المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أدلة الوحدانية عند الفلاسفة] - منهاج السنة النبوية - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[فصل قول الرافضي إن اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِ مَقْدُورِ الْعِبَادِ والرد عليه]

- ‌[فصل كلام الرافضي في القضاء والقدر أَنَّ اللَّهَ عز وجل يَفْعَلُ الْقَبَائِحَ]

- ‌[فصل كلام للرافضي في مسألة القدر يَسْتَلْزِمُ أَشْيَاءَ شَنِيعَةً مِنْهَا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ أَظْلَمَ مِنْ كُلِّ ظَالِمٍ والرد عليه]

- ‌[فصل كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر إِفْحَامُ الْأَنْبِيَاءِ وَانْقِطَاعُ حُجَّتِهِمْ والرد عليه]

- ‌[حَدِيثُ احْتِجَاجِ آدَمَ وَمُوسَى عليهما السلام]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر تجويز أن يعذب الله سيد المرسلين على طاعتهِ]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر لَا يَتَمَكَّنُ أَحَدٌ مِنْ تَصْدِيقِ أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر لَا يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ اللَّهُ أَنَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ عَفُوٌّ]

- ‌[فصل كلام الرافضي عن تكليف ما لا يطاق عند أهل السنة والرد عليه من وجوه]

- ‌[فصل كلام الرافضي على الأفعال الاختيارية عند أهل السنة والرد عليه]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر أنه لا فرق بين الإحسان والإساءة لأنهما صادران من الله والرد عليه]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر الْمَعْصِيَةُ إِمَّا مِنَ الْعَبْدِ أَوْ مِنَ اللَّهِ أَوْ مِنْهُمَا]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر أن الْكَافِرَ يَكُونُ مُطِيعًا بِكُفْرِهِ لِأَنَّهُ فَعَلَ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر يَلْزَمُ نِسْبَةُ السَّفَهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ يَأْمُرُ الْكَافِرَ بِالْإِيمَانِ وَلَا يُرِيدُهُ مِنْهُ]

- ‌[فصل مَنْ نَفَى قِيَامَ الْأُمُورِ الِاخْتِيَارِيَّةِ بِذَاتِ الرَّبِّ تَعَالَى لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ أَقْوَالًا مُتَنَاقِضَةً فَاسِدَةً]

- ‌[فصل كلام الرافضي على الرضا بقضاء الله وقدره والرد عليه]

- ‌[فصل من كلام الرافضي عن القدر عند أهل السنة " وَمِنْهَا أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ نَسْتَعِيذَ بِإِبْلِيسَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى " والرد عليه]

- ‌[فصل من كلام الرافضي قوله: لَا يَبْقَى وُثُوقٌ بِوَعْدِ اللَّهِ وَوَعِيدِهِ]

- ‌[الرد على قول الرافضي: وجاز منه إرسال الكذاب والرد عليه]

- ‌[فصل من كلام الرافضي قوله في مسألة القدر عند أهل السنة يَلْزَمُ تَعْطِيلُ الْحُدُودِ وَالزَّوَاجِرِ عَنِ الْمَعَاصِي]

- ‌[فصل كلام الرافضي على دلالة العقل عنده على الأفعال الاختيارية والرد عليه]

- ‌[فصل كلام الرافضي على دلالة النقل على الأفعال الاختيارية والرد عليه]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على الأفعال الاختيارية " الْقَادِرُ يَمْتَنِعُ أَنْ يُرَجِّحَ مَقْدُورَهُ " والرد عليه]

- ‌[فصل الكلام على قول الرافضي أي شركة هنا والرد عليه]

- ‌[شرك الفلاسفة وَتَعْطِيلُهُمْ أَعْظَمُ بِكَثِيرٍ مِنْ شِرْكِ الْقَدَرِيَّةِ وَتَعْطِيلِهِمْ]

- ‌[أدلة الوحدانية عند الفلاسفة]

- ‌[الكلام على دليل التمانع عند المتكلمين]

- ‌[التعليق على كلام الرافضي عن قوله تعالى وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ]

- ‌[فصل كلام الرافضي على إثبات الأشاعرة لرؤية الله تعالى والرد عليه]

- ‌[فصل كلام الرافضي على مقالة الأشاعرة في كلام الله تعالى والرد عليه]

- ‌[فصل زعم الرافضي بأن أهل السنة ينكرون عصمة الأنبياء وكلامه على مقالتهم في الإمامة والرد عليه]

- ‌[فصل التعليق على كلامه عن الإمامة " وَلَمْ يَجْعَلُوا الْأَئِمَّةَ مَحْصُورِينَ فِي عَدَدٍ مُعَيَّنٍ

- ‌[فصل تابع رد ابن تيميَّة على كلام ابن المطهر عن الإمامة عند أهل السنة]

- ‌[فصل كلام الرافضي على قول أهل السنة بالقياس وأخذهم بالرأي والرد عليه]

- ‌[فصل كلام الرافضي على أمور فقهية شنيعة يقول بها أهل السنة في زعمه والرد عليه]

- ‌[الكلام على زعم الرافضي بأن أهل السنة يبيحون النبيذ]

- ‌[الكلام على قول الرافضي بإباحة أهل السنة للصلاة في جلد الكلب]

- ‌[الكلام على زعم الرافضي بأن أهل السنة أباحوا المغصوب لو غير الغاصب الصفة]

- ‌[التعليق على مزاعمه عن مقالة أهل السنة في الحدود]

- ‌[الرد على مزاعمه عن إباحة أهل السنة لأكل الكلب واللواط والملاهي]

- ‌[فصل قول الرافضي " الوجه الثاني في وجوب اتباع مذهب الإمامية أنها الفرقة الناجية " والرد عليه]

- ‌[فصل قول الرافضي " الوجه الثالث أن الإمامية جازمون بحصول النجاة لهم " والرد عليه]

الفصل: ‌[أدلة الوحدانية عند الفلاسفة]

نَقْبَلْ (1) مَا يُقَالُ مِنْ رَدِّهِ، فَكَشَفْتُ لَهُمْ حَقَائِقَ مَقَاصِدِهِمْ، فَاعْتَرَفُوا بِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَادُ، وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ رُءُوسُهُمْ، ثُمَّ بَيَّنْتُ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ وَالْإِلْحَادِ، حَتَّى رَجَعُوا وَصَارُوا يُصَنِّفُونَ فِي كَشْفِ بَاطِلِ سَلَفِهِمُ الْمُلْحِدِينَ، الَّذِينَ كَانُوا عِنْدَهُمْ أَئِمَّةَ التَّحْقِيقِ وَالتَّوْحِيدِ، وَالْعِرْفَانِ وَالْيَقِينِ.

[أدلة الوحدانية عند الفلاسفة]

وَعُمْدَةُ هَؤُلَاءِ الْفَلَاسِفَةِ [فِي تَوْحِيدِهِمْ](2) الَّذِي هُوَ تَعْطِيلٌ [مَحْضٌ] فِي الْحَقِيقَةِ (3) حُجَّتَانِ:

إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ (4) لَوْ كَانَ وَاجِبَانِ (5) لَاشْتَرَكَا فِي الْوُجُوبِ وَامْتَازَ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ بِمَا يَخُصُّهُ، وَمَا بِهِ الِاشْتِرَاكُ غَيْرُ مَا بِهِ الِامْتِيَازُ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ وَاجِبُ الْوُجُودِ مُرَكَّبًا، وَالْمُرَكَّبُ مُفْتَقِرٌ إِلَى أَجْزَائِهِ [وَأَجْزَاؤُهُ غَيْرُهُ](6) وَالْمُفْتَقِرُ إِلَى غَيْرِهِ لَا يَكُونُ (7) وَاجِبًا بِنَفْسِهِ.

وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُمَا إِذَا اتَّفَقَا فِي الْوُجُوبِ (8) ، وَامْتَازَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنِ الْآخَرِ بِمَا يَخُصُّهُ، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَكُ مَعْلُولًا لِلْمُخْتَصِّ، كَمَا إِذَا اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي الْإِنْسَانِيَّةِ، وَامْتَازَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنِ الْآخَرِ بِشَخْصِهِ، فَالْمُشْتَرَكُ مَعْلُولٌ لِلْمُخْتَصِّ (9) [وَهَذَا بَاطِلٌ هُنَا.

(1) أ، ب: يَقْبَلْ، وَفِي بَاقِي النُّسَخِ الْكَلِمَةُ غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ، وَرَجَّحْتُ أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ.

(2)

فِي تَوْحِيدِهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(3)

ن، م: الَّذِي هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَعْطِيلٌ، ع: الَّذِي هُوَ تَعْطِيلٌ فِي الْحَقِيقَةِ.

(4)

أَنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(5)

أ، ع: وَاجِبًا.

(6)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(7)

أ، ب: لَمْ يَكُنْ.

(8)

م: فِي الْوُجُودِ، وَهُوَ خَطَأٌ.

(9)

ع: مَعْلُولُ الْمُخْتَصِّ.

ص: 298

وَذَلِكَ] (1) لِأَنَّ كُلًّا مِنَ (2) الْمُشْتَرَكِ وَالْمُخْتَصِّ إِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَارِضًا [لِلْآخَرِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْوُجُوبُ عَارِضًا](3) لِلْوَاجِبِ أَوْ مَعْرُوضًا لَهُ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَلَا يَكُونُ الْوُجُوبُ (4) صِفَةٌ لَازِمَةٌ لِلْوَاجِبِ، وَهَذَا مُحَالٌ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ وَاجِبٍ.

وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَازِمًا لِلْآخَرِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَكُ عِلَّةً لِلْمُخْتَصِّ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ وُجِدَتِ الْعِلَّةُ وُجِدَ الْمَعْلُولُ، فَيَلْزَمُ أَنَّهُ حَيْثُ وُجِدَ الْمُشْتَرَكُ [وُجِدَ الْمُخْتَصُّ وَالْمُشْتَرَكُ](5) فِي هَذَا وَهَذَا، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَا يَخْتَصُّ بِهَذَا فِي هَذَا، وَمَا يَخْتَصُّ بِهَذَا فِي هَذَا، وَهَذَا مُحَالٌ يَرْفَعُ الِاخْتِصَاصَ.

وَهَذَا مُلَخَّصُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ سِينَا فِي إِشَارَاتِهِ (6) هُوَ وَشَارِحُو الْإِشَارَاتِ كَالرَّازِيِّ (7) وَالطُّوسِيِّ (8) وَغَيْرِهِمَا.

وَهَاتَانِ الْحُجَّتَانِ مُلَخَّصُ مَا ذَكَرَهُ الْفَارَابِيُّ (9) وَالسُّهْرَوَرْدِيُّ (10) وَغَيْرُهُمَا مِنَ

(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(2)

عِبَارَةِ " كُلًّا مِنْ " سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(3)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(4)

الْوُجُوبُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .

(5)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(6)

انْظُرِ " الْإِشَارَاتِ وَالتَّنْبِيهَاتِ " لِابْنِ سِينَا 3، 4 - 456، 457.

(7)

انْظُرْ: " شَرْحِ الْإِشَارَاتِ " لِلرَّازِيِّ، هَامِشُ ص 301 هَامِشُ ص 303 ط الْمَطْبَعَةِ الْعَامِرَةِ، اسْتَانْبُولَ 1290 هـ.

(8)

انْظُرْ هَامِشَ الْإِشَارَاتِ وَالتَّنْبِيهَاتِ شَرْحَ الطُّوسِيِّ 3، 4 - 456، 457.

(9)

انْظُرْ: " آرَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْفَاضِلَةِ " لِلْفَارَابِيِّ، ص 4 - 6، ط مَكْتَبَةِ الْحُسَيْنِ التِّجَارِيَّةَ، الْقَاهِرَةَ 1368، 1948.

(10)

انْظُرْ كِتَابَ " حِكْمَةِ الْإِشْرَاقِ " لِلسُّهْرَوَرْدِيِّ ص 125 - 127 ضِمْنَ مَجْمُوعَةٍ مِنْ مُؤَلَّفَاتِ السُّهْرَوَرْدِيِّ، تَحْقِيقُ هِنْرِي كَرْبِينَ ط إِيرَانَ 1331، 1952.

ص: 299

الْفَلَاسِفَةِ، وَقَدْ ذَكَرَهُمَا بِمَعْنَاهُمَا أَبُو حَامِدٍ الْغَزَّالِيُّ فِي " تَهَافُتِ الْفَلَاسِفَةِ "(1) .

وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُمَا الرَّازِيُّ (2) وَالْآمِدِيُّ (3) بِمَنْعِ كَوْنِ الْوُجُوبِ صِفَةً ثُبُوتِيَّةً، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأَجْوِبَةِ الَّتِي نَرْضَاهَا.

لَكِنَّ الْجَوَابَ مِنْ وَجْهَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: الْمُعَارَضَةُ وَذَلِكَ أَنَّ الْوُجُودَ يَنْقَسِمُ إِلَى وَاجِبٍ وَمُمْكِنٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْوُجُودَيْنِ يَمْتَازُ عَنِ الْآخَرِ بِخَاصَّتِهِ، (4) فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ (5) الْوَاجِبُ مُرَكَّبًا مِمَّا بِهِ الِاشْتِرَاكُ، وَمِمَّا بِهِ الِامْتِيَازُ، وَأَيْضًا فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْوُجُودُ الْوَاجِبُ مَعْلُولًا، وَالْمُعَارَضَةُ أَيْضًا بِالْحَقِيقَةِ، فَإِنَّ الْحَقِيقَةَ تَنْقَسِمُ إِلَى وَاجِبٍ وَمُمْكِنٍ، وَالْوَاجِبُ يَمْتَازُ عَنِ الْمُمْكِنِ بِمَا يَخُصُّهُ، فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْحَقِيقَةُ الْوَاجِبَةُ مُرَكَّبَةً مِنَ الْمُشْتَرَكِ وَالْمُخْتَصِّ، وَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْحَقِيقَةُ الْوَاجِبَةُ مَعْلُولَةً، وَالْمُعَارَضَةُ بِلَفْظِ الْمَاهِيَةِ، فَإِنَّهَا تَنْقَسِمُ إِلَى وَاجِبٍ وَمُمْكِنٍ إِلَى آخِرِهِ.

وَالثَّانِي حَلُّ الشُّبْهَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الشَّيْئَيْنِ الْمَوْجُودَيْنِ (6) فِي الْخَارِجِ سَوَاءٌ كَانَا وَاجِبَيْنِ أَوْ مُمْكِنَيْنِ، وَسَوَاءٌ قُدِّرَ التَّقْسِيمُ فِي مَوْجُودَيْنِ، أَوْ جَوْهَرَيْنِ أَوْ جِسْمَيْنِ أَوْ حَيَوَانَيْنِ أَوْ إِنْسَانَيْنِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ - لَمْ يُشْرِكْ

(1) انْظُرْ: " تَهَافُتِ الْفَلَاسِفَةِ " لِلْغَزَّالِيِّ، ص 158 - 160 تَحْقِيقُ الدُّكْتُورِ سُلَيْمَانْ دُنْيَا، الطَّبْعَةَ الثَّالِثَةَ، دَارَ الْمَعَارِفِ، الْقَاهِرَةَ 1958.

(2)

انْظُرِ: " الْمَبَاحِثِ الْمَشْرِقِيَّةِ لِلرَّازِيِّ " 2 - 451، 456، ط حَيْدَرَ آبَادَ، 1343 هـ.

(3)

انْظُرْ: " غَايَةِ الْمَرَامِ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ " لِلْآمِدِيِّ، تَحْقِيقُ الدُّكْتُورِ حَسَنْ مَحْمُودْ عَبْدِ اللَّطِيفِ ص [0 - 9] 53 - 155 ط. الْقَاهِرَةَ 1391، 1971.

(4)

م: بِخَاصِّيَّةٍ.

(5)

ن، م: أَنَّ كَوْنَ.

(6)

أ، ب: الْوُجُودِيَّيْنِ.

ص: 300

أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (1) فِي الْخَارِجِ فِي شَيْءٍ مِنْ خَصَائِصِهِ، لَا فِي وُجُوبِهِ، وَلَا فِي وُجُودِهِ، وَلَا فِي مَاهِيَتِهِ، وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا شَابَهَهُ فِي ذَلِكَ.

وَالْمُطْلَقُ الَّذِي اشْتَرَكَا فِيهِ لَا يَكُونُ كُلِّيًّا (2) مُشْتَرَكًا فِيهِ إِلَّا فِي الذِّهْنِ، وَهُوَ فِي الْخَارِجِ لَيْسَ بِكُلِّيٍّ عَامٍّ مُشْتَرَكٍ فِيهِ، بَلْ إِذَا قِيلَ: الْوَاجِبَانِ إِذَا اشْتَرَكَا (3) فِي الْوُجُوبِ (4) فَلَا بُدَّ أَنْ يَمْتَازَ كُلٌّ مِنْهُمَا (5) عَنِ الْآخَرِ بِمَا يَخُصُّهُ، فَهُوَ (6) مِثْلَ أَنْ يُقَالَ: إِذَا اشْتَرَكَا فِي الْحَقِيقَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَمْتَازَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنِ الْآخَرِ (7) بِمَا يَخُصُّهُ، فَالْحَقِيقَةُ تُوجَدُ عَامَّةً وَخَاصَّةً كَمَا أَنَّ الْوُجُوبَ (8) يُوجَدُ عَامًّا وَخَاصًّا، فَالْعَامُّ لَا يَكُونُ عَامًّا مُشْتَرَكًا فِيهِ إِلَّا فِي الذِّهْنِ، وَلَا يَكُونُ فِي الْخَارِجِ إِلَّا خَاصًّا لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ، فَمَا فِيهِ الِاشْتِرَاكُ لَا امْتِيَازَ فِيهِ، وَمَا فِيهِ الِامْتِيَازُ لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ، فَلَمْ يَبْقَ فِي الْخَارِجِ شَيْءٌ وَاحِدٌ فِيهِ مُشْتَرَكٌ وَمُمَيَّزٌ (9) لَكِنْ فِيهِ وَصْفٌ يُشَابِهُ الْآخَرَ فِيهِ (10) وَوَصْفٌ لَا يُشَابِهُهُ فِيهِ.

وَغَلَطُ هَؤُلَاءِ فِي هَذِهِ الْإِلَهِيَّاتِ مِنْ جِنْسِ غَلَطِهِمْ (11) فِي الْمَنْطِقِ فِي

(1) ن: لَمْ يُشِرْ إِلَى أَحَدِهِمَا الْآخَرُ، م: لَمْ يُشَارِكْ إِلَى أَحَدِهِمَا الْآخَرُ، وَكِلَاهُمَا تَحْرِيفٌ.

(2)

أ: شَابَهَهُ فِي ذَلِكَ الْمُطْلَقِ الَّذِي اشْتَرَكَا فِيهِ لَا يَكُونُ كُلِّيًّا، ب: شَابَهَهُ فِي ذَلِكَ الْمُطْلَقِ الَّذِي اشْتَرَكَا فِيهِ، وَلَا يَكُونُ كُلِّيًّا.

(3)

أ: الْوَاجِبَانِ يَشْتَرِكَا. ب: الْوَاجِبَانِ يَشْتَرِكَانِ.

(4)

م: فِي الْوُجُودِ، وَهُوَ خَطَأٌ.

(5)

أ، ب: أَنْ يَمْتَازَ أَحَدُهُمَا.

(6)

ن، م: وَهُوَ.

(7)

عَنِ الْآخَرِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (ع) .

(8)

ع: الْوَاجِبَ.

(9)

أ، ب: وَاحِدٌ مُشْتَرَكٌ فِيهِ وَمُمَيَّزٌ.

(10)

ن: وَصْفٌ شَابَهَ فِي الْآخَرِ، م: وَصْفٌ مُشَابِهٌ فِيهِ الْآخَرَ، أ، ب: وَصْفٌ يُشَابِهُ الْآخَرَ.

(11)

ع: هَؤُلَاءِ فِي الْإِلَهِيَّاتِ مِنْ جِنْسِ غَلَطِهِمْ، ن، م: فِي هَذِهِ إِلَهِيَّاتٌ مِنْ غَلَطِهِمْ.

ص: 301

الْكُلِّيَّاتِ: الْجِنْسِ، وَالنَّوْعِ، وَالْفَصْلِ، وَالْخَاصَّةِ، وَالْعَرَضِ الْعَامِّ - حَيْثُ تَوَهَّمُوا أَنَّهُ يَكُونُ فِي الْخَارِجِ كُلِّيٌّ (1) مُشْتَرَكٌ فِيهِ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا التَّنْبِيهَ عَلَى هَذَا وَبَيَّنَّا أَنَّ الْكُلِّيَّ الْمُشْتَرَكَ فِيهِ لَا يُوجَدُ فِي الْخَارِجِ إِلَّا مُخْتَصًّا لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ، وَالِاشْتِرَاكُ وَالْعُمُومُ وَالْكُلِّيَّةُ إِنَّمَا تَعْرِضُ لَهُ إِذَا كَانَ ذِهْنِيًّا لَا خَارِجِيًّا.

وَهُمْ قَسَّمُوا الْكُلِّيَّ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: طَبِيعِيٌّ، وَمَنْطِقِيٌّ، وَعَقْلِيٌّ.

فَالطَّبِيعِيُّ: هُوَ الْمُطْلَقُ لَا بِشَرْطٍ، كَالْإِنْسَانِ مِنْ حَيْثُ هُوَ هُوَ، مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ جَمِيعِ قُيُودِهِ.

وَالْمَنْطِقِيُّ: كَوْنُهُ عَامًّا وَخَاصًّا، وَكُلِّيًّا وَجُزْئِيًّا، فَنَفْسُ وَصْفِهِ بِذَلِكَ مَنْطِقِيٌّ ; لِأَنَّ الْمَنْطِقَ (2) يَبْحَثُ فِي الْقَضَايَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا كُلِّيَّةً وَجُزْئِيَّةً.

وَالْعَقْلِيُّ: هُوَ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ الْإِنْسَانُ الْمَوْصُوفُ بِكَوْنِهِ عَامًّا وَمُطْلَقًا، وَهَذَا لَا يُوجَدُ (* إِلَّا فِي الذِّهْنِ عِنْدَهُمْ، إِلَّا مَا يُحْكَى عَنْ شِيعَةِ أَفْلَاطُونَ مِنْ إِثْبَاتِ الْمُثُلِ الْأَفْلَاطُونِيَّةِ، وَلَا رَيْبَ فِي بُطْلَانِ هَذَا، فَإِنَّ الْخَارِجَ لَا يُوجَدُ *)(3) فِيهِ عَامٌّ.

وَأَمَّا الْمَنْطِقِيُّ: فَهُوَ كَذَلِكَ فِي الذِّهْنِ.

وَأَمَّا الطَّبِيعِيُّ: فَقَدْ يَقُولُونَ إِنَّهُ ثَابِتٌ فِي الْخَارِجِ، فَإِذَا قُلْنَا: هَذَا الْإِنْسَانُ، فَفِيهِ الْإِنْسَانُ مِنْ حَيْثُ هُوَ هُوَ لَكِنْ يُقَالُ: هُوَ ثَابِتٌ فِي الْخَارِجِ لَكِنْ (4) بِقَيْدِ التَّعْيِينِ وَالتَّخْصِيصِ لَا بِقَيْدِ الْإِطْلَاقِ، وَلَا مُطْلَقًا لَا

(1) ن، م: كُلٌّ، وَهُوَ خَطَأٌ.

(2)

أ، ب، ن، م: لِأَنَّ الْمَنْطِقِيَّ.

(3)

مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) فَقَطْ.

(4)

لَكِنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.

ص: 302

بِشَرْطٍ، فَلَيْسَ فِي الْخَارِجِ مُطْلَقٌ لَا بِشَرْطٍ وَلَا مُطْلَقٌ بِشَرْطِ الْإِطْلَاقِ، بَلْ إِنَّمَا فِيهِ الْمُعَيَّنُ الْمُخَصَّصُ، فَالَّذِي (1) يُقَدِّرُهُ الذِّهْنُ مُطْلَقًا لَا بِشَرْطِ التَّقْيِيدِ يُوجَدُ فِي الْخَارِجِ بِشَرْطِ التَّقْيِيدِ.

وَهَؤُلَاءِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ مَا فِي الْأَذْهَانِ بِمَا فِي الْأَعْيَانِ. وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبَيَّنَّا مِنْ غَلَطِ الْمَنْطِقِيِّينَ مَا هُوَ سَبَبُ الضَّلَالِ فِي الْأُمُورِ الْإِلَهِيَّةِ وَالطَّبِيعِيَّةِ كَاعْتِقَادِ الْأُمُورِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الْعَقْلِ أُمُورًا مَوْجُودَةً فِي الْخَارِجِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهِ.

[وَهَؤُلَاءِ الْمَنْطِقِيُّونَ الْإِلَهِيُّونَ مِنْهُمْ وَغَيْرُهُمْ يَقُولُونَ أَيْضًا: إِنَّ الْكُلِّيَّاتِ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ، فَيُوجَدُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي مَوَاضِعَ مَا يَظْهَرُ بِهِ خَطَأُ كَلَامِهِمْ فِي مَوَاضِعَ، فَإِنَّ اللَّهَ فَطَرَ عِبَادَهُ عَلَى الصِّحَّةِ وَالسَّلَامَةِ وَفَسَادِ الْفِطْرَةِ عَارِضٌ، فَقَلَّ مَنْ يُوجَدُ لَهُ (2) كَلَامٌ فَاسِدٌ إِلَّا وَفِي كَلَامِهِ مَا يُبَيِّنُ فَسَادَ كَلَامِهِ الْأَوَّلِ وَيَظْهَرُ بِهِ تَنَاقُضُهُ.](3) .

وَالْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى تَوْحِيدِ هَؤُلَاءِ (4) الْفَلَاسِفَةِ. وَهَؤُلَاءِ أَصَابَهُمْ فِي لَفْظِ الْوَاجِبِ مَا أَصَابَ الْمُعْتَزِلَةَ فِي لَفْظِ الْقَدِيمِ، فَقَالُوا: الْوَاجِبُ لَا يَكُونُ إِلَّا وَاحِدًا، فَلَا يَكُونُ لَهُ صِفَةٌ ثُبُوتِيَّةٌ، كَمَا قَالَ أُولَئِكَ: لَا يَكُونُ الْقَدِيمُ إِلَّا وَاحِدًا، فَلَا يَكُونُ لَهُ صِفَةٌ ثُبُوتِيَّةٌ (5) .

وَبِهَذَا وَغَيْرِهِ ظَهَرَ الزَّلَلُ فِي كَلَامِ مُتَأَخِّرِي الْمُتَكَلِّمِينَ الَّذِينَ خَلَطُوا الْكَلَامَ

(1) ن، م: وَالَّذِي.

(2)

أ: فِيهِ، ب: مِنْهُ.

(3)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م)

(4)

ن، م: وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى هَؤُلَاءِ.

(5)

بَعْدَ كَلِمَةِ " ثُبُوتِيَّةٌ " يُوجَدُ فِي نُسْخَتَيْ (ن) ، (م) كَلَامٌ مُعَادٌ.

ص: 303