الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسالة
في حكم من يكفِّر غيره من المسلمين
والكفر الذي يعذر صاحبه بالجهل
(فلا يحكم عليه به إلا بعد أن تقوم عليه الحجة)
والذي لا يعذر
من فتاوى
{العلامة مفتي الديار النجدية، وعالم الطائفة السلفية}
الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن المشتهر بأبا بطين
رحمه الله تعالى
(علَّق عليه بعض الحواشي الضرورية في هذه المسألة المهمة)
السيد محمد رشيد رضا
منشئ مجلة المنار
بسم الله الرحمن الرحيم
استفتاء
"مسألة": قال الشيخ تقي الدين -رحمه الله تعالى- في رده على ابن البكري: "فلهذا كان أهل العلم والسنة لا يكفرون من خالفهم، وإن كان ذلك المخالف يكفرهم، لأن الكفر حكم شرعي، فليس للإنسان أن يعاقب بمثله، كمن كذب عليك، وزنى بأهلك، ليس لك أن تكذب عليه، وتزني بأهله، لأن الزنى والكذب حرام لحق الله -تعالى-، وكذلك التكفير حق لله -تعالى- فلا نكفر إلا من كفره الله ورسوله.
وأيضًا فإن تكفير الشخص المعين، وجواز قتله موقوف على أن تبلغه الحجة النبوية التي يكفر من خالفها، وإلا فليس كل من جهل شيئا من الدين يكفر"، إلى أن قال: "ولهذا كنت أقول للجهمية من الحلولية والنفاة الذين ينفون أن يكون -تعالى- فوق العرش: أنا لو وافقتكم كنت كافرًا، لأني أعلم أن قولكم كفر، وأنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال"، إلخ.*
أفتونا ما معنى قيام الحجة -أثابكم الله بمنه وكرمه-؟
[حكم من يكفِّر غيره من المسلمين]
"الجواب": الحمد لله رب العالمين. تضمَّن كلام الشيخ رحمه الله مسألتين: "إحداهما": عدم تكفيرنا لمن كفرنا.
وظاهر كلامه أنه سواء كان متأولا أم لا، وقد صرَّح طائفة من العلماء أنه إذا قال ذلك متأولا لا يكفر. ونقل ابن حجر الهيتمي عن طائفة من الشافعية أنهم صرَّحوا بكفره إذا لم يتأوَّل، فنقل عن المتولي أنه قال: إذا قال لمسلم: يا كافر، بلا تأويل، كفر. قال: وتبعه على ذلك جماعة، واحتجُّوا بقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما"1، والذي رماه به مسلم، فيكون هو كافرًا، قالوا: لأنه سمى الإسلام كفرًا. وتعقب بعضهم هذا التعليل وهو قوله: لأنه
* "الرد على البكري" 2/ 492، 494. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
1 البخاري: الأدب "6103".
سمى الإسلام كفرا فقال: هذا المعنى لا يفهم من لفظه: ولا هو مراده، إنما مراده ومعنى لفظه أنك لست على دين الإسلام الذي هو حق، وإنما أنت كافر دينك غير الإسلام، وأنا على دين الإسلام. وهذا مراده بلا شك لأنه إنما وصف بالكفر الشخص لا دين الإسلام، فنفى عنه كونه على دين الإسلام، فلا يكفر بهذا القول، إنما يعزر بهذا السب الفاحش بما يليق به. ويلزم على ما قالوه أن من قال لعبد: يا فاسق، كفر لأنه سمى العبادة فسقا، ولا أحسب أحدا يقوله، وإنما يريد أنك تفسق، وتفعل مع عبادتك ما هو فسق، لا أن عبادتك فسق. انتهى.
وظاهر كلام النووي في شرح مسلم يوافق ذلك، فإنه لما ذكر الحديث قال: وهذا مما عده العلماء من المشكلات، فإن مذهب أهل الحق أن المسلم لا يكفر بالمعاصي كالقتل والزنى، وكذا قوله لأخيه: يا كافر من غير اعتقاد بطلان دين الإسلام.
ثم حكى في تأويل الأحاديث وجوها: "أحدها": أنه محمول على المستحل ومعنى "باء بها" بكلمة الكفر، وكذا "حارت عليه" في رواية أي: رجعت عليه كلمة الكفر، فباء وحار ورجع بمعنى. "الثاني": رجعت عليه نقيصته لأخيه ومعصية تكفيره. "الثالث": أنه محمول على الخوارج المكفرين للمؤمنين، وهذا نقله القاضي عياض عن مالك، وهو ضعيف لأن المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون والمحققون أن الخوارج لا يكفرون كسائر أهل البدع. "الرابع": معناه أنه يؤول إلى الكفر، فإن المعاصي كما قالوا بريد الكفر، ويخاف على المكثر منها أن يكون عاقبة شؤمها المصير إلى الكفر. ويؤيده رواية أبي عوانة في مستخرجه على مسلم:"فإن كان كما قال، وإلا فقد باء بالكفر"1. "الخامس": فقد رجع بكفره، وليس الراجع حقيقة الكفر بل التكفير، كونه جعل أخاه المؤمن كافرا، فكأنه كفر نفسه، إما لأنه كفر من هو مثله، وإما لأنه كفر من لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان الإسلام. انتهى.
وقال ابن دقيق العيد في قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن دعا رجلا بالكفر وليس
1 أبو داود: السنة "4687" ، وأحمد "2/ 23".
كذلك إلا حار عليه"1 أي: رجع عليه. وهذا وعيد عظيم لمن كفر أحدا من المسلمين، وليس هو كذلك، وهي ورطة عظيمة وقع فيها خلق من العلماء اختلفوا في العقائد، وحكموا بكفر بعضهم بعضا.
ثم نقل عن الاستاذ أبي إسحاق الإسفراييني أنه قال: لا أكفر إلا من كفرني، قال: وربما خفي هذا القول على بعض الناس، وحمله على غير محمله الصحيح.
والذي ينبغي أن يحمل عليه أنه لمح هذا الحديث الذي يقتضي أن من دعا رجلا بالكفر، وليس كذلك رجع عليه الكفر، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"من قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما"2.
وكان هذا المتكلم أي أبو إسحاق يقول: الحديث دل على أنه يحصل الكفر لأحد الشخصين، إما المكفِّر؛ وإما المكفَّر، فإذا كفرني بعض الناس فالكفر واقع بأحدنا، وأنا قاطع أني لست بكافر، فالكفر راجع إليه. انتهى.
وظاهر كلام أبي إسحاق أنه لا فرق بين المتأول وغيره، والله أعلم.
وما نقله القاضي عن مالك من حمله الحديث على الخوارج موافق لإحدى الروايتين عن أحمد في تكفير الخوارج، اختارها طائفة من الأصحاب وغيرهم، لأنهم كفروا كثيرا من الصحابة، واستحلوا دماءهم وأموالهم متقربين بذلك إلى الله تعالى، فلم يعذروهم بالتأويل الباطل، لكن أكثر الفقهاء على عدم كفرهم لتأويلهم. وقالوا: من استحل قتل المعصومين، وأخذ أموالهم بغير شبهة ولا تأويل كفر. وإن كان استحلاله ذلك بتأويل كالخوارج لم يكفر، والله أعلم وأحكم.
[تكفير الشخص المعين وقتله مشروط بقيام الحجة عليه]
"المسألة الثانية": "إن تكفير الشخص المعين وجواز قتله موقوف على أن تبلغه الحجة النبوية التي يكفر من خالفها" إلخ.
يشمل كلامه من لم تبلغه الدعوة، وقد صرح بذلك في موضع آخر، ونقل ابن عقيل عن الأصحاب أنه لا يعاقب، وقال: إن عفو الله عن الذي كان يعامل، ويتجاوز
1 مسلم: الإيمان "61" ، وأحمد "5/ 166".
2 البخاري: الأدب "6104"، ومسلم: الإيمان "60"، والترمذي: الإيمان "2637"، وأبو داود: السنة "4687" ، وأحمد "2/ 18 ،2/ 23 ،2/ 44 ،2/ 47 ،2/ 60 ،2/ 105 ،2/ 112 ،2/ 113 ،2/ 142"، ومالك: الجامع "1844".
لأنه لم تبلغه الدعوة، وعمل بخصلة من الخير، واستدل لذلك بما في صحيح مسلم مرفوعا:"والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار"1. قال في شرح مسلم: خص اليهود والنصارى لأن لهم كتابا، قال: وفي مفهومه أن من لم تبلغه دعوة الإسلام فهو معذور. قال: وهذا جار على ما تقرر في الأصول "لا حكم قبل ورود الشرع على الصحيح". اهـ.
وقال القاضي أبو يعلى في قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} 2 في هذا دليل على أن معرفة الله -تعالى- لا تجب عقلا، وإنما تجب بالشرع وهو بعثة الرسل، وأنه لو مات الإنسان قبل ذلك لم يقطع عليه بالنار. اهـ. وفيمن لم تبلغه الدعوة قول آخر أنه يعاقب 3. اختاره ابن حامد، واحتج بقوله تعالى-: {أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً} 4. والله أعلم.
فمن بلغته رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وبلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة 5، فلا يعذر في عدم الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، فلا عذر له بعد ذلك بالجهل، وقد أخبر الله -سبحانه- بجهل كثير من الكفار مع تصريحه بكفرهم 6. ووصف النصارى بالجهل مع أنه لا يشك مسلم في كفرهم، ونقطع أن أكثر اليهود والنصارى اليوم جهال مقلدون، ونعتقد كفرهم وكفر من شك في كفرهم.
وقد دل القرآن على أن الشك في أصول الدين كفر، والشك هو التردد بين
1 مسلم: الإيمان "153" ، وأحمد "2/ 317 ،2/ 350".
2 سورة الإسراء آية: 15.
3 أجاب القائلون بهذا عن الآية بأن المراد بها عذاب الاستئصال لمعاندي الرسل لا عذاب الآخرة، وهو الذي يدل عليه السياق الذي وردت فيه.
4 سورة القيامة آية: 36.
5 لأن القرآن مشتمل على الحجج العقلية على ما يجب الإيمان به.
6 الكفر كله جهل، والجهل عذر للكافر الذي لم تبلغه الدعوة بالعلم، وحجة الإسلام تزيل هذا الجهل فيزول بها هذا العذر.
شيئين كالذي لا يجزم بصدق الرسول ولا كذبه، ولا يجزم بوقوع البعث ولا عدم وقوعه، ونحو ذلك كالذي لا يعتقد وجوب الصلاة، ولا عدم وجوبها، أو لا يعتقد تحريم الزنى، ولا عدم تحريمه، وهذا كفر بإجماع العلماء. ولا عذر لمن كان حاله هكذا بكونه لم يفهم حجج الله وبيناته، لأنه لا عذر له بعد بلوغها له وإن لم يفهمها 1. وقد أخبر الله عن الكفار أنهم لم يفهموا فقال:{وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} 2، وقال:{إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} 3.
فبين -سبحانه- أنهم لم يفقهوا فلم يعذرهم لكونهم لم يفهموا، بل صرح القرآن بكفر هذا الجنس من الكفار كما في قوله -تعالى-:{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} 4 الآية.
[من قال إن من عجز عن معرفة الحق بعد النظر فهو معذور بكفره]
قال الشيخ أبو محمد موفق الدين بن قدامة -رحمه الله تعالى- لما أنجز كلامه في مسألة: هل كل مجتهد مصيب أم لا؟، ورجح أنه ليس كل مجتهد مصيبا، بل الحق في قول واحد من أقوال المجتهدين. قال: وزعم الجاحظ أن مخالف ملة الإسلام إذا نظر فعجز عن درك الحق فهو معذور غير آثم 5
…
إلى أن قال: وأما ما ذهب إليه الجاحظ فباطل يقينا، وكفر بالله -تعالى- ورد عليه وعلى رسوله، فإنا نعلم قطعا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر اليهود والنصارى بالإسلام واتباعه، وذمهم على إصرارهم، وقاتل جميعهم 6 يقتل البالغ منهم. ونعلم أن المعاند العارف ممن يقل، وإنما الأكثر مقلدة
1 من لم يفهم الدعوة لم تقم عليه الحجة، وما ذكره من إجماع العلماء محله جحود المسلم الذي نشأ بين المسلمين لما ذكر ونحوه مما هو معلوم من الدين بالضرورة فلا يقبل منه دعوى الجهل.
2 سورة الأنعام آية: 25.
3 سورة الأعراف آية: 30.
4 سورة الكهف آية: 103، 104.
5 وصرح بهذا بعض الأشعرية أيضا، وسيأتي تفصيل الكلام فيه.
6 كذا في الأصل.
اعتقدوا دين آبائهم تقليدا، ولم يعرفوا معجزة لرسول صلى الله عليه وسلم وصدقه، والآيات الدالة في القرآن على هذا كثيرة كقوله تعالى-:{ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} 1، {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 2، {وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} 3، وقوله:{وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ} 4، {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} 5، {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} 6. وفي الجملة ذم المكذبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينحصر في الكتاب والسنة اهـ.
فبين رحمه الله تعالى- أنا لو لم نكفر إلا المعاند العارف لزمنا الحكم بإسلام أكثر اليهود والنصارى، وهذا من أظهر الباطل 7.
[التكفير والقتل موقوف على بلوغ الحجة وفهمها]
فقول الشيخ تقي الدين -رحمه الله تعالى-: "إن التكفير والقتل موقوف على بلوغ الحجة"، يدل كلامه على أن هذين الأمرين -وهما التكفير والقتل- ليسا موقوفين على فهم الحجة مطلقا، بل على بلوغها، ففهمها شيء، وبلوغها شيء آخر، فلو كان هذا الحكم موقوفا على فهم الحجة لم نكفر ونقتل إلا من علمنا أنه معاند خاصة، وهذا بين البطلان 8. بل آخر كلامه رحمه الله يدل على أنه يعتبر فهم الحجة في الأمور
1 سورة ص آية: 27.
2 سورة فصلت آية: 23.
3 سورة الجاثية آية: 24.
4 سورة المجادلة آية: 18.
5 سورة الأعراف آية: 30.
6 سورة الكهف آية: 103، 104.
7 من يقول إن الكافر الذي لم تبلغه الدعوة على وجه يفهمه، وتقوم به عليه الحجة معذور، لا يعني أنه يحكم بإسلامه ولا أنه غير كافر، وإنما يعني أن الله -تعالى- لا يعذبه عذاب من قامت عليه الحجة، وجحدها، ولا عذاب من تولى، وأعرض عن آياتها.
8 في هذه المسألة نظر، وقد اختلف فيها كبار علماء نجد المعاصرون في مجلس الإمام عبد العزيز بن فيصل آل سعود الملك بمكة المكرمة فكانت الحجة للشيخ عبد الله بن بليهد بأن العبرة بفهم الحجة لا بمجرد بلوغها من غير فهم، وأورد لهم نصا صريحا في هذا من كلام المحقق ابن القيم -رحمه الله تعالى- فقنعوا به. وسيأتي تحقيق المسألة في مواضع أخرى.
التي تخفى على كثير من الناس، وليس فيها مناقضة للتوحيد والرسالة كالجهل ببعض الصفات.
[مسائل من الكفر يجهلها كثير من العوام]
وأما الأمور التي هي مناقضة للتوحيد والإيمان بالرسالة فقد صرح -رحمه الله تعالى- في مواضع كثيرة بكفر أصحابها وقتلهم بعد الاستتابة، ولم يعذرهم بالجهل مع أنا نتحقق أن سبب وقوعهم في تلك الأمور إنما هو الجهل بحقيقتها، فلو علموا أنها كفر تخرج عن الإسلام لم يفعلوها 1. وهذا في كلام الشيخ -رحمه الله تعالى- كثير كقوله في بعض كتبه:"فكل من غلا بنبي أو رجل صالح، وجعل فيه نوعا من الإلهية، مثل أن يدعوه من دون الله، نحو أن يقول: يا فلان أغثني، أو اغفر لي، أو ارحمني، أو انصرني، او أجبرني، أو توكلت عليك، وأنا في حسبك وأنت حسبي، ونحو هذه الأقوال التي هي من خصائص الربوبية التي لا تصلح إلا لله، فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل"*.
وقال أيضا: "فمن جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم، كفر إجماعا".**
وقال: "من اعتقد أن زيارة أهل الذمة في كنائسهم قربة إلى الله، فهو مرتد. وإن جهل أن ذلك محرم، عُرّف ذلك، فإن أصر صار مرتدا".
…
وقال: "من سب الصحابة أو واحدا منهم، أو اقترن بسبه دعوى أن عليا إله أو نبي، أو أن جبريل غلط، فلا شك في كفر هذا، بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره".****
وقال أيضا: "من زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر، أو أنهم فسقوا، فلا ريب في كفر قائل ذلك، بل من شك في كفره فهو كافر".**** انتهى.
1 فيه أن الاستتابة تتضمن إزالة الجهل لأنها تكون بإعلام فاعل ما ينافي الإيمان بأن فعله كفر يجب عليه تركه والتوبة منه، ويجب التفريق في هذا المقام بين الكافر الأصلي الذي لم يفهم حجة الإسلام وبين المسلم الذي يفعل ما ذكر من مناقضة التوحيد والإيمان بالرسل لجهله بأنه من الإسلام. وفيه تفصيل سيأتي قريبا.
* انظر "الوصية الكبرى" ص 84 - 85، ومجموع الفتاوى 3/ 395. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
** انظر "الواسطة بين الحق والخلق" ص 124، ومجموع الفتاوى 1/ 22. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
…
انظر "مختصر الفتاوى المصرية" ص 514. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
**** انظر "الصارم المسلول" ص 586. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
[ما يعذر به الجاهل بجهله من أمور الدين واستحلال المحرمات وما لا يعذر]
فانظر كيف كفر الشاك، والشاك جاهل، فلم ير الجهل عذرًا في مثل هذه الأمور 1.
وقال رحمه الله في أثناء كلام له: "ولهذا قالوا: من عصى مستكبرًا كإبليس كفر بالاتفاق، ومن عصى مشتهيًا لم يكفر عند أهل السنة، ومن فعل المحارم مستحلًّا فهو كافر بالاتفاق
…
قال: والاستحلال اعتقاد أنها حلال 2، وذلك يكون تارة باعتقاد أن الله لم يحرمها، وتارة بعدم اعتقاد أن الله حرمها، وهذا يكون لخلل في الإيمان بالربوبية أو الرسالة، ويكون جحدًا محضًا غير مبني على مقدمة، وتارة يعلم أن الله حرمها ثم يمتنع من التزام هذا التحريم ويعاند فهذا أشد كفرًا ممن قبله". انتهى.*
1 علماء الأمة متفقون على أن الجهل بأمور الدين القطعية المجمع عليها التي هي معلومة منه بالضرورة كالتوحيد، والبعث وأركان الإسلام وحرمة الزنى والخمر ليس بعذر للمقصر في تعلمها مع توفر الدواعي. وأما غير المقصر كحديث العهد بالإسلام، والذي نشأ في شاهق جبل مثلا أي حيث لا يجد من يتعلم منه، فهو معذور. وهم متفقون أيضا على عذر العوام بجهل المسائل الاجتماعية غير المعلومة بالضرورة، ويمثلون بها في الكتب المختلفة بكون بنت الابن إذا وجدت مع بنت الصلب فإنها ترث الثلث تكملة للثلثين في قوله -تعالى- "فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك"، وهذا التفصيل هو الذي يظهر به كلام شيخ الإسلام في المواضع المختلفة، وفي معناه ما يذكره المؤلف قريبا من نص السلف والأئمة وما ذكرناه أوضح.
2 هذا التفسير للاستحلال هو الذي تلقيناه عن المشايخ فيكون داخلا في عموم عدة المذكورة آنفا فيما يعذر بجهله، وما لا يعذر وهو قسمان فقط: عدم اعتقاد الحكم أو اعتقاد خلافه. وأما القسم الثالث وهو عدم التزام التحريم مع العلم به فلا يدخل في التفسير المذكور للاستحلال، ولكنه هو المعنى المتبادر منه فيما يعد كفرا مطلقا. فالمستحل للحرام الذي أطلقوا القول بكفره هو من يعلم أنه حرام، ولا يذعن لما جاء به الشرع من تحريمه. وشرط صحة الإيمان الذي هو الاعتقاد: الإذعان النفسي الذي هو مفهوم الإسلام وهو الذي يقتضي العمل عند عدم المانع. وأما الاستحلال بالمعنى الأول فلا يعد كفرا مطلقا، بل هو جهل يزول بالعلم. والمتأول به لما يحتمل التأويل معذور باتفاق العلماء، ومنه ما يأتي قريبا من استحلال بعض الصحابة الخمر للمؤمن الصالح التقي.
* انظر "الصارم المسلول" ص 521. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
وكلامه رحمه الله في مثل هذا كثير، فلم يخص التكفير بالمعاند مع القطع بأن أكثر هؤلاء جهال لم يعلموا أن ما قالوه، أو فعلوه كفر، فلم يعذروا بالجهل في مثل هذه الأشياء، لأن منها ما هو مناقض للتوحيد الذي هو أعظم الواجبات، ومنها ما هو متضمن معارضة الرسالة ورد نصوص الكتاب والسنة الظاهرة المجمع عليها بين علماء السلف.
وقد نص السلف والأئمة على تكفير أناس بأقوال صدرت منهم مع العلم أنهم غير معاندين، ولهذا قال الفقهاء -رحمهم الله تعالى-: من جحد وجوب عبادة من العبادات الخمس، أو جحد حل الخبز ونحوه، أو جحد تحريم الخمر ونحوه، أو شك في ذلك ومثله لا يجهله كفر، وإن كان مثله يجهله عُرف ذلك، فإن أصر بعد التعريف كفر وقتل، ولم يخصوا الحكم بالمعاند.
وذكروا في باب حكم المرتد أشياء كثيرة -أقوالا وأفعالا- يكون صاحبها بها مرتدا، ولم يقيدوا الحكم بالمعاند.
وقال الشيخ أيضًا: "لما استحل طائفة من الصحابة والتابعين الخمر كقدامة وأصحابه، وظنوا أنها تباح لمن آمن وعمل صالحًا على ما فهموه من آية المائدة 1، اتفق علماء الصحابة كعمر وعلي وغيرهما على أنهم يستتابون، فإن أصروا على الاستحلال كفروا، وإن أقروا به جلدوا، فلم يكفروهم بالاستحلال ابتداء لأجل الشبهة حتى يبين لهم الحق، فإن أصروا كفروا".*
وقال أيضًا: "ونحن نعلم بالضرورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأمته أن يدعوا أحدًا 2 من الأحياء والأموات -لا الأنبياء ولا غيرهم- لا بلفظ الاستغاثة ولا بلفظ الاستعانة ولا بغيرهما، كما أنه لم يشرع لهم السجود لميت ولا إلى ميت
1 يعني آية {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات} إلخ.
* من "الرد على البكري" 2/ 492 - 493. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
2 يعني دعاء العبادة، وهو طلب ما لا يقدر عليه الناس بكسبهم المراد بقوله -تعالى-:{فلا تدعوا مع الله أحدًا} .
ونحو ذلك. بل نعلم أنه نهى عن ذلك كله، وأنه من الشرك الذي حرمه الله ورسوله، لكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين، لم يمكن تكفيرهم بذلك حتى يبين لهم ما جاء به الرسول". انتهى.*
فانظر إلى قوله: "لم يمكن تكفيرهم حتى يبين لهم ما جاء به الرسول"، ولم يقل حتى يتبين لهم 1 وتتحقق منهم المعاندة بعد المعرفة.
وقال أيضا لما أنجز كلامه في ذكر ما عليه كثير من الناس من الكفر والخروج عن الإسلام قال: "وهذا كثير غالب لا سيما في الأعصار والأمصار التي تغلب فيها الجاهلية والكفر والنفاق، فلهؤلاء من عجائب الجهل والظلم والكذب والكفر والنفاق والضلال ما لا يتسع لذكره المقال.
وإذا كان في المقالات الخفية فقد يقال: إنه فيها مخطيء ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها، لكن ذلك يقع في طوائف منهم في الأمور الظاهرة التي يعلم الخاصة والعامة من المسلمين أنها من دين الإسلام، بل اليهود والنصارى والمشركون يعلمون أن محمدا صلى الله عليه وسلم بعث بها وكفر من خالفها، مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه عن عبادة أحد سوى الله من الملائكة والنبيين أو غيرهم، فإن
* انظر "الرد على البكري" 2/ 731. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
1 في هذا أن الله -تعالى- قال: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم} والدعوة الصحيحة إنما تكون بالآيات والبينات، والغرض من بيان الآيات أن تتبين لمن توجه إليهم كما قال -تعالى-:{سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق} . وهذه المسائل التي قال فيها شيخ الإسلام أن الجاهل لها لا يمكن الحكم بكفره فيها "حتى يبين له ما جاء به الرسول" لا يحتاج المسلم الجاهل في تبينها إلا إلى بيانها. أعنى أنه لما كان مؤمنا برسالة الرسول كان مقتضى هذا الإيمان أن يقبل كل ما علم أنه من الدين الذي جاء به، ولا يتحقق بيانه إلا بما يفهمه بحسب لغته ودرجة فهمه، فذكر النص العربي للجاهل العجمي لا يعد بيانا له، وكذلك ذكره للعربي العامي بألفاظ غريبة، أو اصطلاحية لا يفهمها.
هذا أظهر شعائر الإسلام، ومثل معاداة اليهود والنصارى والمشركين، ومثل تحريم الفواحش والربا والخمر والميسر ونحو ذلك، ثم تجد كثيرا من رؤوسهم وقعوا في هذه الأنواع فكانوا مرتدين، وإن كانوا قد يتوبون من ذلك أو يعودون
…
إلى أن قال:
وبلغ من ذلك أن منهم من يصنفون في دين المشركين والردة عن الإسلام كما صنف الرازي كتابه في عبادة الكواكب، وأقام الأدلة على حسن ذلك ومنفعته، ورغب فيه 1، وهذه ردة عن الإسلام باتفاق المسلمين، وإن كان قد يكون تاب عنه وعاد إلى الإسلام". انتهى.*
فانظر إلى تفريقه بين المقالات الخفية والأمور الظاهرة، فقال في المقالات الخفية التي هي كفر قد يقال: إنه فيها مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها، ولم يقل ذلك في الأمور الظاهرة.
فكلامه ظاهر في الفرق بين الأمور الظاهرة والخفية، فيكفر بالأمور الظاهر حكمها مطلقا، وبما يصدر منها من مسلم جهلا، كاستحلال محرم، أو فعل، أو قول شركي بعد التعريف، ولا يكفر بالأمور الخفية جهلا كالجهل ببعض الصفات فلا يكفر الجاهل بها مطلقا 2 وإن كان داعية، كقوله للجهمية: أنتم عندي لا تكفرون
1 في طبقات السبكي إنكار نسبة هذا الكتاب إليه.
* مجموع الفتاوى 18/ 53 - 55. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
2 الأقسام التي ذكرها ثلاثة "الأول": ما يكفر به مطلقا ولا يعذر بجهله، وهو ما عبر بالأمور الظاهر حكمها، وعبر عنه المحققون بالأمور المعلومة من الدين بالضرورة المجمع عليها، واستثنوا من عموم الإطلاق قريب العهد بالإسلام، ومن نشأ بعيدا عن المسلمين الذين يمكنه التعلم منهم، ومنه أن تقنع رجلا كافرا في بلاد الكفر بتوحيد الله ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به من البعث والجزاء. ويموت قبل أن تتمكن من تعليمه شرائع الإسلام، أو تعلمه بعضها كالصلاة والصيام دون بعض، وتتركه، وتسافر من بلاده، فهو يعذر بجهل ما لم يعلمه من الضروريات الأخرى =
لأنكم جهال، وقوله "عندي" يبين أن عدم تكفيرهم ليس أمرا مجمعا عليه لكنه اختياره. وقوله في هذه المسألة خلاف المشهور في المذهب، فإن الصحيح من المذهب تكفير المجتهد الداعي إلى القول بخلق القرآن، أو نفي الرؤية، أو الرفض، ونحو ذلك، وتفسيق المقلد.
[وجوب الاحتياط في التكفير وقصره على ما اتفق عليه]
قال المجد ابن تيمية رحمه الله: الصحيح أن كل بدعة كفرنا فيها الداعية، فإنا نفسق المقلد فيها، كمن يقول بخلق القرآن، أو أن علم الله مخلوق، أو أن أسماءه مخلوقة، أو أنه لا يرى في الآخرة، أو يسب الصحابة تدينا، أو أن الإيمان مجرد الاعتقاد، وما أشبه ذلك، فمن كان عالما في شيء من هذه البدع يدعو إليه ويناظر، عليه فهو محكوم بكفره. نص أحمد على ذلك في مواضع. انتهى.
فانظر كيف حكموا بكفرهم مع جهلهم، والشيخ 1 رحمه الله يختار عدم كفرهم، ويفسقون عنده.
ونحوه قول ابن القيم -رحمه الله تعالى- فإنه قال: وفسق الاعتقاد كفسق أهل البدع الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويحرمون ما حرم الله، ويوجبون
= إلى أن يتمكن من تعلمها إن علم أن هنالك أمورا أخرى لا بد له من العلم والإيمان بها. "الثاني": ما لا يكفر بجهله مطلقا، وهو الأمور الخفية من الدين، ويقال باصطلاح جمهور العلماء هي ما ليس مجمعا عليه ولا معلوما من الدين بالضرورة كالمسائل التي اختلف فيها أئمة المسلمين من تفويض وتأويل. "الثالث": ما لا يكفر به إذا فعله جاهلا إلا بعد إعلامه بحكم الله فيه، وهو المجمع عليه مما يجب عليه وجوبا عينيا بنص قطعي، وتعرض فيه الشبهة وسوء الفهم كمسألة استحلال الخمر المتقدمة، ومسألة الأعرابي الذي فهم من الخيط الأبيض والخيط الأسود في آية الصيام ظاهر اللفظ، فأعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد بهما الليل والنهار، وهنالك قسم رابع وهو المسائل الاجتهادية التي ليس فيها نص قطعي الرواية والدلالة. فهذه يعذر فيها كل مجتهد باجتهاده.
1 يعني شيخ تقي الدين ابن تيمية. وقاعدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عدم التكفير بما اختلف فيه العلماء فهو على رأي الشيخ تقي الدين في هذه المسألة.
ما أوجب الله، ولكن ينفون كثيرا مما أثبت الله ورسوله جهلا وتأويلا وتقليدا للشيوخ، ويثبتون ما لم يثبته الله ورسوله كذلك، وهؤلاء كالخوارج المارقة وكثير من الروافض والقدرية والمعتزلة وكثير من الجهمية الذين ليسوا غلاة في التجهم.
وأما غلاة الجهمية فكغلاة الرافضة 1 ليس للطائفتين في الإسلام نصيب، ولذلك أخرجهم جماعة من السلف من الثنتين والسبعين فرقة، وقالوا: هم مباينون للملة. انتهى.
وبالجملة فيجب على من نصح نفسه أن لا يتكلم في هذه المسألة إلا بعلم وبرهان من الله، وليحذر من إخراج رجل من الإسلام بمجرد فهمه، واستحسان عقله، فإن إخراج رجل من الإسلام، أو إدخاله فيه أعظم أمور الدين، وقد كفينا بيان هذه المسألة كغيرها بل حكمها في الجملة أظهر أحكام الدين.
فالواجب علينا الاتباع وترك الابتداع، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم، وأيضا فما تنازع العلماء في كونه كفرا، فالاحتياط للدين التوقف وعدم الإقدام ما لم يكن في المسألة نص صريح عن المعصوم صلى الله عليه وسلم.
وقد استزل الشيطان أكثر الناس في هذه المسألة فقصر بطائفة، فحكموا بإسلام من دلت نصوص الكتاب والسنة والإجماع على كفره، وتعدى بآخرين، فكفروا من حكم الكتاب والسنة مع الإجماع بأنه مسلم.
ومن العجب أن أحد هؤلاء لو سئل عن مسألة في الطهارة أو البيع، لم يفت بمجرد فهمه واستحسان عقله، بل يبحث عن كلام العلماء ويفتي بما قالوه، فكيف
1 غلاة الجهمية ينكرون جميع صفات الله -تعالى- الوجودية المنصوصة في القرآن بتأويلات تتبرأ منها اللغة، وغلاة الرافضة هم الباطنية الذين ذهبوا إلى أن باطن الإسلام المقصود بالذات هو غير ظاهره الذي تناقله المسلمون بالعلم والعمل عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأن الباطن الذي هو الحق يجب تلقيه عن أئمتهم المعصومين.