الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قد عارضه ما هو أقوى منه؟ فإذا فعل ذلك، وعرف مذاهب العلماء في المسألة تبين له حينئذ، هل الحديث محكم صحيح، أو منسوخ، أم قد عارضه ما هو أقوى منه عند أهل العلم؟ هذا إذا كان الإنسان من أهل المعرفة بهذا الحديث وكلام العلماء. فإذا وجد حديثا مشهورا عند أهل العلم، محكوما بصحته أو حسنه، ولم يعلم له ناسخا، ولا معارضا أقوى منه، وقد أخذ بعض العلماء من أهل المذاهب المشهورة به تعين عليه العمل بالحديث إذا كان قد سبقه من أهل العلم من يقتدى به، ولو خالف مذهبه الذي ينسب إليه.
وأما إذا كان الرجل ليس له معرفة بالحديث، وكلام العلماء، وترجيح الأقوال، فإنما وظيفته تقليد أهل العلم. قال الله -تعالى-:{فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} 1 والله سبحانه وتعالى أعلم.
والذي نشير به عليك أنك تسافر إلينا، ونتواجه نحن وإياك، وتواجه أمير المؤمنين، ونعرف حالك، وتصبر على تحمل المشقة في ذلك، فإنه خير لك وأحسن عاقبة إن شاء الله. وسلم لنا على الوالد وإخوانك من أهل الدين، وكاتبه أحمد بن ناصر بن معمر يبلغك السلام، ثم أنت في حفظ الله وأمانه.
[رسائل للشيخ عبد الرحمن بن حسن]
(وجوب جهاد أهل الفساد ودفع فسادهم في الدين)
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الرحمن بن حسن إلى كافة الإخوان، سلمهم الله من شرور الدنيا والآخرة، ووفقنا الله وإياهم للتجارة الفاخرة.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. "وبعد": فاعلموا، وفقنا الله وإياكم لشكر ما أنعم به عليكم من نعمة الإسلام، والاجتماع على ذلك، وجهاد من خرج عنه من أهل الجهل والفساد، الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وقد أوجب الله جهادهم
1 سورة النحل آية: 43.
دفعا لعنادهم وخروجهم عن جماعة المسلمين، والسمع والطاعة لمن ولاه الله أمرهم، كما قال -تعالى-:{وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} 1.
ومن فضله عليكم اجتماعكم وجهادكم لأهل الفساد، ولولا الجهاد لأفسدوا عليكم دينكم ودنياكم، وأنتم ولله الحمد على ملة الإسلام، تعبدون ربكم، وتوحدونه، وتعملون بفرائضه، وتأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر.
ومن أعظم الشكر: الجهاد الذي أوجبه الله في كتابه العزيز، قال -تعالى-:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} 2 الآية، وقال -تعالى-:{فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ} 3 الآية، وقال -تعالى-:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} 4 الآية.
والإيمان بالله ورسوله، والجهاد في سبيله بالمال والنفس هو التجارة المنجية من شرور الدنيا والآخرة الموجبة لخير الدنيا والآخرة، كما قال -تعالى-:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} 5 الآيات.
فبشركم ربكم، فاقبلوا هذه البشارة، وامتثلوا أمره، وجاهدوا أهل الفساد، وارغبوا في ثواب الجهاد في سبيل الله.
وفي الحديث: "غدوة في سبيل الله، أو روحة خير من الدنيا وما فيها"6. ولا تفرطوا في الغدوات والروحات فتضيع عليكم، وفي الحديث: "الجهاد باب من أبواب الخير ينجي الله به من الهم والغم، وخير المال ما أنفق فيه، وخير الأيام أيام المجاهدين" لأن المجاهد في حسنات تكتب له في يقظته ونومه، وفي سيره ومقامه.
فارغبوا في هذا الخير الذي رغب فيه ربكم، وابذلوا فيه المال والنفس. وأفضل المجاهدين من جاهد بنفسه وماله.
وما عذر ربنا عن الجهاد إلا الأعمى والأعرج والمريض، كذلك الذين لا يجدون ما ينفقون إذا نصحوا لله ورسوله، والنصيحة لله ولدينه واجبة على المعذور وغيره. وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
1 سورة البقرة آية: 251.
2 سورة البقرة آية: 216.
3 سورة النساء آية: 84.
4 سورة الحج آية: 40.
5 سورة الصف آية: 13.
6 البخاري: الجهاد والسير "2792"، ومسلم: الإمارة "1880"، والترمذي: فضائل الجهاد "1651"، وابن ماجه: الجهاد "2757 ،2824" ، وأحمد "3/ 132 ،3/ 141 ،3/ 153 ،3/ 157 ،3/ 207 ،3/ 263".