الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
فيما يترتب على الإلزام من مصَالح
ويندفع به من مفاسد
6-
وإنه يترتب على الإلزام بالأحكام المقننة مصالح ويندفع مفاسد
والشريعة مبنية على جلب المصالح وتكثيرها ودفع المفاسد وتقليلها ومن
ترتبات هذا الفصل ما يلي:
أ - بالتقنين الملزم به تكون الأحكام الواجبة التطبيق محددة مبينةً
معروفةً للقاضي والمتقاضي. وذلك أدعى إلى تحقيق العدالة والتيسير على
الناس، وأكفل لتحقيق المساواة بينهم، وطمأنة نفوسهم بالنسبة للقضاة،
فلم يكن بدٌّ من وضع الأحكام الشرعية القضائية على هذا المنوال.
ب - إن عدم التدوين كان سبباً لتهرب بعض المدعين من المحاكم
الشرعية إلى محاكم فرنسا، وأن أولئك المدعين قالوا: " إن العدل غير
مضمون في تحكيم الشريعة الإسلامية ".
ففي هذا تشويه لسمعة البلاد التي تحكم الشريعة، فيتعين إذاً التدوين
الملزم لدفع هذه المفسدة. إذ المدعين لعدم ضمان العدل في المحاكم
الشرعية عللوا ذلك بعدم وجود نصوص مدونة ومعروفة مسبقاً لدى الأطراف
ليلتزموا بها على نحو ما هو معهود في جميع قوانين العالم.
جـ - إن استباط الأحكام الفقهية لتطبيق الحكم منها على واقع
القضية يحتاج إلى مهارة علمية، وملكة قوية، ودراية تامة بالكتب ومنزلتها
وتمييز قوي الروايات من ضعيفها، وهذه المرتبة وإن توفرت في البعض إلا
أنه يقصر عن بلوغها الأكثر.
د - ثم من المعلوم أن أكثر الفقهيات فيها خلاف لا بين المذاهب الدائرة
فحسب، بل خلاف حتى في المذهب نفسه، فيكون هناك مجال للحكم في
قضية على أحد القولين أو الأقوال، والحكم بقضية أخرى على القول الثاني
أو أحد الأقوال، ومعنى هذا أن الحكم قد يكون بالتشهي وفي الإلزام بأحكام
معينة دفع لذلك.
هـ - إنَّهُ يكون قضيتان متماثلتان هذه عند قاضي بلد، والثانية عند
قاضي بلد آخر، فيختلفان في الحكم فيها فينتج من هذا التباين، تظلم
ووقيعة في عرض القاضي والقضاء.
و إنه يقع تجاذب بين حاكم القضية ومدقق الحكم لا من حيث واقع
القضية ولكن من حيث تطبيق الحكم الشرعي على واقعها. ففي هذا من
الإضرار كما في سابقه.
فسداً لباب التقول، وإشغال الجهات بالملاحاة والمراجعات إلى غير
ذلك من دفع المفاسد وجلب المصالح يجب تقنين الأحكام والإلزام
بالقضاء بها بحيث لا يجوز تخطيها ولا الحكم على خلاف موادها.