الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الآيات في التوحيد الذي دعت إليه كل الأنبياء)
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الرحمن حسن إلى الإخوان من أهل القصيم،
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. "وبعد":
[توحيد العبادة]
اعلموا -وفقنا الله وإياكم لمعرفة العلم النافع والعمل به-، تفهمون أن الله -سبحانه- منَّ على أهل نجد بتوحيده بالعبادة، وترك عبادة ما سواه، وهذه نعمة عظيمة خص الله أهل نجد بالقيام فيها من الخاصة على العامة، لكن ما عرف قدرها. والغفلة ذمها الله في كتابه، وذكر أنها صفة أهل النار، نعوذ بالله من النار بقوله:{أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} 1.
وذم أهل الإعراض بقوله: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} 2 وذكره هو القرآن، ولا تعرفون العبادة التي خلقكم الله لها إلا من القرآن. والقرآن من أوله إلى آخره يبين لكم كلمة الإخلاص: لا إله إلا الله. ولا يصح لأحد إسلام إلا بمعرفة ما دلت عليه هذه الكلمة من نفي الشرك في العبادة، والبراءة منه وممن فعله، ومعاداته، وإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، والموالاة في ذلك.
فمن الآيات التي بين الله -تعالى- فيها هذه الكلمة قوله -تعالى-: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} 3 وهي: لا إله إلا الله.
وقد افتتح قوله بالبراءة مما كان يعبده المشركون عموما، ولم يستثن إلا الذي فطره، وهو الله -تعالى- الذي لا يصلح شيء من العبادة إلا له.
ونوع تعالى البيان لمعنى هذه الكلمة في آيات كثيرة يتعذر حصرها، كقوله -تعالى-:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ} 4، والكلمة هي: لا إله إلا الله بالإجماع، ففسرها بقوله:{سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} 5 أي: نكون
1 سورة الأعراف آية: 179.
2 سورة طه آية: 124.
3 سورة الزخرف آية:26: 28.
4 سورة آل عمران آية: 64.
5 سورة آل عمران آية: 64.
فيها سواء، علما وعملا وقبولا وانقيادا. فقال:{أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} 1: فنفى ما نفته لا إله إلا الله بقوله: {أَلا نَعْبُدَ} 2، وأثبت ما أثبتته لا إله إلا الله بقوله:{إِلا اللَّهَ} 3، وقال:{أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} 4.
فهذا أمر عظيم أمر الله -تعالى- به عباده وخلفهم له، ففي قوله:{أَلا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} 5: نفى الشرك الذي نفته لا إله إلا الله، وقوله:{إِلا إِيَّاهُ} 6: هو الإخلاص الذي أثبتته لا إله إلا الله.
وقال -تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} 7 قضى أي: أمر، {أَلا تَعْبُدُوا} 8: فيه من النفي ما في معنى لا إله، وقوله:{إِلا إِيَّاهُ} 9: هذا هو الإثبات الذي أثبتته إلا الله.
وقال -تعالى-: {قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ} 10 فهذا هو الذي أمر به صلى الله عليه وسلم ودعا الناس إليه، وهو إخلاص العبادة، وتخليصها من الشرك قولا وفعلا واعتقادا.
وقد فعل صلى الله عليه وسلم ذلك، ودعا الناس إليه، وجاهدهم عليه حق الجهاد، وهذا هو حقيقة دين الإسلام، كما قال -تعالى-:{قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} 11. بين -تعالى- أن توحيد الإلهية هو الإسلام.
والأعمال كلها لا يصلح منها شيء إلا بهذا التوحيد، وهو أساس الملة ودعوة المرسلين. والدين كله من لوازم هذا الأصل وحقوقه، وقد قال -تعالى-:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} 12.
فمن تدبر القرآن، وتذكر به عرف حقيقة دين الإسلام الذي أكمله الله لهذه الأمة، كما قال -تعالى-:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِينًا} 13.
هذا ما ننصحكم به، وندعوكم إليه، وبالله التوفيق. وصلى الله على سيد المرسلين، وإمام المتقين نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وسلم تسليما كثيرا.
1 سورة آل عمران آية: 64.
2 سورة آل عمران آية: 64.
3 سورة آل عمران آية: 64.
4 سورة يوسف آية: 40.
5 سورة يوسف آية: 40.
6 سورة يوسف آية: 40.
7 سورة الإسراء آية: 23.
8 سورة الإسراء آية: 23.
9 سورة الإسراء آية: 23.
10 سورة الرعد آية: 36.
11 سورة الأنبياء آية: 108.
12 سورة ص آية: 29.
13 سورة المائدة آية: 3.