المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[شرك الفلاسفة وتعطيلهم أعظم بكثير من شرك القدرية وتعطيلهم] - منهاج السنة النبوية - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[فصل قول الرافضي إن اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِ مَقْدُورِ الْعِبَادِ والرد عليه]

- ‌[فصل كلام الرافضي في القضاء والقدر أَنَّ اللَّهَ عز وجل يَفْعَلُ الْقَبَائِحَ]

- ‌[فصل كلام للرافضي في مسألة القدر يَسْتَلْزِمُ أَشْيَاءَ شَنِيعَةً مِنْهَا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ أَظْلَمَ مِنْ كُلِّ ظَالِمٍ والرد عليه]

- ‌[فصل كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر إِفْحَامُ الْأَنْبِيَاءِ وَانْقِطَاعُ حُجَّتِهِمْ والرد عليه]

- ‌[حَدِيثُ احْتِجَاجِ آدَمَ وَمُوسَى عليهما السلام]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر تجويز أن يعذب الله سيد المرسلين على طاعتهِ]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر لَا يَتَمَكَّنُ أَحَدٌ مِنْ تَصْدِيقِ أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر لَا يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ اللَّهُ أَنَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ عَفُوٌّ]

- ‌[فصل كلام الرافضي عن تكليف ما لا يطاق عند أهل السنة والرد عليه من وجوه]

- ‌[فصل كلام الرافضي على الأفعال الاختيارية عند أهل السنة والرد عليه]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر أنه لا فرق بين الإحسان والإساءة لأنهما صادران من الله والرد عليه]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر الْمَعْصِيَةُ إِمَّا مِنَ الْعَبْدِ أَوْ مِنَ اللَّهِ أَوْ مِنْهُمَا]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر أن الْكَافِرَ يَكُونُ مُطِيعًا بِكُفْرِهِ لِأَنَّهُ فَعَلَ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على مقالة أهل السنة في القدر يَلْزَمُ نِسْبَةُ السَّفَهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ يَأْمُرُ الْكَافِرَ بِالْإِيمَانِ وَلَا يُرِيدُهُ مِنْهُ]

- ‌[فصل مَنْ نَفَى قِيَامَ الْأُمُورِ الِاخْتِيَارِيَّةِ بِذَاتِ الرَّبِّ تَعَالَى لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ أَقْوَالًا مُتَنَاقِضَةً فَاسِدَةً]

- ‌[فصل كلام الرافضي على الرضا بقضاء الله وقدره والرد عليه]

- ‌[فصل من كلام الرافضي عن القدر عند أهل السنة " وَمِنْهَا أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ نَسْتَعِيذَ بِإِبْلِيسَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى " والرد عليه]

- ‌[فصل من كلام الرافضي قوله: لَا يَبْقَى وُثُوقٌ بِوَعْدِ اللَّهِ وَوَعِيدِهِ]

- ‌[الرد على قول الرافضي: وجاز منه إرسال الكذاب والرد عليه]

- ‌[فصل من كلام الرافضي قوله في مسألة القدر عند أهل السنة يَلْزَمُ تَعْطِيلُ الْحُدُودِ وَالزَّوَاجِرِ عَنِ الْمَعَاصِي]

- ‌[فصل كلام الرافضي على دلالة العقل عنده على الأفعال الاختيارية والرد عليه]

- ‌[فصل كلام الرافضي على دلالة النقل على الأفعال الاختيارية والرد عليه]

- ‌[فصل من كلام الرافضي على الأفعال الاختيارية " الْقَادِرُ يَمْتَنِعُ أَنْ يُرَجِّحَ مَقْدُورَهُ " والرد عليه]

- ‌[فصل الكلام على قول الرافضي أي شركة هنا والرد عليه]

- ‌[شرك الفلاسفة وَتَعْطِيلُهُمْ أَعْظَمُ بِكَثِيرٍ مِنْ شِرْكِ الْقَدَرِيَّةِ وَتَعْطِيلِهِمْ]

- ‌[أدلة الوحدانية عند الفلاسفة]

- ‌[الكلام على دليل التمانع عند المتكلمين]

- ‌[التعليق على كلام الرافضي عن قوله تعالى وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ]

- ‌[فصل كلام الرافضي على إثبات الأشاعرة لرؤية الله تعالى والرد عليه]

- ‌[فصل كلام الرافضي على مقالة الأشاعرة في كلام الله تعالى والرد عليه]

- ‌[فصل زعم الرافضي بأن أهل السنة ينكرون عصمة الأنبياء وكلامه على مقالتهم في الإمامة والرد عليه]

- ‌[فصل التعليق على كلامه عن الإمامة " وَلَمْ يَجْعَلُوا الْأَئِمَّةَ مَحْصُورِينَ فِي عَدَدٍ مُعَيَّنٍ

- ‌[فصل تابع رد ابن تيميَّة على كلام ابن المطهر عن الإمامة عند أهل السنة]

- ‌[فصل كلام الرافضي على قول أهل السنة بالقياس وأخذهم بالرأي والرد عليه]

- ‌[فصل كلام الرافضي على أمور فقهية شنيعة يقول بها أهل السنة في زعمه والرد عليه]

- ‌[الكلام على زعم الرافضي بأن أهل السنة يبيحون النبيذ]

- ‌[الكلام على قول الرافضي بإباحة أهل السنة للصلاة في جلد الكلب]

- ‌[الكلام على زعم الرافضي بأن أهل السنة أباحوا المغصوب لو غير الغاصب الصفة]

- ‌[التعليق على مزاعمه عن مقالة أهل السنة في الحدود]

- ‌[الرد على مزاعمه عن إباحة أهل السنة لأكل الكلب واللواط والملاهي]

- ‌[فصل قول الرافضي " الوجه الثاني في وجوب اتباع مذهب الإمامية أنها الفرقة الناجية " والرد عليه]

- ‌[فصل قول الرافضي " الوجه الثالث أن الإمامية جازمون بحصول النجاة لهم " والرد عليه]

الفصل: ‌[شرك الفلاسفة وتعطيلهم أعظم بكثير من شرك القدرية وتعطيلهم]

الْإِرَادَةِ وَالْقُدْرَةِ مَا يَتَحَرَّكُ بِهِ، (1) لَكِنَّ الْمُجَدِّدَ لَهُ [ذَلِكَ](2) لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ لَا وَاجِبٌ، فَالْحَوَادِثُ (3) فِيهِ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إِنْ أَحْدَثَ (4) الثَّانِيَ بَعْدَ الْأَوَّلِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَثِّرُ التَّامُّ مَوْجُودًا عِنْدَ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ حَصَلَ لَهُ كَمَالُ التَّأْثِيرِ [فِي](5) الثَّانِي بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَوَّلِ فَلَا بُدَّ لِذَلِكَ الْكَمَالِ مِنْ فَاعِلٍ، وَهَؤُلَاءِ يُجَوِّزُونَ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ مَا تَقَدَّمَ (6) فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي كُلِّ حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ فَاعِلٌ يُحْدِثُ مَا بِهِ يَتَحَرَّكُ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْوَاجِبِ بِنَفْسِهِ، فَإِنَّ مَا يَقُومُ بِهِ مِنَ الْأَفْعَالِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَصْدُرَ عَنْ غَيْرِهِ.

[شرك الفلاسفة وَتَعْطِيلُهُمْ أَعْظَمُ بِكَثِيرٍ مِنْ شِرْكِ الْقَدَرِيَّةِ وَتَعْطِيلِهِمْ]

وَشِرْكُ هَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَتَعْطِيلُهُمْ أَعْظَمُ بِكَثِيرٍ مِنْ شِرْكِ الْقَدَرِيَّةِ وَتَعْطِيلِهِمْ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَجْعَلُونَ (7) الْفَلَكَ هُوَ الْمُحْدِثُ لِلْحَوَادِثِ الَّتِي فِي الْأَرْضِ كُلِّهَا، فَلَمْ يَجْعَلُوا لِلَّهِ شَيْئًا أَحْدَثَهُ، (8) بِخِلَافِ الْقَدَرِيَّةِ فَإِنَّهُمْ أَخْرَجُوا عَنْ إِحْدَاثِهِ أَفْعَالَ الْحَيَوَانِ وَمَا تَوَلَّدَ عَنْهَا. فَقَدْ لَزِمَهُمُ التَّعْطِيلُ مِنْ إِثْبَاتِ حَوَادِثَ بِلَا مُحْدِثٍ وَتَعْطِيلِ الرَّبِّ عَنْ (9) إِحْدَاثِ شَيْءٍ مِنَ الْحَوَادِثِ، وَإِثْبَاتِ شَرِيكٍ فَعَلَ جَمِيعَ الْحَوَادِثِ.

(1) أ، ب: وَالْقُوَّةِ مَا يَتَحَوَّلُ بِهِ.

(2)

ذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(3)

أ، ب: وَالْحَوَادِثُ.

(4)

إِذَا حَدَثَ، ب: ذَا حَدَثٍ، ن، م: لَمَّا أَحْدَثَ.

(5)

فِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(6)

ن، م، ع: وَهَؤُلَاءِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ لِمَا تَقَدَّمَ.

(7)

ن، م: جَعَلُوا.

(8)

أَحْدَثَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب)، وَفِي (ع) : فَلَمْ يَجْعَلُوا اللَّهَ أَحْدَثَهُ.

(9)

ن، م: عَلَى.

ص: 282

وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ [وَغَيْرِهِمْ](1) قَوْلَهُمْ: إِنَّ الرَّبَّ مَا زَالَ عَاطِلًا عَنِ الْفِعْلِ حَتَّى أَحْدَثَ الْعَالَمَ، وَهُمْ يَقُولُونَ: مَا زَالَ وَلَا يَزَالُ مُعَطَّلًا عَنِ الْإِحْدَاثِ، بَلْ عَنِ الْفِعْلِ، فَإِنَّ مَا لَزِمَ ذَاتَهُ كَالْعَقْلِ (2) وَالْفَلَكِ لَيْسَ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ فِعْلًا لَهُ؛ إِذِ الْفِعْلُ لَا يُفْعَلُ (3) إِلَّا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، فَأَمَّا مَا لَزِمَ الذَّاتَ (4) فَهُوَ مِنْ بَابِ الصِّفَاتِ بِمَنْزِلَةِ لَوْنِ (5) الْإِنْسَانِ وَطُولِهِ، فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا لَهُ، بِخِلَافِ حَرَكَاتِهِ (6) فَإِنَّهَا فِعْلٌ لَهُ، وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَحَرِّكًا كَمَا يُقَالُ فِي نَفْسِ الْإِنْسَانِ (7) : إِنَّهَا لَمْ تَزَلْ تَتَحَوَّلُ (8) مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَإِنَّ الْقَلْبَ أَشَدُّ تَقَلُّبًا مِنَ الْقِدْرِ إِذَا اسْتَجْمَعَتْ غَلَيَانًا (9) - فَكَوْنُ (10) الْفَاعِلِ الَّذِي هُوَ فِي نَفْسِهِ يَقُومُ بِهِ فِعْلُهُ (11) يَحْدُثُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ مَعْقُولٍ، (12) بِخِلَافِ مَا لَزِمَهُ لَازِمٌ يُقَارِنُهُ فِي الْأَزَلِ، فَهَذَا لَا يُعْقَلُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لَهُ.

فَتَبَيَّنَ أَنَّهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يُثْبِتُونَ لِلرَّبِّ فِعْلًا أَصْلًا، فَهُمْ مُعَطِّلَةٌ حَقًّا

(1) وَغَيْرِهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .

(2)

أ، ن: كَالْفِعْلِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(3)

ن، م: لَا يَعْقِلُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(4)

ن، م: الْإِرَادَاتَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(5)

ن، م: كَوْنِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(6)

ع: تَحَرُّكَاتِهِ.

(7)

ن، م: فِي نَفْسِهِ.

(8)

أ، ب، ن، م: تَتَحَرَّكُ.

(9)

ن، م: عَلْيًا.

(10)

ب فَقَطْ: يَكُونُ.

(11)

ب فَقَطْ: فَعَلَ.

(12)

أ: مَفْعُولٍ، ب: مَفْعُولًا.

ص: 283

وَأَرِسْطُو وَأَتْبَاعُهُ إِنَّمَا أَثْبَتُوا (1) الْعِلَّةَ الْأُولَى مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا (2) عِلَّةً غَائِيَّةً، (3) كَحَرَكَةِ الْفَلَكِ، فَإِنَّ حَرَكَةَ الْفَلَكِ عِنْدَهُمْ بِالِاخْتِيَارِ كَحَرَكَةِ الْإِنْسَانِ، وَالْحَرَكَةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُرَادٍ، فَيَكُونُ هُوَ مَطْلُوبَهَا.

[وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْفَلَكَ يَتَحَرَّكُ لِلتَّشَبُّهِ (4) بِالْعِلَّةِ الْأُولَى كَحَرَكَةِ الْمُؤْتَمِّ بِإِمَامِهِ وَالْمُقْتَدِي (5) بِقُدْوَتِهِ، وَهَذَا مَعْنَى تَشْبِيهِهِ بِحَرَكَةِ الْمَعْشُوقِ لِلْعَاشِقِ، لَيْسَ الْمَعْنَى أَنْ ذَاتَ اللَّهِ مُحَرِّكَةٌ لِلْفَلَكِ، إِنَّمَا مُرَادُهُمْ أَنَّ مُرَادَ الْفَلَكِ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَهَذَا بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ لِبَسْطِهَا مَوْضِعٌ آخَرُ](6) .

فَقَالُوا: إِنَّ الْعِلَّةَ الْأُولَى وَهِيَ (7) الَّتِي يَتَحَرَّكُ الْفَلَكُ لِأَجْلِهَا (8) عِلَّةٌ لَهُ تُحَرِّكُهُ (9) كَمَا تَحَرَّكَ الْعَاشِقُ لِلْمَعْشُوقِ (10) بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ الَّذِي اشْتَهَى طَعَامًا (11) ، فَمَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِ أَوْ رَأَى مَنْ يُحِبُّهُ، فَسَعَى إِلَيْهِ - فَذَاكَ (12) الْمَحْبُوبُ هُوَ الْمُحَرِّكُ؛ لِكَوْنِ الْمُتَحَرِّكِ أَحَبَّهُ، لَا لِكَوْنِهِ أَبْدَعَ الْحَرَكَةَ وَلَا فَعَلَهَا.

(1) ع: أَثْبَتَ، أ، ب: يُثْبِتُونَ.

(2)

أ، ب: أَنَّهَا.

(3)

ن: عَامَّةً، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(4)

أ، ب: بِالتَّشْبِيهِ.

(5)

أ، ب: وَالْجُنْدِيِّ.

(6)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(7)

وَهِيَ: كَذَا فِي (ب) فَقَطْ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: هِيَ.

(8)

بَعْدَ كَلِمَةِ " لِأَجْلِهَا " تُوجَدُ فِي نُسْخَتَيْ (ن) ، (م) عِبَارَاتٌ جَاءَتْ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا.

(9)

أ، ب: مُحَرِّكَةٌ.

(10)

أ، ب: كَمَا يُحَرِّكُ الْمَعْشُوقَ الْعَاشِقُ ; ع: كَمَا تَحَرَّكَ الْمَعْشُوقُ لِلْعَاشِقِ.

(11)

م: طَعَامًا وَشَرَابًا.

(12)

ن، م: فَكَذَلِكَ ; ع: فَذَلِكَ.

ص: 284

وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ (1) قَدْ أَثْبَتُوا لِحَرَكَةِ الْفَلَكِ مُحْدِثًا أَحْدَثَهَا غَيْرَ الْفَلَكِ، كَمَا [لَمْ](2) تُثْبِتِ الْقَدَرِيَّةُ لِأَفْعَالِ الْحَيَوَانِ مُحْدِثًا أَحْدَثَهَا (3) غَيْرَ الْحَيَوَانِ؛ وَلِهَذَا كَانَ الْفَلَكُ عِنْدَهُمْ حَيَوَانًا كَبِيرًا، بَلْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْفَلَكَ يَتَحَرَّكُ لِلتَّشَبُّهِ (4) بِالْعِلَّةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ (5) الْعِلَّةَ الْأُولَى مَعْبُودَةٌ لَهُ مَحْبُوبَةٌ لَهُ.

وَلِهَذَا قَالُوا: إِنَّ الْفَلْسَفَةَ هِيَ التَّشَبُّهُ بِالْإِلَهِ (6) عَلَى حَسَبِ الطَّاقَةِ. فَفِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ عِنْدَهُمُ الرَّبُّ: لَا إِلَهًا لِلْعَالَمِ (7) وَلَا رَبًّا لِلْعَالَمِينَ [بَلْ (8) غَايَةُ مَا يُثْبِتُونَهُ أَنَّهُ (9) يَكُونُ شَرْطًا فِي وُجُودِ الْعَالَمِ](10) وَأَنَّ كَمَالَ الْمَخْلُوقِ فِي أَنْ يَكُونَ مُتَشَبِّهًا بِهِ، (11) فَهَذَا هُوَ الْأُلُوهِيَّةُ عِنْدَهُمْ، وَذَلِكَ هُوَ الرُّبُوبِيَّةُ (12) ؛ وَلِهَذَا كَانَ قَوْلُهُمْ شَرًّا مِنْ قَوْلِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَهُمْ أَبْعَدُ عَنِ الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ مِنْهُمْ، كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ (13) .

(1) أ: فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ، ب: فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُوا، ن، م: فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُونَ.

(2)

لَمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)، وَفِي (م) : لَا.

(3)

أَحْدَثَهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(4)

أ، ب: لِلتَّشْبِيهِ.

(5)

أ، ب: لَا لِأَنَّ. . . إِلَخْ، وَهُوَ خَطَأٌ.

(6)

أ، ب: إِنَّ الْفَلَاسِفَةَ هِيَ الْمُثْبِتَةُ لِلْإِلَهِ، ن: هِيَ النِّسْبَةُ بِالْآيَةِ، م: هِيَ النِّسْبَةُ تَالَالَهُ، وَكُلُّ ذَلِكَ تَحْرِيفٌ.

(7)

ن، م: لَيْسَ لِلرَّبِّ عِنْدَهُمْ إِلَّا إِلَهًا لِلْعَالَمِ، ع: لَيْسَ عِنْدَهُمْ لَا إِلَهًا لِلْعَالَمِ.

(8)

بَلْ: زِيَادَةٌ فِي (ع) .

(9)

أ، ب: أَنْ.

(10)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(11)

ن: أَنْ يَكُونَ مُتَشَابِهٌ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(12)

أ، ب: وَهَذَا هُوَ الْإِلَهُ عِنْدَهُمْ، وَذَاكَ هُوَ الرُّبُوبِيَّةُ، ن، م: وَهَذَا هُوَ إِلَهٌ عِنْدَهُمْ، وَهَذَا هُوَ الرُّبُوبِيَّةُ.

(13)

أ، ب: كَمَا بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 285

فَتَبَيَّنَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةَ قَدَرِيَّةٌ فِي جَمِيعِ حَوَادِثِ الْعَالَمِ، وَأَنَّهُمْ مِنْ أَضَلِّ بَنِي آدَمَ؛ وَلِهَذَا يُضِيفُونَ الْحَوَادِثَ إِلَى الطَّبَائِعِ الَّتِي فِي الْأَجْسَامِ، فَإِنَّهَا (1) بِمَنْزِلَةِ الْقُوَى الَّتِي فِي الْحَيَوَانِ، فَيَجْعَلُونَ كُلَّ مُحْدِثٍ فَاعِلًا مُسْتَقِلًّا، كَالْحَيَوَانِ عِنْدَ الْقَدَرِيَّةِ، وَلَا يُثْبِتُونَ مُحْدِثًا لِلْحَوَادِثِ (2) .

وَحَقِيقَةُ قَوْلِ الْقَوْمِ (3) الْجُحُودُ لِكَوْنِ اللَّهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ، (4)(4 فَلَا يُثْبِتُونَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ رَبَّ الْعَالَمِينَ 4)(5) ، بَلْ غَايَتُهُمْ (6) أَنْ يَجْعَلُوهُ (7) شَرْطًا فِي وُجُودِ الْعَالَمِ، وَفِي التَّحْقِيقِ هُمْ مُعَطِّلَةٌ لِكَوْنِ اللَّهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ، كَقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْفَلَكَ وَاجِبُ الْوُجُودِ [بِنَفْسِهِ](8) مِنْهُمْ.

لَكِنَّ هَؤُلَاءِ أَثْبَتُوا عِلَّةً (9) إِمَّا غَائِيَّةً عِنْدَ قُدَمَائِهِمْ، وَإِمَّا فَاعِلِيَّةً عِنْدَ مُتَأَخِّرِيهِمْ، وَعِنْدَ التَّحْقِيقِ لَا حَقِيقَةَ لِمَا أَثْبَتُوهُ (10) ؛ وَلِهَذَا أَنْكَرَهُ الطَّبَائِعِيُّونَ (11) مِنْهُمْ.

وَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ الْفَلَكَ يَتَحَرَّكُ بِاخْتِيَارِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ خَالِقًا لِحَرَكَتِهِ، فَلَا دَلِيلَ عَلَى (12) أَنَّ الْمُحَرِّكَ لَهُ عِلَّةٌ (13) مَعْشُوقَةٌ يَتَشَبَّهُ بِهَا، بَلْ يَجُوزُ

(1) ن، م: وَأَنَّهَا.

(2)

ن، م: وَلَا يُثْبِتُونَ مُحْدِثَ الْحَوَادِثِ.

(3)

أ: قَوْلِ الْقَائِلِ، ب: قَوْلِهِمْ.

(4)

سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(5)

(4 - 4) : ساقط من أ، ب

(6)

ن، م: بَلْ غَايَتُهُ.

(7)

أ: أَنْ يَجْعَلُونَ.

(8)

بِنَفْسِهِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(9)

أ، ب: يُثْبِتُونَ الْعِلَّةَ.

(10)

أ: لَمَا يُثْبِتُوهُ، ب: لِمَا يُثْبِتُونَهُ.

(11)

أ: وَلِهَذَا أَنْكَرَ الطَّبَائِعِيُّونَ، ب: وَلِهَذَا أَنْكَرَ ذَلِكَ الطَّبَائِعِيُّونَ.

(12)

عَلَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(13)

عِلَّةٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

ص: 286

أَنْ يَكُونَ الْمُتَحَرِّكُ هُوَ الْمُحَرِّكُ، كَمَا قَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَتَبَيَّنَ (1) الْكَلَامُ عَلَى [بُطْلَانِ] مَا ذَكَرَهُ (2) أَرِسْطُو فِي الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَأَنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ بِاللَّهِ [عز وجل] . (3)

وَمَنْ دَخَلَ فِي أَهْلِ الْمِلَلِ [مِنْهُمْ](4) كَالْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْإِسْلَامِ كَالْفَارَابِيِّ وَابْنِ سِينَا وَنَحْوِهِمَا مِنْ مَلَاحِدَةِ (5) الْمُسْلِمِينَ، وَمُوسَى بْنِ مَيْمُونٍ وَنَحْوِهِ مِنْ مَلَاحِدَةِ الْيَهُودِ، وَمَتَّى وَيَحْيَى بْنِ عَدِيٍّ وَنَحْوِهِمَا مِنْ مَلَاحِدَةِ النَّصَارَى - فَهُمْ مَعَ كَوْنِهِمْ مِنْ مَلَاحِدَةِ أَهْلِ الْمِلَلِ، فَهُمْ أَصَحُّ عَقْلًا (6) وَنَظَرًا فِي الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ مِنَ الْمَشَّائِينَ كَأَرِسْطُو وَأَتْبَاعِهِ، وَإِنْ كَانَ لِأُولَئِكَ مِنْ تَفْصِيلِ الْأُمُورِ الطَّبِيعِيَّةِ وَالرِّيَاضِيَّةِ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ سَبَقُوا هَؤُلَاءِ إِلَيْهَا (7) .

فَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ الْأُمُورَ الْإِلَهِيَّةَ أُولَئِكَ أَجْهَلُ بِهَا وَأَضَلُّ فِيهَا، (8) فَإِنَّ هَؤُلَاءِ حَصَلَ لَهُمْ نَوْعٌ مَا مِنْ نُورِ أَهْلِ الْمِلَلِ وَعُقُولِهِمْ (9) وَهُدَاهُمْ، فَصَارُوا بِهِ أَقَلَّ ظُلْمَةً مِنْ أُولَئِكَ؛ وَلِهَذَا عَدَلَ ابْنُ سِينَا عَنْ طَرِيقَةِ سَلَفِهِ فِي إِثْبَاتِ الْعِلَّةِ الْأُولَى، وَسَلَكَ الطَّرِيقَةَ الْمَعْرُوفَةَ لَهُ [فِي تَقْسِيمِ الْوُجُودِ إِلَى وَاجِبٍ وَمُمْكِنٍ، وَأَنَّ الْمُمْكِنَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْوَاجِبِ.

(1) ع، ن: وَبُيِّنَ.

(2)

أ، ن، م: عَلَى مَا ذَكَرَهُ، ع: عَلَى مَا قَالَهُ.

(3)

عز وجل زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(4)

مِنْهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(5)

أ: وَأَمْثَالِهِمْ عَنْ مَلَاحِدَةِ، ب: وَأَمْثَالِهِمْ مِنْ مَلَاحِدَةِ، ع: وَأَمْثَالِهِمَا مَلَاحِدَةِ.

(6)

أ: الْمِلَلِ فَهُمْ أَقْبَحُ عَقْلًا، ب: الْمِلَلِ أَقْبَحُ عَقْلًا.

(7)

أ: سَبَقُوا بِهَا هَؤُلَاءِ إِلَيْهَا، ب: سَبَقُوا بِهَا هَؤُلَاءِ.

(8)

فِيهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(9)

ن، م: وَعَقْلِهِمْ.

ص: 287

وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الْمَعْرُوفَةُ لَهُ] (1) وَلِمَنِ اتَّبَعَهُ كَالسُّهْرَوَرْدِيِّ (2) الْمَقْتُولِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ، [وَأَبِي حَامِدٍ] وَالرَّازِيِّ (3) وَالْآمِدِيِّ وَغَيْرِهِمْ (4) مِنْ مُتَأَخِّرِي [أَهْلِ] الْكَلَامِ، (5) الَّذِينَ خَلَطُوا الْفَلْسَفَةَ بِالْكَلَامِ.

[وَهَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمُونَ الْمُتَأَخِّرُونَ الَّذِينَ خَلَطُوا الْفَلْسَفَةَ بِالْكَلَامِ](6) : (* كَثُرَ (7) اضْطِرَابُهُمْ وَشُكُوكُهُمْ وَحَيْرَتُهُمْ بِحَسَبِ مَا ازْدَادُوا بِهِ مِنْ ظُلْمَةِ هَؤُلَاءِ (8) الْمُتَفَلْسِفَةِ الَّذِينَ خَلَطُوا الْفَلْسَفَةَ بِالْكَلَامِ *) (9) فَأُولَئِكَ قَلَّتْ ظُلْمَتُهُمْ بِمَا دَخَلُوا فِيهِ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْمِلَلِ، وَهَؤُلَاءِ كَثُرَتْ ظُلْمَتُهُمْ بِمَا دَخَلُوا فِيهِ مِنْ كَلَامِ أُولَئِكَ الْمُتَفَلْسِفَةِ.

هَذَا مَعَ أَنَّ فِي الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ مِنَ الِاضْطِرَابِ وَالشَّكِّ فِي أَشْيَاءَ، وَالْخُرُوجِ عَنِ الْحَقِّ فِي مَوَاضِعَ، وَاتِّبَاعِ الْأَهْوَاءِ (10) فِي مَوَاضِعَ، وَالتَّقْصِيرِ فِي الْحَقِّ فِي مَوَاضِعَ - مَا ذَمَّهُمْ لِأَجْلِهِ عُلَمَاءُ الْمِلَّةِ وَأَئِمَّةِ الدِّينِ، (11) فَإِنَّهُمْ قَصَّرُوا فِي (12) مَعْرِفَةِ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، فَعَدَلُوا

(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م)

(2)

أ: كَالشَّهْرَسْتَانِيِّ، ع: كَالسَّهْرَزْمَدِيِّ، وَكِلَاهُمَا تَحْرِيفٌ.

(3)

ن، م: مِنَ الْفَلَاسِفَةِ وَالرَّازِيِّ، ع: مِنَ الْفَلَاسِفَةِ وَأَبُو حَامِدٍ وَالرَّازِيِّ، أ، ب: مِنَ الْفَلَاسِفَةِ وَأَبِي حَامِدٍ الرَّازِيِّ.

(4)

ن، م: وَغَيْرِهِمَا.

(5)

ن: مِنْ مُتَأَخِّرَةِ الْكَلَامِ، ع، م: مِنْ مُتَأَخِّرَةِ أَهْلِ الْكَلَامِ.

(6)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (ع) .

(7)

أ، ب: أَكْثَرُ.

(8)

ن: مَا أَرَادُوا بِهِ مِنْ ظُلْمَةِ، أ: مَا أَرَادُوا بِهِ ظُلْمَةَ هَؤُلَاءِ، ب: مَا ازْدَادُوا بِهِ ظُلْمَةً مِنْ هَؤُلَاءِ.

(9)

مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .

(10)

أ، ب: الْهَوَى.

(11)

أ، ب: عُلَمَاءُ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ، ن: عُلَمَاءُ الْأَئِمَّةِ وَالسَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الدِّينِ.

(12)

أ، ب: عَنْ.

ص: 288

عَنْهَا إِلَى طُرُقٍ (1) أُخْرَى مُبْتَدَعَةٍ فِيهَا مِنَ الْبَاطِلِ مَا لِأَجْلِهِ خَرَجُوا عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ الْمُشْتَرَكِ [بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ](2) ، وَدَخَلُوا فِي بَعْضِ الْبَاطِلِ الْمُبْتَدَعِ، (3) وَأَخْرَجُوا مِنَ (4) التَّوْحِيدِ مَا هُوَ مِنْهُ كَتَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ، وَإِثْبَاتِ حَقَائِقِ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ، وَلَمْ يَعْرِفُوا مِنَ التَّوْحِيدِ إِلَّا تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ، وَهُوَ الْإِقْرَارُ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبُّهُ (5) .

وَهَذَا التَّوْحِيدُ كَانَ يُقِرُّ بِهِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَنْهُمْ: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [سُورَةُ لُقْمَانَ: 25] وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ - سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} الْآيَاتِ (6)[سُورَةُ الْمُؤْمِنُونَ: 86، 87] .

وَقَالَ عَنْهُمْ {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [سُورَةُ يُوسُفَ: 106] .

قَالَ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ: يَقُولُ لَهُمْ (7) مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟ فَيَقُولُونَ: اللَّهُ، وَهُمْ مَعَ هَذَا (8) يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ.

وَإِنَّمَا التَّوْحِيدُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الْعِبَادَ هُوَ تَوْحِيدُ الْأُلُوهِيَّةِ، الْمُتَضَمِّنُ

(1) ن، م: طَرِيقٍ.

(2)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ ن، م.

(3)

أ، ب: الْمُبْدَعِ.

(4)

ن، م: عَنْ.

(5)

وَرَبُّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(6)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(7)

أ، ب: فَالطَّائِفَةُ مِنَ السَّلَفِ تَقُولُ لَهُمْ.

(8)

أ، ب: ذَلِكَ.

ص: 289

لِتَوْحِيدِ (1) الرُّبُوبِيَّةِ، بِأَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئًا، (2) فَيَكُونُ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ، وَلَا يُخَافُ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا يُدْعَى (3) إِلَّا اللَّهُ، وَيَكُونُ اللَّهُ أَحَبَّ إِلَى الْعَبْدِ (4) مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَيُحِبُّونَ لِلَّهِ، وَيُبْغِضُونَ لِلَّهِ، وَيَعْبُدُونَ اللَّهَ وَيَتَوَكَّلُونَ عَلَيْهِ (5) .

وَالْعِبَادَةُ تَجْمَعُ غَايَةَ الْحُبِّ وَغَايَةَ الذُّلِّ، (6) فَيُحِبُّونَ اللَّهَ بِأَكْمَلِ مَحَبَّةٍ، وَيَذِلُّونَ لَهُ (7) أَكْمَلَ ذُلٍّ، وَلَا يَعْدِلُونَ بِهِ، وَلَا يَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا، وَلَا يَتَّخِذُونَ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ وَلَا شُفَعَاءَ.

كَمَا قَدْ بَيَّنَ الْقُرْآنُ هَذَا التَّوْحِيدَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَهُوَ قُطْبُ رَحَى الْقُرْآنِ الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهِ [الْقُرْآنُ](8) وَهُوَ يَتَضَمَّنُ التَّوْحِيدَ فِي الْعِلْمِ وَالْقَوْلِ، وَالتَّوْحِيدَ فِي الْإِرَادَةِ وَالْعَمَلِ.

فَالْأَوَّلُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ - اللَّهُ الصَّمَدُ - لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ - وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [سُورَةُ الْإِخْلَاصِ] . وَلِهَذَا كَانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ.

وَالْقُرْآنُ ثُلُثُهُ تَوْحِيدٌ، وَثُلُثُهُ قَصَصٌ، وَثُلُثُهُ أَمْرٌ وَنَهْيٌ؛ لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ، وَالْكَلَامُ إِمَّا إِنْشَاءٌ وَإِمَّا إِخْبَارٌ، وَالْإِخْبَارُ إِمَّا عَنِ الْخَالِقِ وَإِمَّا عَنِ

(1) أ، ب: تَوْحِيدَ.

(2)

أ، ب: بِأَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، ع: بِأَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا يُشْرَكُ بِهِ شَيْءٌ.

(3)

أ، ب، م: وَلَا يَدْعُوا.

(4)

ن، م: أَحَبَّ إِلَيْهِمْ.

(5)

ع: عَلَى اللَّهِ.

(6)

أ، ب: وَمَا بِهِ الذُّلُّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(7)

لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.

(8)

ن، م: رَحَى الْحَيَوَانِ الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهِ.

ص: 290

الْمَخْلُوقِ، فَصَارَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ: جُزْءٌ أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَإِبَاحَةٌ وَهُوَ الْإِنْشَاءُ، وَجُزْءٌ إِخْبَارٌ عَنِ الْمَخْلُوقِينَ (1) ، وَجُزْءٌ إِخْبَارٌ عَنِ الْخَالِقِ، فَ " {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} " صِفَةُ الرَّحْمَنِ [مَحْضًا](2) .

[وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى تَحْقِيقِ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «إِنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» (3) فِي مُجَلَّدٍ (4) ، وَفِي تَفْسِيرِهَا فِي مُجَلَّدٍ آخَرَ (5) ](6) .

وَ [أَمَّا] التَّوْحِيدُ فِي [الْعِبَادَةِ وَ] الْإِرَادَةِ وَالْعَمَلِ (7) فَكَمَا فِي سُورَةِ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ - لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ - وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ - وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ - وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ - لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [سُورَةُ.

(1) ع: عَنِ الْمَخْلُوقَاتِ، ن، م: عَنِ الْمَخْلُوقِ.

(2)

مَحْضًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(3)

الْحَدِيثُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فِي الْبُخَارِيِّ 6 - 189 كِتَابُ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، بَابُ فَضْلِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 9 - 114 - 115 كِتَابُ الْتَوْحِيدِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ تبارك وتعالى، مُسْلِمٍ 556 - 557 كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ، بَابُ فَضْلِ قِرَاءَةِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 2 - 97، 98 كِتَابُ الْوِتْرِ، بَابٌ فِي سُورَةِ الصَّمَدِ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4 - 240، 243 كِتَابُ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي سُورَةِ الْإِخْلَاصِ، وَفِي سُورَةِ إِذَا زُلْزِلَتْ، بَابُ مَا جَاءَ فِي سُورَةِ الْإِخْلَاصِ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2 - 1244 كِتَابُ الْأَدَبِ بَابُ ثَوَابِ الْقُرْآنِ، الْمُسْنَدِ، ط الْمَعَارِفِ 18 - 152، 153.

(4)

لِابْنِ تَيْمِيَّةَ كِتَابُ جَوَابِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ فِي تَفْسِيرِ أَنَّ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَقَدْ طُبِعَ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ؛ فَطُبِعَ فِي الْمَطْبَعَةِ الْخَيْرِيَّةِ، سَنَةَ 1325، وَأُعِيدَ نَشْرُهُ فِي مَجْمُوعِ فَتَاوَى الرِّيَاضِ 17 - 5، 213.

(5)

وَهُوَ كِتَابُ " تَفْسِيرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ " وَنُشِرَ مَرَّتَيْنِ فِي الْقَاهِرَةِ، ثُمَّ فِي مَجْمُوعِ فَتَاوَى الرِّيَاضِ 17 - 214، 503.

(6)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(7)

ن، م: وَالتَّوْحِيدُ فِي الْإِرَادَةِ وَالْعَمَلِ، ع: وَأَمَّا التَّوْحِيدُ فِي الْإِرَادَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالْعَمَلِ.

ص: 291

الْكَافِرُونَ] . فَالتَّوْحِيدُ [الْأَوَّلُ](1) يَتَضَمَّنُ إِثْبَاتَ نُعُوتِ الْكَمَالِ لِلَّهِ بِإِثْبَاتِ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَمَا تَتَضَمَّنُهُ مِنْ صِفَاتِهِ، وَ [الثَّانِي] : يَتَضَمَّنُ (2) إِخْلَاصَ الدِّينِ لَهُ كَمَا قَالَ: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [سُورَةُ الْبَيِّنَةِ: 5] فَالْأَوَّلُ بَرَاءَةٌ مِنَ التَّعْطِيلِ، وَالثَّانِي بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ (3) وَأَصْلُ الشِّرْكِ (4) : إِمَّا التَّعْطِيلُ (5) مِثْلَ تَعْطِيلِ (6) فِرْعَوْنِ مُوسَى، وَالَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ خَصْمِ إِبْرَاهِيمَ، (7) وَالدَّجَّالِ مَسِيحِ الضَّلَالِ خَصْمِ مَسِيحِ الْهُدَى عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ [صلى الله عليه وسلم](8) ، وَإِمَّا الْإِشْرَاكُ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْأُمَمِ أَكْثَرُ مِنَ التَّعْطِيلِ، وَأَهْلُهُ خُصُومُ جُمْهُورِ (9) الْأَنْبِيَاءِ.

وَفِي خُصُومِ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مُعَطَّلَةٌ وَمُشْرِكَةٌ، لَكِنَّ التَّعْطِيلَ الْمَحْضَ [لِلذَّاتِ](10) قَلِيلٌ، وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَهُوَ تَعْطِيلُ صِفَاتِ الْكَمَالِ، وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِتَعْطِيلِ الذَّاتِ، فَإِنَّهُمْ يَصِفُونَ وَاجِبَ الْوُجُودِ بِمَا يُوجِبُ (11) أَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعَ الْوُجُودِ.

(1) الْأَوَّلُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(2)

ن، م: وَيَتَضَمَّنُ.

(3)

ن، م: الْإِشْرَاكِ.

(4)

ن، م: الْكُفْرِ.

(5)

أ، ب: إِمَّا تَعْطِيلٌ.

(6)

ن، م: مِثْلَ كُفْرِ.

(7)

خَصْمِ إِبْرَاهِيمَ: زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) .

(8)

صلى الله عليه وسلم: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(9)

ن، م: جَمِيعِ.

(10)

لِلذَّاتِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(11)

أ، ب: يَجِبُ، ع: وَجَبَ.

ص: 292

ثُمَّ إِنَّهُ [كُلُّ] مَنْ كَانَ (1) إِلَى الرَّسُولِ [صلى الله عليه وسلم](2) وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ أَقْرَبَ، كَانَ أَقْرَبَ إِلَى كَمَالِ التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ وَالْعَقْلِ وَالْعِرْفَانِ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ عَنْهُمْ أَبْعَدَ كَانَ عَنْ ذَلِكَ أَبْعَدَ، (3) فَمُتَأَخِرُّو مُتَكَلِّمَةِ الْإِثْبَاتِ الَّذِينَ (4) خَلَطُوا الْكَلَامَ بِالْفَلْسَفَةِ كَالرَّازِيِّ وَالْآمِدِيِّ وَنَحْوِهِمَا هُمْ [دُونَ أَبِي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيِّ وَأَمْثَالِهِ فِي تَقْرِيرِ التَّوْحِيدِ وَإِثْبَاتِ صِفَاتِ الْكَمَالِ، وَأَبُو الْمَعَالِي وَأَمْثَالُهُ دُونَ الْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الطَّيِّبِ (5) وَأَمْثَالِهِ](6) فِي ذَلِكَ، وَهَؤُلَاءِ دُونَ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ فِي ذَلِكَ، وَالْأَشْعَرِيُّ فِي ذَلِكَ دُونَ أَبِي مُحَمَّدِ (7) بْنِ كُلَّابٍ، وَابْنُ كُلَّابٍ دُونَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ.

وَمُتَكَلِّمَةُ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ الَّذِينَ يُقِرُّونَ بِالْقَدَرِ هُمْ خَيْرٌ فِي التَّوْحِيدِ وَإِثْبَاتِ صِفَاتِ [الْكَمَالِ](8) مِنَ الْقَدَرِيَّةِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشِّيعَةِ وَغَيْرِهِمْ؛ (9) لِأَنَّ أَهْلَ الْإِثْبَاتِ يُثْبِتُونَ لِلَّهِ كَمَالَ الْقُدْرَةِ وَكَمَالَ الْمَشِيئَةِ وَكَمَالَ الْخَلْقِ وَأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ

(1) ب: ثُمَّ إِنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ، ن، م: ثُمَّ إِنَّهُ مَنْ كَانَ.

(2)

صلى الله عليه وسلم: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(3)

ع: وَكُلُّ مَنْ كَانَ عَنْ ذَلِكَ أَبْعَدَ كَانَ عَنْ ذَلِكَ أَبْعَدَ. أ، ن: وَكُلُّ مَنْ كَانَ عَنْ ذَلِكَ أَبْعَدَ، م: وَمَنْ كَانَ عَنْ ذَلِكَ أَبْعَدَ فَهُوَ أَبْعَدُ.

(4)

ب: الَّذِي.

(5)

ع: بْنِ أَبِي الطَّيِّبِ، وَهُوَ خَطَأٌ.

(6)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(7)

ع: دُونَ مُحَمَّدِ، وَهُوَ خَطَأٌ.

(8)

ن، م: وَإِثْبَاتِ الصِّفَاتِ.

(9)

ن، م: وَنَحْوِهِمْ.

ص: 293

بِذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: إِنَّهُ وَحْدَهُ (1) خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْأَعْرَاضِ؛ وَلِهَذَا جَعَلُوا أَخَصَّ صِفَةِ الرَّبِّ الْقُدْرَةَ عَلَى الِاخْتِرَاعِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الِاخْتِرَاعِ مِنْ جُمْلَةِ خَصَائِصِهِ، لَيْسَتْ هِيَ وَحْدَهَا أَخَصَّ (2) صِفَاتِهِ.

وَأُولَئِكَ يُخْرِجُونَ أَفْعَالَ (3) الْحَيَوَانِ عَنْ أَنْ تَكُونَ مَخْلُوقَةً لَهُ، وَحَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ (4) تَعْطِيلُ هَذِهِ الْحَوَادِثِ عَنْ خَالِقٍ لَهَا، وَإِثْبَاتُ شُرَكَاءَ لِلَّهِ يَفْعَلُونَهَا [وَكَثِيرٌ مِنْ مُتَأَخِّرَةِ الْقَدَرِيَّةِ يَقُولُونَ: إِنَّ الْعِبَادَ خَالِقُونَ لَهَا، وَلَمْ يَكُنْ سَلَفُهُمْ يَجْتَرِئُونَ عَلَى ذَلِكَ (5) ] (6) .

وَأَيْضًا فَمُتَكَلِّمَةِ أَهْلِ [الْإِثْبَاتِ](7) يُثْبِتُونَ لِلَّهِ صِفَاتَ الْكَمَالِ كَالْحَيَاةِ (8) وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْكَلَامِ (9) وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ.

وَهَؤُلَاءِ يُثْبِتُونَ (10) ذَلِكَ لَكِنْ قَصَّرُوا فِي بَعْضِ صِفَاتِ الْكَمَالِ، وَقَصَّرُوا فِي التَّوْحِيدِ، فَظَنُّوا أَنَّ كَمَالَ التَّوْحِيدِ هُوَ تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ، وَلَمْ يَصْعَدُوا إِلَى تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَنَزَلَتْ بِهِ الْكُتُبُ.

(1) ن، م: فَيَقُولُونَ اللَّهُ وَحْدَهُ.

(2)

أ، ب: لَيْسَ هِيَ وَحْدَهَا أَخَصَّ، ن، م: لَيْسَتْ وَحْدَهَا هِيَ أَخَصَّ.

(3)

أ، ب: أَحْوَالَ.

(4)

ع: مَخْلُوقَةً لِلَّهِ وَتَحْقِيقُ قَوْلِهِمْ.

(5)

أ، ب: وَلَكِنَّ سَلَفَهُمْ يَحْتَرِزُونَ أ: يَحْتُرُونَ، عَنْ ذَلِكَ.

(6)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(7)

الْإِثْبَاتِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(8)

أ، ب: الْحَيَاةَ.

(9)

ن: وَالْكَمَالِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(10)

أ، ب، م، ع: يَنْفُونَ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَكَلَامُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ هُنَا عَلَى الْأَشَاعِرَةِ الَّذِينَ أَثْبَتُوا بَعْضَ الصِّفَاتِ وَلَكِنْ قَصَّرُوا فِي بَعْضِ صِفَاتِ الْكَمَالِ. . . إِلَخْ.

ص: 294

وَذَلِكَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ كَلَامِهِمْ أَخَذُوهُ مِنْ كَلَامِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَالْمُعْتَزِلَةُ مُقَصِّرُونَ فِي هَذَا الْبَابِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُوَفُّوا تَوْحِيدَ (1) الرُّبُوبِيَّةِ حَقَّهُ، فَكَيْفَ بِتَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ.

وَمَعَ هَذَا فَأَئِمَّةُ الْمُعْتَزِلَةِ وَشُيُوخُهُمْ وَأَئِمَّةُ الْأَشْعَرِيَّةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ وَنَحْوُهُمْ خَيْرٌ فِي تَقْرِيرِ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ مِنْ مُتَفَلْسِفَةِ الْأَشْعَرِيَّةِ كَالرَّازِيِّ وَالْآمِدِيِّ وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ خَلَطُوا ذَلِكَ بِتَوْحِيدِ الْفَلَاسِفَةِ كَابْنِ سِينَا (2) وَأَمْثَالِهِ، وَهُوَ أَبْعَدُ الْكَلَامِ عَنِ التَّحْقِيقِ فِي التَّوْحِيدِ، وَإِنْ كَانَ خَيْرًا مِنْ كَلَامِ قُدَمَائِهِمْ أَرِسْطُو وَذَوِيهِ.

وَذَلِكَ أَنَّ غَايَتَهُمْ أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا (3) وَاجِبَ الْوُجُودِ، وَهَذَا حَقٌّ لَمْ يُنَازِعْ (4) فِيهِ لَا مُعَطِّلٌ وَلَا مُشْرِكٌ، (5) بَلِ النَّاسُ مُتَّفِقُونَ عَلَى إِثْبَاتِ وُجُودِ وَاجِبٍ، اللَّهُمَّ إِلَّا مَا يُحْكَى عَنْ بَعْضِ النَّاسِ، قَالَ: إِنَّ هَذَا الْعَالَمَ حَدَثَ (6) بِنَفْسِهِ، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ:[إِنَّ] هَذَا (7) لَمْ تَقُلْهُ طَائِفَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَإِنَّمَا يُقَدَّرُ تَقْدِيرًا كَمَا تُقَدَّرُ الشُّبَهُ (8) السُّوفِسْطَائِيَّةُ لِيُبْحَثَ عَنْهَا، (9) وَهَذَا مِمَّا يَخْطِرُ (10) فِي قُلُوبِ

(1) أ، ب: بِتَوْحِيدِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(2)

ن، م: الْفَلَاسِفَةِ، كَلَامَ ابْنِ سِينَا.

(3)

أ، ب: يُثْبِتُونَ.

(4)

ن، م: لَمْ يَتَنَازَعْ.

(5)

ن: إِلَّا مُعَطِّلٌ وَلَا مَشْكُوكٌ م: إِلَّا مُعَطِّلٌ وَلَا مَسْلُوكٌ، وَكِلَاهُمَا تَحْرِيفٌ.

(6)

ن، م: حَادِثٌ.

(7)

ع: يَقُولُ إِنَّ هَذَا، ن، م: يَقُولُونَ هَذَا.

(8)

ن، م: شُبَهُ.

(9)

ن: لِمُنْتَحِبٍ فِيهَا، م: لِمُسْتَحِتٍّ فِيهَا، وَكِلَاهُمَا تَحْرِيفٌ، أ، ب: فَيُبْحَثُ عَنْهَا.

(10)

أ، ب: خَطَرَ.

ص: 295

بَعْضِ النَّاسِ، كَمَا يَخْطِرُ أَمْثَالُهُ مِنَ السَّفْسَطَةِ، لَا أَنَّهُ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ لِطَائِفَةٍ [مَعْرُوفَةٍ](1) يَذُبُّونَ عَنْهُ، فَإِنَّ ظُهُورَ فَسَادِهِ أَبْيَنُ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ إِلَى دَلِيلٍ، إِذْ حُدُوثُ الْحَوَادِثِ بِلَا مُحْدِثٍ مِنْ أَظْهَرِ الْأُمُورِ امْتِنَاعًا، وَالْعِلْمُ بِذَلِكَ مِنْ أَبْيَنِ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ.

ثُمَّ إِنَّهُمْ لَمَّا قَرَّرُوا وَاجِبًا [بِذَاتِهِ](2) أَرَادُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ وَاحِدًا وَحْدَهُ، لَا يُوجَدُ (3) إِلَّا فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ، وَهُوَ وُجُودٌ مُطْلَقٌ بِشَرْطِ الْإِطْلَاقِ، لَيْسَ لَهُ حَقِيقَةٌ [فِي الْخَارِجِ؛ لِأَنَّ] الْوُجُودَ (4) الْمُطْلَقَ بِشَرْطِ الْإِطْلَاقِ [لَا يُوجَدُ إِلَّا فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ](5) أَوْ مُقَيَّدًا (6) بِالسُّلُوبِ وَالْإِضَافَاتِ، كَمَا يَقُولُهُ ابْنُ سِينَا وَأَتْبَاعُهُ [وَهَذَا أَدْخَلُ فِي التَّعْطِيلِ مِنَ الْأَوَّلِ](7) .

وَزَعَمُوا أَنَّ هَذَا هُوَ مَحْضُ التَّوْحِيدِ (8) مُضَاهَاةً لِلْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ شَارَكُوهُمْ فِي نَفْيِ الصِّفَاتِ، وَسَمَّوْا ذَلِكَ تَوْحِيدًا، فَصَارُوا يَتَبَاهَوْنَ فِي التَّعْطِيلِ الَّذِي سَمَّوْهُ (9) تَوْحِيدًا أَيُّهُمْ فِيهِ أَحْذَقُ (10) حَتَّى فُرُوعُهُمْ تُبَاهَوْا بِذَلِكَ، (11)

(1) مَعْرُوفَةٍ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(2)

بِذَاتِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(3)

ب فَقَطْ: لَا يُوَحِّدُ، وَهُوَ خَطَأٌ مَطْبَعِيٌّ.

(4)

ن، م: لَيْسَ حَقِيقَةً وَالْوُجُودُ.

(5)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(6)

أ، ب، م: أَوْ مُقَيَّدٌ.

(7)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م)، وَمَكَانُهُ الْجُمْلَةُ السَّاقِطَةُ قَبْلَ ذَلِكَ وَهِيَ: لَا يُوجَدُ إِلَّا فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ. وَهُوَ خَطَأٌ.

(8)

أ، ب، ع: وَزَعَمُوا أَنَّ هَذَا مَحْضُ التَّوْحِيدِ، م: وَجَعَلُوا هَذَا مَحْضَ التَّوْحِيدِ.

(9)

ن، م: يُسَمُّونَهُ.

(10)

ن، م: أَيُّهُمْ أَحْذَقُ فِيهِ.

(11)

أ، ب، ع: تُبَاهَوْا فِي ذَلِكَ.

ص: 296

كَتَبَاهِيهِمْ: كَابْنِ سَبْعِينَ وَأَمْثَالِهِ مِنْ أَتْبَاعِ الْفَلَاسِفَةِ، وَابْنِ التُّومَرْتِ (1) وَأَمْثَالِهِ مِنْ أَتْبَاعِ الْجَهْمِيَّةِ، [فَهَذَا يَقُولُ بِالْوُجُودِ الْمُطْلَقِ](2) وَهَذَا يَقُولُ (3) بِالْوُجُودِ الْمُطْلَقِ، وَأَتْبَاعُ كُلٍّ مِنْهُمَا يُبَاهُونَ [أَتْبَاعَ] الْآخَرِينَ (4) فِي الْحِذْقِ فِي هَذَا التَّعْطِيلِ.

كَمَا [قَدِ] اجْتَمَعَ بِي (5) طَوَائِفُ مِنْ هَؤُلَاءِ وَخَاطَبْتُهُمْ فِي ذَلِكَ وَصَنَّفْتُ لَهُمْ مُصَنَّفَاتٍ فِي كَشْفِ أَسْرَارِهِمْ وَمَعْرِفَةِ تَوْحِيدِهِمْ وَبَيَانِ فَسَادِهِ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ النَّاسَ لَا يَفْهَمُونَ كَلَامَهُمْ، فَقَالُوا لِي: إِنْ لَمْ [تُبَيِّنْ وَ] تَكْشِفْ (6) لَنَا (7) حَقِيقَةَ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي قَالُوهُ، ثُمَّ تُبَيِّنْ فَسَادَهُ وَإِلَّا لَمْ

(1) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ تُومَرْتَ الْمَصْمُودِيُّ الْبَرْبَرِيُّ، الْمُلَقَّبُ بِالْمَهْدِيِّ، أَوْ بِمَهْدَيِّ الْمُوَحِّدِينَ، مُؤَسِّسُ دَوْلَةِ الْمُوَحِّدِينَ الَّتِي قَامَتْ عَلَى أَنْقَاضِ دَوْلَةِ الْمُرَابِطِينَ، اخْتُلِفَ فِي سَنَةِ مَوْلِدِهِ، وَلَكِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ 524 وَعُمْرُهُ يَتَرَاوَحُ مَا بَيْنَ 51 عَامًا، 55 عَامًا، مِنْ كُتُبِهِ كِتَابُ " أَعَزِّ مَا يُطْلَبُ "، وَقَدْ نَشَرَهُ جُولْد تِسِيهَر (الْجَزَائِرَ 1903) وَكِتَابُ " كَنْزِ الْعُلُومِ "، وَهُوَ مَخْطُوطٌ، وَ " الْمُرْشِدَةُ " وَهِيَ رِسَالَةٌ صَغِيرَةٌ طُبِعَتْ عِدَّةَ مَرَّاتٍ آخِرُهَا ضِمْنَ كِتَابِ " نُصُوصٍ فَلْسَفِيَّةٍ مَهْدَاةٍ إِلَى الدُّكْتُورِ إِبْرَاهِيمْ مَدْكُورْ " ط الْقَاهِرَةِ 1967 م. انْظُرْ عَنْ حَيَاةِ ابْنِ التُّومَرْتِ وَمَذْهَبِهِ: بِحْثًا لِلْأُسْتَاذِ عَبْدِ اللَّهِ كَنُونْ ضِمْنَ كِتَابِ " نُصُوصٍ فَلْسَفِيَّةٍ "، الْمُشَارِ إِلَيْهِ ص 99 - 115 كِتَابَ تَارِيخِ فَلْسَفَةِ الْإِسْلَامِ فِي الْقَارَّةِ الْأَفْرِيقِيَّةِ، لِلدُّكْتُورِ يَحْيَى هُوَيْدِي، 1 - 223، 243، وَانْظُرْ أَيْضًا: وَفِيَّاتِ الْأَعْيَانِ 4 - 137، 146 الْكَامِلَ لِابْنِ الْأَثِيرِ 10 - 201، 205، الْأَعْلَامَ 7 - 104، 105.

(2)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(3)

ب فَقَطْ: وَهَذَا لَا يَقُولُ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ فِي " دَرْءِ تَعَارُضِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ "، عَنِ ابْنِ التُّومَرْتِ:" وَلِهَذَا كَانَ حَقِيقَةُ قَوْلِهِ مُوَافِقًا لِحَقِيقَةِ قَوْلِ ابْنِ سَبْعِينَ وَأَمْثَالِهِ مِنَ الْقَائِلِينَ بِالْوُجُودِ الْمُطْلَقِ ".

(4)

ن، م: يُبَاهُونَ الْآخَرِينَ، أ: يُبَاهِي أَتْبَاعَ الْآخَرِينَ، ب: تُبَاهِي أَتْبَاعَ الْآخَرِينَ.

(5)

أ: كَمَا قَدْ أَجْمَعَ فِي. . .، ب: كَمَا قَدِ اجْتَمَعْتُ فِي. . .، ن: كَمَا اجْتَمَعَ بِي.

(6)

ن، م: إِنْ لَمْ تَكْشِفْ.

(7)

لَنَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

ص: 297