المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التوافق بين التقويم الهجري والتقويم الميلادي: - مدخل إلى القرآن الكريم عرض تاريخي وتحليل مقارن

[محمد بن عبد الله دراز]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول حقائق تاريخية أولية

- ‌الفصل الأول حياة الرسول قبل البعثة

- ‌نسبه ومولده:

- ‌طفولته وشبابه:

- ‌رحلته الأولى إلى سوريا واتصاله بالراهب بحيرى:

- ‌مشاغله الأساسية:

- ‌صفاته الخلقية:

- ‌حلف الفضول:

- ‌رحلته الثانية:

- ‌زواجه من خديجة:

- ‌أولاد الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌مشاعره الأبوية:

- ‌ترميم الكعبة:

- ‌صورته الخلقية والخلقية:

- ‌أول مظاهر بعثته:

- ‌أول اتصاله بروح القدس:

- ‌بداية الوحي:

- ‌تأثيره على الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌مواساة خديجة ورأي ورقة بن نوفل:

- ‌فتور الوحي وانقطاعه مؤقتا:

- ‌استئناف الوحي بوصفه رسولا بالإضافة إلى وصفه نبيّا:

- ‌التوافق بين التقويم الهجري والتقويم الميلادي:

- ‌الفصل الثاني كيف جمع نصّ التنزيل الحكيم

- ‌مظهر التجزؤ من الأهمية التي كان يثيرها كل جزء منزل بين الخصوم وبين الأتباع:

- ‌القرآن (المقروء) والكتاب (المدون):

- ‌كتبة الوحي:

- ‌لم توجد نسخة عند الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌عند بعض الأفراد أوراق متفرقة:

- ‌بقاء بعض السور غير تامة:

- ‌كل جزء منزل كان له مكانه في التلاوة:

- ‌القراء أو حملة القرآن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والتجمع الشفوي للقرآن:

- ‌أول مصحف منظم في عهد الخليفة الأول:

- ‌خصائصه:

- ‌اختلافه بمعرفة عثمان:

- ‌مآخذ بعض الشيعة:

- ‌اعتراف الإمامية (أبو جعفر):

- ‌شهادة الغربيين عن صحة القرآن في عصور الإسلام كلها:

- ‌تصحيح:

- ‌منشأ القراءات المختلفة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والقراءات السبعة:

- ‌هل ألغى عثمان جميع القراءات

- ‌الهدف المزدوج لنشر عثمان المصاحف:

- ‌مصحف عثمان لا يحمل أية قراءة للآحاد وإنما اقتصر على القراءات الصحيحة:

- ‌ما مدى صحة القراءات غير العثمانية:

- ‌تفنيد حجة الدكتور جيفري:

- ‌ضعف القراءات المخالفة:

- ‌محاولة ترتيب القراءات المخالفة:

- ‌ابن مسعود لم يخرج على الإجماع:

- ‌إعدام المخطوطات المشكوك فيها أنقذ وحدة النص:

- ‌الفصل الثالث كيف تم تبليغ المبدأ القرآني إلى العالم

- ‌سرعة انتشاره واستقراره:

- ‌مقارنة مع فتوحات الإسكندر الأكبر:

- ‌خطأ رأي علماء الغرب عن عوامل التوسعات الإسلامية:

- ‌نظرة تاريخية وتحليلية عن منشأ الصراع الحزبي في الإسلام:

- ‌من أين جاء هذا التغيير المفاجيء

- ‌القرآن يحدد الحرب الشرعية:

- ‌السنة النبوية تفصل الأهداف العسكرية من الحرب:

- ‌الغرض الحقيقي من الحرب:

- ‌خطأ جوتييه في معنى التسامح الإسلامي:

- ‌الجهاد في الدعوة يخضع لقواعد:

- ‌المبدأ الإسلامي الذي ينظم العلاقات الدولية:

- ‌اعتراف جوتييه:

- ‌مقارنة بين الحروب الإسلامية وحروب حركة الإصلاح البروتستانتية:

- ‌متانة البناء الإسلامي:

- ‌الباب الثاني القرآن من خلال مظاهره الثلاثة الدّيني والخلقي والأدبي

- ‌الفصل الأول الحق أو العنصر الديني

- ‌المظاهر الخارجية للحقيقة: اتفاق ذوي الاختصاص:

- ‌تعريف القرآن للإسلام باعتباره الإيمان بجميع الأديان المنزلة السابقة:

- ‌العودة إلى الوحدة الأولى:

- ‌الجزء الأول من المبادئ الدينية في القرآن: فكرة عالمية وغالبا مغمورة:

- ‌وصف الوثنية العربية من وحدانية الله الخالق إلى وحدانية الله المعبود:

- ‌العلاج القرآني:

- ‌فكرة الأسباب والمسببات:

- ‌العلم والدين: تفسير الكون عن طريق الدين نابع من عقل أكمل من عقل العلم:

- ‌فكرة المعجزات في القرآن:

- ‌الجزء الثاني من نظرية القرآن الدينية:

- ‌خلود الروح:

- ‌بعث الأجساد:

- ‌ماذا تضمنه أصالة التعاليم القرآنية

- ‌الفصل الثاني الخير أو العنصر الأخلاقي في القرآن

- ‌الدين عقيدة وتشريع اعتقاد وطاعة:

- ‌مقام العنصر العملي في القرآن وفي العقيدة:

- ‌نبدأ بالمنهج:

- ‌اعتماد القرآن على غريزة الإنسان في معرفة العدل والظلم والخير والشر:

- ‌مقارنة بين المبادئ الأخلاقية في التوراة والقرآن:

- ‌مقارنة بين المبادئ الأخلاقية في الإنجيل والقرآن:

- ‌الاختلاف الظاهري بين التوراة والإنجيل بشأن الطلاق والقصاص:

- ‌حقيقة أن العدل والمحبة هما مظهران لقانون خالد واحد:

- ‌المستتر في كل من جزئي التوراة:

- ‌التركيب القرآني:

- ‌1 - في مجال الفضيلة الشخصية

- ‌2).2 -الفضيلة في العلاقات بين الأفراد

- ‌3، 4 - الفضائل الجماعية والفضائل العامة:

- ‌5 - الفضيلة في المعاملات الدولية وبين الأديان:

- ‌الفصل الثالث الجمال أو الجانب الأدبي

- ‌القرآن نموذج ممتاز في الأدب العربي:

- ‌بعض خصائص التركيب القرآني:

- ‌السمو الفريد حتى بالنسبة لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌خطأ كثير من العلماء بشأن وحدة السور القرآنية:

- ‌تجربة خاصة:

- ‌هذه الوحدة من العجائب نظرا للظروف التي تتم فيها وتجعلها مستحيلة بالنسبة للقوى البشرية:

- ‌انفراد في تجميع الأجزاء القرآنية مما يثبت وجود خطة سابقة:

- ‌تصميم يتحدى الطبيعة ونجاحه معجزة المعجزات:

- ‌فضلا عن هذا التخطيط المنطقي والإسلوبي فقد اتبع الوحي مسلكا تربويا:

- ‌الباب الثالث المصدر الحقيقي للقرآن

- ‌الفصل الأول البحث عن مصدر القرآن في الفترة المكية

- ‌البيئة الوثنية: صورتان من حياة العرب في الجاهلية:

- ‌الحنفاء:

- ‌الصابئون:

- ‌البيئة اليهودية والمسيحية:

- ‌رحلات الرسول صلى الله عليه وسلم ومشاهداته (فرضان لا يعول عليهما):

- ‌الإتصال بالجموع المسيحية في سوريا:

- ‌وصف المسيحية في ذلك الوقت بمعرفة الكتاب المسيحيين:

- ‌الاتصال بالكتب المقدسة:

- ‌هل كان محمد صلى الله عليه وسلم يقرأ

- ‌عدم وجود توراة باللغة العربية في تلك الفترة:

- ‌الاقتباس من الشعراء ومن الفكر الشعبي:

- ‌تأملاته الفكرية الشخصية:

- ‌ثمار تأملاته الشخصية:

- ‌الفصل الثاني البحث عن مصدر القرآن في الفترة المدنية

- ‌هل أثر إنتقال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بيئة جديدة واتصاله بأهل الكتاب في سلوكه ومصدر علمه

- ‌تغيير الموطن:

- ‌أخلاق اليهود في نظر القرآن:

- ‌المعارضة الشعبية لنظامين مدنيين:

- ‌الحرب وتعدد الزوجات:

- ‌الادعاء باختلاف الأساس بين التعاليم المكية والمدنية في القرآن:

- ‌القصص الديني اليهودي والمسيحي في القرآن:

- ‌علاقة الأنساب بين العرب وبين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام:

- ‌موقف الإسلام من الأديان السابقة:

- ‌عدد صلوات المسلمين:

- ‌سن عاشوراء وتحويل القبلة:

- ‌فكرة الله في مكة وفي المدينة:

- ‌مصطلح النسخ في القرآن:

- ‌علاقة ابن سلام وسلمان الفارسي ومريم القبطية:

- ‌تطابق وليس اقتباس:

- ‌خاتمة

- ‌نتيجة البحث السلبية عن مصادر طبيعية:

- ‌الوحي نقطة تحول في علم الرسول صلى الله عليه وسلم لا في خلقه:

- ‌شهادة خصومه عن صدقه وإخلاصه:

- ‌خصائص الوحي المتقطعة:

- ‌من أين ينبع إذن هذا الوحي؟ أليس من أعماق نفسه

- ‌الوقائع تثبت العكس:

- ‌القرآن لا يعكس شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌التعارض بين موقف محمد صلى الله عليه وسلم قبل وبعد كل تنزيل:

- ‌اعتراف العلماء المسيحيين عن الإخلاص الشخصي للنبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌هل هي أوهام لا شعورية

- ‌افتراض تعارضه مع الواقع:

- ‌طريقة التحقق من صحة الوحي:

- ‌التطابق الكامل لتعاليمه مع الحقيقة:

- ‌وإليك ثلاث عينات:

- ‌1 - في الماضي: حقائق دينية وأخلاقية وتاريخية:

- ‌2 - في الحاضر: حقائق علمية:

- ‌3 - في المستقبل: في التأكيد وفي النفي وفي الإغفال:

- ‌منهج القرآن الكامل ينهض دليلا كافيا على مصدره الرباني:

- ‌ملحوظة

- ‌المراجع

- ‌ أ - المراجع العربية

- ‌ ب - المراجع الأوروبية

الفصل: ‌التوافق بين التقويم الهجري والتقويم الميلادي:

وشرع في نزول الجبل من الجانب المطل على مكة سمع صوتا يناديه فالتفت يمينه ويساره وخلفه فلم ير شيئا، فرفع بصره إلى السماء فرأى الملك الذي رآه من قبل على جبل حراء ولكن مفاجأة ظهور الملك والضخامة العظيمة لهذا المخلوق السماوي أذهلته حتى لم تقو رجلاه على حمله، فارتعد من الخوف (وقد يكون أيضا من برد شهر يناير وأسرع عائدا إلى خديجة يطلب منها الرعاية السابقة. إلا أن زائره الكريم لحق به إلى البيت حاملا إليه الحكم الذي يكلفه بمهمته الثانية:

{يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ} [سورة المدثر: 1 - 2]. منذ ذلك الوقت لم يقتصر دور محمد صلى الله عليه وسلم على أن يتلقى تعاليم ربه فحسب وإنما عليه أيضا أن يبلغها إلى الناس كافة، فدور الرسول صلى الله عليه وسلم قد أضيف إلى دور النبوة.

لقد رأينا كيف أنه في خلال هذين التكليفين كان الوحي منقطعا وبطيئا بل وقليلا، ولكن ما أن بدأ التكليف بالرسالة، حتى أصبح الوحي ينزل على الرسول صلى الله عليه وسلم لا أقول بصفة منتظمة وفي فترات متقاربة وإنما بنوع من الاتصال ومن غير أن ينقطع مثل الإنقطاع السابق.

‌التوافق بين التقويم الهجري والتقويم الميلادي:

فعام 612 الميلادي هو نقطة انطلاق رسالة الإسلام، ويجيء تاريخ الهجرة

(1)

ليقسم فترة الرسالة إلى قسمين متساويين تقريبا منها عشر سنوات في مكة مسقط رأس الرسول صلى الله عليه وسلم، وعشر سنوات في المدينة محل إقامته الجديد حيث توفي في

(1)

الهجرة معناها قطع العلاقات والابتعاد عن اختبار، وإن كانت أسباب ذلك غير اختيارية، فمن المعلوم أن محمدا صلى الله عليه وسلم وهو يبلغ رسالته - اضطر إلى أن يرحل عن وطنه في اليوم السابق لمؤامرة كانت تهدف القضاء عليه، واستقر به المقام بالمدينة حيث وصل في بداية شهر ربيع الأول (يوم 2 أو 8 أو 12 لاختلاف المؤرخين) ولقد حدد الفلكي المصري السابق ذكره اعتمادا على وثائق عديدة - يوم الهجرة بيوم الاثنين 8 من ربيع الأول الموافق 20 سبتمبر عام 622 بعد الميلاد إلا أنه يجب ألا يغيب عن بالنا أن التقويم الإسلامي بدأ من السنة القمرية التي تمت فيها الهجرة وليس في يوم هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم أي أنه بدأ قبل ذلك بشهرين وعدة أيام أي في يوم أول محرم الموافق 15 أو 16 يوليه عام 622 ميلادية ولما كانت السنة القمرية الكبيسة تساوي 355 يوما فقط وأن مجموع 33 سنة قمرية يعادل 32 سنة شمسية تقريبا فيمكن تحويل التاريخ الهجري (هـ) إلى تاريخ ميلادي (م) أو العكس باستخدام إحدى المعادلتين التاليتين: م - (هـ + 622 - هـ / 33 هـ - م - 622 + م - 622 32/ 33).

ص: 31

12 أو 13 من ربيع الأول عام 11 هجرية (7 أو 8 يونيو 632 ميلادية) بعد أن بلغ من العمر ثلاثة وستين عاما قمريا بالكامل أي أكثر قليلا من واحد وستين عاما شمسيا

(1)

.

ولا شك أن من الأمور الطريفة حقا متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في نشاطه الدؤوب وفي رسالته الهادية طوال العشرين سنة والتي نتج عنها ثورة من أكبر الثورات الحضارية التي عرفتها البشرية. ولكن لما كان الهدف الرئيسي من هذا الكتاب هو دراسة تحليلية للبناء القرآني ذاته ونظرا لأننا قد تناولنا بالدراسة حياة محمد صلى الله عليه وسلم حتى بلغنا نقطة التقاء الرسول صلى الله عليه وسلم برسالته، نستطيع الآن أن نتناول بالبحث الكتاب الذي تركه لنا، وسوف نتناول في الفصل التالي كيفية تكوين هذا الكتاب الكريم وتنظيمه وحفظه وتناقله عبر التاريخ.

***

(1)

في مقال بعنوان «عمر محمد صلى الله عليه وسلم» (بالجريدة Journal Asiatique عدد مارس/إبريل 1911) حاول H.Lammens أن يخفض سن النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنوات دون أن يأتي على ذلك بدليل قوي فقد بدا له أنه خارق للعادة أن يتوفر لرجل تجاوز الخمسين من عمره من النشاط والقوة ما يلزمه ليخلق لنفسه وضعا جديدا في الحياة. فرغم اعتراف الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه «ولدت في زمن الملك العادل كسرى» «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده» ورغم شهادة الصحابة الصحيحة: معاوية وابن عباس وعائشة

ورغم الوقائع التاريخية المتفقة مع المراجع الأوروبية والفارسية والعبرية المختلفة يحلو لهذا الكاتب أن يعارض ذلك كله ببعض المعلومات المستقاة من كتاب مجهول مؤلفه وبعض الروايات المشبوهة والمتناقضة فيما بينها

ويحاول أن يضع بعض علامات الاستفهام ليس فقط عن سن الرسول صلى الله عليه وسلم وإنما عن حياته برمتها وكل ما يتعلق بها. فيدعي أن التواريخ والوقائع والشخصيات وكل ما ورد في الأثر الصحيح مشكوك فيها ومسوقة بتقدير سابق وبتلفيق في التفسيرات والنصوص وموفقة بطريقة مقصودة وإن علم الاستشراق ذاته يكون قد ضل في طريق خاطئ بفعل المؤرخين العرب. هل يكترث العلم بمثل هذه المشاركة السلبية أو الهدامة على الوجه الأرجح؟ ولا يكمن الخطر في لهجة الكاتب الساخرة فحسب، حيث تغمر السخرية كل خطوة من خطواته وراء نزعته إلى الشك المريض الواهي من أساسه وإنما أخطر من ذلك تحيزه في تطبيق نزعته في الشك، فبمجرد أن يجد رأيا في غير صف الرسول صلى الله عليه وسلم وإن كان تافها أو مصادما للمعقول ينقلب شكه فجأه إلى يقين وتأييد. إنه تحامل حقود لا يخجل من التحدث باسم النقد العلمى بما يناقض المنطق ذاته.

ص: 32