الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معنى كلمة التوحيد
وحكم من قالها ولم يكفر بما يعبد من دون الله
بسم الله الرحمن الرحيم
سئل الشيخ أبا بطين 1 رحمه الله عن معنى لا إله إلا الله، وعمن قالها، ولم يكفر بما يعبد من دون الله. وهل من قالها، ودعا نبيا، أو وليا هل تنفعه؟ أو هو مباح الدم والمال ولو قالها؟
[معنى كلمة التوحيد نفيا وإثباتا ومعنى المعبود والعبادة]
أجاب رحمه الله وعفا عنه-: معنى لا إله إلا الله عند جميع أهل اللغة وعلماء التفسير والفقهاء، كلهم يفسرون الإله بالمعبود، والتأله: التعبد.
وأما العبادة فعرفها بعضهم بأنها ما أمر به شرعا من غير اطراد عرفي، ولا اقتضاء عقلي.
والمأثور عن السلف تفسير العبادة بالطاعة، فيدخل في ذلك فعل المأمور وترك المحظور من واجب ومندوب، وترك المنهي عنه من محرم ومكروه. فمن جعل نوعا من أنواع العبادة لغير الله كالدعاء، والسجود، والذبح، والنذر، وغير ذلك لغير الله فهو مشرك.
ولا إله إلا الله متضمنة للكفر بما يعبد من دونه، لأن معنى لا إله إلا الله إثبات العبادة لله وحده، والبراءة من كل معبود سواه، وهذا معنى الكفر بما يعبد من دونه، لأن معنى الكفر بما يعبد من دونه البراءة منه واعتقاد بطلانه، وهذا معنى الكفر بالطاغوت في قول الله -تعالى-:{فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} 2. والطاغوت: اسم لكل معبود سوى الله،
1 هذا اللفظ علم محكي كما كانوا ينطقون به في أحوال الإعراب الثلاثة فهو هنا محله الرفع كما هو ظاهر.
2 سورة البقرة آية: 256.
كما في قوله -تعالى-: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} 1، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:"من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله"2.
فقوله: "وكفر بما يعبد من دون الله"3 الظاهر أن هذا زيادة إيضاح؛ لأن لا إله إلا الله متضمنة للكفر بما يعبد من دون الله، ومن قال: لا إله إلا الله، ومع ذلك يفعل الشرك الأكبر، كدعاء الموتى والغائبين، وسؤالهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، والتقرب إليهم بالنذور والذبائح، فهذا مشرك شاء أم أبى، والله لا يغفر أن يشرك به {مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَاوَاهُ النَّارُ} 4.
ومع هذا فهو مشرك، ومن فعله كان كافرا، ولكن على ما قال الشيخ: لا يقال فلان كافر حتى يبين له ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن أصرَّ بعد البيان حكم بكفره وحل دمه وماله، وقال -تعالى-:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} 5 أي: شرك {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} 6. فإذا كان في بلد وثن يعبد من دون الله، قوتلوا لأجل هذا الوثن، أي: لإزالته وهدمه وترك الشرك، حتى يكون الدين كله لله.
والدعاء دين، سماه الله دينا كما في قوله -تعالى-:{فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} 7 أي: الدعاء.
وقال صلى الله عليه وسلم: "بعثت بالسيف بين يدي الساعة، حتى يعبد الله وحده لا شريك له"8. فمتى كان شيء من العبادة مصروفا لغير الله، فالسيف مسلول عليه. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
1 سورة النحل آية: 36.
2 مسلم: الإيمان "23" ، وأحمد "3/ 472 ،6/ 394".
3 صحيح مسلم: كتاب الإيمان "23" ، ومسند أحمد "3/ 472 ،6/ 394".
4 سورة المائدة آية: 72.
5 سورة الأنفال آية: 39.
6 سورة الأنفال آية: 39.
7 سورة العنكبوت آية: 65.
8 أحمد "2/ 50".