الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسالة أدبية، سياسية صوفية
فيها الإشارة إلى ما حدث للمسلمين من العقاب بذنوبهم
(وما يجب عليهم في هذا المشهد من التوبة عن السيئات، وما فوقه من مشهد الأسماء والصفات)
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى الابن المكرم المحب المفهم: محمد بن عمر بن سليم، سلك الله بنا وبه الصراط المستقيم، ومنَّ علينا وعليه بمخالفة أصحاب الجحيم، ورفع درجتنا ودرجته في جنات النعيم.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما تعاقبت غدوات الدهر وروحاته، سلام ألذ من نسيم الصبا، وأبهى من رونق الصبى. وموجب الخط إبلاغ السلام والتحية، وتفقد تلك الشمائل المرضية، لا زالت محروسة بعين الرعاية الربانية. والخط وصل لا زلت موصولا بنفحات القرب والمحبوبية، محفوظا بألطاف الله الخفية والجلية، وسرنا ما أفاده من الأخبار السارة عن تلك الذات -أدام الله سرورها، ورد أيام أنسها وحبورها-، وصار له عند المحب موقع كريم، بما تضمن من الدعوات والنصائح، جعلك الله ممن يدرأ القبائح والفضائح، ويعمل بالحق ويوصي باتباعه، ويبثه في إخوانه وأشياعه.
وما أشرت إليه من أسباب ما حدث بالإسلام وأهله، وأنه من عقوبات الذنوب، فنعم هو ذاك، كما أخبر به سبحانه وتعالى في كتابه المبين، على لسان نبيه الأمين. وهذا المشهد يوجب للعبد من التوبة والإنابة، وتدارك ما فرط من الشر وأسبابه ما يطهره من دنس الذنوب والعيوب، ويستقيل به عثراته وهفواته بين يدي علام الغيوب.
وفوقه مشهد أكبر منه وأجلُّ، وهو مشهد الأسماء الحسنى، والصفات العلى، فيشهد عزته ولطفه ورحمته وعفوه وقيوميته وجبروته وانتقامه، وما يبدئ ويعيد، وما يقدر ويريد؛ وهذا المشهد من أجلِّ مشاهد التوحيد، ومنه يطلع العبد على أسرار القدر والقضاء، ويدرك به من حقائق الإيمان ونفحات الرضاء، ما يتبوأ به منازل الصديقين، ويرى الحوادث الكونية قبل وقوعها من وراء ستر رقيق. فنسأل الله أن يجعل لنا ولكم نصيبا وافرا، وحظا كاملا من العلم به، وحسن عبادته ومعاملته، وأن لا يجعلنا ممن اتبع هواه وكان أمره فرطا.
وما ذكرته من الوصايا النافعة باجتماع المسلمين ولم شعثهم، فنسأل الله التوفيق لذلك، والإعانة على ما هنالك. والأمور بيد فاطر السموات والأرض، والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن، وقد وصل الأمر إلى غاية لا يصل إليها الوعظ والقرآن، فنعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
والعذر عن المكاتبة مقبول، والقلوب شواهد عدول، والدعاء للإخوان بظهر الغيب مبذول، فلا تنس أُخَيّك في أوقات المناجاة وفي ساعات التوجهات، وعليك بالإلحاح في الدعاء بظهور الإسلام ونصره، وإعلاء كلمة الله، ودحض الباطل وأهله. والله أسأل أن يمن بالاجتماع على حال يرضاها، متمسكين من التقوى بأقوى حبالها وعراها، وأن يعيد أوقاتا سلفت بمذاكرة العلم الشريف ألفت. وبلغ سلامنا الوالد والأبناء والإخوان: سهل وعبد العزيز الصقعبي وابن جربوع وناصر السيف، ومن لدينا: العيال وإسماعيل وإخوانه والإخوان ينهون السلام، وأنت سالم والسلام سنة 1291.