الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجوب صلاة الجمعة على أهل القرى
والعدد الذي تنعقد به جماعتها
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى الأخ المكرم الشيخ عبد العزيز بن حسن -سلمه الله تعالى-.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد: فأحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو على نعمه، وخطك وصل، وتأخر جوابه لكثرة الاشتغال، وتشتت البال، والله المستعان.
وتسأل فيه عن وجوب صلاة الجمعة على أهل القرى الذين لم يبلغ العدد فيهم أربعين من أهل الوجوب؟
فاعلم أنهم اتفقوا على أن من شرط وجوبها وصحتها الجماعة، واختلفوا في مقدار الجماعة، فمنهم من قال: واحد والإمام، وهذا مذكور عن ابن جرير الطبري. ومنهم من قال: اثنان سوى الإمام لأن أقل الجمع عنده اثنان. ومنهم من قال: ثلاثة دون الإمام، وقائل هذا يرى أن أقل الجمع ثلاثة لا اثنان. والكلام مبسوط على أقل الجمع في شرح التحرير وغيره. والقول الأخير هو قول أبي حنيفة. ومنهم من اشترط أربعين، وهو قول الشافعي وأحمد. وقال قوم: ثلاثين. ومنهم من قال: يجوز فيما دون الأربعين إلا الثلاثة والأربعة، ولم يشترط عددا، وإنما ذكر حدا أورده، وهو أنه لا تجب إلا على عدد تتقرى بهم قرية. وأصحاب القولين الأولين أخرجوا الإمام من مسمى الجمع للاختلاف في دخوله في الجماعة، وأصحاب القول الأخير يقولون: الجمع في غالب الأحوال له حكم غير ما يطلق عليه اسم الجمع في جميعها، بل هم الذين يممكنهم أن يسكنوا على حدة من الناس، وهذا يروى عن
مالك؛ ويروى عنه أيضا: اشتراط اثنا عشر من أهل الوجوب، وكلا القولين معروف. ومن شرط الأربعين كالشافعي وأحمد وجماعة من السلف، فإنما صاروا إلى ما صح من أن هذا العدد كان في أول جمعة صليت بالناس، فهذا هو حد شرطها، أعني شرط الوجوب وشرط الصحة؛ فإن من الشروط ما هو شرط للوجوب فقط، ومنها ما يجمع الأمرين.
واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذا الشرط للوجوب فقط، لا للصحة. وهذا من أحسن الأقوال، وبه يتفق غالب كلام المختلفين.
إذا عرف هذا، فإنهم اختلفوا أيضا في الأحوال الراتبة التي اقترنت بهذه الصلاة عند فعله إياها صلى الله عليه وسلم. هل هي شرط في الصحة والوجوب أم ليست بشرط؟ وتلك كالجماعة والمصر والاستيطان. فمن رآه دليلا اشترطها، ومنهم من رجح بعضها دون بعض، واشترطه في المرجح لا غير. وبعضهم لم يرها دليلا، ورجع في الاشتراط والوجوب إلى أدلة أخرى لعموم الجماعة في سائر الصلوات.
ولقائل أن يقول: لو كانت هذه الأحوال شروطا في صحة الصلاة لما جاز أن يسكت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يترك بيانها لقوله تعالى:{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} 1.
هذا ما يحضرني، فإن رأيت خللا، فلا جناح عليك في إصلاحه. وصدقة المحمل 2 تصل إليك إن شاء الله، فعليك بتحري العدل في القسمة، وبلغ سلامنا حمد والعيال والشيخ الوالد، والعيال بخير وينهون السلام.
1 سورة النحل آية: 44.
2 قسم من بلاد نجد إلى جنب العارض.