الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل كلام الرافضي على إثبات الأشاعرة لرؤية الله تعالى والرد عليه]
فَصْلٌ
قَالَ الرَّافِضِيُّ (1) : وَذَهَبَتِ (2) الْأَشَاعِرَةُ إِلَى أَنَّ اللَّهَ يُرَى (3) بِالْعَيْنِ، مَعَ أَنَّهُ مُجَرَّدٌ مِنَ الْجِهَاتِ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (4) :{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 103] وَخَالَفُوا الضَّرُورَةَ مِنْ أَنَّ الْمُدْرَكَ (5) بِالْعَيْنِ يَكُونُ مُقَابِلًا أَوْ فِي حُكْمِهِ، وَخَالَفُوا جَمِيعَ الْعُقَلَاءِ فِي ذَلِكَ، وَذَهَبُوا إِلَى تَجْوِيزِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ أَيْدِينَا جِبَالٌ شَاهِقَةٌ مِنَ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ مُخْتَلِفَةُ الْأَلْوَانِ لَا (6) نُشَاهِدُهَا، وَأَصْوَاتٌ (7) هَائِلَةٌ لَا نَسْمَعُهَا، وَعَسَاكِرُ مُخْتَلِفَةٌ مُتَحَارِبَةٌ بِأَنْوَاعِ الْأَسْلِحَةِ، بِحَيْثُ تُمَاسُّ (8) أَجْسَامُنَا أَجْسَامَهُمْ (9) ، لَا (10) نُشَاهِدُ صُوَرَهُمْ وَلَا حَرَكَاتِهِمْ (11) ، وَلَا نَسْمَعُ أَصْوَاتَهُمُ الْهَائِلَةَ، وَأَنْ نُشَاهِدَ
(1) الرَّافِضِيُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) ، وَالْكَلَامُ التَّالِي فِي (ك) ص [0 - 9] 2 (م) .
(2)
ن، م: وَذَهَبَ.
(3)
ك: اللَّهُ تَعَالَى مَرْئِيٌّ.
(4)
ن: وَقَدْ قَالَ تَعَالَى، م: وَقَالَ تَعَالَى.
(5)
أ: الضَّرُورَةَ فَقَالُوا: إِنَّ الْمُدْرَكَ، ب: الضَّرُورَةَ لِأَنَّ الْمُدْرَكَ.
(6)
ب فَقَطْ: وَلَا.
(7)
ن: وَأَلْوَانٌ وَأَصْوَاتٌ.
(8)
أ، ب: يَمَسُّ، ك: يُمَاسُّ.
(9)
ن، أ، ب: أَجْسَادَهُمْ.
(10)
ب فَقَطْ: وَلَا.
(11)
أ، م، ن: وَحَرَكَاتِهِمْ.
جِسْمًا أَصْغَرَ الْأَجْسَامِ كَالذَّرَّةِ فِي الْمَشْرِقِ وَنَحْنُ فِي الْمَغْرِبِ، مَعَ كَثْرَةِ الْحَائِلِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا، وَهَذَا هُوَ السَّفْسَطَةُ (1) .
فَيُقَالُ لَهُ: (2) الْكَلَامُ عَلَى هَذَا مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ: أَمَّا (3) إِثْبَاتُ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْأَبْصَارِ فِي الْآخِرَةِ فَهُوَ قَوْلُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا، وَجَمَاهِيرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهَا. وَقَدْ تَوَاتَرَتْ فِيهِ الْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ، وَجُمْهُورُ الْقَائِلِينَ بِالرُّؤْيَةِ يَقُولُونَ: يُرَى عِيَانًا مُوَاجَهَةً، كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ بِالْعَقْلِ.
كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عز وجل (4) - يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا تَرَوْنَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ (5) لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ.» " وَفِي لَفْظٍ (6) : " «كَمَا تَرَوْنَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ صَحْوًا» "، وَفِي لَفْظٍ: " «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ صَحْوًا لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ صَحْوًا لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَ (7) رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ» (8) .
(1) ك: وَهَذَا عَيْنُ السَّفْسَطَةِ.
(2)
لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3)
أ: إِنَّ.
(4)
عز وجل: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5)
وَالْقَمَرَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(6)
م: وَفِي رِوَايَةٍ.
(7)
م: سَتَرَوْنَ.
(8)
مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ فِي هَذَا الْكِتَابِ 2/325.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَتَقْدِيرُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُثْبِتِينَ لِلرُّؤْيَةِ (1) أَخْطَأُوا فِي بَعْضِ أَحْكَامِهَا، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَدْحًا فِي مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّا لَا نَدَّعِي الْعِصْمَةَ لِكُلِّ صِنْفٍ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا نَدَّعِي أَنَّهُمْ لَا يَتَّفِقُونَ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ اخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَالرَّافِضَةُ (2) فَالصَّوَابُ فِيهَا مَعَ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَحَيْثُ تُصِيبُ الرَّافِضَةُ فَلَا بُدَّ أَنْ يُوَافِقَهُمْ عَلَى الصَّوَابِ بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَلِلرَّوَافِضِ خَطَأٌ (3) لَا يُوَافِقُهُمْ أَحَدٌ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَلَيْسَ لِلرَّافِضَةِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يُوَافِقُهُمْ فِيهَا أَحَدٌ انْفَرَدُوا بِهَا عَنْ جَمِيعِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ (4) إِلَّا وَهُمْ مُخْطِئُونَ فِيهَا (5) كَإِمَامَةِ الْإِثْنَيْ عَشَرَ (6) وَعِصْمَتِهِمْ.
وَالْجَوَابُ الثَّانِي أَنَّ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ يُرَى (7) بِلَا مُقَابَلَةٍ هُمُ الَّذِينَ قَالُوا: إِنِ اللَّهَ لَيْسَ فَوْقَ الْعَالَمِ، فَلَمَّا كَانُوا مُثْبِتِينَ لِلرُّؤْيَةِ نَافِينَ لِلْعُلُوِّ احْتَاجُوا إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنَ الْكُلَّابِيَّةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ، وَلَيْسَ هُوَ قَوْلَهُمْ كُلِّهِمْ (8) بَلْ وَلَا قَوْلَ أَئِمَّتِهِمْ، بَلْ أَئِمَّةُ الْقَوْمِ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ بِذَاتِهِ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَمَنْ نَفَى ذَلِكَ مِنْهُمْ فَإِنَّمَا نَفَاهُ
(1) لِلرُّؤْيَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(2)
ن، م: اخْتَلَفَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَالرَّافِضَةُ.
(3)
أ: وَلِلرَّافِضَةِ خَطَأٌ، ب: وَلَيْسَ لِلرَّافِضَةِ خَطَأٌ.
(4)
سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(5)
ب فَقَطْ: فِيهِ.
(6)
أ، ب: اثْنَيْ عَشَرَ.
(7)
ن، م: إِنَّهُ يُرَى.
(8)
أ، ب: قَوْلَ كُلِّهِمْ.
لِمُوَافَقَتِهِ (1) الْمُعْتَزِلَةَ فِي نَفْيِ ذَلِكَ وَنَفْيِ مَلْزُومَاتِهِ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا وَافَقُوهُمْ عَلَى صِحَّةِ الدَّلِيلِ الَّذِي اسْتَدَلَّتْ بِهِ الْمُعْتَزِلَةُ عَلَى حُدُوثِ الْعَالَمِ، وَهُوَ أَنَّ الْجِسْمَ لَا يَخْلُو عَنِ (* الْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ، وَمَا لَا يَخْلُو عَنْهُمَا فَهُوَ حَادِثٌ، لِامْتِنَاعِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا.
قَالُوا: فَيَلْزَمُ حُدُوثُ كُلِّ جِسْمٍ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ *) (2) الْبَارِئُ جِسْمًا ; لِأَنَّهُ قَدِيمٌ، وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فِي جِهَةٍ ; لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي الْجِهَةِ إِلَّا جِسْمٌ (3) ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مُقَابِلًا لِلرَّائِي ; لِأَنَّ الْمُقَابَلَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بَيْنَ جِسْمَيْنِ (4) .
وَلَا رَيْبَ أَنَّ جُمْهُورَ (5) الْعُقَلَاءِ مِنْ مُثْبِتِي الرُّؤْيَةِ وَنُفَاتِهَا يَقُولُونَ: إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ مَعْلُومٌ الْفَسَادَ بِالضَّرُورَةِ؛ وَلِهَذَا يَذْكُرُ الرَّازِيُّ أَنَّ جَمِيعَ فِرَقِ الْأُمَّةِ تُخَالِفُهُمْ فِي ذَلِكَ.
لَكِنْ هُمْ يَقُولُونَ لِهَذَا الْمُشَنِّعِ عَلَيْهِمْ: نَحْنُ أَثْبَتْنَا الرُّؤْيَةَ وَنَفَيْنَا الْجِهَةَ، فَلَا يَلْزَمُ مَا ذَكَرْتَهُ (6) ، فَإِنْ أَمْكَنَ رُؤْيَةُ الْمَرْئِيِّ (7) لَا فِي جِهَةٍ مِنَ الرَّائِي صَحَّ قَوْلُنَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَزِمَ خَطَؤُنَا فِي إِحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ: إِمَّا فِي نَفْيِ (8) الرُّؤْيَةِ وَإِمَّا فِي نَفْيِ مُبَايَنَةِ اللَّهِ لِخَلْقِهِ وَعُلُوِّهِ عَلَيْهِمْ.
(1) أ، ن، م: لِمُوَافَقَتِهِمْ.
(2)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(3)
أ، ب: الْجِسْمُ.
(4)
ن: إِلَّا مِنْ جِسْمَيْنِ، م: لَا يَكُونُ بَيْنَ جِسْمَيْنِ.
(5)
جُمْهُورَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6)
أ، ب: فَلَزِمَ مَا ذَكَرْتَهُ.
(7)
أ، ب: الرَّائِي، وَهُوَ خَطَأٌ.
(8)
أ، ب: ثُبُوتِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
وَإِذَا لَزِمَ الْخَطَأُ فِي إِحْدَاهُمَا، لَمْ يَتَعَيَّنِ الْخَطَأُ فِي نَفْيِ الرُّؤْيَةِ، بَلْ يَجُوزُ (1) أَنْ يَكُونَ الْخَطَأُ فِي نَفْيِ الْعُلُوِّ وَالْمُبَايَنَةِ، وَلَيْسَتْ مُوَافَقَتُنَا لَكَ حُجَّةً (2) لَكَ، فَلَيْسَ تُنَاقُضُنَا دَلِيلًا عَلَى صَوَابِ قَوْلِكَ فِي نَفْيِ عُلُوِّ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، بَلِ الرُّؤْيَةُ ثَابِتَةٌ بِالنُّصُوصِ الْمُسْتَفِيضَةِ (3) وَإِجِمَاعِ السَّلَفِ، مَعَ دَلَالَةِ الْعَقْلِ عَلَيْهَا.
وَحِينَئِذٍ فَلَازَمُ الْحَقِّ حَقٌّ. وَنَحْنُ إِذَا أَثْبَتْنَا هَذَا الْحَقَّ وَنَفَيْنَا بَعْضَ لَوَازِمِهِ، كَانَ هَذَا (4) التَّنَاقُضُ أَهْوَنَ مِنْ نَفْيِ الْحَقِّ (5) وَلَوَازِمِهِ. وَأَنْتُمْ نَفَيْتُمُ الرُّؤْيَةَ وَنَفَيْتُمُ الْعُلُوَّ وَالْمُبَايَنَةَ، فَكَانَ (6) قَوْلُكُمْ أَبْعَدَ عَنِ الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ مِنْ قَوْلِنَا، وَقَوْلُنَا أَقْرَبُ مِنْ قَوْلِكُمْ، وَإِنْ كَانَ فِي قَوْلِنَا تَنَاقُضٌ فَالتَّنَاقُضُ فِي قَوْلِكُمْ أَكْثَرُ وَمُخَالَفَتُكُمْ (7) لِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ سَلَفِ الْأُمَّةِ (8 أَظْهَرُ، وَهَذَا بَيِّنٌ؛ فَإِنَّ مَا فِي النُّصُوصِ الْإِلَهِيَّةِ وَنُصُوصِ سَلَفِ الْأُمَّةِ 8)(8) مِنْ إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَالرُّؤْيَةِ (9) وَعُلُوِّ اللَّهِ مُتَوَاتِرٌ (10) مُسْتَفِيضٌ.
وَالنُّفَاةُ لَا يَسْتَنِدُونَ لَا إِلَى كِتَابٍ وَلَا إِلَى سُنَّةٍ وَلَا إِلَى
(1) أ، ب: يَحْسَبُونَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(2)
أ: لَكَ هُنَاكَ حُجَّةً، ب: لَكَ هُنَا حُجَّةً.
(3)
ن، م: بِالنَّصِّ الْمُسْتَفِيضِ.
(4)
هَذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(5)
ن فَقَطْ: الْخَلْقِ.
(6)
ن، م: كَانَ.
(7)
ب فَقَطْ: مَعَ مُخَالَفَتِكُمْ.
(8)
(8 - 8) : سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(9)
م: مِنْ إِثْبَاتِ الرُّؤْيَةِ.
(10)
أ، ب: وَعُلُوِّ اللَّهِ عَلَى الْعَرْشِ مُتَوَاتِرٌ.
إِجْمَاعٍ (1) بَلْ عَارَضُوا بِرَأْيِهِمُ الْفَاسِدِ (2) مَا تَوَاتَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَتْبَاعِهِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ (3) .
وَأَمَّا التَّنَاقُضُ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ النُّفَاةَ لِلرُّؤْيَةِ يَقُولُونَ: إِنَّهُ مَوْجُودٌ لَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ (4) وَلَا مُبَايِنٌ لَهُ، وَلَا يَقْرُبُ مِنْ شَيْءٍ، وَلَا يَقْرُبُ مِنْهُ (5) شَيْءٌ، وَلَا يَرَاهُ أَحَدٌ، وَلَا يَحْجِبُ عَنْ رُؤْيَتِهِ (6) شَيْءٌ دُونَ شَيْءٍ (7) ، وَلَا يَصْعَدُ إِلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَا يَنْزِلُ مِنْ عِنْدِهِ شَيْءٌ، إِلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ.
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ (8) : هَذَا مُخَالِفٌ لِلْعَقْلِ، وَهَذَا صِفَةُ الْمَعْلُومِ الْمَعْدُومِ الْمُمْتَنِعِ وُجُودُهُ.
قَالُوا: هَذَا النَّفْيُ مِنْ حُكْمِ الْوَهْمِ.
فَيُقَالُ لَهُمْ: إِذَا عُرِضَ عَلَى الْعَقْلِ مَوْجُودٌ لَيْسَ بِجِسْمٍ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ كَانَ الْعَقْلُ قَابِلًا لِهَذَا لَا يُنْكِرُهُ. فَإِذَا قِيلَ مَعَ ذَلِكَ: إِنَّهُ يُرَى بِلَا مُوَاجَهَةٍ، فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُمْكِنٌ، بَطَلَ قَوْلُهُمْ. وَإِنْ قِيلَ: هَذَا مِمَّا يَمْنَعُهُ الْعَقْلُ. قِيلَ: مَنْعُ الْعَقْلِ لِمَا جَعَلْتُمُوهُ مَوْجُودًا وَاجِبًا (9) أَعْظَمُ.
(1) ن، م: لَا يَسْتَنِدُونَ إِلَى كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا إِجْمَاعٍ.
(2)
أ: بِرِوَايَتِهِمُ الْفَاسِدَةِ، ب: بِرَوِيَّتِهِمُ الْفَاسِدَةِ.
(3)
ن، م: عَنْ رُسُلِ اللَّهِ وَأَتْبَاعِهِمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.
(4)
عِبَارَةُ " وَلَا خَارِجَهُ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(5)
أ، ب: إِلَيْهِ.
(6)
ن فَقَطْ: رُبُوبِيَّتِهِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(7)
دُونَ شَيْءٍ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(8)
لَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(9)
ن، م: مَوْجُودًا أَوْ وَاجِبًا.
فَإِنْ (1) قُلْتُمْ: إِنْكَارُ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ الْوَهْمِ.
قِيلَ لَكُمْ: وَإِنْكَارُ هَذَا حِينَئِذٍ (2) أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ حُكْمِ الْوَهْمِ.
وَإِنْ قُلْتُمْ: بَلْ (3) هَذَا الْإِنْكَارُ مِنْ حُكْمِ الْعَقْلِ.
قِيلَ لَكُمْ: وَذَلِكَ الْإِنْكَارُ مِنْ حُكْمِ الْعَقْلِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
فَإِنَّكُمْ تَقُولُونَ: حُكْمُ الْوَهْمِ الْبَاطِلِ أَنْ يَحْكُمَ فِيمَا لَيْسَ بِمَحْسُوسٍ بِحُكْمِ الْمَحْسُوسِ، وَحِينَئِذٍ إِذَا قُلْتُمْ: إِنَّ الْبَارِئَ تَعَالَى غَيْرُ مَحْسُوسٍ يُمْكِنُ أَنْ تَقْبَلُوا فِيهِ الْحُكْمَ الَّذِي يَمْتَنِعُ فِي الْمَحْسُوسِ (4) وَهُوَ امْتِنَاعُ الرُّؤْيَةِ بِدُونِ (5) الْمُقَابَلَةِ.
وَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّهُ مَحْسُوسٌ أَيْ يُمْكِنُ الْإِحْسَاسُ بِهِ لَمْ يَبْطُلْ (6) فِيهِ حُكْمُ الْوَهْمِ، فَامْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ لَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ، وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ (7) رُؤْيَتُهُ.
وَإِنْ قُلْتُمْ: إِذَا كَانَ غَيْرَ مَحْسُوسٍ فَهُوَ غَيْرُ مَرْئِيٍّ.
قِيلَ: إِنْ أَرَدْتُمْ بِالْمَحْسُوسِ الْحِسَّ الْمُعْتَادَ فَالرُّؤْيَةُ الَّتِي يُثْبِتُهَا
(1) أ، ب: وَإِنْ.
(2)
حِينَئِذٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3)
بَلْ: زِيَادَةٌ فِي (ن) .
(4)
أ: مَحْسُوسٌ لَمْ يَكُنِ الْإِحْسَاسُ لَمْ يَبْطُلْ، ب: مَحْسُوسٌ لَمْ يُمْكِنِ الْإِحْسَاسُ لَمْ يَبْطُلْ.
(5)
ن، م: دُونِ.
(6)
ن: مُمْكِنٌ أَنْ تَقْبَلُوا فِيهِ الْحُكْمَ الَّذِي يَمْنَعُ فِيهِ الْمَحْسُوسُ، أ: لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَقْبَلُوا فِيهِ الْحُكْمَ الَّذِي يَمْتَنِعُ فِي الْمَحْسُوسِ، ب: لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَقْبَلَ فِيهِ الْحُكْمُ الَّذِي فِي الْمَحْسُوسِ.
(7)
أ: فَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ، ب: فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ.
مُثْبِتَةُ الرُّؤْيَةِ (1) بِلَا مُقَابَلَةٍ لَيْسَتْ هِيَ الرُّؤْيَةُ الْمُعْتَادَةُ، بَلْ (2) هِيَ رُؤْيَةٌ لَا نَعْلَمُ صِفَتَهَا، كَمَا أَثْبَتُّمْ وُجُودَ مَوْجُودٍ (3) لَا نَعْلَمُ صِفَتَهُ، فَكُلُّ مَا تُلْزِمُونَهُمْ بِهِ مِنَ الشَّنَاعَاتِ وَالْمُنَاقِضَاتِ يَلْزَمُكُمْ أَكْثَرُ مِنْهُ.
الْجَوَابُ الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: أَهْلُ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ الْمَحْضَةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى إِثْبَاتِ الْعُلُوِّ وَالْمُبَايَنَةِ وَإِثْبَاتِ الرُّؤْيَةِ، وَحِينَئِذٍ فَمَنْ أَثْبَتَ أَحَدَهُمَا وَنَفَى الْآخَرَ أَقْرَبُ إِلَى الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ (* مِمَّنْ نَفَاهُمَا جَمِيعًا (4) .
فَالْأَشْعَرِيَّةُ الَّذِينَ أَثْبَتُوا الرُّؤْيَةَ وَنَفَوُا الْجِهَةَ أَقْرَبُ إِلَى الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ *) (5) مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشِّيعَةِ الَّذِينَ نَفَوْهُمَا. أَمَّا كَوْنُهُمْ أَقْرَبُ إِلَى الشَّرْعِ فَلِأَنَّ (6) الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثَ وَالْآثَارَ الْمَنْقُولَةَ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي دَلَالَتِهَا عَلَى الْعُلُوِّ وَعَلَى الرُّؤْيَةِ (7) أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ، وَلَيْسَ مَعَ نُفَاةِ الرُّؤْيَةِ وَالْعُلُوِّ مَا يَصْلُحُ أَنْ يُذْكَرَ مِنَ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَإِنَّمَا يَزْعُمُونَ أَنَّ عُمْدَتَهُمُ (8) الْعَقْلُ.
فَنَقُولُ: قَوْلُ (9) الْأَشْعَرِيَّةِ الْمُتَنَاقِضِينَ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِ هَؤُلَاءِ، وَذَلِكَ
(1) ن: فَالرُّؤْيَةُ الَّتِي مُثْبَتَةٌ، م: فَالرُّؤْيَةُ الَّتِي يُثْبِتُهَا مُثْبِتُهَا.
(2)
ن: مِثْلُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(3)
ن: كَمَا أَثْبَتُّمْ مَوْجُودًا، م: كَمَا أَنْتُمْ مَوْجُودًا.
(4)
ن: مِنْ نُفَاتِهِمَا جَمِيعًا.
(5)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) فَقَطْ.
(6)
أ، ب: فَإِنَّ.
(7)
أ، ب: الْعُلُوِّ وَالرُّؤْيَةِ.
(8)
أ، ب: أَنَّ عِلَّتَهُمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(9)
ن، م: وَقَوْلُ.
أَنَّا إِذَا عَرَضْنَا عَلَى الْعَقْلِ وُجُودَ مَوْجُودٍ لَا يُشَارُ إِلَيْهِ وَلَا يَقْرُبُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَا يَصْعَدُ إِلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَا يَنْزِلُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَا هُوَ دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ، وَلَا تُرْفَعُ إِلَيْهِ الْأَيْدِي، وَنَحْوَ ذَلِكَ - كَانَتِ الْفِطْرَةُ مُنْكِرَةٌ لِذَلِكَ. وَالْعُقَلَاءُ جَمِيعُهُمُ الَّذِينَ لَمْ تَتَغَيَّرْ فِطْرَتُهُمْ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ، وَلَا يُقِرُّ بِذَلِكَ إِلَّا مَنْ لُقِّنَ أَقْوَالَ النُّفَاةِ وَحَجَّتَهُمْ (1) وَإِلَّا فَالْفِطَرُ (2) السَّلِيمَةُ مُتَّفِقَةٌ عَلَى إِنْكَارِ ذَلِكَ أَعْظَمَ مِنْ إِنْكَارِ خَرْقِ الْعَادَاتِ ; لِأَنَّ (3) الْعَادَاتِ يَجُوزُ انْخِرَاقُهَا بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمِلَلِ وَمُوَافَقَةِ عُقَلَاءِ الْفَلَاسِفَةِ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ.
فَنَقُولُ: إِنْ كَانَ قَوْلُ النُّفَاةِ حَقًّا مَقْبُولًا (4) فِي الْعَقْلِ فَإِثْبَاتُ وُجُودِ الرَّبِّ عَلَى الْعَرْشِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ جِسْمًا أَقْرَبُ إِلَى الْعَقْلِ وَأَوْلَى بِالْقَبُولِ. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ، فَرُؤْيَةُ مَا هُوَ فَوْقَ الْإِنْسَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جِسْمًا أَقْرَبُ إِلَى الْعَقْلِ وَأَوْلَى (5) بِالْقَبُولِ. مِنْ إِثْبَاتِ قَوْلِ النُّفَاةِ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ الرُّؤْيَةَ عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ أَقْرَبُ إِلَى الْعَقْلِ مِنْ قَوْلِ (6) النُّفَاةِ، وَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ هَذَا خِلَافُ الْمُعْتَادِ، فَتَجْوِيزُ انْخِرَاقِ الْعَادَةِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ النُّفَاةِ (7) ، فَإِنَّ قَوْلَ النُّفَاةِ مُمْتَنِعٌ فِي فِطَرِ الْعُقَلَاءِ لَا يُمْكِنُ جَوَازُهُ، وَأَمَّا انْخِرَاقُ الْعَادَةِ (8) فَجَائِزٌ.
(1) أ، ب: وَلَا يُقِرُّونَ إِلَّا (ثُمَّ بَيَاضٌ فِي النُّسْخَتَيْنِ) الْأَقْوَلَ النُّفَاةَ وَحُجَّتَهُمْ، وَلَا يُقِرُّ بِذَلِكَ إِلَّا مِنْ لَعَنَ أَقْوَالَ النُّفَاةِ وَحَجَّتَهُمْ، وَالْمُثْبَتُ مِنْ (م) .
(2)
ن، م: فَالْفِطْرَةُ.
(3)
ن، م: فَإِنَّ.
(4)
عِبَارَةُ فِي الْعَقْلِ سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) وَفِي (م) حَقًّا مَوْجُودًا فِي الْعَقْلِ.
(5)
ن، م: جَسْمًا أَوْلَى.
(6)
أ، ب: أَقْوَالِ.
(7)
سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(8)
أ، ب: الْعَادَاتِ.
الْجَوَابُ الرَّابِعُ: أَنَّ الْأَشْعَرِيَّةَ تَقُولُ (1) : إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ بِحَضْرَتِنَا مَا لَا نَرَاهُ وَلَا نَسْمَعُهُ مِنَ الْأَجْسَامِ وَالْأَصْوَاتِ، وَأَنْ يُرِيَنَا مَا بَعُدَ مِنَّا، لَا يَقُولُونَ: إِنَّ هَذَا وَاقِعٌ، بَلْ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كُلُّ مَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ يَشُكُّونَ فِي وُقُوعِهِ، بَلْ يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ وَاقِعًا (2) الْآنَ، وَتَجْوِيزُ الْوُقُوعِ غَيْرُ الشَّكِّ فِي الْوُقُوعِ.
وَعِبَارَةُ هَذَا النَّاقِلِ تَقْتَضِي أَنَّهُمْ يُجَوِّزُونَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْآنَ مَوْجُودًا وَنَحْنُ لَا نَرَاهُ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ، وَلَكِنَّ هَذَا قِيلَ لَهُمْ بِطَرِيقِ الْإِلْزَامِ. قِيلَ [لَهُمْ] (3) : إِذَا جَوَّزْتُمُ الرُّؤْيَةَ فِي غَيْرِ جِهَةٍ، فَجَوِّزُوا هَذَا. فَقَالُوا: نَعَمْ نُجَوِّزُ. كَمَا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: رُؤْيَةُ اللَّهِ جَائِزَةٌ فِي الدُّنْيَا، أَيْ: هُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُرِنَا نَفْسَهُ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ مَعَ هَذَا أَنَّ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ لَا يَرَى اللَّهَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا مَا تُنُوزِعَ فِيهِ مِنْ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ، وَمَنْ شَكَّ مِنْهُمْ فِي وُقُوعِ الرُّؤْيَةِ فِي الدُّنْيَا فَلِجَهْلِهِ (4) بِالْأَدِلَّةِ النَّافِيَةِ لِذَلِكَ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْأَشْعَرِيُّ فِي وُقُوعِ الرُّؤْيَةِ بِالْأَبْصَارِ فِي الدُّنْيَا لِغَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلَيْنِ؛ لَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ قَاطِبَةً (5) أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ بِعَيْنَيْهِ (6) فِي الدُّنْيَا.
وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (7) وَغَيْرُهُ اتِّفَاقَ السَّلَفِ عَلَى هَذَا
(1) ن، م: يَقُولُونَ.
(2)
أ، ب: لَيْسَ بِوَاقِعٍ.
(3)
لَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4)
أ، ب: فَلِجَهْلِهِمْ.
(5)
قَاطِبَةً: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6)
بِعَيْنَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(7)
ن، م: وَذَكَرَ أَحْمَدُ.
[النَّفْيِ](1) وَأَنَّهُمْ لَمْ يَتَنَازَعُوا إِلَّا فِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً. وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (2) وَغَيْرِهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " «وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يَرَى (3) رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ» ". مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ فِي هَذَا الْكِتَابِ 2 - 516، 612.
وَقَدْ سَأَلَ مُوسَى عليه السلام (4) الرُّؤْيَةَ فَمُنِعَهَا، فَلَا يَكُونُ آحَادُ النَّاسِ أَفْضَلُ مِنْ مُوسَى. وَفِي الْجُمْلَةِ لَيْسَ كُلُّ مَا قَالَ قَائِلٌ:" إِنَّهُ مُمْكِنٌ مَقْدُورٌ " يُشَكُّ فِي وُقُوعِهِ.
فَالْأَشْعَرِيَّةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ (5) مِنْ أَتْبَاعِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ (6) وَأَحْمَدَ - وَإِنْ كَانُوا يَقُولُونَ بِجَوَازِ أُمُورٍ مُمْتَنِعَةٍ فِي الْعَادَةِ فِي الرُّؤْيَةِ - فَيَقُولُونَ: إِنَّهُ لَا حِجَابَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ الْعَبْدِ إِلَّا عَدَمُ خَلْقِ الرُّؤْيَةِ فِي الْعَيْنِ (7) ، وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي سَائِرِ الْمَرْئِيَّاتِ.
فَكَانُوا يَنْفُونَ أَنْ يَكُونَ فِي الْعَيْنِ قُوَّةٌ امْتَازَتْ بِهَا فَحَصَلَتْ بِهَا الرُّؤْيَةُ، وَيَمْنَعُونَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْأَسْبَابِ وَمُسَبِّبَاتِهَا مُلَازَمَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ بَيْنَ (8)
(1) النَّفْيِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
ن، م: وَسَلَّمَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ.
(3)
أ، ب: لَمْ يَرَ.
(4)
عليه السلام: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(5)
أ، ب: يَشُكُّ فِي وُقُوعِهِ الْأَشْعَرِيَّةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ، م: فَشَكَّ فِي وُقُوعِهِ الْأَشْعَرِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُمْ.
(6)
ن، م: مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ.
(7)
أ، ب: بِالْعَيْنِ.
(8)
ن، م: وَبَيْنَ.
الْمَوَانِعِ وَمَمْنُوعَاتِهَا مُمَانَعَةٌ، وَيَجْعَلُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَادَةً مَحْضَةً (1) اسْتَنَدَتْ إِلَى مَحْضِ الْمَشِيئَةِ، وَيُجَوِّزُونَ خَرْقَهَا بِمَحْضِ الْمَشِيئَةِ.
فَهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّا نَعْلَمُ انْتِفَاءَ كَثِيرٍ مِمَّا يُعْلَمُ (2) إِمْكَانُهُ كَمَا نَعْلَمُ أَنَّ الْبَحْرَ لَمْ يَنْقَلِبْ دَمًا، وَلَا الْجِبَالَ يَاقُوتًا، وَلَا الْحَيَوَانَاتِ أَشْجَارًا، بَلْ يَجْعَلُونَ الْعِلْمَ بِمِثْلِ هَذَا مِنَ الْعَقْلِ الَّذِي يَتَمَيَّزُ بِهِ (3) الْعَاقِلُ عَنِ الْمَجْنُونِ، وَهُمْ وَإِنْ كَانُوا يَتَنَاقَضُونَ [وَفِي قَوْلِهِمْ مَا هُوَ بَاطِلٌ عَقْلًا وَنَقْلًا](4) فَأَقْوَالُهُمْ فِي الْقَدَرِ وَالصِّفَاتِ وَالرُّؤْيَةِ (5) خَيْرٌ مِنْ أَقْوَالِ الْمُعْتَزِلَةِ وَمُوَافِقِيهِمْ مِنَ الشِّيعَةِ (6) وَإِنْ كَانَ الصَّوَابُ هُوَ مَا عَلَيْهِ السَّلَفُ وَأَئِمَّةُ السُّنَّةِ وَهُوَ (7) قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَجُمْهُورِ كِبَارِ أَصْحَابِهِمْ (8)[وَالنُّصُوصُ الْمَأْثُورَةُ فِي ذَلِكَ عَنِ الْأَئِمَّةِ الْمَذْكُورِينَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ](9) .
وَالْبَيَانُ التَّامُّ هُوَ (10) مَا بَيَّنَهُ الرَّسُولُ [صلى الله عليه وسلم](11) ؛ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ
(1) مَحْضَةً: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
ن: نَعْلَمُ.
(3)
أ، ب، م: يُمَيَّزُ بِهِ.
(4)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، وَفِي (أ) ، (ب) يَتَنَاقَضُونَ فِي قَوْلِهِمْ، وَزِدْتُ الْوَاوَ حَتَّى يَسْتَقِيمَ الْكَلَامُ.
(5)
أ، ب: وَالرُّبُوبِيَّةُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(6)
مِنَ الشِّيعَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)
(7)
ن، م: الصَّوَابُ مَا عَلَيْهِ السَّلَفُ وَهُوَ.
(8)
أ، ب: وَجُمْهُورِ الْأَكَابِرِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(9)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(10)
هُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(11)
صلى الله عليه وسلم: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .