الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة فيما يدلي به العاصب من الورثة وما لا يدلي
من حمد بن ناصر إلى الأخ المكرم محمد بن عبد الوهاب بن صالح قاضي بلد الرياض في آخر وقت الدرعية.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد: وصل خطك -وصلك الله إلى رضوانه-، وتسأل عن معنى بيت الجعبري حيث قال:
وبالجهة التقديم ثم بقربه
…
وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا
فاعلم أنه إذا اجتمع عصبة، فتارة يستوون في الدرجة والجهة والقوة أو لا، فإن استووا فيما ذكرنا اشتركوا في المال، وفيما أبقت الفروض، وإن لم يستووا في ذلك حجب بعضهم بعضا.
والجهات سبع: البنوة، ثم بعدها الأبوة، ثم الجدودة والأخوة عند من يقول: إن الإخوة يشاركون الجد، ثم بنو الإخوة، ثم العمومة ثم الولاء، ثم بيت المال. إذا فهمت ذلك فإذا اجتمع عاصبان، فمن كانت جهته مقدمة فهو المقدم، وإن بَعُدَ على من كانت جهته مؤخرة، فإذا اجتمع ابن ابن أخ شقيق أو لأب فهو مقدم على ابن العم، وهذا معنى قول الجعبري -رحمه الله تعالى-:"فبالجهة التقديم" فإن كانوا في الجهة سواء، فالقريب درجته هو المقدم كالابن يُقَدَّمُ على ابن الابن.
وكذلك لو اجتمع ابن أخ لأب مع ابن ابن أخ شقيق، فابن الأخ للأب يقدم على ابن ابن الأخ الشقيق النازل بالإجماع؛ لأن الأول أقرب، ومعنى قول الجعبري -رحمه الله تعالى-:"ثم بقربه" إذا اجتمع عاصبان من جهة واحدة، وكان أحدهما أقرب درجة، فلا شيء للبعيد كما مثَّلته لك، فإن استووا في الجهة والدرجة، وكان أحدهما أقوى -وهو الذي يدلي بقرابتين- فهو المقدم على المدلي بقرابة واحدة.
مثاله: إذا اجتمع أخ شقيق وأخ لأب فقد استويا في الجهة والدرجة، فالشقيق هو المقدم. وهذا هو معنى قول الجعبري: * وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا * يعني: أن ذا القرابتين يُقَدَّمُ على ذي القرابة الواحدة إذا استويا في الجهة والدرجة.
[طريقة قسمة المواريث]
وحاصل الأمر: أن الابن يُقَدَّمُ على ابن الابن، وأن ابن الابن مقدم على الأب في العصب، والأب مقدم على الجد مطلقا، والأب مقدم على الأخ الشقيق، والأخ الشقيق مقدم على الأخ للأب، والأخ للأب مقدم على ابن الأخ الشقيق، وابن الأخ الشقيق مقدم على ابن الأخ للأب، والأخ للأب مقدم على ابن الأخ الشقيق الذي هو أنزل منه، وبنو الإخوة الأشقاء أو لأب مقدمون على العمومة، فلا يرث العم مع ابن الأخ سواء كان ابن أخ شقيق أو لأب وإن نزل، والعم للأب لا يرث مع العم الشقيق، والعم للأب يقدم على ابن العم الشقيق؛ لأنه أقرب، وابن العم الشقيق يقدم على ابن العم للأب؛ لأنه أقوى.
وأما قولك: ما معنى التماثل والتناسب، فاعلم أنه إذا كان الكسر على أكثر من فريق، ونظرت بين كل فريق وسهامه، ثم نظرت بين الرءوس والرءوس، فإنه لا يخلو من أربع أحوال:
إما أن تجد بين الرءوس والرءوس مماثلة، ومعنى المماثلة هنا: المساواة في العدد كثلاثة وثلاثة، وخمسة وخمسة، وستة وستة، فهذا المماثلة، وحكمه كما قال الناظم: * فخذ من المماثلين واحدًا * فإذا وجدت رؤساء متماثلة في العدد، فخذ رءوس أحدهما واكتفِ به، فإن لم تجد بين الرءوس والرءوس مماثلة، فانظر هل تجد بينهما مناسبة، والمناسبة هي المداخلة، ومعناها أن الأصغر يدخل في الأكبر، فإذا سلطته عليه أفناهُ من غير زيادة ولا نقصان، وذلك كاثنين وأربعة، واثنين وثمانية، أو خمسة وعشرة، وثلاثة وتسعة، هذا هو معنى المناسبة، وحكمه كما قال الناظم: * وخذ من المناسبين الزائد * يعني: العدد الأكبر خذه واكتفِ به عن الأصغر، فإن لم تجد بينهما مماثلة