الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَأْخُذُ الْمَلِكُ الَّذِي يُوحِي إِلَى خَاتَمِ الرُّسُلِ، فَإِنَّ خَاتَمَ الرُّسُلِ إِنَّمَا هُوَ سَيِّدٌ فِي الشَّفَاعَةِ، فَسِيَادَتُهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ الْخَاصِّ لَا عَلَى الْعُمُومِ، قَالَ هَؤُلَاءِ: وَلَيْسَ هَذَا الْعِلْمُ إِلَّا لِخَاتَمِ الرُّسُلِ وَخَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ، وَمَا يَرَاهُ أَحَدٌ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ إِلَّا مِنْ مِشْكَاةِ الْوَلِيِّ الْخَاتَمِ، حَتَّى أَنَّ الرُّسُلَ لَا يَرَوْنَهُ مَتَى رَأَوْهُ إِلَّا مِنْ مِشْكَاةِ خَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ، فَإِنَّ الرِّسَالَةَ وَالنُّبُوَّةَ - أَعْنِي نُبُوَّةَ التَّشْرِيعِ وَرِسَالَتَهُ - يَنْقَطِعَانِ، وَالْوِلَايَةُ لَا تَنْقَطِعُ أَبَدًا، فَالْمُرْسَلُونَ مِنْ (حَيْثُ) كَوْنُهُمْ أَوْلِيَاءَ لَا يَرَوْنَ مَا ذَكَرْنَاهُ - يَعْنِي مِنَ الْحَقِيقَةِ وَالْعِلْمِ بِاللَّهِ وَمَعْرِفَتِهِ - إِلَّا مِنْ مِشْكَاةِ خَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ، فَكَيْفَ مَنْ دُونَهُمْ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ؟ وَإِنْ كَانَ خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ تَابِعًا فِي الْحُكْمِ لِمَا جَاءَ بِهِ خَاتَمُ الرُّسُلِ مِنَ التَّشْرِيعِ فَذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي مَقَامِهِ، وَلَا يُنَاقِضُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ فِيمَا يَزْعُمُونَ، قَالُوا: فَإِنَّهُ مِنْ وَجْهٍ يَكُونُ أَنْزَلَ كَمَا أَنَّهُ مِنْ وَجْهٍ يَكُونُ أَعْلَى.
وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْهُمْ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ التُّرَّهَاتِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً يَنْبُو عَنْهَا السَّمْعُ، وَنَاقَشَهُمْ عَلَيْهَا مُنَاقَشَةً تَامَّةً، وَلَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ أَنَّ أَفْضَلَ الْخَلْقِ الرُّسُلُ، فَالْأَنْبِيَاءُ، فَالصَّحَابَةُ، فَالْأَوْلِيَاءُ، وَإِنْ دَخَلَ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ فِي الْجُمْلَةِ. وَاللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.
[فَصْلٌ فيما يجب وما يستحيل في حق الأنبياء]
((فَصْلٌ)) فِيمَا يَجِبُ لِلْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام وَمَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ وَمَا يَسْتَحِيلُ فِي حَقِّهِمْ))
قَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ شُرُوطُ مَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ بِالنُّبُوَّةِ مِنَ الذُّكُورَةِ، وَالْحُرِّيَّةِ، وَالْقُوَّةِ عَلَى أَعْبَاءِ مَا حَمَلُوهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَذَكَرَ هُنَا مَا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ فِي حَقِّهِمْ:
((وَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَلِمْ
…
مِنْ كُلِّ مَا نَقْصٍ وَمِنْ كُفْرٍ عُصِمْ))
((كَذَاكَ مِنْ إِفْكٍ وَمِنْ خِيَانَهْ
…
لِوَصْفِهِمْ بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَهْ))
((وَ)) هُوَ أَنْ يَعْرِفَ كُلُّ مُسْلِمٍ ((أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ)) أَيِ الْأَنْبِيَاءِ الْكِرَامِ وَالرُّسُلِ الْعِظَامِ، ((سَلِمَ)) وَتَنَزَّهَ، ((مِنْ كُلِّ مَا)) زَائِدَةٌ لِإِقَامَةِ الْوَزْنِ وَمَزِيدِ التَّأْكِيدِ عَمَّا سَلِمُوا مِنْهُ وَنُزِّهُوا عَنْهُ، ((نَقْصٍ)) يُؤَدِّي إِلَى إِزَالَةِ الْحِشْمَةِ وَإِسْقَاطِ الْمُرُوءَةِ، وَأَلْحَقَتْ بِفَاعِلِهَا الْإِزْرَاءَ وَالْخِسَّةَ كَسَرِقَةِ لُقْمَةٍ وَتَطْفِيفٍ بِحَبَّةٍ، لِقِيَامِ الْإِجْمَاعِ عَلَى عِصْمَتِهِمْ مِنْ كُلِّ مَا يُؤَدِّي إِلَى الْإِزْرَاءِ وَالدَّنَاءَةِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] وَقَالَ:
{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ عُمُومُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ فِعْلِ مَا يُزْرِي مَا يُوجِبُ حُبَّ اللَّهِ، وَلَا حُسْنَ التَّأَسِّي وَالِاقْتِدَاءِ فِي ذَلِكَ، فَوَجَبَ تَنْزِيهُهُمْ عَنْهُ وَعَنْ كُلِّ عَيْبٍ، وَسَلَامَتُهُمْ مِنْ كُلِّ مَا يُوجِبُ الرَّيْبَ، ((وَ)) إِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ((مِنْ كُفْرٍ)) بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ ((عُصِمَ)) قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا، وَالْعِصْمَةُ الْمَنَعَةُ وَالْعَاصِمُ الْمَانِعُ الْحَامِي، وَالِاعْتِصَامُ الِامْتِسَاكُ بِالشَّيْءِ افْتِعَالٌ مِنْهُ، وَمِنْهُ شِعْرُ أَبِي طَالِبٍ:
ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ
أَيْ يَمْنَعُهُمْ مِنَ الضَّيَاعِ وَالْحَاجَةِ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ -: النَّاسُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ فِيمَا يُبَلِّغُونَهُ عَنِ اللَّهِ فَلَا يَسْتَقِرُّ فِي ذَلِكَ خَطَأٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَكِنْ هَلْ يَصْدُرُ مِنْهُمْ مَا يَسْتَدْرِكُهُ اللَّهُ تَعَالَى فَيَنْسَخُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ وَيُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ؟
هَذَا فِيهِ قَوْلَانِ، قَالَ: وَالْمَأْثُورُ عَنِ السَّلَفِ يُوَافِقُ الْقَوْلَ بِذَلِكَ، قَالَ: وَأَمَّا الْعِصْمَةُ فِي غَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ فَلِلنَّاسِ فِيهِ نِزَاعٌ: هَلْ هُوَ ثَابِتٌ بِالْعَقْلِ أَوْ بِالسَّمْعِ؟ وَمُتَنَازِعُونَ فِي الْعِصْمَةِ مِنَ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ أَوْ مِنْ بَعْضِهَا، أَوْ هَلِ الْعِصْمَةُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْإِقْرَارِ عَلَيْهَا لَا فِي فِعْلِهَا، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ الْقَوْلُ فِي الْعِصْمَةِ إِلَّا بِالتَّبْلِيغِ فَقَطْ قَالَ: وَهَلْ تَجِبُ الْعِصْمَةُ مِنَ الْكُفْرِ وَالذُّنُوبِ قَبْلَ الْبَعْثَةِ أَمْ لَا؟ قَالَ: وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ الْمُوَافِقُ لِلْآثَارِ إِثْبَاتُ الْعِصْمَةِ مِنَ الْإِقْرَارِ عَلَى الذُّنُوبِ مُطْلَقًا، قَالَ: وَوُقُوعُ الذَّنْبِ إِذَا لَمْ يُقِرَّ عَلَيْهِ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَنْفِيرٌ وَلَا نَقْصٌ، فَإِنَّ التَّوْبَةَ النَّصُوحَ يُرْفَعُ بِهَا صَاحِبُهَا أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ أَوَّلًا، وَكَذَلِكَ التَّأَسِّي بِهِمْ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا أَقَرُّوا عَلَيْهِ بِدَلِيلِ النَّسْخِ وَنَحْوِهِ. انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ: وَإِنَّهُمْ مَعْصُومُونَ فِيمَا يُؤَدُّونَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسُوا مَعْصُومِينَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَالسَّهْوِ وَالصَّغَائِرِ فِي الْأَشْهَرِ، لَكِنْ لَا يُقَرُّونَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْإِرْشَادِ: إِنَّهُمْ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَعْتَصِمُوا فِي الْأَفْعَالِ بَلْ فِي نَفْسِ الْأَدَاءِ، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الْكَذِبُ فِي الْأَقْوَالِ فِيمَا يُؤَدُّونَهُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى. انْتَهَى.
وَقَالَ الْحَافِظُ زَيْنُ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعْصُومٌ مِنْ تَعَمُّدِ الذَّنْبِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِ بَعْضِ الْخَوَارِجِ وَالْحَشْوِيَّةِ الَّذِينَ نُقِلَ عَنْهُمْ تَجْوِيزُ ذَلِكَ، وَلَا بِقَوْلِ مَنْ
قَالَ مِنَ الرَّوَافِضِ بِجَوَازِهَا تَقِيَّةً، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ وُقُوعِ الصَّغِيرَةِ سَهْوًا فَمَنَعَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِنِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ، وَاخْتَارَهُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ قَالَ: وَهُوَ الَّذِي نَدِينُ اللَّهَ بِهِ وَأَجَازَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالْكَبَائِرِ الْمُوبِقَاتِ، قَالَ: وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى عِصْمَتِهِ مِنْ مُوَاقَعَةِ الْمَكْرُوهِ قَصْدًا. انْتَهَى.
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ: وَفِي عِصْمَتِهِمْ مِنْ سَائِرِ الذُّنُوبِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ عَنِ الْكُفْرِ، قَبْلَ الْوَحْيِ وَبَعْدَهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا عَنْ تَعَمُّدِ الْكَبَائِرِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلْحَشْوِيَّةِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّ امْتِنَاعَهُ بِدَلِيلِ السَّمْعِ أَوِ الْعَقْلِ، وَأَمَّا سَهْوًا فَجَوَّزَ الْأَكْثَرُونَ، قَالَ: وَأَمَّا الصَّغَائِرُ فَتَجُوزُ عَمْدًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلْجُبَّائِيِّ وَأَتْبَاعِهِ، وَتَجُوزُ سَهْوًا بِالِاتِّفَاقِ إِلَّا مَا يَدُلُّ عَلَى الْخِسَّةِ كَسَرِقَةِ لُقْمَةٍ وَالتَّطْفِيفِ بِحَبَّةٍ، لَكِنَّ الْمُحَقِّقِينَ شَرَطُوا أَنْ يُنْهَوْا عَنْهُ فَيَنْتَهُوا مِنْهُ، هَذَا كُلُّهُ بَعْدَ الْوَحْيِ. قَالَ: وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا دَلِيلَ عَلَى امْتِنَاعِ صُدُورِ الْكَبِيرَةِ، وَذَهَبَ الْمُعْتَزِلَةُ إِلَى امْتِنَاعِهَا، لِأَنَّهَا تُوجِبُ النَّفْرَةَ الْمَانِعَةَ مِنَ اتِّبَاعِهِمْ فَتَفُوتُ مَصْلَحَةُ الْبَعْثَةِ، قَالَ السَّعْدُ: وَالْحَقُّ مَنْعُ مَا يُوجِبُ النَّفْرَةَ كَعَهْرِ الْأُمَّهَاتِ وَالْفُجُورِ وَالصَّغَائِرِ الدَّالَّةِ عَلَى الْخِسَّةِ، وَمَنَعَ الشِّيعَةُ صُدُورَ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ مِنْهُمْ قَبْلَ الْوَحْيِ وَبَعْدَهُ وَلَكِنَّهُمْ جَوَّزُوا إِظْهَارَ الْكُفْرِ تَقِيَّةً. انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ (لَمْ يَكُنْ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الْبَعْثَةِ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ، بَلْ وُلِدَ مُسْلِمًا مُؤْمِنًا كَمَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، قَالَ فِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ: قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَمْ يَكُنْ صلى الله عليه وسلم عَلَى دِينٍ سِوَى الْإِسْلَامِ، وَلَا كَانَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ قَطُّ، بَلْ وُلِدَ نَبِيُّنَا مُؤْمِنًا صَالِحًا عَلَى مَا كَتَبَهُ اللَّهُ وَعَلِمَهُ مِنْ حَالِهِ. انْتَهَى.
وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ فِي كِتَابِهِ لَطَائِفِ الْمَعَارِفِ: وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه بِحَدِيثِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " «إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَمَ عليه السلام لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ» " - رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَرَوَى مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه -
وَمِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ مُرْسَلَةٍ وَخَرَّجَ الْحَاكِمُ أَيْضًا حَدِيثَ الْعِرْبَاضِ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ - عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَزَلْ عَلَى التَّوْحِيدِ مُذْ نَشْأَتِهِ، وَرَدَّ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ زَعَمَ غَيْرَ ذَلِكَ.
قَالَ الْحَافِظُ: بَلْ يُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وُلِدَ نَبِيًّا، فَإِنَّ نُبُوَّتَهُ وَجَبَتْ لَهُ مِنْ حِينِ أُخِذَ الْمِيثَاقُ، حَيْثُ اسْتُخْرِجَ مِنْ صُلْبِ آدَمَ فَكَانَ نَبِيًّا مِنْ حِينَذٍ، لَكِنْ كَانَتْ مُدَّةُ خُرُوجِهِ إِلَى الدُّنْيَا مُتَأَخِّرَةً عَنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ نَبِيًّا قَبْلَ خُرُوجِهِ، كَمَنْ يُوَلَّى وِلَايَةً وَيُؤْمَرُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا فِي زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، فَحُكْمُ الْوِلَايَةِ ثَابِتٌ لَهُ مِنْ حِينِ وِلَايَتِهِ، وَإِنْ كَانَ تَصَرُّفُهُ مُتَأَخِّرًا إِلَى حِينِ مَجِيءِ الْوَقْتِ. قَالَ الْحَافِظُ: قَالَ حَنْبَلٌ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْإِمَامَ أَحْمَدَ رضي الله عنه: مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ؟
قَالَ: هَذَا قَوْلُ سُوءٍ يَنْبَغِي لِصَاحِبِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَنْ يُحْذَرَ كَلَامُهُ وَلَا يُجَالَسَ. قُلْتُ: إِنَّ جَارَنَا النَّاقِدَ أَبَا الْعَبَّاسِ يَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ. قَالَ: قَاتَلَهُ اللَّهُ وَأَيُّ شَيْءٍ أَبْقَى إِذَا زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ وَهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ عِيسَى عليه السلام: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6]، ثُمَّ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه: مَاذَا يُحَدِّثُ النَّاسُ مِنَ الْكَلَامِ؟ هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ الْكَلَامِ مَنْ أَحَبَّ الْكَلَامَ لَمْ يُفْلِحْ، سُبْحَانَ اللَّهِ لِهَذَا الْقَوْلِ، وَاحْتَجَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِرُؤْيَا أُمِّهِ النُّورَ عِنْدَ وِلَادَتِهِ حَتَّى أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ قَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَمَا وَلَدَتْ رَأَتْ ذَلِكَ! .
وَقِيلَ وَقَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ كَانَ طَاهِرًا مُطَهَّرًا مِنَ الْأَوْثَانِ، ثُمَّ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: احْذَرُوا الْكَلَامَ، فَإِنَّ أَصْحَابَ الْكَلَامِ لَا يَئُولُ أَمْرُهُمْ إِلَى خَيْرٍ. أَخْرَجَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ: وَمُرَادُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ الِاسْتِدْلَالُ بِتَقْدِيمِ الْبِشَارَةِ بِنُبُوَّتِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِ خُرُوجِهِ إِلَى الدُّنْيَا وَوِلَادَتِهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْعِرْبَاضِ. انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ ابْنِ رَجَبٍ مُلَخَّصًا، وَقَدْ صَرَّحَ فِيهِ بِنَصِّ الْإِمَامِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وُلِدَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
((كَذَاكَ)) كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ قَدْ عُصِمَ، ((مِنْ إِفْكٍ)) أَيْ مِنْ كَذِبٍ، قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْإِفْكُ فِي الْأَصْلِ الْكَذِبُ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ أَفَكَ كَضَرَبَ وَعَلِمَ إِفْكًا بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ (وَالتَّحْرِيكِ وَ) أُفُوكًا كَذَبَ كَأَفَّكَ فَهُوَ
أَفَّاكٌ وَأَفِيكٌ وَأُفُوكٌ. وَفِي حَدِيثِ عَرْضِ نَفْسِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ لَقَدْ أَفِكَ قَوْمٌ كَذَّبُوكَ وَظَاهَرُوا عَلَيْكَ. أَيْ صَرَفُوا عَنِ الْحَقِّ وَمَنَعُوا مِنْهُ يُقَالُ أَفِكَهُ يَأْفِكُهُ إِفْكًا إِذَا صَرَفَهُ عَنِ الشَّيْءِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ وَرُسُلَهُ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَعْصُومُونَ مِنَ الْكَذِبِ ((وَ)) مَعْصُومُونَ ((مِنْ خِيَانَةٍ)) ، وَلَوْ قُلْتَ ((لِ)) وُجُوبِ ((وَصْفِهِمْ)) - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ((بِالصِّدْقِ)) الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْكَذِبِ ((وَ)) وُجُوبِ وَصْفِهِمْ بِـ ((الْأَمَانَةِ)) الَّتِي هِيَ ضِدُّ الْخِيَانَةِ، وَالضِّدَّانِ لَا يَجْتَمِعَانِ، فَالصِّدْقُ وَاجِبٌ فِي حَقِّهِمْ عَقْلًا وَشَرْعًا، وَهُوَ مُطَابَقَةُ أَخْبَارِهِمْ لِلْوَاقِعِ إِيجَابًا وَسَلْبًا، إِذْ لَوْ جَازَ عَلَيْهِمُ الْكَذِبُ الَّذِي هُوَ عَدَمُ مُطَابَقَةِ الْوَاقِعِ لَجَازَ الْكَذِبَ فِي خَبَرِهِ تَعَالَى لِتَصْدِيقِهِ إِيَّاهُمْ بِالْمُعْجِزَةِ الْمُنَزَّلَةِ مَنْزِلَةَ قَوْلِهِ تَعَالَى: صَدَقَ عَبْدِي فِي كُلِّ مَا يُبَلِّغُ عَنِّي، وَتَصْدِيقُ الْكَاذِبِ مِنَ الْعَالِمِ بِكَذِبِهِ مَحْضُ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ فَلُزُومُهُ كَذَلِكَ.
وَقَدْ أَجْمَعْتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ طَرِيقُهُ الْإِبْلَاغُ فَالْأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ مَعْصُومُونَ فِيهِ مِنَ الْإِخْبَارِ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ لَا قَصْدًا وَلَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا وَلَا غَلَطًا عَلَى تَفْصِيلٍ فِي بَعْضِ ذَلِكَ يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ -: يَجِبُ عَلَى الْخَلْقِ الْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ أَوِ السُّنَّةُ الْمَعْلُومَةُ وَجَبَ عَلَى الْخَلْقِ الْإِقْرَارُ بِهِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا عِنْدَ الْعِلْمِ بِالتَّفْصِيلِ، فَلَا يَكُونُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا حَتَّى يُقِرَّ بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ تَحْقِيقُ شَهَادَةِ أَنْ لَا الْهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَمَنْ شَهِدَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ شَهِدَ أَنَّهُ صَادِقٌ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ هَذِهِ حَقِيقَةُ الشَّهَادَةِ بِالرِّسَالَةِ، إِذِ الْكَاذِبُ لَيْسَ بِرَسُولٍ فِيمَا يُكَذِّبُهُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ - لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ - ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} [الحاقة: 44 - 46] وَهُوَ عِرْقٌ فِي الْقَلْبِ إِذَا انْقَطَعَ مَاتَ صَاحِبُهُ، وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ لَا يُحْتَاجُ إِلَى تَقْرِيرِهِ، وَفِي قِصَّةِ هِرَقْلَ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ كَمَا فِي الصَّحِيحِ عِنْدَ سُؤَالِ هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ أَبَا سُفْيَانَ عَنْ أَوْصَافِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ؟ - أَيْ عَلَى النَّاسِ - قَالَ: لَا وَإِنْ كَانَ لَيُدْعَى فِينَا بِالْأَمِينِ، فَقَالَ: لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْكَذِبَ
عَلَى النَّاسِ ثُمَّ يَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى. فَيُشْعِرُ هَذَا أَنَّ عُقَلَاءَ الْأُمَمِ مُطْبِقُونَ عَلَى اسْتِحَالَةِ كَذِبِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.
وَقَوْلُهُ: وَالْأَمَانَةُ أَيْ يَجِبُ لَهُمُ الْأَمَانَةُ وَهِيَ ضِدُّ الْخِيَانَةِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] أَيِ الْفَرَائِضَ الْمَفْرُوضَةَ أَوِ النِّيَّةَ الَّتِي يَعْقِدُهَا فِيمَا يُظْهِرُهُ بِاللِّسَانِ مِنَ الْإِيمَانِ، وَيُؤَدِّيهِ مِنْ جَمِيعِ الْفَرَائِضِ فِي الظَّاهِرِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا وَلَمْ يُظْهِرْهَا لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، فَمَنْ أَضْمَرَ مِنَ التَّوْحِيدِ مِثْلَ مَا أَظْهَرَ فَقَدْ أَدَّى الْأَمَانَةَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْأَمَانَةُ تَقَعُ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالْوَدِيعَةِ وَالثِّقَةِ وَالْأَمَانِ. وَالْمُرَادُ بِهَا فِي حَقِّ رُسُلِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنْبِيَائِهِ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اتِّصَافُهُمْ بِحِفْظِ ظَوَاهِرِهِمْ وَبَوَاطِنِهِمْ مِنَ التَّلَبُّسِ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ، وَلَوْ نَهْيَ كَرَاهَةٍ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، أَيْ كَوْنُهُمْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونُوا إِلَّا كَذَلِكَ إِذْ لَوْ جَازَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَخُونُوا اللَّهَ تَعَالَى بِفِعْلِ مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ عَلَى قَوْلٍ لَجَازَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ مَنْهِيٌّ مِنْهُ مَأْمُورًا بِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِهِمْ فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَهُوَ تَعَالَى لَا يَأْمُرُ بِمُحَرَّمٍ وَلَا مَكْرُوهٍ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] وَالْمُرَادُ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ كَنِكَاحِ أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعٍ فَتَخْتَصُّ بِهِمْ دُونَ أُمَمِهِمْ، وَفِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ -: وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَدْ بَلَّغَ الرِّسَالَةَ كَمَا أُمِرَ، وَلَمْ يَكْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا، فَإِنَّ كِتْمَانَ مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ يُنَاقِضُ مُوجَبَ الرِّسَالَةِ، كَمَا أَنَّ الْكَذِبَ يُنَاقِضُ مُوجَبَ الرِّسَالَةِ، قَالَ: وَمِنَ الْمَعْلُومِ فِي دِينِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ مَعْصُومٌ مِنَ الْكِتْمَانِ لِشَيْءٍ مِنَ الرِّسَالَةِ، كَمَا أَنَّهُ مَعْصُومٌ مِنَ الْكَذِبِ فِيهَا، وَالْأُمَّةُ تَشْهَدُ لَهُ بِأَنَّهُ بَلَّغَ الرِّسَالَةَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى، وَبَيَّنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَقَدْ وَجَبَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ تَصْدِيقُهُ فِي كُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ.
(تَتِمَّةٌ) ذَكَرَ أَبُو الْفَضْلِ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِهِ الشِّفَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ فِيمَا يَجُوزُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا لَا