المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الجواب على قول الرافضي إن الإمامية أخذوا مذهبهم عن أهل البيت] - منهاج السنة النبوية - جـ ٤

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[كلام الرافضي على خصائص الأئمة الاثنى عشر]

- ‌[الجواب على قول الرافضي إن الإمامية أخذوا مذهبهم عن أهل البيت]

- ‌[كلام الرافضي عن علي رضي الله عنه " وَظَهَرَتْ مِنْهُ مُعْجِزَاتٌ كَثِيرَةٌ " والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي عن زين العابدين ومحمد الباقر والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي عن موسى بن جعفر والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا والرد عليه]

- ‌[كَلَامُ الرَّافِضِيُّ على مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوَادُ والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على علي الهادي ولد محمد بن علي الجواد]

- ‌[كلام الرافضي على الْحَسَن الْعَسْكَرِيّ والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على محمد بن الحسن المهدي عندهم والرد عليه]

- ‌[الجواب عن كلام الرافضي على حديث المهدي من وجوه]

- ‌[كلام الرافضي على عصمة الأئمة والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على اختيار الناس لمذهب أهل السنة طلبا للدنيا والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على تدين بعض أهل السنة بمذهب الإمامية في الباطن والرد عليه]

- ‌[كلام الرَّافِضِيُّ على وُجُوبِ اتِّبَاعِ مَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ لأَنَّهُمْ لَمْ يَذْهَبُوا إِلَى التَّعَصُّبِ فِي غَيْرِ الْحَقِّ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ]

- ‌[زعم الرافضي بأن المنصور ابتدع ذكر الخلفاء الراشدين في خطب الجمعة]

- ‌[الجواب على زعم الرافضي بأن المنصور ابتدع ذكر الخلفاء الراشدين في خطب الجمعة من وجوه]

- ‌[كلام الرافضي على مسح الرجلين في الوضوء بدلا من غسلهما والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على متعة الحج والنساء والتعليق على كلامه]

- ‌[كلام الرافضي على مَنْعِ أَبي بَكْرٍ فَاطِمَةَ إِرْثَهَا]

- ‌[الْجَوَابُ على كلام الرافضي مَنْعَ أَبي بَكْرٍ فَاطِمَةَ إِرْثَهَا مِنْ وُجُوهٍ]

- ‌[كلام الرافضي على منع فاطمة من إرث فدك]

- ‌[كلام الرافضي على أبي ذر الغفاري وأبي بكر الصديق والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على أبي بكر رضي الله عنه " وَسَمَّوْهُ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْهُ فِي حَيَاتِهِ وَلَا بَعْدَ وَفَاتِهِ عِنْدَهُمْ " والرد عليه]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن النبي قال لعلي إِنِ الْمَدِينَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا بِي أَوْ بِكَ]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن النبي أَمَّرَ أُسَامَةَ عَلَى الْجَيْشِ الَّذِينَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ]

- ‌[زعم الرافضي أن رسول الله سمى عليا فاروق أمته والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على خديجة وعائشة رضي الله عنهما والجواب عليه]

- ‌[كلام الرافضي على عائشة رضي الله عنها أنها أذاعت سر رسول الله وخالفت أمر الله بالخروج على علي والرد عليه]

- ‌[زعم الرافضي أن الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ وجوابه من وجوه]

- ‌[الرد على قوله إن عائشة كانت تأمر بقتل عثمان من وجوه]

- ‌[كلام الرافضي على عائشة مع كلامه على معاوية والرد عليه]

- ‌[مزاعم الرافضي عن معاوية رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[الرد على مزاعم الرافضي عن معاوية رضي الله عنه " وَسَمَّوْهُ كَاتِبَ الْوَحْيِ وَلَمْ يَكْتُبْ لَهُ كَلِمَةً

- ‌[مزاعم الرافضي عن معاوية بقوله " وَكَانَ بِالْيَمَنِ يَوْمَ الْفَتْحِ يَطْعَنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ

- ‌[الرد على مزاعم الرافضي عن معاوية من أنه كَانَ بِالْيَمَنِ يَوْمَ الْفَتْحِ يَطْعَنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ]

- ‌[فصل وقوع أمور فِي الأمة بالتأويل في دِمَائِهَا وَأَمْوَالِهَا وَأَعْرَاضِهَا]

- ‌[الراففضة يُعَظِّمُونَ الْأَمْرَ عَلَى مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا وَيَمْدَحُونَ مَنْ قَتَلَ عُثْمَانَ]

- ‌[كلام الرافضي على خالد بن الوليد رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على خالد بن الوليد رضي الله عنه بأنه قَتَلَ مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ صَبْرًا وَهُوَ مُسْلِمٌ وَعَرَّسَ بِامْرَأَتِهِ والرد عليه]

- ‌[عود الرافضي إلى الكلام على معاوية رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على يوم مقتل الحسين رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[الناس في يزيد طرفان ووسط]

- ‌[النَّاسُ فِي قَتْلِ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه طرفان ووسط]

- ‌[أحدث الناس بدعتين يوم عاشوراء بِدْعَةَ الْحُزْنِ وَالنَّوْحِ وبِدْعَةُ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ]

- ‌[عود إلى الكلام على مقتل الحسين رضي الله عنه]

- ‌[مزاعم الرافضي عن يزيد بن معاوية]

- ‌[زعم الرافضي أن الإمامية ينزهون الله وملائكته وأنبياءه وأئمته]

الفصل: ‌[الجواب على قول الرافضي إن الإمامية أخذوا مذهبهم عن أهل البيت]

فَقَالَتْ: بَلْ حُرٌّ، فَقَالَ: صَدَقْتِ لَوْ كَانَ عَبْدًا لَخَافَ مِنْ مَوْلَاهُ. فَلَمَّا دَخَلَتِ الْجَارِيَةُ قَالَ (1) مَوْلَاهَا وَهُوَ عَلَى مَائِدَةِ السُّكْرِ (2) : مَا أَبْطَأَكِ عَلَيْنَا (3) ؟ قَالَتْ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ بِكَذَا وَكَذَا، فَخَرَجَ حَافِيًا حَتَّى لَقِيَ مَوْلَانَا مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ فَتَابَ عَلَى يَدِهِ (4) .

[الجواب على قول الرافضي إن الإمامية أخذوا مذهبهم عن أهل البيت]

وَالْجَوَابُ عَنْهُ (5) مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْإِمَامِيَّةَ أَخَذُوا مَذْهَبَهُمْ عَنْ (6) أَهْلِ الْبَيْتِ: لَا الِاثْنَا عَشْرِيَّةٍ وَلَا غَيْرُهُمْ، بَلْ هُمْ مُخَالِفُونَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه وَأَئِمَّةِ أَهْلِ الْبَيْتِ (7) فِي جَمِيعِ أُصُولِهِمُ الَّتِي فَارَقُوا فِيهَا أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ: تَوْحِيدُهُمْ وَعَدْلُهُمْ وَإِمَامَتُهُمْ، فَإِنَّ الثَّابِتَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه (8) وَ [أَئِمَّةِ] أَهْلِ الْبَيْتِ (9) مِنْ إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ لِلَّهِ، وَإِثْبَاتِ الْقَدَرِ، وَإِثْبَاتِ خِلَافَةِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَإِثْبَاتِ فَضِيلَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ كُلُّهُ (10) يُنَاقِضُ

(1) ك: فَلَمَّا أَخَذَتِ الْمَاءَ وَرَجَعَتْ وَدَخَلَتْ عَلَيْهِ قَالَ. .

(2)

ك: الْمُسْكِرِ.

(3)

أ، ب: عَنَّا.

(4)

ك: حَتَّى لَقِيَ مَوْلَانَا الْكَاظِمَ عليه السلام، وَاعْتَذَرَ وَبَكَى وَاسْتَحْيَا مِنْ فِعْلِهِ وَعَمَلِهِ مِنْهُ فَتَابَ عَلَى يَدِهِ.

(5)

عَنْهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(6)

أ، ب: مِنْ.

(7)

أَهْلِ الْبَيْتِ: كَذَا فِي (أ)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: أَهْلِ بَيْتِهِ

(8)

ن، م، و: عَلِيٍّ عليه السلام.

(9)

ن: وَأَهْلِ بَيْتِهِ، م، ص، ر، هـ، و: وَأَئِمَّةِ أَهْلِ بَيْتِهِ.

(10)

أ، ب: كُلُّهَا.

ص: 16

مَذْهَبَ (1) الرَّافِضَةِ. وَالنَّقْلُ بِذَلِكَ ثَابِتٌ مُسْتَفِيضٌ فِي كُتُبِ أَهْلِ الْعِلْمِ، بِحَيْثُ إِنَّ مَعْرِفَةَ الْمَنْقُولِ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْبَيْتِ يُوجِبُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا بِأَنَّ الرَّافِضَةَ مُخَالِفُونَ لَهُمْ لَا مُوَافِقُونَ لَهُمْ (2) .

الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: قَدْ عُلِمَ أَنَّ الشِّيعَةَ مُخْتَلِفُونَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فِي مَسَائِلِ الْإِمَامَةِ وَالصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِ أُصُولِ دِينِهِمْ. فَأَيُّ قَوْلٍ لَهُمْ هُوَ الْمَأْخُوذُ عَنِ الْأَئِمَّةِ الْمَعْصُومِينَ، حَتَّى مَسَائِلُ الْإِمَامَةِ، قَدْ عُرِفَ اضْطِرَابُهُمْ فِيهَا.

وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ اخْتِلَافِهِمْ فِي النَّصِّ وَفِي الْمُنْتَظَرِ. فَهُمْ فِي الْبَاقِي الْمُنْتَظَرِ عَلَى أَقْوَالٍ (3) : مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِبَقَاءِ (4) جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِبَقَاءِ ابْنِهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (5) ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِبَقَاءِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِبَقَاءِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِبَقَاءِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: نَصَّ (6) عَلِيٌّ عَلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ (7)، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: عَلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ (8)، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: أَوْصَى [عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ] إِلَى ابْنِهِ أَبِي جَعْفَرٍ، (وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ) (9) ، وَهَؤُلَاءِ

(1) ن، م، ص، ر، هـ: مَذَاهِبَ.

(2)

لَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(3)

أ: وَفِي الْمُنْتَظَرِ مِنْهُمْ فِي الْبَا الْمُنْتَظَرِ عَلَى أَقْوَالٍ، ب: وَفِي الْمُنْتَظَرِ مِنْهُمْ عَلَى أَقْوَالٍ.

(4)

ص، ر: يَبْقَى.

(5)

بْنِ جَعْفَرٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(6)

أ، ب: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: نَصَّ. .

(7)

ن، م، و: عَلِيٌّ عَلَى ابْنِ الْحُسَيْنِ.

(8)

ن: عَلَى ابْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ خَطَأٌ.

(9)

مَا بَيْنَ الْقَوْسَيْنِ زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) فَقَطْ.

ص: 17

يَقُولُونَ: أَوْصَى] (1) إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إِنَّ جَعْفَرًا أَوْصَى إِلَى ابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إِلَى [ابْنِهِ](2) مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إِلَى ابْنِهِ مُحَمَّدٍ، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إِلَى ابْنِهِ مُوسَى، وَهَؤُلَاءِ يَسُوقُونَ النَّصَّ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَهَؤُلَاءِ يَسُوقُونَ النَّصَّ إِلَى بَنِي [عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ](3) مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ الْحَاكِمِ وَشِيعَتِهِ (4) ، وَهَؤُلَاءِ يَسُوقُونَ النَّصَّ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ إِلَى بَنِي الْعَبَّاسِ، وَيَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْأَقْوَالُ الْمُتَنَاقِضَةُ مَأْخُوذَةً عَنْ مَعْصُومٍ، فَبَطَلَ قَوْلُهُمْ: أَنَّ أَقْوَالَهُمْ مَأْخُوذَةٌ عَنْ مَعْصُومٍ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: هَبْ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مَعْصُومًا، فَإِذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الشِّيعَةِ هَذَا الِاخْتِلَافَ، وَهُمْ مُتَنَازِعُونَ هَذَا التَّنَازُعَ، فَمِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ صِحَّةُ بَعْضِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ عَنْ عَلِيٍّ دُونَ الْآخَرِ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَدَّعِي أَنَّ مَا يَقُولُهُ إِنَّمَا أَخَذَهُ عَنِ الْمَعْصُومِينَ، وَلَيْسَ لِلشِّيعَةِ أَسَانِيدُ مُتَّصِلَةٌ بِرِجَالٍ مَعْرُوفِينَ (5) مِثْلُ أَسَانِيدِ أَهْلِ السُّنَّةِ حَتَّى يُنْظَرَ فِي الْإِسْنَادِ (6) وَعَدَالَةِ الرِّجَالِ. بَلْ إِنَّمَا هِيَ مَنْقُولَاتٌ مُنْقَطِعَةٌ عَنْ طَائِفَةٍ عُرِفَ فِيهَا كَثْرَةُ الْكَذِبِ وَكَثْرَةُ التَّنَاقُضِ فِي النَّقْلِ، فَهَلْ يَثِقُ عَاقِلٌ بِذَلِكَ؟

(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(2)

ابْنِهِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(3)

عِبَارَةُ " عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ ": فِي (ص) ، (هـ) ، (ر) فَقَطْ.

(4)

أ، ب: الْحَاكِمِ فِي شِيعَتِهِ.

(5)

أ، ب: مُتَّصِلَةٌ بِالرَّجَالِ الْمَعْرُوفِينَ.

(6)

أ، ب: حَتَّى نَنْظُرَ فِي إِسْنَادِهَا. . .

ص: 18

وَإِنِ ادَّعَوْا تَوَاتُرَ نَصِّ هَذَا عَلَى هَذَا، [وَنَصِّ هَذَا عَلَى هَذَا](1) كَانَ هَذَا مُعَارَضًا بِدَعْوَى غَيْرِهِمْ مِثْلَ هَذَا التَّوَاتُرِ، فَإِنَّ سَائِرَ الْقَائِلِينَ بِالنَّصِّ إِذَا ادَّعَوْا مِثْلَ هَذِهِ الدَّعْوَى لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الدَّعْوَيَيْنِ (2) فَرْقٌ.

فَهَذِهِ الْوُجُوهُ وَغَيْرُهَا تُبَيِّنُ أَنَّ بِتَقْدِيرِ (3) ثُبُوتِ عِصْمَةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه فَمَذْهَبُهُمْ (4) لَيْسَ مَأْخُوذًا عَنْهُ، فَنَفْسُ دَعْوَاهُمُ الْعِصْمَةَ فِي عَلِيٍّ مِثْلُ دَعْوَى النَّصَارَى الْإِلَهِيَّةَ فِي الْمَسِيحِ. مَعَ أَنَّ مَا هُمْ عَلَيْهِ لَيْسَ مَأْخُوذًا عَنِ الْمَسِيحِ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّهُمْ فِي مَذْهَبِهِمْ مُحْتَاجُونَ إِلَى مُقَدِّمَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: عِصْمَةُ مَنْ يُضِيفُونَ الْمَذْهَبَ إِلَيْهِ (5) مِنَ الْأَئِمَّةِ. وَالثَّانِيَةُ ثُبُوتُ ذَلِكَ النَّقْلِ [عَنِ الْإِمَامِ](6) . وَكِلْتَا الْمُقَدِّمَتَيْنِ بَاطِلَةٌ، فَإِنَّ الْمَسِيحَ لَيْسَ بِإِلَهٍ، بَلْ هُوَ رَسُولٌ كَرِيمٌ، وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ إِلَهًا أَوْ رَسُولًا كَرِيمًا فَقَوْلُهُ حَقٌّ، لَكِنْ مَا تَقُولُهُ النَّصَارَى لَيْسَ مِنْ قَوْلِهِ (7)، وَلِهَذَا كَانَ فِي عَلِيٍّ رضي الله عنه (8) شَبَهٌ مِنَ الْمَسِيحِ: قَوْمٌ غَلَوْا فِيهِ فَوْقَ قَدْرِهِ، وَقَوْمٌ نَقَصُوهُ دُونَ قَدْرِهِ فَهُمْ كَالْيَهُودِ (9)، فَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ عَنِ الْمَسِيحِ: إِنَّهُ إِلَهٌ. وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: كَافِرٌ

(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

(2)

الدَّعْوَتَيْنِ: كَذَا فِي (ص) . وَفِي سَائِرِ الِنُسَخِ: الدَّعْوَتَيْنِ.

(3)

ب (فَقَطْ) : أَنَّ تَقْدِيرَ.

(4)

أ: فَمَذْهَبُ، ب: مَذْهَبٌ.

(5)

ن، م: إِلَيْهِ الْمَذْهَبَ، ر: إِلَيْهِ الْمَذَاهِبَ.

(6)

عَنِ الْإِمَامِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(7)

أ، ب: لَيْسَ قَوْلَهُ.

(8)

ن، م، و: عَلِيٌّ عليه السلام.

(9)

فَهُمْ كَالْيَهُودِ: زِيَادَةٌ فِي (ص) . وَفِي (هـ) : فَهُمُ الْيَهُودُ.

ص: 19

وَلَدُ بَغِيَّةٍ (1) . وَكَذَلِكَ عَلِيٌّ: هَؤُلَاءِ (2) يَقُولُونَ: إِنَّهُ (3) إِلَهٌ، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إِنَّهُ كَافِرٌ ظَالِمٌ.

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ يُقَالُ: قَدْ ثَبَتَ لِعَلِيِّ [بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه](4) ، وَالْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَابْنِهِ مُحَمَّدٍ، وَجَعْفَرِ ابْنِ مُحَمَّدٍ مِنَ الْمَنَاقِبِ وَالْفَصَائِلِ مَا لَمْ يَذْكُرْهُ هَذَا [الْمُصَنِّفُ](5) الرَّافِضِيُّ. وَذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنَ الْكَذِبِ تَدُلُّ عَلَى جَهْلِ نَاقِلِهَا، مِثْلَ قَوْلِهِ: نَزَلَ فِي حَقِّهِمْ: {هَلْ أَتَى} ، فَإِنَّ سُورَةَ:(6){هَلْ أَتَى} مَكِّيَّةٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَعَلِيٌّ إِنَّمَا تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا إِلَّا بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَوُلِدَ لَهُ الْحَسَنُ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ (7) مِنَ الْهِجْرَةِ، وَالْحُسَيْنُ فِي [السَّنَةِ] (8) الرَّابِعَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ بَعْدَ نُزُولِ:{هَلْ أَتَى} بِسِنِينَ كَثِيرَةٍ.

فَقَوْلُ الْقَائِلِ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِمْ مِنَ الْكَذِبِ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ عِلْمٌ بِنُزُولِ الْقُرْآنِ وَعِلْمٌ بِأَحْوَالِ (9) هَؤُلَاءِ (10) السَّادَةِ الْأَخْيَارِ.

(1) ن، م، أ، هـ، ر: وَلَدُ غِيَّةٍ.

(2)

هَؤُلَاءِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(3)

إِنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(4)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(5)

الْمُصَنِّفُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(6)

سُورَةَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(7)

أ، ب،: الثَّانِيَةِ، وَهُوَ خَطَأٌ. . وَفِي " الْإِصَابَةِ " 1/328:" وُلِدَ فِي نِصْفِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ. قَالَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ الْبَرْقِيِّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ ".

(8)

السَّنَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (ة) ، (ص) ، (ر) .

(9)

أ، ب: الْقُرْآنِ وَأَحْوَالِ. . .

(10)

أ، ب، ن، م، و، هـ: هَذِهِ.

ص: 20

وَأَمَّا آيَةُ الطَّهَارَةِ فَلَيْسَ فِيهَا إِخْبَارٌ بِطَهَارَةِ أَهْلِ الْبَيْتِ وَذَهَابِ الرِّجْسِ عَنْهُمْ، وَإِنَّمَا فِيهَا الْأَمْرُ لَهُمْ بِمَا يُوجِبُ طَهَارَتَهُمْ وَذَهَابَ الرِّجْسِ عَنْهُمْ. فَإِنَّ قَوْلَهُ:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 33]، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 6] وَقَوْلِهِ: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ - وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا - يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ، 26 - 28] .

فَالْإِرَادَةُ هُنَا مُتَضَمِّنَةٌ لِلْأَمْرِ وَالْمَحَبَّةِ وَالرِّضَا (1) ، وَلَيْسَتْ هِيَ الْمَشِيئَةَ الْمُسْتَلْزِمَةَ لِوُقُوعِ الْمُرَادِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ قَدْ طَهُرَ (2) كُلُّ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ طَهَارَتَهُ. وَهَذَا عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةِ الشِّيعَةِ أَوْجَهُ، فَإِنَّ عِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ يُرِيدُ مَا لَا يَكُونُ، وَيَكُونُ مَا لَا يُرِيدُ.

فَقَوْلُهُ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} إِذَا كَانَ هَذَا بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ وَتَرْكِ الْمَحْظُورِ، كَانَ (3) ذَلِكَ مُتَعَلِّقًا بِإِرَادَتِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ، فَإِنْ فَعَلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ طُهِّرُوا وَإِلَّا فَلَا.

وَهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْلُقُ أَفْعَالَهُمْ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَطْهِيرِهِمْ (4) وَإِذْهَابِ الرِّجْسِ عَنْهُمْ (5) وَأَمَّا الْمُثْبِتُونَ لِلْقَدَرِ فَيَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ (6) ،

(1) أ، ب: لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالرِّضَا وَهُوَ خَطَأٌ.

(2)

أ، ب، هـ، و، ر: تَطَهَّرَ.

(3)

أ، ب: وَكَانَ.

(4)

سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(5)

سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(6)

أ، ب: وَأَمَّا الْمُثْبِتُونَ لِلْقَدَرِ مِنْهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْلُقُ أَفْعَالَهُمْ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ خَطَأٌ.

ص: 21

فَإِذَا أَلْهَمَهُمْ فِعْلَ مَا أَمَرَ، وَتَرْكَ مَا حَظَرَ حَصَلَتِ (1) الطَّهَارَةُ وَذَهَابُ الرِّجْسِ.

وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا مِمَّا أُمِرُوا بِهِ لَا مِمَّا أُخْبِرُوا بِوُقُوعِهِ (2) ، مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَدَارَ الْكِسَاءَ عَلَى عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ (3) وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا» ". وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَرَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ (4)

وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى [ضِدِّ](5) قَوْلِ الرَّافِضَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ دَعَا لَهُمْ بِذَلِكَ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ لَمْ تُخْبِرْ بِوُقُوعِ ذَلِكَ (6) ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ قَدْ (7) وَقَعَ

(1) أ، ب: فِعْلَ مَا أُمِرُوا بِهِ وَتَرْكَ مَا حُظِرُوا حَصَلَتِ. .

(2)

ص، هـ، م، ر، و: لَا مِمَّا أُخْبِرَ بِوُقُوعِهِ.

(3)

أ، ب: فَاطِمَةَ وَعَلِيٍّ.

(4)

الْحَدِيثُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي: مُسْلِمٍ 4/1883 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ فَضَائِلِ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) وَنَصُّهُ: " قَالَتْ عَائِشَةُ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 33] ". وَالْحَدِيثُ بِأَلْفَاظٍ مُقَارِبَةٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ الْأَحْزَابِ) ، 5/328 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 6/4298، 292. وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ مُطَوَّلٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 5/25 27.

(5)

ضِدِّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .

(6)

أ، ب، ص، هـ، ر: عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْ بِوُقُوعِ ذَلِكَ.

(7)

قَدْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

ص: 22

لَكَانَ يُثْنِي عَلَى اللَّهِ بِوُقُوعِهِ وَيَشْكُرُهُ عَلَى ذَلِكَ، لَا يَقْتَصِرُ عَلَى مُجَرَّدِ الدُّعَاءِ بِهِ (1) .

الثَّانِي: أَنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى (2) أَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى إِذْهَابِ الرِّجْسِ عَنْهُمْ وَتَطْهِيرِهِمْ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى (3) أَنَّهُ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الْآيَةَ مُتَضَمِّنَةٌ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ قَوْلُهُ فِي سِيَاقِ الْكَلَامِ:{يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا - وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا - يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا - وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا - وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 30 - 34] .

وَهَذَا السِّيَاقُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ (4) أَمْرٌ وَنَهْيٌ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَإِنَّ السِّيَاقَ إِنَّمَا هُوَ فِي مُخَاطَبَتِهِنَّ (5)، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ:{لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} عَمَّ غَيْرَ أَزْوَاجِهِ، كَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ رضي الله عنهم، لِأَنَّهُ (6) ذَكَرَهُ بِصِيغَةِ

(1) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(2)

(2 - 2) : سَاقِطٌ مِنْ (أ)، (ب) . وَفِي (ن) : ذَهَابِ الرِّجْسِ عَنْهُمْ وَيُطَهِّرُهُمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(3)

(2 - 2) : سَاقِطٌ مِنْ (أ)، (ب) . وَفِي (ن) : ذَهَابِ الرِّجْسِ عَنْهُمْ وَيُطَهِّرُهُمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(4)

أ، ب، عَلَى أَنَّ هَذَا.

(5)

أ، ب: إِنَّمَا هُوَ لِلْمُخَاطَبِينَ.

(6)

أ، ب: رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ فَإِنَّهُ. . .

ص: 23

التَّذْكِيرِ لَمَّا اجْتَمَعَ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَهَؤُلَاءِ خُصُّوا بِكَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ مِنْ أَزْوَاجِهِ (1) ، فَلِهَذَا خَصَّهُمْ بِالدُّعَاءِ لَمَّا أَدْخَلَهُمْ فِي الْكِسَاءِ، كَمَا أَنَّ مَسْجِدَ قُبَاءَ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، وَمَسْجِدُهُ [صلى الله عليه وسلم (2) ] أَيْضًا أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى (3) وَهُوَ أَكْمَلُ فِي ذَلِكَ، فَلَمَّا نَزَلَ (4) قَوْلُهُ تَعَالَى:{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 108] بِسَبَبِ مَسْجِدِ قُبَاءَ، تَنَاوَلَ اللَّفْظُ لِمَسْجِدِ قُبَاءَ وَلِمَسْجِدِهِ [صلى الله عليه وسلم](5) بِطْرِيقِ الْأَوْلَى (6) .

وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ: هَلْ أَزْوَاجُهُ (7) مِنْ آلِهِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ، أَصَحُّهُمَا أَنَّهُنَّ مِنْ آلِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ (8)، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ [مِنْ] قَوْلِهِ:" [اللَّهُمَّ] صَلِّ (9) عَلَى (10) مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ (11) " وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.

(1) ب (فَقَطْ) : مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ بِالْأَوْلَى مِنْ أَزْوَاجِهِ.

(2)

صلى الله عليه وسلم: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) ، (م) .

(3)

: سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) وَفِيهِمَا. . عَلَى التَّقْوَى وَكَانَ قَوْلُهُ. . الْخَ.

(4)

: سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) وَفِيهِمَا. . عَلَى التَّقْوَى وَكَانَ قَوْلُهُ. . الْخَ.

(5)

صلى الله عليه وسلم: فِي (أ) ، (ب) فَقَطْ.

(6)

سَيَرُدُّ ابْنُ تَيْمِيَةَ بِالتَّفْصِيلِ عَلَى اسْتِدْلَالِ ابْنِ الْمُطَهَّرِ بِآيَةِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ فِيمَا يَأْتِي (ب) 4/20 - 25 وَانْظُرْ (ك) 151 (م) - 152 (م) .

(7)

أ، ب: فِي كَوْنِ أَزْوَاجِهِ.

(8)

أ، ب: وَأَهْلِ الْبَيْتِ.

(9)

ن: الصَّحِيحَيْنِ قَوْلُهُ صَلِّ. . .

(10)

عَلَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.

(11)

الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 4/146 (كِتَابُ الْأَنْبِيَاءِ، بَابُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. .) وَنَصُّهُ: أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكَتْ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ". وَالْحَدِيثُ فِي: مُسْلِمٍ 1/306 (كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ التَّشَهُّدِ) ، الْمُوَطَّأِ 1/165 (كِتَابُ قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 3/42 (كِتَابُ السَّهْوِ، بَابُ كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ. . نَوْعٌ آخَرُ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/293 (كِتَابُ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ) .

ص: 24

وَأَمَّا مَوَالِيهِنَّ فَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ (1) بِلَا نِزَاعٍ، فَلِهَذَا كَانَتِ الصَّدَقَةُ تُبَاحُ لِبَرِيرَةَ. وَأَمَّا أَبُو رَافِعٍ فَكَانَ مِنْ مَوَالِيهِمْ، فَلِهَذَا نَهَاهُ عَنِ الصَّدَقَةِ، لِأَنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ، وَتَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ هُوَ مِنَ التَّطْهِيرِ الَّذِي أَرَادَهُ اللَّهُ بِهِمْ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ (2) أَوْسَاخُ النَّاسِ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي إِيجَابِ (3) الْمَوَدَّةِ [لَهُمْ](4) غَلَطٌ. فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ (5) أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ [رضي الله عنهما](6) سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [سُورَةُ الشُّورَى: 23]، قَالَ: فَقُلْتُ: إِلَّا أَنْ تَوَدُّوا ذَوِي قُرْبَى مُحَمَّدٍ [صلى الله عليه وسلم](7) . فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَجَّلْتَ، إِنَّهُ (8) لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ (9) قُرَيْشٍ إِلَّا لِرَسُولِ

(1) أ، ب: أَهْلِ الْبَيْتِ.

(2)

: سَاقِطٌ مِنْ (أ)، (ب) . وَفِي (أ) فَلِهَذَا نَهَاهُ عَنِ الصَّدَقَةِ أَوْسَاخِ النَّاسِ. وَفِي (ب) : فَلِهَذَا نَهَاهُ عَنِ الصَّدَقَةِ، وَقَالَ لَهُ إِنَّهَا أَوْسَاخُ النَّاسِ.

(3)

ب (فَقَطْ) : وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَإِيجَابُ.

(4)

لَهُمْ: فِي (هـ) ، (ر) فَقَطْ.

(5)

أ، ب: سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ.

(6)

رضي الله عنهما: فِي (أ) ، (ب) فَقَطْ.

(7)

صلى الله عليه وسلم: فِي (أ) ، (ب) ، (هـ) ، (ص) ، (ر) .

(8)

إِنَّهُ: سَاقِطَةٌ (أ)(ب) .

(9)

ن، م، و: فِي.

ص: 25

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ (1) قَرَابَةٌ. فَقَالَ: قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا أَنْ تَوَدُّونِي فِي الْقَرَابَةِ الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ (2) .

فَابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ مِنْ كِبَارِ أَهْلِ الْبَيْتِ وَأَعْلَمِهِمْ بِتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، وَهَذَا تَفْسِيرُهُ الثَّابِتُ عَنْهُ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إِلَّا الْمَوَدَّةَ لِذَوِي (3) الْقُرْبَى. وَلَكِنْ قَالَ: إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى (4) أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ ذَوِي قُرْبَاهُ قَالَ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 41]، وَلَا يُقَالُ: الْمَوَدَّةُ فِي ذَوِي (5) الْقُرْبَى. وَإِنَّمَا يُقَالُ: الْمَوَدَّةُ لِذَوِي (6) الْقُرْبَى. فَكَيْفَ (* وَقَدْ قَالَ: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} (7) ؟ ! .

وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم لَا يَسْأَلُ أَجْرًا أَصْلًا، إِنَّمَا أَجْرُهُ *) (8) عَلَى اللَّهِ، وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ مُوَالَاةُ أَهْلِ الْبَيْتِ لَكِنْ بِأَدِلَّةٍ أُخْرَى غَيْرِ

(1) ب (فَقَطْ) : فِيهِمْ.

(2)

الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 4/178 - 179 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) ، 6/129 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ الشُّورَى) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/54 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ الشُّورَى) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 3/320، 4/205.

(3)

أ، ب: لِذِي.

(4)

يَتَكَلَّمُ ابْنُ الْمُطَهَّرِ فِيمَا يَأْتِي عَنِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَيَرُدُّ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَلَيْهِ رَدًّا مُفَصَّلًا. انْظُرْ (ك) ص [0 - 9] 52 (م) 153 (م) وَالرَّدَّ فِي (ب) 4/25 - 26.

(5)

أ، ب: فِي ذِي.

(6)

أ، ب: لِذِي.

(7)

ن، م، و: فَكَيْفَ يُقَالُ: الْمَوَدَّةُ فِي الْقُرْبَى، هـ، ر: فَكَيْفَ وَقَدْ قَالَ: الْمَوَدَّةُ فِي الْقُرْبَى.

(8)

مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ص) .

ص: 26

هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَيْسَتْ مُوَالَاتُنَا لِأَهْلِ الْبَيْتِ مَنْ أَجْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي شَيْءٍ.

وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ، وَلَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ بَعْدُ [قَدْ](1) تَزَوَّجَ بِفَاطِمَةَ وَلَا وُلِدَ لَهُ (2) أَوْلَادٌ.

وَأَمَّا آيَةُ الِابْتِهَالِ فَفِي الصَّحِيحِ أَنَّهَا لَمَّا نَزَلَتْ أَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ لِيُبَاهِلَ بِهِمْ (3) لَكِنْ خَصَّهُمْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ وُلِدَ ذَكَرٌ إِذْ ذَاكَ يَمْشِي مَعَهُ. وَلَكِنْ كَانَ يَقُولُ عَنِ الْحَسَنِ:" «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ» (4) " فَهُمَا ابْنَاهُ وَنِسَاؤُهُ (5)[إِذْ](6) لَمْ يَكُنْ قَدْ (7) بَقِيَ لَهُ بِنْتٌ إِلَّا فَاطِمَةَ رضي الله عنها (8) ، فَإِنَّ الْمُبَاهَلَةَ كَانَتْ لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ، وَهُمْ نَصَارَى، وَذَلِكَ كَانَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، بَلْ كَانَ سَنَةَ تِسْعٍ، وَفِيهَا نَزَلَ صَدْرُ آلِ عِمْرَانَ، وَفِيهَا فُرِضَ

(1) قَدْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(2)

أ، ب: لَهُمَا

(3)

آيَةُ الِابْتِهَالِ هِيَ آيَةٌ: 61 مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي يُشِيرُ إِلَيْهِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ جَاءَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه فِي: مُسْلِمٍ 4/1871 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيٍّ. . .) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4/293294 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، بَابُ: وَمِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 3/9798. وَسَيَتَكَلَّمُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِيمَا يَأْتِي (فِي (ب) 4/3334) عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ رَدًّا عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْمُطَهَّرِ فِي (ك) 154 (م) .

(4)

سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي هَذَا الْكِتَابِ 539 540.

(5)

ب (فَقَطْ) : فَهُمْ أَبْنَاؤُهُ وَنِسَاؤُهُ.

(6)

إِذْ: فِي (ب) فَقَطْ.

(7)

قَدْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(8)

رضي الله عنها: فِي (ن) ، (م) فَقَطْ.

ص: 27

الْحَجُّ، وَهِيَ سَنَةُ الْوُفُودِ. فَإِنَّ مَكَّةَ لَمَّا فُتِحَتْ سَنَةَ ثَمَانٍ قَدِمَتْ وُفُودُ الْعَرَبِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، فَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ اتِّصَالِهِمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ الْكِسَاءِ، وَلَكِنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ أَفْضَلَ مِنْ سَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا أَعْلَمَ مِنْهُمْ، لِأَنَّ الْفَضِيلَةَ بِكَمَالِ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى لَا بِقُرْبِ النَّسَبِ.

كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 13] . وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الصِّدِّيقَ كَانَ أَتْقَى الْأُمَّةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَتَوَاتَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا» "(1) وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ.

وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ عَنْ عَلِيٍّ (2) أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَلْفَ رَكْعَةٍ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَهْلِهِ بِالْفَضِيلَةِ وَجَهْلِهِ بِالْوَاقِعِ. أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ (3) هَذَا لَيْسَ بِفَضِيلَةٍ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ لَا يَزِيدُ فِي اللَّيْلِ عَلَى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً» (4) . وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ

(1) مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ فِي هَذَا الْكِتَابِ 1/512.

(2)

عَنْ عَلِيٍّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(3)

ن، م: فَإِنَّ.

(4)

وَرَدَ أَكْثَرُ مِنْ حَدِيثٍ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ جَاءَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَزِيدُ عَنْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ. انْظُرِ الْأَحَادِيثَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ رضي الله عنهما فِي: الْبُخَارِيِّ 2/51 (كِتَابُ التَّهَجُّدِ، بَابُ كَيْفَ كَانَ صَلَاةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَمْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ) ، مُسْلِمٍ 1/508 - 510 (كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ، بَابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ. . .) الْأَحَادِيثُ رَقْمَ 121 - 128، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 1/274 - 276 (كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي وَصْفِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ) .

ص: 28

[صلى الله عليه وسلم](1) : " «أَفْضَلُ الْقِيَامِ قِيَامُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ» "(2) .

وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ «كَانَ يَقُومُ إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ» (3) . وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ «بَلَغَهُ أَنَّ رِجَالًا يَقُولُ أَحَدُهُمْ: " أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ وَلَا أُفْطِرُ. وَيَقُولُ الْآخَرُ: وَأَمَّا أَنَا فَأَقُومُ وَلَا أَنَامُ. وَيَقُولُ الْآخَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَا آكُلُ اللَّحْمَ، وَيَقُولُ الْآخَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَكِنِّي أَصُومُ

(1) صلى الله عليه وسلم: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(2)

الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما فِي: الْبُخَارِيِّ 4/161 (كِتَابُ الْأَنْبِيَاءِ: بَابُ: أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ. .) وَنَصُّهُ: " أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ ") . وَالْحَدِيثُ فِي: الْبُخَارِيِّ 2

(كِتَابُ التَّهَجُّدِ، بَابُ مَنْ نَامَ عِنْدَ السَّحَرِ) ، مُسْلِمٍ 2/816 (كِتَابُ الصِّيَامِ، بَابُ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ. .) الْحَدِيثَانِ رَقْمُ 189، 190، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 4/168 (كِتَابُ الصِّيَامِ، بَابُ صِيَامِ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عليه السلام) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/546 (كِتَابُ الصِّيَامِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي صِيَامِ دَاوُدَ عليه السلام) ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 2/440 (كِتَابُ الصَّوْمِ، بَابٌ فِي صَوْمِ يَوْمٍ، وَفِطْرِ يَوْمٍ) .

(3)

الْحَدِيثَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي: الْبُخَارِيِّ 2/50 (كِتَابُ التَّهَجُّدِ، بَابُ مَنْ نَامَ عِنْدَ السَّحَرِ) وَنَصُّهُ:. . سَمِعْتُ مَسْرُوقًا قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَيُّ الْعَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: الدَّائِمُ. قُلْتُ: مَتَى كَانَ يَقُومُ. قَالَتْ: يَقُومُ إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي " النِّهَايَةِ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ وَالْأَثَرِ " فِي شَرْحِ مَعْنَى كَلِمَةِ " الصَّارِخِ ": " يَعْنِي الدِّيكَ، لِأَنَّهُ كَثِيرُ الصِّيَاحِ فِي اللَّيْلِ ". وَالْحَدِيثُ عَنْهَا أَيْضًا فِي: الْبُخَارِيِّ 8/98 (كِتَابُ الرِّقَاقِ، بَابُ الْقَصْدِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ) ، مُسْلِمٍ 1/511 (كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ، بَابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ. . .) ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 3/169 (كِتَابُ قِيَامِ اللَّيْلِ، بَابُ وَقْتِ الْقِيَامِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 6/110، 147، 203، 279.

ص: 29

وَأُفْطِرُ، وَأَقُومُ وَأَنَامُ، وَآكُلُ اللَّحْمَ، أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» " (1) .

وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّهُ قَالَ: لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ. [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم] (2) : " لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ، وَنَفَهَتْ لَهُ النَّفْسُ. إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَآتِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ» " (3) .

فَالْمُدَاوَمَةُ عَلَى قِيَامِ جَمِيعِ اللَّيْلِ (4) لَيْسَ بِمُسْتَحَبٍّ، بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ بِسُنَّةِ (5) النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الثَّابِتَةِ عَنْهُ. وَهَكَذَا مُدَاوَمَةُ صِيَامِ النَّهَارِ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصِّيَامِ [صِيَامُ دَاوُدَ عليه السلام] (6) : صِيَامُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ.

(1) الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ (كِتَابُ النِّكَاحِ، بَابُ التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ) ، مُسْلِمٍ 2/1020 (كِتَابُ النِّكَاحِ، بَابُ اسْتِحْبَابِ النِّكَاحِ لِمَنْ تَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَيْهِ. .) ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 6/4950 (كِتَابُ النِّكَاحِ، بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّبَتُّلِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/241، 259، 258.

(2)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِيَادَةٌ فِي (ص) ، (ر) ، (هـ) .

(3)

الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما فِي: الْبُخَارِيِّ 2/54 (كِتَابُ التَّهَجُّدِ، بَابُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. .) ، 3/39 (كِتَابُ الصَّوْمِ، بَابُ حَقِّ الْجِسْمِ فِي الصَّوْمِ) ، 4/160 (كِتَابُ الْأَنْبِيَاءِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا) ، مُسْلِمٍ 2/816 (كِتَابُ الصِّيَامِ، بَابُ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ. . .) ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 4/180 (كِتَابُ الصِّيَامِ، بَابُ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ. . .) .

(4)

ص: قِيَامِ اللَّيْلِ جَمِيعِهِ، م: قِيَامِ كُلِّ اللَّيْلِ.

(5)

أ، ب: بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ، لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ. . .

(6)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

ص: 30

وَأَيْضًا فَالَّذِي ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «كَانَ يُصَلِّي فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ رَكْعَةً» ، وَعَلِيٌّ رِضَى اللَّهُ عَنْهُ أَعْلَمُ بِسُنَّتِهِ، وَأَتْبَعُ لِهَدْيِهِ مِنْ أَنْ (1) يُخَالِفَهُ (2) هَذِهِ الْمُخَالَفَةَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا، فَكَيْفَ وَصَلَاةُ أَلْفِ رَكْعَةٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، مَعَ الْقِيَامِ بِسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ (3) مِنْ أَكْلٍ وَنَوْمٍ، وَقَضَاءِ حَقِّ أَهْلٍ (4) ، وَقَضَاءِ حُقُوقِ الرَّعِيَّةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي تَسْتَوْعِبُ مِنَ (5) الزَّمَانِ إِمَّا النِّصْفَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ. وَالسَّاعَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تَتَّسِعُ لِثَمَانِينَ (6) رَكْعَةً، وَمَا يُقَارِبُ ذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَقْرًا كَنَقْرِ الْغُرَابِ، وَعَلِيٌّ أَجَلُّ مِنْ أَنْ (7) يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْمُنَافِقِينَ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" «تِلْكَ صَلَاةُ، تِلْكَ صَلَاةُ، تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ (8) : يَرْقُبُ (9) الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا» "(10) . وَقَدْ

(1) ب (فَقَطْ) : وَأَتْبَعُ لِهَدْيِهِ وَأَبْعَدُ مِنْ أَنْ.

(2)

أ، ص، م: يُخَالِفَ.

(3)

لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(4)

أ، ب: وَقَضَاءِ حَاجَةِ الْأَهْلِ.

(5)

مِنَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(6)

أ: لَا تَسَعُ لِمِائَتَيْنِ، ب: لَا تِسَعُ مِائَتَيْ. .

(7)

ن، و، هـ: مِنْ ذَلِكَ أَنْ. . .

(8)

(8 - 8) : سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(9)

أ، ب: يَتَرَقَّبُ.

(10)

الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي مُسْلِمٍ 1/434 (كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ فِيهَا، بَابُ اسْتِحْبَابِ التَّبْكِيرِ بِالْعَصْرِ) ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 1/167168 (كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابٌ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 1/107 (كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِ الْعَصْرِ) ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 1/203 (كِتَابُ الْمَوَاقِيتِ، بَابُ التَّشْدِيدِ فِي تَأْخِيرِ الْعَصْرِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/149.

ص: 31

نَهَى عَنْ نَقْرٍ كَنَقْرِ الْغُرَابِ (1) ، فَنَقْلُ مِثْلِ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ يَدُلُّ عَلَى جَهْلِ نَاقِلِهِ (2) ، ثُمَّ إِنَّ (3) إِحْيَاءَ اللَّيْلِ بِالتَّهَجُّدِ وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي رَكْعَةٍ هُوَ ثَابِتٌ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه، فَتَهَجُّدُهُ وَتِلَاوَتُهُ الْقُرْآنَ أَظْهَرُ مِنْ غَيْرِهِ.

وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ: إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (4) كَانَ أَفْضَلَ الْخَلْقِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ، يُنَازِعُهُ فِيهَا (5) جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ.

وَقَوْلُهُ: جَعَلَهُ اللَّهُ نَفْسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (6) حَيْثُ قَالَ: {وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 61] وَوَاخَاهُ (7) .

فَيُقَالُ: أَمَّا حَدِيثُ الْمُؤَاخَاةِ فَبَاطِلٌ مَوْضُوعٌ (8) ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُؤَاخِ أَحَدًا، وَلَا آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ بَعْضِهِمْ مَعَ (9) بَعْضٍ، وَلَا بَيْنَ

(1) الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 1/316 (كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابُ صَلَاةِ مَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) وَنَصُّهُ: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ، وَافْتِرَاشِ السَّبُعِ، وَأَنْ يُوَطِّنَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يُوَطِّنُ الْبَعِيرُ ". وَهُوَ أَيْضًا فِي: سَنَّنِ النَّسَائِيِّ 2/169 (كِتَابُ التَّطْبِيقِ، بَابُ النَّهْيِ عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/459 (كِتَابُ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي تَوْطِينِ الْمَكَانِ. .) ، سُنَنِ الدَّارِمِيِّ 1/303 (كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابُ النَّهْيِ عَنِ الِافْتِرَاشِ وَنَقْرَةِ الْغُرَابِ) وَالْحَدِيثُ فِي مَوَاضِعَ فِي الْمُسْنَدِ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي " صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " 6/70.

(2)

أ، ب: قَائِلِهِ.

(3)

إِنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(4)

ن، م، إِنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه. .

(5)

أ، ب: تَنَازَعَ فِيهَا.

(6)

ن، م، و، هـ، ر: نَفْسَ رَسُولِهِ.

(7)

وَوَاخَاهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(8)

ذَكَرَ ابْنُ الْمُطَهَّرِ حَدِيثَ الْمُؤَاخَاةِ الْمَوْضُوعِ بِالتَّفْصِيلِ فِي (ك) 169 (م) 170 (م) ، وَرَدَّ ابْنُ تَيْمِيَةَ عَلَى اسْتِدْلَالِهِ بِهِ رَدًّا مُفَصَّلًا فِيمَا يَأْتِي (ب [0 - 9] \ 9697) .

(9)

أ، ب: مِنْ.

ص: 32

الْأَنْصَارِ بَعْضِهِمْ مَعَ (1) بَعْضٍ، وَلَكِنْ آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، كَمَا آخَى بَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَآخَى بَيْنَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ (2) وَأَمَّا قَوْلُهُ:{وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} فَهَذَا مِثْلَ قَوْلِهِ: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} [سُورَةُ النُّورِ: 12] نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ [عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي](3) الْإِفْكِ (4) فَإِنَّ الْوَاحِدَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِ (5) الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [سُورَةُ

(1) أ، ب: مِنْ.

(2)

أَخْبَارُ مُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ مِنَ الْبُخَارِيِّ. انْظُرْ مَثَلًا: الْبُخَارِيِّ 5/3132 (كِتَابُ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ، بَابُ إِخَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ) ، 5/69 (كِتَابُ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ، بَابُ كَيْفَ آخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَصْحَابِهِ) وَانْظُرْ أَيْضًا: مُسْلِمٍ 4/1960 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ مُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَصْحَابِهِ. .)، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ: 4/23 (كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ 48) .

(3)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(4)

حَدِيثُ الْإِفْكِ حَدِيثٌ طَوِيلٌ جَاءَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها. وَأَوَّلُهُ وَهَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ: 5/116 قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا. . وَالْحَدِيثُ فِي: الْبُخَارِيِّ 3/173 176 (كِتَابُ الشَّهَادَاتِ، بَابُ تَعْدِيلِ النِّسَاءِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا) ، 5/116 120 (كِتَابُ الْمُغَازِي، بَابُ حَدِيثِ الْإِفْكِ) ، 6/76 77 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ يُوسُفَ) ، مُسْلِمٍ 4/2129 2138 (كِتَابُ التَّوْبَةِ، بَابٌ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ. . .) ، الْمُسْنَدٍ (ط. الْحَلَبِيِّ) 6/194 197.

(5)

أ، ب: نَفْسِ.

ص: 33

الْبَقَرَةِ: 54] : أَيْ يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا (1) . وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 84] أَيْ لَا يُخْرِجُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا (2) فَالْمُرَادُ بِالْأَنْفُسِ الْإِخْوَانُ: إِمَّا فِي النَّسَبِ وَإِمَّا فِي الدِّينِ (3) .

وَقَدْ «قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: " أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ» " (4)

(1) انْظُرْ تَفْسِيرَ الْآيَةِ فِي: تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ (ط. الْمَعَارِفِ) 2/72، 79، وَانْظُرِ الْأَثَرَ رَقْمَ 934 (ص [0 - 9] 3) . . عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: " فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، قَالَ: عَمَدُوا إِلَى الْخَنَاجِرِ فَجَعَلَ يَطْعَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.

(2)

فِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ لِهَذِهِ الْآيَةِ 2/301 (ط. الْمَعَارِفِ) . . . عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ: " وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَائَكُمْ "، يَقُولُ: لَا يَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، " وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ "، يَقُولُ: لَا يُخْرِجْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا مِنَ الدِّيَارِ.

(3)

انْظُرْ تَفْسِيرَ الشِّيعَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ) كَمَا نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ عُلَمَائِهِمُ الدُّكْتُورُ أَحْمَد صُبْحِي فِي كِتَابِهِ " نَظَرِيَّةِ الْإِمَامَةِ لَدَى الشِّيعَةِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةِ " ص [0 - 9] 77 178، ط الْمَعَارِفِ، 1969.

(4)

هَذِهِ الْعِبَارَةُ جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه جَاءَ فِي ثَلَاثِ مَوَاضِعَ فِي: الْبُخَارِيِّ 3/184 185 (كِتَابُ الصُّلْحِ، بَابُ كَيْفَ يَكْتُبُ هَذَا مَا صَالَحَ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ. .) وَهُوَ حَدِيثُ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ أَوَّلُهُ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ كَتَبَ عَلِيٌّ بَيْنَهُمْ كِتَابًا. . . وَفِيهِ: قَالَ: " أَنَا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ " وَآخِرُ الْحَدِيثِ: " فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَتَبِعَتْهُمُ ابْنَةُ حَمْزَةَ: يَا عَمِّ يَا عَمِّ، فَتَنَاوَلَهَا عَلِيٌّ فَأَخَذَهَا بِيَدِهَا، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ عليها السلام: دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ احْمِلِيهَا، فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ، فَقَالَ عَلِيٌّ أَنَا أَحَقُّ بِهَا، وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّي. وَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي. وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي. فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِخَالَتِهَا، وَقَالَ: " الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ " وَقَالَ لِعَلِيٍّ: " أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ ". وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: " أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي " وَقَالَ لِزَيْدٍ: " أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا ". وَجَاءَ الْحَدِيثُ أَيْضًا فِي: الْبُخَارِيِّ 4/103 104 (كِتَابُ الْجِزْيَةِ وَالْمُوَادَعَةِ، بَابُ الْمُصَالَحَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. . .) وَلَكِنْ لَمْ تَرِدْ فِيهِ هَذِهِ الْعِبَارَةُ، 5/141 142 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ) وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي أَوَّلِ بَابِ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ 5/18 وَلَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْحَدِيثَ كَامِلًا. وَجَاءَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي أَحَادِيثَ أُخْرَى مِنْهَا حَدِيثٌ عَنْ حَبَشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/299 300 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ 85) وَنَصُّهُ: " عَلِيٌّ مِنِّي وَأَنَا مِنْ عَلِيٍّ وَلَا يُؤَدِّي عَنِّي إِلَّا أَنَا أَوْ عَلِيٌّ ". وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي: سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/44 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابُ فَضْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/164، 165. وَجَاءَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 5/204 وَانْظُرِ: الرِّيَاضَ النَّضِرَةَ لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ 2/225 226.

ص: 34

وَقَالَ لِلْأَشْعَرِيِّينَ: " إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ نَفِدَتْ نَفَقَةُ عِيَالِهِمْ (1) بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ مَعَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ قَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، هُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ " وَهَذَا فِي الصَّحِيحِ (2) ، وَالْأَوَّلُ أَيْضًا فِي الصَّحِيحِ.

وَفِي الصَّحِيحِ [أَيْضًا](3) أَنَّهُ «قَالَ لِجُلَيْبِيبٍ (4) : " هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ [هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ] » (5)(6) وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ.

(1) ن، م، و، هـ، ر: عِيَالَاتِهِمْ.

(2)

الْحَدِيثُ بِأَلْفَاظٍ مُقَارَبَةٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 3/138 (كِتَابُ الشَّرِكَةِ، بَابُ الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ وَالنَّهْدِ. . .) ، مُسْلِمٌ 4/1944 1945 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ الْأَشْعَرِيِّينَ رضي الله عنهم) . وَمَعْنَى " أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ ": أَيْ فَنِيَ طَعَامُهُمْ.

(3)

أَيْضًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

(4)

فِي جَمِيعِ النُّسَخِ: خَيْبَبٍ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَالتَّصْوِيبُ مِنَ " الْمُنْتَقَى مِنْ مِنْهَاجِ الِاعْتِدَالِ " لِلذَّهَبِيِّ، ص 170. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْإِصَابَةِ 1/244 عَنْهُ رضي الله عنه:" غَيْرُ مَنْسُوبٍ تَصْغِيرُ جِلْبَابٍ ".

(5)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (أ) ، (ب) .

(6)

الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه فِي: مُسْلِمٍ 4/1918 1919. وَنَصُّهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي مَغْزًى لَهُ، فَأَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: " هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا. ثُمَّ قَالَ: " هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا. . ثُمَّ قَالَ:" هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟ " قَالُوا: لَا. قَالَ: " لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا، فَطَلَبُوهُ " فَطُلِبَ فِي الْقَتْلَى، فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ، ثُمَّ قَتَلُوهُ. فَأَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ:" قَتَلَ سَبْعَةً، ثُمَّ قَتَلُوهُ. هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ ". قَالَ: فَوَضَعَهُ عَلَى سَاعِدَيْهِ، لَيْسَ لَهُ إِلَّا سَاعِدَا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَحُفِرَ لَهُ وَوُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ غُسْلًا ". وَالْحَدِيثُ فِي: الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/421، 422، 425.

ص: 35