جملة من الفتن أنى وليت

وجهك. وكان من ولائدها في هذا المجال غلالة من العدوان على هذه

المصطلحات ولو أن تبلها ببلالها، سواء من قبل أصالة اللفظ المصطلح

عليه لغة، أم من قبل استبداله باصطلاح آخر وافد لوفادته وهكذا، لكنها

تلاقي الدفع في نحورها وأعجازها من أهل العلم فتنطفي جذوتها، وتعود

مردودةً على مختلقها، بضاعة مزجاةً ما لها في معاجم المسلمين من قرار.

وفي العصور الحاضرة التي اختلت فيها مقاييس الحياة في جل الديار

ص: 103

الإسلامية، مُني المسلمون بعدة ويلات وفتن تتوالى من خلال ديارهم

عاملة عملها في قوالب متعددة، فغاب الحكم بالإسلام عن سلطان

الحاكمية في جل دياره وأقصى القضاء الشرعي عن كراسي القضاء في جل

أحكامه.

ونفذ الاستعمار الفكري في تعليم أولاد المسلمين وبَسَطَت عوامل

الانحلال والتفسخ جرانها في ديار الإسلام نافذة إلى أفئدة الأمة على

مسارب التبعية الماسخة للأمم الكافرة.

وهكذا في جملة من الفتن الكاسرة في مجالات متكاثرة من حياة

الأمة، وما فيه قوامها.

وما زالت تتوالى مراغمتها على كل غريب عنها في دينها وأخلاقها

ومسالكها، تمزيقاً للباس التقوى في شكله وحقيقته، فالله طليب الفَعَلةِ

لذلك وهو حسيبهم.

وكان من سوالب هذه البدوات الآثمة والحملات المسعورة غياب

طائفة كبيرة من لغة الشريعة المسطرة في معلمة (1) فقهها، فحلت

(1) معلمة: هذا هو اللفظ الذي يعبر عن المراد منه بوضوح وسلامة مبنى، وقد لهج

المعاصرون بلفظ " موسوعة " وهو اصطلاح قريب العهد في صدر القرن الثالث

عشر. وقد وقع ذلك في قصة لطيفة على لسان أحد الأعجميين، كما في مجلة

الأزهر: " لواء الإسلام 26 / 1158 " بعنوان: الأدب والعلوم. ومما جاء فيه ما نصه

(لطاش كبرى زاده كتاب باسم: موضوعات العلوم ولما كانت إحدى مكتبات

القسطنطينية، تدون فهرساً لمحتوياتها. أملى أحد موظفيها اسم هذا الكتاب على

أحد موظفي المكتبة بلفظ " موضوعات " العلوم، لأن الأعاجم يلفظون: الضاد

بقريب من لفظ: الظاء. فسمع الكاتب الضاد: سيناً. فكتب اسم الكتاب =

ص: 104

مصطلحات أجنبية عن دينها ولغتها في جوانب الحكم، والقضاء،

والتعليم، ولغة الحياة العامة والسلوك. وغيرها متابعة بذلك سنة الإبعاد عن

كتب الشريعة وفقهها بتحنيط لغتها، وبذلك يستحكم الانفصام بين المسلم

وتراثه، ليكون رسماً لا معنى له، وصورة لا حقيقة له.

وبهذا تجسدت أمام المصلحين: نازلة المواضعات الأثيمة على

خلاف اللغة والشريعة، فصارت لكثرتها وشيوعها في مجالات: الحكم،

والقضاء، والتعليم، والعلوم، والفنون كافة: تُمثل لباساً فضفاضاً نسجته

أيدي العِداء فألبسته أمة الإسلام والعرب العرباء.

فكيف لا تستحي أمة تركض لبناء مجدها وهي مصرة على الحنث

العظيم إذ ترفل بلباس عدوها، متقمصة له في غاية ميادين حياتها راكبة

أثباج لجج هائجة من الفتن. ألم يعلموا أن بناء الذات قبل بناء الذوات

وأن التزام الداعية إلى ما يثني عقيدته عليه أساس متين للدعوة إليه. وإلا

فماذا؟

والله يعلم ماذا يلحق بالمسلم الناصح من عميق الآلام عندما يسود

شيء من هذا القتام، لكن هذا الاعتلاج لا يكفي بل لا بد من البيان

عماذا يراد بنا ونحن نيام، من تجليل الأمة بهذا الرداء الأجنبي عنها

= " موسوعات العلوم ". وسمع

إبراهيم اليازجي صاحب مجلة " الضياء " باسم

هذا الكتاب وموضوعه فخيل إليه أن كلمة " موسوعات " تؤدي معنى " دائرة معارف "

فأعلن ذلك في مجلته. وأخذ به: أحمد زكي باشا وغيره. فشاعت كلمة موسوعة.

وموسوعات. لهذا النوع من الكتب. وهي تسمية مبنية على الخطأ كما رأيت. وكان

العلامة أحمد تيمور باشا. والكرملي، وغيرهما يرون تسمية دائرة المعارف باسم:

معلمة لأنه أصح، وأرشق، وأدل على المراد منه

) اهـ.

ص: 105

القاضي على إجلال شريعة ربها وخالقها.

وقد قام علماء اللغة العربية في ذلك مقاماً حميداً شكر الله سعيهم

فبذلوا جهوداً مكثفة في القديم والحديث، فأنشؤا سدوداً منيعة وحصوناً

حصينة للغة القرآن عن عوادي الهجنة والدخيل، إذ أقاموا المجامع وهي

كثر، وألفوا كتب الملاحن وهي أكثر. ودب يراعهم في الكفاح وسالت له

سوابق أقلامهم، وانتشرت سوابح أفكارهم في نفي الدخيل، ونفض

المقرف والهجين، وهكذا تجديداً لمعجزة حماية التنزيل. والتي تجلت

متكاملة بجهود علماء الشريعة المشرفة في ذلك، فلهم القِدح المعلى،

والمكان الأسنى فضموا إلى كفاح أولئك: فائق العناية في الاصطلاح

الشرعي ومتانة التقعيد، والتأصيل، وعدم السماح لأي مصطلح دخيل

بالدخول في اصطلاح التشريع، وإن كان في بعض المتأخرين من

المعاصرين من خفض لها الجناح، ونفخ في بوقها وأناخ والله يغفر لنا

ولهم.

وإنه إلى ساعتي هذه لا أعلم كتاباً ألف في كشف هذه المداخلة،

وصد تلك المحاولة في هذه النازلة من وجهة الشريعة الخالدة، فقيدت من

ذلك نتفاً لكني لم أقف عليها إلا بعد أن سلكت إليها طرائق قدداً، من

كتب الشريعة واللُّغى (1) . متجنباً تشقيق العبارة، وتكلف الكَلِم، وناسب

إذاً أن يكون اسم البحث في هذه النازلة: نازلة المواضعة في الاصطلاح

(1) اللُّغَى: بألف مقصورة في آخرها، جمع لكلمة " لُغَة " فكما يقال: لغات، يقال:

لُغَى أيضاً. وقد استفتح الفيروز آبادي قاموسه بقوله: (الحمد لله منطق البلغاء

باللُّغَى) . قال شارحه الزبيدي (ويأتي جمع لغة على لغات، فيجب كسر التاء في

حالة النصب) . اهـ. وتجمع أيضاً على: لغون.

ص: 106

على خلاف الشريعة وأفصح اللّغى. وقد أدرتها على مباحث توقفك رؤسها

على ما وراءها وهي كالآتي:

المبحث الأول: في مصادر الأسباب الإِسلامية والمصطلحات

العلمية.

المبحث الثاني: في ألقاب هذا الفن.

المبحث الثالث: في حقيقة الاصطلاح: لغة واصطلاحاً.

المبحث الرابع: في العلاقة بين المعنيين اللغوي والشرعي.

المبحث الخامس: في أن المواضعات سنة لأهل كل فن.

المبحث السادس: في الاجتهاد اللغوي.

المبحث السابع: في تاريخ الأسباب الإسلامية والمصطلحات

الشرعية.

المبحث الثامن: في أنواع المصطلحات.

المبحث التاسع: في طرق المواضعة.

المبحث العاشر: في ضوابط المواضعة على الاصطلاح.

المبحث الحادي عشر: في فوائد الاصطلاح العلمي.

المبحث الثاني عشر: في اختلاف أهل الاصطلاح فيه وأسبابه.

المبحث الثالث عشر: في كشف ضراوة المخالفين بتغييرهم

لمصطلحات الشريعة.

المبحث الرابع عشر: في العدوان على مصطلحات الشريعة.

المبحث الخامس عشر: في ضرورة توحيد المصطلحات.

المبحث السادس عشر: في تقسيم التشريع إلى أصول وفروع.

المبحث السابع عشر: في ذكر أمثلة لتغيير المصطلحات.

ص: 107

ولا أدعي أني أخذت بمجامع هذه النازلة، وأنلت قارئها من مباحثها

الطريفة والتالدة، فإنها واسعة المجال، متعددة الأغراض، مترامية

الأطراف، لكني عنيت الاقتصاد، وتباعدت عن جلب الغدد (1) ، والحديث

(1) من الطريف، ما سطره ياقوت في معجم الأدباء 17 / 44 في ترجمة الليث بن

المظفر أنه قال: وأخبرني المنذري أنه سأل ثعلباً عن كتاب العين، فقال: ذاك

كتاب مليء " غُدَد "، قال: وهذا لفظ أبي العباس، وحقه عند النحويين ملآن

غُدَداً، ولكن كان أبو العباس يخاطب العامة على قدر فهمهم.

قلت: ليس هذا بعذر لأبي العباس فإنه لو قال: ملآن غُدداً لم يخف معنى

الكلام على صغار العامة، فكيف وفي مجلسه الأئمة من أهل العلم، ثم سائله

الذي أجابه ليس بتلك الصورة، وإنما عذره أنه كان لا يتكلف الإعراب في

المفاوضة، وهي سنة جِلَّةُ العلماء. وأراد أن في جراب - كذا - العين، حروفاً كثيرة

قد أزيلت عن صورها ومعانيها بالتصحيف والتغيير فهي تضر حافظها كما تضر

الغدد آكلها) . اهـ.

ثم ذكرها ياقوت في ترجمة المنذري محمد بن أبي جعفر المتوفى سنة

329 هـ. 18 / 99.

وإلى الله الشكوى من تكاثر هذه الغُددِ الظاهرة في صنعة المفاليس بنفخ

الكتب: " حشداً للنقول وصرفاً لكلام السلف عن وجهه المراد منه تبريراً لنحلةٍ

فاسدة وآراء شاذة. وكم في هذا من قطع للسبيل على أهل العلم، وتمجيد

للمبتدعة، وتبرير لكلامهم، وحشر لمقولاتهم في مصاف أهل السنة وهذا شأن

من لم تتناوله العقيدة السلفية الراشدة بتهذيب.

وما أجمل ما قاله ابن القيم رحمه الله تعالى في " مدارج السالكين ": (كلام

المتقدمين قليل كثير البركة، وكلام المتأخرين كثير قليل البركة) اهـ.

وكم رأينا من كتاب من كتب السلف في صفحات معدودات ثم ينشره متعالم

- ليعيش على حسابه - في مئات من الصفحات لا أثر له فيها بإحسان، إذ لو قيل =

ص: 108

المعاد. والحر تكفيه الإشارة وإليه يساق الكلام. واللهُ المستعان.

وكتب

بكر بن عبد الله أبو زيد

= لكل تعليقة ارجعي إلى مكانك لما بقي له منها شيء، وما بقي لكاتبها إلا غلة

يستثمرها، أو غدة يحتسب نشرها.

ص: 109