الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّهُ يُشَنِّعُ تَشْنِيعَ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْوَلَدَ مَخْلُوقٌ مِنْ مَاءِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَجْتَمِعْ بِامْرَأَتِهِ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَقَلُّ النَّاسِ عَقْلًا، فَكَيْفَ بِمِثْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؟ وَلَكِنَّهُ يُثْبِتُ حُكْمَ النَّسَبِ بِدُونِ الْوِلَادَةِ، وَهُوَ أَصْلٌ انْفَرَدَ بِهِ وَخَالَفَهُ فِيهِ فِيهِ:(1) . الْجُمْهُورُ وَخَطَّئُوا مَنْ قَالَ بِهِ.
ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يُثْبِتُ النَّسَبَ إِذَا أَمْكَنَ وَطْءُ الزَّوْجِ لَهَا، كَمَا يَقُولُهُ الشَّافِعِيُّ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إِلَّا إِذَا دَخَلَ بِهَا. وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْآخَرُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَقَوْلُ (2) . مَالِكٍ وَغَيْرِهِ.
وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ حِلِّ الْأَنْبِذَةِ (3) . قَدْ عُلِمَ أَنَّ جُمْهُورَ أَهْلِ السُّنَّةِ يُحَرِّمُونَ ذَلِكَ وَيُبَالِغُونَ فِيهِ حَتَّى يَحُدُّونَ الشَّارِبَ الْمُتَأَوِّلَ، وَلَهُمْ فِي فِسْقِهِ قَوْلَانِ: مَذْهَبُ (4) . مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لَا يَفْسُقُ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَا يَفْسُقُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولُ بِالتَّحْرِيمِ. وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ أَهْلِ الْإِنْصَافِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، كَأَبِي اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيِّ وَنَحْوِهِ.
[الكلام على زعم الرافضي بأن أهل السنة يبيحون النبيذ]
وَقَوْلُ [هَذَا الرَّافِضِيِّ](5) . " وَإِبَاحَةُ النَّبِيذِ مَعَ مُشَارَكَتِهِ الْخَمْرَ فِي
(1) سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب)
(2)
قَوْلُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ
(3)
ص: النَّبِيذِ
(4)
أ: فَمَذْهَبُ
(5)
ن، م: وَقَوْلُهُ: هـ، ص، ر: وَقَالَ الرَّافِضِيُّ
الْإِسْكَارِ " احْتِجَاجٌ مِنْهُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ بِالْقِيَاسِ، فَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا بَطَلَ إِنْكَارُهُ (1) . وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا بَطَلَتْ هَذِهِ الْحُجَّةُ.
وَلَوِ احْتَجَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ (2) . حَرَامٌ» "(3) لَكَانَ أَجْوَدَ.
وَأَمَّا الْوُضُوءُ بِالنَّبِيذِ، فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ يُنْكِرُونَهُ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ رِوَايَتَانِ أَيْضًا. وَإِنَّمَا أُخِذَ ذَلِكَ لِحَدِيثٍ لِحَدِيثٍ:(4) . رُوِيَ فِي هَذَا هَذَا: (5) . الْبَابِ: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ م: (6) . وَفِيهِ: " «تَمْرَةٌ (7) . طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ» ". وَالْجُمْهُورُ مِنْهُمْ مَنْ يُضَعِّفُ (8) . هَذَا الْحَدِيثَ (9) .، وَيَقُولُونَ: إِنْ كَانَ صَحِيحًا فَهُوَ مَنْسُوخٌ
(1) ب فَقَطْ: إِنْكَارُهُ لَهُ
(2)
هـ ص، ر: وَكُلُّ مُسْكِرٍ
(3)
سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْجُزْءِ ص [0 - 9] 40
(4)
كَذَا فِي (أ) ، (ب)، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: بِحَدِيثٍ
(5)
سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و)
(6)
الْبَابِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ
(7)
أ، ب: ثَمَرَةٌ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ
(8)
ن، م، و: وَالْجُمْهُورُ يُضَعِّفُونَ، أ، ب: وَالْجُمْهُورُ مِنْهُمْ يُضَعِّفُ
(9)
الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 1/54 (كِتَابُ الطَّهُورِ، بَابُ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ)، وَنَصُّهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ لَيْلَةَ الْجِنِّ: مَا فِي إِدَاوَتِكَ؟ قَالَ: نَبِيذٌ. قَالَ: تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ. وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 1/59 - 60 (كِتَابُ الطَّهُورِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ)، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَإِنَّمَا رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو زَيْدٍ رَجُلٌ مَجْهُولٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ لَا تُعْرَفُ لَهُ رِوَايَةٌ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَالْحَدِيثُ أَيْضًا فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/135 (كِتَابُ الطَّهَارَةِ وَسُنَنِهَا، بَابُ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ)، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 5/309 - 310 وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَد شَاكِر رحمه الله: إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ 6/146 - 147
بِآيَةِ الْوُضُوءِ وَآيَةِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَمْ يَصِرْ نَبِيذًا، وَإِنَّمَا كَانَ الْمَاءُ (1) . بَاقِيًا لَمْ يَتَغَيَّرْ، أَوْ تَغَيَّرْ تَغَيُّرًا يَسِيرًا أَوْ تَغَيُّرًا كَثِيرًا، مَعَ كَوْنِهِ مَاءً عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ الْوُضُوءَ بِالْمَاءِ الْمُضَافِ، كَمَاءِ الْبَاقِلَاءِ وَمَاءِ الْحِمَّصِ وَنَحْوِهِمَا، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ فِي أَكْثَرِ (2) . الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَهُوَ أَقْوَى فِي الْحُجَّةِ مِنَ الْقَوْلِ الْآخَرِ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ (3) . {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 43] (4) . نَكِرَةٌ (5) . فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، فَيَعُمُّ مَا تَغَيَّرَ بِإِلْقَاءِ هَذِهِ الطَّاهِرَاتِ (6) . فِيهِ، كَمَا يَعُمُّ مَا تَغَيَّرَ بِأَصْلِ خِلْقَتِهِ، أَوْ بِمَا لَا يُمْكِنُ صَوْنُهُ عَنْهُ (7) ، إِذْ شُمُولُ اللَّفْظِ لَهُمَا سَوَاءٌ كَمَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِمَاءِ الْبَحْرِ.
وَقَدْ (8) . قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قِيلَ لَهُ «أَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ؟ [فَإِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطَشْنَا. فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم] (9) " وَهُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» ". قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ (10) ، فَمَاءُ الْبَحْرِ طَهُورٌ، مَعَ
(1) الْمَاءُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب)
(2)
أ، ب: وَأَحْمَدَ وَأَكْثَرُ
(3)
أ، ب: فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى
(4)
أ، ب: قَوْلَهُ تَعَالَى: فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَاءً، و: قَوْلَهُ مَاءً
(5)
ن، م: يُكْرَهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ
(6)
ن، م، و: الْأُمُورِ، وَسَقَطَتِ الْكَلِمَةُ مِنْ (أ) ، (ب)
(7)
ص فَقَطْ: صَوْنُ الْمَاءِ عَنْهُ.
(8)
وَقَدْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)
(9)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)، وَسَقَطَتْ مِنْ (و) عِبَارَةُ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
(10)
الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 1/54 (كِتَابُ الطَّهَارَةِ، بَابُ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 1/47 (كِتَابُ الطَّهَارَةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي مَاءِ الْبَحْرِ أَنَّهُ طَهُورٌ)، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ وَالْفِرَاسِيِّ، هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 1/44 (كِتَابُ الطَّهَارَةِ، بَابُ مَاءِ الْبَحْرِ) 1/143 (كِتَابُ الْمِيَاهِ، بَابُ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ) ، 7/183 (كِتَابُ الصَّيْدِ، بَابُ مَيْتَةِ الْبَحْرِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) ، 12/222 - 223، 17 64، 183.