الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَيْسَ مَخْلُوقًا لَهُ وَلَا هُوَ كَلَامُهُ، فَإِذَا (1) كَانَ هَذَا صِدْقًا وَهَذَا صِدْقًا، فَلَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفُوا أَنَّ هَذَا كَلَامُهُ وَلَيْسَ هَذَا بِكَلَامِهِ.
[الرد على قول الرافضي: وجاز منه إرسال الكذاب والرد عليه]
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَجَازَ [مِنْهُ] (2) إِرْسَالُ الْكَذَّابِ " فَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا رَيْبَ أَنَّ اللَّهَ يُرْسِلُ الْكَذَّابَ، كَإِرْسَالِ الشَّيَاطِينِ فِي قَوْلِهِ:{أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [سُورَةُ مَرْيَمَ: 83]، وَ [يَبْعَثُهُمْ] كَمَا فِي قَوْلِهِ (3) تَعَالَى:{بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} [سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: 5] ، لَكِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا مَقْرُونًا بِمَا يُبَيِّنُ كَذِبَهُمْ، كَمَا فِي مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ وَالْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ. وَلَكِنْ لَيْسَ (4) فِي مُجَرَّدِ إِرْسَالِ الْكَذَّابِ مَا يَمْنَعُ التَّمْيِيزَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّادِقِ، كَمَا أَنَّهُ يُرْسِلُ الظَّالِمَ، وَلَيْسَ فِي إِرْسَالِهِ مَا يَمْنَعُ التَّمْيِيزَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَادِلِ، وَيُرْسِلُ الْجَاهِلَ وَالْفَاجِرَ (5) وَالْأَعْمَى وَالْأَصَمَّ، وَلَيْسَ فِي إِرْسَالِ هَؤُلَاءِ مَا يَمْنَعُ التَّمْيِيزَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ. وَلَفْظُ " الْإِرْسَالِ " يَتَنَاوَلُ إِرْسَالَ الرِّيَاحِ وَإِرْسَالَ الشَّيَاطِينِ وَغَيْرَ ذَلِكَ.
الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: هُمْ يُجَوِّزُونَ أَنْ يَخْلُقَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ وَإِعْطَاءَهُ الْقُدْرَةَ عَلَى الْكَذِبِ، كَمَا خَلَقَ مُسَيْلِمَةَ [الْكَذَّابَ](6) وَالْعَنْسِيَّ. فَإِنْ كَانَ
(1) ن، م: فَإِنْ.
(2)
مِنْهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (ع) ، (أ) .
(3)
ن، م: وَكَمَا فِي قَوْلِهِ.
(4)
أ، ب: وَلَيْسَ.
(5)
م، أ، ب: وَيُرْسِلُ الْعَاجِزَ، ن: يُرْسِلُ الْعَاجِزَ وَالْجَاهِلَ.
(6)
الْكَذَّابَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
خَلْقُهُ لِهَذَا جَائِزًا، مَعَ أَنَّهُ مَيَّزَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّادِقِ. كَذَلِكَ خَلَقَ الْكَذَّابَ بِكَذِبِهِ (1) .
الثَّالِثُ: أَنَّهُ إِذَا خَلَقَ مَنْ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ وَهُوَ كَاذِبٌ، فَإِنْ قَالُوا: يَجُوزُ إِظْهَارُ أَعْلَامِ الصِّدْقِ عَلَيْهِ، كَانَ هَذَا مَمْنُوعًا، وَهُوَ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ. وَإِنْ قَالُوا: لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ مُجَرَّدَ دَعْوَى النُّبُوَّةِ بِلَا عِلْمٍ عَلَى الصِّدْقِ ضَارًّا (2) ، فَإِنَّ الشَّخْصَ لَوِ ادَّعَى أَنَّهُ طَبِيبٌ أَوْ صَانِعٌ (3) بِلَا دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَيْهِ، فَكَيْفَ بِمُدَّعِي (4) النُّبُوَّةِ؟
وَإِنْ قَالُوا: (5) إِذَا جَوَّزْتُمْ عَلَيْهِ أَنْ يَخْلُقَ الْكَذِبَ فِي الْكَذَّابِ، فَجَوِّزُوا عَلَيْهِ أَنْ يُظْهِرَ عَلَى يَدَيْهِ أَعْلَامَ الصِّدْقِ.
قِيلَ: هَذَا مُمْتَنِعٌ ; لِأَنَّ أَدِلَّةَ الصِّدْقِ تَسْتَلْزِمُ الصِّدْقَ، لِأَنَّ الدَّلِيلَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْمَدْلُولِ، فَإِظْهَارُ أَعْلَامِ الصِّدْقِ عَلَى [يَدِ] الْكَذَّابِ (6) مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ، فَلَا يُمْكِنُ بِحَالٍ.
وَإِنْ قَالُوا: فَجَوِّزُوا أَنْ يَظْهَرَ عَلَى يَدَيْهِ خَارِقٌ.
قُلْنَا: نَعَمْ، فَنَحْنُ (7) نُجَوِّزُ أَنْ يَظْهَرَ الْخَارِقُ عَلَى [يَدِ مَنْ] يَدَّعِي (8)
(1) أ: الْكَذَّابَ بِهِ، ب: الْكَذِبَ بِهِ.
(2)
ن، م: ضَارَّةً.
(3)
ن: صَايِعٌ.
(4)
أ، ب: يَدَّعِي، ن: مُدَّعِي، م: مَنْ يَدَّعِي.
(5)
أ، ب: وَإِذَا قِيلَ، م: فَإِذَا قَالُوا.
(6)
ن، ع: عَلَى الْكَذَّابِ، م: لِلْكَذَّابِ.
(7)
ن، م، ع: وَنَحْنُ.
(8)
ن: عَلَى مُدَّعِي، ع: عَلَى يَدِ مُدَّعِي، أ، ب: عَلَى يَدَيْ مَنْ يَدَّعِي.