المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل زعم الرافضي بأن أهل السنة ينكرون عصمة الأنبياء وكلامه على مقالتهم في الإمامة والرد عليه] - منهاج السنة النبوية - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[فصل قول الرافضي إن اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِ مَقْدُورِ الْعِبَادِ والرد عليه]

- ‌[فصل كلام الرافضي في القضاء والقدر أَنَّ اللَّهَ عز وجل يَفْعَلُ الْقَبَائِحَ]

- ‌[فصل كلام للرافضي في مسألة القدر يَسْتَلْزِمُ أَشْيَاءَ شَنِيعَةً مِنْهَا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ أَظْلَمَ مِنْ كُلِّ ظَالِمٍ والرد عليه]

- ‌[فصل كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر إِفْحَامُ الْأَنْبِيَاءِ وَانْقِطَاعُ حُجَّتِهِمْ والرد عليه]

- ‌[حَدِيثُ احْتِجَاجِ آدَمَ وَمُوسَى عليهما السلام]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر تجويز أن يعذب الله سيد المرسلين على طاعتهِ]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر لَا يَتَمَكَّنُ أَحَدٌ مِنْ تَصْدِيقِ أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر لَا يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ اللَّهُ أَنَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ عَفُوٌّ]

- ‌[فصل كلام الرافضي عن تكليف ما لا يطاق عند أهل السنة والرد عليه من وجوه]

- ‌[فصل كلام الرافضي على الأفعال الاختيارية عند أهل السنة والرد عليه]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر أنه لا فرق بين الإحسان والإساءة لأنهما صادران من الله والرد عليه]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر الْمَعْصِيَةُ إِمَّا مِنَ الْعَبْدِ أَوْ مِنَ اللَّهِ أَوْ مِنْهُمَا]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر أن الْكَافِرَ يَكُونُ مُطِيعًا بِكُفْرِهِ لِأَنَّهُ فَعَلَ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر يَلْزَمُ نِسْبَةُ السَّفَهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ يَأْمُرُ الْكَافِرَ بِالْإِيمَانِ وَلَا يُرِيدُهُ مِنْهُ]

- ‌[فصل مَنْ نَفَى قِيَامَ الْأُمُورِ الِاخْتِيَارِيَّةِ بِذَاتِ الرَّبِّ تَعَالَى لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ أَقْوَالًا مُتَنَاقِضَةً فَاسِدَةً]

- ‌[فصل كلام الرافضي على الرضا بقضاء الله وقدره والرد عليه]

- ‌[فصل من كلام الرافضي عن القدر عند أهل السنة " وَمِنْهَا أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ نَسْتَعِيذَ بِإِبْلِيسَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى " والرد عليه]

- ‌[فصل من كلام الرافضي قوله: لَا يَبْقَى وُثُوقٌ بِوَعْدِ اللَّهِ وَوَعِيدِهِ]

- ‌[الرد على قول الرافضي: وجاز منه إرسال الكذاب والرد عليه]

- ‌[فصل من كلام الرافضي قوله في مسألة القدر عند أهل السنة يَلْزَمُ تَعْطِيلُ الْحُدُودِ وَالزَّوَاجِرِ عَنِ الْمَعَاصِي]

- ‌[فصل كلام الرافضي على دلالة العقل عنده على الأفعال الاختيارية والرد عليه]

- ‌[فصل كلام الرافضي على دلالة النقل على الأفعال الاختيارية والرد عليه]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على الأفعال الاختيارية " الْقَادِرُ يَمْتَنِعُ أَنْ يُرَجِّحَ مَقْدُورَهُ " والرد عليه]

- ‌[فصل الكلام على قول الرافضي أي شركة هنا والرد عليه]

- ‌[شرك الفلاسفة وَتَعْطِيلُهُمْ أَعْظَمُ بِكَثِيرٍ مِنْ شِرْكِ الْقَدَرِيَّةِ وَتَعْطِيلِهِمْ]

- ‌[أدلة الوحدانية عند الفلاسفة]

- ‌[الكلام على دليل التمانع عند المتكلمين]

- ‌[التعليق على كلام الرافضي عن قوله تعالى وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ]

- ‌[فصل كلام الرافضي على إثبات الأشاعرة لرؤية الله تعالى والرد عليه]

- ‌[فصل كلام الرافضي على مقالة الأشاعرة في كلام الله تعالى والرد عليه]

- ‌[فصل زعم الرافضي بأن أهل السنة ينكرون عصمة الأنبياء وكلامه على مقالتهم في الإمامة والرد عليه]

- ‌[فصل التعليق على كلامه عن الإمامة " وَلَمْ يَجْعَلُوا الْأَئِمَّةَ مَحْصُورِينَ فِي عَدَدٍ مُعَيَّنٍ

- ‌[فصل تابع رد ابن تيميَّة على كلام ابن المطهر عن الإمامة عند أهل السنة]

- ‌[فصل كلام الرافضي على قول أهل السنة بالقياس وأخذهم بالرأي والرد عليه]

- ‌[فصل كلام الرافضي على أمور فقهية شنيعة يقول بها أهل السنة في زعمه والرد عليه]

- ‌[الكلام على زعم الرافضي بأن أهل السنة يبيحون النبيذ]

- ‌[الكلام على قول الرافضي بإباحة أهل السنة للصلاة في جلد الكلب]

- ‌[الكلام على زعم الرافضي بأن أهل السنة أباحوا المغصوب لو غير الغاصب الصفة]

- ‌[التعليق على مزاعمه عن مقالة أهل السنة في الحدود]

- ‌[الرد على مزاعمه عن إباحة أهل السنة لأكل الكلب واللواط والملاهي]

- ‌[فصل قول الرافضي " الوجه الثاني في وجوب اتباع مذهب الإمامية أنها الفرقة الناجية " والرد عليه]

- ‌[فصل قول الرافضي " الوجه الثالث أن الإمامية جازمون بحصول النجاة لهم " والرد عليه]

الفصل: ‌[فصل زعم الرافضي بأن أهل السنة ينكرون عصمة الأنبياء وكلامه على مقالتهم في الإمامة والرد عليه]

يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَتَكَلَّمُ بِصَوْتٍ، لَكِنْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ: إِنَّ ذَلِكَ الصَّوْتَ الْمُعَيَّنَ قَدِيمٌ

[فصل زعم الرافضي بأن أهل السنة ينكرون عصمة الأنبياء وكلامه على مقالتهم في الإمامة والرد عليه]

فَصْلٌ (1) قَالَ الرَّافِضِيُّ (2) : وَذَهَبَ جَمِيعُ مَنْ عَدَا (3) الْإِمَامِيَّةِ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَالْأَئِمَّةَ (4) غَيْرُ مَعْصُومِينَ، فَجَوَّزُوا بَعْثَةَ مَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْكَذِبُ وَالسَّهْوُ وَالْخَطَأُ وَالسَّرِقَةُ، فَأَيُّ وُثُوقٍ يَبْقَى لِلْعَامَّةِ فِي أَقْوَالِهِمْ (5) ، وَكَيْفَ (6) يَحْصُلُ الِانْقِيَادُ إِلَيْهِمْ (7) ، وَكَيْفَ يَجِبُ اتِّبَاعُهُمْ مَعَ تَجْوِيزِ أَنْ يَكُونَ مَا يَأْمُرُونَ بِهِ خَطَأً؟ وَلَمْ يَجْعَلُوا الْأَئِمَّةَ مَحْصُورِينَ فِي عَدَدٍ مُعَيَّنٍ بَلْ كُلُّ مَنْ بَايَعَ (8) قُرَشِيًّا انْعَقَدَتْ إِمَامَتُهُ عِنْدَهُمْ، وَوَجَبَ (9) طَاعَتُهُ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ إِذَا كَانَ مَسْتُورَ الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ (10) عَلَى غَايَةٍ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالنِّفَاقِ (11) .

(1) عِنْدَ كَلِمَةِ فَصْلٌ تَبْدَأُ نُسْخَةُ (وَ) = نُسْخَةُ الْوِلَايَاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْأَمْرِيكِيَّةِ.

(2)

الْكَلَامُ التَّالِي فِي (ك) ص 93 (م) .

(3)

ب: جَمْعُ مَا عَدَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(4)

ك: وَالْأَئِمَّةَ عليهم السلام.

(5)

ك: فِي أَقَاوِيلِهِمْ.

(6)

ك: فَكَيْفَ.

(7)

أ، ب: لَهُمْ.

(8)

أ، ن، م، وَ: بَلْ كُلُّ مِنْ تَابَعَ، ك: بَلْ قَالُوا: كُلُّ مَنْ بَايَعَ، وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) .

(9)

ن، وَ، أ، ب: وَوَجَبَتْ.

(10)

وَإِنْ كَانَ فِي (ب) ، (ك) فَقَطْ، وَسَقَطَتْ مِنْ سَائِرِ النُّسَخِ.

(11)

ن، م: مِنَ الْفُسُوقِ وَالْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ. وَ: مِنَ الْفِسْقِ وَالْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ

ص: 371

فَيُقَالُ: الْكَلَامُ عَلَى هَذَا مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ: مَا ذَكَرْتَهُ عَنِ الْجُمْهُورِ مِنْ نَفْيِ (1) الْعِصْمَةِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ وَتَجْوِيزِ الْكَذِبِ وَالسَّرِقَةِ (2) وَالْأَمْرِ بِالْخَطَأِ عَلَيْهِمْ فَهَذَا (3) كَذِبٌ عَلَى الْجُمْهُورِ؛ فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَقِرَّ فِي شَيْءٍ مِنَ الشَّرِيعَةِ خَطَأٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَكُلُّ مَا يُبَلِّغُونَهُ عَنِ اللَّهِ عز وجل (4) مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ يَجِبُ طَاعَتُهُ فِيهِ (5) بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا أَخْبَرُوا بِهِ وَجَبَ تَصْدِيقُهُمْ فِيهِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا أَمَرُوهُمْ بِهِ وَنَهَوْهُمْ عَنْهُ (6) وَجَبَتْ طَاعَتُهُمْ فِيهِ (7) عِنْدَ جَمِيعِ فِرَقِ الْأُمَّةِ، إِلَّا عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنَ الْخَوَارِجِ يَقُولُونَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (8) مَعْصُومٌ فِيمَا يُبَلِّغُهُ عَنِ اللَّهِ لَا فِيمَا يَأْمُرُ هُوَ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ. وَهَؤُلَاءِ ضُلَّالٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ (9) .

وَقَدْ ذَكَرْنَا غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ [مَنْ قَالَ: قُولًا خَطَأً لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَدْحًا فِي الْمُسْلِمِينَ](10) ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ خَطَأُ الرَّافِضَةِ

(1) ن، م، وَ: فِي نَفْيِ.

(2)

أ، ب: السَّرِقَةِ وَالْكَذِبِ.

(3)

فَهَذَا: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(4)

عز وجل: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(5)

أ، ب: فَهُمْ مُطَاعُونَ فِيهِ.

(6)

ن، م: وَمَا أَمَرُوا بِهِ وَنَهَوْا عَنْهُ، وَ: وَمَا أَمَرُوا بِهِ وَنَهَوْا عَنْهُ.

(7)

أ، ب: فَهُمْ مُطَاعُونَ فِيهِ.

(8)

صلى الله عليه وسلم: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(9)

أ، ب: بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.

(10)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.

ص: 372

عَيْبًا فِي دِينِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يُعْرَفُ فِي الطَّوَائِفِ أَكْثَرُ خَطَأً وَكَذِبًا مِنْهُمْ، وَذَلِكَ (1) لَا يَضُرُّ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا، فَكَذَلِكَ لَا يَضُرُّهُمْ (2) وُجُودُ مُخْطِئٍ آخَرَ (3) غَيْرِ الرَّافِضَةِ.

وَأَكْثَرُ النَّاسِ - أَوْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ - لَا يُجَوِّزُونَ عَلَيْهِمُ الْكَبَائِرَ، وَالْجُمْهُورُ الَّذِي يُجَوِّزُونَ الصَّغَائِرَ -[هُمْ وَمَنْ يُجَوِّزُ الْكَبَائِرَ -] (4) يَقُولُونَ: إِنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهَا، بَلْ يَحْصُلُ لَهُمْ بِالتَّوْبَةِ مِنْهَا مِنَ الْمَنْزِلَةِ (5) أَعْظَمُ مِمَّا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ.

وَبِالْجُمْلَةِ (6) فَلَيْسَ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ يَجِبُ طَاعَةُ الرَّسُولِ مَعَ جَوَازِ أَنْ يَكُونَ أَمْرُهُ خَطَأً، بَلْ هُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي يَجِبُ طَاعَتُهُ لَا يَكُونُ إِلَّا صَوَابًا. فَقَوْلُهُ:" كَيْفَ يَجِبُ اتِّبَاعُهُمْ مَعَ تَجْوِيزِ أَنْ يَكُونَ مَا يَأْمُرُونَ (7) بِهِ خَطَأً " قَوْلٌ لَا يُلْزِمُ أَحَدًا مِنَ الْأُمَّةِ (8) .

وَلِلنَّاسِ فِي تَجْوِيزِ الْخَطَأِ عَلَيْهِمْ فِي الِاجْتِهَادِ قَوْلَانِ مَعْرُوفَانِ، وَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُطَاعُونَ فِيمَا أُقِرُّوا عَلَيْهِ، لَا فِيمَا غَيَّرَهُ اللَّهُ وَنَهَى عَنْهُ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِالطَّاعَةِ فِيهِ.

(1) ن، م: وَكَذَلِكَ.

(2)

أ: شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُمْ، ب: شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّهُمْ، م: وَكَذَلِكَ لَا يَضُرُّهُمْ.

(3)

آخَرَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(4)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(5)

ن، م: مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(6)

ن، م، وَ: وَفِي الْجُمْلَةِ.

(7)

مَا يَأْمُرُونَ، سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(8)

أ، ب: مِنَ الْأَئِمَّةِ.

ص: 373

وَأَمَّا عِصْمَةُ الْأَئِمَّةِ فَلَمْ يَقُلْ بِهَا إِلَّا كَمَا قَالَ الْإِمَامِيَّةُ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةُ.

وَنَاهِيكَ (1) بِقَوْلٍ (2) لَمْ يُوَافِقْهُمْ عَلَيْهِ إِلَّا الْمَلَاحِدَةُ الْمُنَافِقُونَ، الَّذِينَ شُيُوخُهُمُ الْكِبَارُ أَكْفَرُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ! (3) وَهَذَا دَأْبُ الرَّافِضَةِ دَائِمًا (4) يَتَجَاوَزُونَ عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ فِي الْأَقْوَالِ وَالْمُوَالَاةِ وَالْمُعَاوَنَةِ (5) وَالْقِتَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

فَهَلْ يُوجَدُ أَضَلُّ (6) مِنْ قَوْمٍ يُعَادُونَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَيُوَالُونَ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ؟ (7) وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ - أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ - اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ - لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ - يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ - اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ - إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ - كَتَبَ

(1) وَنَاهِيكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(2)

أفَقَطْ: يَقُولُ.

(3)

وَالْمُشْرِكِينَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(4)

م: وَإِنَّمَا. وَسَقَطَتِ الْكَلِمَةُ مِنْ (وَ) .

(5)

م: فِي الْأَقْوَالِ أَدْنَى الْمُوَالَاةِ وَالْمُعَادَاةِ، وَ: فِي الْأَقْوَالِ وَفِي الْمُوَالَاةِ وَالْمُعَادَاةِ.

(6)

أ، ب: وَمَنْ أَضَلُّ مِنْ.

(7)

أ، ب: الْمُنَافِقِينَ وَالْكُفَّارَ.

ص: 374

اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ - لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ: 14 - 22] .

فَهَذِهِ الْآيَاتُ نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ، وَلَيْسَ الْمُنَافِقُونَ فِي طَائِفَةٍ أَكْثَرَ مِنْهُمْ فِي الرَّافِضَةِ، حَتَّى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الرَّوَافِضِ إِلَّا مَنْ فِيهِ شُعْبَةٌ مِنْ شُعَبِ النِّفَاقِ.

كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " «أَرْبَعٌ مَنْ كُنْ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةً مِنْهُنَّ كَانَتْ (1) فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَثَ كَذِبَ، وَإِذَااؤْتُمِنُ خَانَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» ". أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ (2) .

{تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ - وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 80 - 81](3) .

(1) كَانَتْ: كَذَا فِي (ن) ، (وَ)، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: كَانَ، وَسَقَطَتِ الْكَلِمَةُ مَعَ كَلِمَاتٍ قَبْلَهَا مِنْ (م) .

(2)

الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما فِي: الْبُخَارِيِّ 1 - 12 كِتَابُ الْإِيمَانِ بَابَ عَلَامَةِ النِّفَاقِ 4 - 102 كِتَابُ الْجِزْيَةِ وَالْمُوَادَعَةِ، بَابُ إِثْمِ مَنْ عَاهَدَ ثُمَّ غَدَرَ، مُسْلِمٍ 1 - 78 كِتَابُ الْإِيمَانِ بَابُ بَيَانِ خِصَالِ الْمُنَافِقِ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4 - 305، 306 كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ.

(3)

ن، م، أ، ب: كَثِيرٌ مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ.

ص: 375

وَقَالَ تَعَالَى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ - كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ - تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 78 - 80] وَهُمْ غَالِبًا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ، بَلْ دِيَارُهُمْ أَكْثَرُ الْبِلَادِ مُنْكَرًا مِنَ الظُّلْمِ وَالْفَوَاحِشِ (1) وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الْكُفَّارَ الَّذِينَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَلَيْسُوا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا مَعَ الْكُفَّارِ (2) كَمَا قَالَ تَعَالَى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ} [سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ: 14] .

وَلِهَذَا هُمْ عِنْدَ جَمَاهِيرِ (3) الْمُسْلِمِينَ نَوْعٌ آخَرُ حَتَّى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا قَاتَلُوهُمْ بِالْجَبَلِ الَّذِي كَانُوا عَاصِينَ فِيهِ (4) بِسَاحِلِ الشَّامِ، يَسْفِكُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَيَأْخُذُونَ أَمْوَالَهُمْ وَيَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ اسْتِحْلَالًا لِذَلِكَ وَتَدَيُّنًا بِهِ، فَقَاتَلَهُمْ صِنْفٌ مِنَ التُّرْكُمَانِ فَصَارُوا يَقُولُونَ: نَحْنُ مُسْلِمُونَ، فَيَقُولُونَ: لَا أَنْتُمْ جِنْسٌ (5) آخَرُ. فَهُمْ بِسَلَامَةِ قُلُوبِهِمْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ جِنْسٌ آخَرُ (6) خَارِجُونَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ [لِامْتِيَازِهِمْ عَنْهُمْ](7) .

(1) ن، م، وَ: مِنْ ظُلْمٍ وَفَوَاحِشَ.

(2)

ن: لَيْسُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا مَعَ الْكُفَّارِ، م: لَيْسُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا مَعَ الْكُفَّارِ، وَلَيْسُوا مَعَ الْكُفَّارِ وَلَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ.

(3)

أ، ب: جَمَاعَةِ.

(4)

ن: الَّذِينَ كَانُوا فِيهَا عَاصِينَ، م: الَّذِينَ كَانُوا عَاصِينَ فِيهَا.

(5)

أ، ب: صِنْفٌ.

(6)

آخَرُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (وَ) .

(7)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

ص: 376

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ: 14] وَهَذَا حَالُ (1) الرَّافِضَةِ، وَكَذَلِكَ (2) {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} إِلَى قَوْلِهِ:{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الْآَيَةَ سُورَةَ الْمُجَادَلَةِ: 16 - 22] وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يُوَادُّ (3) الْكُفَّارَ مِنْ وَسَطِ قَلْبِهِ (4) أَكْثَرَ مِنْ مُوَادَّتِهِ لِلْمُسْلِمِينَ؛ وَلِهَذَا لَمَّا خَرَجَ (5) التُّرْكُ وَالْكُفَّارُ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ (6) فَقَاتَلُوا (7) الْمُسْلِمِينَ وَسَفَكُوا دِمَاءَهُمْ بِبِلَادِ (8) خُرَاسَانَ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ وَغَيْرِهَا، كَانَتِ الرَّافِضَةُ مُعَاوَنَةً لَهُمْ عَلَى قِتَالِ (9) الْمُسْلِمِينَ، (10 وَوَزِيرُ بَغْدَادَ الْمَعْرُوفُ بِالْعَلْقَمِيِّ (10) هُوَ وَأَمْثَالُهُ كَانُوا مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ مُعَاوَنَةً لَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ 10) (11) ، وَكَذَلِكَ الَّذِينَ كَانُوا بِالشَّامِ بِحَلَبَ وَغَيْرِهَا (12) مِنَ الرَّافِضَةِ كَانُوا مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ مُعَاوَنَةً لَهُمْ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ النَّصَارَى

(1) أ، ب: وَهَذِهِ حَالَةُ، وَ: وَهَذِهِ حَالُ.

(2)

أ، ب: وَلِذَلِكَ.

(3)

ن، م: يُوَادُّونَ.

(4)

ن: مِنْ وَسَطِ عَلَيْهِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(5)

أ، ب: أَخْرَجَ.

(6)

ن، م، وَ: الشَّرْقِ.

(7)

أ، ب: وَقَتَلُوا.

(8)

ن، م: بِبَلَدِ.

(9)

قِتَالِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(10)

ن، م: الْعَلْقَمِيُّ، وَانْظُرْ مَا ذَكَرْتُهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ، ص [0 - 9] 4 عَنِ الْعَلْقَمِيِّ.

(11)

(10 - 10) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(12)

أ، ب: بِالشَّامِ وَحَلَبَ وَغَيْرِهِمَا.

ص: 377

الَّذِينَ قَاتَلَهُمُ الْمُسْلِمُونَ (1) بِالشَّامِ، كَانَتِ الرَّافِضَةُ مِنْ أَعْظَمِ أَعْوَانِهِمْ (2) . وَكَذَلِكَ إِذَا صَارَ الْيَهُودُ (3) دَوْلَةً بِالْعِرَاقِ وَغَيْرِهِ تَكُونُ الرَّافِضَةُ مِنْ أَعْظَمِ أَعْوَانِهِمْ (4) فَهُمْ (5) دَائِمًا يُوَالُونَ الْكُفَّارَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَيُعَاوِنُونَهُمْ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ وَمُعَادَاتِهِمْ.

ثُمَّ إِنَّ هَذَا (6) ادَّعَى عِصْمَةَ الْأَئِمَّةِ دَعْوَى لَمْ يُقِمْ عَلَيْهَا حُجَّةً (7) ، إِلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُخْلِ الْعَالَمَ مِنْ أَئِمَّةٍ مَعْصُومِينَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ وَاللُّطْفِ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ الْمُتَيَقَّنِ (8) : أَنَّ هَذَا الْمُنْتَظَرَ الْغَائِبَ الْمَفْقُودَ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَصْلَحَةِ وَاللُّطْفِ، سَوَاءٌ كَانَ مَيِّتًا كَمَا يَقُولُهُ الْجُمْهُورُ أَوْ كَانَ حَيًّا كَمَا تَظُنُّهُ الْإِمَامِيَّةُ. وَكَذَلِكَ أَجْدَادُهُ الْمُتَقَدِّمُونَ لَمْ يَحْصُلْ بِهِمْ شَيْءٌ مِنَ الْمَصْلَحَةِ وَاللُّطْفِ الْحَاصِلَةِ (9) مِنْ إِمَامٍ مَعْصُومٍ ذِي سُلْطَانٍ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، فَإِنَّهُ كَانَ إِمَامَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُ (10) ، وَيَحْصُلُ بِذَلِكَ سَعَادَتُهُمْ، وَلَمْ يَحْصُلْ بَعْدَهُ

(1) أ، ب: قَاتَلُوا الْمُسْلِمِينَ.

(2)

أ، ب: الْمُعَاوِنِينَ لَهُمْ.

(3)

ن، م، وَ: لِيَهُودِيٍّ.

(4)

ن، م، وَ: أَعْوَانُهُ.

(5)

ن، م: وَهُمْ.

(6)

ن، م: ثُمَّ إِنَّهُ، وَ: ثُمَّ هَذَا.

(7)

وَ: ادَّعَى عِصْمَةَ الْأَئِمَّةِ فَلَمْ يُقِمْ عَلَيْهَا حُجَّةً، ن، م: ادَّعَى عِصْمَةَ الْأَئِمَّةِ دَعْوَى وَلَمْ يُقِمْ عَلَيْهَا حُجَّةً.

(8)

وَ: الْمُتَبَيَّنِ.

(9)

ن: الْحَاصِلِ.

(10)

ن: الَّذِينَ تَجِبُ عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُ، م: الَّذِي عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُ.

ص: 378

أَحَدٌ لَهُ سُلْطَانٌ تُدَّعَى لَهُ الْعِصْمَةُ إِلَّا عَلِيٌّ رضي الله عنه (1) زَمَنَ خِلَافَتِهِ.

وَمِنَ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ حَالَ اللُّطْفِ وَالْمَصْلَحَةِ الَّتِي (2) كَانَ الْمُؤْمِنُونَ فِيهَا زَمَنَ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ أَعْظَمَ مِنَ اللُّطْفِ وَالْمَصْلَحَةِ (3) الَّذِي كَانَ [فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ](4) زَمَنَ الْقِتَالِ وَالْفِتْنَةِ وَالِافْتِرَاقِ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَدَّعِي الْإِمَامِيَّةُ فِيهِ أَنَّهُ مَعْصُومٌ وَحَصَلَ لَهُ سُلْطَانٌ بِمُبَايَعَةِ ذِي الشَّوْكَةِ (5) إِلَّا عَلِيٌّ وَحْدَهُ، وَكَانَ مَصْلَحَةُ الْمُكَلَّفِينَ وَاللُّطْفُ الَّذِي حَصَلَ لَهُمْ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَقَلَّ مِنْهُ فِي زَمَنِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ - عُلِمَ (6) بِالضَّرُورَةِ أَنَّ مَا يَدَّعُونَهُ مِنَ اللُّطْفِ وَالْمَصْلَحَةِ الْحَاصِلَةِ بِالْأَئِمَّةِ الْمَعْصُومِينَ بَاطِلٌ (7) قَطْعًا.

وَهُوَ (8) مِنْ جِنْسِ الْهُدَى وَالْإِيمَانِ الَّذِي يُدَّعَى فِي رِجَالٍ (9) الْغَيْبِ بِجَبَلِ لُبْنَانَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْجِبَالِ (10) مِثْلَ جَبَلِ قَاسِيُونَ بِدِمَشْقَ، وَمَغَارَةِ الدَّمِ، وَجَبَلِ الْفَتْحِ بِمِصْرَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْجِبَالِ وَالْغِيرَانِ (11) ، فَإِنَّ

(1) رضي الله عنه: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(2)

أ، ب: وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ وَاللُّطْفَ الَّذِي.

(3)

أ، ب: الْمَصْلَحَةِ وَاللُّطْفِ.

(4)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م)

(5)

ن: بِمُتَابَعَةِ ذَوِي الشَّوْكَةِ، م: بِمُبَايَعَةِ (غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ) ذَوِي الشَّوْكَةِ، وَ: بِمُبَايَعَتِهِ ذَوِي الشَّوْكَةِ.

(6)

أ، ب، ن: فَعُلِمَ.

(7)

أ، ب: بَاطِلَةٌ.

(8)

وَهُوَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(9)

أ، ب، ن، م: بِرِجَالِ.

(10)

مِنَ الْجِبَالِ، سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(11)

فِي لِسَانِ الْعَرَبِ الْغَارُ كَالْكَهْفِ فِي الْجَبَلِ، وَالْجَمْعُ الْغِيرَانُ.

ص: 379

هَذِهِ الْمَوَاضِعَ يَسْكُنُهَا الْجِنُّ وَيَكُونُ بِهَا الشَّيَاطِينُ، وَيَتَرَاءَوْنَ أَحْيَانًا لِبَعْضِ النَّاسِ، وَيَغِيبُونَ عَنِ الْأَبْصَارِ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ، فَيَظُنُّ الْجُهَّالُ أَنَّهُمْ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ وَإِنَّمَا هُمْ رِجَالٌ مِنَ الْجِنِّ.

كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [سُورَةُ الْجِنِّ: 6] .

وَهَؤُلَاءِ يُؤْمِنُ بِهِمْ وَبِمَنْ يَنْتَحِلُهُمْ مِنَ الْمَشَايِخِ طَوَائِفُ ضَالُّونَ (1) لَكِنَّ الْمَشَايِخَ الَّذِينَ يَنْتَحِلُونَ رِجَالَ الْغَيْبِ لَا يَحْصُلُ بِهِمْ مِنَ الْفَسَادِ مَا يَحْصُلُ بِالَّذِينِ يَدَّعُونَ الْإِمَامَ الْمَعْصُومَ، بَلِ الْمَفْسَدَةُ وَالشَّرُّ الْحَاصِلُ فِي هَؤُلَاءِ أَكْثَرُ، فَإِنَّهُمْ يَدَّعُونَ الدَّعْوَةَ (2) إِلَى إِمَامٍ مَعْصُومٍ وَلَا يُوجَدُ لَهُمْ أَئِمَّةُ ذَوُو سَيْفٍ يَسْتَعِينُونَ بِهِمْ إِلَّا كَافِرٌ أَوْ فَاسِقٌ أَوْ مُنَافِقٌ أَوْ جَاهِلٌ (3) ، لَا تَخْرُجُ رُءُوسُهُمْ عَنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ.

وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةُ شَرٌّ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ يَدْعُونَ إِلَى الْإِمَامِ الْمَعْصُومِ وَمُنْتَهَى (4) دَعَوْتِهِمْ إِلَى رِجَالٍ مَلَاحِدَةٍ مُنَافِقِينَ فُسَّاقٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ شَرٌّ فِي الْبَاطِنِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.

فَالدَّاعُونَ إِلَى الْمَعْصُومِ لَا يَدْعُونَ إِلَى سُلْطَانٍ مَعْصُومٍ، بَلْ إِلَى سُلْطَانٍ كَفُورٍ أَوْ ظَلُومٍ. وَهَذَا أَمْرٌ مَشْهُورٌ يَعْرِفُهُ كُلُّ مَنْ لَهُ خِبْرَةٌ بِأَحْوَالِهِمْ.

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي

(1) ن، م: صَالِحُونَ.

(2)

الدَّعْوَةَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(3)

ن، م: أَوْ جَاهِلٌ أَوْ مُنَافِقٌ.

(4)

ن، م، وَ: وَتَنْتَهِي.

ص: 380