الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ: نَزَلَتِ الْآيَةُ الْأُولَى فِي وُلَاةِ الْأُمُورِ وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا، وَإِذَا حَكَمُوا بَيْنَ النَّاسِ أَنْ يَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ، وَنَزَلَتِ الْآيَةُ الثَّانِيَةُ فِي الرَّعِيَّةِ مِنَ الْجُيُوشِ وَغَيْرِهِمْ أَنْ يُطِيعُوا أُولِي الْأَمْرِ الْفَاعِلِينَ لِذَلِكَ فِي قَسَمِهِمْ وَحُكْمِهِمْ وَمَغَازِيهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَأْمُرُوا بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ، فَإِنْ تَنَازَعُوا فِي شَيْءٍ رَدُّوهُ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وُلَاةُ الْأُمُورِ ذَلِكَ أُطِيعُوا فِيمَا يَأْمُرُونَ بِهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأُدِّيَتْ حُقُوقُهُمْ إِلَيْهِمْ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَأُعِينُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا يُعَاوَنُونَ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، فَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يُوَلِّيَ عَلَى كُلِّ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ أَصْلَحَ مَنْ يَجِدُهُ لِذَلِكَ الْعَمَلِ.
فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَوَلَّى رَجُلًا وَهُوَ يَجِدُ أَصْلَحَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ» ". رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ:" «مَنْ قَلَّدَ رَجُلًا عَمَلًا مِنْ عِصَابَةٍ وَهُوَ يَجِدُ فِي تِلْكَ الْعِصَابَةِ مَنْ هُوَ أَرْضَى لِلَّهِ مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ» "، وَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَوَلَّى رَجُلًا لِمَوَدَّةٍ أَوْ قَرَابَةٍ بَيْنَهُمَا فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُسْلِمِينَ. وَاللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.
[فَصْلٌ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ]
[صلاح العباد لا يتم إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
((فَصْلٌ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ))
وَلَمَّا كَانَ صَلَاحُ الْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ لَا يَتِمُّ وَلَا يَصْلُحُ وَلَا يَسْتَقِيمُ لَهُمْ حَالٌ إِلَّا بِذَلِكَ قَالَ:
((وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ مَعَا
…
فَرْضَا كِفَايَةٍ عَلَى مَنْ قَدْ وَعَا))
((وَإِنْ يَكُنْ ذَا وَاحِدًا تَعَيَّنَا
…
عَلَيْهِ لَكِنْ شَرْطُهُ أَنْ يَأْمَنَا))
((فَاصْبِرْ وَزُلْ بِالْيَدِ وَاللِّسَانِ
…
لِمُنْكَرٍ وَاحْذَرْ مِنَ النُّقْصَانِ))
((وَاعْلَمْ)) أَيُّهَا الْمُتَبَحِّرُ فِي عِلْمِ أُصُولِ الدِّينِ الْمُحَرِّرِ لِدَعَائِمِ الدِّينِ وَقَوَاعِدِ الْحَقِّ الْمُبِينِ ((بِأَنَّ الْأَمْرَ)) أَيْ بِالْمَعْرُوفِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا عُرِفَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا، ((وَالنَّهْيَ)) عَنِ الْمُنْكَرِ وَهُوَ ضِدُّ الْمَعْرُوفِ ((مَعًا)) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا