الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ: " فَقَتَلَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ " فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ» (1) .
[كلام الرافضي على خالد بن الوليد رضي الله عنه بأنه قَتَلَ مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ صَبْرًا وَهُوَ مُسْلِمٌ وَعَرَّسَ بِامْرَأَتِهِ والرد عليه]
(فَصْلٌ) ر، ص، هـ: الْفَصْلُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ..
قَالَ الرَّافِضِيُّ (2)
: " وَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنْفَذَهُ أَبُو بَكْرٍ لِقِتَالِ أَهْلِ الْيَمَامَةِ قَتَلَ مِنْهُمْ أَلْفًا وَمِائَتَيْ نَفَرٍ (3) .
مَعَ تَظَاهُرِهِمْ بِالْإِسْلَامِ، وَقَتَلَ مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ صَبْرًا (4) وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَعَرَّسَ (5) بِامْرَأَتِهِ (6) ، وَسَمَّوْا بَنِي حَنِيفَةَ أَهْلَ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوا الزَّكَاةَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَقِدُوا إِمَامَتَهُ، وَاسْتَحَلَّ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ ك: دِمَائَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَنِسَائَهُمْ.
حَتَّى أَنْكَرَ عُمَرُ عَلَيْهِ، فَسَمَّوْا مَانِعَ الزَّكَاةِ مُرْتَدًّا، وَلَمْ يُسَمُّوا مَنِ اسْتَحَلَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَمُحَارَبَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُرْتَدًّا، مَعَ أَنَّهُمْ سَمِعُوا قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَلِيُّ
(1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/560.
(2)
فِي (ك) ص [0 - 9] 15 (م) - 116 (م) .
(3)
ن، م: أَلْفَيْ وَمِائَتَيْ نَفَرٍ، ص، هـ: أَلْفَانِ وَمِائَتَيْ نَفَرٍ ; ك: أَلْفًا وَمِائَتَيْ نَفْسٍ
(4)
ك: ظُلْمًا.
(5)
ص، ب: وَأَعْرَسَ.
(6)
ك: وَعَرَّسَ لَيْلَةَ قَتْلِهِ بِامْرَأَتِهِ.
حَرْبُكَ حَرْبِي، وَسِلْمُكَ سِلْمِي حَرْبُكَ (1) .
، وَمُحَارِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَافِرٌ بِالْإِجْمَاعِ» ".
وَالْجَوَابُ بَعْدُ أَنْ يُقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُرْتَدِّينَ الْمُفْتَرِينَ، أَتْبَاعِ الْمُرْتَدِّينَ * الَّذِينَ بَرَزُوا بِمُعَادَاةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَكِتَابِهِ وَدِينِهِ، وَمَرَقُوا مِنَ الْإِسْلَامِ وَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، وَشَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَعِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَوَلَّوْا أَهْلَ الرِّدَّةِ وَالشِّقَاقِ * (2) .، فَإِنَّ هَذَا الْفَصْلَ وَأَمْثَالَهُ مِنْ كَلَامِهِمْ يُحَقِّقُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ الْمُتَعَصِّبِينَ عَلَى الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَحِزْبِهِ [مِنْ أُصُولِهِمْ](3) مِنْ جِنْسِ الْمُرْتَدِّينَ الْكُفَّارِ، كَالْمُرْتَدِّينَ الَّذِينَ قَاتَلَهُمُ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه.
وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْيَمَامَةِ هُمْ بَنُو حَنِيفَةَ الَّذِينَ كَانُوا قَدْ آمَنُوا بِمُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ، الَّذِي ادَّعَى النُّبُوَّةَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ قَدْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ، وَقَالَ: إِنْ جَعَلَ مُحَمَّدٌ لِيَ (4) الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ آمَنْتُ بِهِ. ثُمَّ لَمَّا صَارَ إِلَى الْيَمَامَةِ ادَّعَى أَنَّهُ شَرِيكُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي النُّبُوَّةِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَدَّقَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَشَهِدَ لَهُ الرَّجَّالُ بْنُ عُنْفُوَةَ (5) .
. وَكَانَ قَدْ صَنَّفَ قُرْآنًا يَقُولُ فِيهِ: " وَالطَّاحِنَاتُ طَحْنًا، فَالْعَاجِنَاتُ عَجْنًا، فَالْخَابِزَاتُ خَبْزًا، إِهَالَةً وَسَمْنًا، إِنَّ الْأَرْضَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ
(1) حَرْبِي وَسِلْمُكَ سِلْمِي: كَذَا فِي (و)، (ك) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: حَرْبِي حَرْبُكَ وسِلْمِي سِلْمُكَ
(2)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (و)
(3)
عِبَارَةُ مِنْ أُصُولِهِمْ: زِيَادَةٌ فِي (و) .
(4)
ص، ب: إِنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ.
(5)
الرَّجَّالُ بْنُ عُنْفُوَةَ: كَذَا فِي (أ) ، (و) . وَفِي (ر) ، (ص)،. (هـ) : الرَّحَّالُ بْنُ عُنْفُوَهْ. وَفِي (ن)، (م) : الرَّجَّالُ مِنْ عُنْفُوَةَ. وَفِي " فُتُوحِ الْبُلْدَانِ " لِلْبَلَاذُرِيِّ 1/105 (تَحْقِيقُ صَلَاحِ الدِّينِ الْمُنْجِدِ، ط، النَّهْضَةِ الْمِصْرِيَّةِ، الْقَاهِرَةِ 1956) : " فَلَمَّا انْصَرَفَ وَفْدُ بَنِي حَنِيفَةَ إِلَى الْيَمَامَةِ ادَّعَى مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ النُّبُوَّةَ، وَشَهِدَ لَهُ الرَّجَّالُ بْنُ عُنْفُوَةَ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشْرَكَهُ فِي الْأَمْرِ مَعَهُ فَاتَّبَعَهُ بَنُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ بِالْيَمَامَةِ " انْظُرْ 1/106. وَانْظُرِ: الْبِدَايَةَ وَالنِّهَايَةَ 6/323 ; الْأَعْلَامَ 8/125 - 126 (فِي تَرْجَمَةِ مُسَيْلِمَةَ وَسَمَّاهُ الزِّرِكْلِيُّ: الرَّحَّالَ)
قُرَيْشٍ نِصْفَيْنِ وَلَكِنَّ قُرَيْشًا قَوْمٌ لَا يَعْدِلُونَ ". [ (* وَمِنْهُ قَوْلُهُ لَعَنَهُ اللَّهُ: " يَا ضِفْدَعُ بِنْتُ ضِفْدَعِينَ، نِقِّى كَمْ تَنِقِّينَ، لَا الْمَاءَ تُكَدِّرِينَ، وَلَا الشَّارِبَ تَمْنَعِينَ، رَأْسُكِ فِي الْمَاءِ وَذَنَبُكِ فِي الطِّينِ "] (1) . وَمِنْهُ قَوْلُهُ لَعَنَهُ اللَّهُ: " الْفِيلُ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْفِيلُ، لَهُ زَلُّومٌ (2)
طَوِيلٌ، إِنَّ ذَلِكَ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا الْجَلِيلِ " (3)
وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْهَذَيَانِ السَّمِجِ الَّذِي قَالَ فِيهِ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه لِقَوْمِهِ لَمَّا قَرَءُوهُ عَلَيْهِ: " وَيْلَكُمْ أَيْنَ (4) .
يَذْهَبُ بِعُقُولِكُمْ، إِنَّ هَذَا كَلَامٌ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ إِلٍّ
* (5)(6) .
وَكَانَ هَذَا الْكَذَّابُ قَدْ كَتَبَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " مِنْ مُسَيْلِمَةَ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ أُشْرِكْتُ فِي الْأَمْرِ مَعَكَ ". فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ ". فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَقَاتَلَهُ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، بَعْدَ أَنْ قَاتَلَ
(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
ص، ب: زَنُّومٌ.
(3)
ر: لَجَلِيلٌ.
(4)
ن، م: أَنْ
(5)
أ، ب: مِنْ إِلَهٍ
(6)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (و) .
خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ طُلَيْحَةَ الْأَسَدِيَّ، الَّذِي كَانَ أَيْضًا قَدِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ، وَاتَّبَعَهُ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ. فَلَمَّا نَصَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى هَؤُلَاءِ وَهَزَمُوهُمْ، وَقُتِلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيُّ، وَأَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ طُلَيْحَةُ الْأَسَدِيُّ هَذَا، ذَهَبُوا (1)
بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى قِتَالِ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ بِالْيَمَامَةِ، وَلَقِيَ الْمُؤْمِنُونَ فِي حَرْبِهِ شِدَّةً عَظِيمَةً، وَقُتِلَ فِي حَرْبِهِ طَائِفَةٌ مِنْ خِيَارِ الصَّحَابَةِ (2) مِثْلُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، وَثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ (3) ، وَأُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ وَغَيْرُهُمْ (4) .
وَفِي الْجُمْلَةِ فَأَمْرُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ وَادِّعَاؤُهُ النُّبُوَّةَ وَاتِّبَاعُ بَنِي حَنِيفَةَ لَهُ بِالْيَمَامَةِ، وَقِتَالُ الصِّدِّيقِ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، أَمْرٌ مُتَوَاتِرٌ مَشْهُورٌ، قَدْ عَلِمَهُ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ، كَتَوَاتُرِ أَمْثَالِهِ. وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ الْخَاصَّةُ، بَلْ عِلْمُ النَّاسِ بِذَلِكَ أَظْهَرُ مِنْ عِلْمِهِمْ بِقِتَالِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ، فَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكَلَامِ أَنَّهُ أَنْكَرَ الْجَمَلَ وَصِفِّينَ، وَهَذَا الْإِنْكَارُ - وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا - فَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا ص: أَنَّ أَحَدًا.
أَنْكَرَ قِتَالَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، وَأَنَّ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ ادَّعَى النُّبُوَّةَ، وَأَنَّهُمْ قَاتَلُوهُ (5) عَلَى ذَلِكَ.
(1) ر: ثُمَّ ذَهَبُوا.
(2)
ن، م، و، هـ، ص: خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ.
(3)
أ، ب، ص، و ; شَمَّاسٍ.
(4)
فِي نُسْخَةٍ (و) بَعْدَ كَلِمَةِ " وَغَيْرُهُمْ) تُوجَدُ عِبَارَةُ " وَقُرْآنُ مُسَيْلِمَةَ " ثُمَّ يُوجَدُ سَقْطٌ طَوِيلٌ سَأُشِيرُ إِلَى نِهَايَتِهِ فِي مَوْضِعِهِ بِإِذْنِ اللَّهِ.
(5)
وَأَنَّهُمْ قَاتِلُوهُ: كَذَا فِي (ص)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَأَنَّهُمْ قُوتِلُوا.
لَكِنَّ هَؤُلَاءِ الرَّافِضَةَ مِنْ جَحْدِهِمْ لِهَذَا (1) وَجَهْلِهِمْ بِهِ بِمَنْزِلَةِ إِنْكَارِهِمْ لِكَوْنِ (2) أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ دُفِنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَإِنْكَارِهِمْ لِمُوَالَاةِ (3) أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَدَعْوَاهُمْ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى عَلِيٍّ بِالْخِلَافَةِ. بَلْ مِنْهُمْ مَنْ يُنْكِرُ أَنْ تَكُونَ زَيْنَبُ وَرُقَيَّةُ وَأُمُّ كُلْثُومٍ مِنْ بَنَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَيَقُولُونَ: إِنَّهُنَّ لِخَدِيجَةَ مِنْ زَوْجِهَا الَّذِي كَانَ كَافِرًا قَبْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ عُمَرَ غَصَبَ بِنْتَ عَلِيٍّ حَتَّى زَوَّجَهُ بِهَا، وَأَنَّهُ تَزَوَّجَ غَصْبًا فِي الْإِسْلَامِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُمْ بَعَجُوا بَطْنَ فَاطِمَةَ حَتَّى أُسْقِطَتْ، وَهَدَمُوا سَقْفَ بَيْتِهَا عَلَى مَنْ فِيهِ، وَأَمْثَالُ هَذِهِ الْأَكَاذِيبِ الَّتِي يَعْلَمُ مَنْ لَهُ أَدْنَى عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ أَنَّهَا كَذِبٌ، فَهُمْ دَائِمًا يَعْمِدُونَ إِلَى الْأُمُورِ الْمَعْلُومَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ يُنْكِرُونَهَا، وَإِلَى الْأُمُورِ الْمَعْدُومَةِ الَّتِي لَا حَقِيقَةَ لَهَا يُثْبِتُونَهَا. فَلَهُمْ أَوْفَرُ نَصِيبٍ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ} سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ فَهُمْ يَفْتَرُونَ الْكَذِبَ وَيُكَذِّبُونَ بِالْحَقِّ، وَهَذَا حَالُ الْمُرْتَدِّينَ.
وَهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَمَنِ اتَّبَعَهُمَا ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ (4)
. وَقَدْ عَلِمَ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ هُوَ الَّذِي قَاتَلَ الْمُرْتَدِّينَ، فَإِذَا كَانُوا يَدَّعُونَ أَنَّ أَهْلَ الْيَمَامَةِ مَظْلُومُونَ قُتِلُوا بِغَيْرِ حَقٍّ، وَكَانُوا مُنْكِرِينَ لِقِتَالِ أُولَئِكَ
(1) أ، ب: لِحَجْرِهِمْ لِهَذَا.
(2)
ب (فَقَطْ) : كَوْنِ.
(3)
ن، م: مُوَالَاةَ.
(4)
ر، هـ: عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ.
مُتَأَوِّلِينَ لَهُمْ، كَانَ هَذَا مِمَّا يُحَقِّقُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْخَلَفَ تَبَعٌ لِأُولَئِكَ السَّلَفِ، وَأَنَّ الصِّدِّيقَ وَأَتْبَاعَهُ يُقَاتِلُونَ الْمُرْتَدِّينَ فِي كُلِّ زَمَانٍ.
وَقَوْلُهُ: " إِنَّهُمْ سَمَّوْا بَنِي حَنِيفَةَ مُرْتَدِّينَ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوا الزَّكَاةَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ".
فَهَذَا مِنْ أَظْهَرِ الْكَذِبِ وَأَبْيَنِهِ ; فَإِنَّهُ إِنَّمَا قَاتَلَ بَنِي حَنِيفَةَ لِكَوْنِهِمْ آمَنُوا بِمُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ، وَاعْتَقَدُوا نُبُوَّتَهُ. وَأَمَّا مَانِعُو الزَّكَاةِ فَكَانُوا قَوْمًا آخَرِينَ غَيْرَ بَنِي حَنِيفَةَ. وَهَؤُلَاءِ كَانَ قَدْ وَقَعَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ شُبْهَةٌ فِي جَوَازِ قِتَالِهِمْ. وَأَمَّا بَنُو حَنِيفَةَ فَلَمْ يَتَوَقَّفْ أَحَدٌ فِي وُجُوبِ قِتَالِهِمْ (1) . وَأَمَّا مَانِعُو الزَّكَاةِ «فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا قَالُوهَا (2) عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ ". فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: أَلَمْ يَقُلْ: " إِلَّا بِحَقِّهَا " فَإِنَّ الزَّكَاةَ مِنْ حَقِّهَا. وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي [عَنَاقًا أَوْ](3) عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ» " (4) .
(1) هـ: فِي قِتَالِهِمْ ; ص: فِي جَوَازِ قِتَالِهِمْ.
(2)
ص: قَالُوا هَذَا.
(3)
عَنَاقًا أَوْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(4)
ص: عَلَى مَنْعِهِ. وَالْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 9/93 94 (كِتَابُ الِاعْتِصَامِ، بَابُ الِاقْتِدَاءِ بِسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) ; مُسْلِمٍ 1/51 52 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ الْأَمْرِ بِقِتَالِ النَّاسِ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. . . .) ; سُنَنِ النَّسَائِيِّ 5/10 11 (كِتَابُ الزَّكَاةِ، بَابُ مَانِعِ الزَّكَاةِ) ; الْمُوَطَّأِ 1/269 (كِتَابُ الزَّكَاةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي أَخْذِ الصَّدَقَاتِ وَالتَّشْدِيدِ فِيهَا) .