الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[العلامة الخامسة هَدْمُ الْكَعْبَةِ]
(الْعَلَامَةُ الْخَامِسَةُ)
مِنَ الْعَلَامَاتِ الْعُظْمَى: هَدْمُ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ وَالْقِبْلَةِ الْمُعَظَّمَةِ وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ ((كَ)) مَا أَنَّ أَمْرَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ حَقٌّ ثَابِتٌ يَجِبُ اعْتِقَادُهُ وَوُقُوعُهُ فَكَذَا يَجِبُ اعْتِقَادُ وُقُوعِ ((هَدْمِ الْكَعْبَةِ)) الْمُعَظَّمَةِ وَالْقِبْلَةِ الْمُكَرَّمَةِ، وَسَلْبِ حُلِيِّهَا، وَإِخْرَاجِ كَنْزِهَا لِمَا أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ " «يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ» " وَفِي لَفْظٍ " «ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ يُخَرِّبُ بَيْتَ اللَّهِ» ".
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما نَحْوَهُ وَزَادَ " «وَيَسْلُبُهَا حُلِيَّهَا وَيُجَرِّدُهَا مِنْ كِسْوَتِهَا فَلَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ أُصَيْلِعَ، أُفَيْدِعَ يَضْرِبُ عَلَيْهَا بِمِسْحَاتِهِ، أَوْ مِعْوَلِهِ» ".
وَأَخْرَجَ الْأَزْرَقِيُّ عَنْهُ " «يَجِيشُ الْبَحْرُ عَنْ فِئَةٍ مِنَ السُّودَانِ ثُمَّ يَسِيلُونَ سَيْلَ النَّمْلِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَيُخَرِّبُونَهَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى صِفَتِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أُفَيْحِجَ، أُصَيْلِعَ، أُفَيْدِعَ قَائِمًا بِهَدْمِهَا بِمِسْحَاتِهِ، أَوْ مِعْوَلِهِ» ".
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: " «كَأَنِّي بِهِ أَسْوَدَ، أَفْحَجَ يَهْدِمُهَا حَجَرًا حَجَرًا» " أَيْ: وَيَتَدَاوَلُهَا أَصْحَابُهُ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَطْرَحُوهَا فِي الْبَحْرِ، كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا " «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى حَبَشِيٍّ أَحْمَرِ السَّاقَيْنِ، أَزْرَقِ الْعَيْنَيْنِ، أَفْطَسِ الْأَنْفِ، كَبِيرِ الْبَطْنِ، وَقَدْ صَفَّ قَدَمَيْهِ عَلَى الْكَعْبَةِ هُوَ وَأَصْحَابٌ لَهُ يَنْقُضُونَهَا حَجَرًا حَجَرًا وَيَتَدَاوَلُونَهَا حَتَّى يَطْرَحُوهَا فِي الْبَحْرِ» " الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ (ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ) أَيْ صَاحِبُهُمَا وَهُمَا تَصْغِيرُ سَاقَيْنِ، أَيْ: دَقِيقُ السَّاقَيْنِ، وَقَوْلُهُ (أُصَيْلِعَ) تَصْغِيرُ الْأَصْلَعِ وَهُوَ: مَنْ ذَهَبَ شَعْرُ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ، وَ (الْأُفَيْدِعُ) تَصْغِيرُ أَفْدَعَ وَهُوَ: مَنْ فِي يَدِهِ اعْوِجَاجٌ، وَفِي الْقَامُوسِ: الْفَدَعُ مُحَرَّكَةً اعْوِجَاجُ الرُّسْغِ مِنَ الْيَدِ أَوِ الرِّجْلِ حَتَّى يَنْقَلِبَ الْكَفُّ أَوِ الْقَدَمُ، أَوْ هُوَ الْمَشْيُ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ أَوِ ارْتِفَاعُ أَخْمَصِ الْقَدَمِ حَتَّى لَوْ وَطِئَ الْأَفْدَعُ عُصْفُورًا مَا آذَاهُ، أَوْ هُوَ عِوَجٌ فِي الْمَفَاصِلِ لِأَنَّهَا قَدْ زَالَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا.
وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِي الْأَرْسَاغِ خِلْقَةً، وَجَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ " أَصْعَلُ " أَيْ صَغِيرُ الرَّأْسِ، وَفِي بَعْضِهَا " أَصْمَعُ " أَيْ صَغِيرُ الْأُذُنَيْنِ، وَقِيلَ كَبِيرُ الْأُذُنِ، وَ (الْأُفَيْحِجُ) تَصْغِيرُ أَفْحَجَ الْمُتَبَاعِدُ الْفَخِذَيْنِ.
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا " «يُبَايَعُ لِرَجُلٍ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَلَنْ يَسْتَحِلَّ هَذَا الْبَيْتَ إِلَّا أَهْلُهُ فَإِذَا اسْتَحَلُّوهُ فَلَا تَسْأَلْ عَنْ هَلَكَةِ الْعَرَبِ ثُمَّ تَجِيءُ الْحَبَشَةُ
فَيُخَرِّبُونَهُ خَرَابًا لَا يَعْمُرُ بَعْدَهُ أَبَدًا وَهُمُ الَّذِينَ يَسْتَخْرِجُونَ كَنْزَهُ» . رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ أَيْضًا الْأَزْرَقِيُّ فِي تَارِيخِ مَكَّةَ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.
فَإِنْ قُلْتَ: وَرَدَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَهْدِيَّ هُوَ الَّذِي يُخْرِجُ كَنْزَ الْكَعْبَةِ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ ذَا السُّوَيْقَتَيْنِ هُوَ الَّذِي يُخْرِجُ كَنْزَهَا وَلَعَمْرِي إِنَّهُ لَسُؤَالٌ وَارِدٌ وَاسْتِشْكَالٌ مُضَادٌّ وَلَمْ أَرَى مَنْ تَقَدَّمَنِي مِمَّنْ نَقَّبَ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ وَفِي يَمِّهِ خَاضَ، وَلَا مَنْ أَجَابَ هَذَا السُّؤَالَ وَلَا مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذَا الِاعْتِرَاضِ، وَلَعَلَّ الْجَوَابَ أَنَّ الْمَهْدِيَّ يَسْتَخْرِجُ الْكَنْزَ الْمَذْكُورَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَجْتَمِعُ فِي خِزَانَةِ الْكَعْبَةِ - فِي مُدَّةِ الْمَهْدِيِّ وَمُدَّةِ سَيِّدِنَا عِيسَى إِلَى أَنْ يُخَرِّبَهَا ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ - مَالٌ كَثِيرٌ سِيَّمَا مَعَ كَثْرَةِ الْمَالِ وَانْكِبَابِ أَهْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلَى أَنْوَاعِ الْقُرُبَاتِ مَعَ كَثْرَةِ الْحُجَّاجِ وَهَذَا مُمْكِنٌ، أَوْ يَكُونُ الْمَهْدِيُّ كَشَفَهُ وَظَهَرَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ عَوَزَهُ وَتَرَكَ بَاقِيَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ قُلْتَ: تَسَلُّطُ هَذَا الْعَدُوِّ الْخَبِيثِ عَلَى هَدْمِ بَيْتِ اللَّهِ الْمُعَظَّمِ يُنَافِي قَوْلَهُ تَعَالَى {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا} [العنكبوت: 67] الْآيَةَ {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} [الحج: 25] الْآيَةَ، وَقَدْ حَمَاهُ سُبْحَانَهُ مِنْ أَصْحَابِ الْفِيلِ وَجِيرَانُهُ حِينَئِذٍ كُفَّارٌ مُشْرِكُونَ فَكَيْفَ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ الْحَبَشَةُ وَهُوَ قِبْلَةُ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ جِيرَانُهُ؟ .
(فَالْجَوَابُ) مَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: قَدْ أَشَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْجَوَابِ فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ ( «وَلَنْ يَسْتَحِلَّ هَذَا الْبَيْتَ إِلَّا أَهْلُهُ» ) فَفِي زَمَنِ الْفِيلِ مَا كَانُوا قَدِ اسْتَحَلُّوهُ فَمَنَعَهُ مِنْهُمْ، وَأَمَّا الْحَبَشَةُ فَلَا يَهْدِمُونَهُ إِلَّا بَعْدَ اسْتِحْلَالِ أَهْلِهِ مِرَارًا، وَقَدِ اسْتَحَلَّهُ جَيْشُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ الْحَجَّاجُ زَمَنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِأَمْرِهِ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْقَرَامِطَةَ فَقَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَطَافِ مَا لَا يُحْصَى، وَقَلَعُوا الْحَجَرَ وَنَقَلُوهُ لِبِلَادِهِمْ فَلَمَّا وَقَعَ اسْتِحْلَالُهُ مِنْ أَهْلِهِ مِرَارًا مَكَّنَ غَيْرَهُمْ مِنْ ذَلِكَ عُقُوبَةً لَهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْآيَةِ اسْتِمْرَارُ الْأَمْنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا
(قُلْتُ) وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذَا الْعَالَمَ مُشْعِرٌ بِالِاضْمِحْلَالِ، وَكَمَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِالْأَمْنِ وَرَدَ بِاضْمِحْلَالِ هَذَا الْعَالَمِ وَدَمَارِهِ فَأَشْعَرَ أَنَّ الْأَمْنَ مُغَيًّا إِلَى غَايَةٍ أَشَارَ الشَّارِعُ إِلَيْهَا فَوَجَبَ تَصْدِيقُ الْأَمْرَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ زَمَنَهُ حَسْبَمَا هُوَ مُقْتَضَى الشَّرْعِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ هَدْمُ الْكَعْبَةِ مِنْ ذِي السُّوَيْقَتَيْنِ الْمَذْكُورِ زَمَنَ سَيِّدِنَا الْمَسِيحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام أَوْ بَعْدَهُ عِنْدَ قِيَامِ السَّاعَةِ حَيْثُ لَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ أَحَدٌ يَقُولُ اللَّهَ؟ (فَالْجَوَابُ) أَنَّ هَذَا مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ، فَعَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّهُ زَمَنَ عِيسَى عليه السلام، وَقِيلَ زَمَنَهُ وَبَعْدَ هَلَاكِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فَيَحُجُّ النَّاسُ وَيَعْتَمِرُونَ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ، وَأَنَّ عِيسَى عليه السلام يَحُجُّ أَوْ يَعْتَمِرُ، أَوْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَدْمَ الْبَيْتِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِنَا الْمَسِيحِ، وَهُبُوبِ الرِّيحِ الَّتِي يَمُوتُ بِهَا مَنْ فِي قَلْبِهِ ذَرَّةٌ مِنْ إِيمَانٍ، وَذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّهُ وَجَدَ فِي كِتَابِ " التِّيجَانِ " لِابْنِ هِشَامٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَامِرٍ كَانَ مَلِكًا مُتَوَّجًا وَكَانَ كَاهِنًا مُعَمَّرًا وَأَنَّهُ قَالَ لِأَخِيهِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ الْمَعْرُوفِ بِمَزِيقِيَا لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، إِنَّ بِلَادَكُمْ سَتَخْرُبُ وَإِنَّ لِلَّهِ فِي أَهْلِ الْيَمَنِ سُخْطَيْنِ وَرَحْمَتَيْنِ، فَالسُّخْطَةُ الْأُولَى: هَدْمُ سَدِّ مَأْرَبَ وَخَرَابُ الْبِلَادِ بِسَبَبِهِ، وَالثَّانِيَةُ: غَلَبَةُ الْحَبَشَةِ عَلَى الْيَمَنِ.
وَالرَّحْمَةُ الْأُولَى: بَعْثَةُ نَبِيٍّ مِنْ تِهَامَةَ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ يُرْسَلُ بِالرَّحْمَةِ وَيَغْلِبُ أَهْلَ الشِّرْكِ، وَالثَّانِيَةُ: إِذَا خَرُبَ بَيْتُ اللَّهِ يَبْعَثُ اللَّهُ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ شُعَيْبُ بْنُ صَالِحٍ فَيُهْلِكُ مَنْ خَرَّبَهُ وَيُخْرِجُهُمْ حَتَّى لَا يَكُونَ بِالدُّنْيَا إِيمَانٌ إِلَّا بِأَرْضِ الْيَمَنِ.
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ إِنْ ثَبَتَ هَذَا عُلِمَ مِنْهُ اسْمُ الْقَحْطَانِيِّ وَسِيرَتُهُ وَزَمَانُهُ.
وَاعْتَرَضَهُ الْبَرْزَنْجِيُّ فِي الْإِشَاعَةِ بِأَنْ لَيْسَ فِيمَا ذَكَرَ مَا يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْقَحْطَانِيُّ وَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شُعَيْبَ بْنَ صَالِحٍ هُوَ التَّمِيمِيُّ الْقَادِمُ بِالرَّايَاتِ السُّودِ إِلَى الْمَهْدِيِّ وَأَنَّهُ يُرْسِلُ عِيسَى عليه السلام إِلَيْهِ حِينَ يَأْتِيهِ الصَّرِيخُ وَيُؤَيِّدُهُ كَوْنُهُ لَقَبُهُ الْمَنْصُورُ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ هُوَ إِيَّاهُ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ خِلَافَتِهِ وَيَكُونُ فِي مَنْ أَرْسَلَهُ عِيسَى عليه السلام أَمِيرًا عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ وَرَدَ أَنَّ الصَّرِيخَ يَأْتِي عِيسَى بِذَلِكَ فَيَبْعَثُ إِلَيْهِ بِطَائِفَةٍ مَا بَيْنَ الثَّمَانِيَةِ إِلَى التِّسْعَةِ فَيَكُونُ هُوَ أَمِيرَهُمْ، وَلَيْسَ فِي كَوْنِهِ رَحْمَةً لِأَهْلِ الْيَمَنِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْهُمْ، وَيَكْفِي مِنْ كَوْنِهِ رَحْمَةً لَهُمْ أَنَّهُ يَدْفَعُ الْحَبَشَةَ عَنْهُمْ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى إِيمَانٌ إِلَّا فِي أَرْضِ الْيَمَنِ.
ثُمَّ إِنَّ الْحِجَازَ مِنَ الْيَمَنِ وَلِذَا يُقَالُ: الْكَعْبَةُ يَمَانِيَةٌ، وَلَعَلَّ زَمَنَ اخْتِصَاصِ الْيَمَنِ بِبَقَاءِ الْإِيمَانِ بَعْدَ قَبْضِ الْمَسِيحِ وَهُبُوبِ الرِّيحِ، وَلَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ حَدِيثَ:" آخِرُ مَا يُوجَدُ الْإِيمَانُ فِي الْمَدِينَةِ " لِأَنَّهَا مِنَ الْيَمَنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقِيلَ إِنَّ هَدْمَ الْكَعْبَةِ بَعْدَ خُرُوجِ الدَّابَّةِ، وَقِيلَ بَعْدَ الْآيَاتِ كُلِّهَا قُرْبَ قِيَامِ السَّاعَةِ حِينَ يَنْقَطِعُ الْحَاجُّ وَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مَنْ يَقُولُ اللَّهَ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ زَمَنَ عِيسَى عليه السلام كُلَّهُ زَمَنُ سِلْمٍ، وَبَرَكَةٍ، وَأَمَانٍ، وَخَيْرٍ وَهَذَا أَلْيَقُ بِكَرَمِ اللَّهِ، وَالَّذِي تَقْتَضِيهِ الْحِكْمَةُ فَإِنَّ الْبَيْتَ قِبْلَةُ الْإِسْلَامِ، وَالْحَجُّ إِلَيْهِ أَحَدُ أَرْكَانِ الدِّينِ وَمَبَانِيهِ، فَالْحِكْمَةُ تَقْتَضِي بَقَاءَهُ بِبَقَاءِ الدِّينِ فَإِذَا جَاءَتِ الرِّيحُ الْبَارِدَةُ الطَّيِّبَةُ وَقَبَضَتِ الْمُؤْمِنِينَ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُهْدَمُ الْبَيْتُ وَيَرْتَفِعُ الْقُرْآنُ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ مَرْعِيٌّ فِي بَهْجَتِهِ جَاءَ عَنِ الثِّقَاتِ الْحُفَّاظِ: يَمْكُثُ النَّاسُ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْخِصْبِ وَالدَّعَةِ بَعْدَ هَلَاكِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَخُرُوجِ الدَّابَّةِ، قَالَ ثُمَّ يَخْرُجُ الْحَبَشَةُ وَعَلَيْهِمْ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ فَيُخَرِّبُونَ مَكَّةَ وَيَهْدِمُونَ الْكَعْبَةَ ثُمَّ لَا تُعَمَّرُ بَعْدَهَا أَبَدًا، وَهُمُ الَّذِينَ يَسْتَخْرِجُونَ كُنُوزَ مِصْرَ.
قَالَ ثُمَّ يَجْتَمِعُ بَقَايَا الْمُسْلِمِينَ فَيُقَاتِلُونَهُمْ فَيَقْتُلُونَهُمْ وَيَسْبُونَهُمْ حَتَّى يُبَاعَ الْحَبَشِيُّ بِعَبَاءَةٍ.
فَبَيَّنَ أَنَّ هَدْمَ الْكَعْبَةِ بَعْدَ الْآيَاتِ وَإِنْ كَانَ لَا يَخْلُو مِنْ تَأَمُّلٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَوَائِدُ)
(إِحْدَاهَا) تَقَدَّمَ أَنَّ عُمْرَانَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ مَرْفُوعًا.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم، قَالَ " «سَيَبْلُغُ الْبِنَاءُ سَلْعًا ثُمَّ يَأْتِي عَلَى الْمَدِينَةِ زَمَانٌ يَمُرُّ السَّفْرُ عَلَى بَعْضِ أَقْطَارِهَا فَيَقُولُ قَدْ كَانَتْ هَذِهِ مَرَّةً عَامِرَةً مِنْ طُولِ الزَّمَانِ وَعَفْوِ الْأَثَرِ» ".
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ نَحْوَهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ " «لَتَتْرُكُنَّ الْمَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ مُذَلَّلَةً ثِمَارُهَا لَا يَغْشَاهَا إِلَّا الْعَوَافِي الطَّيْرُ وَالسِّبَاعُ» " الْحَدِيثَ، وَسَبَبُ خَرَابِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ خِيَارَ أَهْلِهَا يَخْرُجُونَ مَعَ الْمَهْدِيِّ إِلَى الْجِهَادِ ثُمَّ تَرْجُفُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُنَافِقِيهَا وَتَرْمِيهِمْ إِلَى الدَّجَّالِ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ الْمُخْلِصُونَ فَيُهَاجِرُونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ عِنْدَ إِمَامِهِمْ وَقَدْ وَرَدَ " «سَتَكُونُ هِجْرَةٌ وَخِيَارُ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ أَلْزَمُهُمْ مُهَاجَرَ إِبْرَاهِيمَ» ".
وَمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ تَقْبِضُ رُوحَهُ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ. وَقَدْ رَوَى الْمَرْجَانِيُّ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا " «لَيَعُودَنَّ هَذَا الْأَمْرُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا بَدَأَ مِنْهَا حَتَّى لَا يَكُونَ إِيمَانٌ إِلَّا بِهَا» ".
وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " «آخِرُ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْإِسْلَامِ خَرَابًا الْمَدِينَةُ» ". وَرَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ بِنَحْوِهِ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ بِلَفْظِ " «آخِرُ قَرْيَةٍ فِي الْإِسْلَامِ خَرَابًا الْمَدِينَةُ» " وَصَحَّ " «إِنَّ الدِّينَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا» " فَظَاهِرُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ التَّعَارُضُ وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّ الْفِتَنَ تَعُمُّ الدُّنْيَا كُلَّهَا كَمَا مَرَّ فِي خُرُوجِ الْمَهْدِيِّ وَيَبْقَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ مَعَ الْمَهْدِيِّ فَيَأْرِزُ الدِّينُ أَيْ يَنْحَسِرُ وَيَدْخُلُ إِلَى الْمَدِينَةِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُمُ الْمُؤْمِنُونَ الْكَامِلُونَ التَّابِعُونَ لِلْخَلِيفَةِ الْحَقِّ ثُمَّ إِنَّهَا تَنْفِي خَبَثَهَا زَمَنَ الدَّجَّالِ وَيَبْقَى فِيهَا الْإِيمَانُ الْخَالِصُ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبُلْدَانِ فَيَبْقَى فِيهِمْ أَهْلُ ذِمَّةٍ وَمُنَافِقُونَ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يُؤْمِنُونَ بَعْدَ نُزُولِ عِيسَى عليه السلام، وَكَذَلِكَ مَكَّةُ تَقْذِفُ بِمُنَافِقِيهَا إِلَى الدَّجَّالِ أَيْضًا.
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الرِّيحَ الطَّيِّبَةَ تَأْتِي مِنَ الشَّامِ فَيَكُونُ أَهْلُ الشَّامِ يُقْبَضُونَ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ الْمَدِينَةَ أَوْ مِنَ الْيَمَنِ فَكَذَلِكَ أَوْ مِنْ كِلَيْهِمَا كَمَا جُمِعَ بِهِ وَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ فَيَصْدُقُ أَنَّهُ آخِرُ مَنْ يُقْبَضُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَهَذَا مَحَطُّ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَبِمُجَرَّدِ مَوْتِهِمْ تَخْرُبُ الْمَدِينَةُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا سِوَى الْمُؤْمِنِينَ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّهَا تَبْقَى عَامِرَةً بِشِرَارِ النَّاسِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْإِشَاعَةِ وَهُوَ حَسَنٌ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
(الثَّانِيَةُ)
(فِي ذِكْرِ خُرُوجِ الْقَحْطَانِيِّ وَالْجَهْجَاهِ وَالْهَيْثَمِ وَالْمُقْعَدِ وَهَؤُلَاءِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَهْدِيِّ) أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، مَرْفُوعًا " «يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ وَيَمُوتُ، فَيَسْتَخْلِفُونَ - يَعْنِي بَعْدَ وَفَاةِ سَيِّدِنَا عِيسَى عليه السلام بِأَمْرِهِ - رَجُلًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يُقَالُ لَهُ الْمُقْعَدُ، فَإِذَا مَاتَ الْمُقْعَدُ لَمْ يَأْتِ عَلَى النَّاسِ ثَلَاثُ سِنِينَ حَتَّى يُرْفَعَ الْقُرْآنُ مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ» " وَيَبْدَأُ النَّقْصُ لِيُوَافِقَ مَا يَأْتِي مِنْ بَقَاءِ الدِّينِ مُدَّةً مَدِيدَةً بَعْدَ سَيِّدِنَا عِيسَى عليه السلام.
وَالظَّاهِرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا التَّمِيمِيَّ الْمُلَقَّبَ بِالْمُقْعَدِ هُوَ شُعَيْبُ بْنُ صَالِحٍ أَحَدُ الْأُمَرَاءِ وَالْوُزَرَاءِ لِلْمَهْدِيِّ بَلْ هُوَ أَحَدُ الْمُمَهِّدِينَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَبْقَى أَمِيرًا فِي نَوَاحِي الشَّرْقِ ثُمَّ يَسْتَدْعِيهِ عِيسَى عليه السلام بَعْدَ وَفَاةِ الْمَهْدِيِّ عِنْدَ خُرُوجِ ذِي السُّوَيْقَتَيْنِ عَلَى مَكَّةَ وَنَوَاحِيهَا فَيَقْتُلُهُمْ وَيَسْبِيهِمْ حَتَّى يُبَاعَ الْحَبَشِيُّ بِالْعَبَاءَةِ، ثُمَّ عِنْدَ وَفَاةِ سَيِّدِنَا الْمَسِيحِ يُوصِي لَهُ بِالْأَمْرِ لِمَا يَرَى فِيهِ مِنَ الْكَفَاءَةِ لِذَلِكَ وَالْقِيَامِ بِأَعْبَاءِ الدِّينِ.
وَلَمْ أَرَ هَذَا
التَّحْرِيرَ لِغَيْرِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ شُعَيْبُ بْنُ صَالِحٍ وَإِلَّا فَهُوَ أَحَدُ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ كَانَ يُلْقَى عَلَيْهِمْ أَعْبَاءُ الْأَمْرِ، أَوِ الَّذِي يَلِي إِمَارَةَ الشَّرْقِ مِنْ بَعْدِ شُعَيْبٍ إِنْ كَانَ هُوَ قَدْ مَاتَ وَيَكُونُ هَذَا يُلَقَّبُ بِالْمُقْعَدِ.
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا " لَا «تَذْهَبُ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي حَتَّى يَمْلِكَ النَّاسَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْجَهْجَاهُ» ".
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا عَنْهُ مَرْفُوعًا " «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ» ".
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي " مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ " وَابْنُ مَنْدَهْ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ " «سَتَكُونُ مِنْ بَعْدِي خُلَفَاءُ وَمِنْ بَعْدِ الْخُلَفَاءِ أُمَرَاءُ وَمِنْ بَعْدِ الْأُمَرَاءِ مُلُوكٌ جَبَابِرَةٌ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي الْمَهْدِيُّ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا ثُمَّ يُؤَمَّرُ الْقَحْطَانِيُّ فَوَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا هُوَ دُونَهُ» ".
وَأَخْرَجَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عِيسَى، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ الْمَهْدِيَّ يَمْلِكُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَنَةً بَيْتَ الْمَقْدِسِ ثُمَّ يَمُوتُ ثُمَّ يَكُونُ مِنْ بَعْدِهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِ تُبَّعٍ يُقَالُ لَهُ الْمَنْصُورُ يَعْنِي الْقَحْطَانِيَّ يَمْكُثُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً. قُلْتُ هَذَا لَا يَلْتَئِمُ أَنْ يَكُونَ هُوَ شُعَيْبَ بْنَ صَالِحٍ التَّمِيمِيَّ لِأَنَّ بَنِي تَمِيمٍ لَيْسُوا مِنَ الْيَمَنِ وَلَا مِنْ قَحْطَانَ وَإِنْ وَافَقَهُ فِي تَلْقِيبِهِ بِالْمَنْصُورِ.
ثُمَّ يُقْتَلُ هَذَا الْقَحْطَانِيُّ ثُمَّ يَمْلِكُ الْمَوْلَى يَعْنِي الْجَهْجَاهَ وَيَمْكُثُ ثَلَاثَ سِنِينَ ثُمَّ يُقْتَلُ ثُمَّ يَمْلِكُ بَعْدَهُ الْهَيْثَمُ الْمَهْدِيُّ ثَلَاثَ سِنِينَ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ.
وَهَذَا الْمَهْدِيُّ غَيْرُ الْأَوَّلِ وَكَأَنَّهُ لُقِّبَ بِذَلِكَ لِحُسْنِ سِيرَتِهِ وَصَفَاءِ سَرِيرَتِهِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَاجِبَ اعْتِقَادُهُ مِنْ ذَلِكَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ الصَّرِيحَةُ مِنْ وُجُودِ الْمَهْدِيِّ الْمُنْتَظَرِ الَّذِي يُخْرِجُ الدَّجَّالَ، وَسَيِّدُنَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فِي زَمَنِهِ وَيُصَلِّي عِيسَى عليه السلام خَلْفَهُ صَلَاةَ الْفَجْرِ وَهُوَ الْمُرَادُ حَيْثُ أُطْلِقَ الْمَهْدِيُّ.
وَأَمَّا الْمَذْكُورُونَ قَبْلَهُ فَلَمْ يَصِحَّ فِيهِمْ شَيْءٌ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِ فَأُمَرَاءُ صَالِحُونَ لَكِنْ لَيْسُوا مِثْلَهُ فَهُوَ آخِرُهُمْ فِي الْوُجُودِ وَإِمَامُهُمْ وَخَيْرُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْمُرَادُ غَيْرُ سَيِّدِنَا عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام فَإِنَّهُ رَسُولٌ كَرِيمٌ مِنْ أُولِي الْعَزْمِ وَهُوَ آيَةٌ وَعَلَامَةٌ وَحْدَهُ. فَيَجِبُ الْإِيمَانُ بِنُزُولِهِ، وَيَجِبُ الْإِيمَانُ أَيْضًا بِخُرُوجِ الدَّجَّالِ اللَّعِينِ، وَأَنَّ سَيِّدَنَا عِيسَى يَقْتُلُهُ بِبَابِ لُدٍّ عِنْدَ بِئْرِ الزِّئْبَقِ، وَيَجِبُ الْإِيمَانُ بِخُرُوجِ