الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد: وصف عام للحجاز وبيئته الطبيعية والبشرية
5-
وسوف يستبين للقارئ الكريم أن طائفة من شعراء الحجاز في الجاهلية، كانوا يحبون السلام، ويشيدون بأنصار السلام، وكانوا يكرهون الظلم والطغيان، وينددون بأرباب العدوان
…
وكانوا يدعون إلى التكافل الاجتماعي حتى يكون فقيرهم كغنيهم في ميزان الحياة على السواء.
والشعر الحجازي في الجاهلية -في بعض صوره- فضلا عن بلاغته وروعته، غني بالمضامين الحية، وبالروح الإيجابية، والثورة على الخرافات والأوهام والأوضاع الفاسدة، والقيم الموروثة البالية.
وهو إلى ذلك سجل دقيق يصور بيئتهم القلقة المضطربة، وحاكٍ أمين يحكي لنا عن مذاهبهم في الحياة، وأساليبهم في العيش، وطرائقهم في التفكير والتعبير.
وسيجد القارئ أن ألوانا جديدة من الفنون أو الأغراض الشعرية كان الحجازيون أسبق إلى ابتداعها، ولا تكاد توجد في البيئات الأدبية الأخرى في سائر أنحاء الجزيرة.
وما أثر من النثر الجاهلي ينسب معظمه إلى أدباء حجازيين.
6-
ونود في أعقاب هذا التقديم أن نشير إشارة مجملة إلى أهم ما كتبه الأستاذ عبد الله عبد الجبار، فقد تناول بالبحث ما يلي:
أولا: في التمهيد:
بيئة الحجاز الطبيعية ومدنه "ما عدا مكة والمدينة" 24-78
المضريون في الحجاز إلى آخر التمهيد 87-113
ثانيا: في القسم الأول:
التوطئة 119-123
طبيعة الحكم في الحجاز 150-165
باب الحياة الدينية 202-218
ثالثا: في القسم الثاني:
أ- في النثر:
باب الحكم والأمثال 262-304
ب- في الشعر:
الباب الثاني: الشعر الحجازي بين الصحة والوضع 349-406
الباب الثالث: فنون الشعر الحجازي 407-571
الباب الرابع: الموسيقى والغناء 571-592
ثم الخاتمة، وثبت أسماء الشعراء الحجازيين.
وبعد، فهذا الكتاب ثمرة تعاون وثيق صادق، ولا نريد هنا أن ننوه بما عانينا في بحثه من جهد، ولا بما رجعنا إليه من مصادر، ولا بما اكتشفنا فيه من جديد، أو حققنا في ثناياه من أوهام وأخطاء.
وحسبنا أننا وضعنا أقلامنا على موضوع جديد، بذلنا فيه ما وسعنا من طاقة، وحسبنا كذلك أن تتجاوب معه جمهرة المثقفين والباحثين والأدباء، وكل قارئ واعٍ في دنيا القومية العربية وفي كل مكان.
أقسام الجزيرة:
تنقسم الجزيرة العربية إلى خمسة أقسام:
الحجاز، تهامة، نجد، اليمن، العروض.
وهذا التقسيم يكاد يكون طبيعيا، فإن جبل السراة -أعظم جبال الجزيرة- يمتد من اليمن إلى أطراف بادية الشام، فيقسم الجزيرة قسمين: صغير منخفض في الغرب يسمى تهامة أو الغور، وكبير مرتفع في الشرق يسمى نجدا، والعرب تقول: أغار وأنجد، وأتهم وأنجد
…
وجبل السراة هذا يسمى "الحجاز" لحجزه بين القسمين السابقين، وجنوبي الحجاز تقع اليمن، وبين نجد والبحر الشرقي "خليج عمان والبصرة" تقع العروض لاعتراضها بينهما، وسنتكلم في إيجاز على هذه الأقسام الطبيعية للجزيرة العربية:
1-
فأما تهامة فهي بلاد منخفضة بين الحجاز وبحر القلزم، ويضاف جزؤها الشمالي إلى الحجاز والجنوبي إلى اليمن، فيقال: تهامة الحجاز، وتهامة اليمن.
2-
وأما الحجاز فإقليم جبلي يمتد من الشام إلى اليمن، مضافا إليه تهامة الشمالية.
ويسكن جنوبي الحجاز قبيلة كنانة ومنها قريش، وهي التي كان لها السيادة على الحجاز كافة، بل على العرب عامة.
3-
وأما اليمن فتقع في الطرف الجنوبي الغربي للجزيرة، وهي أغزر بلاد الجزيرة العربية أمطارا، وأكثرها زرعا، وأقدمها حضارة، وتسميها العرب "الخضراء" لكثرة مراعيها ومزارعها وأشجارها، ويطلق عليها المستشرقون "البلاد السعيدة"، وفيها يقول شاعر يمني قديم:
هي الخضراء فاسأل عن رباها
…
يخبرك اليقين المخبرونا
ويمطرها المهيمن في زمان
…
به كل البرية يظمئونا
وفي أجبالها عز عزيز
…
يظل له الورى متقاصرينا
وأشجار منورة وزرع
…
وفاكهة تروق الآكلينا
ومن أشهر القبائل اليمنية: مذحج، وهمدان صاحبة يغوث ويعوق. وتشمل اليمن:
أ- حضرموت، وقد اشتهر الحضارمة بالتجارة، وتقع شمالي بلادهم الأحقاف مسكن عاد قوم هود.
ب- مهرة، وإليها تنسب الإبل المهرية، وهي نجائب تسبق الخيل، ولغة أهل هذا الإقليم الحميرية القديمة المستعجمة، وهي لا تكاد تفهم.
جـ- الشحر.
وأهم مدن اليمن: نجران في الشمال، وقد اعتنق أهلها قديما النصرانية، وأرادهم ذو نواس على اليهودية فأبوا فأحرقهم في الأخدود، وقد أنشأ فيها أبرهة بناء ضخما يشبه الكعبة ليصرف العرب عنها، وسماه "القليس" وإلى ذلك ترجع حادثة الفيل.
ومن مدن اليمن: مأرب وهي مدينة سبأ، وبها كان السد الذي حطمه سيل العرم في القديم، وقص قصة سبأ القرآن الكريم: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ
…
} إلخ.
وصنعاء هي حاضرة اليمن قديما وحديثا، وبها قصر غمدان التاريخي العجيب، وقد وصفه الهمداني وصفا شيقا. ومن مدن اليمن: ظفار وهي عاصمة الشحر، وفي المثل:"من دخل ظفار فقد حمر" أي: تكلم بالحميرية.
وبين الحجاز واليمن تقع منطقة عسير، وتقع هذه المنطقة جنوبي الحجاز، وشمال اليمن، وقد جعلها الأتراك أيام حكمهم متصرفية تابعة لولاية اليمن، ولكن حكومة الأشراف في الحجاز كانوا يدعون تبعيتها للحجاز، وقد كان نفوذ أمير مكة يمتد إلى هذه البلاد. وجو عسير قريب من جو اليمن وأمطارها كثيرة وتجري الأودية الرئيسية بها في اتجاه وادي الدواسر الواقع في جنوبي نجد، والبلاد الداخلية في هذه المنطقة خصبة، وهي نظيرة اليمن في الخصب ووفرة المزروعات، وسكانها كثيرون يقدرهم حافظ وهبة بمليون ونصف1.
1 جزيرة العرب في القرن العشرين ص37 ط1946.
الجزيرة العربية:
تقع جزيرة العرب، أو على الأصح شبه الجزيرة العربية جنوبي الشام، وتحيط بها المياه من جهات ثلاث، وقد أطلق العرب عليها اسم "جزيرة" مع أن حدودها الشمالية وهي أرض الجزيرة وبوادي الشام وفلسطين ليست إلا أرضا برية لا تشتمل على بحار أو أنهار، أما حدودها الأخرى فهي واقعة على البحار، وهي جهات الخليج الفارسي "العربي" وبحر عمان وبحر فارس ونهر الفرات شرقا، وبحر القلزم غربا، وبحر العرب -أو المحيط الهندي- جنوبا، ونقل صاحب لسان العرب عن التهذيب: سميت جزيرة العرب جزيرة؛ لأن البحرين: بحر فارس وبحر السودان أحاطا بناحيتيها، وأحاط بناحية الشمال نهر الفرات.
وجزيرة العرب هضبة كبيرة مكونة من جبال وصحارى رملية، أما الصحارى فأهمها اثنتان:
1-
صحراء السماوة: وتسمى بادية السماوة أو صحراء النفود، وتشمل معظم شمالي الجزيرة، ورمالها وعثاء يصعب فيها السير، وتسوخ فيها القدم، وسكانها بدو رحل، يقيمون فيها شتاء، ويرحلون عنها صيفا إلى التخوم الشمالية طلبا للماء والكلأ، وجنوبيها جبل شمر وهو على صورة هلال يتقوس عند انحداره نحو الجنوب، ويسمى جبل طيء، وهو غزير المطر، معتدل الجو.
2-
صحراء الربع الخالي: وفيها بلاد الأحقاف، وهي شمالي حضرموت وكانت الأحقاف مسكنا لعاد قوم هود، ومن هذه الصحراء جزء يسمى الدهناء شمالي مهرة، وتتصل هذه الصحراء ببادية السماوة، وتمتد شرقا إلى الخليج الفارسي، وأرضها مستوية صلبة انتثرت الحصباء فيها، وهي مجدبة وقد ينزل بها مطر قليل، فينبت عليه بعض الكلأ، ويقيم بها البدو شتاء ويرحلون عنها صيفا.
ويوجد نوع من التربة يسمى الأحساء في المنطقة المعروفة بهذا الاسم على الخليج الفارسي، وهي أرض رملية تحتها طبقة صلبة، فإذا سقط المطر تشبع الرمل بالماء، فإذا حفر الإنسان الرمل أصاب الماء.
وهذا هو التعريف اللغوي للأحساء الذي يتضمن أنها أرض رملية تحتها طبقة صلبة، فإذا نزل المطر بلعته الرمال حتى يصل إلى الطبقة الصلبة فأمسكته، فإذا حفر الرمل ظهر الماء وسمي الموضع حسيا وجمعه أحساء، إلا أن إقليم الأحساء وإن كثرت مياهه ووجدت فيه أراضٍ رملية لا ينطبق عليه هذا التعريف اللغوي انطباقا تاما، فالمياه فيه غزيرة جدا، وهي تنبع من الأرض، وتتدفق بقوة، وبعضها يكون بحيرات تشق منها قنوات كثيرة.
وأما الجبال في الجزيرة العربية، فأشهرها:
1-
سلسلة جبال السراة "الحجاز" وهي تمتد من بوادي الشام إلى اليمن، وبها كثير من الأودية العميقة التي تتخللها وتعوق السير فيها، وسنتحدث في الفصول التالية بتوسع عن الحجاز وجباله.
2-
جبل شمر.
3-
الجبل الأخضر في الجنوب الشرقي.
وفي الجزيرة العربية أودية كثيرة، من أشهرها:
1-
وادي الرمة ويبدأ قريبا من المدينة، وينتهي إلى شط العرب مارا بالقصيم.
2-
وادي حنيفة ويبدأ من منحدرات جبل طويق الغربية، غرب مدينة الرياض، إلى اتجاه الخليج الفارسي.
3-
وادي بيشة، ويمتد في الجهة الجنوبية من الحجاز نحو الشرق.
ومن موانئ عسير: البرك، والشقيق، وجازان "جيزان" وسواها، وأشهر بلادها: أبها، وهي على بعد 139 ميلا من بيشة1، ومحايل، وخميس مشيط، وأبي عريش2، وصبيا3.
4-
ومن أقاليم الجزيرة: نجد، وهو إقليم صحراوي تكثر به الأودية والدارات. والدارة: كل أرض واسعة بين جبال، ويرادف هذه الكلمة كلمة "واحة" العامية. وذكر صاحب القاموس المحيط من هذه الدارات عشرا ومائة، وينحصر إقليم نجد بين الحجاز والعراق وبحر فارس والعروض والشام وهو أصح بلاد العرب هواء، وأجملها منظرا، وأكثرها أزهارا، وأطيبها شميما، وبه أرض العالية التي كان يحميها كليب، واشتعلت بسببها حرب البسوس، ومن جبالها: أجا وسلمى جبلا طيء.
ومن أشهر قبائل نجد: كندة، وتميم، وغطفان، وقيس عيلان، وطيء، وبكر، وتغلب.
وأما العروض فيشمل عمان واليمامة والبحرين:
فعمان تقع في الزاوية الجنوبية الشرقية للجزيرة وأهلها مشهورون بالملاحة.
واليمامة في الداخل وإليها تنسب زرقاء اليمامة التي يضرب بحدة بصرها المثل، والبحرين على بحر فارس.
والعروض أكثر بلاد العرب نخيلا؛ ولذا ضرب المثل بهجر قاعدتها في كثرة التمر، فقيل: كناقل التمر إلى هجر، وقد خربها القرامطة، وبنوا الأحساء، واتخذوها عاصمة مكانها.
1 على بعد 420 ميلا من شرق الجنوب الشرقي لمكة، وتقع على الطريق من وادي الدواسر إلى الحرمين، وهي أهم بلدة بين صنعاء والطائف، وتعتبر مفتاح اليمن.
2 كانت عاصمة الشريف حمود.
3 كانت عاصمة الأدارسة إلى أن تنازلوا عن الحكم للسعوديين 1349هـ-1929م.
الحجاز: بيئة الحجاز الطبيعية
الموقع والتضاريس: يقع الحجاز من جزيرة العرب في ناحيتها الشمالية والغربية، وهو يمتد من معان مارا برأس العقبة إلى القنفدة على شاطئ البحر الأحمر. أما حدود الحجاز من الجهة الشمالية فتسير قريبا من مدين إلى الشمال منها، على حين ترجع حدوده الشرقية على الحجر إلى جبلي:"أجا وسلمى"1 "ويطلق عليهما اليوم جبل شمر". أما في الجنوب فوادي تثليث، وما دونه هو الحد الفاصل لسلسلة جبال الحجاز عن اليمن2، ووادي تثليث يقع في الجنوب الشرقي من بلاد عسير منحدرا إلى الشمال، هذا من الناحية الجنوبية والجنوبية الغربية تجاه عسير، أما من الناحية الجنوبية الشرقية تجاه نجد، فقد ذكر ياقوت أن تربة3، ورنية، وبيشة، ثلاثة أودية ضخام أسفلها في نجد، وأعلاها في السراة. وعلى هذا، فالأودية الثلاثة تجري في منطقة الحجاز حتى تتصل بنجد4.
1 الإصطخري في كتابه المسالك "ط دي غويه، ص12، 14".
2 معجم البلدان ص219 ج3.
3 وتربة البلدة، على بعد 90 ميلا من جنوب شرقي الطائف، وعلى الطريق من نجد إلى اليمن، وقد قاومت تربة جيش محمد علي عام 1815م، ووقعت فيها معركة شديدة بين جنود نجد، والملك حسين في 24 من مايو سنة 1919م.
4 ذكر البركاتي في رحلته تحديدا للحجاز، فقال:"يحد الحجاز من الغرب البحر الأحمر، ومن الشرق البادية الكبرى، ومن الجنوب بلاد قبيلة "بني مالك" الكائنة بجبال السراة، المتاخمين لبلاد زهران، هذا من جهة الجبل، وأما من جهة تهامة فيحدها جنوبا وادي دوقة، وشمالا بادية الشام إلى تبوك من الداخل، ومن جهة البحر الأحمر العقبة، ومن الجنوب الشرقي من الولاية وادي "رنية"" ا. هـ.
وهذا التحديد -من الناحية الجنوبية، والجنوبية الشرقية- يختلف عما اعتمدناه مما جاء في معجم ياقوت، إذ اعتبر ياقوت الحد الفاصل للحجاز هو وادي تثليث وبلاد مذحج، وما بعده يسمى يمنا. والذي نراه أن البركاتي قد اعتمد في تحديد الحجاز على التنسيق الإداري العثماني لما كانت تسميه الحكومة العثمانية "ولاية الحجاز".
أما من الناحية الشمالية فنحب أن نشير إلى بعض أقوال الأقدمين.
والمساحة التقريبية للحجاز -كما يقدرها بعض الباحثين- تبلغ زهاء 700 ميل طولا "من الشمال إلى الجنوب"، و250 ميلا عرضا "من الشرق للغرب"1.
1- ذكر بطليموس في جغرافيته أن الحدود الشمالية لبلاد العرب السعيدة "والحجاز منها" تبدأ من ساحل البحر بين محلتي أيلة وحقل، ثم تتجه نحو الشمال الشرقي حتى إقليم جبل "الشراة" الذي يفصل بين بلاد العرب السعيدة، وبين بلاد العرب الحجرية.
2-
يطلق مؤلفو العرب اسم الحجاز على الجزء الشمالي الغربي من بلاد العرب السعيدة، ووفقا لما ذكره ابن حوقل وأبو الفداء فإن الحدود الجنوبية للشام تتكون من خط مستقيم يبدأ من ساحل البحر قريبا من ميناء أيلة ويتجه نحو الشرق متبعا الحد الإداري لأعمال تبوك. وإذن فهو يتبع السفح الجنوبي لجبال الشراة ووفقا لما ذكره ياقوت من "أن ممر شتار يقع في جبل الشراة بين إقليم البلقاء والمدينة" فإن جبال الشراة يجب أن تكون الحد الفاصل بين الحجاز والشام.
3-
وطبقا لما ذكره الإدريسي فإن الحدود الشمالية للحجاز تقع عند السفح الجنوبي لجبل الشراة الذي يمكن الوصول إليه بعد أربع مراحل من تبوك، والمرحلة الواحدة 45 ك. م.
4-
أضاف الأصمعي حرة ليل إلى الحجاز، وكذلك شغب، وبدا، اللتين يدخلهما المقريزي في مصر، كما ذكر إبراهيم الحربي أن جزءا من فلسطين يدخل في الحجاز.
أما من الناحية الشرقية فيضع ابن الفقيه حدود نجد عند بدء ظهور الغضا، فهو يقول: إن أرض الحجاز لا تنبت الغضا وإنما تنبت الطلح والسمر والأسل، وهذا خطأ؛ فإن بالحجاز مساحات واسعة من الغضا كأرض المحتطب المنخفضة الواقعة إلى الشمال والشمال الشرقي من تبوك، وكذلك وادي الجزل.
1-
ذكر صاحب "الرحلة اليمانية" المطبوعة 1912 بمصر "أن الحجاز يبلغ طوله من الشمال إلى الجنوب ألفا وخمسمائة كيلو متر، وعرضه من الشرق إلى الغرب خمسمائة وخمسين كيلو مترا تقريبا".
ويمتد الحجاز على طول السهل الساحلي على البحر الأحمر من عسير إلى خليج العقبة1، ويختلف عرض هذا السهل من 10 إلى 40 ميلا. ويمتد هذا السهل إلى حاجز جبلي عظيم، يتكون من صخور نارية ومتحولة عند حافته الشرقية التي يبلغ ارتفاعها أكثر من 8000 قدم فوق سطح البحر.
والمنخفضات الغربية من هذه السلسلة شديدة الانحدار، وعلى الأخص في الطرف الجنوبي في اتجاه مقاطعة عسير. أما في الجنوب من طريق: مكة، الطائف، الرياض، فلا تستطيع السيارة اجتياز تلك المنطقة الجبلية، مع أنه يوجد هناك طريقان في الشمال؛ إحداهما من جدة إلى منجم الذهب، وسهل نجد، والأخرى تصل ما بين جدة، وينبع، وأخفض ممر يمكن العبور خلاله من الساحل يرتفع 2200 قدم عن سطح البحر، وتتدرج الأراضي في الميل إلى جهة الشرق في اتجاه صعيد نجد المرتفع.
أقسام الحجاز الطبيعية:
يتكون الحجاز من أقسام طبيعية يجاور بعضها البعض الآخر، وهي:
1-
المنطقة الساحلية، وهي سهل متوسط عرضه نحو 29 كيلو مترا، ويمتد بمحاذاة شاطئ البحر الأحمر "تهامة"، ويحيط بها شعاب مرجانية، وتقع فيها موانئ: العقبة، والمويلح، والوجه، وأملج، وينبع، ورابغ، وجدة، والليث.
2-
المنطقة الجبلية، وهي مرتفعة وتأخذ في الانخفاض التدريجي حتى تصل إلى ما بين جدة ومكة، ولا يزيد ارتفاعها هنالك على ألفي قدم.
3-
المنطقة النجدية، وهي واقعة بين جبال مرتفعة جدا في الشمال، ومغطاة بالحمم "السائل البركاني" وتأخذ في الانخفاض في اتجاهها للجنوب، إذ يصل ارتفاعها غربي مكة والطائف إلى نحو ألف قدم، وتقع فيها المدينة ومكة.
1 الساحل هنا كثير الجزائر والصخور والضحاضح، والموانئ فيه قليلة، والملاحة شاقة، وأعظم مرافئه جدة فينبع، ومنها الوجه، والجار الذي كان ميناء المدينة قديما.
4-
الأخدود الرئيسي، والأجزاء المرتفعة منه مغطاة بالحمم كما هو حال الخرمة والعويرض وخيبر "6000-8000" قدم، ويصل ارتفاعه إلى نحو 5000 قدم ما خلف مكة.
5-
المنطقة الأخيرة وهي أعلى حافة المنحدر الشرقي في اتجاه قلب الجزيرة العربية.
وبين القسم الرابع والخامس توجد واحات خاصة متناثرة، ومنها: الحائط، والحويط، وفدك، وخيبر، والحناكية، والطائف، ووادي فاطمة "مر الظهران"، والصفراء، ووادي القرى.
جيولوجية الحجاز:
أ- الأعصر الجيولوجية:
لقد كانت بلاد العرب وسوريا وشبه جزيرة سيناء في وقت من أوقات الأدوار الجيولوجية القديمة قسما من إفريقيا الشمالية الشرقية، وإن أخدود البحر الأحمر ووجود صخور ابتدائية متشابهة التكوين في الطبيعة والزمان على جانبي هذا البحر اعتبارا من شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة متبعة القسم الشمالي الشرقي من أفريقية حتى جهات رأس الرجاء الصالح، كل ذلك يدل دلالة قوية لا تحتمل الشك على أنه قد قامت في الأزمان الجيولوجية قارة عظيمة مؤلفة من هذه النواحي ويفصلها عن القارة اليوراسية بحر كبير بقيت لنا من آثاره الكتلة العظيمة المائية التي نسميها الآن بالبحر الأبيض المتوسط. وهذا البحر القديم يظن أنه في الأزمنة الجيوراسية كان محيطا بالأطراف الشمالية والشرقية لهذه القارة العظيمة بشكل منحنٍ، وكانت سيناء والعقبة وتبوك والعلا في تلك الأيام قريبة من شاطئ ذلك البحر أيضا. بينما نجد أن جبال الحجاز وعسير وبلاد نجد حتى جبلي أجا وسلمى وجبل النير والعارض كانت قسما من القارة القديمة المشار إليها.
وتلا هذا العصر الجيولوجي الجيوراسي عصر آخر عرف بعصر البحر الكريتاسي، الذي كان طائفا بنفس الأماكن في الشمال والجنوب. ويظن أن
هذا البحر كان يغطي منطقة خليج فارس ورأس عمان كما نعرفها الآن، والمظنون أيضا أن مياه هذا البحر كانت تلاطم نفس الشواطئ التي كان البحر القديم يلاطمها، ولم تأخذ بلاد العرب شكلها الأخير الذي نعرفه الآن لها في هذه الأزمنة التاريخية إلا بعد انقشاع المياه عن سطح البقاع التي كان يغسلها وارتفاع تلك البقاع الأرضية عن مستوى سطح البحر، ثم تلا هذا العصر حركات أرضية سببت تكوين أخدود البحر الأحمر وانقسام القارة العظيمة إلى قسمين:
قسم غربي البحر الأحمر نعرفه الآن بإفريقيا، وقسم آخر شرقيه هو الحجاز وبلاد العرب.
ب- الطبقات الأرضية:
أما التكوين الطبيعي للصخور والطبقات في الحجاز، فإنه مماثل تمام المماثلة للطبقات التي تؤلف المنطقة الغربية للبحر الأحمر، اعتبارا من الساحل المصري إلى أقصى الجنوب. مع أنه في العلا على طرف البلاد من الناحية الشمالية تتكاثر الحجارة الرملية بطبقات سفلى كثيفة، وتمتد المساحة الغربية الباقية حتى البحر الأحمر. أما أملج وضبا والمويلح قرب رأس خليج العقبة، فتتألف من تشكيلات نارية وميتامورفية "متحولة" تميل إلى رواسب مواد الأجسام المعدنية، وتوجد بعض هذه المواد في كل من نوعي هذه التشكيلات، إلا أن فائدتها باستثناء الملح والكلس والجبس "سلفات الكلس" للبلاد في الوقت الحالي ضئيلة. وفي جبل النورة الذي يبعد حوالي 12 ميلا من مكة توجد كمية طيبة من الجير المحروق يتحصل عليه من الشظايا الراسبة التي قد تحولت إلى ميتامورفية بفعل الحرارة والريح. وترى كذلك جزر مشابهة على الطريق من جدة إلى مهد الذهب حوالي 40 ميلا خلف جدة، كما تشاهد في القرين الأبيض "قرن الماعز الأبيض" على بعد 100 ميل تقريبا عن جدة. وأكمة منجم مهد الذهب بالذات عبارة عن صخور بركانية متماسكة كحجر الصوان شكلا ورواسب متيامورفية بشكل مرتفع، يعلوها مجرى من البازلت، وجبل المنجم هو نوع من الأندسيت يقطعه عروق من المرو، وقسم منه مكسوّ جزئيا بالريوليت وهو نوع من
الصخور النارية "الكوارتزية" ومعظم الجبال العارية المتعرضة للشمس شرقي الجبال الميتامورفية والبركانية هي من حجر الجرانيت.
وفي الطائف يرى الجرانيت على هيئة حواجز متقاطعة متداخلة إلى الغرب، حيث تميل الجبال إلى ارتفاع أعلى. وبحذاء الطرف الجنوبي لسلسلة الجبال المتكاثفة في اليمن توجد رواسب منضدة من الرماد البركاني أو الحمم المقذوفة.
الطبوغرافيا: "تخطيط الأرض"
لكي نعرف طبوغرافية الحجاز بوجه عام علينا أن نعود ثانية إلى حاشية السهل بمحاذاة البحر الأحمر، ثم إلى السور الجبلي المنحدر الذي يرتفع إلى 8000 قدم خلف مكة، و4000 قدم غربي مهد الذهب، و3000 قدم قرب المدينة، وتمتد شمالا إلى نحو هذا الارتفاع، يقطعها وادٍ طوله ألفا قدم هو وادي الحمض وأودية أخرى. ويقع إلى الشرق من هذه السلسلة الجبلية مرتفعات تتراوح من 6000 إلى 4000 قدم ما بين عسير والطائف، ومن ثم تهبط إلى 2200 قدم عند العلا. وعلى الجانب الغربي من سلسلة الجبال يقع القسم الساحلي العظيم المعروف بتهامة ويتاخم البحر الأحمر، ويتراوح عرضه من 40 ميلا في الحديدة باليمن ونحو 30 ميلا من جيزان فشمالا إلى الليث، ثم من 10 إلى 20 ميلا حول الوجه. وأخيرا ينخفض حتى يستوي تماما عند خليج العقبة. والحاجز الجبلي فيما وراء السهل الساحلي تقع في كل مكان منه تلال جبلية بعلو أقدام فقط، كما أن هنالك أودية عظيمة تتصل بعيدا إلى الشرق، وأعظمها وادي الحمض جنوبي الوجه. وأحد أطراف هذا الوادي يصل قرب المدينة، بينما الفرع الآخر منه يصل إلى جوار العلا.
ومن الأودية الأخرى المهمة: وادي ينبع ووادي رابغ ووادي غران ووادي فاطمة، وأحيانا تحمل هذه الأودية كميات غزيرة من المياه وكذلك كميات كبيرة من الطمي، وندرة العشب في معظم منحدرات الجبل التي تشكل مجرى حوض
هذه الأودية ناتجة من أن 100% تقريبا من الماء يسيل لبطن الوادي، ورواسب الطمي من الجهة الأخرى تؤلف أراضي كثيرة خصبة وصالحة للزراعة في أمكنة تكون فيها بطون الأودية مستوية تقريبا، وعند تعرج مصب الأودية وعند بروز جداول من مسارب الجبال، وعند التقاء الأودية بالبحر.
وأما الجهة الشرقية من سلسلة جبال الحجاز فتنحدر برفق إلى الشمال والمساحات المنبسطة في الطائف ذات علو معدله 5000 قدم فوق سطح البحر وعند عشيرة 3700 قدم وعند البركة 2800 قدم وعند الحفيرة على خط سكة حديد الحجاز 1740 قدم، وإلى 66 ميلا للشمال عند قلعة الحج التركي القديم التي تدعى قلعة الصوري يبلغ الارتفاع 2200 قدم، وتقع هذه القلعة عند نقطة الاتصال بطريق السيارات الموصلة إلى خيبر التي تبعد 104 أميال لجهة الجنوب، والتي تعلو أيضا 2200 قدم.
جبال الحجاز:
تحيط بالحجاز جبال وحرار كثيرة، وقد اعتبرها الباحثون سلسلة واحدة أسموها "السراة"، وسلسلة جبال السراة تمتد طولا من الشمال إلى الجنوب، وهي العمود الفقري لشبه الجزيرة العربية، وبعض هذه السلسلة مرتفع وقد تتساقط الثلوج عليها كجبل دباغ الذي يزيد ارتفاعه عن 2200 متر عن سطح البحر، وجبل وتر، وجبل شيبان، وتنخفض هذه السلسلة عند دنوها من مكة ثم تعود بعد ذلك إلى العلو.
وسلسلة السراة يجعلها البعض منتهية في الشمال وراء عرفة والمناقب1. أما الحرار والجبال الأخرى الواقعة في شمال هذه السلسلة فهي أقل ارتفاعا منها، ويقول الهمداني في وصف السراة: "هو أعظم جبال العرب وأذكرها"2.
ويمكن تقسيم هذه السلسلة إلى ثلاثة أقسام على النحو الآتي:
1 معجم البلدان لياقوت "3/ 65".
2 صفة جزيرة العرب "48".
1-
القسم الواقع في اليمن ويبلغ طوله 500 كيلو متر، يقتطعها من الجنوب إلى الشمال بين ساحل عدن إلى حدود عسير ونجران.
وسروات اليمن كما ذكرها الهمداني عشر سروات، وهي من الجنوب إلى الشمال: سراة المعافر، سراة الكلاع، سراة بني سيف، سراة جيلان، سراة الهان، سراة المصانع، سراة قدم، سراة عذر وهنوم، سراة خولان، سراة جنب.
2-
القسم الواقع بين اليمن في الجنوب والحجاز في الشمال، ويشمل مقاطعتي عسير ونجران، وكان يسمى في القديم سراة "أزد شنوءة" وفيه أربع سروات هي: سراة عنز، سراة الحجر، سراة باة، سراة يشكر.
3-
وأما القسم الثالث من سلسلة السراة -وهو الذي يعنينا- فهو الجزء الواقع في منطقة الحجاز بين حدود عسير في الجنوب وجبال عرفات في الشمال، وكان مقسما إلى خمس سروات من الجنوب إلى الشمال هي: سراة غامد، وسراة دوس، وسراة زهران، وسراة فهم وعدوان، وسراة الطائف. أما اليوم فيطلق عليه اسم جبال الحجاز.
وأعلى قمة في سراة الحجاز 2598-8400 قدم في جبل إبراهيم الواقع إلى الجنوب من مصب وادي الكرا، ومن الأماكن في سراة الحجاز ما يبلغ ارتفاعه 2544-8268 قدما وهو جبل دكا، 2512-8164 قدما وهو جبل الشفا، 2500-8100 قدم وهو جبل القرينيط، 2363-7700 قدم وهو جبل حيرة، 2326-7570 قدما وهو جبل السراة، 2308-7500 قدم وهو جبل برد، 2215-7200 قدم في جبل كرا، 1630-5297 قدما في الطائف، 1385-4500 قدم في الحوية.
ويجعل كثيرون سلسلة جبل السراة ممتدة في الشمال إلى معان وأطرافها حيث تسمى هناك جبل الشراة.
وتكوين سلسلة السراة بسيط، إذ تحتوي على الصخور الابتدائية الكرستالية المكونة من تجمد قشرة سطح الأرض والصخور الاندفاعية،
وغالب صخورها يتكون من الصخور البلاطونية، وفي بعض الأحيان الميتامورفية، وأهم تركيبها الجرانيت والشست، وسلسلة هذه الجبال في الشمال تدعى كما سبق بجبال الشراة ويليها من الجنوب سلسلة جبال حسمى التي تقع إلى شرقيها وجنوبيها الشرقي الحرات الكبيرة الشمالية، وفيها بعض القمم الشاهقة التي تصل إلى 2000 متر فوق سطح البحر، ومن أهم هذه الجبال المرتفعة: جبل مبارك، وجبل اللوز، والمقلع، وجبل الشفا، وجبل أرنب. وإلى الجنوب من هذه السلسلة توجد عند المويلح وضبا والوجه عدة جبال مرتفعة أهمها: المويلح وجبل شار، وإلى الجهات الجنوبية من حسمى جبال الشرارة، وغنمات، وشيبان. وتوجد كذلك في غرب منطقة مداين صالح جبال عنتر وقصد والقعيد ونهر، وإلى الجنوب من هذه الجبال توجد سلسلة آكام ممتدة بمحاذاة الساحل لا يزيد ارتفاعها عن ألف متر، وفي الوسط منطقة جبلية أخرى متوسط ارتفاعها 1200-1500 متر، وفي الأولى جبل الغوصة، والمشقق ومرتبة وعرمة وهجينة، وأعلى منها كلها رضوى إلى الشرق من "ينبع"، إذ يبلغ ارتفاعه إلى نحو ألفي متر، وفي أطراف المدينة إلى الشمال والجنوب منها عدة جبال مشهورة أهمها أحد، ويبلغ ارتفاعه 1200 متر، ويليه: الرحلة، والفرع، والحمض. وبين مكة والمدينة سلسلة متصلة من هذه الجبال، أهمها: نصع وجبل بني أيوب وجبل صبح، وتعلو في الجنوب الشرقي من مكة علوا غير قليل، فيتألف منها سلسلة جبل كرا بين الطائف ومكة الذي يصل إلى 2200 متر، وسلسلة الجبال الخلفية وأهمها: برد والقرينيط والشفا ونجير ودكا، وإلى الشمال من هذا يشرف جبل حضن على سهل ركبة إلى جهة المشرق منه، ثم في الجهات الجنوبية جبل السعدية والأبانين والطور الأخضر، والعقبة وجبال عسير.
الحرار في الحجاز:
توجد في الحجاز حرات عديدة، والحرات جمع حرة، وهي المناطق السود ذات الحجارة النخرة المحرقة بالنار، أو الحجارة المؤلفة من السائل البركاني المتجمد، وقد تسمى اللابة واللوبة أيضا كما في اللسان1. ويظهر أنها تكونت بفعل البراكين، وتكثر فيها الحجارة ذات الرءوس الحادة، ومن الأرجح أن الحرار هي أفواه البراكين، واللابة هي المناطق التي غطتها حمم البراكين وسالت فوقها ثم جفت، والكراع هي أعناق الحرار.
وشرقي الحجاز سلسلة من أرض بركانية ذات حجارة سوداء كأنها أحرقت بالنار، وأكثرها بين المدينة والشام، ومنها: حرة سليم إلى الجنوب الشرقي من المدينة، وحرتا المدينة الشرقية والغربية، وحرة خيبر.
وتكثر الحرار في الحجاز، ومنها:
1-
حرة العويرض وتقع إلى جهة الغرب من درب الحاج الممتد من تبوك إلى العلا بمحاذاة سكة حديد الحجاز، ويبلغ طولها أكثر من مائة ميل، وعرضها يكاد يقرب من ذلك، ومتوسط ارتفاعها عن سطح البحر 500 قدم، وأعلى مواقعها جبل عنازة، ويزيد ارتفاعه 7000 قدم عن سطح البحر.
2-
حرة خيبر وهي من أعظم الحرات وأوسعها مسافة، وإن كانت أقل ارتفاعا وأقل انحدارا من حرة العويرض، وتسمى الحرة الصحراوية، ويبلغ طولها مرحلتين من الشرق والغرب، ومرحلتين من الشمال إلى الجنوب، وتمتاز بالخصب والنماء وكثرة المياه2.
3-
حرة بني سليم وتعرف بحرة المدينة، وهي لا تقل كثيرا عن حرة خيبر.
1 اللسان "2/ 242".
2 وتقع خيبر على بعد مائة ميل شمال المدينة، وترتفع عن سطح البحر 2200 قدم.
4-
وتكثر الحرار عموما في المنطقة الممتدة من تبوك إلى مكة، ومنها: حرة بس، وحرة الخشب، وحرة أوطاس.
وقد استفاد الحجازيون من الحرار فاستخرجوا منها الأحجار والمعادن، فكانت مواطن للتعدين في القديم.
ومن آخر الأحداث البركانية في الحجاز، ثورة إحدى الحرات في شرقي المدينة بضعة أسابيع عام 654هـ-1356م، وقد وصل ما سال منها إلى مسافة بضعة كيلومترات من المدينة، وكانت نجاة المدينة من الأعاجيب.
السدود في الحجاز:
في الحجاز مواقع لعدة سدود أقيمت لحفظ المياه التي تلي سطح البحر، وعدد منها يحتوي على سدود من أصل قديم، ومن بينها:
1-
سد العيار، ويبعد نحو ستة أميال شرقي الطائف، وعلى صخوره كتابة كوفية تدل على أنه أنشئ على عهد معاوية أمير المؤمنين، وقد بناه عبد الله بن إبراهيم عام 58 بعد الهجرة، 680 بعد الميلاد، ولم يستعمل في بنائه الطين والملاط.
2-
سد السملجى أو "السملقى" ويعرف كذلك بسد ثمالة أو سد بني هلال، ويبعد نحو عشرين ميلا من جنوب شرقي الطائف.
3-
سد الجبرجب بالقرب من وادي محرم، ويقع على بعد 8 أميال شمال غربي مدينة الطائف، وهو جديد.
4-
سد الحصيد، وهو أحد ستة سدود لتخزين مياه الري حول خيبر، وهذا السد مبنيّ من حجارة مكسورة مع ملاط وكلس، ويبعد نحو 15 ميلا إلى الجنوب الشرقي من قرية خيبر. وطول قاعدته 182 قدما، وطول قمته 27 قدما، ويعلو فوق مجراه المبني من الحجر 28 قدما، وسعته نحو 750 فدانا، ويقال: إن هناك خمسة سدود أخرى موجودة بحالة مماثلة لذلك السد.
5-
ومن السدود الفرعية كذلك سد ثلبة وسعته 6400 متر مكعب
وكان الغرض منه تخفيف حدة السيول وحماية البساتين، وسد العرض وهو قريب من الطائف، وقد تهدّم هذا السد.
ومن السدود: سد مكة الجديد الذي أقيم لوقايتها من السيول1، وسد عكرمة على وادي وج؛ لشرب مدينة الطائف، وسد سيسد.
أودية الحجاز:
اشتهرت في أرض الحجاز أودية كثيرة، من بينها:
1-
وادي رضوان: ويصب شمالي ينبع.
2-
وادي العقيق: وهو يقع غربي المدينة ويشقه طريق مكة.
3-
وادي فاطمة "مر الظهران": وهو من أكثر أودية الحجاز خصبا، ويبدأ من وادي الليمون، ويمتد غربا إلى "حدة" على الطريق بين مكة وحدة، ويبلغ طوله من الشرق إلى الغرب ثمانين كيلومترا. وهذا الوادي غني بمياهه الجوفية وفيه حوالي 35 عينا فيّاضة بالماء، منها "عين المضيق" بوادي الليمون وعين "سولة" وعين "الزيمة" وعين "حداء".
4-
وادي النعمان: وادٍ خصب التربة يقع بعد عرفة، وفيه بئر ينخفض ماؤها عن سطح الأرض نحو 30 مترا تسمى بئر نعمان. قيل: إنها مبدأ عين زبيدة، والحقيقة أن ماء البئر يتصل بها من سفوح جبل كرا مجتمعا من الأمطار. وقد جعلت بين هذه البئر وعين زبيدة قناة هي إحدى القنوات التي تصب في العين.
5-
وادي إبراهيم: ويخترق مكة من أعلاها إلى أسفلها.
6-
"وادي أضم": وفيه تجتمع سيول أودية المدينة كالعقيق ووادي
1 ويقول المهندس علي شافعي في تقرير فني له عنوانه "المملكة العربية السعودية، مشروعات عمرانية بمنطقتي مكة والطائف" ص16: إن هذا السد لا يفيد في تحويل مياه السيول إلى وادي العشر بعيدا عن مكة، ولا يصلح لتخزين كمية كبيرة من المياه تؤثر في حدة السيل، مثل السد القديم الحالي.
قناة ووادي بطحان، ثم تكون هذه الأودية واديا واحدا يدعى القسم الواقع بقرب المدينة منه باسم "أضم" والقسم الممتد إلى بحر القلزم من هذا الوادي يدعى باسم وادي الحمض؛ لكثرة النباتات التي تحمض الإبل برعيها فيه، ويصب في البحر جنوبي الوجه.
سهول الحجار:
من أهم سهول الحجاز سهل ركبة المشهور الذي يحده من الشرق جبل حضن، ومن الجنوب جبال عشيرة، والعرجية، والطائف، ومن الغرب سلسلة جبال الحجاز العليا، ويمتد من نواحي عشيرة التي تبعد عن الطائف 65 كيلومترا إلى جهات المويه، وأرض هذا السهل الواسع مؤلفة من الطبقات "الرسوبية" الصلصالية تعلوها في أماكن قليلة حصباء سوداء أو خلافها.
وفي الحجاز بعض السبخات المشهورة وهي أراضٍ سهلة غالبا تحوي كثيرا من الأملاح المتجمدة، واختلف في منشئها، فقيل: إنها بقايا بحيرات مالحة، أو بقايا الأبحر القديمة التي كان تغطي سطح كثير من بلاد الحجاز. وقيل: إنها أمكنة تجمع فيها كثير من الأملاح، وتكونت فيها بمرور الزمان هذه السبخات، ومن أهمها:
1-
سبخة رابغ، بين جدة ورابغ.
2-
" المدينة المنورة.
3-
" قريات الملح.
بعض الآثار القديمة في الحجاز:
في الحجاز مساحات كبيرة كانت آهلة بالسكان عامرة بالضياع والمزارع، ثم أفلت منها الحضارة وغدت بيداء موحشة، إلا أن آثار الحضارة ما تزال ظاهرة، فهناك علامات تدل على وجود زراعة سابقة في وادي الجزل شمال شرقي ينبع. وإذا جلنا بالطائرة شمال ينبع ما بين أملج ووادي حمض، نرى
أسوارا مستديرة غريبة الشكل من الحجارة، مع سور حجري في صف واحد ممتد بشكل نصف قطر دائرة، ويظن أن قطر هذه الدائرة يبلغ 200 قدم. وإلى الجنوب من الوجه على الضفة الجنوبية من وادي حمض تقع بقايا يظن أنها هيكل روماني. ولا تزال بعض الدرجات في موضعها، إلا أن أحجار الجص المحفورة حفرا بديعا غدت تستعمل كعلامات لقبور الذين كانوا يخرون صرعى من الغزوات والغارات الأهلية. وبحذاء الطريق شمالي المدينة باتباع خطة سكة حديد الحجاز القديمة تقع أول محطة في قرية ذات أهمية وهي العلا. وهذه المدينة قائمة على مقربة من هضبات صخرية من حجر الرمل الأصفر والأحمر وتحد الأودية المنبطحة. وإلى بعد خمسة أميال ونصف عن العلا تقع "الخريبة" حيث توجد آثار قرية كبيرة تحتوي على بعض الكتابات وقطع الفخار.
وتقع في هضاب الصخور الرملية البالغة نحو ستين قدما والملاصقة للآثار هناك، الكثير من الغرف أو القبور المنحوتة من الصخور الصلبة، وفي بعض الحالات ترى الردهة كبيرة وتتسع لتابوت واحد. وقد نبشت كل القبور وسرق كل ما بها، وآية كل ذلك باقية. وممن شهد السطو والكشوف أحياء يرزقون.
مدائن صالح:
وعلى بعد 11 ميلا من خريبة شمالا بمحاذاة سكة الحديد تقع المقابر القديمة المسماة "مدائن صالح" التي وصفها دوتي في كتابه "الصحراء العربية العظمى" في دقة واستيعاب. هناك حوالي ثلاثين مقبرة مقطوعة من الصخور الرملية الصفراء الناعمة وهي تختلف في الحجم، ولكنّ لها جميعا أنفاقا لتوارى فيها الأجساد. ومساحة أكبر قبر 18 قدما و9 بوصات في 13 قدما. ويبلغ السقف 7 أقدام فوق الأرض، وكان الصدى يدل على أنه مفرغ؛ ولذلك يحتمل أن تكون هناك فتحة سفلى، وتكون النوافذ أحيانا خمسة أقدام تحت سطح الأرضية الرئيسي، وتمتد 5 أو 6 داخل جدران الغرفة.
وفي خارج قبور مدائن صالح يرى وجه الصخرة مقطوعا بشكل مصقول على شكل عمودي، ومدخل القبر باب مثلث الشكل ويكون عادة على الأقل 3 أقدام في 7 أقدام، ومحاطا ببيت محفور حفرا بديعا. وفي كثير من الحالات يرى نسر محفور على قمة المدخل المثلث الشكل، كما نجد مثل هذا النسر محفورا على كل طرف بحذاء جوانب الباب. ورءوس هذه النسور وأجسامها قد أزالها البدو الذين يعتقدون أن الله فقط هو الذي يخلق الجسم الحي، وكل من يحاول أن يقلد صنع الله فإنه يقترف وزر تدنيس الأحياء. وتحت قبة بعض ممرات الأبواب المثلثة وجه آدمي محفور منبسط ودائري مضحك الشكل، يحيط به من كلا جانبيه ثعبان منطرح بموازاة ميل الباب المثلث ويمتد من القمة إلى الزاوية السفلى. ومن أهم ما عثر عليه من آثار ثمود هرم يعرف بقصر البنت وقبر الباشا والقلعة والبرج.
الآثار في منطقة الطائف:
وإلى الغرب من الطائف عدد كبير من النقوش الكوفية ذات الزوايا، وغالبا ما تكون آيات قرآنية وعبارات دينية تكتب تبركا وزلفى إلى الله. وهناك أيضا عدة صور لحيوانات محفورة في الصخور الجرانيتية. وتمتد فترة الخط الكوفي في الخطوط التاريخية القديمة من 700 بعد الميلاد إلى 1120م. وعلى بعد بضعة أميال إلى الجنوب الشرقي من غربي الطائف دلائل على حضارة مندثرة غابرة.
أما الآثار الإسلامية في منطقة الحجاز فهي كثيرة مشهورة، وسنتحدث عنها في مواضعها من أجزاء هذا الكتاب.
جو الحجاز:
جو الحجاز في عمومه صحراوي قاري، ويعتدل الجو في الطائف والمناطق المرتفعة، وفيما عدا ذلك فهو حار شديد الحرارة.
ودرجة الحرارة في أجزاء الحجاز الواطئة أخف منها في تهامة اليمن.
ويبلغ متوسطها 80ْ-90ْ ف، ومكة شديدة الحرارة صيفا؛ لانخفاض ارتفاعها "280-750 قدما" ولأنها محاطة بمرتفعات صحراوية جرداء، بخلاف المدينة، فإن درجة الحراة لا تزيد عن 70ْ ف وهي بلد صحي
…
والطائف أحسن بلاد الحجاز مناخا، وهي جافة الهواء
…
وأما المرتفعات وراء مكة والطائف فجوها بارد، ويهطل بها المطر في أواخر شهر أغسطس من كل عام، ويدوم نحو شهر أو أكثر قليلا.
جدول يبين توزيع الحرارة في أهم مدن الحجاز
اسكنر
على أن العامل الأول في تعيين نظام الحرارة في الحجاز هو درجة الارتفاع؛ فكلما زاد الارتفاع عن سطح البحر قلت الحرارة1، ومن ثم كانت السهول المنخفضة الساحلية أشد حرارة، ومثلها في ذلك الموانئ الساحلية كجدة التي تعد من أشد جهات الحجاز حرارة، وتساعد الرطوبة فيها وفي السهول على شدة حرارتها، وتكون الرطوبة عادة فيها فوق 85% مصحوبة بدرجة حرارة 99ْ، وحينما تهب العواصف الرملية في جدة قد يصل الزئبق إلى 119ْ، فيصبح الهواء بعد ذلك جافا جدا مشبعا بالرمال، وقد سجلت أقل درجة حرارية في جدة فكانت 54ْ. وتنخفض درجة الرطوبة على مسافة 5 أميال بعيدا عن
1 ولذلك كانت منطقة الهدى في جبال كرا من ألطف أماكن الحجاز جوا حتى في الصيف، ويشعر الإنسان فيها في وقت الظهيرة وفي قلب الصيف بنسيم لطيف عليل.
الشاطئ، وجميع الأماكن المرتفعة عن سطح البحر وسط سلسلة جبال الحجاز ذات هواء معتدل وجو لطيف، ومكة ذات حرارة جافة بتأثير الأراضي الجرانيتية والصخور القديمة السوداء التي تزيد في قوة انعكاس الحرارة، حتى لكأنها تصب على أطرافها أشعة محرقة من شهب الحرارة الجافة المحرقة1. وهناك منطقة تهامية جبلية يشتد فيها الحر، ويهب فيها السموم اللاذع في أشهر الصيف والقيظ، وهذه المنطقة هي التي تصاقب المدينة ومكة غربا، أما في جبال الحجاز فيظل الجو معتدلا حتى في أشهر الصيف، وفي جهات الطائف وجبال الشفا، لا يشعر السكان أنهم في بلاد حارة.
أما الأمطار في الحجاز فهي قليلة، وتهطل في جبال الحجاز في فصل الرياح الموسمية، وذلك في أشهر الخريف غالبا ما بين شهري أغسطس حتى أواخر ديسمبر، وبعضها ينزل في الشتاء، ويزيد في المدينة نزول المطر عن مكة وجدة. ومتوسط المطر ما بين 3.5، 4.5 بوصة، إلا في جنوبي الحجاز فيتراوح ما بين 10، 12 بوصة، وأغزر مطر حدث في منجم مهد الذهب في 11 مايو 1935.
أما السيول فكثيرة، وليس لها نظام معين.
الثروة الزراعية والحيوانية:
أ- الزراعة:
بالإضافة إلى منتجات الأحراج من الفحم في شمال الحجاز، والأخشاب المختلفة في جبل كراء، غربي الطائف في الحجاز، يوجد في الحجاز وفرة من المحصولات الزراعية الهامة من التمر والذرة والقمح.
والتمر هو المحصول الزراعي الرئيسي في البلاد، وأصنافه لا عدد لها، وأفخر أنواعه في المناطق الغربية تغل في جوار المدينة. وتعتبر ميناء ينبع
1 يتبدل الطقس الحار الجاف في سبتمبر وأكتوبر في جهات مكة التي تهب عليها رياح جنوبية ذات رطوبة تجعل الجو هناك شديدا من أثر اختلاط الحرارة بالرطوبة.
مركزا من مراكز تصدير التمور. وفي كل قرية في الحجاز على الغالب على ارتفاع أقل من 4500 قدم ينتج هذا الغذاء الرئيسي.
وفي جنوب الحجاز تنمو الذرة برءوس وسيقان أكبر إلى علو 17،7 قدما، وفي شمال الحجاز تؤلف الذرة جزءا من طعام الفرد العادي.
وكان القمح فيما مضى المادة الأساسية بعد التمر الغذاء، ولكن بعد مضي بضع سنوات استورد بعض التجار الجريئين الأرز بكميات وبأسعار حملت بالفعل أغلب السكان على أن يستبدلوا بالقمح الأرز. إلا أن الخطر على الشحن أثناء الحرب العالمية الثانية قد سبب عودة الناس إلى القمح، وعلى ذلك أعيدت زراعته في أجزاء عديدة من البلاد.
وأعظم الكميات تنمو في المزارع الشمالية نحو الطائف.
فواكه الحجاز وخضراواته:
من الفواكه: الموز والمشمش والرمان والتين والخوخ والنارنج والليمون والكمثرى والتين الشوكي والسفرجل والبطيخ "الحبحب" والتفاح البري والأعناب والنبق والعناب والتوت والبخارى "البرقوق". وتمتاز فواكه الحجاز على غيرها بالحلاوة والرائحة ولطف المذاق. فعنب الطائف ورمانه وسفرجله كل هذه أجود منها في أي بلد آخر.
ومن الخضراوات: الجزر التمري والجزر المديني والجزر اليماني "البطاطا" والباذنجان الأحمر "الطماطم" والباذنجان الأسود والبامية والقرع "الدبة" والفول والملوخية والكرنب والخس والجرجير والفجل الأحمر والأبيض والفلفل الرومي والأخضر والبصل.
والبرسيم هو أعظم الغلات التي تؤلف أهم غذاء للماشية، وكذلك الحشيش "العتري والمسقوي" وغيره من أنواع الحشائش الأخرى.
وأهم المناطق الزراعية في الحجاز:
1-
وادي فاطمة: وبه مياه جوفية غزيرة، إذ تصب فيه أودية كثيرة
كوادي الزبارة ووادي الشامية ووادي علاف، ويغل هذا الوادي: التمر والفواكه والخضر.
2-
المدينة وضواحيها، وأهم الغلات فيها: التمر والحبوب والفواكه، وتعتمد الزراعة على الآبار والعيون.
3-
وادي ينبع ورابغ: وينتج الحبوب، وبه كثير من النخيل.
4-
الطائف، وأهم الغلات بها: الفواكه ونباتات الزهور والخضر.
5-
الليث والقنفدة: وتعتمد الزراعة فيهما على الآبار والعيون، وينتجان التمر والفواكه.
6-
الزيمة والجعرانة والشرائع: وغلاتها الفواكه والبرسيم.
الماشية:
وهناك مصدر أعظم من المصادر المذكورة آنفا للثروة، حتى إنه ليفوق التمور في أهميته، وهو الماشية، مثل: الإبل، والماعز، والغنم، والبقر، والحمير، والدواجن، والخيول.
ويعتبر الجمل من أسرة البدوي وهو لا يستغني عنه. وكثيرا ما تقدر ثروة البدوي بعدد ما يملك من الإبل؛ لأنها تدر عليه الحليب، وتعطيه اللحم، وتحمله إلى حيث يشاء في أسفاره. والبدوي عادة يطلق إبله للمرعى في غير أشهر الحج كي يسمنها ويغذيها ويعطيها القدر الكافي من الراحة والغذاء، وربما كان هذا واضحا بالنسبة لإبل قريش المشهورة لدى أهل الحجاز وخاصة المطوفين. ولقد كانت هناك فيما مضى حركة تصدير واسعة للإبل إلى أفريقية ومصر وسوريا والعراق وغيرها مما أثر على هذه الثروة الحيوانية العظيمة النفع والأثر، وإن كانت قد فقدت أهميتها كثيرا باستعمال السيارات في الوقت الحاضر.
وجميع الإبل التي تعيش في البلاد ذوات سنام واحد، وتعتبر الضأن أعظم الحيوانات التي تقدم للإنسان الغذاء من اللحم، أما الماعز فتزيد بما تدره من الحليب كغذاء، وقليل من الجمال تذبح لأجل لحومها.
ويلي الإبل من حيث الأهمية الضأن، وتفوقها كثيرا في العدد على الرغم مما يستهلك من لحومها في الوقت الحاضر، وأجود أصناف الضأن بالحجاز الخراف الحرية1. وقد استغل الجشعون جودتها في أثناء الحرب الأخيرة، فصدروها بكميات كبيرة إلى الخارج حتى كادت تفنى.
وجميع الأغنام العربية بها شحم وأليات مستعرضة تحتوي على غذاء شهي، ودهن الألية مادة جديرة بالذكر في التجارة الأهلية ويسيح، فيكون نوعا من الدهن.
الأصواف والجلود:
وتربى أنواع من الماشية لأصوافها، ويجز قسم بسيط من الصوف ويغزل وينسج لعمل المشالح أو البيديات "جمع بيدى2" وهي مشالح كالمعاطف مستوية ثقيلة بدون أردان وبطول الركبة، وتستعمل في مرتفعات الطائف، ولوجود الزيت الطبيعي في الصوف تنفض البيديات الماء جيدا لوقت قصير، إلا أنها بعد أن تمتص ماء مطر يوم كامل تصبح كالإسفنجة المشبعة ثقيلة الحمل، والصوف العربي من النوع الخشن الذي يعرف بصوف السجاد، ويستعمل في صنع السجاجيد الشمال "جمع شملة"، وهي بسط من صوف شعبية معروفة3.
ويصدر القليل جدا من جلود الماشية؛ وذلك لأنها لا تعتبر من النوع الفاخر، وقد صار استيراد الأغنام الصومالية السوداء الرأس، وعلى ذلك فهنالك إمكانية تصدير واسعة المدى والانتشار؛ وذلك لأن جلودها من نوع مرغوب فيه لصنع القفازات وحقائب الكتب الجلدية عند الأمريكيين.
1 نسبة إلى الحرة بفتح الحاء، وجمعها: حرار.
2 منسوبة إلى بيدة، قرية معروفة ببلاد غامد وزهران، وهي في المعاجم العربية "أبيدة".
3 ليس في الحجاز صوف ممتاز إلا قليلا نادرا، فكل ما يجز من الحيوان إنما هو شعر. إلا أن بعض الرعاة يعنون بشعر الحيوان ووبره ويربونهما تربية صالحة؛ وبذلك حصلوا على صوف جيد يستعمل في نسج العباءات الفاخرة.
وبعد انقطاع المطر في عام 1948-1949، في منطقة الطائف، صار استيراد نوع كبير قوي من الماعز من السودان؛ لتحسين القطعان المحلية.
الماعز:
إن اللبن والأرز والتمر، وأحيانا كثيرة لحوم الضأن معها، تؤلف الغذاء الرئيسي في الحجاز، ولا سيما البادية. والماعز تنمو وتزداد في الوقت الذي نرى أن عدد الضأن في تناقص. وتصنع من شعور الماعز الخيام العربية السوداء المشهورة.
الأبقار:
وفي جدة أبقار وأسواق لمنتجات الماشية وكذلك في مكة، مما يدل على أن تربية الماشية يمكن أن تصبح تجارة رابحة مفيدة بالرغم من وسائل النقل الحالية التي تعرقل رواجها. ويعتبر الحمار في الأراضي المرتفعة والمنخفضة المقيم على الإخلاص والود للبدوي وهو الحيوان الذي يثقل ظهره بالأحمال الثقال
…
ومن أجود أنواعه بالحجاز الحمير الحصاوية التي تجلب من الأحساء1.
الثروة المعدنية:
لا تزال بلادنا بكرا لم يكشف من كنوزها المخبوءة إلا القليل، وإن الدراسات الفنية الجيولوجية التي جرت حتى الآن تعتبر بسيطة. ونأمل أن يكثر الخبراء الفنيون والمهندسون الجيولوجيون من أبناء البلاد وتهيأ الدراسات والبحوث المستفيضة وأعمال التنقيب لاستخراج هذه الثروة التي لم يستغل منها سوى النزر اليسير.
مهد الذهب:
عثر الفنيون على مواقع خمسة وخمسين منجما قديما، وحفروا سبعة منها
1 وتوجد في الحجاز بعض الحيوانات، منها: النمر والفهد والذئب والثعلب والغزال والكلب والقطط، ومن الحيوانات: الوعول والقردة والأرانب. وهناك أنواع من الطيور الجارحة والطيور الأنيسة؛ كالصقر والنسر والبوم.
بالماس فكان الفشل حليفهم، فيما عدا منجما واحدا من هذه السبعة تبين أن مساحته كبيرة، وذات قيمة تشجع على الإنشاء والتزويد بجهاز التعدين ومعالجة المعادن. وأطلق على هذا المنجم "مهد الذهب" وهو المعروف قديما بمعدن "بني سليم". كان العمل جاريا في هذا المنجم في عهدين مختلفين في العصور القديمة كما تشير إلى ذلك بقايا النفايات القديمة. وهذه النفايات ملقاة تحت النفاية الحديثة، وعمر الحديث منها يرجع إلى سنة 750-1150 بعد الميلاد، كما تدل على ذلك الكتابة الكوفية المحفورة التي وجدت بينها.
ولا يوجد دلائل إلى الآن تشير إلى تقرير العهد الصحيح للنفايات السفلية، ولا يوجد هناك أيضا ما يدل على مدى الوقت الذي كان العمل فيه جاريا في كليهما أو فيما إذا وجدت هنالك أية عهود جرى العمل فيها غير ما ذكرنا. وعلى ما يظهر من الحفريات القديمة في جبل المنجم ومن النفايات أيضا ربما كان من غير الممكن إرجاع هذا المنجم إلى عهد الملك سليمان.
وهنالك رواية: أن منجم أم قريات على بعد 140 ميلا عن الوجه، كان يعمل في التعدين فيه رجال الملك داود أبي الملك سليمان.
وقد كان للذهب في الأزمان القديمة العهد جدا قيمة شرائية أكثر بكثير منها في الوقت الحاضر.
وإن مهد الذهب به ثلاثة أصناف من التبر، فتأتي النفايات التي ذكرناها أولا. ثم هنالك كمية معينة من درجة رديئة منثورة على السطح بين الحفريات القديمة قد صار تعدين الكثير منها إلى الآن بوسائل الحفر القليلة التكاليف. والبئر التي تقع تحت سطح الأرض والتي جرى التنقيب عنها بالثقب الماسي على عمق الآف الأقدام. وقد جرى الحفر والتوصيل إليها بواسطة ممرات ومقاطع على عمق يقرب من ثلاثمائة قدم من السطح.
والطريق التي تصل مهد الذهب بجدة طولها 246 ميلا، تمر بها السيارات في جبال تبلغ أعلى قممها حوالي 3700 قدم، والسيارات الخفيفة تقطع هذه المسافة في عشر ساعات.
منجم ظلم:
وقد كشف "منجم ظلم" وجرى حفر الأرض بالماس. وقالت تقارير الخبراء: إنه توجد أقيام جيدة من الذهب، وإنه كان من المتوقع طحن 50 طنا في عام 1951، ولكن بعض العقبات أخّرت العمل1.
الذهب قرب الطائف:
وجد منقب تركي كتلتين من تبر الذهب قرب الطائف، وقد شاهد بعض الخبراء الموقع. وبعد الفحص تحقق أنهما ذهب حقيقي، إلا أن جيولوجية وطبوغرافية الأرض كانت لا تبشر إلا ببصيص من الأمل. وجرت أعمال الحفر والتنقيب، وفرز الذهب من التبر بالماء مدة ستة أشهر في هذه المنطقة التي تقع غربي الطائف، ومع أنه أمكن استخلاص ذهب نقي إلا أن ذلك لم يكن وافرا بحيث يدر الربح.
الفلزات:
1-
الذهب والفضة:
تنتشر آثار عمليات الأقدمين في الحجاز، وأشهرها كما بينا منطقة مهد الذهب التي بلغت الكميات المستخرجة منها حديثا حوالي أربعة وعشرين ألف كيلوجرام من الذهب. وقد توقفت أعمالها مؤخرا؛ نظرا لاستهلاك جميع الاحتياطي التجاري المعروف حتى الآن. وعثر على عدة مناجم أخرى قديمة العهد، استغلها الغابرون على نطاق واسع وهي في الوجه على البحر الأحمر. أما الفضة فهي لا تستغل إلا من تبر مهد الذهب.
1 وهذا المعدن وجد في جبل ظلم الواقع غرب منهل الدفينة بميل نحو الجنوب، وهناك جبل ثانٍ يقع في جبل "الأشعر" في شمالي المدينة لجهينة بقرب محطة "المميليح" من محطات سكة الحديد، وفيه معدن يستخرج منه الشب. وجبل ثالث يسمى بهذا الاسم، ذكره عرام السلمي في رسالته فقال:"إنه يكتنف الطرف التي تبعد عن المدينة 24 ميلا على ما ذكره الهمداني".
2-
الحديد:
توجد أهم تكوينات الحديد في القسم الشمالي الغربي في المنطقة التي يحدها البحر الأحمر وخليج العقبة واليابسة الداخلية من ضبا إلى تبوك، ومنها إلى العقبة
…
وهذه التكوينات عبارة عن طبقات متداخلة من حجر الدم "Hematite" واليشب "Jaspar" تغطي مساحات شاسعة، وتتراوح نسبة الحديد فيها من 10% إلى 47%. وعثر على رواسب ساحلية من المغننايت "Magnetite" مع بعض الألمنيات "llminite" على طول شاطئ المملكة. ولبعض هذه الرواسب إمكانيات اقتصادية.
3-
النحاس:
يوجد النحاس في خامات الذهب في منجم مهد الذهب بمركب كبريتور النحاس "Copper Sulphibes" وقد توقفت أعمال المنجم مؤخرا؛ نظرا لنفاد تبره ذي القيم التجارية المعروفة. وفي منطقة تدعى "عقيق" وأم الدمار التي تبعد 30 كيلومترا إلى الشمال الشرقي من مهد الذهب عثر على خامات النحاس بمركبات "Malachite Azurite" المنتشرة في الطبقات الصخرية ذات الصفائح "Schist" وقد استغله الأقدمون. وقد عثر على تحويلات النحاس المعدنية في منطقة طولها 3 كيلومترات وعرضها نصف كيلومتر، وقد جرى فحصها فحصا بدائيا فقط.
وهنالك أيضا مواقع أخرى تبدو فيها ظواهر النحاس المتعدن.
4-
الرصاص:
ويوجد الرصاص في تبر مهد الذهب، وهنالك مركب من الرصاص والفضة Silver Bearing Galana في جبل زهوة شرقي القنفدة على مسافة 65 كيلومترا من ساحل البحر الأحمر.
اللافلزات:
1-
الجبس أو الجص:
على بعد قليل نحو الداخل تمتد طبقات كبيرة من الجبس على طول ساحل البحر الأحمر، من ينبع حتى خليج العقبة.
2-
خامة الباريوم Barite:
وهنالك عروق من البارايت قرب رابغ شمالي جدة، ولم تدرس إمكانيات هذا المعدن الاقتصادية.
3-
الأسبستس المعروف بحجر الفتيلة:
عثر على الأسبستس "Asbestes" في عرق من الحجر الأخضر المبقع المعروف بالسربنتين Serpentine بين الحنيكية والنقرة، ولم يحدد نوعه وأقيامه حتى الآن.
4-
خامة المغنيسيا Magnesite:
توجد في نفس الحجر الذي عثر فيه على الأسبستس بين الحنيكية والنقرة، ولم تحدد قيمته بعد.
5-
الصلصال Clays:
توجد عدة طبقات من الصلصال الصالح لصناعة الآجر والفخار في أماكن مختلفة من الحجاز.
مدن الحجاز:
أشهر مدن الحجاز: مكة، والمدينة، والطائف، وجدة.
ومن مدن الحجاز وقراها الواقعة في المنطقة الشمالية: العقبة، والمويلح، وضبا، وتبوك، وتقع في المنطقة الوسطى: الوجه، وأملج، وينبع، والعلا، وتيماء، والحناكية، وخيبر، وهي واحة فيها عدة قرى تبعد عن المدينة بمائة ميل من الشمال. وتقع خيبر نفسها في وادي زيدية أكبر الوديان فيها. وبها قلعة قديمة تسمى الحصن، وفيها عيون ومياه جارية. وكانت خيبر منزل اليهود في الجاهلية وسكانها اليوم نحو ثلاثة الآف نسمة. وفي القسم الجنوبي من الحجاز تقع رابغ، وجدة، والليث، ومكة.
وهذه هي طائفة من مدن الحجاز:
مكة المكرمة:
أما مكة1 فهي البلد الحرام وفيها البيت الحرام. ويقول الله تعالى في كتابه الحكيم: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} ، وقال:{جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} وقال عز وجل: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} . ولا يحس المسلم برهبة قدر إحساسه وهو يدخل مكة زائرا، أو حاجا. وتقع مكة التي شهدت أول عهد الرسول بالوحي ووضع فيها أول حجر أساسي للإسلام في وادٍ مبارك بين سلسلة من الجبال، وهي ترتفع عن سطح البحر 280 مترا، وتقع أيضا على بعد 75 كيلومترا شرقي ميناء جدة أكبر موانئ الحجاز، وعلى بعد 345 ميلا جنوبي المدينة، وأهم ما فيها من الآثار: شعب بني هاشم الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم ويرى آخرون أنه ولد في شعب بني عامر، ودار خديجة التي ولدت فيها فاطمة الزهراء، ثم غار حراء الذي نزل فيه الوحي على الرسول لأول مرة، ويقع في قمة جبل النور في طريق الطائف، ثم جبل ثور، حيث غار الهجرة الذي اختفى فيه النبي وأبو بكر، وهما مهاجران
1 تقع في وادٍ ضيق يتجه من الشمال للجنوب، وتحيط به جبال شاهقة نسبيا وهي عند درجة 21 من درجات العرض الشمالي، ودرجة 37 من درجات الطول الشرقي، وتتفاوت حرارتها بين 18ْ و39ْ صيفا.
من مؤامرة كفار قريش، ويبلغ سكان مكة نحو 250 ألف نسمة، ويشربون من عين زبيدة، التي أضيفت إليها غيرها من العيون الأخرى؛ وفاء بحاجة السكان، ولا سيما في مواسم الحج، وبئر زمزم مشهورة. أما الكعبة فيبلغ ارتفاعها 15 مترا، وطول أحد ضلعيها عشرة أمتار، والآخر 12 مترا، وارتفاع بابها مترين، كان لها سلم مصفح بالفضة. وبظاهر مكة: المعلاة، وتقع في الشمال الشرقي منها، وقبالة مقبرة المعلاة يقع مسجدان: مسجد الراية، ومسجد الجن. وبالصفا تقع دار الأرقم أو الخيزران، وكان يجلس فيها الرسول مع المسلمين الأولين في أول العهد بالنبوة، والمسجد الحرام أول ما يقصده الحاج إلى مكة، وكان منذ بنى إبراهيم وإسماعيل الكعبة فناء واسعا حول الكعبة، وبنيت حولها البيوت منذ عهد مضى، فبنت قريش دورها حول الكعبة المعظمة. وتركت للطائفين مقدار مدار المطاف، على أنه لم يكن للمسجد الحرام ذكر في الجاهلية، وإنما كل ما كان معروفا منه هو مدار الطواف حول الكعبة. وكان هذا المدار أو الفناء مجلسا للناس في الصبح والمساء. وكانت حدود المسجد الحرام في صدر الإسلام من الجهة الشرقية: بئر زمزم وباب بني شيبة، ومن الجهة الغربية: حافة المدار الذي عليه أساطين النحاس المعلق عليها المصابيح الواقعة بين مدار المطاف ومقام المالكي، ومن الجهة الشمالية: حافة المدار كذلك الواقعة بين مدار المطاف ومقام الحنفي، ومن الجهة الجنوبية: هذه الأساطين الواقعة بين مدار المطاف ومقام الحنبلي، وفي عام 17هـ-637م زِيدت عليه زيادات كثيرة.
وكذلك وُسِّع المسجد الحرام في عهد عثمان عام 26هـ-646م، وفي عهد عبد الله بن الزبير عام 65هـ-684م.
وأمر عبد الملك بن مروان عام 75هـ-694م بعمارة المسجد الحرام، وفي عام 91هـ-709م أمر الوليد بن عبد الملك بتوسيع المسجد الحرام وعمارته. ومن الزيادات فيه زيادة المنصور عام 137هـ-754م، حيث جعل المسجد الحرام ضعف ما كان عليه، وزيادة المهدي عام 160هـ، ثم زيد فيه عام 264هـ، ثم زيدت دار الندوة عليه عام 281هـ، وزيد باب إبراهيم عام 306هـ.
ومن العمارات فيه: عمارة المعتمد العباسي عام 271هـ، وعمارة ملوك الجراكسة عام 803هـ-1400م، وعمارة السلطان قايتباي عام 882هـ، وعمارة السلطان سليمان عام 972هـ-1564م، وعمارة السلطان مراد خان. ومساحة المسجد الحرام الآن تبلغ أربعين ألف متر، وتقوم الحكومة الآن بتوسيعه لتصل مساحته إلى مائة ألف متر، وسيقام بناء طابق أعلى فوق التوسعة 40 ألف متر، وستنشأ شوارع واسعة حوله تحيط به من جميع جهاته الأربع بعرض عشرين مترا، وستنشأ ميادين في أركان المسجد الحرام يعمل الفنيون على تنسيقها وتشجيرها، والمساحة التي ستنزع ملكيتها من المباني تبلغ نحو 80 ألف متر، وسيتصل المسعى ما بين الصفا والمروة بالمسجد الحرام، وسينشأ ميدان حول دار الأرقم، ويقوم هذا الميدان في الجهة الشرقية الشمالية. وقد جرى الاحتفال بمشروع توسعة المسجد الحرام في الساعة الواحدة "عربي" يوم الخميس 23 شعبان سنة 1275هـ.
حدود بيت الله الحرام
اسكنر
يوجد اسكانر
يوجد اسكانر
يوجد اسكانر
يوجد اسكانر
يوجد اسكانر
المدينة المنورة:
وأما المدينة1 فإنها تسمى "المنورة" لوجود قبر الرسول عليه الصلاة والسلام فيها، وقد دفن فيها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما أيضا، وترتفع عن سطح البحر بنحو 600 متر. وأهم أماكنها المقدسة: المسجد النبوي ومسجد قباء ومسجد حمزة والبقيع، حيث دفن فيه عدد كبير من شهداء المسلمين.
ويقع المسجد النبوي في وسط المدينة على شكل مستطيل، طوله 126 مترا وعرضه نحو ثلثي ذلك. وله عدة أبواب، منها:"باب الرحمة"، وباب جبريل، وباب الشام، وباب النساء، وكان يضم مسجد النبي الأول بيت عائشة، ومساكن زوجاته، ومنازل بعض الصحابة، وتقع المقصورة الشريفة "قبر النبي" في طرفه الجنوبي الشرقي. أما الروضة الشريفة فهي المكان الواقع بين القبر ومنبر الرسول.
1 تقع على الخط الخامس والعشرين من العرض الشمالي، والخط الأربعين من الطول الشمالي، وعلى بعد ثلاثمائة ميل من مكة، ومائة وثلاثين ميلا من ينبع. وهي في سهل ينحدر تدريجيا نحو الشمال، ويحده جبل أحد شمالا، وجبل عير جنوبا، ومن الشرق والغرب الحرتان الشرقية والغربية والشرقية أبعد عن المدينة، وبينهما سهل فسيح خصب، وتسمى "حرة واقم"، وكان عندها وقعة الحرة المعروفة في عهد يزيد بن معاوية عام 63هـ. ويطلق على الحرة اسم "اللابة" أيضا. وقد جاء في الحديث:"ما بين لابتيها أفقر من أهل بيتي". وشمالي المدينة جبل سلع، وعلى ثلاثة أميال منها شطر الشمال جبل أحد، وكانت عنده المعركة المشهورة في العام الثالث من الهجرة، وقريب منها جبلان متقاربان يسمى أحدهما عير الوارد، والآخر عير الصادر. ومن الأودية في سهل المدينة: وادي العقيق، وقد أكثر الشعراء الإسلاميون من ذكر المدينة في قصائدهم. وقد هدمت في العهد السعودي الأضرحة والقباب والمباني المقامة في المدينة وما سواها على قبور الصحابة والتابعين، وكان تقيم هذيل في سراة هذيل شرقي مكة وفيما بينها وبين المدينة.
ومرفأ المدينة ينبع، وكانت "الجار" مرفأ لها قبل ينبع.
وقد أسس الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المسجد، حينما قدم مهاجرا في شهر ربيع الأول من السنة الأولى للهجرة. وكان أساسه من الحجر، وجداره من الطين، وسقفه من الجريد، وعمده من جذوع النخل. وكانت مساحته 60 ذراعا في 70، وفيه ثلاثة أروقة جهة القبلة، وساحة واسعة، وكان له ثلاثة أبواب، أحدها: في الجهة الجنوبية، إذ كانت قبلته أول الأمر إلى الشمال نحو بيت المقدس، والثاني: في الجهة الغربية، وهو باب مكة "باب الرحمة"، والثالث: باب آل عثمان "باب جبريل". وروي أنه لما رجع الرسول من خيبر سنة 7 من الهجرة، زاد في المسجد من الشرق والغرب والشمال، فصارت مساحته مائة ذراع في مائة. وفي سنة 17 من الهجرة وسع الخليفة الثاني عمر رضي الله عنه المسجد من جهة القبلة، ومن الغرب والشمال، وجعل بناءه كما كان في عهد الرسول، وجدرانه من اللبن، وسقفه من الجريد، وعمده من الخشب. ثم زاد فيه عثمان رضي الله عنه سنة 29 من الجهات الثلاث التي وسع فيها عمر وبنى الجدران بالحجارة، وجعل عمده من حجارة يصل بينها الحديد والرصاص وسقفه من خشب الصاج. ثم كان عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، الذي بنى الجامع الأموي في دمشق، ثم أراد أن يشيد المسجد النبوي ويتأنق في تشييده كما شيد جامع بني أمية، فعهد إلى والي المدينة عمر بن عبد العزيز فجدد المسجد ووسعه، واستمر في التعمير من سنة ثمان وثمانين إلى سنة إحدى وتسعين، وزاد في المسجد من جهاته الأربع. وكان عمر وعثمان رضي الله عنهما قد تجنبا الزيادة من جهة الشرق حيث الحجرات، وأدخل الوليد في المسجد حجرات أزواج الرسول -صلوات الله عليه وسلامه- وجانبا من حجرة عائشة التي فيها قبور الرسول وصاحبيه. وقد افتن عمال الوليد في بناء المسجد بالحجارة والجص، ونقش جدرانه بالفسيفساء والمرمر، وجعل سقفه من الصاج، وذهب كما ذهبت رءوس الأساطين في عهد الخلافة العباسية في حكم الخليفة الثالث المهدي بن المنصور، الذي زاد في المسجد الحرام زيادة كبيرة، كما زاد في المسجد النبوي من جهة الشمال إلى الحد الذي كان عليه المسجد قبل العمارة السعودية، وتمت عمارة المهدي في أربع سنوات من سنة 161 إلى سنة 165هـ
واستمرت عناية الخلفاء العباسيين وغيرهم من ملوك المسلمين بتعمير المسجد طول عهد الخلافة العباسية، وفي سنة 654هـ شبت نار في المسجد أتت على أكثره، فاهتم آخر الخلفاء العباسيين الخليفة المعتصم بالله وملوك آخرون كالملك المظفر الرسولي صاحب اليمن، والظاهر بيبرس سلطان مصر، فتتابعوا على المسجد كله، وتمت العمارة على يد الظاهر بيبرس. ثم تولى سلاطين المماليك في مصر تعمير الحرمين، حتى عهد السلطان الملك الأشرف قايتباي، وهو أعظم المماليك أثرا في تعمير الحرمين. وقد عمر كثيرا من جدر المسجد النبوي وسقوفه، ثم وقع حريق آخر سنة 886 فأرسل قايتباي الأمير "سنقر" الجمالي، ومعه مائة من الصناع، فبنوا المأذنة الكبيرة وجدار القبلة، والجدار الشرقي إلى باب جبريل، والجدار الغربي إلى باب الرحمة، وبنوا الحجرة النبوية والقبة وقبابا صغيرة كثيرة، وبنوا المدرسة التي كانت بين باب السلام وباب الرحمة، والتي عرفت بعد باسم "المدرسة المحمودية". ثم جاءت الدولة العثمانية فقام سلاطينها على عمارة المسجد والعناية بشئونه حتى سنة 1265هـ. وفي هذه السنة بدأ السلطان عبد المجيد العمارة الكبيرة التي لا تزال قائمة حتى اليوم، وقد انتهت سنة 1277هـ بعد اثنتي عشرة سنة. وقد شملت العمارة المسجد كله إلا المقصورة ومأذنة قايتباي والجدارين الغربي والشمالي، ونقشوا الجدار والأسطوانات والمنابر والمحاريب وذهّبوها. وقدم الخطاط عبد الله زهدي من إستانبول، فلبث ثلاث سنين يكتب على جدران المسجد من الآيات القرآنية والأحاديث، ما نراه اليوم حلية رائعة جميلة، تسكن إليها العيون والقلوب. وبلغت نفقات العمارة المجيدية ثلاثة أرباع مليون جنيه مجيدي، ففي العمارة القديمة القائمة اليوم آثار ملوك من المماليك والعثمانيين، أعظمهم أثرا السلطان قايتباي، وأوسعهم تعميرا السلطان عبد المجيد. وقد تم مشروع جديد بتوسعة المسجد النبوي الشريف عام 1375هـ-1955م، وقد وضع أساس هذا المشروع في شهر ربيع الأول عام 1272، وهي عمارة رائعة جميلة. وقد احتفل بالانتهاء من عمارة المسجد النبوي الشريف احتفالا رائعا، حضره الملك سعود، ووفود من مختلف البلاد العربية والإسلامية، وذلك
في الساعة الثانية من مساء ليلة السبت 5 ربيع الأول 1375هـ-23 أكتوبر 1955 في المدينة المنورة.
ومشروع عمارة الحرم النبوي الشريف، بدئ بالعمل فيه في شهر شوال 1370هـ، ووضع الحجر الأساسي للمشروع في ربيع الأول 1372هـ، وبدئ في حفر الأساس في الجناح الغربي في شعبان 1372هـ.
وفي اليوم الرابع والعشرين من شهر رمضان سنة 1372هـ، بدئ في بناء العمارة الشريفة، وفي شهر ربيع الأول عام 1373، زار الملك سعود المدينة المنورة، ووضع أربعة أحجار في إحدى زوايا الجدار الغربي بالمسجد الشريف، وشكلت لجنة خاصة من كبار رجال المدينة، لتقدير أقيام العقار، وقد روعي في ذلك مصلحة أصحاب الأملاك. وبلغت مساحة الأراضي للدور والأملاك التي انتزعت ملكيتها للتوسعة والشوارع والميادين التي حول المسجد النبوي الشريف 22955 مترا مسطحا.
وأنشئ من أجل العمارة مصنع مخصوص لعمل الأحجار الصناعية "المزايكو"، وزود بكافة الأدوات الميكانيكية، واختير له مكان في منطقة "أبيار علي" حيث جلب له مهندسون إخصائيون. وعمل تحت إشرافه أكثر من أربعمائة شخص، وعمل بالحرم الشريف أربعة عشر مهندسا، منهم اثنا عشر مصريا، وواحد من السوريين، وواحد باكستاني، وعمل تحت إشرافهم أكثر من مائتي صانع من المصريين والسوريين، وعدد من الباكستانيين والسودانيين واليمنيين والحضارمة، كما عمل معهم أكثر من ألف وخمسمائة عامل من السعوديين.
وقد أنشئت ورشة خاصة بالمدينة، زودت بالمهندسين الميكانيكيين والصناع، وكلهم سعوديون؛ لأجل تعمير وإصلاح السيارات والآلات الميكانيكية التي تعمل بالعمارة الشريفة.
وهذه إحصائيات رسمية عن المشروع قبل وبعد البدء فيه:
أمتار مربعة
مساحة المسجد النبوي الشريف حينما بناه النبي صلى الله عليه وسلم 2475
زيادة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه 1100
زيادة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه 496
زيادة الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك 2369
زيادة الخليفة العباسي المهدي 2450
زيادة الملك الأشرف قايتباي 120
زيادة السلطان عبد المجيد العثماني 1293
المساحة الكلية للمسجد النبوي الشريف قبل التوسعة السعودية 10303
الزيادة التي بدأ بها الملك عبد العزيز رحمه الله وأتمها الملك سعود 6024
المساحة الكلية للمسجد بعد التوسعة الأخيرة 16327
عمارة التوسعة السعودية 6024
عمارة الأجزاء القديمة والتي هدمت وأعيد تعميرها وهي الجهات الثلاث 6247
مجموع العمارة السعودية 12271
مساحة الجهة القبلية الباقية في البناء القديم 4056
المجموع 16327
أما العمارة الجديدة فها هي ذي إحصائيات عنها:
عدد الأعمدة المحيطة بالجدار 0474 عمودا مربعا
عدد الأعمدة المحيطة المستديرة في العمارة الجديدة 0232 عمودا مربعا
الجدار الغربي 0128 مترا طوليا
الجدار الشرقي 0128 مترا طوليا
الجدار الشمالي 0091 مترا طوليا
وترتبط المدينة بغيرها من البلاد بالطرق، وهذه هي المسافات بين المدينة وغيرها.
إسكنر
تؤخذ اسكنر
تؤخذ اسكنر
تؤخذ اسكنر
تؤخذ اسكنر
جدة:
تعتبر جدة الميناء الرئيسي للحجاز على البحر الأحمر، وهي ميناء مكة، والمسافة بينهما خمسة وخمسون ميلا، ويبلغ سكانها الآن حوالي مائتين وخمسين ألف نسمة.
وقد كانت قضاعة أول من سكن جدة قبل الإسلام، ولم يجر اتخاذ مدينة جدة مرفأ تجاريا لمكة إلا في السنة السادسة والعشرين من الهجرة، في زمن ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقد قدم في ذلك العام معتمرا من المدينة إلى مكة، فسأله أهلها أن ينقل ساحل مكة القديم من الشعبية1 جنوبي جدة الآن، إلى جدة لقربها من مكة، فخرج بنفسه ورآها واغتسل بها وأمر أصحابه أن يغتسلوا بها، ووصف الغسل من البحر بأنه مبارك.
والشعبية تبعد عن جدة نحو اثنتي عشرة ساعة بحرا وست وثلاثين ساعة برا لراكب البعير. ومن هذه الحقائق التاريخية تظهر لنا حقيقة أولى، هي أن مدينة جدة لم تكن تخلو من الماء، فقد كانت بها آثار عذبة وإلا لما أمكن لقضاعة أن تسكنها قبل الإسلام، ولما أمكن للخليفة الثالث أن يوافق على جعلها مرفأ لمكة2.
ولما قويت الدعوة الإسلامية وفتح الله على المسلمين بلادا كثيرة، وتغلغل الدين الإسلامي في النفوس ووفد المسلمون من كافة أقطار الأرض إلى هذه البلاد حاجين ملبين، كبرت جدة وتطورت على مرور الأيام، وأخذت أهميتها تظهر بكثرة الوافدين
1 كانت الشعبية مرفأ مكة من قبل.
2 جاء في تاج العروس ج2 ص313:
قال ابن الأثير: الجد -بالضم- شاطئ النهر والجدة أيضا، وبه سميت المدينة التي عند مكة جدة. قلت: وهي الآن مدينة مشهورة مرسى السفن الواردة من مصر والهند واليمن والبصرة وغيرها. واختلف في سبب تسميتها بجدة، فقيل: لكونها خصت من جدة البحر أي: شاطئه. وقيل: سميت بجدة بن جرم بن زبان؛ لأنه نزلها كما في الروض الأنف للسهيلي. وقيل غير ذلك، وقال البكري في المعجم: الصواب أنه هو الذي سمي بها لولادته فيها.
إلى مكة من الحجاج عن طريق البحر الأحمر، وبرواج التجارة في مكة، واتخاذ البحر في جدة طريقا لورودها بواسطة التجار الأحباش والرومان والفرس الذين يؤثرون ركوب السفن الشراعية لإلفهم إياها.
وهذا التحول في مدينة جدة جعل سكانها أكثر تعدادا، ومرافقها أكبر من ذي قبل، فظهرت الحاجة إلى المياه لقلتها فيها من تلك القرون السحيقة.
ولا شك أن الناس لم يتركوا مظنة وجود الماء في باطن الأرض إلا نقبوا عنها واستخرجوها؛ فكثرت الآبار، واختلفت بين العذوبة والملوحة، وبين الصفاء وغيره، واختلفت أماكنها.
والآبار المطوية حول جدة تبلغ سبع آبار، هي:"بئر السلسلى" شرق جنوبي جدة، و"بئر الوزيرية" في الشرق وهي من وادي غليل، و"بئر مريخ" وهو مقابل للكندرة، و"بئر تنضب" وهو مقابل بني مالك، و"بئر الحفنة" شمالي بني مالك، و"بئر بريمان" شمال شرق بئر مالك. أما الآبار المحفورة فتبلغ خمس عشرة بئرا، وهي: السرورية، الحمزة، النشارية، القرينية، تمد "سليمان" عند البحر شرق جنوبي بريدة في طريق أبي صالحة، أبو سباع شرق جنوبي برود، القريبة، مويحة، أبو صالحة، الصحيفة، الشرقية، الضفارى، العسيلة. والحديث من هذه الآبار المحفورة هي: الصحيفة، والشرقية، وقد حفر الأولى منها المرحوم الشيخ عبد الله نصيف من أعيان جدة وتجارها، وحفر الثانية وأقام حواجزها من العقوم المرحوم حميد الشيخ المالكي. وكان هذا خلال القرن الثالث عشر الهجري، وإلى جانب الصحيفة صهاريج كثيرة لآل نصيف، وكل هذه الأماكن معروفة حتى الآن.
وقد بلغ عدد الصهاريج ما يزيد على ثلاثمائة صهريج، لا كما قدره صاحب "مرآة الحرمين" بثمانمائة صهريج. وقد عمد أهل جدة مستعينين بالجالية الفارسية إلى بناء الصهاريج الكبيرة نظرا لقلة الماء، ويروي بعضهم أن أول بناء الصهاريج بها كان في عهد هارون الرشيد.
وقد أجرى السلطان الغوري لجدة عينا من وادي قوس شمالي الرغامة ووصل ماء هذه العين إلى جدة في أيام ثم انقطعت، وأعيد تعميرها على يد تجار جدة بزعامة التاجر المعروف الشيخ فرج يسر حوالي عام 1270هـ، وظلت جارية حتى انقطعت وغاض معينها ما بين عام 1310 و1320هـ. ومن عيون جدة عين الوزيرية، وهي مسحوبة من وادي غليل المعروف، ولكنها لم تصل إلى البلد إلا في عهد الوالي عثمان باشا نوري، فظلت جارية إلى عام 1314هـ ثم ضعفت وقل ماؤها.
ولقد تكررت فيها الإصلاحات، وتوالى عليها التعمير، في عهد الحكومات السابقة، وفي هذا العهد أيضا لا زالت ضعيفة لنضوب ينابيعها.
ولقد لجأت الحكومة العثمانية حينما رأت قلة الماء في جدة، إلى استيراد آلة لتقطير المياه من البحر "كنداسة" فوصلت إليها في عام 1325هـ. ولقد كانت هذه الكنداسة المورد الوحيد تقريبا لسقيا أهل جدة أيام حصار الجيوش السعودية لجدة سنة 1343-1344هـ، إذ إن الآبار التي حول جدة لم يكن يجرؤ على الذهاب إليها أحد للحصار المضروب على البلدة، فكانت الحاجة إليها شديدة جدا. وقد استوردت الحكومة الحالية آلتين كبيرتين لاستخلاص المياه العذبة في عام 1336، وقد كانت سقيا البلدة في الأعوام الأخيرة من هاتين الآلتين ومن ماء الوزيرية الذي كان يكثر أحيانا ويقل أحيانا حتى خربت إحدى الآلتين.
وفي أوائل عام 1365هـ حينما رأى أهل جدة ما حَلّ بمدينتهم من الظمأ، فكروا في استجلاب المياه من إحدى العيون إلى جدة على نفقتهم الخاصة، وأقاموا لذلك حفلا عظيما سارع الناس إلى الاكتتاب فيه. وقد بلغ المبلغ الذي جمع ما يزيد عن نصف مليون من الريالات.
ثم إن جلالة الملك عبد العزيز أمر بجلب الماء إلى جدة مهما كلف من مال في أقصر زمن، فأعيد للناس ما دفعوه من تبرعات.
وجرت المفاوضة مع أصحاب العيون في وادي فاطمة، واشتريت منهم وجبات في ثمانٍ من العيون، هي: الخيف، الروضة، البرقة، أبو عروة، الحسنية، الجموم، أبو شعيب، الهنية.
وبدأ العمل في ذلك في منتصف عام 1365هـ، وأحضر المهندسون والخبراء من إنجلترا ومصر، وجلبت الأنابيب من إنجلترا وهي من الأسبستوس والأسمنت حتى وصل الماء إلى جدة يوم الجمعة غرة المحرم عام 1367هـ، وكان يوم فرحة كبرى وسرور عام في مدينة جدة بأسرها. وفي يوم الثلاثاء الخامس من شهر محرم عام 1367هـ جرى احتفال كبير بوصول الماء إلى جدة.
وبجدة قبر ينسب إلى حواء أم البشر، وقد كان الحجاج يزورون هذا القبر ويتبركون به. وقد هدمت الحكومة القبة الموضوعة على القبر كما أزالت البنيان الذي على القبر، ومنعت الناس من التمسح به، ولقد زار ابن جبير الأندلسي جدة في "سنة 579هـ" فذكر بعض آثار جدة، ومنها الموضع الذي شيد عليه "قبة عتيقة" يقال: إنه كان منزل حواء أم البشر عند توجهها إلى مكة.
وقد كانت جدة مدينة مسورة أقام سورها السلطان الغوري في القرن العاشر الهجري، ولكن هذا السور قد هدم منذ بضع سنوات لاستبحار العمران. ويدعى الباب المواجه للجنوب باليمني، والباب الذي يواجه مكة المقدسة "باب مكة"، والذي يواجه الشمال "باب المدينة"، ويحيط بجدة قرى صغيرة في الشمال والجنوب أكثرها مؤلف من بيوت صغيرة وأكواخ يسكنها البدو والجمالون وكثير من الزنوج، وقد تلاشى أكثرها لتحل محلها العمارات و"الفيلات" الجميلة.
وقد استفاض العمران بمدينة جدة حتى وصل إلى الكيلو "14" في طريق مكة، قريبا من "أم السلم" ومن ناحية طريق المدينة إلى ما بعد "الرويس".
وبجدة ميناء بحري وآخر جوي، وهما يستقبلان عشرات الألوف من الحجاج جوا وبحرا كل عام. ورصيف الميناء البحري الحديث يقع على بعد ميل واحد من دائرة الجمرك "الكرنتينة" القديمة وهو يمتد إلى 32 قدما من الماء في المد المنخفض عند رأس الرصيف، و100 قدم بـ 560 قدما، ويمكن رسوّ باخرتين على جانبيه. وطول الطريق المردوم 5500 قدم، والمساند الحديدية
على جوانب الرصيف طولها 2243 قدما، وعرض الطريق 24 قدما، وفي الرصيف مكاتب حديثة للجمارك، وفي الجهة الشمالية توجد المستودعات، وفي الجهة الجنوبية أماكن خاصة بالحجاج، كما توجد أيضا مكاتب لموظفي خفر السواحل والجوازات. ويوجد في وسط بناء الجمرك منارة لتسهيل دخول الميناء.
وقد أنشئ محجر صحي جديد بجدة. وفي يوم الثلاثاء 21 من شعبان 1375هـ الموافق 13/ 4/ 1956م جرى افتتاحه، ويعتبر من أعظم المحاجر الصحية في الشرق الأوسط، وتحتوي مدينة الحجر على 150 مبنى وشيدت على مساحة 22800 متر مسطح.
وتعتبر جدة خلية حية للنشاط التجاري تقوم فيها المراكز الرئيسية للبنوك والمؤسسات المالية والأجنبية والأهلية، وتتفرع فروعها في المدن الأخرى.
هذه هي جدة التي تنمو نموا كبيرا مطردا، حتى ليقدر عدد سكانها اليوم بأكثر من "120" ألف نسمة، على حين قدر بعض المؤرخين هذا العدد منذ عشر سنوات بحوالي ثلاثين ألفا.
الطائف:
هي مصيف الحجاز، تقع على ارتفاع 5100 قدم فوق سطح البحر، وهي مدينة واقعة في سهل رملي محاط بتلال منخفضة، وتبعد عن مكة نحو الجنوب الشرقي بمقدار 75 ميلا، وجوها معتدل. وقد قلت فيها المياه إلا أنها منذ بضع سنوات أصبحت شحيحة، والأمطار تسقط فيها في الخريف، وأغلب سكانها من ثقيف وعتيبة، ويعملون في زراعة البساتين والخضر. وتمتاز الطائف بفواكهها من العنب والرمان والخوخ والليمون والمشمش والسفرجل، وتنمو فيها أزهار الورد.
والطائف قديمة النشأة، وتشبه مدن الشام في الجو. وكان من ساداتها في عصر النبوة أبناء عمر بن عمير بن عوف الثقفي: عبد ياليل ومسعود وحبيب. ومن شعرائها: أمية بن أبي الصلت، وأبوه أبو الصلت. ومن ساداتها كذلك عروة بن مسعود الثقفي.
وفي الطائف مسجد ابن عباس، ويقوم حيث كان يقوم جيش المسلمين الذين حاصروا الطائف في عهد الرسول -صلوات الله عليه- ويجاور قبور الصحابة الذين استشهدوا في هذا الحصار، إذ تقع القبور في مكان مسور بجوار المسجد من ناحية الشمال. وقد دفن ابن عباس بمسجده، وتوفي عام 68 هـ. ومن ضواحي الطائف الحديثة: قروة، وشبرا، ونجمة، وبجوار المدينة تقع بادية الطائف المترامية الأطراف وبالقرب من المدينة وادي وجّ الذي يمر بقرية المثناة منحدرا إلى ناحية الطائف. ومن الوديان حولها وادي السداد، وفي القرب منها سد السملحى، وهذا السد أضخم سدود الطائف.
وتشتهر الطائف بفاكهتها وبصنع البسط والسجاجيد والمعاطف التي تشبه البطانيات، وتسمى "البيدى".واتساع العمران وزيادة السكان ملحوظ في الطائف مما أدى إلى قلة مياه الشرب؛ ولذلك أقيمت السدود حولها، ومنها سد عكرمة على وادي وجّ. وتقع الطائف على ظهر جبل غزوان، وهي من المدن الجاهلية القديمة، ويقال: إنها كانت تعرف قديما بوجّ، وقد عثر فيها على كتابات ثمودية، وتحيط بالطائف أودية كثيرة تسيل فيها الأمطار في موسم السحب، وحولها عيون ومياه وبها آبار كثيرة. وكان أكثر سكانها عند ظهور الإسلام من ثقيف، وكان لهم بها صنم كبير يسمى اللات. وهذه هي المسافات بين الطائف وجدة.
اسكنر
ينبع:
الميناء الثاني للحجاز بعد جدة، وسكانها اليوم نحو عشرة آلاف نسمة، وتعد ميناء المدينة، وبينها وبين المدينة 131 ميلا، وحواليها وادي ينبع، وإلى الشمال منها قرية أملج، وبين ينبع وميناء الوجه 186 ميلا.
وهذه هي المسافات بين جدة، ينبع، المدينة:
جدة، ينبع، المدينة
إسكنر
الوجه:
من موانئ الحجاز على البحر الأحمر، وتقع على هضبة مرتفعة تواجه البحر وتطل عليه، وميناؤها عميق الغور يتسع للبواخر التي تبلغ حمولتها 1500 طن، وتفرغ حمولة الباخرة بوساطة السفن الشراعية "السنابيك" التي تنقل حمولة الباخرة إلى الشاطئ، وفي الوجه صرح له تاريخ حافل، وكان قد اتخذه "تي. إي. لورنس" مركز قيادته في أثناء الثورة العربية التحريرية في الحرب العالمية الأولى، وينقل الماء إلى الوجه من آيار التي تبعد نحو ميل عن الداخل، وعلى بعد نحو تسعة أميال إلى الشرق توجد أم قريات القديمة التي عمل فيها الملك داود كما تدل على ذلك الآثار. وتفكر النقابة العربية السعودية في إمكان فتح المناجم القديمة في هذه الجهات، إلا أن البحث أثبت عدم فائدة ذلك الاستغلال. والوجه صالح لاستعماله قاعدة جوية، وقد مهدت أرضها لنزول الطائرات فيها. وفي شرق الوجه بعدة أميال قلعة مصرية قديمة أقيمت في طريق الحج. وهي على نمط أبنية القرون الوسطى، وكانت معدة لإقامة الجنود فيها لحماية الحجاج من قطاع الطريق.
الجوف:
هي المدينة الرئيسية وسط منطقة زراعية كبيرة واقعة إلى شمال النفود على رأس وادي السرحان، والواحة واقعة في منخفض يقع نحو 500 قدم تحت سطح الصحراء المحيطة بها، وتوجد واحات صغيرة أخرى تابعة لواحة الجوف واقعة إلى الشمال الشرقي منها، وهي: سكاكة، وقارة، والطوير، وجاوة.
وسكاكة هي الأكبر، ومزارع النخيل فيها تكثر جدا حتى إنها تفوق تلك التي في جوف نفسها.
ويبلغ طول واحة الجوف نحو 3 أميال في نصف ميل عرضا، وهي تمتد من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي، وكلها حدائق وبساتين، وبها نحو 12 قرية، وبها نحو 400 منزل.
وموقع الجوف الجغرافي مهم جدا؛ لأنه يقع على الطريق المباشر بين سوريا ووسط بلاد العرب، وهي منفصلة، إذ تقع في المنتصف ما بين الفرات وطريق
الحجاز الحديدي، وبين جبل شمر وجبل الدروز، وعلى بعد نحو 300 ميل من كل من هذه المواقع، وهي الواحة الوحيدة ما بين العقبة وبغداد1. وأهم غلات الجوف: القمح والشعير والتمر وهو من أجود الأنواع، والفواكه كالبطيخ والعنب. وفي منطقة الجوف تكثر النعام والغزلان والحمر الوحشية2. وكانت مدينة الجوف تسمى قديما دومة الجندل.
وروى ابن سعد نقلا عن بعض أهل الحيرة في سبب بنائها وتسميتها: "أن أكيدر صاحبها وإخوته كانوا ينزلون دومة الحيرة، وكانوا يزورون أخوالهم من كلب فيتغربون عندهم. فإنهم لمعهم وقد خرجوا للصيد إذ رفعت لهم مدينة متهدمة لم يبق إلا بعض حيطانها، وكانت مبنية بالجندل، فأعادوا بناءها وغرسوا فيها الزيتون وغيره، وسموها دومة الجندل تفرقة بينها وبين دومة الحيرة"3.
وكانت قبائل العرب في الجاهلية تنزل هذه السوق في أول يوم من ربيع الأول للبيع والشراء، على ما سنذكره في حينه4.
1 جزيرة العرب في القرن العشرين ص76.
2 جغرافية البلاد العربية "لصلاح البكري" ص70.
3 أسواق العرب ص195، 196.
4 المرجع السابق ص199.
وهذه هي المسافات بين الجوف والعلا وغيرهما:
يؤخذ اسكنر
يؤخذ اسكنر
وهذه كذلك المسافات بين قريات الملح والعلا وبينها وبين العقبة:
إسكنر
إسكنر
تبوك:
تقع تبوك على خط السكة الحديد الحجازية. قال ياقوت: تبوك بين الحجر وأول الشام على أربع مراحل من الحجر. وهو حصن به عين ونخل وحائط ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيها غزوة تبوك المشهورة سنة تسع للهجرة، وسميت تبوك لأن النبي صلى الله عليه وسلم وجد اثنين من رجاله يدخلان أسهمهما في نبع شحيح ليفرز الماء، فقال لهما:"ما زلتما تبوكان منذ اليوم"، فسميت تبوك. والبوك: إدخال اليد في الشيء وتحريكه.
وقال القرماني: "تبوك: عين ماء ونخيل، وبنى بها السلطان سليمان العثماني برجا، وأسكن فيها عشرين نفرا من الإنكشارية لحفظ العين".
وتشمل تبوك بوصفها إمارة في العهد الحاضر، القبائل المقيمة في أطرافها، كالحويطات وبني عطية، وسكانها اليوم أكثر من ألف نسمة.
العقبة:
تقع على الشاطئ الشرقي من خليج العقبة، قريبا من رأس الخليج، وبها قلعة قديمة على شكل مربع، وبها بساتين ومزارع نخيل.
وفي الحرب الحجازية الأخيرة ضُمت العقبة ومعان إلى شرقي الأردن.
وتعرف العقبة قديما باسم أيلة ولها تاريخ قديم، وأشار إليها القرآن الكريم بقوله:{وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} . وللأسف توجد القوات البريطانية فيها مهددة سلامة البلاد العربية.
السلالات البشرية في الحجاز في القديم والحديث: الشعب العربي
أقسامه:
العرب من الشعوب السامية، التي انحدرت في الأصل من سام بن نوح، وهذه الشعوب تشمل الأحباش والفينيقيين والبابليين، وقد جرت عادة المؤرخين من العرب على تقسيم الشعب العربي إلى: بائدة وباقية، والباقية إلى: عاربة وهم القحطانيون، ومستعربة أو متعربة وهم الإسماعيليون أو العدنانيون. وعلى ذلك فهم ثلاث طبقات: بائدة وعاربة ومستعربة، وبعضهم يسمي البائدة عاربة أو عرباء، والقحطانيين متعربة، والإسماعيلية مستعربة:
1-
العرب البائدة: فهم الذين انقرضت قبائلهم، وضاعت أخبارهم إلا ما قصته الكتب السماوية أو حفظته الآثار، ومنهم: عاد التي كانت تسكن الأحقاف كما سبق، وقد أهلكوا بريح صرصر عاتية، وثمود التي كانت تنزل الحجر "مدائن صالح" شمالي خيبر، وقد أهلكوا بالطاغية الصاعقة أو الرجفة، وطسم وجديس باليمامة، والعمالقة بالحجاز وتهامة ونجد والشام ومصر. ويضرب بطول قامتهم المثل، ويرى بعض المحدثين من المؤرخين أن الدولة الحمورابية من العرب البائدة.
2-
القحطانيون: وأما العرب المتعربة فمنهم أبناء يعرب بن قحطان الذين سكنوا اليمن بعد المعينيين، ويعرب هذا هو الذي يزعمون أنه أول من نطق بالعربية؛ لأن لسان أبيه كان سريانيا، أي: إنه أول الناطقين بها من هذا الجيل، إذ سبقه بها العرب البائدة وعنهم أخذها. وكما يسمى هؤلاء القحطانيين يسمون اليمنيين، والحميريين، والسبئيين.
3-
العدنانيون: وأما العرب المستعربة، ويسمون العدنانيين والنزاريين والحجازيين والإسماعيليين، فينتهي نسبهم إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام أنزله أبوه بمكان الكعبة طفلا {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ
…
} الآية وتركه وأمه هاجر "المصرية" هناك، وقد ماتت أمه بعد أن شبَّ. ونزل بالقرب منهم جماعة من جرهم الثانية، نشأ بينهم إسماعيل وتعلم لغتهم وأصهر إليهم، ورزق أولادا كثيرين، طردوا الجرهميين فيما بعد. ولذلك، ولبعد الشقة بين منازل الإسماعيليين والقحطانيين، اختلفت اللغتان: لغة الحجاز ولغة اليمن، حتى جدّت عوامل الاختلاط فتقاربتا، ثم توحدتا في لغة القرآن الكريم.
ويبدأ تاريخ الحجازيين في القرن التاسع عشر قبل الميلاد، وهم وإن انتهى نسبهم إلى إسماعيل عليه السلام، إلا أن عمود نسبهم الصحيح ينتهي إلى عدنان، فأما ما وراءه من الآباء فقد اختلف فيه النسابون اختلافا كبيرا، فيعدون من خمسة عشر إلى أربعين أبا، وبين إسماعيل وسام آباء كثيرون لا يعلمهم إلا الله.
أشهر القبائل القحطانية والعدنانية:
اضطرب الكلام في قبائل العرب وأنسابهم اضطرابا كبيرا، دعا كثيرا من الباحثين إلى الارتياب في صحة هذه الأنساب، لكن العرب المتأخرين قد تلقوا ما تُنُوقِل منها بالقبول، واعتمدوا عليه في مفاخراتهم ومنافراتهم، وتمادحهم وتهاجيهم، واستغل الخلفاء فيما بعد هذه العصبيات في توطيد ملكهم وتوهين خصومهم، فلم يبق لنا بد من تعرفها، حتى نستطيع أن نفهم أسس تلك المفاخرات والأشعار، ومنشأ حروبهم وتحزبهم.
والعرب بطبقاتهم الثلاث يرجعهم النسابون إلى سام بن نوح، وهذه سلسلة نسبهم، وهي تبين لك أشهر قبائل كل طبقة من طبقاتهم:
أشهر الشعوب القحطانية: كهلان وحمير:
1-
وقد تفرع من كهلان قبائل: كندة باليمن ونجد، وعاملة شمال الشام، ومذحج باليمن، ومراد، وهمدان بها أيضا، وجذام على خليج العقبة، وهم أول
من نزل مصر من العرب لقربهم منها، ولخم "ومنهم المناذرة ملوك الحيرة"، وطيئ بأجا وسلمى، والأزد، ومنها: الأوس والخزرج سكان المدينة، وغسان ملوك الشام.
2-
وأما حمير: فقد نسل قضاعة، وذهب بعض النسابين إلى أن قضاعة عدنانية. والمشهور من قبائل قضاعة: بلى شمالي الحجاز، وجهينة كذلك، ومن قراهم ينبع، ولهم بقايا بالصعيد، وكلب ببادية الشام، وعذرة بأعالي الحجاز، وإليهم ينسب الهوى العذري، وتنوخ قرب المعرة.
وأما العرب الإسماعلية: فأشهر شعوبهم ربيعة ومضر.
ومن نسل ربيعة: وائل وبكر وتغلب.
وأما مضر، فيقال لها: مضر الحمراء، وفيها يقول الشاعر:
إذا مضر الحمراء كانت أرومتي
…
وقام بنصري خازم وابن خازم
عطست بأنف شامخ وتناولت
…
يداي الثريا قاعدا غير قائم
وأشهر أبنائه: إلياس وقيس عيلان، وأشهر قبائل قيس:
عدوان بالطائف، وغطفان، ومن غطفان: عبس وذبيان.
وتقطن قبيلة غطفان شرق المدينة وشمالها، بحيث تتصل بلادها شرقا بالقصيم من نجد، وشمالا في حرار خيبر وأوديتها، ويجاورها جنوبا بنو سليم الذين تقع بلادهم بقرب المدينة، ممتدة على أطراف جبال الحجاز، وحراره الشرقية من شرق المدينة نحو الجنوب، حتى تتصل ببلاد بني عامر من قيس عيلان. وهوازن بالحجاز، ومن هوازن: ثقيف بالطائف، ومن قيس: باهلة باليمامة، ومن مضر أيضا: طابخة، ومن نسل طابخة: ضبة وتميم.
يؤخذ اسكنر
يؤخذ اسكنر
يؤخذ اسكنر
السلالات الحجازية القديمة في مكة:
يقال: إن العمالقة كانوا أول من سكن مكة، ثم خلفتهم قبيلة جرهم الثانية، وفي عهدهم نزل إسماعيل وأمه بوادي مكة، وصاهرهم إسماعيل، ولما مات، تولى البيت نابت أكبر أولاده، ثم تولى ولاة من جرهم استمرت ولايتهم إلى سنة 207م، كما ذكر سديو. ولبثت ولاية البيت في جرهم حتى عظمت شوكتهم، وقوي نفوذهم، وعاثوا فسادا في الحجاز، واستحلّوا أموال الكعبة، واضطهدوا حجاج بيت الله. ثم قدمت خزاعة من اليمن بعد سيل العرم، وتفرق سبأ على أثره، فأجلت جرهما، وانتزعت منها السيادة، إذ عرج على مكة بنو حارثة بن عمرو الملقب خزاعة، فاستعان بنو حارثة بكنانة فغلبهم بنو حارثة، وكان رئيسهم يومئذ عمرو بن لحي، واستمرت خزاعة على ولاية البيت نحوا من ثلاثمائة سنة، وهم الذين أدخلوا عبادة الأصنام والأوثان إلى مكة.
ولما قويت قريش وكثر نسلهم، نازعوا خزاعة السلطان، وتغلبوا عليها في القرن الخامس الميلادي، واستولى قصي بن كلاب على مكة، والبيت الحرام سنة 440م.
وأخذ مفاتيح الكعبة من يد خزاعة، وأجلاهم عن مكة، وبذلك انتقلت السيادة إلى قريش، وتوارث القرشيون حكم مكة بما كان لهم من العصبية والشرف والمجد. ومن ذلك ترى مدى امتزاج السلالات العربية، التي حكمت مكة منذ القديم إلى أن انتهى الأمر إلى قريش سلالة إبراهيم وإسماعيل، وأصل النسب النبوي الشريف1.
1 راجع كتاب "شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام للفاسي المتوفى عام 833هـ"، تحقيق خفاجي وعبد الجبار والفلالي، نشر مكتبة النهضة الحديثة بمكة لصاحبها عبد الشكور وعبد الحفيظ فدا.
السلالات العربية القديمة في المدينة:
أما المدينة، فيقال: إن أول من نزلها هم العمالقة1، ثم هاجرت إليها سلالات من اليهود من فلسطين بعد هجوم الدولة الرومانية على بلاد فلسطين في القرن الأول قبل الميلاد. ثم بعد حرب اليهود والرومان عام 70م، هذه الحرب التي انتهت بخراب فلسطين وبتشتيت اليهود في أصقاع العالم، وقد تكاثر عدد اليهود والنازحين منهم إلى المدينة، وظهر منهم عدة قبائل، أشهرها: قريظة والنضير. ثم نزل المدينة بعد ذلك، إثر سيل العرم، الأوس والخزرج، واستوطنوها، وأقاموا مع اليهود، وعاشوا في ضنك وإذلال من اليهود، وكان على اليهود رئيس مستبد، استبد بالنازحين، فاستجاروا بالتبابعة في رواية، وبالغساسنة في رواية أخرى فجاءوا لنصرتهم. فكانت بين الفريقين حرب انتهت بقتل زعماء اليهود وأشرافهم، وأصبح الأوس والخزرج بعد ذلك أعز أهل المدينة، وتحالفوا مع اليهود، ثم دبّ الخلاف بين الأوس والخزرج، وتنازعوا الشرف والسيادة. وقامت بينهم حروب وأيام طاحنة، من أشهرها: يوم بعاث، ويوم سمير، ويوم حاطب، ويوم السرارة، مما سنذكره تفصيلا في الفصول التالية.
وهكذا نجد كذلك سلالات عديدة تمتزج وتكون شعب المدينة الحجازي2.
1 يقول أبو الفرج الأصفهاني في الجزء 11 من الأغاني: كان ساكنو المدينة في أول الدهر قبل بني إسرائيل قوما من الأمم الساحقة يقال لهم: العماليق، وكانوا قد تفرقوا في البلاد، وكان ملك الحجاز منهم، ويقال له: الأرقم، ينزل بين تيماء وفدك. وكانوا قد ملئوا المدينة، ولهم نخل كثير وزرع، ثم بعث موسى إلى العماليق جيشا من بني إسرائيل، فقدم الجيش الحجاز فأظهرهم الله على العماليق، واستقر جماعة من الجيش بالمدينة، فكان ذلك أول سكنى اليهود بالمدينة.
2 راجع كتاب الدرة الثمينة بأخبار المدينة لابن النجار، طبع القاهرة.
عرب الطائف في العصر الجاهلي:
الطائف من مدن الحجاز وحواضره، وتمتاز بجوها البديع وحدائقها وفاكهتها كما سبق، وقد أقام بها العرب في العصر الجاهلي، وكان أهلها من عدوان الذين منهم عامر بن الظرب العدواني، حكم العرب في العصر الجاهلي، وكان عددهم يقارب السبعين ألفا، ولكن الخصومات بينهم أدت إلى حروب شديدة، مات فيها الكثير، وكان قصي بن منبه -وهو ثقيف- صهرا لعامر بن الظرب، فلما ضعف أمر عدوان تغلب عليهم ثقيف، وهم فرع من هوازن1. وقد روى البكري عن هشام الكلبي في سبب تسمية ثقيف بهذا الاسم، وما كان من نزول منبه بن بكر بن هوازن، وهو ثقيف بالطائف، رواية طويلة لا داعي لذكرها في هذه العجالة2. وكان ممن نزل بنواحي الطائف: عامر بن صعصعة، حيث نزلوا بجوار أصهارهم عدوان بن عمر بن قيس. ثم لما تفرقت عدوان، وحارب بعضهم بعضا، طمعت فيهم بنو عامر وأخرجتهم من الطائف، غير أن ثقيفا أخذتها من عامر لتزرعها، على أن يكون لها النصف بعملها فيها، وللعامريين النصف بحقهم في البلاد.
ولبثوا على ذلك زمانا حتى كثرت ثقيف، وحصنوا الطائف، وبنوا عليها حائطا يطيف بها، فسميت الطائف3.
المضريون في الحجاز:
القبائل المضرية في الحجاز في العصر الجاهلي:
لم تزل مضر بن نزار، بعد خروج ربيعة من تهامة، مقيمة في منازلها من تهامة وما والاها، حتى تباينت قبائلهم، وكثر عددهم وفصائلهم، وضاقت
1 ابن خلدون 2/ 237، 338 العرب قبل الإسلام لجورجي زيدان ط 1939.
2 راجع 64، 66، 67 جـ1 البكري، وص14-16/ 1 تاريخ الإسلام للدكتور حسن إبراهيم.
3 راجع 77 و78/ 1 معجم ما استعجم للبكري 16/ 1 تاريخ الإسلام.
بلادهم عنهم، فطلبوا المتسع والمعاش، وتتبعوا الكلأ والمرعى والماء، وتنافسوا في المحال والمنازل، وبغى بعضهم على بعض، فاقتتلوا، فظهرت خندف على قيس، وظعنت قيس من تهامة طالعين إلى بلاد نجد، إلا قبائل منهم، فانحازت إلى أطراف الغور من تهامة.
فنزلت هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس ما بين غور تهامة إلى ما والى بيشة، وترجا، وناحية السراة، والطائف، وذا المجاز، وحنينا، وأوطاسا وما صاقبها من البلاد. وهوازن من القبائل العربية الكبيرة، وكانت مساكنها، كما ذكرنا في مواضع متعددة، من نجد -على حدود اليمن- وفي الحجاز. ثم تنافس أولاد مدركة وطابخة ابني إلياس بن مضر في المنازل، وتضايقوا فيها، ووقعت بينهم حرب، فظهرت مدركة على طابخة، فظعنت طابخة من تهامة، وخرجوا إلى ظواهر نجد والحجاز. وانحازت مزينة بن أد بن طابخة، إلى جبال رضوى، وقدس، وآرة وما والاها، وصاقبها من أرض الحجاز.
وأقامت قبائل مدركة بناحية عرفات، وعرنة، وبطن نعمان، ورجيل، وكبكب، والبوباة، وجيرانهم فيها طوائف من أعجاز هوازن.
وكانت لهذيل جبال من جبال السراة، ولهم صدور أوديتها وشعابها الغربية. ومسايل تلك الشعاب والأودية على قبائل خزيمة بن مدركة في منازلها، وجيران هذيل في جبالهم: فهم، وعدوان، ابنا عمرو بن قيس عيلان.
ونزلت خزيمة بن مدركة أسفل من هذيل بن مدركة. واستطالوا في تلك التهائم إلى أسياف البحر، فسالت عليهم الأودية التي كانت هذيل في صدورها وأعاليها، وشعاب جبال السراة التي هذيل سكانها، فصاروا فيما بين الشاطئ وجبال السراة الغربية. وأقام ولد النضر بن كنانة بن خزيمة حول مكة وما والاها، بها جماعتهم وعددهم، فكانوا جميعا ينتسبون إلى النضر بن كنانة.
وأقام ولد فهر حول مكة، حتى أنزلهم قصي بن كلاب الحرم، وكانت مكة ليس بها أحد. قال هشام: قال الكلبي: كان الناس يحجون ثم يتفرقون،
فتبقى مكة خالية، ليس بها أحد، فقريش البطاح من ولد فهر: من دخل مع قصي الأبطح، وقريش الظواهر، من ولد فهر: تيم الأورم بن غالب بن فهر ومعيص بن عامر بن لؤي، ومحارب والحارث ابنا فهر، فهؤلاء قريش الظواهر، وسائر قريش أبطحيون، إلا رهط أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه وهم بنو هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر، ورهط سهل وسهيل ابني البيضاء، وهم بنو هلال بن ضبة بن الحارث بن فهر، فإنهم دخلوا مع قصي الأبطح فهم أبطحيون.
فهذا ما كان من حديث افتراق معد ومنازلهم التي نزلوها، ومحالهم التي حلوها في الجاهلية، حتى ظهر الإسلام1.
القبائل العربية في الحجاز حين نزول الإسلام:
قبائل تنزل بالحجاز:
وجاء الله عز وجل بالإسلام، وقد نزل الحجاز من العرب: أسد، وعبس2، وغطفان، وفزارة، ومزينة، وفهم، وعدوان، وهذيل، وخثعم، وسلول، وهلال، وكلاب بن ربيعة. فطيء -وأسد وطيء حليفان-وجهينة، نزلوا جبال الحجاز: الأشعر، والأجرد، وقدسا، وآرة، ورضوى، وأسهلوا في بطن أضم. ونزلت قبائل من بلي شغبا وبدا، بين تيماء والمدينة، ونزلت ثقيف وبجيلة حاضرة الطائف، ودار خثعم، من هؤلاء: تربة وبيشة وظهر تبالة، على محجة اليمن، من مكة إليها، وهم مخالطون لهلال بن عمرو، وبطن تبالة لبني مازن. ودار سلول في عمل المدينة، ومنازل أزد شنوءة
1 راجع معجم ما استعجم ج1 ص87-89.
2 أسد وعبس نزلتا في نجد، فأسد كانت مجاورة لطيء ومحالفة لها، ومنازلها في شمال القصيم، وعبس كانت تنزل أعلى القصيم، ومن غطفان قسم كبير استوطن نجدا على ضفاف وادي الرمة، كبني عبد الله بن غطفان وغيرهم. "راجع عن تفصيل منازل هذه القبائل كتاب لغدة الأصفهاني" مخطوط. ويرى الأستاذ حمد الجاسر أن قبيلتي عبس وأسد لم تنزلا بالحجاز حين مجيء الإسلام.
السراة، وهي أودية مستقبلة مطلع الشمس بتثليث وتربة وبيشة، وأوساط هذه الأودية لخثعم، على ما تقدم، وأحياء مذحج. وهذه الأودية تدفع في أرض بني عامر بن صعصعة، ومن بقي بأرض الحجاز من أعجاز جشم ونصر بن معاوية، ومن ولد خصفة بن قيس، فهم بالحرة، حرة بني سليم، وحرة بني هلال، وحرة الربذة إلى قرن وتربة، وهم مخالطون لكلاب بن ربيعة، هؤلاء كلهم من ساكني الحجاز1.
بنو عذرة:
ومن عرب الحجاز: بنو عذرة، وتقع منازلهم في أعالي الحجاز، في جوار عدد من قبائل "قضاعة" وهي: نهد، وجهينة، وبلي، وكلب، وتقع أرضها في جوار غطفان، ومن مواضعها: وادي القرى، وتبوك حتى أيلة.
وكانت لبني عذرة صلات بقبيلة قريش، وكان ساعدة بن رزاح أخا من الأم لقصي. كما كانت لهم صلات بالأوس والخزرج، فوالدة الأوس والخزرج عذرية، فهي قيلة بنت كاهل بن عذرة.
ومن بطون هذه القبيلة: بنو ضبة، وبنو جلهمة، وبنو زقزقة، وبنو الجلحاء، وبنو حروش، وبنو جن، وبنو مدلج على رأي بعض النسابين، وبنو رفاعة، وبنو كثر، وبنو صرحة، وبنو حرام، وبنو نصر، وبطون أخرى يذكرها النسابون.
أشجع:
ومن القبائل الحجازية: أشجع، وتقع مواطنها بضواحي يثرب، وكانوا حلفاء للخزرج، وقد ساعدوهم في يوم بعاث، وكان بينهم وبين سليم بن منصور يوم في موضع "الجر". ومن بطون أشجع: بكر، وسبيع، ومن سبيع: حلاوة، وهفان، وفتيان، وقنفد، وذبيان2.
1 راجع كتاب: معجم ما استعجم ج ص90.
2 سبائك الذهب 35، تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد علي 316/ 4.
هذيل: وبين مكة والمدينة تقع منطقة هذيل، وتعرف باسم سراة هذيل. وهي موطن قبيلة هذيل، التي تنتسب إلى هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر، وهي أخت قبيلة "خزيمة" وكانت تجاور قبيلة بني سليم وكنانة، وقد اشتهرت بشعرائها وصفاء لغتها؛ ولذلك احتج اللغويون بكلامهم، وكانت هذيل مع قريش في أثناء حملة "أبرهة" على مكة، وكانت تعبد "سواع"، وكان بموضع "رهاط"، وكذلك عبدت "مناة" وكان موضع هذا الصنم في "قديد"، ومن أشهر بطون هذيل: بنو لحيان، وبنو دهمان، وبنو عادية، وبنو ظاعنة، وبنو خناعة.
اختلاط العناصر في الحجاز:
كان عمر بن الخطاب ينادي في الحجاج، بعد أداء مناسكهم:"يا أهل الشام شامكم، يا أهل اليمن يمنكم". وكان يرمي بهذه القولة، صرف الأجناس المختلفة عن الإقامة بالحجاز لأسباب كثيرة، منها: أن الحجاز كان وما زال آمنا من عدوان المعتدين وإغارة المغيرين. ومن الخير أن يعود أهل كل مصر إلى مصرهم؛ ليحافظوا عليه، ويردوا عنه غارة المغيرين عليه، من كل من تسول له نفسه الإغارة على البلاد التي ظللها الإسلام.
ومن الأسباب أيضا: المحافظة على أخلاق الحجازيين، وعاداتهم، وتقاليدهم، والمحافظة أيضا على أرزاقهم. فأسباب العيش في الحجاز محدودة؛ إذ إن الحجاز ليس بلدا زراعيا، ولا بلدا صناعيا كما هو الحال في غيره من الأمصار. وقد استطاع الحجاز بسياسة عمر الواقعية، الاحتفاظ بكل مقوماته، وبعد أن انحرف الحكام عن سياسة عمر، بدأ سيل المهاجرين يغمر الحجاز، وكان أغلب المهاجرين في العصر الأموي من الصناع وأرباب الحرف المختلفة، وفي النادر من كان يهاجر إليه؛ للانقطاع عن الدنيا، والانصراف للعبادة. أما في العصور الأخيرة، فبعد أن استفحلت شرور الاستعمار، أخذ المسلمون يهاجرون إلى الحجاز من بلادهم؛ للمحافظة على دينهم وتقاليدهم، فامتلأت
مدن الحجاز بسيل جارف من الأجناس المختلفة، حتى رأينا فيه جموعا غفيرة من الفرغانة، والقشغر، والخوتان، ورأينا الصيني، والأندونيسي، والمغاربة، والسودانيين، والنيجيريين، والحضرميين، وغيرهم. وما كانت هذه الهجرة لتضير الحجاز، لو أنها نظمت تنظيما يفيد البلاد، ويفيد المهاجرين. ويؤسفنا أن نقول: إن عدم الالتفات لتنظيم الهجرة، بما يتفق وحالة الحجاز وظروف معاشه، ترك الحجازيين والمهاجرين في بلبلة ذهنية وخلقية1 ومعاشية، الأمر الذي يستاء له كل مخلص لمهد العروبة وقبلة الإسلام. إن البعض يهون من شأن الهجرة، ولا يرى فيها ما نراه من هذا التبلبل الذي نخشى مغبته. ولكن إذا علمنا عدد البخاريين والتركستانيين، يزيد عن مائة ألف نسمة، ويضاهيهم في هذا العدد النيجيريون، ويقرب عدد الأندونسيين من ستين ألفا، وعدد المغاربة من عشرين ألفا، وعدد الهنود نحو عشرين ألفا أيضا، ومن الأجناس الأخرى مجتمعة أكثر من مائة ألف، كل هؤلاء مكدسون في مكة والمدينة وجدة، حيث يحلو لهم الإقامة فيها دون غيرها. إذا علمنا ذلك أدركنا مبلغ الأضرار التي تنجم من ذلك.
وإن في الحجاز كثيرا من الواحات، وكثيرا من العيون المطمورة، والأراضي الصالحة للزراعة. وكل ذلك في حاجة إلى الأيدي العاملة، فلو وزعنا هؤلاء المهاجرين على تلك المناطق التي هي في حاجة إلى الإصلاح، وفي حاجة إلى الأيدي العاملة، لما أبيدت في بلادنا الثروات، من حيوانية ونباتية وغيرهما، ولما قاسى السكان ما يقاسون الآن ندرة الحيوانات، والخضراوات، والدواجن، ولوجدنا في هذه الأيدي العاملة -أيدي المهاجرين- ما يوفر
1 ومن الأمثلة العالية التي كانت في أخلاق الحجازيين: أن الجار يحترم جاره ويصون جواده، ويعطف عليه ويواسيه، ويفتقده ويسأل عنه. وقبل خمسين سنة كان صاحب الدكان إذا استفتح "بزبون" وجاءه زبون آخر، فإنه يبعثه ليشتري من جاره الذي لم يستفتح بعد، وكان المطوف إذا جاءه حجاج، ولم يأت لصديقه أو لجاره حجاج، فإنه يبعث إليه من عنده طائفة الحجاج الثانية التي ترد إليه.
للبلاد ما هي في حاجة إليه، ولما عرفنا هذه الأزمة، في المنازل، وارتفاع أجورها ارتفاعا يعجز عنه الأهلون والمهاجرون على السواء.
وقد نجم عن هذه البلبلة في العناصر، والهجرات العديدة إلى الحجاز: اضطراب في الأخلاق، وفساد في الألسنة، وضعف في العصبية العربية، واستهانة بالأخلاق الإسلامية الأصيلة من تعاطف وتعاون ومحبة.
القبائل الحجازية في العصر الحاضر:
بلي:
مقر بلي جنوبي حويطات التهم، وتمتد منازلها إلى جهة الشرق حتى محطة دار الحمراء، ولبلي فروع عديدة منها:
المعاقلة، الرُّمُوط، الفواضلة، الزَّبَالة، الشَّامَات، الكوبين، الرُّبَطة، الوايصة، الحُرُوف، الوُحَشة، العِراضات، السَّهامة.
وكان كبير بلي ابن رفادة، الذي مقره الوجه وأطرافه.
ثمالة:
قبيلة حجازية إلى جنوب الطائف، وهي من الأزد.
ثقيف:
قد اختلف كثيرا في نسب ثقيف، والمعول عليه أنها من هوازن التي منها الشيابين أحد أفخاذ عتيبة، ومنازل ثقيف في جبال الحجاز بين مكة والطائف، وعلى الأصح بينه وبين جبال الحجاز.
والمعروف بين المعاصرين أن ثقيفا تقسم إلى البطون الآتية:
1-
طويرق: وهم قسمان: حضر وبدو، فالحضر فيهم العشائر الآتية:
الجُعَيْدات، الحَصَافين، والزَّحارية، والفُضَّل.
وأما بدو طويرق، ففيهم العشائر الآتية، وهي:
الرُّوسان، والغَرايين، والتراكبة، والكَلْبَة، والعَبْدة، والظفيريبن، والحُمْران.
2-
بطن النمور: وهم يقسمون بحسب منازلهم إلى قسمين: أهل الهَدَى، وأهل وادي المُحرِم.
فأهل الهدى فيهم أربع عشائر وهي: الكُمَّل، واللمُّظة، والغربا، والبِنِّي، وهؤلاء يقال: إن الحجاج بن يوسف منهم. وأما أهل وادي المحرم فهم أهل الخَضْرة والمشايبخ وأهل الدار البيضاء.
3-
بطن ثمالة "وقد دخلت هذه القبيلة في ثقيف، وهي كما قدمنا أزدية قحطانية": وهم ثمانية أقسام: أهل الصُّخَيْرة، وآل مُقْبِل، والضباعين، والسواعدة، وآل زيد، والسُّوَدَة، والطوال، ويقال أيضا: إن المشايبخ من ثمالة.
4-
بطن بني سالم: وفيه عشائر: العيّاشة، والعَصَبَى، والمُنْجِف.
5-
بطن عوف: وهم في وادي لِيَّة، وبعضهم ينسبهم لحرب، ومنهم عشيرة الغُنَّم.
6-
بطن سفيان: وهم فخذان: بنو عمر وآل شريف، وأما بنو عمر فمنهم: العُسران، وتميم، والخُضَرة، وأما آل شريف ففيهم عشائر كثيرة، أهمها:
"أولا": آل ساعد، ويقسمون إلى الحرْجلى "وهؤلاء يقال: إنهم من بكر حلفاء قريش زمن الرسالة، أي: الجحادلة" وآل حسن، وآل عُبَيْد، والسواعدة، وآل منصور.
"ثانيا": آل حِجَّة، وفيهم: الخُمس، والبهادلة، وأبو الدَّم، وأبو الظهير، وآل منيف، وآل عيسى، وهؤلاء ثلاث عائلات: آل حسين، وآل حمود، وآل غُبَيْشَة.
"ثالثا": آل عائشة، ومنهم: الطلْحات، والحَجَلة، وآل عمر.
7-
بطن قريش: منهم الحضر والبدو، فالحضر يقسمون إلى الحُصْنان الذَّراوة، والزِّنَّان، والمطرة، والبدو، وآل غانم يقسمون إلى هَواملة، وآل علي، والهيافين، والغشامرة، ومن قريش أيضا القُصران، وبنو صخر، والخُرتَة.
8-
بطن هذيل: وسيأتي ذكر فروعه.
9-
ثقيف اليمن: وهم بقرب بني مالك عند التُّرْعة، وهم أقسام عديدة، أهمها: فخذان، عَنْس، وبنو يوسف، والأولون فيهم الجاهلي، والنُّدَيبي، وآل يعلى، وبنو محمد، والغُغْدة، والأحلاف، والحُمَرَة، وتقيم في المليساء، وآل مسعود، وبنو يوسف، وفيهم المجردي، والعَسْبَلي، والقُريحي.
وينسب إلى ثقيف اليمن بنو ذبيان، وفيهم ثلاثة فروع: بكري، وبُرَيْدي، وذبياني، غير أن المقول: إنهم يردون إلى عبس لا ثقيف.
الجَحَادلة:
تمتد ديرة الجحادلة من حدود حرب عند سُروم حتى الليث على شواطئ البحر، وفي داخل البلاد إلى جبل الشوك، وجبل السعدية. وتمتد من الجنوب إلى الداخل، حتى ديرة آل مهدي وذوي بركات، ومنهم من يقيم بين مكة وعرفات، وبينها وبين شدَّاد ووادي المحرم. وهذه القبيلة من أكثر القبائل الحجازية الصغيرة عددا، وأعظمها منعة. ويقال: إنها من بقايا بني بكر حلفاء قريش على عهد النبي "صلى الله عليه وسلم". ومن فروع الجحادلة ما يأتي:
العليانِيَّة
الشِّينِيَّة
الحَرْشِيَّة
الجَمْشية
الثُّعْبانية
حَسْنانية
جَرْشية أو قرشية
ومن الفروع الأخرى: آل منيف والحيرية وآل فهم، وأهم فروعها:
آل سهم
آل مَدَاثر
بنو بور
آل يام
آل زُحَفيْس
الجعافرة:
هذه إحدى القبائل التي يتألف منها أشراف الحجاز، المنقسمين إلى 21 قبيلة، وديرة الجعافرة شمالي جازان.
جُهَيْنَة:
تمتد منازل جهينة على الساحل من جنوبي ديرة بلي حتى جنوبي ينبع
…
والقبيلتان بلي وجهينة من بقايا قضاعة اليمانية كما هو المعول عليه. وتقسم جهينة إلى بطنين: الأول مالك، والثاني موسى.
"أولا": بطن مالك فيه عدة أفخاذ، هي:
1-
فخذ القُوفَة، وفيه عشائر عديدة أهمها: القُضاة، العُرّف، الدّبّة، الفَيْنَاث، الحُضات، الكشُوش، الحشالِكة، المرَوات، الموَالبة، المشاعلة، الرَّبَيات، الكنَنَة، الرُّجبان، الهُدْبان.
2-
فخذ عروة، وفيه عشائر عديدة أهمها: الشلاهِبَة، الجَعانة، الفُهود، المسْعَد، الونيان، الجماملة، الملادية.
3-
فخذ الزَّوَايدة، وفيه العشائر الآتية: الخضرة، المسايِرة، العِقاب.
4-
فخذ العوامرة، ولم نطلع على فروعه.
5-
فخذ رفاعة، وفيه العشائر الآتية: المشاهير، المساونة، الوَهبان، الثُّرود.
6-
فخذ كلب، وفيه العشائر الآتية: العرافين، الحضَرَة، الزهيرات.
7-
فخذ بني إبراهيم، وفيه من العشائر: الحربيات، الصَّرَاصرة، المسافرة، الجرَسة، الشَّطارة، الشَّابين، ذوو سعد، الفقهاء، ذوو سليم، ذوو زيد، ذوو حُمُودَة الموالي، الحلاثيث، الدَّسابكة الشَّنَاورة، المتادقة العلاونة، الصفاريون.
- فخذ العاشة، وفيه من العشائر: الشّقَاقا، النَّفْران، العَبْسان، الفَدَاعين الصيادلة، المساوية، الصياديدة.
"ثانيا": بطن موسى، وفيه الأفخاذ والعشائر الآتية:
1-
فخذ الغُنَيْم، عشائره هي: الزرفاق، النُّمَسة، المحاسِنَة، الحَمدان، المُقْبلي، العلافين، الفحامين.
2-
فخذ ذبيان، وعشائره: المداجنة، والمُصْلخ، الهُمَيْمات، الغربان، العُطَيْفات.
3-
فخذ غَيْمة، وعشائره: المِسْكة، الحوافظة، المساعرة، روس البعير، الحُمَيْد.
4-
فخذ حُبَيْش، وعشائره: المساجل، النُّبَسة، الضواحكة.
5-
فخذ السُّمَرة، وعشائره: المرادِسة، القطاعين، الطبسة.
6-
فخذ القوايدة، وعشائرة: الشَّوايعة، والعُرود.
قبيلة حرب:
وهم كثير من المؤلفين في أنساب العرب حينما نسبوا قبيلة حرب إلى العدنانية. ومنشأ هذا الوهم:
1-
أن المؤلفين في الأنساب رأوا هذه القبيلة تقطن مواطن العدنانيين القديمة، وهي أقوى من يقطن بين مكة والمدينة.
2-
رأوا أن بعض القبائل العدنانية قد انضمت إليها، ودخلت فيها كقبيلة مزينة.
3-
كثير من الذين ألفوا في الأنساب يكتبون وهم بعيدون عن مواطن القبائل التي يدونون أنسابها، وهذا مما يوقع في الوهم.
والصحيح في نسب حرب أنه يرجع إلى خولان من قحطان، وأن انتقال هذه القبيلة إلى الحجاز كان في آخر القرن الثاني الهجري أو قريبا منه. ولقد أوضح علامة اليمن ونسابته "أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني" مؤلف كتابي "الإكليل" و"صفة جزيرة العرب" نسب هذه القبيلة، وأورد طرفا صالحا من أخبارها، وأشار إلى لمى من حروبها عندما استقرت بموطنها الأخير بين مكة والمدينة مع أشراف المدينة وقبيلة بني سليم وغيرها من القبائل. "راجع الجزء الثاني من الإكليل للهمداني".
وأماكن هذه القبيلة القوية في نجد وفي الحجاز. ففي الحجاز تمتد ديرتها من جنوبي ينبع إلى القنفذة على محاذاة الساحل، وحول المنطقة الجبلية الممتدة من المدينة إلى مكة إلى قرب جبل أبانَيْن، ثم تمتد شرقا إلى داخل نجد بغرب وادي الرمة، وحدها الجنوبي درب الحج من بريدة إلى مكة. وإن قسما كبيرا من عشائر القبيلة وأفخاذها يوجد في الحجاز، بينما أن قسما آخر يوجد في نجد.
بطن بني علي:
يقيم بعض أفخاذ هذا البطن في نجد، والبعض الآخر في الحجاز. والذين يقيمون "مقرب المدينة" هم: البدارين، حَفَارة، الفُرَدَة.
البطن الثاني من حرب: الفُرَدَة:
يوجد قسم قليل منه بقرب المدينة، إلى الشرق منها.
البطن الثالث: بنو سالم:
هذا البطن -من حرب- من أكبر أقسام حرب، ومنه من هم مقيمون في نجد، مثل: ولد سالم، والزكيبات، والهبيرات، ومنه من هم مقيمون في الحجاز، مثل الأفخاذ والعشائر الآتية:
الأحامدة بين المدينة وينبع
صُبْح في جبل صبح بدر
الرَّحَّالة من بئر عباس إلى بئر ابن حصانى
الحناطيات وادي الخيف ووادي الصفرا
العُزَيْمات وادي الخيف ووادي الصفرا
الجَماعِلة وادي الخيف ووادي الصفرا
هوازن بقرب وادي الصفرا
الظواهر وادي الصفرا
الرُّوَيْثة وادي الصفرا
المُزَيْنات في شرق الحجاز
البطن الرابع من حرب: بنو عمرو:
هذا البطن من حرب يقيم بعضه في نجد وبعضه الآخر في الحجاز، أما القسم الحجازي فيشمل العشائر الآتية:
البَلد بين الفُرع ورابغ
المَعْبَد بقرب مكة
الحمْران بين مكة وجدة
بنو جابر بين مكة وجدة
بِشْر في وادي فاطمة
عُبَيْدة في جبل ثبرا
الزِّبقَة في جبل الفرع بقرب المدينة
مَنَاش غرب المضيق بقرب الفرع
جَهم بين مكة والمدينة في الفُرع
بنو محمد شمالي رابغ
البطن الخامس من حرب: مسروح:
بعضهم ينسب بني علي إلى مسروح، ولكن هذا مختلف فيه، وسيطرة مسروح في الحجاز مشهورة؛ فإنهم يملكون ثغر رابغ وقسما كبيرا من الأرض يمر منها درب الحج. وفي هذا البطن ثلاثة أفخاذ رئيسية هي:
"الأول": زبيد، وعشائرها هي: الصُّحُف، والعُصُوم، والمغاربة، والصَّيَّادة، والوُفيان، والجعاثهة، والهنود، والحَرَاجرة، والعَزَارة، والولدية، والجُهَدَة، والعِسْلان.
"الثاني": فخذ عوف، وعشائره: سُوَيد، والسهلِيَّا، واللَّهَبَة، والصّفْران، والكنادرة.
"الثالث": فخذ ولد سالم والسعديين، ومنهم القُوَّاد ومنازلهم على درب الحج وشمال المدينة.
قبيلة الحويطات:
تقع منازل الحويطات بين تيماء جنوبا والكرك شمالا، ووادي السرحان والنفود الكبير شرقا وساحل خليج العقبة وشبه جزيرة سيناء غربا.
تقسم الحويطات إلى ثلاثة بطون:
1-
حويطات التِّهمَة "وأماكنها من ساحل البحر إلى جبال الحجاز".
2-
الحويطات العلويون "أو العلاويون، وأماكنها من منطقة الحِسْمة إلى الشراة".
3-
حويطات ابن جازي "في جبال الشرة وشرقيّها".
أما عشائر حويطات ابن جازي فهي:
المطالقة
الدَّرَاوشة
العَمَامِرة
المَرايع
الدَّمَّانية
العُطون
التَّوايهة
وأما عشائر حويطات العلاويين فهي:
الصُّوَيلحين الخُضَيرات القُدمان
المَقَابلة السَّلامين العوَّاحة
المحاميد العَزاجين السَّلامَات
البُدُوو السَّروريين الفَيَالِين
الصُّقور المناجعة
وتتألف حويطات التهمة، التي تمتد منازلها على شاطئ البحر حتى مدينة الوجه جنوبا من العشائر الآتية:
العُمْران البيّات
العُمَيْرات المَواسَة
المساعيد المشاهير
الذّبابين الفُرعان
الزَّماهرة الجَواهِرة
الطقَيقَات القُبَيْضات
السُّليمانيين الفَحَّامين
الجَرَافين
ذوو حَسن:
تمتد ديارهم من شمال الليث إلى السكة الشامية جنوبي الليث، وإذا قِيست بالأميال كانت مسافتها 45 ميلا، وتمتد في الداخل حتى أول الهضاب الساحلية، وهؤلاء يقولون: إنهم من الأشراف.
ومن أفخاذ ذوي حسن الفروع الآتية:
الصمدان الخواتمة ذوو بركات آل علي
ذوو عياف آل عساف الخمجان سبيع
آل مهدي الصواملة آل حسن بن حمدان المجايشة
الصعوب النعرة القراسمة
خَثْعَم:
تقع ديرة خثعم على طريق الطائف أبها، بين منازل شمران في الشمال والغرب وبلقرن في الجنوب والشرق، ومن أقسامها: آل مرة، والسردان، والمزارقة، والسلمان.
خزاعة:
ومن بقايا خزاعة الأقدمين منهم في وادي فاطمة، وفي الخبت عند القنفذة، وفي الراك الواقعة إلى الشرق الجنوبي بحرة، وفي الضيم.
ربيعة اليمن:
تقيم هذه القبيلة في وادي خُلب ووادي لِيّة، وتصل في بعض الأحيان حتى الشقيق وديار بني مُغَيد، ويحيط بها من الشمال والشمال الشرقي بنو مُغَيد، ومن الجنوب الشرقي شهران، ومن الجنوب قبائل مخلاف اليمن، ومن الغرب رجال ألمع.
زهران:
تقع ديارها بين بني مالك من الشمال، وغامد من الشرق، وزبيد من الجنوب والجنوب الغربي، وذوي بركات وذوي حسن من الغرب، وتمتد في الغرب إلى ما يقرب من ساحل البحر الأحمر بمقدار خمسة عشر ميلا، وهذه بطون زهران:
البطن الأول: دَوْس، وفيه فخدان: بنو منهب وهم جماعة ابن خضران، وبنو فهم وهم جماعة الصغير.
البطن الثاني: بنو عمرو، وفيه ثلاثة أفخاذ: بنو حرير، وبنو عدوان جماعة السبيحي، قريش جماعة السين، وبنو بشر، وبنو جندب وهم جماعة ابن زفاف.
البطن الثالث: بنو يوسى، وفيه خمسة أفخاذ وهي: بنو حسن، وهم جماعة أحمد بن عصيدات، بالخزمر، بنو كنانة، بنو عامر، أهل بيضان.
البطن الرابع: بطيل.
البطن الخامس: بنو سليم، وفيه أربعة أفخاذ: بلفَضل، أولاد سعدى، الشغبان، الجبر.
البطن السادس: الأحلاف، وفيه أربعة أفخاذ: بلعور، بنو نقمة، بنو خُرَيْض، بلأسود.
بنو سعد:
قبيلة عربية شريفة الأرومة، منها حليمة بنت أبي ذؤيب ظئر الرسول صلى الله عليه وسلم وديارها من الطائف إلى جهة الجنوب الشرقي، وتحسب هذه القبيلة أصل قسم كبير من عتيبة. وتقسم في الوقت الحاضر إلى بطنين: البطنين، والثبتة.
وللثبتة فروع كثيرة، أهمها الصريرات واللصة. وأما البطنين ففيه فروع كثيرة أيضا، أهمها: الطفحة، الخديج، بنو زايد، السلاقة، ربيع، العيلة. ومن العائلات
التي تتبع البطنين: خديد، والسبابيل، والروقة، واللهوب، والنفعة، والسلاقة، وربيع، والعيلة، وبنو زايد، والطفحة، والجعدة، والوذَانين، والسوطة، والعمارة، والزوران، والحليقات. أما عائلات الثبتة فهي: لصة، وضريرات -واللصة هم قساورة، والقساورة هم ذوو عطية- والمظافرة، والدهامين، والبراق، والمخلد، والمناصير، وآل طلحة، والمراوحة، والغدران، والسمرة، والشعايرية، والثعابين، والمناجم، والعلاويين، والشتالمة، والشتيات، والحوطة، والغنانيم، والمراشدة، والروسان، والمقافشة، والروقة، والفقها. والصريرات فيهم: الشهبة، والعصمة، والدعاجين، والعيسى، والذبانية، والحمية، وهؤلاء يقال لهم: الثبثة.
سفيان:
فرع من ثقيف، تقيم في أطراف الطائف إلى الجهة الجنوبية الشرقية منه، وديرتهم ديرة بني سفيان المسماة بالشفا، وهي عبارة عن عدة وديان، تبدأ من آخر حدود قريش الحضر عند شقراء. والقبيلة متحضرة، لها زراعة وفلاحة، وأهلها كثيرو الأغنام، ولهم أقسام عديدة ذكرناها في ثقيف.
بنو شهر بن مالك بن الحجر: وهؤلاء بالنسبة لمنازلهم وللعادات والتقاليد واللهجة يحسبون من القبائل اليمانية الأصل، كالأزد التي سكنت جبال الحجاز واعتبرت من قبائل الحجاز، فإن لهجتهم تختلف عمن يجاورهم من أبناء عمومتهم، فأم بدلا من أل نادر جدا في كلامهم، وطراز حياتهم ومعايشهم يختلف بعض الشيء عن قبائل عسير.
الأشراف:
في الحجاز ديار قريش، وقريش ينتسب إليها عدد كبير من القبائل ومن سكان المدن والأمصار، أما في الحجاز، فيمكن قسمة الأشراف إلى قسمين: بقايا قريش، وسلالة السبطين الحسن والحسين. فالقسم الأول منه الفروع الآتية: الشيبيون وهم سدنة
البيت، وقريش في منى وأطرافها وفي أطراف الطائف، وهم غير قريش الثقفية.
وأما القسم الثاني، فيقال: إن منها في الحجاز إحدى وعشرين عشيرة، وسنحاول ذكر بعضها هنا:
الشنابرة، ذوو سرور، ذوو زيد، العبادلة في عسير والحجاز، ذوو بركات، ذوو حسن، ذوو حراز، ذوو عبد الكريم، الحرث، المناعة، ذوو جيزان، ذوو جود الله، المناديل، ذوو عمرو، ذوو إبراهيم، الجعافرة، ذوو حسين، الفعور.
شمران:
مساكن هذه القبيلة على طريق الطائف، وأبها منحدرة إلى الغرب في تهامة، وتحيط بها من الغرب والشمال غامد، ومن الشرق شهران، ومن الجنوب خثعم وبلقرن. وتقسم إلى شمران الشام وشمران تهامة، ومنهم العبوس، وإلى بادية، وأهم أقسامها: سحاب وآل مبارك.
بنو شهر:
منازل هذه القبيلة ممتدة من تهامة، بقرب القنفدة، إلى أعالي جبال الحجاز، ثم تنحدر منها إلى الشرق حتى وادي شهران.
ويحيط ببني شهر كل من بلعريان، وبلقرن، وبني عمرو من الشمال، وشهران من الشرق، وبالأسمر والريش وآل موسى والحميدة وربيعة المقاطرة من الجنوب، ومن الغرب بنو زيد.
الشلاوي:
تمتد ديرتهم من شرقي الطائف، من جبال الحجاز إلى حدود ديرة البقوم، ومن الجنوب إلى حدود زهران وغامد، ومن الشمال إلى ديار ثقيف، وأقسام الشلاوي كما يأتي:
المتاعبة الطهفَة
الموسى العضَاوين
الحسيكة شيعث
الجثايث الشدادين
بَنيوس المسيلات
قبيلة عنزة:
تنسب عنزة إلى أسد بن ربيعة، وتتفرع إلى عدة بطون وأفخاذ، ومن فروعها التي تسكن الحجاز وتعتبر من قبائله:
1-
المنابهة: وهذه القبيلة انتقل معظمها إلى شمال سوريا، أما بقيتهم فمنازلهم في شمال الحجاز.
2-
الأيدى: ومنازلها في شمال الحجاز، وغربي نجد.
قبيلة عُتيْبة:
لا يوجد بين القبائل من يفوق عتيبة في القوة، أو يزيد عنها في العدة، إلا قبيلة عنزة. ولا يكاد أحد ينازعها السلطة في القسم المتوسط من المملكة. ومنازلها من سفوح جبال الحجاز الشرقية إلى الحرار التي بين درب الحج، ونجد من الشمال والشرق، وديرة قحطان والبقوم والشلاوة وسببع في الجنوب. ويوجد قسم قليل من عتيبة في الحجاز غربي السلسلة الجبلية في أطراف الطائف، وفي أطراف مكة والمضيق والسيل. وتقسم القبيلة إلى بطنين كبيرين: الروقة وبرقاء، ولكل بطن أفخاذ وعشائر عديدة.
غامد:
تقع ديرة هذه القبيلة المهمة ما بين درجتي العرض 30ْ-19ْ-15ْ-20ْ، وبين درجتي الطول 30-41ْ، ودرجة 42ْ، ويحيط بالقبيلة من الشمال الشلاوة،
ومن الشرق سمران، ومن الجنوب بلقرن وبلعربان، ومن الغرب زُبَيْد وزَهران. ويمر طريق "الطائف أبها" وسط ديار هذه القبيلة، التي يمكن التفريق بين أفرادها وتقسيمهم إلى قسمين: البدو والحاضرة، ومقر غامد الباحة. فالقسم المتبدي يسمى آل صياح، وهم منتشرون في أماكن مختلفة بين إخوانهم المتحضرين، ويتوغلون إلى أودية: رنية، وبيشة، وتربة، والدواسر. وأما القسم المتحضر فيقيم في قرى مختلفة، وأهم أقسامهم: بنو ذبيان، بنو كبير، الحُمشران، الظافر، الرَّمادة، الزعلة، للفرْزعة، بنو عمر، بنو لام، المنتظر.
فهم:
منازلهم في الحجاز بين بني ثقيف شمالا، والجحادلة غربا. وهي قبيلة قليلة العدد، تعمل في الماشية والجمال، وأنسابها من أصرح الأنساب وأقربها إلى قريش، وأماكنها في وادي الوِغار، وهم مشهورون بالفصاحة. ويقال: إنهم ما زالوا محافظين على لغة قريش التي كانت في صدر الإسلام. ولعل لهجتهم أقرب اللهجات الحاضرة إلى العربية الفصحى، وكفى بهم فصاحة أن منهم الابنة التي تزوجها الفيروزآبادي، ففرت منه لاكتشافها عجمته.
قريش:
تطلق قريش في الوقت الحاضر على قسمين من الناس:
الأول: الأشراف القرشيين بقايا قريش، سواء كانوا أشرافا، أم من بقايا قريش المقيمين في منى وعرفات وما جاورهما.
والثاني: ويطلق على فرع من فروع قبيلة ثقيف، يسمى بقريش، ودياره في جهات الطائف، ومنه طبقتان: بدو وحضر، فالحاضرة تقطن في الأودية القريبة من الطائف، كالوهط، والوهيط، والمثناة، وسواها. والبادية ما زالت تعيش عيشة البداوة على رعي الماشية واستثمار خيراتها، وقد ذكرت في ثقيف.
بنو مالك:
تقع ديار بني مالك قرب وادي مَوْر إلى شرقي الليث، بين بني سعد في الشمال، والشلاوة في الشرق، وزهران جنوبا، والجحادلة غربا.
هتَيْم:
قبيلة بين شمال نجد وشمال الحجاز، لا تنتسب إلى أي بطن كان من بطون العرب؛ ولذلك ينظر إليها كأنها مثل الصلبة. ومن عشائرها: الذيبَة، الجلدة، آل بَرَّاك، الخُليوِية، الدّوامِش، الفجاوين.
هذيل:
من قبائل الحجاز المهمة، وهي تنقسم إلى قسمين: شمالي وجنوبي، فالأول تقع دياره في أطراف مكة من جهة الشرق والجنوب، وخاصة في أطراف مكة والطائف، بقرب جبل يَرد وجبل ذكا المشهور.
فالقسم الأول: هو هذيل الشمال، ويتألف من سبع عشائر هي:
المطارفة بوادي فاطمة، المساعيد في السيل، السواهر في السيل أيضا، لحيان إلى الشرق من مكة، عمرو أو عمير على يمين الطريق من مكة إلى جدة، الجنابر بجبل الكُرّ، وهناك يسمون باسم المواقع التي يقيمون فيها، فيدعون السعايد والحساسنة والكباكبة والمجاريس.
والقسم الثاني: هذيل اليمن، ويتألف من الأقسام الآتية:
1-
الندوية، وفيه ثلاثة فروع: المرازيق، والجيَسة، والجُملة.
2-
دعد، وفيه ثلاثة فروع: الحسنانِ، وآل يَعْلَى، والظبَّان.
3-
السَّراونة، وفيه ثلاثة فروع: الظهوان، وآل عليا، والمجاريش.
4-
العاهلة.
5-
جميل، وفيه أقسام وفروع، أهمها: الطلوح، الحساسنة، العَبْده، الحِمْسودة. فمن الطلوح: آل خالد، وآل صالح، ومن آل خالد يتفرع: آل راشد، وآل عطاف. ومن آل صالح يتفرع: الطلحات. ومنهم: آل راشد، وآل منيف، والأعصاب. وآل مَنَّاع، ومنهم: البقلة وآل حميد وآل زيدان، ثم من المِسْودة يتفرع: بنو إياس، والسّوَالمة، وآل محمود، والجَوايرة، وآل زيد الفرح، وكعب. فمن الفرح: آل محسن، وآل كامل، وآل ساري، والدِّعجان. ومن آل زيد يتفرع: القِنعان والمحاميد، ثم من الجوابرة يتفرع: آل حسن، وآل حمدان، وآل علي. ومن السالمة البُزْذة، وآل فرح.
وبعد، فهذه جولة سريعة في ربوع الحجاز ألممنا فيها بصورة مقتضبة من بيئته الطبيعية والبشرية، تلك البيئة الروحية الطاهرة، التي انبلج فيها فجر الإسلام، وخرج منها الحجازيون الأول يحملون إلى أقطار العالم مشاعل النور والهداية، ويبشرون بدين جديد ورسالة جديدة تقضي على الوثنية الآفنة، والنظم الاجتماعية الفاسدة، حتى تخلصت العقائد من شوائب الضلالات، وتحررت النفوس من ربقة العبودية إلا لله وحده، وانطلقت العقول من عقال الجمود، وسبحت في الآفاق الفكرية والإنسانية الرحيبة، وتخلصت المجتمعات التي أظلتها رايتهم من الظلم والاستبداد والإقطاع والفساد.
يقول المستشرق دوزي في كتابه "تاريخ المسلمين في أسبانيا": "لقد كان الفتح العربي نعمة بالنسبة لأسبانيا؛ لأنه أدى إلى ثورة اجتماعية مهمة، وأزال قسما كبيرا من المساوئ التي كانت أسبانيا تئنّ تحت عبئها منذ عصور طوال
…
وقد خففوا عبء الضرائب، وانتزعوا من أيدي الأغنياء الأرض التي كان يتقاسمها الإقطاعيون ويزرعها الفلاحون الأقنان أو العبيد الناقمون، ووزّعوها بالتساوي على من كانوا يشغلون فيها، فعكف الملاك الجدد على استثمار الأرض بحماسة شديدة، واستخرجوا معها محصولا أوفر من قبل. أما التجارة فقد تحررت من قيود الحدود والمكوس
الفادحة التي كانت ترهقها، وتطورت تطورا ملحوظا. وكان القرآن يسمح للعبيد بالتحرر نظير تعويض منصف، فبرزت من جراء ذلك قوى اجتماعية. وقد أفضت هذه التدابير كلها إلى حالة من الرخاء العام، كانت الحافز الأول للترحاب الذي استقبل به الحكم العربي في عهده الأول".
وإن أمثال هذه الشهادات الناصعة من الغربيين هي التي حملت بعض المنصفين منهم أن يعتبروا معركة "بواتييه" التي انهزم فيها العرب، نذير شؤم على أوروبا والإنسانية عامة، ولقد أضاعت فرنسا فرصة تاريخية للاشتراك في الحضارة العربية التي ازدهرت بعد ذلك بزمن وجيز، أي: إنها فقدت فرصة عظيمة لاختصار عهد الفوضى الإقطاعية، وتكوين وحدتها القومية.
يقول أناتول فرانس بظرفه البارع في "الحياة المزهرة": "سأل السيد دوبوا -مرة- السيد نوزيبر الإجابة على هذا السؤال. وحينئذ قال السيد دوبوا: إن أكثر أيام التاريخ شؤما هو اليوم الذي جرت فيه معركة "بواتييه" في سنة 732، حين تراجع العلم والفن العربيان والحضارة العربية أمام البربرية الفرنجية"1.
ولقد كانت فاتحة دستور الإسلام هذه الآيات العظيمة التي نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم بغار حراء حين بلغ الأربعين: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} .
ومن طريف المصادفات أن مكة عاصمة الإسلام الكبرى التي دوى في بطحائها هذا الاستهلال الرائع، الذي يحث على القراءة والعلم والثقافة والاطلاع، هي التي شهدت صناعة الورق -وسيلة العلم والثقافة والاطلاع- وكان ذلك في سنة 87هـ، أي: في عهد الوليد بن عبد الملك، أحد خلفاء بني أمية، ومنها أخذ الورق وصناعته طريقهما إلى البلدان الإسلامية الأخرى، ثم إلى دول أوروبا.
1 الحضارة العربية، لروجيه جارودي ص8، 9.
وجاء في دائرة المعارف البريطانية ما يأتي:
"إن البندر والتلغراف الإشاري -وإن لم يكونا من اختراع العرب كما يعتقد البعض- فإن من المحقق أنهما قد نُقلا عن طريقهم إلى أوروبا، وكذلك صناعة الحرير والقطن، واختراع آخر ذو قيمة كبيرة هو البوصلة البحرية، ولقد صنع ورق الكتابة في مكة حوالي 706 بعد الميلاد، ومنها انتشر إلى الأقطار العربية الأخرى حتى وصل آخر الأمر إلى العالم الغربي".
ونجمل القول بشهادة أحد كتاب الفرنجة عن أثر الحضارة العربية في الحضارة الغربية، حيث يقول:"إن العلوم والفنون والآداب العربية قد كونت حلقة اتصال بين الحضارة القديمة والحضارات الحديثة والثقافة. وإن "الحضارة" التي قدمها العرب للأقطار التي فتحوها قد بقيت مدة أطول من سلطة الفاتحين أنفسهم"1.
"ونحن ندين لهم -بطريق مباشر أو غير مباشر- بإحياء العلوم والفلسفة في أوروبا الغربية، حيث كانوا أول الموقظين والباعثين لروح النقد والبحث والاستقصاء، التي كان لها أثر كبير في إنقاذ أوروبا من سبات جهالة الرهبنة وضلالة التعصب الديني. ويعزى إليهم -أخيرا استنتاجا، وبطريق غير مباشر- معظم تلك الفنون المفيدة والاختراعات العلمية التي بلغت حدا من الكمال بجهود الأمم في العصور الحديثة، ومهما اتسعت دولة السيف العربية عن طريق القوة، فإنها أضيق مدى واتساعا، وأقل خلودا وبقاء، من دولة الفكر العربي"2.
هذا هو الشعاع الذي انبثق من هذه البيئة الحجازية التي عقدنا العزم على دراسة حياتها الأدبية، منذ أقدم العصور حتى العصر الحاضر، قاصرين هذا
1 Encyclopaedia Britannica، Vol. ll مادة Arabia.
2 المرجع السابق.
الجزء على دراسة "الأدب الحجازي في العصر الجاهلي" شعره ونثره، وفحول أدبائه وشعرائه؛ كالنابغة الذبياني، وأمية بن أبي الصلت الثقفي، وقيس بن الخطيم الأوسي، وحسان بن ثابت الخزرجي، مقدمين بين يدي هذه الدراسة العوامل التي أثّرت في هذا الأدب، سواء كانت سياسية أو دينية أو اجتماعية أو عقلية أو غيرها، مما سيكون موضوع بحثنا في الفصول والأبواب التالية، إن شاء الله.
مصادر التمهيد:
نذكر فيما يلي طائفة من أهم المصادر التي اعتمدنا عليها في كتابة هذا التمهيد:
دوائر المعارف:
1-
دائرة المعارف الإسلامية الطبعة العربية.
2-
دائرة المعارف البريطانية Encyclopaedia Britannica.
المعاجم:
3-
تاج العروس للزبيدي.
4-
التهذيب للأزهري.
5-
لسان العرب لابن منظور.
6-
معجم البلدان لياقوت.
7-
معجم القبائل العربية لرضا كحالة.
8-
معجم ما استعجم للبكري "تحقيق الأستاذ السقا".
9-
جمهرة أنساب العرب لابن حزم.
مصادر مختلفة:
10-
الأدب العربي بين الجاهلية والإسلام لفيف من الأساتذة.
11-
أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار للأزرقي "المطبعة الماجدية بمكة المكرمة سنة 1352هـ".
12-
أسواق العرب في الجاهلية والإسلام لمحمد سعيد الأفعاني، دمشق سنة 1937.
13-
الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني طبعة ساسي.
14-
الإكليل للهمداني ج2 "مخطوط".
15-
بلوغ الأرب للألوسي.
16-
تاريخ ابن الأثير.
17-
تاريخ الإسلام السياسي للدكتور حسن إبراهيم حسن.
18-
تاريخ الطبري.
19-
تاريخ العرب قبل الإسلام للدكتور جواد علي، 4 مجلدات.
20-
تاريخ الكعبة المشرفة حسين باسلامة الحجازي.
21-
تاريخ المسجد الحرام حسين باسلامة الحجازي.
22-
تاريخ مكة أحمد السباعي الحجازي.
23-
جزيرة العرب في القرن العشرين للشيخ حافظ وهبة.
24-
جغرافية البلاد الغربية لصلاح عبد القادر البكري.
25-
جغرافية الجزيرة العربية لرضا كحالة.
26-
الحضارة العربية والدور الذي مثلته في التاريخ لروجيه جارودي، تعريب قدري قلعجي.
27-
الحياة الأدبية في العصر الجاهلي محمد عبد المنعم خفاجي.
28-
الدرة الثمينة في تاريخ المدينة لابن النجار.
29-
رحلة ابن جبير للشريف عبد المحسن البركاتي الحجازي.
30-
الرحلة اليمانية للشريف عبد المحسن البركاتي الحجازي.
31-
الشعراء الجاهليون لمحمد عبد المنعم خفاجي.
32-
سبائك الذهب.
33-
شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام لتقي الدين الفاسي المكي، نشر مكتبة النهضة الحديثة بمكة "ط عيسى الحلبي بمصر سنة 1956".
34-
شمال الحجاز ا. موسل.
35-
صفة جزيرة العرب للهمداني، تحقيق الشيخ محمد بن بليهد.
36-
في ربوع عسير لمحمد عمر رفيع.
37-
في منزل الوحي للدكتور محمد حسين هيكل.
38-
قلب جزيرة العرب لفؤاد حمزة.
39-
محاضرات في تاريخ الأمم الإسلامية للخضري.
40-
مختارات أشعار الشعراء الجاهليين محمد عبد المنعم خفاجي.
41-
مرآة الحرمين تأليف اللواء إبراهيم رفعت باشا ط دار الكتب 1925م.
42-
مسافات الطرق في المملكة العربية السعودية لرشدي الصالح ملحس.
43-
مسالك الممالك للإصطخري طبعة دي غويه.
44-
المملكة العربية السعودية لعبد الله أحرار خوجة.
45-
المملكة العربية السعودية لكازل تويتشل، ترجمة شكيب الأموي.
46-
المملكة العربية السعودية مشروعات عمرانية بمنطقتي مكة والطائف.
47-
مهد العرب تقرير للمهندس علي الشافعي، للدكتور عبد الوهاب عزام "سلسلة اقرأ".
صحف ومجلات:
48-
جريدة البلاد السعودية.
49-
جريدة المدينة المنورة.
50-
مجلة الحج.
51-
مجلة المنهل.