المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رسالة له أخرى(في الرد على من احتج على جواز الشرك والضلال بعمل الناس وكثرة السواد) - مجموعة الرسائل والمسائل النجدية - ط المنار - جـ ٥

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌تشديد الشيخ ابن تيمية وتلميذه في أمر الشرك(إنما هو اتباع لما جاء عن الله ورسوله في ذلك)

- ‌رسالةفي دحض شبهات على التوحيدمن سوء الفهم لثلاثة أحاديث

- ‌(رسالة)معنى قوله صلى الله عليه وسلم "إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة"، ومحاجة آدم لموسى عليهما السلام

- ‌الطلاق على عوض

- ‌(نصيحة في التمسك بالتوحيد، والأمر بإنكار المنكر)

- ‌فتاوى في الاستشفاع والاستغاثة وغيرها

- ‌معنى كلمة التوحيدوحكم من قالها ولم يكفر بما يعبد من دون الله

- ‌[معنى كلمة التوحيد وما تنفي وما تثبت]

- ‌فتاوى فقهية ومسائل(في تصرف وصي الصبي في ماله، وفي الطلاق، وأيهما يقدم من مال الميت: سداد الدين أو الحج عنه

- ‌{رسالة في هبة ثواب الأعمال إلى الميت هل يجوز أم لا

- ‌رسالةفي حكم من يكفِّر غيره من المسلمينوالكفر الذي يعذر صاحبه بالجهل(فلا يحكم عليه به إلا بعد أن تقوم عليه الحجة)والذي لا يعذر

- ‌فائدة عظيمةمن كلام مفتي الديار النجدية عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين -قدس الله سره-(في موضوع التكفير المتقدم عنه)

- ‌رسالة أخرىفي سكوت أكثر الناس عن المنكرات{وكونه لا يعد إجماعا يحتج به على مشروعيتها

- ‌رسالة له أخرى(في الرد على من احتج على جواز الشرك والضلال بعمل الناس وكثرة السواد)

- ‌أسئلة عن أحاديث غير صحيحة وأجوبتها

- ‌[قول بعضهم: الجمعة خلف غير المتزوج لا تصح. وإتمام التراويح 20 ركعة]

- ‌(الكلام على إعادة الروح إلى الميت في قبره وقت السؤال)

- ‌{المسائل الحفظية}نصيحة في تعلم التوحيدوالطريق إليه(وبيان ما يجب على أهل القرى من حق الضيف، وحق الإمام في زكاة النقدين، والعمل بظاهر الأحاديث)

- ‌[رسائل للشيخ عبد الرحمن بن حسن]

- ‌(وجوب جهاد أهل الفساد ودفع فسادهم في الدين)

- ‌(الآيات في التوحيد الذي دعت إليه كل الأنبياء)

- ‌أقوال العلماء في الاشتغال بفن المنطق

- ‌رسالة أدبية، سياسية صوفيةفيها الإشارة إلى ما حدث للمسلمين من العقاب بذنوبهم(وما يجب عليهم في هذا المشهد من التوبة عن السيئات، وما فوقه من مشهد الأسماء والصفات)

- ‌وجوب صلاة الجمعة على أهل القرىوالعدد الذي تنعقد به جماعتها

- ‌وصية بالتقوى(والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)

- ‌رسالة{في بيان فضل من يحيي السنة ويهدم الشرك والبدعة}

- ‌{الإشارة إلى إيواء أهل عنيزة لبعض الخارجين وأخذ العهود عليهم في الامتناع منه}

- ‌(عموم المصاب بقسوة القلوب وانصراف الخلق عن العبادة وغربة الإسلام)

- ‌{حكم العمل بالخط المعروف في الوصية وغيرها}

- ‌(فتوى في حق الضيف على أهل القرى والبادية)

- ‌المسائل الشرعية إلى علماء الدرعية

- ‌فتاوى ومسائل فقهية مختلفة{لبعض علماء نجد

- ‌أجوبة مسائل سئل عنها الشيخ سليمان بن علي وغيره

- ‌(مسألة في أن على مؤجر الأرض قيمة حفر البئر إذا كان فيها دفين أو غيره)(للشيخ عبد الله بن عضيب)

- ‌مسألة في حق النخلة في الماء المجاور لها

- ‌[مسألتان: دعوى أن الميت أقر له بنخلتين من ثلاث وجهل عين أحدهما، ورجوع المقر عن إقراره]

- ‌النبذة الشريفة النفيسة في الرد على القبوريين

- ‌رسالة فيما يدلي به العاصب من الورثة وما لا يدلي

- ‌{رسالة فيما يلحق بالنقدين في الزكاة وما لا يلحق فيها مما يتعامل الناس به}من حسن بن حسين

- ‌تنزيه الذات والصفات من درن الإلحاد والشبهاتلبعض علماء نجد

- ‌رسالةفيما هو الميثاق الذي أخذ الله على بني آدم

- ‌الرد على المدعو عبد المحمود البخاري{فيما موّه به من أقوال الاتحادية والمشركين}

- ‌رسالةفي العهد والأمانهل يشترط في احترامهما أن يكون من يعقدهما مؤمنًا عدلًا أم لا؟ وفي العهد والأمان الذي يكون من البدو والأعراب لبعضهم ولغيرهم

- ‌مسائل وفتاوىفي الطلاق والخلع والشهادات والعينة وشروط الصلاة وغيرهالأحد علماء نجد

- ‌مسائل وفتاوى فقهيةلبعض علماء نجد

- ‌مسائل وفتاوى أخرىلبعض علماء نجد*

- ‌مسائل وفتاوىفي القراءة في الصلاة والطهارة والوضوء والتيمم والطلاق والعدة وعورة الأمة والكلام عند الأذان وتلاوة القرآن وغير ذلكلأحد علماء نجد

- ‌ مسائل سئل عنها الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌مسائل وفتاوىفي الطلاق والعدة والإجارة والثمار والعاقلة، والتيمم لنجاسة الثوب والبدن، والحدود والنكاح والإقرار وغير ذلكللعلامة الشيخ سعيد بن حجي

- ‌الكَلامُ المُنْتَقى مما يتعلّق بكلمَة التقوى

- ‌حكم التزام مذهب معين(والانتقال من مذهب إلى آخر)

الفصل: ‌رسالة له أخرى(في الرد على من احتج على جواز الشرك والضلال بعمل الناس وكثرة السواد)

‌رسالة له أخرى

(في الرد على من احتج على جواز الشرك والضلال بعمل الناس وكثرة السواد)

بسم الله الرحمن الرحيم

(رب يسر وأعن يا كريم)

من عبد الله بن عبد الرحمن إلى الولدين المكرمين محمد آل عبد الله ومحمد آل عمر آل سليم زادهما الله علما وفهما، ووهب لنا ولهما حلما وحكما. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد موجب الخط إبلاغ السلام، والخط وصل -أوصلكما الله إلى كل الخير-، وكذلك الأبيات التي نقلتم كتبنا عليها ما اتسع له المحل، وبطلان ما تضمنته ظاهر، ولله الحمد ما يخفى إلا على من أعمى الله بصيرته، ولكن إذا تحققتم بقول الصادق المصدوق أن هذه الأمة تتبع اليهود والنصارى فيما أحدثوا حذو القذة بالقذة مع قوله صلى الله عليه وسلم:"بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ"1، 2، فإذا صدق الإنسان بذلك لم يستنكر 3 ما حدث من الشرك والبدع وظهور المنكرات، وتضييع شرائع الإسلام، وتعطيل حدود الله.

فإذا عرف ذلك، وعلم أنه لم يضل اليهود والنصارى إلا علماؤهم، علم أن سبب ضلال هذه الأمة علماؤها كما في الحديث المشهور "علماؤهم شر من تحت أديم السماء، منهم خرجت الفتنة وفيهم تعود".

وقول القائل: لو أن هذا ما يجوز، ما خفي على فلان وفلتان، فهذه شبهة باطلة. وقد روى ابن وضاح عن عمر رضي الله عنه قال: "أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحيتي وأنا أعرف الحزن في وجهه، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقلت: أجل

1 مسلم: الإيمان "145"، وابن ماجه: الفتن "3986" ، وأحمد "2/ 389".

2 سقط من الأصل جواب: إذا تحققتم إلخ، ويحتمل أن يكون استغنى عنه بجواب الشرط في الجملة التالية لهذه.

3 يعني لم يستغرب ذلك، ولا يعني أنه لا يعده منكرا.

ص: 527

إنا لله وإنا إليه راجعون، فما ذاك يا رسول الله؟ قال: أتاني جبريل فقال: إن أمتك مفتتنة بعد قليل من الدهر غير كثير، قلت: فتنة كفر، أم فتنة ضلالة؟ قال: كل سيكون، قلت: وأين يأتيهم ذلك وأنت تارك فيهم كتاب الله؟ قال: بكتاب الله يضلون، وذلك من قبل قرائهم وأمرائهم".

قال محمد بن وضاح: الخير من بعد الأنبياء ينقص، والشر يزداد. وقال:"إنما هلكت بنو إسرائيل على يدي قرائهم وفقهائهم وستهلك هذه الأمة على يدي قرائهم وفقهائهم"، قال ابن المبارك:

وهل أفسد الدين إلا الملو

ك وأحبار سوء ورهبانها

وقد أخبر الله -سبحانه- عن اليهود أنهم يحرفون الكلم عن مواضعه، أي: يتأولون كتاب الله على غير ما أراد الله، وقال:{وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} 1، وأخبر عنهم أنهم {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} 2، ولا بد أن يوجد في هذه الأمة من يتابعهم على ما ذمهم الله به.

والإنسان إذا عرف الحق وضده، لم يبال بمخالفة من خالف كائنا من كان، ولا يكبر في صدره مخالفة عالم ولا عابد، لأن هذا أمر لا بد منه، وما أخوفني على من عاش أن يرى أمورا عظيمة لا منكر لها، والله المستعان.

[الاستغاثة بغير الله تعالى شرك]

"قلت": والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم صدرت من كثير من المتأخرين ممن يشار إليه بالعلم.

وقد صنف رجل يقال له ابن البكري كتابا في الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم ورد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجلد، بين فيه بطلان ما ذهب إليه، وبين أنه من الشرك. قال الشيخ: "وقد طاف -يعني ابن البكري- على علماء مصر فلم يوافقه أحد منهم، وطاف عليهم بجوابي الذي كتبته، وطلب منهم معارضته فلم يعارضه أحد

1 سورة البقرة آية: 75.

2 سورة النساء آية: 51.

ص: 528

منهم مع أن عند بعضهم من التعصب ما لا يخفى، ومع أن قوما كان لهم غرض وجهل بالشرع قاموا في ذلك قياما عظيما، واستعانوا بمن له غرض من ذوي سلطان، مع فرط عصبيتهم وكثرة جمعهم وقوة سلطانهم ومكايدة شيطانهم".*

قال شيخ الإسلام تقي الدين -رحمه الله تعالى-: "والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته موجودة في كلام بعض الناس، مثل يحيى الصرصري ومحمد بن النعمان، وهؤلاء لهم صلاح، لكن ليسوا من أهل العلم، بل جروا على عادة كعادة من يستغيث بشيخه عند الشدائد ويدعوه".** اهـ.

والمقصود أن نوع الشرك من الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم وغيره جرى في زمان الشيخ، والشر يزيد، لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه، فالله المستعان. وفي هذه الأزمنة يقال: العجب ممن نجا كيف نجا ليس العجب ممن هلك كيف هلك.

وقول من يقول: استعملها من هو أعلم منا وأعرف بكلام العرب، فبئس الحجة الواهية، والله لم يأمرنا باتباع من رأيناه أعلم منا، وإنما أوجب علينا عند التنازع الرد إلى كتابه وسنة نبيه، قال -تعالى-:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} 1 خاصة في أصول الدين، فإنه لا يجوز التقليد فيها بإجماع العلماء، ولأن أدلته ولله الحمد ظاهرة، ولم يقل -سبحانه- فإن تنازعتم في شيء فاتبعوا ما عليه أكثر الناس ولا ما عليه بلد من البلدان.

وأكثر الناس اليوم -خصوصا طلبة العلم- خفي عليهم الشرك، والشيخ ابن عجلان المذكور يجوز الاستغاثة بالأموات فكيف بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ وكلامه صريح ما يحتمل تأويلا كقوله:

... .... ومنقذي من عذاب الله والألم

نسأل الله السلامة، وابن عجلان أقل الأحوال هجره، وأما النصيحة فلا تفيد في مثله. وأمره هذا إن وصل الشيخ عبد الرحمن بن حسن، أو فيصل، أو ابن

* انظر "الرد على البكري" 2/ 486. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]

** انظر "الرد على البكري" 2/ 479. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]

1 سورة النساء آية: 59.

ص: 529

سعود الأدني فأخاف على نفسه، ولو له عقل ما أظهر هذا الأمر الذي يجر عليه شرًّا، ولكن قد أحسن القائل رحمه الله ورضي عنه-:

يا من له عقل ونور قد غدا

يمشي به في الناس كل أوان

لكننا قلنا مقالة صارخ

في كل وقت بينكم بأذان

الرب رب والرسول فعبده

حقًّا وليس لنا إله ثان

فلذاك لم نعبده مثل عبادة الر

حمن فعل المشرك النصراني

كلا، ولم نغل الغلو، كما نهى

عنه الرسول مخافة الكفران

لله حق لا يكون لغيره

ولعبده حق، هما حقان

لا تجعلوا الحقين حقًّا واحدًا

من غير تمييز ولا فرقان

فالحج للرحمن دون رسوله

وكذا الصلاة وذبح ذي القربان

وكذا السجود ونذرنا ويميننا

وكذا متاب العبد من عصيان

وكذا التوكل والإنابة والتقى

وكذا الرجاء وخشية الرحمن

وكذا العبادة واستعانتنا به

إياك نعبد، ذاك توحيدان

وعليهما قام الوجود بأسره

دنيا وأخرى حبذا الركنان

وكذا التسبيح والتكبير والتهـ

ـليل حق إلهنا الديان

لكنما التعزير والتوقير حـ

ـق للرسول بمقتضى القرآن

والحب والإيمان والتصديق لا

يختص بل حقان مشتركان

هذي تفاصيل الحقوق ثلاثة

لا تجملوها يا أولي العدوان

حق الإله عبادة بالأمر لا

بهوى النفوس فذاك للشيطان

من غير إشراك ولا شك هما

سببا النجاة فحبذا السببان

ورسوله فهو المطاع وقوله الـ

ـمقبول إذ هو صاحب البرهان

إلى آخر كلامه رحمه الله ورضي عنه-، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين والله أعلم.

ص: 530