الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَوْنِهِ فِي غَايَةِ الْمُلُوحَةِ وَالْمَرَارَةِ وَالزُّهُومَةِ (1) . فَالْمُتَغَيِّرُ بِالطَّاهِرَاتِ أَحْسَنُ حَالًا مِنْهُ، لَكِنَّ ذَاكَ تَغَيُّرٌ أَصْلِيٌّ وَهَذَا طَارِئٌ.
وَهَذَا الْفَرْقُ لَا يَعُودُ إِلَى اسْمِ الْمَاءِ، وَمَنِ اعْتَبَرَهُ جَعَلَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنَّهُ لَا يَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ وَنَحْوِهِ، وَلَكِنْ أُبِيحَ ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ صَوْنُهُ عَنِ الْمُغَيِّرَاتِ (2) . وَالْأَصْلُ ثُبُوتُ الْأَحْكَامِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ لَا عَلَى خِلَافِهِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا دَاخِلًا فِي اللَّفْظِ دَخَلَ الْآخَرُ (3) ، وَإِلَّا فَلَا. وَهَذِهِ دَلَالَةٌ لَفْظِيَّةٌ لَا قِيَاسِيَّةٌ، حَتَّى يُعْتَبَرَ فِيهَا الْمَشَقَّةُ وَعَدَمُهَا.
[الكلام على قول الرافضي بإباحة أهل السنة للصلاة في جلد الكلب]
وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي جِلْدِ الْكَلْبِ، فَإِنَّمَا يُجَوِّزُ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا كَانَ (4) . مَدْبُوغًا. وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، لَيْسَ هَذَا (5) مِنْ مَفَارِيدِهِ، وَحُجَّتُهُمْ (6) قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:" «أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» ". (7) وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ اجْتِهَادٍ وَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الشَّنَاعَاتِ (8) وَلَوْ قِيلَ
(1) و: وَالزَّفْرَةِ
(2)
ن، هـ، ص، ر: الْمُتَغَيِّرَاتِ
(3)
ن: دَخَلَ فِي الْآخَرِ، م: دَخَلَ فِيهِ الْآخَرُ.
(4)
ن، م: تَجُوزُ إِذَا كَانَ، و: يَجُوزُ إِذَا كَانَ، ص، ر، هـ: يُجَوِّزُهُ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا كَانَ
(5)
أ، ب: هُوَ، وَسَقَطَتِ الْكَلِمَةُ مِنْ (ر) .
(6)
أ، ب: وَحُجَّتُهُ.
(7)
انْظُرْ كَلَامِي عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ سُطُورٍ قَلِيلَةٍ.
(8)
ن، م: لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ التَّشَانِيعِ، و، ص، هـ، ز: وَلَيْسَتْ هَذِهِ مَسَائِلَ الشَّنَائِعِ.
: لِهَذَا الْمُنْكِرِ: هَاتِ دَلِيلًا قَاطِعًا قَاطِعًا: (1) عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ، لَمْ يَجِدْهُ، بَلْ لَوْ طُولِبَ بِدَلِيلٍ عَلَى تَحْرِيمِ الْكَلْبِ لِيَرُدَّ بِهِ عَلَى مَالِكٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ [عَنْهُ فَإِنَّهُ يَكْرَهُهُ وَلَا يُحَرِّمُهُ](2) لَمْ يَكُنْ هَذَا الرَّدُّ مِنْ صِنَاعَتِهِ، مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ جِلْدَ الْكَلْبِ - بَلْ وَسَائِرَ السِّبَاعِ - لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ.
لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم[مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ](3) أَنَّهُ «نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ» (4) وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (5) : " «أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» " ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ [مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ](6) وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (7)
(1) سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4)
الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ أَبِيهِ أُسَامَةَ الْهُذَلِيِّ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/96 - 97 (كِتَابُ اللِّبَاسِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي جُلُودِ النُّمُورِ وَالسِّبَاعِ) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 3/152 - 153 (كِتَابُ اللِّبَاسِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ) ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 7/156 (كِتَابُ الْفَرْعِ وَالْعَتِيرَةِ، بَابُ النَّهْيِ عَنِ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ السِّبَاعِ)، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 5 - 75 وَانْظُرْ فِي: سُنَنِ النَّسَائِيِّ 7/155 (كِتَابُ الْفَرْعِ وَالْعَتِيرَةِ، بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ) ، حَدِيثٌ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي جَوَازِ الِاسْتِمْتَاعِ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ. .
(5)
صلى الله عليه وسلم: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، وَفِي (أ)، (ب) : مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُحَدِّثِينَ.
(7)
الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي مُسْلِمٍ: 1/277 (كِتَابُ الْحَيْضِ، بَابُ طَهَارَةِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ)، وَلَفْظُهُ: إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ، وَانْظُرْ شَرْحَ النَّوَوِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ 4/53 - 54 وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/93 (كِتَابُ اللِّبَاسِ، بَابٌ فِي أُهُبِ الْمَيْتَةِ) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 3/135 (كِتَابُ اللِّبَاسِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ) ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 7/153 (كِتَابُ الْفَرْعِ وَالْعَتِيرَةِ، بَابُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1193 (كِتَابُ اللِّبَاسِ، بَابُ لُبْسِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ)، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 3/273 - 274 وَقَالَ الْمُحَقِّقُ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ 4/144، 5/71. .
وَكَذَلِكَ تَحْرِيمُ الْكَلْبِ دَلَّتْ عَلَيْهِ أَدِلَّةٌ شَرْعِيَّةٌ، لَكِنَّ هَؤُلَاءِ الْإِمَامِيَّةَ تَعْجَزُ عَنْ إِقَامَةِ دَلِيلٍ يَرُدُّونَ بِهِ عَلَى مَالِكٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (1)
وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْعَذِرَةِ الْيَابِسَةِ بِلَا حَائِلٍ، فَلَيْسَ هَذَا مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَكِنْ إِذَا أَصَابَتِ الْأَرْضَ نَجَاسَةٌ، فَذَهَبَتْ بِالشَّمْسِ أَوِ الرِّيحِ أَوِ الِاسْتِحَالَةِ، فَمَذْهَبُ الْأَكْثَرِينَ (2) . طَهَارَةُ الْأَرْضِ وَجَوَازُ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا (3) . هَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَهُوَ الْقَوْلُ الْقَدِيمُ لِلشَّافِعِيِّ. وَهَذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ مَنْ لَا يُطَهِّرُهَا بِذَلِكَ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ صِفَةِ (4) الصَّلَاةِ الَّتِي يُجِيزُهَا أَبُو حَنِيفَةَ وَفَعَلَهَا عِنْدَ بَعْضِ الْمُلُوكِ حَتَّى رَجَعَ عَنْ مَذْهَبِهِ، فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى فَسَادِ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ ; لِأَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يَقُولُونَ: إِنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ، لَا يَقُولُونَ: إِنَّهُ لَمْ يُخْطِئْ (5) أَحَدٌ مِنْهُمْ.
وَهَذِهِ الصَّلَاةُ يُنْكِرُهَا جُمْهُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ، كَمَذْهَبِ مَالِكٍ (6) وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ. وَالْمَلِكُ الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ، وَإِنَّمَا رَجَعَ إِلَى مَا ظَهَرَ عِنْدَهُ أَنَّهُ سُنَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الْمُلُوكِ
(1) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (هـ) ، (ر) ، وَبَدَلًا مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ فِي (أ) ، (ب) لَا يَعْرِفُهَا هَذَا الْإِمَامِيُّ، وَفِي (هـ) ، (ص) ، (ر) لَا يَعْرِفُهَا هَؤُلَاءِ الْإِمَامِيَّةُ.
(2)
أ، ب، م: الْأَكْثَرِ
(3)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4)
صِفَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(5)
أ، ب: لَا يُخْطِئُ.
(6)
أ، ب: كَمَالِكٍ.