الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ» ".] (1) .
وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ [رضي الله عنه](2) قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ» ". (3)[خَرَّجَهُ فِي بَابِ الْأُمَرَاءِ مِنْ قُرَيْشٍ](4)
[فصل تابع رد ابن تيميَّة على كلام ابن المطهر عن الإمامة عند أهل السنة]
فَصْلٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ عَنْهُمْ (5)" كُلُّ مَنْ بَايَعَ قُرَشِيًّا انْعَقَدَتْ إِمَامَتُهُ وَوَجَبَتْ طَاعَتُهُ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ إِذَا كَانَ مَسْتُورَ الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى (6) عَلَى غَايَةٍ مِنَ الْفِسْقِ (7) وَالْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ ".
(1) الْكَلَامُ بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م)، وَالْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه فِي: مُسْلِمٍ 3/1451 (كِتَابُ الْإِمَارَةِ، بَابُ النَّاسِ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ) الْحَدِيثُ رَقَمُ 3، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/331، 379، 383
(2)
رضي الله عنه: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(3)
الْحَدِيثُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 4/179 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ) ، 9/62 (كِتَابُ الْأَحْكَامِ، بَابُ الْأُمَرَاءِ مِنْ قُرَيْشٍ) ، سُنَنِ الدَّارِمِيِّ 2/242 (كِتَابُ السِّيَرِ، بَابُ الْإِمَارَةِ فِي قُرَيْشٍ) .
(4)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5)
عَنْهُمْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6)
(وَإِنْ كَانَ) سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .
(7)
ن، م: فِي الْفُسُوقِ ; وَ: فِي الْفِسْقِ.
فَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا لَيْسَ قَوْلَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَلَيْسَ مَذْهَبُهُمْ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ مُبَايَعَةِ وَاحِدٍ قُرَشِيٍّ (1) تَنْعَقِدُ بَيْعَتُهُ، وَيَجِبُ عَلَى جَمِيعِ (2) النَّاسِ طَاعَتُهُ. وَهَذَا وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْكَلَامِ فَلَيْسَ هُوَ قَوْلَ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ (3) وَالْجَمَاعَةِ بَلْ قَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ [رضي الله عنه] (4) : مَنْ بَايَعَ رَجُلًا بِغَيْرِ (5) مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يُبَايَعُ هُوَ وَلَا الَّذِي بَايَعَهُ تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا ". الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَسَيَأْتِي بِكَمَالِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.] (6) .
(1) وَبِمُجَرَّدِ مُبَايَعَتِهِ وَاحِدًا قُرَشِيًّا.
(2)
(جَمِيعِ) : سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3)
ن، م: قَوْلَ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَ: قَوْلَ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ.
(4)
رضي الله عنه: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(5)
ن، م، و: عَنْ غَيْرِ.
(6)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) وَهَذَا جُزْءٌ مِنْ أَثَرٍ طَوِيلٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي صَحِيحِهِ 8/168 - 170 (كِتَابُ الْمُحَارِبِينَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالرِّدَّةِ، بَابُ رَجْمِ الْحُبْلَى مِنَ الزِّنَا إِذَا زَنَتْ)، وَأَوَّلُهُ. . عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَبَيْنَمَا أَنَا فِي مَنْزِلِهِ وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا. . . إِلَخْ، وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ وَالْأَثَرِ 3/156:(التَّغِرَّةُ مَصْدَرُ غَرَرْتُهُ إِذَا أَلْقَيْتَهُ فِي الْغَرَرِ وَهِيَ مِنَ التَّغْرِيرِ كَالتَّعِلَّةِ وَالتَّعْلِيلِ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْبَيْعَةَ حَقُّهَا أَنْ تَقَعَ صَادِرَةً عَنِ الْمَشْهُورَةِ وَالِاتِّفَاقِ، فَإِذَا اسْتَبَدَّ رَجُلَانِ دُونَ الْجَمَاعَةِ فَبَايَعَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَذَلِكَ تَظَاهُرٌ مِنْهُمَا بِشَقِّ الْعَصَا وَاطِّرَاحِ الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ عُقِدَ لِأَحَدٍ بَيْعَةٌ فَلَا يَكُونُ الْمَعْقُودُ لَهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلِيَكُونَا مَعْزُولَيْنِ مِنَ الطَّائِفَةِ الَّتِي تَتَّفِقُ عَلَى تَمْيِيزِ الْإِمَامِ مِنْهُمَا، لِأَنَّهُ إِنْ عُقِدَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقَدِ ارْتَكَبَ تِلْكَ الْفَعْلَةَ الشَّنِيعَةَ الَّتِي أَحْفَظَتِ الْجَمَاعَةَ مِنَ التَّهَاوُنِ بِهِمْ وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ رَأْيِهِمْ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يُقْتَلَا) وَجَاءَ الْأَثَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 1/323 - 327.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُمْ لَا يُوجِبُونَ طَاعَةَ (1) الْإِمَامِ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ، بَلْ لَا يُوجِبُونَ طَاعَتَهُ إِلَّا فِيمَا تَسُوغُ طَاعَتُهُ فِيهِ فِي الشَّرِيعَةِ، فَلَا يُجَوِّزُونَ طَاعَتَهُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ إِمَامًا عَادِلًا (2)، وَإِذَا (3) أَمَرَهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ فَأَطَاعُوهُ: مِثْلَ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِإِقَامَةِ (4) الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالصِّدْقِ وَالْعَدْلِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا أَطَاعُوا اللَّهَ، وَالْكَافِرُ وَالْفَاسِقُ إِذَا أَمَرَ بِمَا هُوَ طَاعَةٌ لِلَّهِ لَمْ تَحْرُمْ طَاعَةُ اللَّهِ وَلَا يَسْقُطْ وُجُوبُهَا لِأَجْلِ أَمْرِ ذَلِكَ الْفَاسِقِ بِهَا، كَمَا أَنَّهُ إِذَا تَكَلَّمَ بِحَقٍّ لَمْ يَجُزْ تَكْذِيبُهُ وَلَا يَسْقُطْ وُجُوبُ اتِّبَاعِ الْحَقِّ لِكَوْنِهِ قَدْ قَالَهُ فَاسْقٌ، فَأَهْلُ السُّنَّةِ لَا يُطِيعُونَ وُلَاةَ الْأُمُورِ مُطْلَقًا، إِنَّمَا يُطِيعُونَهُمْ فِي ضِمْنِ طَاعَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم (5) .
كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 59]، فَأَمَرَ بِطَاعَةِ اللَّهِ مُطْلَقًا وَأَمَرَ بِطَاعَةِ الرَّسُولِ ; لِأَنَّهُ لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِطَاعَةِ اللَّهِ {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 80] ، وَجَعَلَ طَاعَةَ أُولِي الْأَمْرِ دَاخِلَةً فِي ذَلِكَ، فَقَالَ:{وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (6) وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُمْ طَاعَةً ثَالِثَةً ; لِأَنَّ وَلِيَّ الْأَمْرِ لَا يُطَاعُ طَاعَةً مُطْلَقَةً إِنَّمَا (7) يُطَاعُ فِي الْمَعْرُوفِ.
(1) أ، ب: لَا يُجَوِّزُونَ.
(2)
ن، م، وَ: عَدْلًا.
(3)
أ، ب: فَإِذَا.
(4)
أ، ب: بِإِقَامِ.
(5)
صلى الله عليه وسلم: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6)
سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(7)
ن، م، و: لَا يُطَاعُ مُطْلَقًا إِنَّمَا.
كَمَا قَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ» ". (1) . وَقَالَ: " «لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ» "(2) وَ " «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» "(3)، وَقَالَ:" «وَمَنْ أَمَرَكُمْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلَا تُطِيعُوهُ» "(4) .
(1) هَذِهِ الْعِبَارَةُ جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، وَخُلَاصَةُ الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ سَرِيَّةً وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَوْقَدَ لَهُمْ نَارًا وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا، فَاخْتَلَفُوا وَسَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ. وَالْحَدِيثُ فِي الْبُخَارِيِّ 5/161 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ بَعْثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي خُزَيْمَةَ) 9/63 (كِتَابُ الْأَحْكَامِ، بَابُ وُجُوبِ طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) ، 9/88 (كِتَابُ الْآحَادِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي إِجَازَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ) ، مُسْلِمٍ 3/1469 (كِتَابُ الْإِمَارَةِ، بَابُ وُجُوبِ طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 3 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابٌ: فِي الطَّاعَةِ) ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 7/142 (كِتَابُ الْبَيْعَةِ، جَزَاءُ مَنْ أَمَرَ بِمَعْصِيَةٍ فَأَطَاعَ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) ، 2/46، 98، 221
(2)
أ، ب: فِي الْمَعْصِيَةِ، وَأَوْرَدَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي سِلْسِلَةِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، 1/11 - 112 حَدِيثٌ رَقْمُ 180، وَقَالَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/426، 427، 436 وَكَذَا الطَّيَالِسِيُّ 850 عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مِرَايَةَ الْعِجْلِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: فَذَكَرَهُ قُلْتُ: وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ رِجَالُ الشَّيْخَيْنِ غَيْرَ أَبِي مِرَايَةَ هَذَا، ذَكَرَهُ ابْنُ حَبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَأَوْرَدَهُ الْهَيْثَمِيُّ فِي جَامِعِ الزَّوَائِدِ 5/226 وَقَالَ: رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ وَرِجَالُ الْبَزَّارِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
(3)
أَوْرَدَهُ التِّبْرِيزِيُّ فِي مِشْكَاةِ الْمَصَابِيحِ 2/323 عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، وَقَالَ: رَوَاهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ، وَذَكَرَ الْأَلْبَانِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ أَنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَجَاءَ فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 5/66 بِلَفٍّ مُقَارِبٍ، وَجَاءَ بِمَعْنَاهُ فِي الْمُسْنَدِ. (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/432، 5/66 - 67؛ الْمُسْتَدْرَكِ 3/443 وَقَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَانْظُرْ سِلْسِلَةَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ 1/109، 111 الْحَدِيثَ رَقْمَ 179.
(4)
الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/955 - 956 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ)، وَفِي التَّعْلِيقِ فِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/67. وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ مُقَارِبٌ لِمَعْنَى حَدِيثِ عَلِيٍّ رضي الله عنه الْمُتَقَدِّمِ، وَلَفْظُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَمَرَكُمْ مِنْهُمْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلَا تُطِيعُوهُ ". وَجَاءَ الْحَدِيثُ فِي صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ 5/259، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ. وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ وَلَفْظُهُ: مَنْ أَمَرَكُمْ مِنَ الْوُلَاةِ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا تُطِيعُوهُ.
وَقَوْلُ هَؤُلَاءِ الرَّافِضَةِ الْمَنْسُوبِينَ إِلَى شِيعَةِ عَلِيٍّ [رضي الله عنه](1) أَنَّهُ تَجِبُ طَاعَةُ غَيْرِ الرَّسُولِ [صلى الله عليه وسلم](2) مُطْلَقًا فِي كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ، أَفْسَدُ مِنْ قَوْلِ مَنْ كَانَ مَنْسُوبًا إِلَى شِيعَةِ عُثْمَانَ [رضي الله عنه](3) مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مِنْ (4) أَنَّهُ يَجِبُ طَاعَةُ وَلِيِّ الْأَمْرِ مُطْلَقًا، فَإِنَّ أُولَئِكَ كَانُوا يُطِيعُونَ ذَا السُّلْطَانِ وَهُوَ مَوْجُودٌ (5) وَهَؤُلَاءِ يُوجِبُونَ طَاعَةَ مَعْصُومٍ مَفْقُودٍ.
وَأَيْضًا فَأُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا يَدَّعُونَ فِي أَئِمَّتِهِمُ الْعِصْمَةَ الَّتِي تَدَّعِيهَا الرَّافِضَةُ، بَلْ كَانُوا يَجْعَلُونَهُمْ كَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَأَئِمَّةِ الْعَدْلِ الَّذِينَ يُقَلِّدُونَ فِيمَا لَمْ تَعْرِفْ (6) حَقِيقَةَ أَمْرِهِ، أَوْ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ مِنْهُمُ الْحَسَنَاتِ وَيَتَجَاوَزُ لَهُمْ عَنِ السَّيِّئَاتِ. وَهَذَا أَهْوَنُ مِمَّنْ يَقُولُ: إِنَّهُمْ مَعْصُومُونَ لَا يُخْطِئُونَ.
فَتَبَيَّنَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمَنْسُوبِينَ إِلَى النَّصْبِ مِنْ شِيعَةِ عُثْمَانَ وَإِنْ كَانَ
(1) ن، م، وَ: عليه السلام.
(2)
صلى الله عليه وسلم: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(3)
رضي الله عنه: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(4)
مِنْ: زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) .
(5)
ن، م، و: ذَا سُلْطَانٍ مَوْجُودٍ.
(6)
أ: يُقَلِّدُونَ فِيهَا لَمْ تَعْرِفْ، ب: يُقَلِّدُونَ فِيهَا مِمَّنْ لَمْ تَعْرِفْ، وَكِلَاهُمَا تَحْرِيفٌ ; ن، م: يُقَلِّدُونَ فِيمَا تَعْرِفُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
فِيهِمْ خُرُوجٌ عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ فَخُرُوجُ الْإِمَامِيَّةِ عَنِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ أَكْثَرُ وَأَشَدُّ. فَكَيْفَ بِقَوْلِ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ الْمُوَافِقِ (1) لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَهُوَ الْأَمْرُ بِطَاعَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ، دُونَ مَا يَأْمُرُ بِهِ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ (2) النَّاسَ قَدْ تَنَازَعُوا فِي وَلِيِّ الْأَمْرِ الْفَاسِقِ وَالْجَاهِلِ: هَلْ يُطَاعُ فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ (3) مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ، وَيُنَفَّذُ حُكْمُهُ وَقَسْمُهُ إِذَا وَافَقَ الْعَدْلَ؟ أَوْ لَا يُطَاعُ فِي شَيْءٍ، وَلَا يُنَفَّذُ شَيْءٌ مِنْ حُكْمِهِ وَقَسْمِهِ؟ أَوْ يُفَرَّقُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيْنَ الْقَاضِي وَنَحْوِهِ مِنَ الْفُرُوعِ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَضْعَفُهَا عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ: هُوَ رَدُّ جَمِيعِ أَمْرِهِ وَحُكْمِهِ وَقَسْمِهِ، وَأَصَحُّهَا عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَهُوَ: أَنْ يُطَاعَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ مُطْلَقًا وَيُنَفَّذَ حُكْمُهُ وَقَسْمُهُ إِذَا كَانَ فِعْلُهُ عَدْلًا مُطْلَقًا، حَتَّى أَنَّ الْقَاضِيَ الْجَاهِلَ وَالظَّالِمَ يُنَفَّذُ حُكْمُهُ بِالْعَدْلِ (4) وَقَسْمُهُ (5) بِالْعَدْلِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، كَمَا هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (6) ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ عَزْلُهُ إِذَا فَسَقَ إِلَّا بِقِتَالٍ وَفِتْنَةٍ، بِخِلَافِ الْحَاكِمِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ
(1) أ، و: فَكَيْفَ تَقُولُ أَئِمَّةُ السُّنَّةِ الْمُوَافِقُونَ، ن: فَكَيْفَ تَقُولُ أَئِمَّةُ السُّنَّةِ الْمُوَافِقَ، ب: فَكَيْفَ بِقَوْلِ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ الْمُوَافِقِينَ.
(2)
إِنَّ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(3)
أ، ب: فِيمَا أَمَرَ بِهِ.
(4)
سَاقِطٌ مِنْ أ، ب
(5)
أ، ب: وَقِسْمَتُهُ.
(6)
أ، ب، م: وَغَيْرِهِ.
يُمْكِنُ عَزْلُهُ بِدُونِ ذَلِكَ وَهُوَ فَرْقٌ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ إِذَا وَلَّاهُ ذُو الشَّوْكَةِ لَا يُمْكِنُ عَزْلُهُ إِلَّا بِفِتْنَةٍ، وَمَتَى كَانَ السَّعْيُ فِي عَزْلِهِ مَفْسَدَةً أَعْظَمَ مِنْ مَفْسَدَةِ بَقَائِهِ، لَمْ يَجُزِ الْإِتْيَانُ بِأَعْظَمِ الْفَسَادَيْنِ (1) لِدَفْعِ أَدْنَاهُمَا، وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ.
وَلِهَذَا كَانَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ الْخُرُوجَ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَقِتَالَهُمْ بِالسَّيْفِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ (2) ظُلْمٌ كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْمُسْتَفِيضَةُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ; لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الْقِتَالِ وَالْفِتْنَةِ أَعْظَمُ مِنَ الْفَسَادِ الْحَاصِلِ بِظُلْمِهِمْ بِدُونِ قِتَالٍ (3) وَلَا فِتْنَةٍ فَلَا يُدْفَعُ أَعْظَمُ الْفَسَادَيْنِ بِالْتِزَامِ أَدْنَاهُمَا (4) وَلَعَلَّهُ لَا يَكَادُ يَعْرِفُ طَائِفَةً خَرَجَتْ عَلَى ذِي سُلْطَانٍ، إِلَّا وَكَانَ فِي خُرُوجِهَا مِنَ الْفَسَادِ مَا هُوَ (5) أَعْظَمُ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي أَزَالَتْهُ.
وَاللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْ بِقِتَالِ كُلِّ ظَالِمٍ وَكُلِّ بَاغٍ كَيْفَمَا كَانَ، وَلَا أَمَرَ بِقِتَالِ الْبَاغِينَ ابْتِدَاءً (6) بَلْ قَالَ:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 9] فَلَمْ يَأْمُرْ بِقِتَالِ الْبَاغِيَةِ (7) ، ابْتِدَاءً، فَكَيْفَ يَأْمُرُ بِقِتَالِ وُلَاةِ الْأَمْرِ (8) ابْتِدَاءً؟ .
(1) ن، م: الْفَاسِدَيْنِ.
(2)
ن، م: وَإِنْ كَانَ قَتْلُهُمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(3)
ن، م، و: اقْتِتَالٍ.
(4)
أ، ب: الْأَدْنَى.
(5)
مَا هُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(6)
ن: بِاقْتِتَالِ الْمُسْلِمِينَ ابْتِدَاءً، م: بِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ ابْتِدَاءً.
(7)
و: الْبَاغِينَ.
(8)
أ، ب: الْأُمُورِ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها (1) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَيَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ، قَالُوا: أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ قَالَ: لَا مَا صَلُّوا» ". (2) فَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قِتَالِهِمْ مَعَ إِخْبَارِهِ أَنَّهُمْ يَأْتُونَ أُمُورًا مُنْكَرَةً، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِمْ بِالسَّيْفِ كَمَا يَرَاهُ مَنْ يُقَاتِلُ وُلَاةَ الْأَمْرِ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالزَّيْدِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَطَائِفَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه (3) قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا. قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ» " (4) .
فَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْأُمَرَاءَ يَظْلِمُونَ وَيَفْعَلُونَ أُمُورًا مُنْكَرَةً، وَمَعَ هَذَا فَأُمِرْنَا أَنْ (5) نُؤْتِيَهُمُ الْحَقَّ الَّذِي لَهُمْ، وَنَسْأَلَ اللَّهَ الْحَقَّ الَّذِي لَنَا، وَلَمْ يَأْذَنْ فِي أَخْذِ الْحَقِّ بِالْقِتَالِ وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي تَرْكِ الْحَقِّ الَّذِي لَهُمْ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما (6) عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى
(1) رضي الله عنها: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(2)
مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ 1/116 وَعَلَّقْتُ عَلَيْهِ هُنَاكَ.
(3)
رضي الله عنه: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(4)
مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ 1/118 وَعَلَّقْتُ عَلَيْهِ هُنَاكَ.
(5)
أ، ب: أُمِرْنَا ; و: فَأُمِرَ بِأَنْ.
(6)
رضي الله عنهما: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ (1) فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ (2) مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ إِلَّا مَاتَ (3) مَيْتَةً جَاهِلِيَّةً» ". (4) وَفِي لَفْظٍ: " «فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ (5) مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا فَمَاتَ مَاتَ مَيْتَةً (6) جَاهِلِيَّةً» ". وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ (7) وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (8)[لَمَّا ذَكَرَ](9) أَنَّهُمْ «لَا يَهْتَدُونَ بِهَدْيِهِ وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِهِ. قَالَ حُذَيْفَةُ: كَيْفَ أَصْنَعُ (10) يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: " تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضَرَبَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ» ". (11) فَهَذَا أَمْرٌ بِالطَّاعَةِ مَعَ ظُلْمِ الْأَمِيرِ.
(1) أ، ب: يُنْكِرُهُ.
(2)
ن، م، و: فَإِنَّ.
(3)
أ، ب: فَمَاتَ مَاتَ.
(4)
مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ 1/113 وَعَلَّقْتُ عَلَيْهِ هُنَاكَ.
(5)
أ، ب: مَنْ خَرَجَ ; ن: فَإِنَّهُ مَنْ يَخْرُجُ ; م: فَمَنْ خَرَجَ.
(6)
ن، م: شِبْرًا مَاتَ مَيْتَةً ; و: شِبْرًا فَمَاتَ مَيْتَةً.
(7)
مَضَى الْحَدِيثُ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ فِيمَا سَبَقَ، 1/113
(8)
صلى الله عليه وسلم: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(9)
لَمَّا ذَكَرَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(10)
و: نَصْنَعُ.
(11)
الْحَدِيثُ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه فِي: مُسْلِمٍ 3/1476 (كِتَابُ الْإِمَارَةِ، بَابُ وُجُوبِ مُلَازِمَةِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ)، وَلَفْظُهُ: قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ، فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ، فَنَحْنُ فِيهِ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَ: يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ. قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضَرَبَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ. وَجَاءَ حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/135 - 136 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ ذِكْرِ الْفِتَنِ وَدَلَائِلِهَا) ، قَرِيبٌ فِي مَعْنَاهُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ بِعِبَارَاتٍ أُخْرَى، وَفِيهِ: إِنْ كَانَ لِلَّهِ خَلِيفَةٌ فِي الْأَرْضِ فَضَرَبَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ فَأَطِعْهُ، وَإِلَّا فَمُتْ وَأَنْتَ عَاضٌّ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ. . . الْحَدِيثَ.
وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (1)" «مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا يَنْزِعَنَّ يَدًا عَنْ طَاعَةٍ» ". (2) وَهَذَا نَهْيٌ عَنِ الْخُرُوجِ عَنِ السُّلْطَانِ وَإِنْ عَصَى.
وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ عُبَادَةَ: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ» ، قَالَ (3) :«إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بِرِهَانٌ» " وَفِي رِوَايَةٍ: «وَأَنْ نَقُولَ - أَوْ نَقُومَ - بِالْحَقِّ حَيْثُ مَا كُنَّا، لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ» (4) ". فَهَذَا
(1) صلى الله عليه وسلم: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(2)
مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ 1/116، وَأَوَّلُهُ: خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ.
(3)
قَالَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .
(4)
مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ 1/118، وَجَاءَتْ فِيهِ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا: إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بِرِهَانٌ. فَهِيَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه فِي الْبُخَارِيِّ 9/47 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: سَتَرَوْنَ بَعْدِي أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا) ، مُسْلِمٍ 3/1470 - 1471 (كِتَابُ الْإِمَارَةِ، بَابُ وُجُوبِ طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 5/314
أَمْرٌ (1) بِالطَّاعَةِ مَعَ اسْتِئْثَارِ وَلِيِّ الْأَمْرِ، وَذَلِكَ ظُلْمٌ مِنْهُ، وَنَهْيٌ عَنْ مُنَازَعَةِ الْأَمْرِ أَهْلَهُ، وَذَلِكَ نَهْيٌ عَنِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ أَهْلَهُ هُمْ أُولُو الْأَمْرِ الَّذِينَ أَمِرَ بِطَاعَتِهِمْ، وَهُمُ الَّذِينَ لَهُمْ سُلْطَانٌ يَأْمُرُونَ بِهِ، وَلَيْسَ (2) الْمُرَادُ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُوَلَّى (3) وَلَا سُلْطَانَ لَهُ، وَلَا الْمُتَوَلِّيَ الْعَادِلَ (4) ; لِأَنَّهُ (5) قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُمْ يَسْتَأْثِرُونَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ نَهْيٌ (6) عَنْ مُنَازَعَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَأْثِرًا، وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّا إِذَا قَدَّرْنَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْعَدْلُ فِي كُلِّ مُتَوَلٍّ (7) فَلَا يُطَاعُ إِلَّا مَنْ كَانَ ذَا عَدْلٍ، لَا مَنْ كَانَ ظَالِمًا. فَمَعْلُومٌ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْعَدْلِ فِي الْوُلَاةِ لَيْسَ بِأَعْظَمَ (8) مِنِ اشْتِرَاطِهِ فِي الشُّهُودِ (9) فَإِنَّ الشَّاهِدَ قَدْ (10) يُخْبِرُ بِمَا لَا (11) يَعْلَمُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَا عَدْلٍ لَمْ يُعْرَفْ صِدْقُهُ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ، وَأَمَّا وَلِيُّ الْأَمْرِ فَهُوَ يَأْمُرُ بِأَمْرٍ (12) يَعْلَمُ حُكْمَهُ مِنْ غَيْرِهِ، فَيَعْلَمُ هَلْ هُوَ طَاعَةٌ لِلَّهِ أَوْ مَعْصِيَةٌ.
(1) ن، م، و: فَقَدْ أَمَرَ.
(2)
ن، و: بِهِ لَيْسَ.
(3)
ن، م: يَتَوَلَّى.
(4)
ن، م، و: الْعَدْلَ.
(5)
أ، ب: فَإِنَّهُ.
(6)
و: أَنَّهُ قَدْ نَهَى.
(7)
و: فِي الْمُتَوَلَّى.
(8)
أ، ب، و: لَيْسَ أَعْظَمَ.
(9)
ن، م، و: فِي الشُّهَدَاءِ.
(10)
قَدْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(11)
لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(12)
ن، م، و: بِعَمَلٍ.
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 6] فَأَمَرَ بِالتَّبَيُّنِ (1) إِذَا جَاءَ الْفَاسِقُ بِنَبَأٍ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الظُّلْمَ لَا يَمْنَعُ مِنْ فِعْلِ الطَّاعَةِ وَلَا مِنَ الْأَمْرِ بِهَا.
وَهَذَا مِمَّا يُوَافِقُ عَلَيْهِ الْإِمَامِيَّةُ، فَإِنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِتَخْلِيدِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ فِي النَّارِ (2) فَالْفِسْقُ عِنْدَهُمْ لَا يُحْبِطُ الْحَسَنَاتِ [كُلَّهَا](3)(* بِخِلَافِ مَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ مِنَ الزَّيْدِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ، الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ الْفِسْقَ يُحْبِطُ الْحَسَنَاتِ كُلَّهَا *)(4) ، وَلَوْ حَبِطَتْ حَسَنَاتُهُ كُلُّهَا (5) لَحَبِطَ إِيمَانُهُ، وَلَوْ حَبِطَ إِيمَانُهُ لَكَانَ (6) كَافِرًا مُرْتَدًّا فَوَجَبَ (7) قَتْلُهُ.
وَنُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ (8) تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزَّانِيَ وَالسَّارِقَ وَالْقَاذِفَ لَا يُقْتَلُ بَلْ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُرْتَدٍّ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} الْأَيَّةَ [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 9] يَدُلُّ (9) عَلَى وُجُودِ الْإِيمَانِ وَالْأُخُوَّةِ مَعَ الِاقْتِتَالِ وَالْبَغْيِ.
(1) بِالتَّبَيُّنِ: كَذَا فِي (ب) فَقَطْ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ بِالتَّبْيِينِ.
(2)
فِي النَّارِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .
(3)
كُلَّهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(4)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(5)
ن، م: وَلَوْ حَبِطَتِ الْحَسَنَاتُ كُلُّهَا، و: وَلَوْ حَبِطَ الْحَسَنَاتُ كُلُّهَا.
(6)
ن، م: كَانَ.
(7)
أ، ب: فَيَجِبُ.
(8)
وَالْإِجْمَاعِ: سَاقِطَةٌ مِنَ (م) ، (و) .
(9)
ن، م: فَدَلَّ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ (1) الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " «مَنْ كَانَتْ (2) عِنْدَهُ لِأَخِيهِ مَظْلَمَةٌ مِنْ عِرْضٍ (3) أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ (4) الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِرْهَمٌ وَلَا دِينَارٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أَخَذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أَخَذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ» ". أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. (5) . فَثَبَتَ أَنَّ الظَّالِمَ يَكُونُ لَهُ حَسَنَاتٌ فَيَسْتَوْفِي (6) الْمَظْلُومُ مِنْهَا حَقَّهُ.
وَكَذَلِكَ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ (7) قَالَ: " «مَا تَعُدُّونَ الْمُفْلِسَ فِيكُمْ؟ " قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا دِينَارَ. قَالَ: " الْمُفْلِسُ مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ حَسَنَاتٌ أَمْثَالُ (8) الْجِبَالِ وَقَدْ شَتَمَ هَذَا، وَأَخَذَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا (9) ، فَيُعْطَى (10) هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِذَا فَنِيَتْ
(1) الْحَدِيثِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(2)
و، م: كَانَ.
(3)
ن، م، و: عِرْضِهِ.
(4)
م: فَلْيَحِلَّ مِنْهُ، أ، ب، ن: فَلْيَتَحَلَّلْ مِنْهُ.
(5)
الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 3/129 - 130 (كِتَابُ الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ، بَابُ مَنْ كَانَتْ لَهُ مُظْلِمَةٌ عِنْدَ الرَّجُلِ فَحَلَّلَهَا لَهُ) ، 9/111 (كِتَابُ الرِّقَاقِ، بَابُ الْقِصَاصِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4/37 (كِتَابُ صِفَةِ الْقِيَامَةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي شَأْنِ الْحِسَابِ وَالْقِصَاصِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 2/435، 506.
(6)
ن، م: يَسْتَوْفِي، أ، ب: لِيَسْتَوْفِيَ.
(7)
أَنَّهُ: زِيَادَةٌ فِي (و) .
(8)
أ، ب: مِثْلُ.
(9)
م فَقَطْ: وَسَرَقَ هَذَا.
(10)
أ، ب: فَقَبَضَ.
حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى (1) مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (2)
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [سُورَةُ هُودٍ: 114] ، (* فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ فِي حَالِ إِسَاءَتِهِ يَفْعَلُ حَسَنَاتٍ تَمْحُو إِسَاءَاتِهِ (3) وَإِلَّا لَوْ كَانَتِ السَّيِّئَاتُ قَدْ زَالَتْ قَبْلَ ذَلِكَ بِتَوْبَةٍ وَنَحْوِهَا (4) لَمْ تَكُنِ الْحَسَنَاتُ قَدْ أَذْهَبَتْهَا، وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِ ذَلِكَ.
وَالْمَقْصُودُ [هُنَا (5) ] *) (6) : أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْفِسْقَ مَانِعًا مِنْ قَبُولِ النَّبَأِ (7) وَالْفِسْقُ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ فِعْلِ كُلِّ حَسَنَةٍ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَقَدْ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ: أَنَّهُ لَا يُسْتَشْهَدُ إِلَّا ذَوُو الْعَدْلِ، ثُمَّ يَكْفِي فِي ذَلِكَ الظَّاهِرُ، فَإِذَا اشْتُرِطَ الْعَدْلُ فِي الْوِلَايَةِ، فَلِأَنْ يَكْفِيَ فِي ذَلِكَ الظَّاهِرِ أَوْلَى.
فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْوِلَايَةِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَدَالَةِ أَكْثَرُ مِمَّا يُشْتَرَطُ فِي
(1) ن، و: تُقْضَى.
(2)
الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي مُسْلِمٍ 4/1997 (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ تَحْرِيمِ الظُّلْمِ) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4/36 (كِتَابُ صِفَةِ الْقِيَامَةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي شَأْنِ الْحِسَابِ وَالْقِصَاصِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 15 179، 16 176، 17 27 - 28.
(3)
أ، ب: الْحَسَنَاتُ تَمْحُو سَيِّئَاتِهِ.
(4)
أ، ب: أَوْ نَحْوِهَا.
(5)
هُنَا: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(7)
ن: النِّبَاءِ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا الْإِشَارَةُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:(إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) فَفِسْقُ الْمُخْبِرِ يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ خَبَرِهِ.
الشَّهَادَةِ (1) يُبَيِّنُ ذَلِكَ (2) أَنَّ الْإِمَامِيَّةَ (3) وَجَمِيعُ النَّاسِ يُجَوِّزُونَ أَنْ يَكُونَ نُوَّابَ الْإِمَامِ غَيْرَ مَعْصُومِينَ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الْإِمَامُ عَالِمًا بِعِصْمَتِهِمْ، بِدَلِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ وَلَّى الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِمُحَارَبَةِ الَّذِينَ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ (4) فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (5) {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 6] (6) وَعَلِيٌّ رضي الله عنه (7) كَانَ كَثِيرٌ مِنْ نُوَّابِهِ يَخُونُهُ (8) ، وَفِيهِمْ مَنْ هَرَبَ عَنْهُ، وَلَهُ مَعَ نُوَّابِهِ سِيَرٌ مَعْلُومَةٌ. فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَوْنِ الْإِمَامِ مَعْصُومًا مَا يَمْنَعُ اعْتِبَارَ الظَّاهِرِ وَوُجُودَ مِثْلِ هَذِهِ الْمَفَاسِدِ، وَأَنَّ اشْتِرَاطَ الْعِصْمَةِ فِي الْأَئِمَّةِ شَرْطٌ لَيْسَ بِمَقْدُورٍ وَلَا مَأْمُورٍ، وَلَمْ يَحْصُلْ بِهِ (9) مَنْفَعَةٌ، لَا فِي الدِّينِ وَلَا فِي الدُّنْيَا.
(1) ن، م: فِي الْعَدَالَةِ الشَّهَادَةُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(2)
أ: لَوْ صَحَّ ذَلِكَ، ب: يُوَضِّحُ ذَلِكَ.
(3)
ن، م: الْإِمَامَةَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(4)
أ، ب: أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ.
(5)
و: فَأَنْزِلُ فِيهِ، أ، ب: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل.
(6)
انْظُرْ خَبَرَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَتَفْسِيرَ الْآيَةِ: تَفْسِيرَ الطَّبَرِيِّ (ط. بُولَاقٍ) ، 26/78 - 79؛ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ (ط. الشَّعْبِ) 7/350 - 352؛ الْمَسْنَدَ (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/279، وَالْحَدِيثُ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ ضِرَارٍ الْخُزَاعِيِّ رضي الله عنه، سِيرَةُ ابْنِ هِشَامٍ 3/308 - 309
(7)
ن، م: وَعَلِيٌّ عليه السلام.
(8)
م: يَخُونُونَهُ.
(9)
بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .