الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِشَأْنِهَا أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهَا وَلِهَذَا أَكْثَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيَانِ أَشْرَاطِهَا وَأَمَارَاتِهَا وَأَخْبَرَ عَمَّا بَيْنَ يَدَيْهَا مِنَ الْفِتَنِ الْبَعِيدَةِ وَالْقَرِيبَةِ وَنَبَّهَ أُمَّتَهُ وَحَذَّرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا لِتِلْكَ الْعَقَبَةِ الشَّدِيدَةِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ وَقْتَ مَجِيءِ السَّاعَةِ مِمَّا انْفَرَدَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ وَإِنَّمَا أَخْفَاهُ تَعَالَى ; لِأَنَّهُ أَصْلَحُ لِلْعِبَادِ لِئَلَّا يَتَبَاطَئُوا عَنِ التَّأَهُّبِ وَالِاسْتِعْدَادِ كَمَا أَنَّ إِخْفَاءَ وَقْتِ الْمَوْتِ أَصْلَحُ لَهُمْ وَأَنْفَعُ وَقَدِ انْتَدَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَعْيِينِ قُرْبِهَا وَزَمَنِ كَوْنِهَا وَمَجِيئِهَا وَاسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيثَ غَيْرِ صَحِيحَةٍ وَمَا صَحَّ مِنْهَا فَدَلَالَتُهَا غَيْرُ صَرِيحَةٍ.
وَذَكَرَ الْحَافِظُ جَلَالُ الدِّينِ السُّيُوطِيُّ ذَلِكَ فِي جُزْءٍ لَهُ سَمَّاهُ الْكَشْفَ وَذَكَرَ هُوَ تَقْرِيبًا أَنَّهَا تَقُومُ عَلَى رَأْسِ الْخَمْسِمِائَةِ بَعْدَ الْأَلْفِ أَوْ أَزْيَدَ.
قَالَ الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ مَرْعِيٌّ فِي (بَهْجَةِ النَّاظِرِينَ) : وَهَذَا أَيْضًا مَرْدُودٌ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ ظَنٌّ وَحُسْبَانٌ لَا يَقُومُ عَلَيْهِ بُرْهَانٌ.
[أشراط الساعة ثلاثة أقسام الأول ما قد مضى وانقضى]
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ أَشْرَاطَ السَّاعَةِ وَأَمَارَاتِهَا تَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ ظَهَرَ وَانْقَضَى وَهِيَ الْأَمَارَاتُ الْبَعِيدَةُ، وَقِسْمٌ ظَهَرَ وَلَمْ يَنْقَضِ بَلْ لَا يَزَالُ فِي زِيَادَةٍ حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْغَايَةَ ظَهَرَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ وَهِيَ الْأَمَارَاتُ الْقَرِيبَةُ الْكَبِيرَةُ الَّتِي تَعْقُبُهَا السَّاعَةُ وَأَنَّهَا تَتَابَعُ كَنِظَامِ خَرَزَاتٍ انْقَطَعَ سِلْكُهَا.
(فَالْأُولَى) أَعْنِي الَّتِي ظَهَرَتْ وَمَضَتْ وَانْقَضَتْ (مِنْهَا) : بَعْثَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَوْتُهُ وَفَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
(وَمِنْهَا) : قَتْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه، قَالَ حُذَيْفَةُ: أَوَّلُ الْفِتَنِ قَتْلُ عُثْمَانَ.
(وَمِنْهَا) : وَقْعَةُ الْجَمَلِ.
(وَمِنْهَا) : وَقْعَةُ صِفِّينَ، فَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ تَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ» ".
(وَمِنْهَا) : وَاقِعَةُ النَّهْرَوَانِ، فَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِخْنَفُ بْنُ سَلِيمٍ قَالَ «أَتَيْنَا أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ رضي الله عنه فَقُلْتُ: يَا أَبَا أَيُّوبَ قَاتَلْتَ الْمُشْرِكِينَ بِسَيْفِكَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ جِئْتَ تُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنَا بِقِتَالِ ثَلَاثَةٍ: النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ، فَقَدْ قَاتَلْتُ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَأَنَا مُقَاتِلٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْمَارِقِينَ» .
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: «عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُقَاتِلَ مَعَ عَلِيٍّ النَّاكِثِينَ فَقَدْ قَاتَلْنَاهُمْ» - يَعْنِي فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ رضي الله عنهما نَكَثَا بَيْعَةَ عَلِيٍّ رضي الله عنه -
وَعَهِدَ إِلَيْنَا أَنْ نُقَاتِلَ مَعَهُ الْقَاسِطِينَ - يَعْنِي الظَّالِمِينَ وَأَرَادَ بِهِمْ أَصْحَابَ مُعَاوِيَةَ لِأَنَّهُمْ ظَلَمُوا عَلِيًّا وَنَازَعُوهُ أَمْرًا هُوَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ عِنْدَ كُلِّ مُنْصِفٍ، وَالْقَاسِطُونَ هُمُ الْعَادِلُونَ عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ - وَعَهِدَ إِلَيْنَا أَنْ نُقَاتِلَ مَعَهُ الْمَارِقِينَ - وَأَرَادَ بِهِمُ الْخَوَارِجَ فَإِنَّهُمْ مَرَقُوا مِنَ الدِّينِ.
وَفِي الْخَوَارِجِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ جِدًّا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا.
(وَمِنْهَا) : نُزُولُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَخَاتِمَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ سِبْطِ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ سَيِّدِنَا الْإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَأَخِي الْحُسَيْنِ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» " الْحَدِيثَ. شَهِدَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم أَنَّهُمْ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
(وَمِنْهَا) : مُلْكُ بَنِي أُمَيَّةَ وَمَا جَرَى عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ فِي أَيَّامِهِمْ مِنَ الْأَذِيَّةِ كَقَتْلِ الْحُسَيْنِ بَعْدَ مَا سُمَّ الْحَسَنُ، وَوَاقِعَةِ الْحَرَّةِ وَمَا جَرَى فِيهَا مِنَ الْمِحَنِ وَقَتْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَرَمْيِ الْكَعْبَةِ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَمَا جَرَى فِي ذَلِكَ مِمَّا لَا يَحْسُنُ وَلَا يَلِيقُ.
(وَمِنْهَا) : مُلْكُ بَنِي الْعَبَّاسِ وَمَا جَرَى فِي أَيَّامِهِمْ مِنَ الْمِحَنِ وَالْبَأْسِ.
(وَمِنْهَا) : نَارُ الْحِجَازِ الَّتِي أَضَاءَتْ مِنْهَا أَعْنَاقُ الْإِبِلِ بِبُصْرَى.
(وَمِنْهَا) : ظُهُورُ الرَّفْضِ وَاسْتِبْدَادُ الرَّافِضَةِ بِالْمُلْكِ وَإِظْهَارُ الطَّعْنِ وَاللَّعْنِ عَلَى السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ. وَقَدْ أَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا " «يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يُسَمَّوْنَ الرَّافِضَةَ يَرْفُضُونَ الْإِسْلَامَ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّهُمْ مُشْرِكُونَ» ". وَلَفْظُ الطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْهُ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ عَلِيٌّ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " «سَيَكُونُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ يَنْتَحِلُونَ حُبَّ أَهْلِ الْبَيْتِ لَهُمْ نَبَزٌ يُسَمَّوْنَ الرَّافِضَةَ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّهُمْ مُشْرِكُونَ» ".
(وَمِنْهَا) : خُرُوجُ كَذَّابِينَ دَجَّالِينَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَدَّعِي أَنَّهُ نَبِيٌّ.
(وَمِنْهَا) : زَوَالُ مُلْكِ الْعَرَبِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
(وَمِنْهَا) : كَثْرَةُ الْمَالِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا.
(وَمِنْهَا) : كَثْرَةُ الزَّلَازِلِ وَالْمَسْخُ وَالْقَذْفُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا أَخْبَرَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مِنْ أَمَارَاتِ السَّاعَةِ فَظَهَرَ وَمَضَى وَانْقَضَى.