الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسئلة عن أحاديث غير صحيحة وأجوبتها
بسم الله الرحمن الرحيم
[حديث "لو أن أحدكم أدلى بحبل"]
سئل الشيخ علامة العصر، ونادرة الدهر، عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين -رحمة الله علينا وعليه آمين- عن حديث:"لو أن أحدكم أدلى بحبل لهبط على الله"1.
فأجاب: حديث: "لو أن أحدكم أدلى بحبل لهبط على الله"2 رواه الترمذي من رواية الحسن عن أبي هريرة. وللشيخ تقي الدين رحمه الله على هذا الحديث كلام طويل، قال:"فإن كان ثابتا 3 فقوله: "لو أن أحدكم أدلى بحبل لهبط على الله"4 إنما هو تقدير مفروض أي: لو وقع الإدلاء لوقع عليه، لكنه لا يمكن أن يدلي أحد على الله سبحانه وتعالى شيئا لأنه عال بالذات. وإذا هبط شيء إلى جهة الأرض وقف في المركز من الجزء
…
" إلى أن قال: "فكما أن ما يهبط إلى جوف الأرض يمتنع صعوده إلى تلك الناحية لأنها عالية، فترد الهابط بعلوها، كما أن الجهة العليا من عندنا ترد ما يصعد إليها من الثقيل، فلا يصعد الثقيل إلا برافع يرفعه يدافع به ما في قوته من الهبوط، فكذلك ما يهبط من أعلى الأرض إلى أسفلها وهو المركز، لا يصعد من هناك إلى ذلك الوجه إلا برافع يرفعه يدافع به ما في قوته من الهبوط إلى المركز.
فإن قدر أن الرافع أقوى كان صاعدا به إلى الفلك من تلك الناحية، وصعد به إلى الله، وإنما يسمى هبوطا باعتبار ما في أذهان المخاطبين من أن ما يحاذي أرجلهم يكون هابطا، ويسمى هبوطا مع تسمية إهباطه إدلاء.
وهو إنما يكون إدلاء حقيقيا إلى المركز، ومن هناك إنما يكون مدا للحبل والدلو، لا إدلاء له، ولكن الجزء والشرط مقدران لا محققان، فإنه قال:"لو أدلى لهبط"، أي: لو
1 الترمذي: تفسير القرآن "3298" ، وأحمد "2/ 370".
2 الترمذي: تفسير القرآن "3298" ، وأحمد "2/ 370".
3 يعني أن الحديث ليس بثابت في نفسه؛ لأن سنده غير صحيح، ومتنه غير معقول، وإنما هو مفروض كما يفرض المحال، وكلام شيخ الإسلام فيه تراه في كتابه في العرش.
4 الترمذي: تفسير القرآن "3298" ، وأحمد "2/ 370".
فرض أن هناك إدلاء لفرض أن هناك هبوطا، وهو يكون إدلاء وهبوطا إذا قدر أن السموات تحت الأرض، وهذا منتف. ولكن فائدته بيان الإحاطة والعلو من كل جانب، وهذا المفروض ممتنع في حقنا، لا نقدر عليه فلا يتصور أن ندلي، فلا يتصور أن يهبط على الله شيء، لكن الله قادر على أن يخرق من هناك بحبل لكن لا يكون في حقه إدلاء، فلا يكون في حقه هبوط عليه، كما لو خرق بحبل من القطب إلى القطب، أو من مشرق الشمس إلى مغربها، وقدرنا أن الحبل مر في وسط الأرض فإن الله قادر على ذلك كله
…
" إلى أن قال:
"فعلى كل تقدير قد خرق بالحبل من جانب المحيط إلى جانبه الآخر مع خرق المركز، وبتقدير إحاطة قبضته بالسموات والأرض، فالحبل الذي قدر أنه خرق به العالم وصل إليه، ولا يسمى شيئا بالنسبة إليه لا إدلاء ولا هبوطا، وأما بالنسبة إلينا فإن ما تحت أرجلنا تحت لنا، وما فوق رؤوسنا فوق لنا. وما ندليه من ناحية رؤوسنا إلى ناحية أرجلنا نتخيل أنه هابط، فإذا قدر أن أحدنا أدلى بحبل كان هابطا على ما هنالك، لكن هذا التقدير ممتنع في حقنا.
والمقصود به بيان إحاطة الخالق -تعالى-، كما بين أنه يقبض السموات، ويطوي الأرض ونحو ذلك مما فيه بيان إحاطته بالمخلوقات، ولهذا قرأ في تمام هذا الحديث {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} 1.
وهذا كله كلام على تقدير صحته، فإن الترمذي لما رواه قال: وفسر بعض أهل العلم بأنه هبط على علم الله".
ثم قال الشيخ: "وتأويله بالعلم تأويل ظاهر الفساد، قال: وبتقدير ثبوته يكون دالا على الإحاطة، والإحاطة قد علم أن الله قادر عليها، وعلم أنها تكون يوم القيامة بالكتاب والسنة. فليس في إثباتها في الجملة ما يخالف العقل ولا الشرع، لكن لا نتكلم إلا بما نعلم، وما لم نعلم أمسكنا عنه".*
1 سورة الحديد آية: 3.
* الرسالة العرشية ص 27 - 29، وهي في مجموع الفتاوى 6/ 571 - 574. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]