الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قُدْرَةٌ عَلَيْهِ تُقَارِنُ مَقْدُورَهَا كَانَ دَعْوَى (1) امْتِنَاعِهِ بِهَذَا التَّفْسِيرِ مَوْرِدَ النِّزَاعِ فَيَحْتَاجُ نَفْيُهُ إِلَى دَلِيلٍ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ (2) : أَنَّ مِنْ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ لِلْقَدَرِ (3) مَنْ يُجَوِّزُ تَكْلِيفَ مَا لَا يُطَاقُ لِلْعَجْزِ عَنْهُ، بَلْ مِنْ غَالِيَّتِهِمْ مَنْ يُجَوِّزُ تَكْلِيفَ الْمُمْتَنِعِ لِذَاتِهِ، وَبَعْضُهُمْ يَدَّعِي أَنَّ ذَلِكَ وَاقِعٌ فِي الشَّرِيعَةِ، كَتَكْلِيفِ أَبِي لَهَبٍ الْإِيمَانَ مَعَ تَكْلِيفِ تَصْدِيقِ خَبَرِ اللَّهِ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ، وَهَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا لَكِنَّ (4) هَذَا الْقَدَرِيَّ لَمْ يَذْكُرْ دَلِيلًا عَلَى إِبْطَالِ ذَلِكَ وَلَا عَلَى جَوَابِ مُعَارَضَتِهِ، بَلِ اكْتَفَى بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَهُوَ قَبِيحٌ عَقْلًا.
وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: لَا مَجَالَ لِلْعَقْلِ فِي تَحْسِينٍ وَلَا تَقْبِيحٍ، فَإِنْ لَمْ يُكْمِلِ الْبَحْثَ فِي هَذِهِ اللَّوَازِمِ (5) لَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرَهُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ لِلْقَدَرِ، أَوْ عَلَى الْمُثْبِتِينَ لِخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ [رضي الله عنهما] . رضي الله عنهما:(6)
[فصل كلام الرافضي على الأفعال الاختيارية عند أهل السنة والرد عليه]
(فَصْلٌ) قَالَ [الرَّافِضِيُّ](7) : " وَمِنْهَا أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ أَفْعَالُنَا (8)
(1) أ، ب: مَعْنَى.
(2)
ن، م: الْخَامِسُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(3)
لِلْقَدَرِ، سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
(4)
ع: لَيْسَ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ.
(5)
م فَقَطْ: فِيمَا ذَكَرَ فِي هَذِهِ اللَّوَازِمِ.
(6)
زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(7)
الرَّافِضِيُّ: زِيَادَةٌ فِي (ع) ، وَالْكَلَامُ التَّالِي فِي (ك) 87 (م) 88 (م) .
(8)
ن، م: أَفْعَالُهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
الِاخْتِيَارِيَّةُ [الْوَاقِعَةُ](1) بِحَسَبِ قُصُودِنَا (2) وَدَوَاعِينَا، مِثْلَ حَرَكَتِنَا يَمْنَةً وَيَسْرَةً، وَحَرَكَةَ الْبَطْشِ بِالْيَدِ وَالرِّجْلِ (3) فِي الصَّنَائِعِ الْمَطْلُوبَةِ لَنَا، كَالْأَفْعَالِ الِاضْطِرَارِيَّةِ مِثْلَ حَرَكَةِ النَّبْضِ وَحَرَكَةِ الْوَاقِعِ مِنْ شَاهِقٍ (4) بِإِيقَاعِ غَيْرِهِ، لَكِنَّ الضَّرُورَةَ قَاضِيَةٌ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ كُلَّ عَاقِلٍ يَحْكُمُ بِأَنَّا [قَادِرُونَ عَلَى الْحَرَكَةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ](5) وَغَيْرُ قَادِرِينَ عَلَى الْحَرَكَةِ إِلَى السَّمَاءِ [مِنَ الطَّيَرَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ](6) .
قَالَ أَبُو الْهُذَيْلِ الْعَلَّافُ: حِمَارُ بِشْرٍ أَعْقَلُ مِنْ بِشْرٍ ; لِأَنَّ حِمَارَ بِشْرٍ لَوْ أَتَيْتَ بِهِ إِلَى جَدْوَلٍ صَغِيرٍ وَضَرَبْتَهُ لِلْعُبُورِ (7) فَإِنَّهُ يَطْفِرُهُ (8) وَلَوْ أَتَيْتَ بِهِ إِلَى جَدْوَلٍ كَبِيرٍ لَمْ يَطْفِرْهُ (9) ; لِأَنَّهُ يُفَرِّقُ (10) بَيْنَ مَا يَقْدِرُ عَلَى طَفْرِهِ (11) وَمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ (12) وَبِشْرٌ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ وَغَيْرِ الْمَقْدُورِ [عَلَيْهِ](13)
(1) الْوَاقِعَةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
ك: تَصَوُّرِنَا.
(3)
ن، م: بِالرِّجْلِ وَالْيَدِ.
(4)
أ، ب: النَّبْضِ وَالْوُقُوعِ مِنْ شَاهِقٍ.
(5)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (ع) .
(6)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (ع) .
(7)
ب (فَقَطْ) : لِعُبُورِهِ.
(8)
ع، ن: يُظْفِرُهُ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ.
(9)
ع، ن: يُظْفِرُهُ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ.
(10)
ك: لِأَنَّهُ فَرَّقَ.
(11)
ع، ن: ظَفَرِهِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ.
(12)
م فَقَطْ: وَمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى ظَفَرِهِ.
(13)
عَلَيْهِ: زِيَادَةٌ فِي (ع)، وَفِي (ك) : وَغَيْرِ الْمَقْدُورِ، وَعَلَّقَ مُسْتَجَى زَادَهْ فِي هَامِشِ (ع) عَلَى هَذَا الْكَلَامِ بِقَوْلِهِ: يُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ بِشْرَ الْمَرِيسِيَّ لَمْ يُوَافِقِ الْمُعْتَزِلَةَ فِي الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ لِلْعِبَادِ بِأَنَّهَا بِخَلْقِهِمْ وَإِيجَادِهِمْ، بَلْ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ مِثْلَ قَوْلِ الْأَشْعَرِيِّ، إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ فِي الْقُرْآنِ مِثْلَ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ بِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَالشَّائِعُ مِنْهُ أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ لِأُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ جَمِيعًا سِوَى هَذَا الْقَوْلِ، وَمِثْلُهُ ضِرَارٌ الَّذِي هُوَ رَئِيسُ الضِّرَارِيَّةِ أَنَّهُ عَلَى أُصُولِ أَهْلِ الْحَقِّ إِلَّا أَنَّهُ يُنْكِرُ عَذَابَ الْقَبْرِ مِثْلَ أَكْثَرِ أَهْلِ الِاعْتِزَالِ، فَنُسِبَ إِلَى الِاعْتِزَالِ بِسَبَبِ هَذَا الْقَوْلِ مِثْلَ بِشْرٍ نُسِبَ إِلَى الِاعْتِزَالِ بِسَبَبِ الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، مَعَ أَنَّ رَئِيسَ أَهْلِ الِاعْتِزَالِ وَهُوَ أَبُو الْهُذَيْلِ يَطْعَنُهُ وَيَذُمُّهُ لِمُخَالَفَتِهِ مَذْهَبَهُ. ".
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا إِنَّمَا يَلْزَمُ مَنْ يَقُولُ إِنَّ الْعَبْدَ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى أَفْعَالِهِ الِاخْتِيَارِيَّةِ، وَلَيْسَ هَذَا قَوْلُ إِمَامٍ مَعْرُوفٍ وَلَا طَائِفَةٍ مَعْرُوفَةٍ مِنْ طَوَائِفِ أَهْلِ السُّنَّةِ (1) ، بَلْ وَلَا مِنْ طَوَائِفِ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ، إِلَّا مَا يُحْكَى (2) عَنِ الْجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ وَغُلَاةِ الْمُثْبِتَةِ أَنَّهُمْ سَلَبُوا الْعَبْدَ قُدْرَتَهُ، وَقَالُوا: إِنَّ حَرَكَتَهُ كَحَرَكَةِ الْأَشْجَارِ بِالرِّيَاحِ، إِنْ صَحَّ النَّقْلُ عَنْهُمْ (3) .
وَأَشَدُّ الطَّوَائِفِ قُرْبًا مِنْ هَؤُلَاءِ هُوَ الْأَشْعَرِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْ (4) أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ مَعَ هَذَا يُثْبِتُ لِلْعَبْدِ قُدْرَةً مُحْدَثَةً وَاخْتِيَارًا، وَيَقُولُ إِنَّ الْفِعْلَ كَسْبٌ لِلْعَبْدِ، لَكِنَّهُ يَقُولُ: لَا تَأْثِيرَ لِقُدْرَةِ الْعَبْدِ فِي إِيجَادِ الْمَقْدُورِ.
فَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ: إِنَّ هَذَا الْكَسْبَ الَّذِي أَثْبَتَهُ الْأَشْعَرِيُّ غَيْرُ مَعْقُولٍ. وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ فَاعِلٌ لِفِعْلِهِ حَقِيقَةً (5) ، وَلَهُ قُدْرَةٌ وَاخْتِيَارٌ، وَقُدْرَتُهُ مُؤَثِّرَةٌ فِي مَقْدُورِهَا، كَمَا تُؤَثِّرُ الْقُوَى وَالطَّبَائِعُ (6) وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الشُّرُوطِ وَالْأَسْبَابِ.
(1) أ، ب: مِنَ الطَّوَائِفِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ.
(2)
ن: مَا حُكِيَ.
(3)
عَنْهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(4)
الْفُقَهَاءِ مِنْ: زِيَادَةٌ فِي (ن) .
(5)
م فَقَطْ: جَمِيعَهُ.
(6)
ب (فَقَطْ) : الْقُوَى الطَّبَائِعُ.
فَمَا ذَكَرَهُ لَا يَلْزَمُ جُمْهُورَ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَقَدْ قُلْنَا غَيْرَ مَرَّةٍ: نَحْنُ لَا نُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ فِي بَعْضِ أَهْلِ السُّنَّةِ مَنْ يَقُولُ الْخَطَأَ، لَكِنْ لَا يَتَّفِقُونَ عَلَى خَطَأٍ، كَمَا تَتَّفِقُ الْإِمَامِيَّةُ عَلَى خَطَأٍ، بَلْ كُلُّ مَسْأَلَةٍ خَالَفَتْ فِيهَا الْإِمَامِيَّةُ أَهْلَ (1) السُّنَّةِ فَالصَّوَابُ فِيهَا مَعَ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَأَمَّا مَا تَنَازَعَ فِيهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَتَنَازَعَتْ فِيهِ الْإِمَامِيَّةُ، فَذَاكَ لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِأَهْلِ السُّنَّةِ وَلَا بِالْإِمَامِيَّةِ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَجُمْهُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ يَقُولُونَ: إِنَّ الْعَبْدَ لَهُ قُدْرَةٌ وَإِرَادَةٌ وَفِعْلٌ، وَهُوَ فَاعِلٌ حَقِيقَةً، وَاللَّهُ خَالِقُ ذَلِكَ كُلِّهِ كَمَا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ.
قَالَ تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 128]، وَقَالَ [تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ] (2) :{رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ: 40]، وَقَالَ [تَعَالَى] (3) :{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} [سُورَةُ السَّجْدَةِ: 24](4) وَقَالَ [تَعَالَى](5) : {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} [سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ: 73] وَقَالَ: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا - إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا - وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [سُورَةُ الْمَعَارِجِ: 19، 21] فَأَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ الْمُسْلِمَ مُسْلِمًا، وَالْمُقِيمَ لِلصَّلَاةِ مُقِيمَ الصَّلَاةِ، وَالْإِمَامَ الْهَادِي إِمَامًا هَادِيًا.
(1) ع، ن: لِأَهْلِ.
(2)
تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(3)
تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(4)
سَقَطَتْ آيَةُ 24 مِنْ سُورَةِ السَّجْدَةِ مِنْ (ن) ، (م) .
(5)
تَعَالَى زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
وَقَالَ عَنِ الْمَسِيحِ [صلى الله عليه وسلم](1) : {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} [سُورَةُ مَرْيَمَ: 31، 32] ، فَبَيَّنَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي جَعَلَهُ بَرًّا بِوَالِدَتِهِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ جَبَّارًا شَقِيًّا. وَهَذَا صَرِيحُ قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي أَنَّ اللَّهَ [عز وجل](2) خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ.
وَقَالَ تَعَالَى عَنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [سُورَةُ الْقَصَصِ: 41] . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى (3) : {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ - وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [سُورَةُ التَّكْوِيرِ: 28، 29]، وَقَالَ تَعَالَى:{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا - وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [سُورَةُ الْإِنْسَانِ: 29، 30]، وَقَوْلُهُ (4) :{كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ - فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} [سُورَةُ الْمُدَّثِّرِ: 54، 55] فَأَثْبَتَ مَشِيئَةَ الْعَبْدِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا بِمَشِيئَةِ الرَّبِّ [تَعَالَى](5) . (6) . وَهَذَا صَرِيحُ قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي إِثْبَاتِ مَشِيئَةِ الْعَبْدِ، وَأَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا بِمَشِيئَةِ الرَّبِّ (7) .
وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ الْعِبَادَ يَفْعَلُونَ وَيَصْنَعُونَ وَيَعْمَلُونَ وَيُؤْمِنُونَ وَيَكْفُرُونَ
(1) صلى الله عليه وسلم: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب)، وَفِي (ن) : عليه السلام.
(2)
عز وجل: زِيَادَةٌ فِي (ع) .
(3)
أ، ب: وَقَالَ تَعَالَى.
(4)
أ، ب: وَقَالَ.
(5)
تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6)
سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(7)
سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
وَيَتَّقُونَ وَيَفْسُقُونَ وَيَصْدُقُونَ وَيَكْذِبُونَ وَنَحْوَ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ (1) ، وَأَخْبَرَ أَنَّ لَهُمُ اسْتِطَاعَةً وَقُوَّةً فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.
وَأَئِمَّةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَجُمْهُورُهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ خَالِقُ (2) هَذَا كُلِّهِ. وَالْخَلْقُ عِنْدَهُمْ لَيْسَ هُوَ الْمَخْلُوقَ، فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ كَوْنِ أَفْعَالِ (3) الْعِبَادِ مَخْلُوقَةً مَفْعُولَةً لِلرَّبِّ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ (4) نَفْسُ فِعْلِهِ الَّذِي هُوَ مَصْدَرُ فِعْلٍ يَفْعَلُ فِعْلًا، فَإِنَّهَا فِعْلٌ لِلْعَبْدِ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، وَلَيْسَتْ فِعْلًا لِلرَّبِّ [تَعَالَى](5) بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، بَلْ هِيَ مُفَعْوِلَةٌ لَهُ، وَالرَّبُّ تَعَالَى لَا يَتَّصِفُ بِمَفْعُولَاتِهِ.
وَلَكِنَّ هَذِهِ الشَّنَاعَاتِ لَزِمَتْ مَنْ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ فِعْلِ الرَّبِّ وَمَفْعُولِهِ، وَيَقُولُ مَعَ ذَلِكَ إِنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ فِعْلٌ لِلَّهِ (6) ، كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ الْجَهْمُ [بْنُ صَفْوَانَ](7) وَمُوَافِقُوهُ، وَالْأَشْعَرِيُّ وَأَتْبَاعُهُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ (8) وَلِهَذَا ضَاقَ بِهَؤُلَاءِ (9) الْبَحْثُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ.
وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَزِمَتْ مَنْ لَا يُثْبِتُ فِي الْمَخْلُوقَاتِ (10) أَسْبَابًا وَقُوًى وَطَبَائِعَ، وَيَقُولُ (11) : إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ عِنْدَهَا لَا بِهَا، فَلَزِمَهُ (12) أَنْ لَا يَكُونَ فَرْقٌ بَيْنَ الْقَادِرِ
(1) كَثِيرَةٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(2)
أ، ب: خَلَقَ.
(3)
أَفْعَالِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
(4)
ب (فَقَطْ) : تَكُونَ.
(5)
تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6)
ب (فَقَطْ) : فِعْلُ اللَّهِ.
(7)
بْنُ صَفْوَانَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(8)
ع: وَمَنْ وَافَقَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ، ن، م: وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ.
(9)
أ، ب: لِهَؤُلَاءِ.
(10)
ع (فَقَطْ) : لِلْمَخْلُوقَاتِ.
(11)
أ، ب: وَيَقُولُونَ.
(12)
أ، ب: فَلَزِمَ.
وَالْعَاجِزُ، وَإِنْ أَثْبَتَ قُدْرَةً وَقَالَ إِنَّهَا مُقْتَرِنَةٌ بِالْكَسْبِ، قِيلَ لَهُ (1) : لَمْ تُثْبِتْ فَرْقًا مَعْقُولًا بَيْنَ مَا تُثْبِتُهُ مِنَ الْكَسْبِ وَتَنْفِيهِ مِنَ الْفِعْلِ (2) ، وَلَا بَيْنَ الْقَادِرِ وَالْعَاجِزِ، إِذَا كَانَ مُجَرَّدُ الِاقْتِرَانِ لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِالْقُدْرَةِ، فَإِنَّ [فِعْلَ](3) الْعَبْدِ يُقَارِنُ حَيَاتَهُ وَعِلْمَهُ (4) وَإِرَادَتَهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقُدْرَةِ تَأْثِيرٌ إِلَّا مُجَرَّدَ الِاقْتِرَانِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقُدْرَةِ وَغَيْرِهَا.
وَكَذَلِكَ [قَوْلُ](5) مَنْ قَالَ: إِنَّ (6) الْقُدْرَةَ مُؤَثِّرَةٌ فِي صِفَةِ الْفِعْلِ لَا فِي أَصْلِهِ، كَمَا يَقُولُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَمَنْ وَافَقَهُ، فَإِنَّهُ إِنْ أَثْبَتَ تَأْثِيرًا بِدُونِ خَلْقِ الرَّبِّ، لَزِمَ (7) أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْحَوَادِثِ لَمْ يَخْلُقْهُ اللَّهُ [تَعَالَى](8) ، وَإِنْ جَعَلَ ذَلِكَ مُعَلَّقًا بِخَلْقِ الرَّبِّ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالصِّفَةِ.
وَأَمَّا أَئِمَّةُ أَهْلِ (9) السُّنَّةِ وَجُمْهُورِهِمْ فَيَقُولُونَ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: 57](10)، وَقَالَ:{وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 164]، وَقَالَ:
(1) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
(2)
ع، ن، م: بَيْنَ مَا أَثْبَتَّهُ مِنَ الْكَسْبِ وَنَفَيْتَهُ مِنَ الْفِعْلِ.
(3)
فِعْلَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4)
ع: وَعَمَلَهُ.
(5)
قَوْلُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (ع) .
(6)
إِنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(7)
ب (فَقَطْ) : فَإِنَّهُ أَثْبَتَ تَأْثِيرًا بِدُونِ خَلْقِ الرَّبِّ فَلَزِمَ. . . إِلَخْ.
(8)
ع (فَقَطْ) : لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ بَعْضُ الْحَوَادِثِ لَمْ يَخْلُقْهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَسَقَطَتْ تَعَالَى مِنْ (ن) .
(9)
أَهْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(10)
فِي جَمِيعِ النُّسَخِ جَاءَتِ الْآيَةُ مُحَرَّفَةً هَكَذَا: فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا. . . إِلَخْ.
{يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 16]، وَقَالَ:{يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 26] وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يُخْبِرُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَحْدُثُ (1) الْحَوَادِثَ بِالْأَسْبَابِ.
وَكَذَلِكَ [دَلَّ] الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى إِثْبَاتِ الْقُوَى وَالطَّبَائِعِ (2) الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ فِي الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [سُورَةُ التَّغَابُنِ: 16]، وَقَالَ:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [سُورَةُ فُصِّلَتْ: 15]، وَقَالَ:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} [سُورَةُ الرُّومِ: 54] .
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ: " إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ (3) يُحِبُّهُمَا اللَّهُ: الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ " فَقَالَ: أَخُلُقَيْنِ تَخَلَّقْتُ بِهِمَا (4) أَمْ خُلُقَيْنِ جُبِلْتُ عَلَيْهِمَا؟ فَقَالَ: " بَلْ خُلُقَيْنِ جُبِلْتَ عَلَيْهِمَا " فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ» (5) . وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ بَسْطِهِ.
وَهَؤُلَاءِ يُثْبِتُونَ لِلْعَبْدِ قُدْرَةً (6) وَيَقُولُونَ: إِنَّ تَأْثِيرَهَا فِي مَقْدُورِهَا كَتَأْثِيرِ
(1) ن، م: أَحْدَثُ.
(2)
ن، م: وَكَذَلِكَ دَلَّ (سَقَطَتْ دَلَّ مِنْ (ن)) الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى مِثْلِ إِثْبَاتِ الْقُوَى وَالطَّبَائِعِ.
(3)
أ، ب: خَصْلَتَيْنِ.
(4)
ع: فِيهِمَا، م: بِهَذَا.
(5)
سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْجُزْءِ ص 36 وَجَاءَ فِيهِ هُنَاكَ: إِنَّ فِيكَ لَخُلُقَيْنِ. . . إِلَخْ.
(6)
م فَقَطْ: الْقُدْرَةَ.
[سَائِرِ] الْأَسْبَابِ فِي مُسَبِّبَاتِهَا (1) . وَالسَّبَبُ لَيْسَ مُسْتَقِلًّا بِالْمُسَبِّبِ (2) بَلْ يَفْتَقِرُ إِلَى مَا يُعَاوِنُهُ، فَكَذَلِكَ (3) قُدْرَةُ الْعَبْدِ لَيْسَتْ مُسْتَقِلَّةً بِالْمَقْدُورِ. وَأَيْضًا فَالسَّبَبُ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ وَيَعُوقُهُ، وَكَذَلِكَ قُدْرَةُ الْعَبْدِ (4) وَاللَّهُ تَعَالَى خَالِقُ السَّبَبِ وَمَا يُعِينُهُ وَصَارِفٌ عَنْهُ مَا يُعَارِضُهُ وَيَعُوقُهُ، وَكَذَلِكَ قُدْرَةُ الْعَبْدِ (5)
وَحِينَئِذٍ فَمَا ذَكَرَهُ هَذَا الْإِمَامِيُّ مِنَ الْفَرْقِ الضَّرُورِيِّ (6) بَيْنَ الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ الْوَاقِعَةِ بِحَسَبِ قُصُودِنَا (7) وَدَوَاعِينَا وَبَيْنَ الْأَفْعَالِ الِاضْطِرَارِيَّةِ، مِثْلَ حَرَكَةِ النَّبْضِ وَحَرَكَةِ الْوَاقِعِ مِنْ شَاهِقٍ بِإِيقَاعِ غَيْرِهِ حَقٌّ (8) يَقُولُهُ [جَمِيعُ](9) أَهْلِ السُّنَّةِ وَجَمَاعَةِ أَتْبَاعِهِمْ، لَمْ يُنَازِعْ (10) فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَهُمْ فِي الْأُمَّةِ (11) لِسَانُ صِدْقٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَالْفُقَهَاءِ الْمَشْهُورِينَ كَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ (12) وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الِاجْتِهَادِ فِي الدِّينِ وَخُلَفَاءُ الْمُرْسَلِينَ (13) .
(1) أ، ب: كَتَأْثِيرِ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ فِي مُسَبِّبَاتِهَا، ن، م: كَتَأْثِيرِ الْأَسْبَابِ فِي مُسَبِّبَاتِهَا.
(2)
ن: لِلْمُسَبِّبِ.
(3)
ن، م، ع: وَكَذَلِكَ.
(4)
سَاقِطٌ مِنْ (م) فَقَطْ، وَفِي (ب) :. . . . . السَّبَبُ وَمَا يَمْنَعُهُ، (أ) : السَّبَبُ وَمَا يَضَعُهُ، وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتَهُ مِنْ (ن) ، (ع) .
(5)
سَاقِطٌ مِنْ (م) فَقَطْ، وَفِي (ب) :. . . . . السَّبَبُ وَمَا يَمْنَعُهُ، (أ) : السَّبَبُ وَمَا يَضَعُهُ، وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتَهُ مِنْ (ن) ، (ع) .
(6)
ع: الصُّورِيِّ.
(7)
أ، ب: تَصَوُّرِنَا.
(8)
ع (فَقَطْ) : حَتَّى، وَهُوَ تَصْحِيفٌ.
(9)
جَمِيعُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(10)
ع: يَقُولُهُ جَمِيعُ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ وَجَمَاهِيرِ أَتْبَاعِهِمْ لَمْ يَتَنَازَعْ. . ن: يَقُولُهُ أَهْلُ السُّنَّةِ وَجَمَاهِيرِهِمْ وَأَتْبَاعِهِمْ لَمْ يُنَازَعْ، م: يَقُولُهُ جَمْعُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَجَمَاهِيرِهِمْ وَأَتْبَاعِهِمْ لَمْ يُنَازَعْ.
(11)
ع: فِي الْإِسْلَامِ.
(12)
سَقَطَ مِنْ (أ)، (ب) :" بْنِ حَنْبَلٍ "، و " بْنِ رَاهَوَيْهِ "، وَتَكَرَّرَ فِي (ن) ، (م) اسْمُ الشَّافِعِيِّ مَرَّتَيْنِ.
(13)
أ، ب: الَّذِينَ لَهُمُ اجْتِهَادٌ فِي الدِّينِ وَخَلَفٌ لِلْمُرْسَلِينَ.
وَإِذَا كَانَ فِي الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ مِنْ يَلْزَمُهُ بُطْلَانُ (1) الْفَرْقِ كَانَ قَوْلُهُ بَاطِلًا، وَمَعَ هَذَا فَقَوْلُ (2) نُفَاةِ الْقَدَرِ أَبْطَلُ مِنْهُ، فَهَذَا (3) الْقَدَرِيُّ رَدَّ بَاطِلًا بِمَا هُوَ أَبْطَلُ مِنْهُ، وَأَهْلُ السُّنَّةِ (4) لَا يُوَافِقُونَهُ لَا عَلَى هَذَا وَلَا عَلَى هَذَا، لَكِنْ يَقُولُونَ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ قَوْلَهُ أَبْطَلُ (5) .
وَذَلِكَ أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ حَادِثَةٌ كَائِنَةٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ، فَحُكْمُهَا حُكْمُ سَائِرِ الْحَوَادِثِ، وَهِيَ مُمْكِنَةٌ مِنَ الْمُمْكِنَاتِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ سَائِرِ الْمُمْكِنَاتِ فَمَا مِنْ دَلِيلٍ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْحَوَادِثِ وَالْمُمْكِنَاتِ (6) مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ إِلَّا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ، فَإِنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُحْدَثَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُحْدِثٍ، وَهَذِهِ الْمُقَدِّمَةُ ضَرُورِيَّةٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُقَلَاءِ، وَكَذَلِكَ الْمُمْكِنُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُرَجِّحٍ تَامٍّ، فَإِذَا كَانَ فِعْلُ الْعَبْدِ (7) حَادِثًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ (8) فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُحْدِثٍ (9) وَإِذَا قِيلَ (10) : الْمُحْدِثُ هُوَ الْعَبْدُ، فَيَكُونُ الْعَبْدُ صَارَ مُحْدِثًا لَهُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، هُوَ أَيْضًا أَمْرٌ حَادِثٌ (11) فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُحْدِثٍ، إِذْ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ
(1) ن، م: إِبْطَالُ.
(2)
أ، ب: قَوْلُ.
(3)
ن، م: وَهَذَا.
(4)
أ، ب: وَأَهْلُ الشِّيعَةِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(5)
أ، ب: بَاطِلٌ.
(6)
ن: الْحَوَادِثِ مُمْكِنَةٌ ; م: الْحَوَادِثُ (وَسَقَطَتْ كَلِمَةُ: الْمُمْكِنَاتِ) .
(7)
الْعَبْدِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
(8)
سَاقِطَةٌ مَنْ (أ) ، (ب) .
(9)
سَاقِطَةٌ مَنْ (أ) ، (ب) .
(10)
أ، ب، م: فَإِذَا قِيلَ.
(11)
ع (فَقَطْ) :. . . هُوَ الْعَبْدُ. فَكَوْنُ الْعَبْدِ مُحْدِثًا لَهُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ أَيْضًا أَمْرٌ حَادِثٌ. وَفِي (أ)، (ب) :. . . فَهُوَ أَيْضًا أَمُرٌ حَادِثٌ.
لَمْ يَزَلْ مُحْدِثًا لَهُ لَزِمَ دَوَامُ ذَلِكَ الْفِعْلِ الْحَادِثِ، وَإِذَا كَانَ إِحْدَاثُهُ (1) لَهُ حَادِثًا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُحْدِثٍ.
وَإِذَا قِيلَ: الْمُحْدِثُ إِرَادَةُ الْعَبْدِ. قِيلَ: فَإِرَادَتُهُ أَيْضًا حَادِثَةٌ، فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُحْدِثٍ. وَإِنْ قِيلَ: حَدَثَتْ (2) بِإِرَادَةٍ مِنَ الْعَبْدِ (3) . قِيلَ: تِلْكَ الْإِرَادَةُ (* أَيْضًا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُحْدِثٍ، فَأَيُّ مُحْدِثٍ فَرَضْتَهُ فِي الْعَبْدِ (4) إِنْ كَانَ حَادِثًا فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الْحَادِثِ الْأَوَّلِ *) (5) ، وَإِنْ جَعَلْتَهُ قَدِيمًا أَزَلِيًّا كَانَ هَذَا مُمْتَنِعًا، لِأَنَّ مَا يَقُومُ بِالْعَبْدِ لَا يَكُونُ قَدِيمًا أَزَلِيًّا.
وَإِنْ قُلْتَ: هُوَ وَصْفٌ لِلْعَبْدِ (6) وَهِيَ قُدْرَتُهُ الْمَخْلُوقَةُ فِيهِ مَثَلًا، لَمْ يَنْفَعْكَ (7) هَذَا لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ: فَإِذَا كَانَتْ (8) . [هَذِهِ](9) الْقُدْرَةُ الْمَخْلُوقَةُ فِيهِ مَوْجُودَةٌ قَبْلَ حُدُوثِ الْفِعْلِ وَحِينَ حُدُوثِهِ، فَلَا بُدَّ (10) مِنْ سَبَبٍ آخَرَ حَادِثٍ يَنْضَمُّ إِلَيْهَا (11) ، وَإِلَّا لَزِمَ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْمِثْلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ (12) بِلَا مُرَجِّحٍ، وَحُدُوثُ الْحَوَادِثِ بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ، وَإِلَّا فَإِذَا كَانَ (13) حَالُ الْعَبْدِ قَبْلَ أَنْ
(1) ب: إِعَادَتُهُ، أ: إِجَادَتُهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(2)
ن، م: حَدَثَ.
(3)
ع: بِإِرَادَةِ الْعَبْدِ.
(4)
ع: فِي الْعَبْدِ فَرَضْتَهُ.
(5)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) فَقَطْ.
(6)
أ، ب: وَصْفُ الْعَبْدِ.
(7)
ب: لَمْ يَتَعَقَّلْ، أ: لَمْ يَنْفَعِلْ وَهُوَ تَصْحِيفٌ.
(8)
أ، ب: إِذَا كَانَتْ
(9)
هَذِهِ فِي (ع) فَقَطْ.
(10)
أ، ب: فَلَا بُدَّ لَهُ.
(11)
ن، م: يُضَمُّ إِلَيْهَا.
(12)
عَلَى الْآخَرِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(13)
ب: فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ، أ: قَالَ إِذَا كَانَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
يَفْعَلُ وَحَالُهُ حِينَ الْفِعْلِ سَوَاءً لَا مَزِيَّةَ (1) لِأَحَدِ الْحَالَيْنِ عَلَى الْآخَرِ (2) ، وَكَانَ تَخْصِيصُ هَذِهِ الْحَالِ بِكَوْنِهِ فَاعِلًا فِيهَا دُونَ الْأُخْرَى تَرْجِيحًا لِأَحَدِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ (3) بِدُونِ (4) مُرَجِّحٍ.
وَهَكَذَا إِذَا قِيلَ: فِعْلُهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَأَنْ لَا يَكُونَ، وَالْمُمْكِنُ لَا يَتَرَجَّحُ وَجُودُهُ عَلَى عَدَمِهِ إِلَّا بِمُرَجِّحٍ تَامٍّ، وَالْمُرَجِّحُ إِذَا (5) . كَانَ مِنَ الْعَبْدِ فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الْفِعْلِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَجِّحُ التَّامُّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنْ يَسْتَلْزِمَ وُجُودُهُ وُجُودَ الْفِعْلِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ تَامًّا.
وَلِأَجْلِ هَذَا اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ الْمُثْبِتُونَ لِلْقَدَرِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ خَصَّ الْمُؤْمِنِينَ بِنِعْمَةٍ دُونَ الْكَافِرِينَ (6) بِأَنْ هَدَاهُمْ لِلْإِيمَانِ، وَلَوْ كَانَتْ نِعْمَتُهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِثْلَ نِعْمَتِهِ عَلَى الْكَافِرِينَ لَمْ يَكُنِ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِنًا.
كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 7]، وَقَالَ تَعَالَى:{يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 17]، وَقَالَ تَعَالَى:{فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 212]، وَقَالَ تَعَالَى:
(1) ن: وَلَا مَزِيَّةَ، م: أَوْ لَا مَزِيَّةَ.
(2)
ن، م: عَلَى الْأُخْرَى.
(3)
ن، م: الْمِثْلَيْنِ.
(4)
م: بِلَا.
(5)
ن، م، ع: إِنْ
(6)
ن، م، ع: الْكُفَّارِ.
{أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ: 22]، وَقَالَ تَعَالَى:{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 125] .
وَالْقَدَرِيَّةُ جَعَلُوا نِعْمَتَهُ الدِّينِيَّةَ (1) عَلَى الصِّنْفَيْنِ سَوَاءً، وَقَالُوا: إِنَّ الْعَبْدَ أُعْطِيَ (2) قُدْرَةً تَصْلُحُ لِلْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ، ثُمَّ إِنَّهُ يَصْدُرُ عَنْهُ أَحَدُهُمَا بِدُونِ سَبَبٍ حَادِثٍ يَصْلُحُ لِلتَّرْجِيحِ، وَزَعَمُوا أَنَّ الْقَادِرَ الْمُخْتَارَ يُرَجِّحُ أَحَدَ طَرَفَيْ مَقْدُورِهِ (3) عَلَى الْآخَرِ بِلَا مُرَجَّحٍ وَادَّعَوْا هَذَا فِي قُدْرَةِ الرَّبِّ وَقُدْرَةِ الْعَبْدِ.
وَقَدْ وَافَقَهُمْ عَلَى هَذَا فِي قُدْرَةِ الرَّبِّ (4) كَثِيرٌ مِنَ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الرَّبَّ لَا يَقُومُ بِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، [بَلْ وَوَافَقَهُمْ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ](5) ، وَصَارَ الرَّازِيُّ (6) وَأَمْثَالُهُ مِمَّنْ يَحْتَجُّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ (7) بِتِلْكَ الْحُجَّةِ يَتَنَاقَضُونَ، فَإِذَا نَاظَرُوهُمْ فِي مَسْأَلَةِ خَلْقِ الْأَفْعَالِ احْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بِتِلْكَ، وَقَالُوا: إِنَّ الْمُمْكِنَ لَا يَتَرَجَّحُ وُجُودُهُ عَلَى عَدَمِهِ إِلَّا بِمُرَجِّحٍ تَامٍّ، سَوَاءٌ صَدَرَ عَنْ قَادِرٍ مُخْتَارٍ أَوْ غَيْرِهِ، (8) تَكَلَّمُوا فِي مَسْأَلَةِ حُدُوثِ الْعَالَمِ، وَقِيلَ لَهُمْ: الْحَادِثُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ حَادِثٍ حَادِثٍ: (9) أَجَابُوا بِجَوَابِ (10) الْقَدَرِيَّةِ، فَقَالُوا:
(1) الدِّينِيَّةَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(2)
أ، ب: يُعْطَى.
(3)
أ، ب: أَحَدَ مَقْدُورَيْهِ.
(4)
ع: الْعَبْدِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(5)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6)
أ، ب: وَصَارَ الرَّافِضِيُّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(7)
أ (فَقَطْ) : عَلَى الْقُدْرَةِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(8)
وَإِذَا ن: أَوْ غَيْرِهِ إِذَا ; م: أَوْ غَيْرِهِ فَإِذَا.
(9)
سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
(10)
أ، ب: جَوَابَ.
الْقَادِرُ الْمُخْتَارُ يُرَجِّحُ أَحَدَ طَرَفَيْ مَقْدُورِهِ (1) بِلَا مُرَجِّحٍ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْقَادِرِ وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَتِ الْقَدَرِيَّةُ، وَقَدْ يُفَرِّقُونَ (2) بَيْنَ فِعْلِ الرَّبِّ وَفِعْلِ الْعَبْدِ بِأَنَّ الرَّبَّ يُرَجِّحُ بِمَشِيئَتِهِ (3) الْقَدِيمَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّ إِرَادَتَهُ حَادِثَةٌ مِنْ غَيْرِهِ.
وَلَكِنْ قَالَ أَكْثَرُ النَّاسِ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ إِنَّ الْإِرَادَةَ الْقَدِيمَةَ الْأَزَلِيَّةَ هِيَ الْمُرَجِّحَةُ مِنْ غَيْرِ تَجَدُّدِ شَيْءٍ قَوْلُهُمْ مِنْ جِنْسِ قَوْلِهِمْ، فَإِنَّ الْإِرَادَةَ نِسْبَتُهَا إِلَى جَمِيعِ مَا يُقَدَّرُ وَقْتًا لِلْحَوَادِثِ نِسْبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَنِسْبَتُهَا إِلَى جَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ نِسْبَةٌ وَاحِدَةٌ، فَتَرَجَّحَ أَحَدُ الْمُتَمَاثِلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ تَرْجِيحًا بِلَا مُرَجِّحٍ، وَإِذَا قُدِّرَ حَالُ الْفَاعِلِ قَبْلَ الْفِعْلِ وَحِينَ الْفِعْلِ سَوَاءً، ثُمَّ قُدِّرَ اخْتِصَاصُ أَحَدِ الْحَالَيْنِ بِالْفِعْلِ لَزِمَ التَّرْجِيحُ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَهَذَا مُنْتَهَى نَظَرِ هَؤُلَاءِ الطَّوَائِفِ.
وَلِهَذَا كَانَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ كَلَامَهُمْ كَالرَّازِيِّ وَأَمْثَالِهِ مُتَرَدِّدِينَ (4) بَيْنَ عِلَّةِ الدَّهْرِيَّةِ وَقَادِرِ الْقَدَرِيَّةِ وَمُرِيدِ الْكُلَّابِيَّةِ، (5) لَا يَجْعَلُونَ الرَّبَّ قَادِرًا فِي الْأَزَلِ عَلَى الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ (6) . وَلَمَّا كَانَتِ الْجَهْمِيَّةُ وَالْقَدَرِيَّةُ بِهَذِهِ الْحَالِ [لَا يَجْعَلُونَ الرَّبَّ قَادِرًا فِي الْأَزَلِ عَلَى الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ بِمَشِيئَتِهِ](7) جَعَلَتْ (8) الْفَلَاسِفَةُ الدَّهْرِيَّةُ كَابْنِ سِينَا وَأَمْثَالِهِ (9) هَذَا (10) عُمْدَتَهُمْ فِي امْتِنَاعِ حُدُوثِ الْعَالَمِ
(1) أ، ب: أَحَدَ مَقْدُورَيْهِ.
(2)
أ، ب: الْقَدَرِيَّةُ وَفَرَّقُوا.
(3)
ن: مَشِيئَتُهُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(4)
ب: وَلِهَذَا كَانَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ إِلَّا كَلَامَ الرَّازِيِّ وَأَمْثَالِهِ مُتَرَدِّدًا، وَلِهَذَا كَانَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ إِلَّا كَلَامَ الرَّازِيِّ وَأَمْثَالِهِ مُتَرَدِّدٌ.
(5)
سَاقِطٌ مِنْ (ع) فَقَطْ.
(6)
سَاقِطٌ مِنْ (ع) فَقَطْ.
(7)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.
(8)
ع: جَعَلَتْهُ.
(9)
ع: وَأَمْثَالِهِمْ.
(10)
أ، ب: هَذِهِ.
وَوُجُوبِ قِدَمِهِ، وَلَكِنْ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ (1) عَلَى مَذْهَبِهِمْ، فَإِنَّ غَايَةَ هَذَا أَنْ يَسْتَلْزِمَ دَوَامَ فَاعِلِيَّةِ الرَّبِّ تَعَالَى، لَا يَدُلُّ (2) عَلَى قِدَمِ الْفَلَكِ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ أَعْيَانِ الْعَالَمِ.
وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ قَالُوا: هَذَا يَسْتَلْزِمُ التَّسَلْسُلَ، [وَالتَّسَلْسُلُ مُحَالٌ](3) .
وَمُرَادُهُمُ التَّسَلْسُلُ فِي تَمَامِ التَّأْثِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا التَّسَلْسُلُ فِي الْآثَارِ فَهُوَ قَوْلُهُمْ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ التَّسَلْسُلَ الْمُمْتَنِعَ (4) هُنَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الدَّوْرِ الْمُمْتَنِعِ (5)، فَإِنَّهُ إِذَا قِيلَ: لَا يَفْعَلُ (6) هَذَا الْحَادِثَ حَتَّى يَحْدُثَ مَا بِهِ بِهِ: (7) يَصِيرُ فَاعِلًا لَهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ حَادِثًا مَعَ حُدُوثِهِ، وَكَذَلِكَ الثَّانِيَ، صَارَ هَذَا تَسَلْسُلًا فِي تَمَامِ التَّأْثِيرِ (8) وَإِذَا قِيلَ: لَا يُحْدِثُ شَيْئًا حَتَّى يُحْدِثَ شَيْئًا كَانَ هَذَا دَوْرًا مُمْتَنِعًا، فَهُوَ تَسَلْسُلٌ إِذَا أُطْلِقَ الْكَلَامُ فِي الْحَوَادِثِ، وَدَوْرٌ (9) إِذَا عُيِّنَ الْحَادِثُ.
وَهِيَ (10) حُجَّةٌ إِلْزَامِيَّةٌ لِأُولَئِكَ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ الْأَشْعَرِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ،
(1) ب (فَقَطْ) : عَلَى ذَلِكَ.
(2)
ب (فَقَطْ) : وَلَا يَدُلُّ.
(3)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، وَسَقَطَتْ كَلِمَةُ " مُحَالٌ " مِنْ (م) .
(4)
ب (فَقَطْ) : مُمْتَنِعٌ.
(5)
سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(6)
ع: لَا تَفْعَلُ.
(7)
سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(8)
ع (فَقَطْ) : فِي دَوَامِ التَّأْثِيرِ.
(9)
ع: إِذَا أُطْلِقَ الْجَوَابُ وَدَوْرٌ.
(10)
ع: وَهُوَ.
[وَدَوَامُهَا عِنْدَ مَنْ جَعَلَهُ لَمْ يَكُنْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَلَا يَفْعَلَ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ ثُمَّ صَارَ ذَلِكَ مُمْكِنًا لَهُ](1) يَسْتَلْزِمُ (2) التَّرْجِيحِ بِلَا مُرَجِّحٍ، أَوِ التَّسَلْسُلِ [الْمُتَّفَقِ عَلَى امْتِنَاعِهِ وَالدَّوْرِ الْمُمْتَنِعِ](3) ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ (4) وَالتَّسَلْسُلُ الْمُتَّفَقُ عَلَى امْتِنَاعِهِ هُوَ التَّسَلْسُلُ فِي الْمُؤَثِّرَاتِ [وَفِي تَمَامِ التَّأْثِيرِ](5) ، فَأَمَّا التَّسَلْسُلُ فِي الْآثَارِ فَهُوَ مَوْرِدُ النِّزَاعِ.
وَأُولَئِكَ يُبْطِلُونَ الْقِسْمَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا لَا يَتَنَاهَى يَمْتَنِعُ فِيهِ التَّفَاوُتُ.
وَجَمَاهِيرُ الْفَلَاسِفَةِ مَعَ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْمِلَلِ (6) فَإِنَّهُمْ لَا يُنْكِرُونَ الْقِسْمَ الثَّانِيَ.
وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ لِهَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةِ: (7) إِنْ كَانَ التَّسَلْسُلُ [فِي الْآثَارِ](8) مُمْتَنِعًا بَطَلَ قَوْلُكُمْ، وَإِذَا بَطَلَ الْقَوْلُ بَطَلَتْ حُجَّتُهُ بِالضَّرُورَةِ ; لِأَنَّ الْقَوْلَ الْبَاطِلَ لَا تَقُومُ عَلَيْهِ حُجَّةٌ صَحِيحَةٌ. وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا بَطَلَتْ حُجَّتُكُمْ [لِإِمْكَانِ أَنْ تَكُونَ كَلِمَاتُهُ لَا نِهَايَةَ لَهَا، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَتِهِ أَوْ فَعَّالًا بِمَشِيئَتِهِ، فِعْلًا بَعْدَ فِعْلٍ مِنْ غَيْرِ قِدَمِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ مِنَ الْأَفْعَالِ وَالْمَفْعُولَاتِ](9) ، فَالْحُجَّةُ بَاطِلَةٌ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ تَسَلْسُلُ (10) الْآثَارِ مُمْكِنًا أَمْكَنَ حُدُوثُ الْأَفْلَاكِ بِأَسْبَابٍ قَبْلَهَا حَادِثَةٍ.
(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، وَفِي (أ)، (ب) : مَنْ جَعَلَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُمْكِنُهُ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ. . إِلَخْ، وَفِي (ن)، (م) بَدَلُ السَّقْطِ: وَإِلَّا إِذَا قِيلَ لَكُمْ قَوْلُكُمْ. . . إِلَخْ.
(2)
ن، م: مُسْتَلْزِمُ.
(3)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن)، م. وَفِي (ع) : أَوِ التَّسَلْسُلِ الْمُتَّفِقُونَ. . . إِلَخْ.
(4)
ن، م: وَكِلَاهُمَا مُمْتَنِعٌ.
(5)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6)
ن، م: أَهْلِ الْكَلَامِ.
(7)
ن، م: الْفَلَاسِفَةِ.
(8)
فِي الْآثَارِ: فِي (ع) فَقَطْ.
(9)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.
(10)
ن، م: وَأَيْضًا فَإِذَا كَانَ تَسَلْسُلُ. . . إِلَخْ.
وَالرُّسُلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ أَخْبَرَتْ بِأَنَّ (1) اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، وَأَنَّ عَرْشَهُ كَانَ عَلَى الْمَاءِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَهَذَا مِمَّا عُلِمَ (2) بِالِاضْطِرَارِ وَالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ مِنْ دِينِ الرُّسُلِ (3) ، وَأَدِلَّتُكُمْ لَيْسَ فِيهَا مَا يُوجِبُ قِدَمَ السَّمَاوَاتِ فَقَوْلُكُمْ بِقِدَمِهَا لَيْسَ فِيهِ (4) حُجَّةٌ عَقْلِيَّةٌ، فَهُوَ تَكْذِيبٌ لِلرُّسُلِ بِلَا سَبَبٍ.
وَأَيْضًا فَالْعَقْلُ الصَّرِيحُ يُبْطِلُ قَوْلَكُمْ، فَإِنَّ الْأَفْلَاكَ وَغَيْرَهَا مِنَ الْعَالَمِ مُسْتَلْزِمٌ (5) لِلْحَوَادِثِ، فَلَوْ كَانَ قَدِيمًا لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ صَادِرًا عَنْ مُوجِبٍ لَهُ قَدِيمٌ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُوجِبُ مُسْتَلْزِمًا (6) لِمُوجِبِهِ وَمُقْتَضَاهُ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ، إِذْ لَوْ جَازَ تَأَخُّرُ مُوجِبِهِ عَنْهُ [لَمْ تَكُنْ (7) عِلَّةً تَامَّةً لِاسْتِلْزَامِ الْعِلَّةِ التَّامَّةِ مَعْلُولَهَا وَإِذَا لَمْ تَكُنْ (8) عِلَّةً تَامَّةً امْتَنَعَ أَنْ يُقَارِنَهُ مُوجِبُهُ لِامْتِنَاعِ قِدَمِ الْمَعْلُولِ بِدُونِ عِلَّةٍ تَامَّةٍ. وَأَيْضًا فَلَوْ جَازَ تَأَخُّرُ مُوجِبِهِ](9) مَعَ جَوَازِ مُقَارَنَتِهِ لَهُ فِي الْأَزَلِ لَافْتَقَرَ تَخْصِيصُهُ (10) بِأَحَدِهِمَا إِلَى مُرَجِّحٍ غَيْرِ الْمُوجِبِ بِذَاتِهِ (11) ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مُرَجِّحٌ غَيْرُهُ فَامْتَنَعَ
(1) ن، م: وَالرُّسُلُ خَبَّرَتْ بِأَنَّ، وَفِي (ب) : أَخْبَرَتْ أَنَّ.
(2)
ع: مِمَّا يُعْلَمُ.
(3)
أ، ب: مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ.
(4)
ن، م، ع: لَيْسَ لَهُ.
(5)
أ، ب، م: مُسْتَلْزِمَةٌ.
(6)
ن: قَدِيمٌ فَكَوْنُ الْمُوجِبُ مُسْتَلْزِمًا، م: فَيَكُونُ الرَّبُّ مُسْتَلْزِمًا.
(7)
أ، ب: لَمْ يَكُنْ.
(8)
أ، ب: لَمْ يَكُنْ.
(9)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(10)
بَعْدَ كَلِمَةِ تَخْصِيصِهِ جَاءَ سَطْرَانِ فِي نُسْخَتَيْ (أ) ، (ب) كَلِمَاتُهُمَا هِيَ نَفْسُ كَلِمَاتِ الْجُمَلِ السَّاقِطَةِ مِنَ النُّسَخِ كُلِّهَا وَالْمَوْجُودَةِ فِي نُسْخَةِ (ع) وَالْمُشَارِ إِلَيْهَا فِي تَعْلِيقٍ سَابِقٍ مَعَ بَعْضِ الِاخْتِلَافِ الْيَسِيرِ، وَقَدْ جَاءَتْ هَذِهِ الْعِبَارَاتُ فِي غَيْرِ مَكَانِهَا الصَّحِيحِ.
(11)
أ، ب: غَيْرِ الْوَاجِبِ بِذَاتِهِ.
وُجُودُ الْأَفْلَاكِ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا بَاطِلٌ فَإِنَّهَا مَوْجُودَةٌ مَشْهُودَةٌ عَيَانًا، وَهُمْ يُسَلِّمُونَ هَذَا، وَيَقُولُونَ بِأَنَّهَا مَعْلُولٌ عِلَّةٌ قَدِيمَةٌ، وَهُوَ مُوجِبٌ بِالذَّاتِ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ مُوجِبُهُ.
وَإِذَا كَانَ هَذَا مَعْلُومًا بِالْعَقْلِ الصَّرِيحِ وَهُمْ يُوَافِقُونَ عَلَيْهِ، بَلْ هُوَ أَصْلُ قَوْلِهِمْ، قِيلَ لَهُمْ: فَمَا يَسْتَلْزِمُ الْحَوَادِثَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَصْدُرَ عَنْ مُوجِبٍ بِالذَّاتِ ; لِأَنَّ الْحَوَادِثَ تَحْدُثُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ (1) ، وَمَا يَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا لَا تَكُونُ أَجْزَاؤُهُ قَدِيمَةً أَزَلِيَّةً، فَلَا تَكُونُ صَادِرَةً عَنْ مُوجِبٍ بِالذَّاتِ، [فَامْتَنَعَ أَنْ تَكُونَ الْحَوَادِثُ صَادِرَةً عَنْ مُوجِبٍ بِالذَّاتِ](2) ، وَامْتَنَعَ صُدُورُ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ بِدُونِ الْحَوَادِثِ اللَّازِمَةِ لَهُ ; لِأَنَّ وُجُودَ الْمَلْزُومِ بِدُونِ اللَّازِمِ مُمْتَنِعٌ. فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْفَلَكُ قَدِيمًا أَزَلِيًّا، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: كَانَ خَالِيًا عَنِ الْحَوَادِثِ فِي الْأَزَلِ ثُمَّ حَدَّثَتْ فِيهِ ; لِأَنَّهُ يُقَالُ حِينَئِذٍ: فَلَا بُدَّ (3) لِتِلْكَ الْحَوَادِثِ مِنْ سَبَبٍ، فَالْقَوْلُ فِيهَا كَالْقَوْلِ فِي غَيْرِهَا، فَإِنْ جَازَ أَنْ يَحْدُثَ بِدُونِ سَبَبٍ حَادِثٍ، أَمْكَنَ ذَلِكَ فِي الْفَلَكِ، وَبَطَلَتْ حُجَّتُهُمْ، وَلَزِمَ مِنْ ذَلِكَ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ سَبَبٍ لَزِمَ التَّسَلْسُلُ وَدَوَامُ الْحَوَادِثِ، وَأَنَّ الْفَلَكَ وَكُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ لَمْ يَزَلْ مُقَارِنًا لِلْحَوَادِثِ (4) ، وَكُلُّ مُمْكِنٍ قَارَنَ الْحَوَادِثَ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ صَادِرًا عَنْ مُوجِبٍ بِالذَّاتِ، فَامْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا.
(1) ع: لِأَنَّ الْحَوَادِثَ لَا تَحْدُثُ إِلَّا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ.
(2)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (ع) .
(3)
ن، ع: لِأَنَّهُ يُقَالُ: فَحِينَئِذٍ لَا بُدَّ.
(4)
ن، م، ع: لِلْحَادِثِ.
وَالنَّاسُ قَدْ تَنَازَعُوا فِيمَا يَسْتَلْزِمُ الْحَوَادِثَ، وَهُوَ مَا لَا يَخْلُو عَنِ الْحَوَادِثِ (1) وَمَا لَا بُدَّ أَنْ تُقَارِنَهُ الْحَوَادِثُ، هَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حَادِثًا أَوْ لَا يَجِبُ حُدُوثُهُ بَلْ يَجُوزُ قِدَمُهُ، سَوَاءً كَانَ هُوَ الْوَاجِبُ الْغَنِيُّ عَمَّا سِوَاهُ، أَوْ كَانَ مُمْكِنًا، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَاجِبِ بِنَفْسِهِ الْغَنِيِّ عَمَّا سِوَاهُ وَبَيْنَ الْمُمْكِنِ الْفَقِيرِ (2) إِلَى غَيْرِهِ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: فَالْأَوَّلُ: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ مِنْ طَوَائِفِ النُّظَّارِ وَأَهْلِ الْكَلَامِ بِامْتِنَاعِ دَوَامِ فَاعِلِيَّةِ الرَّبِّ (3) وَامْتِنَاعِ فِعْلِ الرَّبُّ وَتَكَلُّمِهِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ (4) فِي الْأَزَلِ وَأَنَّ (5) ذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَهَؤُلَاءِ مُتَنَازِعُونَ فِي إِمْكَانِ (6) دَوَامِ فَاعِلِيَّتِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى قَوْلَيْنِ.
وَ [الْقَوْلُ] الثَّانِي (7) : قَوْلُ الْفَلَاسِفَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِقِدَمِ مَا سِوَى اللَّهِ: إِمَّا الْأَفْلَاكُ وَإِمَّا الْعُقُولُ وَإِمَّا غَيْرُ ذَلِكَ، وَيَجْعَلُونَ الرَّبَّ [سُبْحَانَهُ](8) مُوجِبًا بِذَاتِهِ، لَا يُمْكِنُهُ إِحْدَاثَ شَيْءٍ وَلَا تَغْيِيرَ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ، بَلْ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ: إِنَّ الْحَوَادِثَ لَمْ تَصْدُرْ عَنْهُ، بَلْ [صَدَرَتْ] وَحَدَثَتْ (9) بِلَا مُحْدِثٍ.
وَ [الْقَوْلُ] الثَّالِثُ: (10) قَوْلُ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْمِلَلِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ خَالِقُ
(1) ن: وَهَؤُلَاءِ خَلَوْا عَنِ الْحَوَادِثِ، م: وَهُوَ لَا يَخْلُو عَنِ الْحَوَادِثِ.
(2)
ن: الْمُتَمَكِّنِ الْمُفْتَقِرِ، م: الْمُمْكِنِ الْمُفْتَقِرِ.
(3)
م: دَوَامِ عَلَيْهِ الرَّبِّ، أ، ب: دَوَامِهَا عَلَيْهِ.
(4)
ع (فَقَطْ) : بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ.
(5)
ن، م: فَإِنَّ.
(6)
م: فِي إِنْكَارِ.
(7)
ن، م: وَالثَّانِي.
(8)
سُبْحَانَهُ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(9)
ن، م: بَلْ حَدَثَتْ.
(10)
ن، م: وَالثَّالِثُ.
كُلِّ شَيْءٍ، وَكُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، مَعَ دَوَامِ قَادِرِيَّةِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ، بَلْ لَمْ يَزَلْ فَاعِلًا أَفْعَالًا تَقُومُ بِنَفْسِهِ (1) .
وَأَقْوَالُ أَئِمَّةِ الْفَلَاسِفَةِ (2) وَأَسَاطِينِهِمُ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ أَرِسْطُو تُوَافِقُ (3) قَوْلَ هَؤُلَاءِ، بِخِلَافِ أَرِسْطُو (4) وَأَتْبَاعِهِ الَّذِينَ قَالُوا بِقِدَمِ الْأَفْلَاكِ (5) ، فَإِنَّ قَوْلَ هَؤُلَاءِ مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِصَحِيحِ الْمَنْقُولِ وَصَرِيحِ الْمَعْقُولِ (6) .
وَأَيْضًا فَإِنَّ كَوْنَ الْمَفْعُولِ الْمُعَيَّنِ لَازِمًا لِلْفِعْلِ قَدِيمًا بِقِدَمِهِ دَائِمًا بِدَوَامِهِ (7) مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ، وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ الْفَاعِلَ غَيْرُ مُخْتَارٍ فَكَيْفَ إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يَفْعَلُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ؟ .
(1) ع: أَفْعَالًا لَا تَقُومُ بِنَفْسِهِ، م: فِعَالًا بَعْدُ تَقُومُ بِنَفْسِهِ.
(2)
أ، ب: وَأَقْوَالُ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْفَلَاسِفَةِ، ن، م: وَأَقْوَالُ الْأَئِمَّةِ الْفَلَاسِفَةِ.
(3)
ب، ع: يُوَافِقُونَ، ن: يُوَافِقُ، أ: يُوَافِقُوا.
(4)
ع: قَبْلَ أَرِسْطُو.
(5)
ن، م، ع: الْفَلَكِ.
(6)
ن: وَبِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ، وَكَتَبَ مُسْتَجَى زَادَهْ فِي هَامِشِ (ع) أَمَامَ هَذَا الْمَوْضِعِ مَا يَلِي:((وَقَدْ نَقَلَ مُحَمَّدٌ الشَّهْرَسْتَانِيُّ فِي كِتَابِهِ فِي الْكَلَامِ الْمُسَمَّى " بِنِهَايَةِ الْإِقْدَامِ " عَنِ الْحُكَمَاءِ الْأَقْدَمِينَ قَبْلَ أَرِسْطُو أَنَّ الْعَالَمَ حَادِثٌ أَحْدَثَهُ اللَّهُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ أَهْلِ الْمِلَلِ وَالشَّرَائِعِ. وَهَؤُلَاءِ مِثْلَ سُقْرَاطَ وَتَالِيثَ الْمَلَطِيِّ وَأَفْلَاطُونَ وَأَنْدُقِيسَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَسَاطِينِ الْحِكْمَةِ. وَذَكَرَ مِثْلَهُ سَيْفُ الدِّينِ الْآمِدِيُّ فِي " الْأَبْكَارِ "، وَحَكَى الْإِمَامُ فِي الْأَرْبَعِينَ عَنْ سُقْرَاطَ سَبَبَ قِيَامِ الْقِيَامَةِ الْكُبْرَى وَانْحِلَالِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ، وَأَنْ تَمُورَ السَّمَاوَاتُ مَوْرًا، وَتَسِيرَ الْجِبَالُ سَيْرًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَرِسْطُو وَمَنْ تَابَعَهُ مِنْ بَيْنِ الْحُكَمَاءِ لَهُ الْغُلُوُّ التَّامُّ وَالْمُبَالَغَةُ الْأَكِيدَةُ فِي إِنْكَارِ حُدُوثِ الْعَالَمِ وَإِثْبَاتِ قِدَمِهَا مَعَ زَعْمِهِمْ أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا النُّبُوَّاتِ وَالشَّرَائِعَ، مَعَ أَنَّهُ أَصْعَبُ مِنْ خَرْطِ الْقَتَادِ مَعَ ادِّعَاءِ قِدَمِ الْعَالَمِ. وَقَدْ قَالَ الشَّارِحُ فِي أَوَائِلِ الْكِتَابِ مُخَالِفًا لِمَا قَالَهُ هَاهُنَا، حَيْثُ قَالَ هُنَاكَ: إِنَّ أَرِسْطُو وَأَتْبَاعَهُ لَمْ يَقُولُوا بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَإِنَّمَا اخْتَرَعَ ذَلِكَ ابْنُ سِينَا، وَمَا قَالَهُ هُنَاكَ غَيْرُ وَاقِعٍ، وَمَا قَالَهُ هَاهُنَا هُوَ الْوَاقِعُ)) . قُلْتُ: وَكَلَامُ مُسْتَجَى زَادَهْ عَنِ الشَّارِحِ (وَيَقْصِدُ بِهِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ) غَيْرُ صَحِيحٍ. فَابْنُ تَيْمِيَّةَ لَا يَقُولُ إِلَّا أَنَّ أَرِسْطُو وَأَتْبَاعَهُ يَقُولُونَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ.
(7)
أ، ب: كَائِنًا بِدَوَامِهِ.
وَمَا (1) يَذْكُرُونَهُ مِنْ تَقَدُّمِ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ بِالذَّاتِ دُونَ الزَّمَانِ لَا يُعْقَلُ وَلَا يُوجَدُ (2) إِلَّا فِيمَا يَكُونُ شَرْطًا، فَإِنَّ الشَّرْطَ قَدْ يُقَارِنُ الْمَشْرُوطَ، أَمَّا الْعِلَّةُ الَّتِي هِيَ فِعْلُ فَاعِلٍ لِلْمَعْلُولِ فَهَذِهِ لَا يُعْقَلُ (3) فِيهَا مُقَارَنَتُهَا لِلْمَعْلُولِ فِي الزَّمَانِ.
وَهُمْ يُمَثِّلُونَ تَقَدُّمَ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ بِالذَّاتِ دُونَ الزَّمَانِ بِتَقَدُّمِ حَرَكَةِ الْيَدِ عَلَى حَرَكَةِ الْخَاتَمِ، وَتَقَدُّمِ الْحَرَكَةِ عَلَى الصَّوْتِ (4) وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَجَمِيعُ مَا يُمَثِّلُونَ بِهِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لَا فَاعِلًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَقَدِّمًا بِالزَّمَانِ، وَأَمَّا فَاعِلٌ غَيْرُ مُتَقَدِّمٍ فَلَا يُعْقَلُ قَطُّ (5) .
وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ بَسْطِ [هَذِهِ](6) الْأُمُورِ، فَإِنَّهَا أَضَلُّ مَقَالَاتِ (7) أَهْلِ الْأَرْضِ، وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ هَذَا (8) .
وَالْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى أَصْلِ الْقَدَرِيَّةِ، فَإِنَّ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ أَنَّ أَفْعَالَ الْحَيَوَانِ تَحْدُثُ بِلَا فَاعِلٍ، كَمَا أَنَّ أَصْلَ قَوْلِ الْفَلَاسِفَةِ الدَّهْرِيَّةِ (9) أَنَّ حَرَكَةَ الْفَلَكِ وَجَمِيعِ الْحَوَادِثِ تَحْدُثُ (10) بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ، وَكَذَلِكَ مَنْ وَافَقَ
(1) ن، م: وَمِمَّا.
(2)
أ، ب: دُونَ الزَّمَانِ لَا يُوجَدُ.
(3)
أ: فِعْلُ فَاعِلِ الْمَعْلُولِ فَهَلْ لَا يُعْقَلُ، م: فِعْلُ فَاعِلِ الْمَعْلُولِ فَهَذِهِ لَا يُعْقَلُ، ب: فِعْلُ فَاعِلِ الْمَعْلُولِ فَهِيَ لَا يُعْقَلُ.
(4)
ع: وَتَقْدِيمِ الْحَرَكَةِ عَلَى الصَّوْتِ ; أ، ب: وَتَقَدُّمِ حَرَكَةِ الصَّوْتِ ; ن، م: وَتَقَدُّمِ الْحَرَكَةِ عَلَى الصَّوَابِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ مَا أَثْبَتَهُ هُوَ الصَّوَابُ.
(5)
ن: وَلَا يَفْعَلُ قَطُّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(6)
هَذِهِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(7)
أ، ب، ن، م: أُصُولِ مَقَالَاتِ.
(8)
الْمَوْضِعِ سَاقِطَةٌ مِنْ (أ)، (ب) . وَفِي (ع) : وَقَدْ بَسَطْنَا عَلَيْهِ الْكَلَامَ. . . إِلَخْ.
(9)
أ، ب، ن: الدَّهْرِيَّةِ الْفَلَاسِفَةِ.
(10)
ب: مُحْدَثَةٌ، أ: مُحْدَثٌ.
الْقَدَرِيَّةَ (1) مِنْ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ عَلَى أَنَّ الرَّبَّ تَعَالَى لَا تَقُومُ بِهِ الْأَفْعَالُ، وَقَالُوا (2) : إِنَّ الْفِعْلَ هُوَ الْمَفْعُولُ وَالْخَلْقَ هُوَ الْمَخْلُوقُ، كَمَا تَقُولُهُ الْأَشْعَرِيَّةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ (3) فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي فِعْلِ الرَّبِّ (4) مَا لَزِمَ الْقَدَرِيَّةَ.
وَلِهَذَا عَامَّةُ شَنَاعَاتِ هَذَا الرَّافِضِيِّ (5) هِيَ (6) عَلَى هَؤُلَاءِ. وَهَؤُلَاءِ طَائِفَةٌ مِنْ طَوَائِفِ (7) الْمُثْبِتِينَ لِخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ (8) ، وَقَدْ وَافَقَهُمْ فِي ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ الشِّيعَةِ الزَّيْدِيَّةِ وَالْإِمَامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَوْلُهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ (9) أَقَلُّ خَطَأً (10) مِنْ قَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ، بَلْ أَصْلُ خَطَئِهِمْ (11) مُوَافَقَتُهُمْ لِلْقَدَرِيَّةِ فِي بَعْضِ خَطَئِهِمْ (12) ، وَأَئِمَّةُ أَهْلِ السُّنَّةِ لَا يَقُولُونَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْخَطَأِ (13) ، وَكَذَلِكَ جَمَاهِيرُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالتَّفْسِيرِ وَالتَّصَوُّفِ لَا يُقِرُّونَ (14) بِهَذِهِ الْأَقْوَالِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلْخَطَأِ (15) ، بَلْ هُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ، وَعَلَى أَنَّ الْعَبْدَ قَادِرٌ مُخْتَارٌ يَفْعَلُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ (16) ، وَاللَّهُ خَالِقُ ذَلِكَ
(1) أ، ب: وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَنْ وَافَقَ الْقَدَرِيَّةَ.
(2)
أ، ب، ن، م: وَقَالَ.
(3)
أ، ب: كَمَا يَقُولُهُ الْأَشْعَرِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ، م: كَمَا يَقُولُهُ الْأَشْعَرِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُمْ.
(4)
أ، ب: فِي فِعْلِ الذَّمِّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(5)
الْقَدَرِيِّ أ، ب، ن، م: هَذَا الْقَدَرِيِّ الرَّافِضِيِّ.
(6)
هِيَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
(7)
طَوَائِفِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) وَفِي (ن)، (م) : الطَّوَائِفِ.
(8)
ع: لِخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، أ، ب: لِخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما.
(9)
ن، م، ع: بِكُلِّ حَالٍ.
(10)
ع: خَطَاءً.
(11)
ع: خَطَايَهُمْ، أ، م، ن: خَطَأَهُمْ.
(12)
ع: خَطَايَهُمْ.
(13)
ع: الْخَطَاءِ.
(14)
ن، م: وَالصُّوفِيَّةِ وَالتَّفْسِيرِ لَا يُقِرُّونَ أ، ب: وَالتَّفْسِيرِ وَالتَّصَوُّفِ لَا يَقُولُونَ.
(15)
ع: لِلْخَطَاءِ.
(16)
م: بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ.