الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإشراف العلمي:
هو توجيه أستاذ متخصص طالبَ البحث إلى المنهج العلمي في دراسة موضوع ما، وكيفية عرض قضاياه، ومناقشتها، واستخلاص النتائج منها، وفق المعايير العلمية المقررة.
ليس هذا فحسب؛ ولكن استثارة مواهب الطالب، وتنمية مَلَكَتِهِ أهم ما يوليه عنايته، ويركز عليه جهوده في سبيل إيجاد باحث يستقيم له التفكير، يلتزم منهجية البحث، وموضوعية المناقشة.
يضطلع بمهمة الإشراف العلمي عادة أساتذة متخصصون في الجامعات، ممن لهم ممارسة طويلة في مجال البحوث العلمية تأليفًا وتوجيهًا، تهيئوا لهذا العمل الفكري القيادي من خلال تجاربهم الطويلة، ودراساتهم الجادة، ونتاجهم العلمي الرفيع، الخاضع للمقاييس العلمية، والمعايير الجامعية المعتبرة.
هذا النموذج من العلماء المتخصصين هم الأَكْفَاء، المهيأون فعلًا للإشراف العلمي، القادرون على نقل الخبرات العلمية المتقدمة للأجيال الناشئة.
والمشرف العلمي الجدير بهذا العمل هو الذي يحاول تجديد معلوماته، ومعرفة ما استجد في مجاله العلمي، وكما يكون هذا بالقراءة، فإنه يتحقق أيضًا بحضور الندوات العلمية، وكتابة الأبحاث.
إن النتاج العلمي المتميز لعضو هيئة التدريس بالجامعة، وثقافته الواسعة، ومرونته الفكرية، هي القاعدة الأساسية لاختياره لتحمل
مسئولية الإشراف العلمي. فمثل هذا هو الذي يمكن أن يستفيد منه الطالب، ويفيد في مجال البحث.
لس الإشراف عملًا روتينيًّا أو إداريًّا يستطيع أن يقوم به أي عضو في هيئة التدريس إذا لم يمارس البحث العلمي بعد حصوله على الدرجة العلمية؛ إذ إن حصوله عليها هو البداية، فهو لا يزال في المرحلة الابتدائية في مجال البحوث؛ حتى تترسخ في نفسه عن طريق متابعة النتاج العلمى الرصين.
دَوْرُ المشرف هو دور المدرس والباحث معًا، فهو يوجه الطالب في مراحله التعليمية الأخيرة؛ ليضطلع بمسئولية التخطيط والبحث في حرية تامة، ويرشده إلى المصادر، وطريقة السير في البحث؛ بما يوفر عليه الجُهْد والزمن، إلى جانب معايشته للموضوع، ومشاركته الطالب في حل مشكلات البحث وهمومه، وتذليل صعوباته بما يعده باحثًا آخر إلى جانب الطالب.
عادة ما يبدو الطالب مضطربًا في بداية البحث، يمتلكه شعور من القلق نحو قدرته على إنجاز ما هو متوقع منه، فهو يتطلع إلى مساعدة المشرف، وينظر إليه بأنه أحد الذين أنجزوا الكثير من الأبحاث، وأن لديه القدرة أن يعلمه طريقة إنجازه، وأن يقدم له من خبراته وما يحتاج إليه من معارف ومهارات؛ إلا أن اهتمام المشرف منذ البداية بمدى صلاحية الموضوع، وبث الثقة في نفس الطالب في قدرته على معالجة قضايا البحث كفيلة أن تشيع في نفسه الطمأنينة، وتعيد إلى نفسه الثقة المطلوبة.
الطالب مسئولية المشرف، وأمانة لديه، يحتاج إلى عنايته ورعايته، يُقوِّم أفكاره، ويبرز مواهبه، ويوجهه إلى ما هو الأفضل له في جميع الحالات، واستغلال كل الفرص في إنجاح بحثه وتقدمه.
عَلاقة المشرف بالطالب في صورتها المثالية عَلاقة والد بابنه، يظللها الحب والتقدير، وتحوطها الثقة المتبادلة، إن لم تكن عَلاقة صداقة.
وإذا كان المشرف بهذه المثابة فليس غريبًا أن يتنوع أسلوب تعامله مع الطالب، إقناعيًّا تارة، وتشجيعيًّا أخرى، كما أن له أن يتخذ منه موقفًا حازمًا أحيانًا عندما يلمس منه الاسترخاء وعدم التجاوب.
سيكون كل هذا مقبولًا ومعقولًا إلى درجة كبيرة عندما يشعر الطالب بأن المشرف يتصرف تصرفًا مجردًا، بعيدًا عن المصالح الشخصية، والتحيزات الفردية.
بناء شخصية الطالب العلمية وتعويده الاستقلال في الرأي هدفان أساسيان من أهداف هذه المرحلة، وليس مما يحمد للمشرف تدخله المستمر، وافتراض قصور الطالب وعجزه، فهذا من شأنه القضاء على قدرته الإبداعية، وإضعاف مواهبه، ومحو شخصيته.
إذا كان مفهومًا أن الوالد يدافع عن ابنه تحت أي ظرف وحالة؛ إلا أن مثل هذا من المشرف العلمي عُد -بلا شك- تجاوزًا لحدوده، وذَهَابًا إلى أبعد مما يتطلبه السلوك المعقول1.
كل هذا يجعل المشرف يبتعد عن بعض المواقف التي تؤثر على سمعته، وسمعة المؤسسة التي يعمل فيها؛ وذلك كاستغلال الطالب في مصالحه الشخصية، أو قبول خدمات، أو تسهيلات مادية، أو إدارية، أو تقبل هدايا، وغير ذلك مما يقدم عليه ضعاف النفوس، بنوايا غير حسنة.
1 انظر:
Mauch، Jamese & Jack W. Birch، Cuide to the successful thesis and Disseration "New york: Marcel Dekker Inc. 1968"، p. 23، 28.
المشرف في نظر الطالب والهيئات العلمية التي وضعت ثقتها فيه هو القدوة فيما يتصل بالمنهج العلمي والأمانة العلمية، وهو أرفع من أن يدعي عمل الطالب لنفسه لأي غرض من الأغراض دون نسبته إليه، وهو بهذا يعطي مثلًا للأجيال التي تنشأ على يديه، تحسن إذا أحسن تدريبها وتربيتها، وتسيء إذا أساء.
الإشراف بالنسبة للطالب هو فرصته المتاحة للاستفادة من خبرات المشرف العلمية والمنهجية بعامة، وفيما يتصل ببحثه بخاصة، فعليه إيجاد الوسائل والسبل التي يستطيع بها أن يستفيد قدر الإمكان من تجارب المشرف وخبراته العلمية.
إن شعور الطالب بأهمية الوقت الذي يقضيه مع المشرف يدفعه للحرص على استغلاله، والاستفادة منه، وإعطاء أهمية كبرى لاقتراحاته وآرائه وتوجيهاته؛ إذ إن هذه تمثل المساعدة الحقيقية التي يقدمها المشرف ليشق الطالب طريقه للبحث والدراسة.
تحضير الأسئلة والنقاط المشكلة مسبقًا، وتدوين الإجابة حالًا بعد عرضها على المشرف مهم جدًّا، وكفيل بنجاح البحث وتقدمه.
إن الحياء أو التردد أو الخوف من سؤال المشرف أو استشارته يجب ألا يكون لها مكان في نفس الطالب؛ فإن المشرف لم يوجد في مكانه إلا لمساعدة الطالب.
ليكن الطالب على ذكر أنه سيكون أكثر حاجة إلى مساعدة المشرف عندما يكون في شدة وحرج، أو يكون متأخرًا في عمله وقد ضاق به الوقت، فإذا عرض له شيء من هذه الحالات؛ فليحاول ألا ينفرد بالعمل؛ فإن خبرة المشرف ستكون خير عون له في مثل هذه الحالات، ومعرفة الخطوات المطلوبة.
جدول خطوات كتابة البحث:
يقدم الجدول التالي صورة كاملة بمراحل كتابة البحث من البداية حتى النهاية، وهو بمثابة دليل يوضح للباحث الخطوات التفصيلية، وما ينبغي استكماله في كل منها، بالإضافة إلى أنه يبين له مصدر الخلل حن تكون الإجابة من قبل الباحث نفيًا؛ أي بـ"لا"، مشيرًا إليه بالسهم ليعود فيستكمل النقص، فإذا وفاها بحثًا تقدم إلى الخطوة بعدها، وهكذا.