الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دُونَهُمْ (1) . قِيلَ: لَهُمْ وَأَهْلُ السُّنَّةِ أَكْثَرُ مِنْكُمْ، فَيَكُونُ الْحَقُّ مَعَهُمْ دُونَكُمْ، فَغَايَتُكُمْ أَنْ تَكُونَ سَائِرُ فِرَقِ الْإِمَامِيَّةِ (2) . مَعَكُمْ بِمَنْزِلَتِكُمْ مَعَ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْإِسْلَامُ هُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي يَجْمَعُ أَهْلَ الْحَقِّ (3) .
[فصل قول الرافضي " الوجه الثالث أن الإمامية جازمون بحصول النجاة لهم " والرد عليه]
فَصْلٌ. (4) .
قَالَ الرَّافِضِيُّ (5) .: " الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْإِمَامِيَّةَ جَازِمُونَ بِحُصُولِ النَّجَاةِ لَهُمْ وَلِأَئِمَّتِهِمْ (6) -.، قَاطِعُونَ بِذَلِكَ (7) .، وَبِحُصُولِ ضِدِّهَا لِغَيْرِهِمْ (8) . . وَأَهْلُ السُّنَّةِ لَا يُجِيزُونَ وَلَا يَجْزِمُونَ (9) . بِذَلِكَ لَا لَهُمْ وَلَا لِغَيْرِهِمْ. فَيَكُونُ اتِّبَاعُ أُولَئِكَ أَوْلَى ; لِأَنَّا لَوْ فَرَضْنَا مَثَلًا خُرُوجَ شَخْصَيْنِ مِنْ بَغْدَادَ يُرِيدَانِ الْكُوفَةَ فَوَجَدَا طَرِيقَيْنِ سَلَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَرِيقًا، فَخَرَجَ ثَالِثٌ يَطْلُبُ الْكُوفَةَ، فَسَأَلَ أَحَدُهُمَا: إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ (10) ؟ فَقَالَ: إِلَى الْكُوفَةِ. فَقَالَ لَهُ: هَلْ طَرِيقُكُ
(1) دُونَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)
(2)
ن، م: الْأُمَّةِ
(3)
بَعْدَ كَلِمَةِ الْحَقِّ فِي (أ) ، (ب) وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(4)
هـ، ص، ر: الْفَصْلُ السَّابِعُ
(5)
فِي (ك) ، ص [0 - 9] 5 (م) 96 (م)
(6)
ك: وَلِأَئِمَّتِهِمْ عليهم السلام
(7)
ك: قَاطِعُونَ عَلَى ذَلِكَ
(8)
لِغَيْرِهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) ، (هـ)
(9)
ص، " الْمَقَالَاتِ ": وَأَهْلُ السُّنَّةِ لَا يَجْزِمُونَ
(10)
أ، ب: أَيْنَ تَذْهَبُ، ن، م، و: إِلَى أَيْنَ تُرِيدُ، ص، ر: إِلَى أَيْنَ يَذْهَبُ.
تُوصِّلُكَ إِلَيْهَا (1) وَهَلْ طَرِيقُكَ آمِنٌ أَمْ مُخَوِّفٌ؟ وَهَلْ طَرِيقُ صَاحِبِكَ تُؤَدِّيهِ إِلَى الْكُوفَةِ؟ وَهَلْ هُوَ آمِنٌ أَمْ مَخُوفٌ؟ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. ثُمَّ سَأَلَ صَاحِبَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: أَعْلَمُ (2) . أَنَّ طَرِيقِي يُوَصِّلُنِي إِلَى الْكُوفَةِ، وَأَنَّهُ آمِنٌ، وَأَعْلَمُ أَنَّ طَرِيقَ صَاحِبِي لَا يُؤَدِّيهِ إِلَى الْكُوفَةِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِآمِنٍ (3) .، فَإِنَّ الثَّالِثَ إِنْ تَابَعَ الْأَوَّلَ عَدَّهُ الْعُقَلَاءُ سَفِيهًا، وَإِنْ تَابَعَ الثَّانِيَ نُسِبَ إِلَى الْأَخْذِ بِالْحَزْمِ ".
(* هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: وَسَأَلَ الثَّانِيَ فَقَالَ [لَهُ الثَّانِي] (4) .: لَا أَعْلَمُ أَنَّ طَرِيقِي تُؤَدِّينِي إِلَى الْكُوفَةِ، وَلَا أَعْلَمُ أَنَّهُ آمِنٌ أَمْ مَخُوفٌ *) (5) . (6) .
وَالْجَوَابُ عَلَى هَذَا مِنْ وُجُوهٍ:.
أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ: إِنْ كَانَ اتِّبَاعُ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ (7) . تُدَّعَى لَهُمُ الطَّاعَةُ الْمُطْلَقَةُ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ لَهُمْ (8) . النَّجَاةَ وَاجِبًا (9) .، كَانَ اتِّبَاعُ (10) . خُلَفَاءِ
(1) ك: فَقَالَ: أَهَذَا طَرِيقُكَ يُوصِّلُكَ إِلَيْهَا.؟
(2)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ب)، (ك) فَقَطْ: وَسَقَطَ مِنْ سَائِرِ النُّسَخِ
(3)
أ: وَلَيْسَ هُوَ آمِنٌ، ب: وَلَيْسَ هُوَ بِآمِنٍ، ك: وَلَيْسَ بِآمِنٍ
(4)
لَهُ الثَّانِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)
(5)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) فَقَطْ
(6)
أَمْ مَخُوفٌ: زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) .
(7)
أ، ب: أَئِمَّةِ الدِّينِ
(8)
لَهُمْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب)
(9)
وَاجِبًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ
(10)
ب فَقَطْ: أَتْبَاعُ
بَنِي أُمَيَّةَ الَّذِينَ كَانُوا يُوجِبُونَ طَاعَةَ أَئِمَّتِهِمْ طَاعَةً (1) . مُطْلَقًا، وَيَقُولُونَ: إِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ النَّجَاةَ مُصِيبِينَ عَلَى الْحَقِّ (2) .، وَكَانُوا فِي سَبِّهِمْ عَلِيًّا وَغَيْرَهُ، وَقِتَالِهِمْ لِمَنْ قَاتَلُوهُ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ مُصِيبِينَ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ طَاعَةَ الْأَئِمَّةِ وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَأَنَّ الْإِمَامَ لَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ بِذَنْبٍ، وَأَنَّهُ (3) . لَا ذَنْبَ لَهُمْ فِيمَا أَطَاعُوا فِيهِ الْإِمَامَ، بَلْ أُولَئِكَ أَوْلَى بِالْحُجَّةِ مِنَ الشِّيعَةِ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُطِيعِينَ (4) . أَئِمَّةً أَقَامَهُمُ اللَّهُ وَنَصَّبَهُمْ وَأَيَّدَهُمْ وَمَلَّكَهُمْ، فَإِذَا كَانَ مِنْ مَذْهَبِ الْقَدَرِيَّةِ أَنَّ اللَّهَ لَا يَفْعَلُ إِلَّا مَا هُوَ الْأَصْلَحُ لِعِبَادِهِ، كَانَ تَوْلِيَةُ أُولَئِكَ الْأَئِمَّةِ (5) . مَصْلَحَةً لِعِبَادِهِ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللُّطْفَ وَالْمَصْلَحَةَ الَّتِي حَصَلَتْ بِهِمْ أَعْظَمُ مِنَ اللُّطْفِ وَالْمَصْلَحَةِ الَّتِي حَصَلَتْ (6) . بِإِمَامٍ مَعْدُومٍ أَوْ عَاجِزٍ. وَلِهَذَا حَصَلَ لِأَتْبَاعِ خُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، أَعْظَمُ مِمَّا حَصَلَ لِأَتْبَاعِ الْمُنْتَظَرِ ; فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ إِمَامٌ يَأْمُرُهُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَعْرُوفِ (7) . وَلَا يَنْهَاهُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْمُنْكَرِ، وَلَا يُعِينُهُمْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَصْلَحَةِ دِينِهِمْ وَلَا دُنْيَاهُمْ، بِخِلَافِ أُولَئِكَ فَإِنَّهُمُ انْتَفَعُوا بِأَئِمَّتِهِمْ مَنَافِعَ كَثِيرَةً فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، أَعْظَمَ مِمَّا انْتَفَعَ هَؤُلَاءِ بِأَئِمَّتِهِمْ.
(1) طَاعَةً: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب)
(2)
عِبَارَةُ " عَلَى الْحَقِّ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب)
(3)
ب فَقَطْ: وَأَنَّهُمْ
(4)
و: يُطِيعُونَ
(5)
الْأَئِمَّةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب)
(6)
هـ، ر، و، ص، م: تَحْصُلُ، ن: تَحَصَّلَتْ
(7)
أ، ب: بِشَيْءٍ مَعْرُوفٍ
فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ إِنْ كَانَتْ (1) . حُجَّةُ هَؤُلَاءِ الْمُنْتَسِبِينَ (2) . إِلَى مُشَايَعَةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه صَحِيحَةً، فَحُجَّةُ أُولَئِكَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى مُشَايَعَةِ عُثْمَانَ رضي الله عنه أَوْلَى بِالصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ بَاطِلَةً فَهَذِهِ (3) . أَبْطَلُ مِنْهَا. فَإِذَا (4) . كَانَ هَؤُلَاءِ الشِّيعَةُ مُتَّفِقِينَ مَعَ سَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ جَزْمَ أُولَئِكَ بِنَجَاتِهِمْ إِذَا أَطَاعُوا أُولَئِكَ (5) . الْأَئِمَّةَ طَاعَةً مُطْلَقَةً خَطَأٌ وَضَلَالٌ، فَخَطَأُ هَؤُلَاءِ وَضَلَالُهُمْ إِذَا جَزَمُوا بِنَجَاتِهِمْ لِطَاعَتِهِمْ (6) . لِمَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ نَائِبُ الْمَعْصُومِ - وَالْمَعْصُومُ لَا عَيْنَ لَهُ وَلَا أَثَرَ - أَعْظَمُ وَأَعْظَمُ، فَإِنَّ الشِّيعَةَ لَيْسَ لَهُمْ أَئِمَّةٌ يُبَاشِرُونَهُمْ بِالْخِطَابِ، إِلَّا شُيُوخَهُمُ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَهُمْ بِالْبَاطِلِ، وَيَصُدُّونَهُمْ (7) . عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَيَصُدُّونَهُمْ (8) . عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي (9) .: أَنَّ هَذَا الْمَثَلَ إِنَّمَا كَانَ كَانَ: (10) . يَكُونُ مُطَابِقًا لَوْ ثَبَتَ مُقَدِّمَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّ لَنَا إِمَامًا مَعْصُومًا. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ أَمَرَ بِكَذَا وَكَذَا. (11) . الْمُقْدِمَتَيْنِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ، بَلْ بَاطِلَةٌ. دَعِ الْمُقَدِّمَةَ الْأُولَى، بَلِ الثَّانِيَةَ، فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ (12) . الَّذِينَ يُدَّعَى فِيهِمُ الْعِصْمَةُ قَدْ مَاتُوا مُنْذُ سِنِينَ
(1) أ، ب، م: كَانَ
(2)
ن، م، و: الْمَنْسُوبِينَ
(3)
أ، ب: فَهَذَا
(4)
ن، م: فَإِنْ
(5)
أ: إِذَا ادَّعَوْا تِلْكَ، ب: إِذَا ادَّعَوْا لِتِلْكَ
(6)
أ، ب: إِذَا جَزَمُوا بِطَاعَتِهِمْ، ن، م: إِذَا جَزَمُوا بِنَجَاتِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ
(7)
أ، ب: وَيَصُدُّونَ
(8)
أ، ب: وَيَصُدُّونَ
(9)
ن، م: الرَّابِعُ، وَهُوَ خَطَأٌ
(10)
سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (ن) ، (م)
(11)
وَكِلْتَا وَكِلْتَا: كَذَا فِي (ب) ، فَقَطْ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَكِلَا
(12)
أ، ب: بَلِ الْأَئِمَّةَ
كَثِيرَةٍ، وَالْمُنْتَظَرُ لَهُ غَائِبٌ (1) . أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَعِنْدَ آخَرِينَ هُوَ مَعْدُومٌ لَمْ يُوجَدْ. وَالَّذِينَ يُطَاعُونَ (2) . شُيُوخٌ (3) . مِنْ شُيُوخِ الرَّافِضَةِ، أَوْ كُتُبٌ صَنَّفَهَا بَعْضُ شُيُوخِ الرَّافِضَةِ، وَذَكَرُوا أَنَّ مَا فِيهَا مَنْقُولٌ عَنْ أُولَئِكَ الْمَعْصُومِينَ. وَهَؤُلَاءِ الشُّيُوخُ الْمُصَنِّفُونَ (4) . لَيْسُوا مَعْصُومِينَ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَا مَقْطُوعًا لَهُمْ بِالنَّجَاةِ.
فَإِذًا الرَّافِضَةُ لَا يَتَّبِعُونَ إِلَّا أَئِمَّةً لَا يَقْطَعُونَ بِنَجَاتِهِمْ وَلَا سَعَادَتِهِمْ، فَلَمْ يَكُونُوا قَاطِعِينَ لَا (5) . بِنَجَاتِهِمْ، وَلَا بِنَجَاةِ أَئِمَّتِهِمُ الَّذِينَ يُبَاشِرُونَهُمْ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَهُمْ أَئِمَّتُهُمْ حَقًّا حَقًّا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .، وَإِنَّمَا هُمْ فِي انْتِسَابِهِمْ إِلَى أُولَئِكَ الْأَئِمَّةِ بِمَنْزِلَةِ كَثِيرٍ (6) مِنْ أَتْبَاعِ شُيُوخِهِمُ الَّذِينَ يَنْتَسِبُونَ إِلَى شَيْخٍ قَدْ مَاتَ مِنْ مُدَّةٍ وَلَا يَدْرُونَ (7) . بِمَاذَا أَمَرَ (8) ، وَلَا بِمَاذَا نَهَى، بَلْ لَهُ (9) أَتْبَاعٌ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَهُمْ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، (* يَأْمُرُونَهُمْ بِالْغُلُوِّ فِي ذَلِكَ الشَّيْخِ وَفِي خُلَفَائِهِ، وَأَنْ يَتَّخِذُوهُمْ أَرْبَابًا، وَكَمَا تَأْمُرُ شُيُوخُ الشِّيعَةِ
(1) ب فَقَطْ غَائِبًا
(2)
أ، ب: يُطِيعُونَ، ص: يُطَاوِعُونَ
(3)
و: شُيُوخُهُمْ
(4)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و)
(5)
لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب)
(6)
أ، ب: بِمَنْزِلَةِ أَتْبَاعِ كَثِيرٍ. . .
(7)
أ، ب: وَلَمْ يَدْرُوا
(8)
ص، م، ر: بِمَاذَا أُمِرُوا.
(9)
أ، ب: لَهُمْ.
أَتْبَاعَهُمْ، وَكَمَا تَأْمُرُ شُيُوخُ النَّصَارَى أَتْبَاعَهُمْ، فَهُمْ يَأْمُرُونَهُمْ بِالْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ وَعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ، وَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ *) (1) ، فَيَخْرُجُونَ عَنْ حَقِيقَةِ شَهَادَةِ (2) أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنَّ حَقِيقَةَ التَّوْحِيدِ أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ، فَلَا يُدْعَى إِلَّا هُوَ، وَلَا يُخْشَى إِلَّا هُوَ، وَلَا يُتَّقَى إِلَّا هُوَ (3) ، وَلَا يُتَوَكَّلُ إِلَّا عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ الدِّينُ إِلَّا لَهُ، لَا لِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ، وَأَنْ لَا نَتَّخِذَ الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا، فَكَيْفَ بِالْأَئِمَّةِ وَالشُّيُوخِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْمُلُوكِ وَغَيْرِهِمْ؟ !
وَالرَّسُولُ - (4) هُوَ الْمُبَلِّغُ عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، فَلَا يُطَاعُ مَخْلُوقٌ طَاعَةً مُطْلَقَةً إِلَّا هُوَ، فَإِذَا جُعِلَ الْإِمَامُ وَالشَّيْخُ كَأَنَّهُ إِلَهٌ يُدْعَى مَعَ مَغِيبَةٍ وَبَعْدَ مَوْتِهِ (5) ، وَيُسْتَغَاثُ بِهِ، وَيُطْلَبُ مِنْهُ الْحَوَائِجُ وَالطَّاعَةُ إِنَّمَا هِيَ لِشَخْصٍ حَاضِرٍ يَأْمُرُ بِمَا يُرِيدُ، وَيَنْهَى عَمَّا يُرِيدُ (6) كَانَ (7) الْمَيِّتُ مُشَبَّهًا بِاللَّهِ تَعَالَى (8) .، وَالْحَيُّ مُشَبَّهًا بِرَسُولِ اللَّهِ - (9) ، فَيَخْرُجُونَ عَنْ حَقِيقَةِ الْإِسْلَامِ الَّذِي أَصْلُهُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَشَهَادَةُ أَنَّ (10) مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.
(1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(2)
أ، ب: فَيُخْرِجُونَهُمْ عَنْ شَهَادَةِ.
(3)
وَلَا يُخْشَى إِلَّا هُوَ، وَلَا يُتَّقَى إِلَّا هُوَ، كَذَا فِي (ن)، (هـ) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَلَا يُخْشَى وَلَا يُتَّقَى إِلَّا هُوَ.
(4)
صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(5)
مَعَ مَغِيبِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ، كَذَا فِي (أ) ، (ب) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ مَعَ مَغِيبِهِ وَمَوْتِهِ.
(6)
سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(7)
أ، ب: وَكَانَ.
(8)
تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب)
(9)
صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) ، (ص) .
(10)
ن، م، ب: وَأَنَّ.
ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَعَلَّقُونَ بِحِكَايَاتٍ تُنْقَلُ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْخِ، وَكَثِيرٌ مِنْهَا كَذِبٌ عَلَيْهِ، وَبَعْضُهَا خَطَأٌ مِنْهُ، فَيَعْدِلُونَ عَنِ النَّقْلِ الصِّدْقِ عَنِ الْقَائِلِ الْمَعْصُومِ إِلَى نَقْلٍ غَيْرِ مُصَدَّقٍ عَنْ قَائِلٍ غَيْرِ مَعْصُومٍ. فَإِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ مُخْطِئِينَ فِي هَذَا (1) ، فَالشِّيعَةُ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ خَطَأً ; لِأَنَّهُمْ أَعْظَمُ كَذِبًا فِيمَا يَنْقُلُونَهُ (2) عَنِ الْأَئِمَّةِ، وَأَعْظَمُ غُلُوًّا فِي دَعْوَى عِصْمَةِ الْأَئِمَّةِ.
وَإِذَا كَانَ الْوَاحِدُ مِنْ هَؤُلَاءِ أَتْبَاعِ (3) الشُّيُوخِ الْأَحْيَاءِ الْمُضِلِّينَ الْغَالِينَ فِي شَيْخٍ قَدْ مَاتَ، مُخْطِئِينَ فِي قَطْعِهِمْ بِالنَّجَاةِ، فَخَطَأُ الشِّيعَةِ فِي قَطْعِهِمْ بِالنَّجَاةِ أَعْظَمُ وَأَعْظَمُ، وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ طَرِيقَ الشِّيعَةِ صَوَابٌ لِمَا فِيهِ مِنَ الْقَطْعِ وَالْجَزْمِ بِالنَّجَاةِ، فَطَرِيقُ الْمَشَايِخِيَّةِ (4) صَوَابٌ لِمَا فِيهِ مِنَ الْقَطْعِ بِالنَّجَاةِ (5) ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ (6) طَرِيقُ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ (7) كَانَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، وَأَنَّ الْخَمْرَ حَلَالٌ لَهُ ; لِأَنَّهُ (8) شَرِبَهَا الْأَنْبِيَاءُ، وَيَزِيدُ كَانَ مِنْهُمْ طَرِيقًا صَوَابًا. وَإِذَا كَانَ يَزِيدُ نَبِيًّا، كَانَ مَنْ خَرَجَ عَلَى نَبِيٍّ كَافِرًا، فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ كُفْرُ الْحُسَيْنِ وَغَيْرِهِ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ طَرِيقُ مَنْ يَقُولُ: كُلُّ رِزْقٍ لَا يَرْزُقُنِيهِ الشَّيْخُ لَا أُرِيدُهُ - طَرِيقًا
(1) أ، ب: فِي الْحَقِيقَةِ.
(2)
أ، ب: فِيمَا نَقَلُوهُ.
(3)
ن، م: الْأَتْبَاعِ.
(4)
ص: الْمَشَايِخِ، هـ: الْمُشَايَخَةِ.
(5)
ن: مِنَ الْقَطْعِ وَالنَّجَاةِ وَالْجَزْمِ، م، ص، ر، هـ، و: مِنَ الْقَطْعِ بِالنَّجَاةِ وَالْجَزْمِ.
(6)
أ، ب: فَحِينَئِذٍ يَكُونُ.
(7)
بْنَ مُعَاوِيَةَ: زِيَادَةٌ فِي (ص) ، (ر) ، (هـ) .
(8)
عِبَارَةُ " لَهُ لِأَنَّهُ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، وَسَقَطَتْ " لِأَنَّهُ " مِنْ (أ) .
صَحِيحًا. وَطَرِيقُ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ إِلَى الْأَرْضِ، وَ [إِنَّ] كُلَّ مَسْجِدٍ فَإِنَّ اللَّهَ [قَدْ] وَضَعَ قَدَمَهُ عَلَيْهِ (1)، و: وَكُلَّ مَسْجِدٍ وَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَيْهِ. طَرِيقًا صَحِيحًا. وَطَرِيقُ مَنْ يَقُولُ:
عَلَى الدُّرَّةِ الْبَيْضَاءِ كَانَ اجْتِمَاعُنَا
…
وَفِي قَابِ قَوْسَيْنِ اجْتِمَاعُ الْأَحِبَّةِ
طَرِيقًا صَحِيحًا. وَطَرِيقُ مَنْ يَقُولُ (2) : إِنَّ شَيْخَهُ قَدْ أَسْقَطَ عَنْهُ الصَّلَاةَ طَرِيقًا صَحِيحًا، وَأَمْثَالُ هَذِهِ الضَّلَالَاتِ الَّتِي تُوجَدُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْعَامَّةِ أَتْبَاعِ الْمَشَايِخِ.
فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ هَؤُلَاءِ (3) جَازِمُونَ بِنَجَاتِهِمْ وَسَعَادَةِ مَشَايِخِهِمْ، أَعْظَمُ مِنْ قَطْعِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ لِلْأَئِمَّةِ وَأَتْبَاعِهِمْ. فَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ مِنِ اتِّبَاعِ الْجَازِمِ بِالنَّجَاةِ وَاجِبًا، وَجَبَ اتِّبَاعُ هَؤُلَاءِ. وَمِنْ جُمْلَةِ اتِّبَاعِ (4) هَؤُلَاءِ الْقَدْحُ فِي الشِّيعَةِ وَإِبْطَالُ طَرِيقَتِهِمْ (5) ، فَيَلْزَمُ مِنَ اتِّبَاعِ الْجَازِمِ إِبْطَالُ قَوْلِ الشِّيعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ اتِّبَاعُ الْجَازِمِ مُطْلَقًا طَرِيقًا صَحِيحًا بَطَلَتْ حُجَّتُهُ.
وَكَذَلِكَ يُقَالُ لِهَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ (6) : إِنْ كَانَ اتِّبَاعُ أَهْلِ الْجَزْمِ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ مِنْ طَرِيقَةِ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، (* وَيَتَّبِعُونَ أَهْلَ
(1) ن، م: وَكُلَّ مَسْجِدٍ فَإِنَّ اللَّهَ وَضَعَ قَدَمَهُ (ص، ر، هـ قَدَمَيْهِ) عَلَيْهِ
(2)
سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، وَسَقَطَتْ بَعْضُ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ مِنْ (و) ، (هـ) .
(3)
ن، م: فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ.
(4)
اتِّبَاعِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (هـ) ، (ص) ، (ر) .
(5)
ن، م، و: طَرِيقِهِمْ.
(6)
وَهَؤُلَاءِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (ص) ، (هـ) ، (ر) .
الْعِلْمِ وَالدِّينِ فِيمَا يَأْمُرُونَ بِهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ *) (1) ، وَلَا يُوجِبُونَ طَاعَةَ مُعَيَّنٍ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا يَضْمَنُونَ السَّعَادَةَ إِلَّا لِمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيَقُولُونَ (2) : إِنَّ مَنْ سِوَاهُ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ فَلَا يُطَاعُ مُطْلَقًا، فَإِنْ كَانَ (3) اتِّبَاعُ هَؤُلَاءِ نَقْصًا وَخَطَأً وَالصَّوَابُ اتِّبَاعُ أَهْلِ الْجَزْمِ مُطْلَقًا، وَجَبَ اتِّبَاعُ شِيعَةِ الْأَئِمَّةِ الْمَعْصُومِينَ وَشِيعَةِ الْمَشَايِخِ الْمَحْفُوظِينَ. وَشِيعَةُ هَؤُلَاءِ يَقْدَحُونَ فِي هَؤُلَاءِ، وَشِيعَةُ هَؤُلَاءِ يَقْدَحُونَ فِي هَؤُلَاءِ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ (4) بَاطِلًا حَقًّا (5) ، وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ. وَهَذَا إِنَّمَا لَزِمَ لِأَنَّ الْأَصْلَ فَاسِدٌ؛ وَهُوَ اتِّبَاعُ مَنْ يَجْزِمُ بِلَا عِلْمٍ وَلَا دَلِيلٍ، فَكُلُّ مَنْ جَعَلَ اتِّبَاعَ الشَّيْخِ الْجَازِمِ وَالْمُجَازِفِ بِلَا حُجَّةٍ (6) . وَلَا دَلِيلٍ، أَوِ الْإِمَامِيَّ الْجَازِمَ الْمُجَازِفَ (7) بِالنَّجَاةِ بِلَا حُجَّةٍ وَلَا دَلِيلٍ مِمَّا (8) يَجِبُ اتِّبَاعُهُ، لَزِمَ تَنَاقُضُ أَقْوَالِهِمْ، بِخِلَافِ الْأَقْوَالِ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى أَصْلٍ صَحِيحٍ فَإِنَّهَا لَا تَتَنَاقَضُ (9) .
(1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(2)
م: وَيَقُولُ.
(3)
ب فَقَطْ: وَكَانَ.
(4)
أ، ب: الطَّرِيقَتَيْنِ.
(5)
ب: بَاطِلًا وَحَقًّا، ن: بَاطِلًا جِدًّا.
(6)
أ: فَكُلُّ مَنْ جَعَلَ الشَّيْخَ جَازِمًا بِالنَّجَاةِ بِلَا حُجَّةٍ، ب: فَكُلُّ مَنِ اتَّبَعَ الشَّيْخَ الْجَازِمَ بِالنَّجَاةِ بِلَا حُجَّةٍ، ن، م، هـ، و، ر: فَكُلُّ مَنْ جَعَلَ الشَّيْخَ الْجَازِمَ الْمُجَازِفَ بِلَا حُجَّةٍ
(7)
أ: بِالْمُجَازِفِ وَسَقَطَتِ الْكَلِمَةُ مِنْ (ب) .
(8)
أ: فَمَا، ب: فِيمَا.
(9)
أ، ب: لَا تَتَنَاقَضُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: مَنْعُ الْحُكْمِ فِي هَذَا الْمِثَالِ (1) الَّذِي ضَرَبَهُ وَجَعَلَهُ أَصْلًا قَاسَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَالَ لَهُ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: طَرِيقِي آمِنٌ يُوَصِّلُنِي، وَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: لَا عِلْمَ لِي بِأَنَّ طَرِيقِي آمِنٌ يُوَصِّلُنِي، أَوْ قَالَ ذَلِكَ الْأَوَّلُ، لَمْ يَحْسُنْ فِي الْعَقْلِ تَصْدِيقُ الْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ، بَلْ يَجُوزُ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ أَنْ يَكُونَ هَذَا (2) مُحْتَالًا عَلَيْهِ، يَكْذِبُ حَتَّى يَصْحَبَهُ فِي الطَّرِيقِ فَيَقْتُلَهُ وَيَأْخُذَ مَالَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا (3) لَا يَعْرِفُ مَا فِي الطَّرِيقِ مِنَ الْخَوْفِ، وَأَمَّا ذَاكَ الرَّجُلُ فَلَمْ يَضْمَنْ لِلسَّائِلِ شَيْئًا، بَلْ رَدَّهُ إِلَى نَظَرِهِ. فَالْحَزْمُ فِي مِثْلِ (4) هَذَا أَنْ يَنْظُرَ الرَّجُلُ أَيَّ الطَّرِيقَيْنِ أَوْلَى بِالسُّلُوكِ: أَحَدُ ذَيْنِكَ (5) الطَّرِيقَيْنِ أَوْ غَيْرُهُمَا (6)
وَلَوْ كَانَ (7) كُلُّ مَنْ قَالَ: إِنَّ (8) طَرِيقِي آمِنٌ مُوصِّلٌ يَكُونُ أَوْلَى بِالتَّصْدِيقِ مِمَّنْ تَوَقَّفَ، لَكَانَ كُلُّ مُفْتَرٍ وَجَاهِلٍ يَدَّعِي فِي الْمَسَائِلِ الْمُشْتَبِهَةِ أَنَّ قَوْلِي فِيهَا هُوَ الصَّوَابُ وَأَنَا قَاطِعٌ بِذَلِكَ، فَيَكُونُ اتِّبَاعِي أَوْلَى مِنْ طَرِيقِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ وَيَسْتَدِلُّونَ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الشُّيُوخُ الْكَذَّابُونَ الَّذِينَ يَضْمَنُونَ لِمُرِيدِهِمْ (9) الْجَنَّةَ، وَأَنَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ كَذَا وَكَذَا، وَأَنَّ كُلَّ مَنْ أَحَبَّهُمْ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَأَنَّ مَنْ أَعْطَاهُمُ الْمَالَ أَعْطَوْهُ
(1) ب: الْمَثَلِ، و: الْمَقَالِ.
(2)
هَذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3)
أ، ب: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جَاهِلًا.
(4)
مِثْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(5)
أ: أَحَدٌ سَلَكَ، ب: كَاتِّبَاعِ وَاحِدٍ سَلَكَ.
(6)
أَوْ غَيْرُهُمَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) . .
(7)
أ، ب: وَلَوْ أَنَّ.
(8)
إِنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ)(ب) .
(9)
ص، ر، و: لِمُرِيدِيهِمْ.
الْحَالَ الَّذِي يُقَرِّبُهُ إِلَى ذِي الْجَلَالِ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ مِنْ ذَوِي (1) الْعِلْمِ وَالصِّدْقِ وَالْعَدْلِ الَّذِينَ لَا يَضْمَنُونَ لَهُ إِلَّا مَا ضَمِنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَكَانَ أَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَئِمَّةُ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ كَالْمُعِزِّ وَالْحَاكِمِ وَأَمْثَالِهِمَا أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ مِنْ أَئِمَّةِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ ; لِأَنَّ أُولَئِكَ يَدَّعُونَ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ وَكَشْفِ بَاطِنِ الشَّرِيعَةِ وَعُلُوِّ الدَّرَجَةِ أَعْظَمَ مِمَّا تَدَّعِيهِ الِاثْنَا عَشْرِيَّةَ لِأَصْحَابِهِمْ، وَيَضْمَنُونَ لَهُ (2) هَذَا مَعَ اسْتِحْلَالِ الْمُحَرَّمَاتِ وَتَرْكِ الْوَاجِبَاتِ، فَيَقُولُونَ لَهُ: قَدْ أَسْقَطْنَا عَنْكَ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ وَالْحَجَّ وَالزَّكَاةَ، وَضَمَنَّا لَكَ بِمُوَالَاتِنَا الْجَنَّةَ [وَنَحْنُ قَاطِعُونَ بِذَلِكَ](3)
وَالِاثْنَا عَشْرِيَّةَ يَقُولُونَ: لَا يَسْتَحِقُّ (4) الْجَنَّةَ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْوَاجِبَاتِ وَيَتْرُكَ الْمُحَرَّمَاتِ (5) فَإِنْ كَانَ اتِّبَاعُ الْجَازِمِ بِمُجَرَّدِ جَزْمِهِ أَوْلَى، كَانَ اتِّبَاعُ هَؤُلَاءِ أَوْلَى مِنِ اتِّبَاعِ مَنْ يَقُولُ: أَنْتَ إِذَا أَذْنَبْتَ يُحْتَمَلُ أَنْ تُعَاقَبَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْفَى عَنْكَ، فَيَبْقَى بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ، وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِقْدَامِ عَلَى الْجَزْمِ لَا يَدُلُّ عَلَى عِلْمِ صَاحِبِهِ وَلَا عَلَى صِدْقِهِ، وَأَنَّ التَّوَقُّفَ وَالْإِمْسَاكَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الدَّلِيلُ هُوَ عَادَةُ الْعُقَلَاءِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ (6)" إِنَّهُمْ جَازِمُونَ بِحُصُولِ النَّجَاةِ لَهُمْ دُونَ أَهْلِ السُّنَّةِ " كَذِبٌ كَذِبٌ: (7) ، فَإِنَّهُ إِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّنْ
(1) أ، ب: أَوْلَى مِنِ اتِّبَاعِ ذَوِي.
(2)
أ، ب، ن، م: لَهُمْ.
(3)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (هـ) . .
(4)
أ، ب، ن، م: لَا نَسْتَحِقُّ.
(5)
أ، ب، ن، م: نُؤَدِّيَ الْوَاجِبَاتِ وَنَتْرُكَ الْمُحَرَّمَاتِ.
(6)
أ، ب، ن، م: قَوْلُهُمْ.
(7)
سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
اعْتَقَدَ اعْتِقَادَهُمْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ تَرَكَ الْوَاجِبَاتِ وَفَعَلَ الْمُحَرَّمَاتِ، فَلَيْسَ هَذَا قَوْلَ الْإِمَامِيَّةِ، وَلَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ.
وَإِنْ كَانَ (1) حُبُّ عَلِيٍّ حَسَنَةً لَا يَضُرُّ مَعَهَا سَيِّئَةٌ، فَلَا (2) يَضُرُّهُ تَرْكُ الصَّلَوَاتِ، وَلَا الْفُجُورُ بِالْعَلَوِيَّاتِ (3) وَلَا نَيْلُ أَغْرَاضِهِ بِسَفْكِ دِمَاءِ (4) بَنِي هَاشِمٍ إِذَا كَانَ يُحِبُّ عَلِيًّا.
فَإِنْ قَالُوا: الْمَحَبَّةُ الصَّادِقَةُ تَسْتَلْزِمُ الْمُوَافَقَةَ، عَادَ الْأَمْرُ إِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ. وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ كُلَّ مَنِ اعْتَقَدَ الِاعْتِقَادَ الصَّحِيحَ وَأَدَّى الْوَاجِبَاتِ وَتَرَكَ الْمُحَرَّمَاتِ يَدْخُلُ (5) الْجَنَّةَ، فَهَذَا اعْتِقَادُ أَهْلِ السُّنَّةِ ; فَإِنَّهُمْ يَجْزِمُونَ (6) بِالنَّجَاةِ لِكُلِّ مَنِ اتَّقَى اللَّهَ، كَمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ. وَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُونَ فِي الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ (7) لِعَدَمِ الْعِلْمِ (8) بِدُخُولِهِ فِي الْمُتَّقِينَ، فَإِنَّهُ إِذَا عُلِمَ (9) أَنَّهُ مَاتَ عَلَى التَّقْوَى عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. وَلِهَذَا يَشْهَدُونَ بِالْجَنَّةِ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ الرَّسُولُ [صَلَّى
(1) ب فَقَطْ: وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ.
(2)
فَلَا: كَذَا فِي (أ) ، (ب) ، (و)، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَلَا.
(3)
أ، و: بِالْمَعْلُومَاتِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(4)
أ: وَلَا نَيْلُ أَعْرَاضِهِمْ بِسَفْكِ دَمِ، ب: وَلَا نَيْلُ أَغْرَاضِهِمْ بِسَفْكِ دَمِ.
(5)
أ، ب: دَخَلَ.
(6)
أ، ب: جَزَمُوا.
(7)
أ، ب: وَإِنَّمَا تَوَقَّفُوا فِي شَخْصٍ مُعَيَّنٍ.
(8)
ن، م: النَّظَرِ.
(9)
أ، ب: فَإِذَا عُلِمَ.
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (1) وَلَهُمْ فِيمَنِ اسْتَفَاضَ فِي النَّاسِ حُسْنُ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ.
فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْإِمَامِيَّةِ جَزْمٌ مَحْمُودٌ اخْتُصُّوا بِهِ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. وَإِنْ قَالُوا: إِنَّا (2) نَجْزِمُ لِكُلِّ شَخْصٍ رَأَيْنَاهُ مُلْتَزِمًا لِلْوَاجِبَاتِ عِنْدَنَا تَارِكًا لِلْمُحَرَّمَاتِ، بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْبِرَنَا بِبَاطِنِهِ مَعْصُومٌ. قِيلَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْإِمَامِيَّةِ بَلْ إِنْ كَانَ إِلَى هَذَا طَرِيقٌ صَحِيحٌ فَهُوَ طَرِيقٌ لِأَهْلِ (3) السُّنَّةِ، وَهُمْ بِسُلُوكِهِ أَحَذَقُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَا (4) طَرِيقٌ صَحِيحٌ إِلَى ذَلِكَ، كَانَ ذَلِكَ قَوْلًا بِلَا عِلْمٍ، فَلَا (5) فَضِيلَةَ فِيهِ بَلْ فِي عَدَمِهِ.
فَفِي الْجُمْلَةِ لَا يَدَّعُونَ عِلْمًا صَحِيحًا إِلَّا وَأَهْلُ السُّنَّةِ أَحَقُّ بِهِ، وَمَا ادَّعُوهُ مِنَ الْجَهْلِ فَهُوَ نَقْصٌ، وَأَهْلُ السُّنَّةِ أَبْعَدُ عَنْهُ.
وَالْقَوْلُ بِكَوْنِ الرَّجُلِ الْمُعَيَّنِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَدْ يَكُونُ سَبَبُهُ إِخْبَارَ الْمَعْصُومِ، وَقَدْ يَكُونُ سَبَبُهُ تَوَاطُؤَ شَهَادَاتِ (6) الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ هُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ.
(1) صلى الله عليه وسلم: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
أ، ب: فَإِنْ قَالُوا إِنَّمَا.
(3)
أ، ب: طَرِيقُ أَهْلِ.
(4)
ب فَقَطْ: هُنَاكَ.
(5)
أ، ب: وَلَا.
(6)
أ، ب: شَهَادَةِ.
(1) سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب)
(2)
الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي الْبُخَارِيِّ 3/169 (كِتَابُ الشَّهَادَاتِ، بَابُ تَعْدِيلِ كَمْ يَجُوزُ) ، 2/97 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ ثَنَاءِ النَّاسِ عَلَى الْمَيِّتِ) ، مُسْلِمٍ 2/655 - 656 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ فِيمَنْ يُثْنَى عَلَيْهِ خَيْرٌ أَوْ شَرٌّ مِنَ الْمَوْتَى) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 2/261 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الثَّنَاءِ الْحَسَنِ عَلَى الْمَيِّتِ)، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ وَكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 4/41، (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ الثَّنَاءِ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/478 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ) ، وَجَاءَ حَدِيثٌ آخَرُ بِمَعْنَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ وَسُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَهُوَ فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 3/296 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابٌ فِي الثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 13/277 - 278 وَفِي مَوَاضِعَ أُخْرَى
(3)
الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1411 (كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ الثَّنَاءِ الْحَسَنِ)، وَقَالَ الْمُعَلِّقُ فِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَلَيْسَ لِأَبِي زُهَيْرٍ هَذَا عَنِ ابْنِ مَاجَهْ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي بَقِيَّةِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَالْحَدِيثُ فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/416، 6/467. .
وَقَدْ يَكُونُ سَبَبُ ذَلِكَ تَوَاطُؤُ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِينَ (1) فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لَمْ يَبْقَ بَعْدِي مِنَ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، يَرَاهَا الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ الصَّالِحُ (2) أَوْ تُرَى لَهُ» (3) .
وَقَدْ فَسَّرَهَا أَيْضًا بِثَنَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، «فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ يَعْمَلُ
(1) أ، ب: الْمُؤْمِنِ.
(2)
أ، ب: يَرَاهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ، و، هـ، ص، ر: الرَّجُلُ الصَّالِحُ.
(3)
الْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 9/31 (كِتَابُ التَّعْبِيرِ، بَابُ الْمُبَشِّرَاتِ) ، وَجَاءَ جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ بِنَفْسِ الْمَعْنَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي مُسْلِمٍ 1/348 (كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابٌ فِي الدُّعَاءِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 1/321 (كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابٌ فِي الدُّعَاءِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 8/148 (كِتَابُ التَّطْبِيقِ، بَابُ تَعْظِيمِ الرَّبِّ فِي الرُّكُوعِ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1283 (كِتَابُ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا، بَابُ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةِ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 3/275.
(4)
الصَّالِحَةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (أ) ، (ب) .
(5)
الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنهما فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 3/364 - 365 (كِتَابُ الرُّؤْيَا، بَابُ ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ وَبَقِيَتِ الْمُبَشِّرَاتُ)، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ: وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَتَكَرَّرَ هَذَا الْحَدِيثُ: 4/350 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، وَمِنْ سُورَةِ يُونُسَ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1283 (كِتَابُ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا، بَابُ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةِ) .
الْعَمَلَ لِنَفْسِهِ فَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ. فَقَالَ: " تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ» (1) .
وَالرُّؤْيَا قَدْ تَكُونُ مِنَ اللَّهِ، وَقَدْ تَكُونُ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ، وَقَدْ تَكُونُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَوَاطَأَتْ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَمْرٍ كَانَ حَقًّا، كَمَا إِذَا تَوَاطَأَتْ رِوَايَاتُهُمْ أَوْ رَأْيُهُمْ (2) فَإِنَّ الْوَاحِدَ (3) قَدْ يَغْلَطُ أَوْ يَكْذِبُ، وَقَدْ يُخْطِئُ فِي الرَّأْيِ (4) ، أَوْ يَتَعَمَّدُ الْبَاطِلَ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى ضَلَالَةٍ، وَإِذَا تَوَاتَرَتِ الرِّوَايَاتُ (5) أَوْرَثَتِ الْعِلْمَ، وَكَذَلِكَ الرُّؤْيَا (6) قَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ عَلَى أَنَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُتَحَرِّيَهَا (7) .، فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ» (8)
(1) الْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه فِي مُسْلِمٍ 4/2034 - 2035 (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ إِذَا أُثْنِيَ عَلَى الصَّالِحِ فَهِيَ بُشْرَى وَلَا تَضُرُّ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1412 (كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ الثَّنَاءِ الْحَسَنِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 5/156، 157، 168.
(2)
أ: رُؤْيَاتُهُمْ أَوْ رُؤْيَاهُمْ، ب: رُؤْيَتُهُمْ.
(3)
أ، ب: الرَّجُلَ.
(4)
أ، ب: الرُّؤْيَا.
(5)
أ: الرِّوَيَاتُ، ب: الرُّؤْيَاتُ.
(6)
ب: فَكَذَلِكَ الرُّؤْيَا، و: وَكَذَلِكَ الرُّؤْيَاتُ. .
(7)
ن: مُتَجَرِّهَا، أ، ب: مُتَحَرِّيًا
(8)
الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، فِي الْبُخَارِيِّ 3/46 (كِتَابُ فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، بَابُ الْتِمَاسِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ) ، مُسْلِمٍ 2/822 (كِتَابُ الصِّيَامِ، بَابُ فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ، الْمُوَطَّأِ 1/321 (كِتَابُ الِاعْتِكَافِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 6/231.
وَهَذِهِ الْأَسْبَابُ كُلُّهَا عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَكْمَلُ وَأَتَمُّ مِمَّا هِيَ عِنْدَ الشِّيعَةِ، فَلَا طَرِيقَ لَهُمْ إِلَى الْعِلْمِ بِالسَّعَادَةِ وَحُصُولِهَا، إِلَّا وَذَلِكَ (1) الطَّرِيقُ أَكْمَلُ لِأَهْلِ السُّنَّةِ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يَجْزِمُونَ بِحُصُولِ النَّجَاةِ لِأَئِمَّتِهِمْ أَعْظَمَ مِنْ جَزْمِ الرَّافِضَةِ. وَذَلِكَ أَنَّ أَئِمَّتَهُمْ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هُمُ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَهُمْ جَازِمُونَ بِحُصُولِ النَّجَاةِ لِهَؤُلَاءِ، فَإِنَّهُمْ يَشْهَدُونَ أَنَّ الْعَشَرَةَ (2) . فِي الْجَنَّةِ (3)، وَيَشْهَدُونَ «أَنَّ اللَّهَ قَالَ لِأَهْلِ بَدْرٍ: " اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» . (4)، بَلْ يَقُولُونَ:
(1) أ، ب: وَذَاكَ.
(2)
ن: أَهْلَ الْعَشَرَةِ
(3)
وَرَدَ حَدِيثَانِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْجَنَّةِ: الْأَوَّلُ قَالَ فِي أَوَّلِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اثْبُتْ حِرَاءُ، إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ. الْحَدِيثُ، وَهُوَ فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/294 - 295 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابٌ فِي الْخُلَفَاءِ 9، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/315 - 316 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ)، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ؛ سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/48 (الْمُقَدِّمَةُ، فَضَائِلُ الْعَشَرَةِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) ، ج [0 - 9] الْأَرْقَامُ 1629، 1630، 1638، 1644، 1645، وَالْحَدِيثُ الثَّانِي أَوَّلُهُ: عَشَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ. وَهُوَ فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَسُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَفِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) ج [0 - 9] الْأَرْقَامُ 1631، 1637، وَصَحَّحَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ فِي: صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ 4 - 35.
(4)
هَذَا جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 5/77 - 78 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا) ، 6/149 (كِتَابُ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، سُورَةُ الْمُمْتَحِنَةِ) ، مُسْلِمٍ 4/1941 - 1942 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابٌ: مِنْ فَضَائِلِ أَهْلِ بَدْرٍ) ; سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 3/64 - 65 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابٌ فِي حُكْمِ الْجَاسُوسِ إِذَا كَانَ مُسْلِمًا) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/82 - 84 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ الْمُمْتَحِنَةِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 2/36 - 37. وَجَاءَ الْحَدِيثُ مُخْتَصَرًا بِمَعْنَاهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/296 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابٌ فِي الْخُلَفَاءِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 15 83 - 84.
إِنَّهُ " «لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ» "، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ (1) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (2) . فَهَؤُلَاءِ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةِ إِمَامٍ لِأَهْلِ السُّنَّةِ، يَشْهَدُونَ (3) أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ النَّارَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَهِيَ شَهَادَةٌ بِعِلْمٍ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ.
الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنْ يُقَالَ: أَهْلُ السُّنَّةِ يَشْهَدُونَ بِالنَّجَاةِ: إِمَّا مُطْلَقًا، وَإِمَّا مُعَيَّنًا (4) ، شَهَادَةً مُسْتَنِدَةً إِلَى عِلْمٍ. وَأَمَّا الرَّافِضَةُ فَإِنَّهُمْ إِنْ شَهِدُوا شَهِدُوا (5) بِمَا لَا يَعْلَمُونَ، أَوْ شَهِدُوا بِالزُّورِ الَّذِي يَعْلَمُونَ أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُمْ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ [رحمه الله] (6) : مَا رَأَيْتُ قَوْمًا أَشْهَدَ بِالزُّورِ مِنَ الرَّافِضَةِ.
(1) ن: كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ.
(2)
الْحَدِيثُ عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ رضي الله عنها فِي مُسْلِمٍ 4/1942 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابٌ: مِنْ فَضَائِلِ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ)، وَنَصُّهُ فِيهِ: أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عِنْدَ حَفْصَةَ: لَا يَدْخُلُ النَّارَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ أَحَدُ الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَا " قَالَتْ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَانْتَهَرَهَا. فَقَالَتْ حَفْصَةُ: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا [سُورَةُ مَرْيَمَ: 71]، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عز وجل: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا [سُورَةُ مَرْيَمَ: 72] ، وَالْحَدِيثُ عَنْهَا أَيْضًا فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 6/362، 420 وَعَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنها فِي: سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1431 (كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ ذِكْرِ الْبَعْثِ) .
(3)
ن: يُرِيدُونَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(4)
ن، م: أَوْ مُعَيَّنًا.
(5)
شَهِدُوا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6)
رحمه الله: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
الْوَجْهُ السَّابِعُ: أَنَّ الْإِمَامَ الَّذِي شُهِدَ لَهُ بِالنَّجَاةِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُطَاعَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَإِنْ نَازَعَهُ غَيْرُهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ هُوَ الْمُطَاعَ فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَفِيمَا يَقُولُهُ بِاجْتِهَادِهِ (1) إِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ غَيْرَهُ أَوْلَى مِنْهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ (2) . فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ هُوَ الْأَوَّلُ، فَلَا إِمَامَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، [فَإِنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مَنْ يَجِبُ أَنْ يُطَاعَ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم] (3) وَهُمْ يَقُولُونَ كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَالْحَاكِمُ (4) وَمَالِكٌ وَغَيْرُهُمْ: كُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَهُمْ يَشْهَدُونَ (5) لِإِمَامِهِمْ أَنَّهُ خَيْرُ الْخَلَائِقِ، وَيَشْهَدُونَ بِأَنَّ كُلَّ مَنِ ائْتَمَّ بِهِ فَفَعَلَ مَا أَمَرَ بِهِ وَتَرَكَ مَا نَهَى عَنْهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ. وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ بِهَذَا وَهَذَا هُمْ فِيهَا أَتَمُّ مِنَ الرَّافِضَةِ مِنْ شَهَادَتِهِمْ لِلْعَسْكَرِيَيْنِ (6) وَأَمْثَالِهِمَا بِأَنَّهُ مَنْ أَطَاعَهُمْ (7) دَخَلَ الْجَنَّةَ.
فَثَبَتَ أَنَّ إِمَامَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَكْمَلُ، وَشَهَادَتَهُمْ لَهُ وَلَهُمْ إِذَا (8) أَطَاعُوهُ
(1) أ، ب: بِاجْتِهَادٍ.
(2)
ن: وَنَحْوُهُ.
(3)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(4)
أ، ب، ص، ر: وَالْحَكَمُ.
(5)
أ، ب: وَيَشْهَدُونَ.
(6)
أ: بِهَذَا وَهَذَا هُمْ أَتَمُّ مِنْ شَهَادَةِ الرَّافِضَةِ لِلْعَسْكَرِيَيْنِ، ب: بِهَذَا وَهَذَا هِيَ أَتَمُّ مِنْ شَهَادَةِ الرَّافِضَةِ لِلْعَسْكَرِيَيْنِ، ن، م: بِهَذَا وَهَذَا وَهُمْ فِيهَا أَتَمُّ مِنَ الرَّافِضَةِ مِنْ شَهَادَتِهِمْ لِلْعَسْكَرِيَيْنِ.
(7)
أ، ب، ر: بِأَنَّ مَنْ أَطَاعَهُمَا.
(8)
أ: وَشَهَادَتُهُ لَهُمْ وَلَهُ إِذَا، ب: وَشَهَادَتُهُمْ لَهُ إِذَا.
أَكْمَلُ، وَلَا سَوَاءَ. وَلَكِنْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:(آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ)[سُورَةُ النَّمْلِ: 59] فَعِنْدَ الْمُقَابَلَةِ يُذْكَرُ فَضْلُ الْخَيْرِ الْمَحْضِ عَلَى الشَّرِّ الْمَحْضِ، [وَإِنْ كَانَ الشَّرُّ الْمَحْضُ](1) لَا خَيْرَ فِيهِ.
وَإِنْ أَرَادُوا بِالْإِمَامِ الْإِمَامَ الْمُقَيَّدَ، فَذَاكَ لَا يُوجِبُ أَهْلُ السُّنَّةِ طَاعَتَهُ (2) ، إِنْ لَمْ يَكُنْ مَا أَمَرَ بِهِ مُوَافِقًا لِأَمْرِ الْإِمَامِ الْمُطْلَقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ إِذَا أَطَاعُوهُ فِيمَا أَمَرَ [اللَّهُ بِطَاعَتِهِ فِيهِ](3) ، فَإِنَّمَا هُمْ مُطِيعُونَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، فَلَا يَضُرُّهُمْ تَوَقُّفُهُمْ فِي الْإِمَامِ الْمُقَيَّدِ: هَلْ هُوَ فِي الْجَنَّةِ أَمْ لَا؟ كَمَا لَا يَضُرُّ أَتْبَاعُ الْمَعْصُومِ عِنْدَهُمْ (4) إِذَا أَطَاعُوا نُوَّابَهُ، مَعَ أَنَّ نُوَّابَهُ قَدْ يَكُونُونَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، لَا سِيَّمَا وَنُوَّابُ الْمَعْصُومِ عِنْدَهُمْ لَا يُعْلَمُ (5) أَنَّهُمْ يَأْمُرُونَ بِمَا يَأْمُرُ بِهِ الْمَعْصُومُ، لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِمَا يَقُولُهُ مَعْصُومُهُمْ. وَأَمَّا أَقْوَالُ (6) الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فَهِيَ مَعْلُومَةٌ، فَمَنْ أَمَرَ بِهَا فَقَدَ (7) عُلِمَ أَنَّهُ وَافَقَهَا، وَمَنْ أَمَرَ بِخِلَافِهَا عُلِمَ أَنَّهُ خَالَفَهَا، وَمَا خَفِيَ مِنْهَا (8) فَاجْتَهَدَ فِيهِ (9) نَائِبُهُ، فَهَذَا خَيْرٌ مِنْ طَاعَةِ نَائِبٍ لِمَنْ تُدَّعَى
(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(2)
ن، م، و: فَذَاكَ لَا يُوجِبُونَ طَاعَتَهُ.
(3)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4)
عِنْدَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(5)
أ، ب: لَا يَعْلَمُونَ.
(6)
ن: وَأَمَّا قَوْلُ.
(7)
فَقَدَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(8)
أ، ب: وَمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْهَا، ن: وَمَا خَفِيَ فِيهَا.
(9)
ن، م: فِيهَا.
عِصْمَتُهُ (1) وَلَا أَحَدَ يَعْلَمُ بِشَيْءٍ مِمَّا أَمَرَ بِهِ هَذَا الْغَائِبُ الْمُنْتَظَرُ، فَضْلًا عَنِ الْعِلْمِ بِكَوْنِ نَائِبِهِ مُوَافِقًا أَوْ مُخَالِفًا. فَإِنِ ادَّعَوْا أَنَّ النُّوَّابَ عَالِمُونَ بِأَمْرِ مَنْ قَبْلَهُ (2) ، فَعِلْمُ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَمُّ وَأَكْمَلُ مِنْ عِلْمِ هَؤُلَاءِ بِقَوْلِ مَنْ يَدَّعُونَ (3) عِصْمَتَهُ، وَلَوْ طُولِبَ أَحَدُهُمْ بِنَقْلٍ صَحِيحٍ ثَابِتٍ بِمَا يَقُولُونَهُ عَنْ عَلِيٍّ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ لَمَا وَجَدُوا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا. وَلَيْسَ لَهُمْ مِنَ الْإِسْنَادِ وَالْعِلْمِ بِالرِّجَالِ النَّاقِلِينَ مَا (4) لِأَهْلِ السُّنَّةِ.
الْوَجْهُ الثَّامِنُ: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ ضَمِنَ السَّعَادَةَ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَأَطَاعَ رَسُولَهُ، وَتَوَعَّدَ بِالشَّقَاءِ لِمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، فَمَنَاطُ السَّعَادَةِ طَاعَةُ (5) اللَّهِ وَرَسُولِهِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 69] وَأَمْثَالِ ذَلِكَ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَاللَّهُ تَعَالَى (6) يَقُولُ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [سُورَةُ التَّغَابُنِ: 16] ، فَمَنِ اجْتَهَدَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِحَسَبِ اسْتِطَاعَتِهِ (7) كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
فَقَوْلُ الرَّافِضَةِ (8) : لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ إِمَامِيًّا، كَقَوْلِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى: {تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ
(1) أ، ب: لِمَنْ يَدَّعِي الْعِصْمَةَ.
(2)
أ، ب: عَامِلُونَ بِأَمْرِ مَنْ قَبْلَهُمْ.
(3)
ن، م، و: يَدَّعِي.
(4)
ن، م: بِمَا.
(5)
ن: إِطَاعَةُ.
(6)
أ، ب: وَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى.
(7)
أ، ب: بِحَسَبِ الِاسْتِطَاعَةِ.
(8)
أ، ب: فَقَوْلُ الرَّافِضِيِّ.
قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ - بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} .
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُنْتَظَرَ (1) الَّذِي يَدَّعِيهِ الرَّافِضِيُّ لَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ طَاعَتُهُ، فَإِنَّهُ لَا يُعْلَمُ لَهُ قَوْلٌ مَنْقُولٌ عَنْهُ، فَإِذًا مَنْ أَطَاعَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَإِنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهَذَا الْإِمَامِ، وَمَنْ آمَنَ بِهَذَا الْإِمَامِ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ إِلَّا إِذَا أَطَاعَ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم (2) فَطَاعَةُ الرَّسُولِ - (3) هِيَ مَدَارُ السَّعَادَةِ وُجُودًا وَعَدَمًا، وَهِيَ الْفَارِقَةُ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ (4)[وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم](5) فَرَّقَ بَيْنَ النَّاسِ، وَاللَّهُ سبحانه وتعالى قَدْ دَلَّ الْخَلْقَ عَلَى طَاعَتِهِ (6) بِمَا بَيَّنَهُ لَهُمْ، فَتَبَيَّنَ (7) أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ جَازِمُونَ بِالسَّعَادَةِ وَالنَّجَاةِ لِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ.
تَمَّ بِحَمْدِ اللَّهِ الْجُزْءُ الثَّالِثُ مِنْ كِتَابِ " مِنْهَاجِ السُّنَّةِ فِي نَقْضِ كَلَامِ الشِّيعَةِ الْقَدَرِيَّةِ " لِابْنِ تَيْمِيَّةَ، وَيَتْلُوهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - الْجُزْءُ الرَّابِعُ، وَأَوَّلُهُ: فَصْلٌ: قَالَ الرَّافِضِيُّ: الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ الْإِمَامِيَّةَ أَخَذُوا مَذْهَبَهُمْ عَنِ الْأَئِمَّةِ الْمَعْصُومِينَ. . . إِلَخْ.
(1) أ، ب: أَنَّ هَذَا الْمُنْتَظَرَ.
(2)
صلى الله عليه وسلم: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(3)
صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم: زِيَادَةٌ فِي (ن) .
(4)
ن، م: وَأَهْلِ النَّارِ.
(5)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) .
(6)
أ: النَّاسَ قَدْرَ الْحَقِّ عَلَى طَاعَتِهِ، ب: النَّاسَ فَدَلَّ الْخَلْقَ عَلَى طَاعَتِهِ، وَسَقَطَتْ كَلِمَةُ (دَلَّ) مِنْ (ن) .
(7)
أ، ب: فَدَلَّ.