الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3375 -
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ سَيِّئُ الْمَلَكَةِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ أَخْبَرْتَنَا أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ أَكْثَرُ الْأُمَمِ مَمْلُوكِينَ وَيَتَامَى قَالَ: نَعَمْ فَأَكْرِمُوهُمْ كَكَرَامَةِ أَوْلَادِكُمْ وَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ قَالُوا: فَمَا يَنْفَعُنَا قَالَ: " فَرَسٌ تَرْتَبِطُهُ، تُقَاتِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " وَمَمْلُوكٌ يَكْفِيكَ فَإِذَا صَلَّى فَهُوَ أَخُوكَ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
ــ
3375 -
(وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ سَيِّئُ الْمَلَكَةِ ") : أَيِ الْمَلِكُ الَّذِي يُسِيءُ إِلَى مَمْلُوكِهِ (قَالُوا) : أَيْ بَعْضُ أَصْحَابِهِ (يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ أَخْبَرْتَنَا أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ أَكْثَرُ الْأُمَمِ مَمْلُوكِينَ وَيَتَامَى؟) : ذِكْرُ الْيَتَامَى مُسْتَطْرَدٌ (قَالَ: نَعَمْ ") : أَيْ أَنْتُمْ أَكْثَرُ الْأُمَمِ مَمَالِيكَ، فَإِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ (فَأَكْرِمُوهُمْ كَكَرَامَةِ أَوْلَادِكُمْ) : أَيْ مِنَ الشَّفَقَةِ بِهِمْ وَالْمَرْحَمَةِ عَلَيْهِمْ، فَلَا تُحَمِّلُوهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ (وَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ) : وَتَرَكَ ذِكْرَ الْكُسْوَةِ اكْتِفَاءً أَوْ مُقَايَسَةً. وَقَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: تَوْجِيهُهُ أَنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرْتَ أَنَّ سَيِّئَ الْمَلَكَةِ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَأُمَّتُكَ إِذَا أَكْثَرُوا الْمَمَالِيكَ لَا يَسَعُهُمْ مُدَارَاتُهُمْ، فَيُسِيئُونَ مَعَهُمْ فَمَا حَالُهُمْ وَمَآلُهُمْ، فَأَجَابَ عليه الصلاة والسلام جَوَابَ الْحَكِيمِ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ فَأَكْرِمُوهُمْ " إِلَخْ. (قَالُوا: فَمَا يَنْفَعُنَا) : مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ أَيْ أَيُّ شَيْءٍ يُفِيدُنَا (الدُّنْيَا؟) : أَيْ مِنْهَا أَوْ فِيهَا (قَالَ: " فَرَسٌ تَرْتَبِطُهُ، تُقَاتِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ") : اسْتِئْنَافٌ فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيلِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ ارْتِبَاطَ الْفَرَسِ فِيهِ نَفْعٌ أُخْرَوِيٌّ، وَكَذَا فِيهِ نَفْعٌ دُنْيَوِيٌّ مِنْ حُصُولِ الْغَنِيمَةِ، وَالْأَمْنِ مِنَ الْعَدُوِّ وَغَيْرِهِمَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} [التوبة: 52] فَلَا يَتَوَجَّهُ قَوْلُ الطِّيبِيِّ رحمه الله، وَكَذَا الْجَوَابُ الثَّانِي وَارِدٌ عَلَى أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ ; لِأَنَّ الْمُرَابَطَةَ وَالْجِهَادَ مَعَ الْكُفَّارِ لَيْسَ مِنَ الدُّنْيَا (" وَمَمْلُوكٌ يَكْفِيكَ ") : أَيْ أُمُورَكَ الدُّنْيَوِيَّةَ الشَّاغِلَةَ عَنِ الْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ (فَإِذَا صَلَّى) : أَيِ الْمَمْلُوكُ (فَهُوَ أَخُوكَ) : أَيِ الْمُؤْمِنُ أَوْ كَأَخِيكَ فَهُوَ مِنَ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ) .
[بَابُ بُلُوغِ الصَّغِيرِ وَحَضَانَتِهِ فِي الصِّغَرِ]
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
3376 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَرَدَّنِي، ثُمَّ عُرِضْتُ عَلَيْهِ عَامَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَجَازَنِي، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: هَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْمُقَاتِلَةِ وَالذُّرِّيَّةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
(18)
بَابُ بُلُوغِ الصَّغِيرِ أَيْ بِالسِّنِّ (وَحَضَانَتِهِ) : بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ أَيْ تَرْبِيَتِهِ (فِي الصِّغَرِ) : قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: الْحَضَانَةُ الْقِيَامُ بِأَمْرِ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ وَلَا يَهْتَدِي لِمَصَالِحِهِ، وَفِي الْمُغْرِبِ: الْحِضْنُ مَا دُونَ الْإِبِطِ، وَالْحَاضِنَةُ الْمَرْأَةُ تُؤَكِّلُ الصَّبِيَّ فَتَرْفَعُهُ وَتُرَبِّيهِ، وَقَدْ حَضَنَتْ وَلَدَهَا حَضَانَةً وَفِي الْقَامُوسِ: حَضَنَ الصَّبِيَّ حِضْنًا وَحِضَانَةً بِالْكَسْرِ، جَعَلَهُ فِي حِضْنِهِ أَوْ رَبَّاهُ كَاحْتَضَنَهُ، وَفِي النِّهَايَةِ: الْحَاضِنُ الْمُرَبِّي وَالْكَافِلُ، وَالْأُنْثَى حَاضِنَةٌ، وَالْحَضَانَةُ بِالْفَتْحِ فِعْلُهَا.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
3376 -
(عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: عُرِضْتُ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ لِلذَّهَابِ إِلَى الْغَزْوِ (عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) : مِنْ بَابِ عَرْضِ الْعَسْكَرِ عَلَى الْأَمِيرِ (عَامَ أُحُدٍ) : أَيْ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ، وَكَانَتْ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ (وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ) : بِفَتْحِ الْعَيْنَيْنِ وَسُكُونِ الشِّينِ وَتُكْسَرُ، (سَنَةً) وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (فَرَدَّنِي) : أَيْ مِنَ الرَّوَاحِ إِلَى الْحَرْبِ لِصِغَرِي (ثُمَّ عُرِضْتُ عَلَيْهِ عَامَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ
سَنَةً، فَأَجَازَنِي) : أَيْ فِي الْمُقَاتَلَةِ أَوِ الْمُبَايَعَةِ، وَقِيلَ: كَتَبَ الْجَائِزَةَ لِي وَهِيَ رِزْقُ الْغُزَاةِ (فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ) : أَيْ لَمَّا جَمَعَ هَذَا الْحَدِيثَ (هَذَا) : أَيِ السِّنُّ الْمَذْكُورُ (فَرْقُ مَا بَيْنَ الْمُقَاتِلَةِ) : بِكَسْرِ التَّاءِ (وَالذُّرِّيَّةِ) : يُرِيدُ إِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً دَخَلَ فِي زُمْرَةِ الْمُقَاتِلِينَ، وَأُثْبِتَ فِي الدِّيوَانِ اسْمُهُ، وَإِذَا لَمْ يَبْلُغْهَا عُدَّ مِنَ الذُّرِّيَّةِ. فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالُوا: إِذَا اسْتَكْمَلَ الْغُلَامُ أَوِ الْجَارِيَةُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً كَانَ بَالِغًا، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا، وَإِذَا احْتَلَمَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَبْلَ بُلُوغِهِ هَذَا الْمَبْلَغَ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ تِسْعِ سِنِينَ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ، وَكَذَلِكَ إِذَا حَاضَتِ الْجَارِيَةُ بَعْدَ تِسْعٍ وَلَا حَيْضَ وَلَا احْتِلَامَ قَبْلَ بُلُوغِ التِّسْعِ. وَفِي الْهِدَايَةِ: بُلُوغُ الْغُلَامِ بِالِاحْتِلَامِ وَالْإِحْبَالِ وَالْإِنْزَالِ إِذَا وَطِئَ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فَحَتَّى يَتِمَّ لَهُ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً، وَبُلُوغُ الْجَارِيَةِ بِالْحَيْضِ وَالِاحْتِلَامِ وَالْحَبَلِ؛ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فَحَتَّى يَتِمَّ لَهَا سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَهَذَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله، وَقَالَا إِذَا تَمَّ لِلْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَدْ بَلَغَا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله اهـ. وَأَوَّلُ وَقْتِ بُلُوغِ الْغُلَامِ عِنْدَنَا اسْتِكْمَالُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَتِسْعِ سِنِينَ لِلْجَارِيَةِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
3377 -
ــ
3377 -
(وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ) : صَحَابِيَّانِ (قَالَ؟ صَالَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ) : بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ مُصَغَّرًا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِتَشْدِيدِهِمَا، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَفِي النِّهَايَةِ: هِيَ بِئْرٌ قُرْبَ مَكَّةَ، قُلْتُ: هِيَ قُرْبَ حَدَّةَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ، وَالْآنَ مَشْهُورَةٌ بِبِئْرِ شُمَيْسٍ، وَهِيَ مِنْ أَوَاخِرِ أَرْضِ الْحَرَمِ وَالْمُرَادُ حَوْلَهَا. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: بَعْضُ الْحُدَيْبِيَةِ مِنَ الْحَرَمِ، وَالْمَعْنَى صَالَحَ كُفَّارَ مَكَّةَ بِرُجُوعِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَعَدَمِ مُقَاتَلَتِهِ ذَلِكَ الْعَامَ (عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ) : أَيْ أُمُورٍ وَأَحْكَامٍ (عَلَى أَنَّ مَنْ أَتَاهُ) : أَيِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ؟ بَيَانٌ لِمَنْ (رَدَّهُ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ أَتَاهُمْ) : أَيِ الْمُشْرِكِينَ (مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَرُدُّوهُ) : أَيْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ (وَعَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا) : أَيْ يَجِيءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ وَيَدْخُلَهَا (مِنْ قَابِلٍ) : أَيْ عَامٍ آتٍ وَيَقْضِيَ بِهَا عُمْرَتَهُ (وَيُقِيمَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) : أَيْ لِلطَّاعَةِ وَالِاسْتِرَاحَةِ (فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الْأَجَلُ) : أَيِ الْمُدَّةُ الْمَضْرُوبَةُ الْمُعَيَّنَةُ وَهَى ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ (خَرَجَ) : أَيْ: أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ، أَوْ شَرَعَ فِي الْخُرُوجِ مِنْهَا، (فَتَبِعَتْهُ ابْنَةُ حَمْزَةَ) : أَيِ ابْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَ قَدِ اسْتُشْهِدَ بِأُحُدٍ وَهِيَ يَتِيمَةٌ (تُنَادِي: يَا عَمِّ! يَا عَمِّ) : مُكَرَّرًا لِلتَّأْكِيدِ، وَأَصْلُهُ يَا عَمِّي فَحُذِفَتِ الْيَاءُ اكْتِفَاءً بِالْكَسْرَةِ، وَإِنَّمَا قَالَتْ هَذَا مَعَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ ابْنَ أَخِي أَبِيهَا، وَأَبُوهَا هُوَ عَمُّهُ، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَحَمْزَةَ وَزَيْدًا ارْتَضَعُوا فَهُوَ عَمُّهَا رَضَاعًا (فَتَنَاوَلَهَا عَلِيٌّ) : أَيْ فَقَصَدَ تَنَاوُلَهَا، (فَاخْتَصَمَ فِيهَا) : أَيْ فِي حَضَانَتِهَا (عَلِيٌّ وَزَيْدٌ) : أَيِ ابْنُ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَهُ وَزَوَّجَهُ زَيْنَبَ (وَجَعْفَرٌ) : أَيِ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ أَكْبَرَ مِنْ عَلِيٍّ بِعَشْرِ سِنِينَ (فَقَالَ) : وَفِي نُسْخَةِ الْعَفِيفِ، قَالَ (عَلِيٌّ: أَنَا أَخَذْتُهَا) : أَيْ سَبَقْتُهَا فِي الْأَخْذِ، فَكَأَنَّهُ جَعَلَهَا فِي مَعْنَى اللُّقَطَةِ وَاللَّقِيطِ (وَهِيَ بِنْتُ عَمِّي) : حَالٌ (وَقَالَ جَعْفَرٌ: بِنْتُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي) : أَيْ فَأَنَا أَحَقُّ بِهَا (وَقَالَ زَيْدٌ: بِنْتُ أَخِي) : أَيْ رَضَاعًا وَفِي جَامِعِ الْأُصُولِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ آخَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَمْزَةَ (فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِخَالَتِهَا
وَقَالَ: " الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ ". وَقَالَ لَعَلِيٍّ: " أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ ". وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: " أَشْبَهْتَ خَلْقِي) : بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (وَخُلُقِي) بِضَمَّتَيْنِ وَيُسَكَّنُ الثَّانِي (وَقَالَ لِزَيْدٍ: أَنْتَ أَخُونَا) : أَيْ فِي الْإِسْلَامِ (وَمَوْلَانَا) : أَيْ وَلِيُّنَا وَحَبِيبُنَا. وَهَذِهِ الْكَلِمَاتُ اللَّطِيفَةُ وَالْبِشَارَاتُ الشَّرِيفَةُ اسْتِطَابَةٌ لِقُلُوبِهِمْ، وَتَسْلِيَةٌ لِحُزْنِهِمْ فِي تَقْدِيمِ الْخَالَةِ عَلَيْهِمْ، وَفِي الْفَائِقِ: لَمَّا قَالَ صلى الله عليه وسلم لِزَيْدٍ: " أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا ". حَجَلَ أَيْ رَفَعَ رِجْلًا وَقَفَزَ أَيْ: وَثَبَ عَلَى الْأُخْرَى مِنَ الْفَرَحِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ أَخُونَا هَذِهِ الْمُؤَاخَاةُ وَبِقُولِهِ: مَوْلَانَا رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يُدْعَى بِحِبِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اهـ.
وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمَدْعُوَّ بِحِبِّهِ إِنَّمَا كَانَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَفِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِابْنِ الْهُمَامِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ أُمٌّ تَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ فَأُمُّ الْأُمِّ أَوْلَى مِنْ كُلِّ أَحَدٍ وَإِنْ عَلَتْ، وَعَنْ أَحْمَدَ: أُمُّ الْأَبِ أَوْلَى، وَعَنْ زُفَرَ: الْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ وَالْخَالَةُ أُمٌّ. وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ: ( «وَأَمَّا أَنْتَ يَا زَيْدُ فَأَخُونَا وَمَوْلَانَا، وَالْجَارِيَةُ عِنْدَ خَالَتِهَا فَإِنَّ الْخَالَةَ وَالِدَةٌ» ") . قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: هَذَا كُلُّهُ تَشْبِيهٌ، فَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُ فِي ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ، أَوْ كَوْنِهَا أَحَقَّ بِهِ مِنْ كُلِّ مَا سِوَاهَا، وَلَا دَلَالَةَ عَلَى الثَّانِي، وَالْأَوَّلُ مُتَيَقَّنٌ، فَيَثْبُتُ فَلَا يُقَيَّدُ الْحُكْمُ بِأَنَّهَا أَحَقُّ مِنْ أَحَدٍ بِخُصُوصِهِ أَصْلًا مِمَّنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ، فَيَبْقَى الْمَعْنَى الَّذِي عَيَّنَّاهُ بِلَا مُعَارِضٍ، وَهُوَ أَنَّ الْجَدَّةَ أُمٌّ، وَلِهَذَا تُحْرِزُ مِيرَاثَ الْأُمِّ مِنَ السُّدُسِ، وَعَلَيْهِ الشَّفَقَةُ تَتْبَعُ الْوِلَادَةَ ظَاهِرًا، فَكَانَتْ مُقَدَّمَةً عَلَى الْأَخَوَاتِ أَوْلَى مِنَ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ سُفْلَى وَلَا عُلْيَا، فَالْأَخَوَاتُ أَوْلَى مِنَ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
الْفَصْلُ الثَّانِي
3378 -
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما:«أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي، وَأَرَادَ أَنْ يَنْزِعَهُ مِنِّي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ.
ــ
الْفَصْلُ الثَّانِي
3378 -
(عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ (إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً) : بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ ظَرْفًا حَالَ حَمْلِهِ (وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ حَالَ رَضَاعِهِ (وَحِجْرِي) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحٍ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَابْنُ الْهُمَامِ (لَهُ) : أَيْ لِابْنِي حَالَ فِصَالَهُ وَفِطَامَهُ (حِوَاءً) : بِالْكَسْرِ أَيْ مَكَانًا يَحْوِيهِ وَيَحْفَظُهُ وَيَحْرُسُهُ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: الْحِوَاءُ بِالْكَسْرِ بَيْتٌ مِنَ الْوَبَرِ اهـ. فَالْكَلَامُ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ أَوِ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ، وَفِي الْقَامُوسِ: الْحِجْرُ مُثَلَّثٌ الْمَنْعُ وَحِضْنُ الْإِنْسَانِ، وَفِي الْمَشَارِقِ أَجْلَسْتُهُ فِي حَجْرِي بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ الثَّوْبُ وَالْحِضْنُ، وَإِذَا أُرِيدَ بِهِ الْمَصْدَرُ فَالْفَتْحُ لَا غَيْرُ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الِاسْمُ فَالْكَسْرُ لَا غَيْرُ اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ بِالْكَسْرِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، قَالَ وَقَوْلُهُ: رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي، وَفِي حِجْرِي مَيْمُونَةُ، وَمَا كَانَ مِثْلَهُ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ وَمَعْنَاهُ الْحَضَانَةُ وَالتَّرْبِيَةُ (وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَأَرَادَ أَنْ يَنْزِعَهُ) بِكَسْرِ الزَّايِ أَيْ يَأْخُذَهُ (مِنِّي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ ") : أَيْ بِوَلَدِكِ (مَا لَمْ تَنْكِحِي) : بِفَتْحِ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ وَكَسْرِ الْكَافِ أَيْ مَا لَمْ تَتَزَوَّجِي، قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: وَلَعَلَّ هَذَا الصَّبِيَّ مَا بَلَغَ سِنَّ التَّمْيِيزِ فَقَدَّمَ الْأُمَّ بِحَضَانَتِهِ، وَالَّذِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَعْنِي الْآتِيَ كَانَ مُمَيِّزًا فَخَيَّرَهُ اهـ. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ) .
قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَعَمْرٌو هَذَا هُوَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه فَإِذَا أَرَادَ بِجَدِّهِ مُحَمَّدًا كَانَ الْحَدِيثُ مُرْسَلًا، وَإِذَا أَرَادَ بِهِ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ مُتَّصِلًا، فَمَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ يَصِيرُ مُحْتَمِلًا لِلْإِرْسَالِ وَالِاتِّصَالِ، وَهَذَا نَصَّ عَلَى جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي: فَتَعَيَّنَ الِاتِّصَالُ وَارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ، ثُمَّ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ بِإِطْلَاقِهِ دَلِيلٌ لَنَا وَلِأَنَّ الْأُمَّ أَشْفَقُ عَلَيْهِ أَبَدًا لِحِكْمَةِ خُصُوصِ هَذَا الشَّرْعِ، وَأَقْدَرُ عَلَى الْحَضَانَةِ لِقِيَامِهَا بِمَصَالِحِهِ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الصِّدِّيقُ عَلَى مَا فِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ رحمه الله قَالَ: كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَاصِمًا، ثُمَّ فَارَقَهَا عُمَرُ، فَرَكِبَ يَوْمًا إِلَى قُبَاءٍ فَمَرَّ فَوَجَدَ ابْنَهُ يَلْعَبُ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَخَذَ بِعَضُدِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الدَّابَّةِ، فَأَدْرَكَتْهُ جَدَّةُ الْغُلَامِ فَنَازَعَتْهُ إِيَّاهُ فَأَقْبَلَا حَتَّى أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالَ عُمَرُ: ابْنِي. وَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: ابْنِي. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا. فَمَا رَاجَعَهُ عُمَرُ الْكَلَامَ، وَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَزَادَ ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «لَا تُولَدُ وَالِدَةٌ عَنْ وَلَدِهَا» ". وَفِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ طَلَّقَ جَمِيلَةَ بِنْتَ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ أَبِي لَيْلَى فَتَزَوَّجَتْ، فَجَاءَ عُمَرُ فَأَخَذَ ابْنَهُ فَأَدْرَكَتْهُ شَمُوسُ ابْنَةُ عَاصِمٍ الْأَنْصَارِيَّةُ، وَهِيَ أُمُّ جَمِيلَةَ فَأَخَذَتْهُ، فَتَرَافَعَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: خَلِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ابْنِهَا. فَأَخَذَتْهُ. وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ طَلَّقَ أُمَّ عَاصِمٍ ثُمَّ أَتَى عَلَيْهَا وَفِي حِجْرِهَا عَاصِمٌ، فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ فَتَجَاذَبَاهُ بَيْنَهُمَا حَتَّى بَكَى الْغُلَامُ، فَانْطَلَقَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ: مِسْحُهَا وَحِجْرُهَا وَرِبْحُهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْكَ حَتَّى يَشِبَّ الصَّبِيُّ فَيَخْتَارَ لِنَفْسِهِ.
3379 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــ
3379 -
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خَيَّرَ غُلَامًا) : أَيْ وَلَدًا بَلَغَ سِنَّ الْبُلُوغِ وَتَسْمِيَتُهُ غُلَامًا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 2] وَقِيلَ غُلَامًا مُمَيِّزًا (بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ) . وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَالْوَلَدُ إِذَا صَارَ مُسْتَغْنِيًا بِأَنْ يَأْكُلَ وَحْدَهُ وَيَشْرَبَ وَحْدَهُ وَيَلْبَسَ وَحْدَهُ، قِيلَ: وَيَسْتَنْجِيَ وَحْدَهُ وَيَتَوَضَّأَ وَحْدَهُ فَالْأَبُ أَحَقُّ بِهِ، وَالْخَصَّافُ قَدَّرَ الِاسْتِغْنَاءِ بِسَبْعِ سِنِينَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَكَذَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ لَا مَا قِيلَ أَنَّهُ يُقَدَّرُ بِتِسْعٍ ; لِأَنَّ الْأَبَ مَأْمُورٌ بِأَمْرِهِ بِالصَّلَاةِ إِذَا بَلَغَهَا وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الْوَلَدُ عِنْدَهُ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: إِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ السِّنَّ الَّذِي يَكُونُ الْأَبُ أَحَقَّ بِهِ كَسَبْعٍ مَثَلًا أَخَذَهُ الْأَبُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اخْتِيَارِ الْغُلَامِ ذَلِكَ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُخَيَّرُ الْغُلَامُ فِي سُبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ، وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ يُخَيَّرُ فِي سَبْعٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) .
3380 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: «جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي وَقَدْ سَقَانِي وَنَفَعَنِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: هَذَا أَبُوكَ وَهَذِهِ أُمُّكَ، فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْتَ. فَأَخَذَ يَدَ أُمِّهِ فَانْطَلَقَتْ بِهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارِمِيُّ.
ــ
3380 -
(وَعَنْهُ) : أَيْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي وَقَدْ سَقَانِي وَنَفَعَنِي) تُرِيدُ أَنَّ ابْنَهَا بَلَغَ مَبْلَغًا تَنْتَفِعُ بِخِدْمَتِهِ (قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " هَذَا أَبُوكَ وَهَذِهِ أُمُّكَ فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا ". فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ فَانْطَلَقَتْ بِهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارِمِيُّ.
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
3381 -
عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ سُلَيْمَانَ مَوْلًى لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، قَالَ:«بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَارِسِيَّةٌ، مَعَهَا ابْنٌ لَهَا، وَقَدْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَادَّعَيَاهُ، فَرَطَنَتْ لَهُ تَقُولُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اسْتَهِمَا عَلَيْهِ. رَطَنَ لَهَا بِذَلِكَ. فَجَاءَ زَوْجُهَا، وَقَالَ: مَنْ يُحَاقُّنِي فِي ابْنِي؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أَقُولُ هَذَا إِلَّا أَنِّي كُنْتُ قَاعِدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي، وَقَدْ نَفَعَنِي وَسَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ - وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ: مِنْ عَذْبِ الْمَاءِ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " اسْتَهِمَا عَلَيْهِ ". فَقَالَ زَوْجُهَا مَنْ يُحَاقُّنِي فِي وَلَدِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " هَذَا أَبُوكَ وَهَذِهِ أُمُّكَ، فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْتَ ". فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ وَرَوَاهُ الدَّارِمِيُّ عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ.
ــ
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
3381 -
(عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ سُلَيْمَانَ) : بِالتَّصْغِيرِ، كَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ الْمِشْكَاةِ. وَفِي هَامِشِ أَصْلِ السَّيِّدِ: صَوَابُهُ سَلْمَانُ أَيْ بِالْفَتْحِ وَالسُّكُونِ (مَوْلًى لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ: أَبُو مَيْمُونَةَ الْفَارِسِيُّ الْمَدَنِيُّ الْأَوْبَارُ، قِيلَ: اسْمُهُ سُلَيْمٌ أَوْ سَلْمَانُ، وَقِيلَ: أُسَامَةُ، ثِقَةٌ مِنَ الثَّامِنَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْفَارِسِيِّ وَالْأَوْبَارِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَدَنِيٌّ يَرْوِي عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ. قَالَ: وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ أَنَّ أَبَاهُ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُوَ الْهِلَالُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أُسَامَةَ مَنْسُوبٌ إِلَى جَدِّهِ، وَهُوَ هِلَالُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ الْفِهْرِيُّ ذَكَرَهُ فِي التَّابِعِينَ اهـ.
قِيلَ: وَفِي عِبَارَةِ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ أَنَّ أَبَا مَيْمُونَةَ سَلْمَانَ مَوْلًى مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. قَالَ: وَفِي جَامِعِ الْأُصُولِ: عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، وَقِيلَ أُسَامَةُ، وَسَتَأْتِي عِبَارَةُ النَّسَائِيِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَبَا مَيْمُونَةَ قَالَ:(بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَارِسِيَّةٌ) ، بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ عَجَمِيَّةٌ (مَعَهَا ابْنٌ لَهَا وَقَدْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَادَّعَيَاهُ)، أَيِ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا الِابْنَ (فَرَطَنَتْ) فِي النِّهَايَةِ: الرَّطَانَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا، وَالتَّرَاطُنُ كَلَامٌ لَا يَفْهَمُهُ الْجُمْهُورُ، وَإِنَّمَا هُوَ مُوَاضَعَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ جَمَاعَةٍ، وَالْعَرَبُ تَخُصُّ بِالرِّطَانَةِ غَالِبَ كَلَامِ الْعَجَمِ، وَفِي الصِّحَاحِ: رَطَنْتُ لَهُ إِذَا كَلَّمْتَهُ بِالْعَجَمِيَّةِ، فَالْمَعْنَى تَكَلَّمَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ (لَهُ) : أَيْ لَأَبِي هُرَيْرَةَ (تَقُولُ) : أَيِ الْمَرْأَةُ مَا مَعْنَاهُ بِالْعَرَبِيَّةِ (يَا أَبَا هُرَيْرَةَ: زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي) أَيْ يَأْخُذَهُ مِنِّي وَيَصْحَبَهُ (فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اسْتَهِمَا عَلَيْهِ) : أَيْ عَلَى الِابْنِ، وَالْمَعْنَى: اقْتَرِعِي أَنْتِ وَأَبُوهُ، فَفِيهِ تَغْلِيبُ الْحَاضِرِ عَلَى الْغَائِبِ (رَطَنَ) : أَيْ أَبُو هُرَيْرَةَ أَوْ مُتَرْجِمُهُ (لَهَا) : أَيْ لِلْمَرْأَةِ (بِذَلِكَ) . أَيْ بِمَا قَالَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ (فَجَاءَ زَوْجُهَا) : أَيْ فَتَقَدَّمَ لِلْخُصُومَةِ (وَقَالَ: مَنْ يُحَاقُّنِي) : بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ مَنْ يُنَازِعُنِي (فِي ابْنِي) ؟ أَيْ فِي حَقِّهِ (فَقَالَ أَبُوِ هُرَيْرَةَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أَقُولُ هَذَا) : أَيْ هَذَا الْقَوْلَ وَهَذَا الْحُكْمَ (إِلَّا أَنِّي) : بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ لِأَنِّي (كُنْتُ قَاعِدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي وَقَدْ نَفَعَنِي وَسَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ) : بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ فَنُونٍ مَفْتُوحَةٍ فَمُوَحَّدَةٍ (وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ) : أَيْ فِي رِوَايَةٍ عِنْدَهُ، (مِنْ عَذْبِ الْمَاءِ) : مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ إِلَى الْمَوْصُوفِ، أَيِ الْمَاءِ الْعَذْبِ وَهُوَ الْحُلْوُ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام:" اسْتَهِمَا عَلَيْهِ ". فَقَالَ زَوْجُهَا: مَنْ يُحَاقُّنِي فِي وَلَدِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام: أَيْ لِلْوَلَدِ (هَذَا أَبُوكَ، وَهَذِهِ أُمُّكَ، فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْتَ) فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ.
وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ وَالدَّارِمِيُّ (لَكِنَّهُ) : أَيِ النَّسَائِيَّ (ذَكَرَ الْمُسْنَدَ) . أَيْ دُونَ الْمَوْقُوفِ، فَإِنَّ عِبَارَةَ النَّسَائِيِّ هَكَذَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا زِيَادٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ، قَالَ: «بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي، وَقَدْ