الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كلام الرافضي على منع فاطمة من إرث فدك]
فَصْلٌ. (1)
قَالَ الرَّافِضِيُّ (2) : " وَلَمَّا ذَكَرَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ أَبَاهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهَبَهَا فَدَكَ (3) قَالَ [لَهَا](4) : هَاتِ أَسْوَدَ أَوْ أَحْمَرَ يَشْهَدُ (5) لَكِ بِذَلِكَ، فَجَاءَتْ بِأُمِّ أَيْمَنَ (6) ، فَشَهِدَتْ لَهَا بِذَلِكَ، فَقَالَ: امْرَأَةٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا. وَقَدْ رَوَوْا جَمِيعًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (7) صلى الله عليه وسلم قَالَ: أُمُّ أَيْمَنَ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَجَاءَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (8) فَشَهِدَ لَهَا بِذَلِكَ، فَقَالَ: هَذَا بَعْلُكِ يَجُرُّهُ إِلَى نَفْسِهِ وَلَا نَحْكُمُ (9) بِشَهَادَتِهِ لَكِ، وَقَدْ رَوَوْا جَمِيعًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: عَلِيٌّ مَعَ الْحَقِّ، وَالْحَقُّ مَعَهُ (10) يَدُورُ [مَعَهُ](11) حَيْثُ دَارَ لَنْ (12) يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ، فَغَضِبَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا
(1) ر، ص، هـ: الْفَصْلُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ.
(2)
فِي (ك) ص [0 - 9] 10 (م) .
(3)
ك: وَلَمَّا ذَكَرَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَهَبَهَا فَدَكًا.
(4)
لَهَا: فِي (أ)، (ك) . وَفِي (ب) : قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَهَا. 1
(5)
ك: لِيَشْهَدَ. 1
(6)
ن، م، هـ، ص: أُمُّ أَيْمَنَ. 1
(7)
عِنْدَ لَفْظِ الْجَلَالَةِ تَعُودُ نُسْخَةُ (ر) .
(8)
ك: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام.
(9)
وَلَا نَحْكُمُ: كَذَا فِي (ب)، (ك) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: لَا يُحْكَمُ.
(10)
مَعَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ. 1
(11)
مَعَهُ: فِي (ب) ، (ك) فَقَطْ. 1
(12)
لَنْ: كَذَا فِي (و)، (ك) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَلَنْ.
السَّلَامُ - (1) عِنْدَ ذَلِكَ وَانْصَرَفَتْ (2) ، وَحَلَفَتْ أَنْ لَا تُكَلِّمَهُ وَلَا صَاحِبَهُ (3) حَتَّى تَلْقَى أَبَاهَا وَتَشْكُوَ إِلَيْهِ (4) ، فَلَمَّا حَضَرَتْهَا الْوَفَاةُ أَوْصَتْ عَلِيًّا أَنْ يَدْفِنَهَا لَيْلًا (5) وَلَا يَدَعَ أَحَدًا مِنْهُمْ يُصَلِّي عَلَيْهَا، وَقَدْ رَوَوْا جَمِيعًا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَا فَاطِمَةُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغْضَبُ لِغَضَبِكِ وَيَرْضَى لِرِضَاكِ. وَرَوَوْا (6) جَمِيعًا [أَنَّهُ قَالَ](7) : «فَاطِمَةُ (8) . بِضْعَةٌ مِنِّي، مَنْ آذَاهَا فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي، فَقَدَ آذَى اللَّهَ» . وَلَوْ كَانَ هَذَا الْخَبَرُ صَحِيحًا (9) حَقًّا لَمَا جَازَ لَهُ تَرْكُ الْبَغْلَةِ الَّتِي خَلَّفَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَسَيْفِهِ وَعِمَامَتِهِ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ، وَلَمَا (10) حَكَمَ لَهُ بِهَا لَمَّا ادَّعَاهَا الْعَبَّاسُ، وَلَكَانَ أَهْلُ الْبَيْتِ الَّذِينَ طَهَّرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنَ الرِّجْسِ مُرْتَكِبِينَ مَا لَا يَجُوزُ (11) ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِمْ مُحَرَّمَةٌ. وَبَعْدَ ذَلِكَ جَاءَ إِلَيْهِ (12) مَالُ الْبَحْرَيْنِ وَعِنْدَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ النَّبِيَّ
(1) عليها السلام: فِي (م) ، (ك) فَقَطْ.
(2)
ب: فَانْصَرَفَتْ. وَسَقَطَتِ الْكَلِمَةُ مِنْ (أ) .
(3)
ك (فَقَطْ) : وَلَا تُصَاحِبُهُ.
(4)
ن، م: وَتَشْكُوَ إِلَيْهِ خَصْمَهَا.
(5)
م: أَنْ لَا يَدْفِنَهَا إِلَّا لَيْلًا.
(6)
أ، ب: وَقَدْ رَوَوْا.
(7)
أَنَّهُ قَالَ: فِي (ب) ، (ك) فَقَطْ.
(8)
فَاطِمَةُ: كَذَا فِي (ب)، (ك) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: إِنَّ فَاطِمَةَ
(9)
صَحِيحًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) .
(10)
أ، ب: لَمَا.
(11)
ك: مَا لَا يَجُوزُ لَهُمْ.
(12)
أ، ب، ن، م، و، ص، هـ: جَاءَ إِلَيْهِمْ؛ ك: جَاءَهُ.
- صلى الله عليه وسلم قَالَ لِي: إِذَا أَتَى مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَثَوْتُ (1) لَكَ، ثُمَّ حَثَوْتُ لَكَ، [ثَلَاثًا](2)، فَقَالَ لَهُ: تَقَدَّمْ فَخُذْ بِعَدَدِهَا (3) ، فَأَخَذَ [مِنْ بَيْتِ](4) مَالِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ بَلْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ " (5) .
وَالْجَوَابُ: أَنَّ فِي هَذَا الْكَلَامِ مِنَ الْكَذِبِ وَالْبُهْتَانِ وَالْكَلَامِ الْفَاسِدِ مَا لَا يَكَادُ يُحْصَى إِلَّا بِكُلْفَةٍ، وَلَكِنْ سَنَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ وُجُوهًا [إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى](6) .
أَحَدُهَا: أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنَ ادِّعَاءِ فَاطِمَةَ رضي الله عنها فَدَكَ فَإِنَّ هَذَا يُنَاقِضُ كَوْنَهَا (7) مِيرَاثًا لَهَا، فَإِنْ كَانَ طَلَبُهَا (8) بِطْرِيقِ الْإِرْثِ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ، وَإِنْ كَانَ بِطْرِيقِ الْهِبَةِ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ، ثُمَّ إِنْ كَانَتْ هَذِهِ هِبَةً فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، فَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنَزَّهٌ، إِنْ كَانَ يُورَثُ كَمَا يُورَثُ غَيْرُهُ، أَنْ يُوصَى لِوَارِثٍ أَوْ يَخُصُّهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ فِي صِحَّتِهِ (9) فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ هِبَةً مَقْبُوضَةً، وَإِلَّا فَإِذَا وَهَبَ الْوَاهِبُ بِكَلَامِهِ (10) وَلَمْ يَقْبِضِ الْمَوْهُوبُ شَيْئًا حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ (11)
(1) ك: حَبَوْتُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(2)
ب: ثُمَّ حَثَوْتُ لَكَ ثَلَاثًا. وَسَقَطَتْ " ثَلَاثًا " مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ إِلَّا (ب) ، (ك) .
(3)
بِعَدَدِهَا: كَذَا فِي (ب) ، (ك)، (ر) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: بَعْدَهَا.
(4)
مِنْ بَيْتِ: فِي (ب) ، (ك) فَقَطْ.
(5)
ك: بَلْ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى.
(6)
ن، م: وَلَكِنْ نَذْكُرُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ؛ هـ، ص، و: وَلَكِنْ نَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ وُجُوهًا.
(7)
أ، ب: كَوْنَهُ.
(8)
ن، و: فَإِنْ كَانَتْ طَلَبَتْهَا.
(9)
ن، م، هـ: فِي صِحَّةٍ.
(10)
أ، ب: بِكَلَامٍ.
(11)
الْوَاهِبُ: زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) .
كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، فَكَيْفَ يَهِبُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَدَكَ لِفَاطِمَةَ وَلَا يَكُونُ هَذَا أَمْرًا مَعْرُوفًا (1) عِنْدَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَالْمُسْلِمِينَ، حَتَّى تُخَصَّ بِمَعْرِفَتِهِ أُمُّ أَيْمَنَ أَوْ عَلِيٌّ رضي الله عنهما؟ .
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ ادِّعَاءَ فَاطِمَةَ ذَلِكَ كَذِبٌ عَلَى فَاطِمَةَ (2) ، [وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْعَبَّاسُ بْنُ سُرَيْجٍ (3) فِي الْكِتَابِ الَّذِي صَنَّفَهُ فِي الرَّدِّ عَلَى عِيسَى بْنِ أَبَانَ (4) لَمَّا تَكَلَّمَ مَعَهُ فِي بَابِ الْيَمِينِ وَالشَّاهِدِ، وَاحْتَجَّ بِمَا احْتَجَّ، وَأَجَابَ عَمَّا عَارَضَ بِهِ عِيسَى بْنَ أَبَانَ، قَالَ: وَأَمَّا حَدِيثُ الْبُحْتُرِيِّ بْنِ حَسَّانٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ: أَنَّ فَاطِمَةَ ذَكَرَتْ لِأَبِي بَكْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهَا فَدَكَ، وَأَنَّهَا جَاءَتْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، فَقَالَ: رَجُلٌ مَعَ رَجُلٍ، وَامْرَأَةٌ مَعَ امْرَأَةٍ، فَسُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَعْجَبَ هَذَا! ! قَدْ سَأَلَتْ فَاطِمَةُ أَبَا بَكْرٍ (5) مِيرَاثَهَا وَأَخْبَرَهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لَا نُورَثُ» ، وَمَا
(1) أ، ب: مَشْهُورًا.
(2)
أ، ب: كَذِبٌ عَلَى فَاطِمَةَ رضي الله عنها فِي ادِّعَائِهَا ذَلِكَ. وَبَعْدَ ذَلِكَ بَيَاضٌ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ مَا عَدَا نُسْخَةَ (ب) فَلَيْسَ فِيهَا بَيَاضٌ وَلَكِنْ سَقَطَ الْكَلَامُ التَّالِي، وَفِي (م) :" بَيَاضٌ فِي الْأُمِّ كَثِيرٌ ". وَالْمَلَاكُ التَّالِي فِي نُسْخَةِ (و) فَقَطْ.
(3)
أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سُرَيْجٍ الْبَغْدَادِيُّ، فَقِيهٌ شَافِعِيٌّ، وُلِدَ سَنَةَ 249 وَتُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ 306. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ 3/21، 39؛ وَفِيَّاتِ الْأَعْيَانِ 1/49 51؛ سِزْكِينَ م [0 - 9] ج [0 - 9] ص 199؛ الْأَعْلَامِ 1/178 179.
(4)
أَبُو مُوسَى عِيسَى بْنُ أَبَانَ بْنِ صَدَقَةَ، قَاضٍ مِنْ كِبَارِ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ، تُوُفِّيَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ 221. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: الْجَوَاهِرِ الْمُضِيئَةِ 1/401 - 402؛ تَارِيخِ بَغْدَادَ 11/157 160؛ الْأَعْلَامِ 5/283؛ سِزْكِينَ م 1 ج [0 - 9] ص 80، 81.
(5)
بَعْدَ كَلِمَةِ فَاطِمَةَ تُوجَدُ إِشَارَةٌ إِلَى هَامِشِ (و) وَلَمْ تَظْهَرِ الْكَلِمَاتُ فِي الْمُصَوَّرَةِ، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتَهُ.
حُكِيَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ أَنَّ فَاطِمَةَ ادَّعَتْهَا بِغَيْرِ الْمِيرَاثِ، وَلَا أَنَّ أَحَدًا شَهِدَ بِذَلِكَ.
وَلَقَدْ رَوَى جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَالَ فِي فَدَكَ: " إِنْ فَاطِمَةَ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَجْعَلَهَا لَهَا فَأَبَى، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُنْفِقُ مِنْهَا وَيَعُودُ عَلَى ضَعَفَةِ بَنِي هَاشِمٍ وَيُزَوِّجُ مِنْهُ أَيِّمَهُمْ، وَكَانَتْ كَذَلِكَ حَيَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرَ صَدَقَةٍ وَقَبِلَتْ فَاطِمَةُ الْحَقَّ (1) ، وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي رَدَدْتُهَا إِلَى مَا كَانَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "(2) .
وَلَمْ يُسْمَعْ أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها ادَّعَتْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
(1) فِي الْأَصْلِ (و) بَعْدَ عِبَارَةِ " صلى الله عليه وسلم " إِشَارَةٌ إِلَى الْهَامِشِ، وَلَمْ تَظْهَرِ الْكَلِمَاتُ فِي الْمُصَوَّرَةِ، وَبَعْدَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ: آمِرًا صَرْفَهُ فَاطِمَةَ الْحَقَّ، وَهِيَ عِبَارَةٌ مُحَرَّفَةٌ، وَلَعَلَّ مَا أُثْبِتُهُ أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ.
(2)
ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ " سِيرَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ " ص 109 110، ط. الْمُؤَيَّدِ، الْقَاهِرَةِ 1331/1921 قِصَّةَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَعَ أَرْضِ فَدَكَ الَّتِي وَرِثَهَا عَنْ أَبِيهِ وَكَيْفَ رَدَّهَا إِلَى الصَّدَقَةِ. وَأَوَّلُ الْخَبَرِ: قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ وَحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ (بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ) أَنَّ عُمَرَ نَظَرَ فِي مَزَارِعِهِ. . . . وَبَلَغَنِي أَنَّهَا كَانَتْ فَدَكَ. قَالَ: فَحَدَّثْنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ فَدَكُ فَيْئًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَكَانَتْ لِابْنِ السَّبِيلِ، فَسَأَلَتْهُ ابْنَتُهُ إِيَّاهَا فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعْطِيَهَا، فَوَلِيَ أَبُو بَكْرٍ فَسَلَكَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ. . . فَلَمَّا وَلِيَ مَرْوَانُ الْمَدِينَةَ الْمَرَّةَ الْأَخِيرَةَ رَدَّهَا عَلَيْهِ، فَأَعْطَى عَبْدَ الْمَلِكِ نِصْفَهُمَا وَعَبْدَ الْعَزِيزِ نِصْفَهُمَا، فَوَهَبَ عَبْدُ الْعَزِيزِ حَقَّهُ لِعُمَرَ وَلَدِهِ. . . فَلَقَدْ وَلِيَ عُمَرُ الْخِلَافَةَ وَمَا يَقُومُ بِهِ وَبِعِيَالِهِ إِلَّا وَهِيَ تُغَلُّ كُلَّ سَنَةٍ عَشْرَةَ آلَافٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَسَأَلَ عَنْهَا فَحَصَ فَأُخْبِرَ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهَا. . . فَكَتَبَ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ كِتَابًا يَقُولُ فِيهِ: إِنِّي نَظَرْتُ فِي أَمْرِ فَدَكَ، فَإِذَا هُوَ لَا يَصْلُحُ، فَرَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، فَاقْبِضْهَا وَوَلِّهَا رَجُلًا يَقُومُ فِيهَا بِالْحَقِّ.
أَعْطَاهَا إِيَّاهَا فِي حَدِيثٍ ثَابِتٍ مُتَّصِلٍ، وَلَا أَنَّ شَاهِدًا شَهِدَ لَهَا. وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَحُكِيَ؛ لِأَنَّهَا خُصُومَةٌ وَأَمْرٌ ظَاهِرٌ تَنَازَعَتْ فِيهِ الْأُمَّةُ وَتَحَادَثَتْ فِيهِ، فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: شَهِدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهَا فَاطِمَةَ وَلَا سَمِعْتُ فَاطِمَةَ تَدَّعِيهَا حَتَّى جَاءَ الْبُحْتُرِيُّ بْنُ حَسَّانٍ يَحْكِي عَنْ زَيْدٍ شَيْئًا لَا نَدْرِي مَا أَصْلُهُ، وَلَا مَنْ جَاءَ بِهِ، وَلَيْسَ مِنْ أَحَادِيثِ أَهْلِ الْعِلْمِ: فَضْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنِ الْبُحْتُرِيِّ عَنْ زَيْدٍ، وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْكِتَابِ أَنْ يَكُفَّ عَنْ بَعْضِ هَذَا الَّذِي لَا مَعْنَى لَهُ، وَكَانَ الْحَدِيثُ قَدْ حَسُنَ بِقَوْلِ زَيْدٍ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَقَضَيْتُ بِمَا قَضَى بِهِ أَبُو بَكْرٍ. وَهَذَا مِمَّا لَا يَثْبُتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَلَا عَلَى فَاطِمَةَ لَوْ لَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ، وَلَوْ لَمْ تُجْرَ فِيهِ الْمُنَاظَرَةُ وَيَأْتِ فِيهَا الرِّوَايَةُ، فَكَيْفَ وَقَدْ جَاءَتْ؟ وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحَدِيثَ إِذَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ بِخِلَافِهِ، إِنَّ هَذَا مِنْ أَبِي بَكْرٍ رحمه الله كَنَحْوِ مَا كَانَ مِنْهُ فِي الْجَدَّةِ، وَأَنَّهُ مَتَى بَلَغَهُ الْخَبَرُ رَجَعَ إِلَيْهِ.
وَلَوْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّ فَاطِمَةَ لَمْ تَقُلْ: إِنِّي أَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِي فَمُنِعَتْ. وَلَمْ يَقُلْ أَبُو بَكْرٍ: إِنِّي لَا أَرَى الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ.
قَالُوا: وَهَذَا الْحَدِيثُ غَلَطٌ؛ لِأَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يَرْوِي عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ (1)، قَالَ (2) : كَانَ مِمَّا احْتَجَّ بِهِ عُمَرُ أَنْ قَالَ: كَانَتْ
(1) تَرْجَمَتُهُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 10/10 11 وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ عَنْهُ: " مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ، رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا، وَقِيلَ: إِنَّهُ رَأَى أَبَا بَكْرٍ ".
(2)
أَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ 3/195 (كِتَابُ الْخَرَاجِ وَالْإِمَارَةِ وَالْفَيْءِ، بَابٌ فِي صَفَايَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) وَسَنَدُهُ فِيهِ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ح، وَثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ح، وَثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِهِ، كُلُّهُمْ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ. . .
لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثُ صَفَايَا: بَنُو النَّضِيرِ (1) ، وَخَيْبَرُ، وَفْدَكُ. فَأَمَّا بَنُو النَّضِيرِ فَكَانَتْ حَبْسًا لِنَوَائِبِهِ. وَأَمَّا فَدَكُ فَكَانَتْ حَبْسًا لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ، وَأَمَّا خَيْبَرُ فَجَزَّأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ: جُزْأَيْنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَجُزْءًا نَفَقَةً لِأَهْلِهِ، فَمَا فَضَلَ عَنْ نَفَقَةِ أَهْلِهِ جَعَلَهُ بَيْنَ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ جُزْأَيْنِ.
وَرَوَى اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ (2) أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ (3) وَفَدَكَ وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، وَإِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ» ، وَإِنِّي وَاللَّهِ (4) لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(1) فِي الْأَصْلِ: بَنِي النَّضِيرِ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ.
(2)
الرِّوَايَةُ التَّالِيَةُ مُوَافِقَةٌ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي: الْبُخَارِيِّ 5/20 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ، بَابُ مَنَاقِبِ قَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْقَبَةِ فَاطِمَةَ. . .) . وَسَنَدُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْبُخَارِيِّ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ. .
(3)
فِي الْبُخَارِيِّ: فِيمَا (وَفِي رِوَايَةٍ: مِمَّا) أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم تَطْلُبُ صَدَقَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي بِالْمَدِينَةِ. .
(4)
فِي الْبُخَارِيِّ: مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ، يَعْنِي مَالَ اللَّهِ، لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى الْمَأْكَلِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ. . .
(1)
، وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا (2) .
وَرَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ: أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ. «قَالَ: وَفَاطِمَةُ رضي الله عنها حِينَئِذٍ تَطْلُبُ صَدَقَةَ رَسُولِ اللَّهِ الَّتِي بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، وَإِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ» ، يَعْنِي مَالَ اللَّهِ عز وجل، لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى الْمَالِ.
وَرَوَاهُ صَالِحٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ فِيهِ (3) : فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَقَالَ: لَسْتُ تَارِكًا شَيْئًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ بِهِ إِلَّا عَمِلْتُ بِهِ، إِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ. فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ، فَغَلَبَ عَلِيٌّ عَلَيْهَا. وَأَمَّا خَيْبَرُ وَفَدَكُ فَأَمْسَكَهَا عُمَرُ، وَقَالَ: هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ
(1) فِي الْبُخَارِيِّ: شَيْئًا مِنْ صَدَقَاتِ النَّبِيِّ (وَفِي رِوَايَةٍ: رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
(2)
فِي الْبُخَارِيِّ: بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَضِيلَتَكَ. وَذَكَرَ قَرَابَتَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَقَّهُمْ. فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي.
(3)
جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ بِأَلْفَاظٍ مُقَارِبَةٍ فِي: مُسْلِمٍ 3/1381 1382 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ) ؛ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 3/196 197 (كِتَابُ الْخَرَاجِ وَالْإِمَارَةِ وَالْفَيْءِ، بَابٌ فِي صَفَايَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) .
- صلى الله عليه وسلم كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِي تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ (1)، وَأَمْرُهَا إِلَى مَنْ وَلِيَ الْأَمْرَ. قَالَ: فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ.
فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الثَّابِتَةُ الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَفِيهَا مَا يُبَيِّنُ أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها طَلَبَتْ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا كَانَتْ تَعْرِفُ مِنَ الْمَوَارِيثِ، فَأُخْبِرَتْ بِمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَسَلَّمَتْ وَرَجَعَتْ، فَكَيْفَ تَطْلُبُهَا مِيرَاثًا وَهِيَ تَدَّعِيهَا مِلْكًا بِالْعَطِيَّةِ؟ هَذَا مَا لَا مَعْنًى فِيهِ. وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْكِتَابِ أَنْ يَتَدَبَّرَ، وَلَا نَحْتَجُّ بِمَا يُوجَدُ فِي الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ لِرَدِّهِ وَإِبَانَةِ الْغَلَطِ فِيهِ (2) ، وَلَكِنْ حُبُّكَ الشَّيْءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِفَاطِمَةَ وَقَدْ قَرَأَتْ عَلَيْهِ إِنِّي أَقْرَأُ مِثْلَ مَا قَرَأْتِ (3) وَلَا يَبْلُغَنَّ عِلْمِي أَنْ يَكُونَ قَالَهُ كُلَّهُ. قَالَتْ فَاطِمَةُ: هُوَ لَكَ وَلِقَرَابَتِكَ؟ قَالَ: لَا وَأَنْتِ عِنْدِي مُصَدَّقَةٌ أَمِينَةٌ، فَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إِلَيْكِ فِي هَذَا، أَوْ وَعَدَكِ فِيهِ مَوْعِدًا أَوْ أَوْجَبَهُ لَكُمْ حَقًّا صَدَّقْتُكِ. فَقَالَتْ: لَا غَيْرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ: " أَبْشِرُوا يَا آلَ مُحَمَّدٍ وَقَدْ جَاءَكُمُ اللَّهُ عز وجل بِالْغِنَى» ". قَالَ
(1) قَالَ مُحَقِّقُ صَحِيحِ مُسْلِمٍ رحمه الله: " تَعْرُوهُ: مَعْنَاهَا مَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ مِنَ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ وَالْمَنْدُوبَةِ. وَيُقَالُ: عَرَوْتُهُ وَاعْتَرَرْتُهُ إِذَا أَتَيْتَهُ تَطْلُبُ مِنْهُ. وَنَوَائِبُهُ: النَّوَائِبُ مَا يَنُوبُ الْإِنْسَانُ، أَيْ يَنْزِلُ بِهِ مِنَ الْمُهِمَّاتِ وَالْحَوَادِثِ ".
(2)
فِي الْأَصْلِ: رَدَّهُ وَأَبَانَهُ لِلْغَلَطِ فِيهِ.
(3)
فِي الْأَصْلِ: مِثْلَ قَرَأْتِ.
أَبُو بَكْرٍ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقْتِ، فَلَكُمُ الْفَيْءُ، وَلَمْ يَبْلُغْ عِلْمِي بِتَأْوِيلِ هَذِهِ أَنْ أَسْتَلِمَ هَذَا السَّهْمَ كُلَّهُ كَامِلًا إِلَيْكُمْ، وَلَكُمُ الْفَيْءُ (1) الَّذِي يَسَعُكُمْ. وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَقْبَلُ قَوْلَهَا، فَكَيْفَ يَرُدُّهُ وَمَعَهُ شَاهِدٌ وَامْرَأَةٌ؟ وَلَكِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ شَيْءٍ يَجِدُهُ] (2) .
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُورَثُ فَالْخَصْمُ فِي ذَلِكَ أَزْوَاجُهُ وَعَمُّهُ، وَلَا تُقْبَلُ عَلَيْهِمْ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا رَجُلٍ وَاحِدٍ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُورَثُ فَالْخَصْمُ فِي ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ، فَكَذَلِكَ لَا يُقْبَلُ عَلَيْهِمْ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا رَجُلٍ وَاحِدٍ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ. نَعَمْ يُحْكَمُ فِي [مِثْلِ] ذَلِكَ (3) بِشَهَادَةِ (4) وَيَمِينِ الطَّالِبِ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ [وَفُقَهَاءِ أَصْحَابِ] الْحَدِيثِ (5) . وَشَهَادَةُ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ فِيهَا قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ لِلْعُلَمَاءِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ: إِحْدَاهُمَا (6) لَا تُقْبَلُ، وَهِيَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَغَيْرِهِمْ.
وَالثَّانِيَةُ: تُقْبَلُ، وَهِيَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَغَيْرِهِمْ (7) . فَعَلَى هَذَا (8) لَوْ قُدِّرَ صِحَّةُ هَذِهِ الْقِصَّةِ (9) لَمْ يَجُزْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَحْكُمَ
(1) فِي الْأَصْلِ: الْفَيَا (بِدُونِ نَقْطٍ) .
(2)
هُنَا يَنْتَهِي الْكَلَامُ السَّاقِطُ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ وَالَّذِي يُوجَدُ فِي نُسْخَةِ (و) فَقَطْ.
(3)
ن، م: يُحْكَمُ فِي ذَلِكَ.
(4)
ر، هـ، ص، و: بِشَاهِدٍ.
(5)
ن، م: فُقَهَاءِ الْحِجَازِ وَالْحَدِيثِ؛ أ، ب: فُقَهَاءِ الْحِجَازِ وَفُقَهَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ.
(6)
إِحْدَاهُمَا: كَذَا فِي (ب) فَقَطْ. وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: أَحَدُهُمَا.
(7)
وَغَيْرِهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(8)
فَعَلَى هَذَا: كَذَا فِي (أ)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَعَلَى هَذَا.
(9)
أ، ب: الْقَضِيَّةِ.
بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَلَا امْرَأَةٍ (1) وَاحِدَةٍ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، لَا سِيَّمَا وَأَكْثَرُهَمْ لَا يُجِيزُونَ شَهَادَةَ الزَّوْجِ (2) ، وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ لَا يَحْكُمُ بِشَاهِدٍ (3) وَيَمِينٍ، وَمَنْ يَحْكُمُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لَمْ يَحْكُمْ لِلطَّالِبِ حَتَّى يُحَلِّفَهُ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: قَوْلُهُ: " فَجَاءَتْ بِأُمِّ أَيْمَنَ فَشَهِدَتْ لَهَا بِذَلِكَ، فَقَالَ: امْرَأَةٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا. وَقَدْ رَوَوْا جَمِيعًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " أُمُّ أَيْمَنَ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ".
الْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا احْتِجَاجٌ جَاهِلٌ مُفْرِطٌ فِي الْجَهْلِ (4) يُرِيدُ أَنْ يَحْتَجَّ لِنَفْسِهِ فَيَحْتَجَّ عَلَيْهَا، فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَوْ قَالَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ وَالْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَمْثَالُهُمَا لَكَانَ قَدْ قَالَ حَقًّا، فَإِنَّ امْرَأَةً وَاحِدَةً لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي الْحُكْمِ بِالْمَالِ لِمُدَّعٍ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مَا هُوَ فِي الظَّاهِرِ لِغَيْرِهِ، فَكَيْفَ إِذَا حُكِيَ مِثْلُ هَذَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه؟ ! .
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ وَزَعَمَ أَنَّهُمْ رَوَوْهُ جَمِيعًا، فَهَذَا الْخَبَرُ لَا يُعْرَفُ فِي شَيْءٍ مِنْ دَوَاوِينِ الْإِسْلَامِ وَلَا يُعْرَفُ عَالِمٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ رَوَاهُ (5) . وَأُمُّ
(1) ب (فَقَطْ) : وَلَا بِامْرَأَةٍ. .
(2)
ن، م: شَهَادَةَ الزُّورِ.
(3)
أ: بِشِهَادٍ، ب: بِشَهَادَةٍ.
(4)
عِبَارَةُ " مُفْرِطٌ فِي الْجَهْلِ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(5)
أ، ب: وَلَا نَعْرِفُ عَالِمًا مِنَ الْعُلَمَاءِ رَوَاهُ. وَوَجَدْتُ حَدِيثَيْنِ فِي حَقِّ أُمِّ أَيْمَنَ، الْأَوَّلُ هُوَ:(أُمُّ أَيْمَنَ أُمِّي بَعْدَ أُمِّي) وَضَعَّفَهُ السُّيُوطِيُّ وَالْأَلْبَانِيُّ فِي " ضَعِيفِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " 1/389. وَالثَّانِي " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَتَزَوَّجْ أُمَّ أَيْمَنَ " ذَكَرَ السُّيُوطِيُّ أَنَّ ابْنَ سَعْدٍ رَوَاهُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُقْبَةَ مُرْسَلًا، وَضَعَّفُهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي " ضَعِيفِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " 5/205. وَأُمُّ أَيْمَنَ اسْمُهَا بَرَكَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حِصْنٍ انْظُرْ تَرْجَمَتَهَا فِي " الْإِصَابَةِ " 4/415 417 وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ لَهَا: " يَا أُمَّةُ " وَكَانَ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا يَقُولُ: هَذِهِ بَقِيَّةُ أَهْلِ بَيْتِي ".
أَيْمَنَ هِيَ أُمُّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهِيَ حَاضِنَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهِيَ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ، وَلَهَا حَقٌّ وَحُرْمَةٌ (1) لَكِنَّ الرِّوَايَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا تَكُونُ بِالْكَذِبِ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ:" رَوَوْا جَمِيعًا " لَا يَكُونُ إِلَّا فِي خَبَرٍ مُتَوَاتِرٍ، فَمَنْ يُنْكِرُ (2) حَدِيثَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ لَا يُورَثُ» ، وَقَدْ رَوَاهُ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ، وَيَقُولُ: إِنَّهُمْ جَمِيعًا رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ، إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ وَأَعْظَمِهِمْ جَحْدًا لِلْحَقِّ.
وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَهُوَ كَإِخْبَارِهِ عَنْ غَيْرِهَا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَقَدْ أَخْبَرَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَشَرَةِ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ، وَقَدْ قَالَ (3) :" «لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ بَايَعَ (4) تَحْتَ الشَّجَرَةِ» " وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحِ ثَابِتٌ عِنْدَ (5) أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ (6) ، وَحَدِيثُ الشَّهَادَةِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ (7) . فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْمَعْرُوفَةُ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ. ثُمَّ هَؤُلَاءِ يُكَذِّبُونَ مَنْ عُلِمَ أَنَّ الرَّسُولَ شَهِدَ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَيُنْكِرُونَ عَلَيْهِمْ كَوْنَهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا (8) شَهَادَةَ امْرَأَةٍ زَعَمُوا أَنَّهُ شَهِدَ لَهَا بِالْجَنَّةِ، فَهَلْ يَكُونُ أَعْظَمُ مِنْ جَهْلِ هَؤُلَاءِ وَعِنَادِهِمْ؟ ! .
(1) أ، ب: حَقُّ حُرْمَةٍ.
(2)
أ: يَذْكُرُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. 1
(3)
أ، ب: وَقَالَ.
(4)
أ: لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ النَّارَ بَايَعَ؛ ب: لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ النَّارَ مِمَّنْ بَايَعَ.
(5)
أ، ب: عَنْ.
(6)
مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ 2/28.
(7)
أ، ب: وَسَعْدِ بْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَمَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ 3/501.
(8)
ص: لَا يَقْبَلُونَ.
ثُمَّ يُقَالُ: كَوْنُ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَا يُوجِبُ قَبُولَ شَهَادَتِهِ، لِجَوَازِ أَنْ يَغْلَطَ فِي الشَّهَادَةِ. وَلِهَذَا لَوْ شَهِدَتْ خَدِيجَةُ وَفَاطِمَةُ وَعَائِشَةُ وَنَحْوُهُنَّ، مِمَّنْ يُعْلَمُ أَنَّهُنَّ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، لَكَانَتْ شَهَادَةُ إِحْدَاهُنَّ نِصْفَ شَهَادَةِ رَجُلٍ، كَمَا حَكَمَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ. كَمَا أَنَّ مِيرَاثَ إِحْدَاهُنَّ نِصْفُ مِيرَاثِ رَجُلٍ، وَدِيَتَهَا نِصْفُ دِيَةِ رَجُلٍ (1) . وَهَذَا كُلُّهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَوْنُ الْمَرْأَةِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَا يُوجِبُ قَبُولَ شَهَادَتِهَا لِجَوَازِ الْغَلَطِ عَلَيْهَا، فَكَيْفَ وَقَدْ يَكُونُ الْإِنْسَانُ مِمَّنْ يَكْذِبُ وَيَتُوبُ مِنَ الْكَذِبِ ثُمَّ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ .
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: قَوْلُهُ: " إِنَّ عَلِيًّا شَهِدَ لَهَا فَرَدَّ شَهَادَتَهُ لِكَوْنِهِ زَوْجَهَا " فَهَذَا مَعَ أَنَّهُ كَذِبٌ (2) لَوْ صَحَّ لَيْسَ يَقْدَحُ (3) ، إِذْ كَانَتْ شَهَادَةُ الزَّوْجِ مَرْدُودَةً عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ (4) ، وَمَنْ قَبِلَهَا مِنْهُمْ لَمْ يَقْبَلْهَا حَتَّى يُتِمَّ النِّصَابُ إِمَّا بِرَجُلٍ آخَرَ وَإِمَّا بِامْرَأَةٍ مَعَ امْرَأَةٍ (5) ، وَأَمَّا الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مَعَ عَدَمِ يَمِينِ الْمُدَّعِي فَهَذَا لَا يُسَوَّغُ.
الْوَجْهُ السَّادِسُ: قَوْلُهُمْ: إِنَّهُمْ رَوَوْا جَمِيعًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " عَلِيٌّ مَعَ الْحَقِّ، وَالْحَقُّ مَعَهُ يَدُورُ (6) حَيْثُ دَارَ، وَلَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ " مِنْ أَعْظَمِ الْكَلَامِ كَذِبًا وَجَهْلًا، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا
(1) ن، م: نِصْفُ دِيَتِهِ.
(2)
أ: مَعَ كَوْنِهِ كَذِبَ؛ ب: مَعَ كَوْنِهِ كَذِبًا.
(3)
أ، ب: لَمْ يَقْدَحْ.
(4)
ن، م: عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
(5)
ن، م: وَإِمَّا بِامْرَأَتَيْنِ.
(6)
ب (فَقَطْ) : يَدُورُ مَعَهُ.
ضَعِيفٍ (1) . فَكَيْفَ يُقَالُ: إِنَّهُمْ جَمِيعًا رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ؟ وَهَلْ يَكُونُ أَكْذَبُ مِمَّنْ يُرْوَى عَنِ الصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ (2) أَنَّهُمْ رَوَوْا حَدِيثًا، وَالْحَدِيثُ لَا يُعْرَفُ عَنْ وَاحِدٍ (3) مِنْهُمْ أَصْلًا؟ بَلْ هَذَا مِنْ أَظْهَرِ الْكَذِبِ. وَلَوْ قِيلَ: رَوَاهُ بَعْضُهُمْ، وَكَانَ يُمْكِنُ صِحَّتُهُ لَكَانَ مُمْكِنًا، فَكَيْفَ (4) وَهُوَ كَذِبٌ قَطْعًا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ ! .
بِخِلَافِ إِخْبَارِهِ أَنَّ أُمَّ أَيْمَنَ فِي الْجَنَّةِ، فَهَذَا يُمْكِنُ أَنَّهُ قَالَهُ، فَإِنَّ أُمَّ أَيْمَنَ امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ، فَإِخْبَارُهُ أَنَّهَا فِي الْجَنَّةِ لَا يُنْكَرُ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ (5) أَنَّهُ مَعَ الْحَقِّ [وَأَنَّ الْحَقَّ](6) يَدُورُ مَعَهُ حَيْثُمَا دَارَ (7) لَنْ (8) يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ؛ فَإِنَّهُ كَلَامٌ يُنَزَّهُ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
أَمَّا أَوَّلًا: فَلِأَنَّ الْحَوْضَ إِنَّمَا يَرِدُهُ (9) عَلَيْهِ أَشْخَاصٌ، كَمَا قَالَ لِلْأَنْصَارِ:
(1) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ لَا فِي كُتُبِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَلَا فِي كُتُبِ الْمَوْضُوعَاتِ.
(2)
ن:. . . وَالْعُلَمَاءِ وَغَيْرِهِمْ.
(3)
أ، ب: عَنْ أَحَدٍ.
(4)
فَكَيْفَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(5)
ر، هـ: بِخِلَافِ قَوْلِهِ عز وجل مِنْ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ؛ ص: بِخِلَافِ قَوْلِهِ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.
(6)
عِبَارَةُ " وَإِنَّ الْحَقَّ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(7)
ن، ب: حَيْثُ دَارَ.
(8)
ب (فَقَطْ) : وَلَنْ.
(9)
ن (فَقَطْ) : يَرُدُّ.
" «اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ» "(1) وَقَالَ: " «إِنَّ حَوْضِي لَأَبْعَدُ مَا (2) بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى عَدَنَ، وَإِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ وُرُودًا فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ الشُّعَثُ رُءُوسًا الدُّنْسُ ثِيَابًا الَّذِينَ لَا يَنْكِحُونَ الْمُتَنَعِّمَاتِ وَلَا تُفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَابُ (3) السُّدَدِ، يَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ فِي صَدْرِهِ لَا يَجِدُ لَهَا قَضَاءً» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ (4) .
وَأَمَّا الْحَقُّ فَلَيْسَ مِنَ الْأَشْخَاصِ الَّذِينَ يَرِدُونَ الْحَوْضَ. وَقَدْ رُوِيَ [أَنَّهُ قَالَ](5) : " «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، وَلَنْ (6)
(1) الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ، وَعَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَغَيْرِهِمْ رضي الله عنهم فِي: الْبُخَارِيِّ 5/33 (كِتَابُ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلْأَنْصَارِ: اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ) ؛ مُسْلِمٍ 3/1474 (كِتَابُ الْإِمَارَةِ، بَابُ الْأَمْرِ بِالصَّبْرِ عِنْدَ ظُلْمِ الْوُلَاةِ وَاسْتِئْثَارِهِمْ) ؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/57، 166، 171، 4/42، 292.
(2)
ن، و، ص: مِمَّا.
(3)
أَبْوَابُ: لَيْسَتْ فِي (ب) فَقَطْ.
(4)
لَمْ أَجِدْ حَدِيثًا بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَلَكِنِّي وَجَدْتُ حَدِيثًا عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ أَرْقَامَ 4/47، 48 (كِتَابُ صِفَةِ الْقِيَامَةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَوَانِي الْحَوْضِ)، وَلَفْظُ الْحَدِيثِ:" حَوْضِي مِنْ عَدَنَ إِلَى عَمَّانَ الْبَلْقَاءِ، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَكْوَابُهُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا. أَوَّلُ النَّاسِ وُرُودًا عَلَيْهِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ الشُّعْثُ رُءُوسًا، الدُّنْسُ ثِيَابًا، الَّذِينَ لَا يَنْكِحُونَ الْمُتَنَعِّمَاتِ وَلَا يُفْتَحُ لَهُمُ السُّدَدُ ". قَالَ التِّرْمِذِيُّ: " هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " وَأَمَّا حَدِيثُ ثَوْبَانَ عَنِ الْحَوْضِ فِي مُسْلِمٍ 4/1799 1800 (كِتَابُ الْفَضَائِلِ، بَابُ إِثْبَاتِ حَوْضِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم وَصِفَاتِهِ) فَإِنَّ أَلْفَاظَهُ مُخَالِفَةٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا يَتَّفِقُ مَعَهُ إِلَّا فِي أَلْفَاظٍ قَلِيلَةٍ.
(5)
أَنَّهُ قَالَ: فِي (أ) ، (ب) فَقَطْ.
(6)
أ، ب: لَنْ.
يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ» (1) ". فَهُوَ مِنْ هَذَا النَّمَطِ، وَفِيهِ كَلَامٌ يُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ [إِنْ شَاءَ اللَّهُ](2) .
وَلَوْ صَحَّ هَذَا لَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ ثَوَابَ الْقُرْآنِ. أَمَّا الْحَقُّ الَّذِي يَدُورُ مَعَ شَخْصٍ (3) وَيَدُورُ الشَّخْصُ مَعَهُ فَهُوَ صِفَةٌ لِذَلِكَ الشَّخْصِ لَا يَتَعَدَّاهُ. وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ صِدْقٌ وَعَمَلَهُ صَالِحٌ، لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يَكُونُ (4) مَعَهُ شَيْءٌ مِنَ الْحَقِّ.
وَأَيْضًا فَالْحَقُّ لَا يَدُورُ مَعَ شَخْصٍ غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَوْ دَارَ الْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ حَيْثُمَا دَارَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا كَالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُمْ مِنْ جَهْلِهِمْ يَدَّعُونَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَوْلَى بِالْعِصْمَةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَغَيْرِهِمْ (5) ، وَلَيْسَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ مَعْصُومٌ، عُلِمَ كَذِبُهُمْ، وَفَتَاوِيهِ مِنْ جِنْسِ فَتَاوِي عُمَرَ وَعُثْمَانَ (6) لَيْسَ هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْهُمْ، وَلَا فِي أَقْوَالِهِمْ مِنَ الْأَقْوَالِ الْمَرْجُوحَةِ أَكْثَرَ مِمَّا فِي قَوْلِهِ (7) ، وَلَا كَانَ ثَنَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرِضَاهُ عَنْهُ بِأَعْظَمَ مِنْ ثَنَائِهِ عَلَيْهِمْ
(1) الْحَدِيثُ بِأَلْفَاظٍ مُقَارِبَةٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَزِيَادِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنهم فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/328 329، (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) ؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/14، 17، 26، 59، 5/181 182، 189، 190. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ:" هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ".
(2)
إِنْ شَاءَ اللَّهُ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(3)
ب (فَقَطْ) : الشَّخْصِ.
(4)
أ، ب: لَمْ يَكُنْ.
(5)
وَغَيْرِهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (هـ) .
(6)
(66) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(7)
أ: مِمَّا قَالُوهُ؛ ب: مِمَّا قَالَهُ.
وَرِضَائِهِ عَنْهُمْ (1)، بَلْ لَوْ قَالَ الْقَائِلُ: إِنَّهُ لَا يُعْرَفُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ عَتَبَ عَلَى عُثْمَانَ فِي شَيْءٍ، وَقَدْ عَتَبَ عَلَى عَلِيٍّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ لَمَّا أَبْعَدَ، فَإِنَّهُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ (2) . (3) «اشْتَكَتْهُ (4) فَاطِمَةُ لِأَبِيهَا وَقَالَتْ: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ إِنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، فَقَامَ [رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم] (5) خَطِيبًا وَقَالَ:" إِنَّ بَنِي الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُونِي أَنْ يُزَوِّجُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَإِنِّي لَا آذَنُ، ثُمَّ لَا آذَنُ، ثُمَّ لَا آذَنُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَتَزَوَّجَ ابْنَتَهُمْ، فَإِنَّمَا فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي [يُرِيبُنِي مَا رَابَهَا» ] (6) وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا " ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ فَقَالَ: " حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي وَوَعَدَنِي فَوَفَّى لِي " وَالْحَدِيثُ (7) ثَابِتٌ صَحِيحٌ أَخْرَجْنَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَكَذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ (8) لَمَّا طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ لَيْلًا، فَقَالَ:" أَلَا تُصَلِّيَانِ؟ " فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْطَلَقَ وَهُوَ يَضْرِبُ فَخْذَهُ وَيَقُولُ:" {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} "(9) .
وَأَمَّا الْفَتَاوِي فَقَدْ أَفْتَى بِأَنَّ (10) الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ (11) تَعْتَدُّ
(1) وَرِضَائِهِ عَنْهُمْ: كَذَا فِي (أ)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: رِضَاهُ عَنْهُمْ.
(2)
ن: (فَقَطْ) بِابْنَةِ
(3)
أَبِي جَهْلٍ
(4)
ر: اشْتَكَتْ؛ ب: وَاشْتَكَتْهُ.
(5)
(44) : زِيَادَةٌ فِي (ر) ، (هـ) ، (ص) .
(6)
يُرِيبُنِي مَا رَابَهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)، (م) . وَفِي (ص) : مَا أَرَابَهَا.
(7)
أ: وَحَدِيثٌ؛ ب: هُوَ حَدِيثٌ.
(8)
مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ فِي هَذَا الْجُزْءِ ص 145.
(9)
فِي الصَّحِيحَيْنِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(10)
مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ 2/85.
(11)
أ، ب: أَنْ. (11) وَهَى حَامِلٌ: كَذَا فِي (أ)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: الْحَامِلُ.
أَبْعَدَ الْأَجَلَيْنِ، وَهَذِهِ الْفُتْيَا كَانَ قَدْ أَفْتَى بِهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بِعْكَكٍ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، «فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" كَذَبَ أَبُو السَّنَابِلِ» "(1) وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ. ثُمَّ بِكُلِّ حَالٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِ وَحْدَهُ، كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ.
الْوَجْهُ السَّابِعُ: أَنَّ مَا ذَكَرَهُ عَنْ فَاطِمَةَ أَمْرٌ لَا يَلِيقُ بِهَا، وَلَا يَحْتَجُّ بِذَلِكَ إِلَّا رَجُلٌ جَاهِلٌ يَحْسَبُ أَنَّهُ يَمْدَحُهَا وَهُوَ يَجْرَحُهَا؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ (2) مَا يُوجِبُ الْغَضَبَ عَلَيْهِ؛ إِذْ لَمْ يَحْكُمْ - لَوْ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا - إِلَّا بِالْحَقِّ الَّذِي لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَحْكُمَ بِخِلَافِهِ. وَمَنْ طَلَبَ أَنْ يُحْكَمَ لَهُ بِغَيْرِ حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَغَضِبَ (3) وَحَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ الْحَاكِمَ، وَلَا صَاحِبَ الْحَاكِمِ، لَمْ يَكُنْ هَذَا مِمَّا يُحْمَدُ عَلَيْهِ (4) وَلَا مِمَّا يُذَمُّ بِهِ الْحَاكِمُ، بَلْ هَذَا إِلَى أَنْ يَكُونَ جُرْحًا أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى أَنْ يَكُونَ مَدْحًا. وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ مَا يُحْكَى عَنْ فَاطِمَةَ
(1) لَمْ أَجِدْ هَذَا اللَّفْظَ. وَقِصَّةُ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةِ الَّتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ وَهَى حَامِلٌ وَلَمَّا وَضَعَتْ وَخَرَجَتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ وَلَكِنْ أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ أَفْتَاهَا بِأَنَّهَا لَا يَجُوزُ أَنْ تَتَزَوَّجَ حَتَّى يَمُرَّ عَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَسَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَفْتَاهَا بِأَنَّهَا قَدْ حَلَّتْ حِينَ وَضَعَتْ حَمْلَهَا وَأَمَرَهَا بِالتَّزَوُّجِ إِنْ بَدَا لَهَا. وَالْحَدِيثُ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَرْقَمِ عَنْ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ - رِضَى اللَّهِ عَنْهَا - فِي: الْبُخَارِيِّ 5/80 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ بَابٌ رَقْمُ 10) ؛ مُسْلِمٍ 2/1122 (كِتَابُ الطَّلَاقِ، بَابُ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ) ؛ سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 2/332 (كِتَابُ الطَّلَاقِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تَضَعُ) . وَذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي السَّنَابِلِ بْنِ بَعْكَكٍ فِي " الْإِصَابَةِ " 4/96 أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِسُبَيْعَةَ حِينَ أَتَتْهُ: " بَلَى وَلَوْ رَغَمَ أَنْفُ أَبِي السَّنَابِلِ ".
(2)
أ، ب، و: وَذَكَرَ.
(3)
ب (فَقَطْ) وَرَسُولِهِ فَامْتَنَعَ فَغَضِبَ. . . وَالْمَعْنَى: فَامْتَنَعَ الْحَاكِمُ فَغَضِبَ. . . الْخَ.
(4)
ن، م: مِمَّا يَحْمَدُهُ عَلَيْهِ.
وَغَيْرِهَا مِنَ الصَّحَابَةِ مِنَ الْقَوَادِحِ كَثِيرٌ مِنْهَا كَذِبٌ وَبَعْضُهَا كَانُوا فِيهِ مُتَأَوِّلِينَ. وَإِذَا كَانَ بَعْضُهَا ذَنْبًا فَلَيْسَ الْقَوْمُ مَعْصُومِينَ بَلْ هُمْ مَعَ كَوْنِهِمْ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ وَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَهُمْ ذُنُوبٌ يَغْفِرُهَا اللَّهُ لَهُمْ. وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ حَلِفِهَا أَنَّهَا لَا تُكَلِّمُهُ وَلَا صَاحِبَهُ حَتَّى تَلْقَى أَبَاهَا وَتَشْتَكِيَ إِلَيْهِ، أَمْرٌ لَا يَلِيقُ أَنْ يُذْكَرَ عَنْ فَاطِمَةَ رضي الله عنها؛ فَإِنَّ الشَّكْوَى إِنَّمَا تَكُونُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ:{إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [سُورَةِ يُوسُفَ: 86] ، وَفِي دُعَاءِ مُوسَى عليه السلام اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، وَإِلَيْكَ الْمُشْتَكَى، وَأَنْتَ الْمُسْتَعَانُ، وَبِكَ الْمُسْتَغَاثُ، وَعَلَيْكَ التُّكْلَانُ. «وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِابْنِ عَبَّاسٍ:" إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ» " الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4 (كِتَابُ صِفَةِ الْقِيَامَةِ، بَابٌ رَقْمُ 22) وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ". وَأَوَّلُهُ فِيهِ: " «يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ» . . . الْحَدِيثَ، وَهُوَ فِي الْمُسْنَدِ:(ط. الْمَعَارِفِ) 4/233، 269 270 286 287.، وَلَمْ يَقُلْ: سَلْنِي وَلَا اسْتَعِنْ بِي (1) .
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [سُورَةِ الشَّرْحِ: 7، 8] .
ثُمَّ مِنَ الْمَعْلُومِ لِكُلِّ عَاقِلٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ (2) إِذَا طَلَبَتْ مَالًا مِنْ وَلِيِّ أَمْرٍ (3) فَلَمْ يُعْطِهَا [إِيَّاهُ](4) لِكَوْنِهَا لَا تَسْتَحِقُّهُ عِنْدَهُ، وَهُوَ لَمْ (5) يَأْخُذْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ لِأَحَدٍ مِنْ
(1) ن، م: سَلْنِي وَلَا اسْتَغْفِرْ لِي، أ، ب، هـ: سَلْنِي وَاسْتَعِنْ بِي.
(2)
أ، ب: وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَرْأَةَ.
(3)
أ، ب، ص: وَلِيِّ الْأَمْرِ.
(4)
إِيَّاهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5)
لَمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
أَهْلِهِ وَلَا أَصْدِقَائِهِ بَلْ أَعْطَاهُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَقِيلَ: إِنَّ الطَّالِبَ غَضِبَ عَلَى الْحَاكِمِ - كَانَ غَايَةَ ذَلِكَ أَنَّهُ غَضِبَ لِكَوْنِهِ لَمْ يُعْطِهِ مَالًا، وَقَالَ (1) الْحَاكِمُ: إِنَّهُ لِغَيْرِكَ لَا لَكَ، فَأَيُّ مَدْحٍ لِلطَّالِبِ فِي هَذَا الْغَضَبِ؟ لَوْ كَانَ مَظْلُومًا (2) مَحْضًا لَمْ يَكُنْ غَضَبُهُ إِلَّا لِلدُّنْيَا. وَكَيْفَ وَالتُّهْمَةُ عَنِ (3) الْحَاكِمِ الَّذِي لَا يَأْخُذُ لِنَفْسِهِ أَبْعَدُ مِنَ التُّهْمَةِ عَنِ الطَّالِبِ (4) الَّذِي يَأْخُذُ لِنَفْسِهِ، فَكَيْفَ تُحَالُ (5) التُّهْمَةُ عَلَى مَنْ لَا يَطْلُبُ (6) لِنَفْسِهِ مَالًا، وَلَا تُحَالُ عَلَى مَنْ يَطْلُبُ (7) لِنَفْسِهِ الْمَالَ؟ .
وَذَلِكَ (8) الْحَاكِمُ يَقُولُ: إِنَّمَا (9) أَمْنَعُ لِلَّهِ لِأَنِّي لَا يَحِلُّ لِي أَنْ آخُذَ الْمَالَ مِنْ مُسْتَحِقِّهِ فَأَدْفَعَهُ إِلَى غَيْرِ مُسْتَحِقِّهِ، وَالطَّالِبُ يَقُولُ: إِنَّمَا أَغْضَبُ لِحَظِّي الْقَلِيلِ (10) مِنَ الْمَالِ. أَلَيْسَ مَنْ يَذْكُرُ [مِثْلَ](11) هَذَا عَنْ فَاطِمَةَ وَيَجْعَلُهُ مِنْ مَنَاقِبِهَا جَاهِلًا؟ .
أَوْ لَيْسَ اللَّهُ قَدْ ذَمَّ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ:
(1) وَقَالَ: كَذَا فِي (أ)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: قَالَ.
(2)
ن، م، أ: مَطْلُوبًا.
(3)
أ، ب: عِنْدَ.
(4)
ن، م: أَبْعَدُ مِنْهَا عَنِ الطَّالِبِ؛ ب: أَبْعَدُ مِنَ الْتَهَمَةِ عِنْدَ الطَّالِبِ.
(5)
أ: بِحَالِ.
(6)
أ، ب: مَنْ لَا يَأْخُذُ.
(7)
ن، م: عَلَى مَنْ لَا يَطْلُبُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(8)
أ، ب: وَكَذَلِكَ.
(9)
ن، م: أَنَا.
(10)
ر، هـ، ص، و: لِحَظِّي لِقَلِيلٍ؛ ب: لِحَظٍّ قَلِيلٍ.
(11)
مِثْلَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ - وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [سُورَةِ التَّوْبَةِ: 58، 59] فَذَكَرَ اللَّهُ (1) قَوْمًا رَضُوا إِنْ أُعْطُوا، وَغَضِبُوا إِنْ لَمْ يُعْطُوا، فَذَمَّهُمْ بِذَلِكَ، فَمَنْ مَدَحَ فَاطِمَةَ بِمَا فِيهِ شَبَهٌ مِنْ هَؤُلَاءِ أَلَّا يَكُونَ (2) قَادِحًا فِيهَا؟ فَقَاتَلَ اللَّهُ الرَّافِضَةَ، وَانْتَصَفَ لِأَهْلِ الْبَيْتِ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ أَلْصَقُوا بِهِمْ مِنَ الْعُيُوبِ (3) وَالشَّيْنِ مَالَا يَخْفَى عَلَى ذِي عَيْنٍ.
وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: فَاطِمَةُ لَا تَطْلُبُ إِلَّا حَقَّهَا، لَمْ يَكُنْ هَذَا بِأَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: أَبُو بَكْرٍ لَا يَمْنَعُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا حَقَّهُ فَكَيْفَ يَمْنَعُهُ سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ حَقَّهَا؟ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم قَدْ شَهِدَا لِأَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ يُنْفِقُ مَالَهُ لِلَّهِ، فَكَيْفَ يَمْنَعُ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ؟ وَفَاطِمَةُ رضي الله عنها قَدْ طَلَبَتْ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَالًا، فَلَمْ يُعْطِهَا إِيَّاهُ. كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي حَدِيثِ الْخَادِمِ لَمَّا ذَهَبَتْ فَاطِمَةُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ خَادِمًا، فَلَمْ يُعْطِهَا خَادِمًا وَعَلَّمَهَا التَّسْبِيحَ (4) . وَإِذَا جَازَ أَنْ تَطْلُبَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا
(1) لَفْظُ الْجَلَالَةِ لَيْسَ فِي (أ) ، (ب) .
(2)
أ: لَا يَكُونُ؛ هـ: أَنْ لَا يَكُونَ؛ ر، ص: إِلَّا أَنْ يَكُونَ؛ ب: أَفَلَا يَكُونُ.
(3)
ب (فَقَطْ) : مِنَ الْعَيْبِ.
(4)
الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 5/19 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ) ؛ مُسْلِمٍ 4/2091 2092 (كِتَابُ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، بَابُ التَّسْبِيحِ أَوَّلَ النَّهَارِ وَعِنْدَ النَّوْمِ) . وَنَصُّ الْحَدِيثِ فِي الْبُخَارِيِّ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ عليها السلام شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحَى فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَبْيٌ، فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ، فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضْجَعَنَا فَذَهَبْتُ لِأَقُومَ، فَقَالَ:" عَلِيُّ مَكَانَكُمَا " فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي. وَقَالَ: " أَلَا أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَانِي: إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا تُكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ وَتُسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتَحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ خَادِمٍ ". وَالْحَدِيثُ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى فِي الْبُخَارِيِّ، وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَالدَّارِمِيِّ وَالْمُوَطَّأِ وَمُسْنَدِ أَحْمَدَ.
يَمْنَعُهَا [النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم](1) إِيَّاهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ (2) يُعْطِيَهَا إِيَّاهُ (3) ، جَازَ أَنْ تَطْلُبَ ذَلِكَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَعْصُومَةً أَنْ تَطْلُبَ مَا لَا يَجِبُ إِعْطَاؤُهَا إِيَّاهُ. وَإِذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِعْطَاءُ لَمْ يَكُنْ مَذْمُومًا بِتَرْكِهِ (4) مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا. فَأَمَّا (5) إِذَا قَدَّرْنَا أَنَّ الْإِعْطَاءَ لَيْسَ بِمُبَاحٍ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُحْمَدَ عَلَى الْمَنْعِ. وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ مَنَعَ أَحَدًا حَقَّهُ، وَلَا ظَلَمَ أَحَدًا حَقَّهُ، (6) لَا فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا بَعْدَ مَوْتِهِ.
وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ إِيصَائِهَا أَنْ تُدْفَنَ لَيْلًا وَلَا يُصَلِّيَ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ، لَا يَحْكِيهِ عَنْ فَاطِمَةَ وَيَحْتَجُّ بِهِ إِلَّا رَجُلٌ جَاهِلٌ يَطْرُقُ عَلَى فَاطِمَةَ مَا لَا يَلِيقُ بِهَا، (7) وَهَذَا لَوْ صَحَّ لَكَانَ بِالذَّنْبِ الْمَغْفُورِ أَوْلَى مِنْهُ بِالسَّعْيِ الْمَشْكُورِ، فَإِنَّ صَلَاةَ الْمُسْلِمِ عَلَى غَيْرِهِ زِيَادَةُ خَيْرٍ تَصِلُ إِلَيْهِ، وَلَا يَضُرُّ (8) أَفْضَلَ الْخَلْقِ أَنْ
(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(2)
أ، ب: وَلَا يَجِبُ أَنْ. . .
(3)
ن (فَقَطْ) : أَنْ يُعْطِيَهَا حَقَّهَا إِيَّاهُ.
(4)
بِتَرْكِهِ: كَذَا فِي (ن)، (و) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: بِتَرْكِ.
(5)
أ، ب: أَمَّا.
(6)
(66) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(7)
فِي " الْمُعْجَمِ الْوَسِيطِ ": " طَرَقَ الْكَلَامَ: عَرَضَ لَهُ وَخَاضَ فِيهِ. وَفِي " لِسَانِ الْعَرَبِ ": " مِنْ أَمْثَالِ الْعَرَبِ الَّتِي تُضْرَبُ لِلَّذِي يَخْلِطُ فِي كَلَامِهِ وَيَتَفَنَّنُ فِيهِ قَوْلُهُمُ: اطْرُقِي وَمِيشِي ".
(8)
ن: وَلَا يَضِيرُ.
يُصَلِّيَ عَلَيْهِ شَرُّ الْخَلْقِ، وَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَيْهِ [وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ](1) الْأَبْرَارُ وَالْفُجَّارُ بَلْ (2) وَالْمُنَافِقُونَ، وَهَذَا إِنْ لَمْ يَنْفَعْهُ لَمْ يَضُرَّهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ فِي أُمَّتِهِ مُنَافِقِينَ، وَلَمْ يَنْهَ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ عَنِ (3) الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، بَلْ أَمَرَ (4) النَّاسَ كُلَّهُمْ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ، مَعَ أَنَّ فِيهِمُ الْمُؤْمِنَ وَالْمُنَافِقَ، فَكَيْفَ يُذْكَرُ فِي مَعْرِضِ الثَّنَاءِ عَلَيْهَا وَالِاحْتِجَاجِ لَهَا (5) مِثْلُ هَذَا الَّذِي لَا يَحْكِيهِ وَلَا يَحْتَجُّ بِهِ (6) إِلَّا مُفْرِطٌ فِي الْجَهْلِ، وَلَوْ وَصَّى (7) مُوصٍ بِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ لَمْ تُنَفَّذْ وَصِيَّتُهُ، فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ عَلَيْهِ خَيْرٌ لَهُ بِكُلِّ حَالٍ.
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ إِنْسَانًا لَوْ ظَلَمَهُ ظَالِمٌ، فَأَوْصَى بِأَنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الظَّالِمُ، لَمْ يَكُنْ هَذَا مِنَ الْحَسَنَاتِ الَّتِي يُحْمَدُ عَلَيْهَا، وَلَا هَذَا مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ. فَمَنْ يَقْصِدُ مَدْحَ فَاطِمَةَ وَتَعْظِيمَهَا، كَيْفَ يَذْكُرُ مِثْلَ هَذَا الَّذِي لَا مَدْحَ فِيهِ، بَلِ الْمَدْحُ فِي خِلَافِهِ، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ؟ ! .
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَرَوَوْا جَمِيعًا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَا فَاطِمَةُ إِنَّ اللَّهَ يَغْضَبُ لِغَضَبِكِ، وَيَرْضَى لِرِضَاكِ» " فَهَذَا كَذِبٌ مِنْهُ، مَا رَوَوْا (8) هَذَا
(1) وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) ، (هـ) . وَفِي (ص) ، (ر) وَيُسَلِّمُ.
(2)
بَلْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3)
ن، م، و: وَلَمْ يَنْهَ أَحَدًا مِنْهُمْ عَنِ. . .
(4)
أ، ب: بَلْ قَالَ وَأَمَرَ. . .
(5)
ن، م، و: الِاحْتِجَاجِ بِهِ.
(6)
وَلَا يَحْتَجُّ بِهِ: كَذَا فِي (ب) فَقَطْ. وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَيَحْتَجُّ بِهِ.
(7)
ب (فَقَطْ) : أَوْصَى.
(8)
ن، م: مَا رُوِيَ. .
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا يُعْرَفُ هَذَا فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفَةِ، وَلَا لَهُ إِسْنَادٌ مَعْرُوفٌ (1) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا صَحِيحٌ وَلَا حَسَنٌ. وَنَحْنُ إِذَا شَهِدْنَا لِفَاطِمَةَ بِالْجَنَّةِ، وَبِأَنَّ اللَّهَ يَرْضَى عَنْهَا، فَنَحْنُ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ (2) وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَسَعِيدٍ (3) وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ [بْنِ عَوْفٍ](4) بِذَلِكَ نَشْهَدُ، وَنَشْهَدُ بِأَنَّ (5) اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ بِرِضَاهُ عَنْهُمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [سُورَةِ التَّوْبَةِ: 100] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [سُورَةِ الْفَتْحِ: 18] وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، وَمَنْ رضي الله عنه وَرَسُولُهُ لَا يَضُرُّهُ غَضَبُ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ عَلَيْهِ (6) كَائِنًا مَنْ كَانَ، بَلْ مَنْ (7) رضي الله عنه وَرَضِيَ عَنِ اللَّهِ، يَكُونُ رِضَاهُ مُوَافِقًا لِرِضَا اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ رَاضٍ عَنْهُ، فَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا يُرْضِي اللَّهَ (8) ، وَهُوَ رَاضٍ عَنِ اللَّهِ، فَحُكْمُ اللَّهِ (9) مُوَافِقٌ لِرِضَاهُ،
(1) أ، ب: وَلَا الْإِسْنَادُ مَعْرُوفٌ.
(2)
وَعَلِيٍّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3)
وَسَعِيدٍ: كَذَا فِي (أ) ، (ب)، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَسَعْدٍ. وَالْمَقْصُودُ بِالْأَوَّلِ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ وَبِالثَّانِي سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنهما.
(4)
بْنِ عَوْفٍ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(5)
بِذَلِكَ نَشْهَدُ وَنَشْهَدُ بِأَنَّ: كَذَا فِي (أ)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: بِذَلِكَ أَشْهَدُ وَأَشْهَدُ لِأَنَّ.
(6)
عَلَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(7)
ب (فَقَطْ) : وَلِأَنَّ مَنْ. .
(8)
(8 - 8) سَاقِطٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.
(9)
أ: وَهُوَ رَاضٍ عَنِ اللَّهِ بِحُكْمِ اللَّهِ. . .؛ ب: فَهُوَ رَاضٍ عَنِ اللَّهِ بِحُكْمِ اللَّهِ. . .
وَإِذَا رَضُوا بِحُكْمِهِ غَضِبُوا لِغَضَبِهِ، فَإِنَّ مَنْ رَضِيَ بِغَضَبِ غَيْرِهِ (1) لَزِمَ أَنْ يَغْضَبَ لِغَضَبِهِ، فَإِنَّ الْغَضَبَ إِذَا كَانَ مُرْضِيًا لَكَ، فَعَلْتَ مَا هُوَ مُرْضٍ لَكَ، وَكَذَلِكَ الرَّبُّ [تَعَالَى - وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى](2) - إِذَا رَضِيَ عَنْهُمْ غَضِبَ لِغَضَبِهِمْ؛ إِذْ هُوَ رَاضٍ بِغَضَبِهِمْ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " رَوَوْا جَمِيعًا «أَنَّ فَاطِمَةَ بِضْعَةٌ مِنِّي مَنْ آذَاهَا آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي آذَى اللَّهَ» " فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يُرْوَ بِهَذَا اللَّفْظِ، بَلْ [رُوِيَ] بِغَيْرِهِ (3) ، كَمَا رُوِيَ فِي سِيَاقِ حَدِيثِ (4) خِطْبَةِ عَلِيٍّ لِابْنَةِ أَبِي جَهْلٍ، لَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا فَقَالَ:«إِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُونِي أَنْ يَنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَإِنِّي لَا آذَنُ، ثُمَّ لَا آذَنُ، ثُمَّ لَا آذَنُ، إِنَّمَا فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا رَابَهَا، وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ» " وَفِي رِوَايَةٍ: " إِنِّي أَخَافُ أَنْ تُفْتَنَ (5) فِي دِينِهَا " ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ فَقَالَ (6) : " حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفَّى لِي. وَإِنِّي لَسْتُ أُحِلُّ حَرَامًا، وَلَا أُحَرِّمُ حَلَالًا، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ مَكَانًا وَاحِدًا أَبَدًا " (7) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ [فِي الصَّحِيحَيْنِ](8) مِنْ
(1) ن، م: مَنْ رَضِيَ بِرِضَا غَيْرِهِ.
(2)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(3)
ن، م، و:: بَلْ غَيْرِهِ.
(4)
أ، ب: كَمَا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ. . .
(5)
أ، ب: تُفْتَتَنَ.
(6)
فَقَالَ: كَذَا فِي (أ)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: قَالَ.
(7)
أ، ب: عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَبَدًا.
(8)
فِي الصَّحِيحَيْنِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ سَبَقَ الْحَدِيثُ فِي هَذَا الْجُزْءِ ص 145. وَرِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ هِيَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ فِي: مُسْلِمٍ 4/1903 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ فَضَائِلِ فَاطِمَةَ) وَفِيهِ. . أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ حَدَّثَهُ أَنَّهُمْ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ مِنْ عِنْدِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما، لَقِيَهُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ. . . الْحَدِيثَ وَفِيهِ:«إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ عَلَى فَاطِمَةَ، فَسَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ عَلَى مِنْبَرِهِ هَذَا، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُحْتَلِمٌ، فَقَالَ: " إِنَّ فَاطِمَةَ مِنِّي، وَإِنِّي أَتَخَوَّفُ فِي دِينِهَا ". قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ فَأَحْسَنَ قَالَ: " حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي وَوَعَدَنِي فَأَوْفَى لِي. وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلَالًا وَلَا أُحِلُّ حَرَامًا، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ مَكَانًا وَاحِدًا أَبَدًا» ". قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُسْلِمٍ 16/24: " قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ إِيذَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِكُلِّ حَالٍ وَعَلَى كُلِّ وَجْهٍ، وَإِنْ تَوَلَّدَ ذَلِكَ الْإِيذَاءُ مِمَّا كَانَ أَصْلُهُ مُبَاحًا وَهُوَ حَيٌّ، وَهَذَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ. قَالُوا: وَقَدْ أَعْلَمَ صلى الله عليه وسلم بِإِبَاحَةِ نِكَاحِ بِنْتِ أَبِي جَهْلٍ لِعَلِيٍّ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلَالًا ". وَلَكِنْ نَهَى عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِعِلَّتَيْنِ مَنْصُوصَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى أَذَى فَاطِمَةَ. فَيَتَأَذَّى حِينَئِذٍ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: فَيَهْلِكُ مَنْ آذَاهُ، فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ لِكَمَالِ شَفَقَتِهِ عَلَى عَلِيٍّ وَعَلَى فَاطِمَةَ. وَالثَّانِيَةُ: خَوْفُ الْفِتْنَةِ عَلَيْهَا بِسَبَبِ الْغَيْرَةِ. . وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ: تَحْرِيمُ جَمْعِهِمَا، وَيَكُونُ مَعْنَى:" «لَا أُحَرِّمُ حَلَالًا» " أَيْ لَا أَقُولُ شَيْئًا يُخَالِفُ حُكْمَ اللَّهِ، فَإِذَا أَحَلَّ شَيْئًا لَمْ أُحَرِّمْهُ وَإِذَا حَرَّمَهُ لَمْ أُحَلِّلْهُ وَلَمْ أَسْكُتْ عَنْ تَحْرِيمِهِ، لِأَنَّ سُكُوتِي تَحْلِيلٌ لَهُ وَيَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ الْجَمْعُ بَيْنَ بِنْتِ نَبِيِّ اللَّهِ وَبِنْتِ عَدُوِّ اللَّهِ ".، فَسَبَبُ الْحَدِيثِ خِطْبَةُ عَلِيٍّ رضي الله عنه لِابْنَةِ أَبِي جَهْلٍ، وَالسَّبَبُ دَاخِلٌ فِي اللَّفْظِ قَطْعًا، إِذِ اللَّفْظُ الْوَارِدُ عَلَى سَبَبٍ (1) لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ سَبَبِهِ مِنْهُ (2) ، بَلِ السَّبَبُ يَجِبُ دُخُولُهُ بِالِاتِّفَاقِ.
وَقَدْ قَالَ فِي الْحَدِيثِ: " «يُرِيبُنِي مَا رَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا» " وَمَعْلُومٌ قَطْعًا أَنَّ خِطْبَةَ ابْنَةِ أَبِي جَهْلٍ عَلَيْهَا رَابَهَا وَآذَاهَا، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
(1) أ، ب: عَلَى السَّبَبِ.
(2)
ص: عَنْهُ.
رَابَهُ ذَلِكَ وَآذَاهُ، فَإِنْ كَانَ هَذَا وَعِيدًا (1) لَاحِقًا بِفَاعِلِهِ، لَزِمَ أَنْ يَلْحَقَ هَذَا الْوَعِيدُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَعِيدًا لَاحِقًا بِفَاعِلِهِ، كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَبْعَدَ عَنِ الْوَعِيدِ مِنْ عَلِيٍّ.
وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ عَلِيًّا تَابَ مِنْ تِلْكَ الْخِطْبَةِ وَرَجَعَ عَنْهَا.
قِيلَ: فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ. وَإِذَا جَازَ أَنَّ مَنْ رَابَ (2) فَاطِمَةَ آذَاهَا، يَذْهَبُ ذَلِكَ بِتَوْبَتِهِ، جَازَ أَنْ يَذْهَبَ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْحَسَنَاتِ الْمَاحِيَةِ، فَإِنَّ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا الذَّنْبِ تُذْهِبُهُ الْحَسَنَاتُ الْمَاحِيَةُ وَالتَّوْبَةُ وَالْمَصَائِبُ الْمُكَفِّرَةُ.
وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا الذَّنْبَ لَيْسَ مِنَ الْكُفْرِ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ إِلَّا بِالتَّوْبَةِ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ عَلِيٌّ - وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ - قَدِ ارْتَدَّ عَنْ [دِينِ] (3) الْإِسْلَامِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَزَّهَ عَلِيًّا مِنْ ذَلِكَ. وَالْخَوَارِجُ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّهُ ارْتَدَّ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقُولُوا: إِنَّهُ ارْتَدَّ فِي حَيَاتِهِ، وَمَنِ ارْتَدَّ فَلَا بُدَّ (4) أَنْ يَعُودَ إِلَى الْإِسْلَامِ أَوْ يَقْتُلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا لَمْ يَقَعْ. وَإِذَا كَانَ هَذَا الذَّنْبُ هُوَ مِمَّا دُونَ الشِّرْكِ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [سُورَةِ النِّسَاءِ: 48] .
(1) ن (فَقَطْ) ، وَعْدًا.
(2)
ص: أَرَابَ.
(3)
دِينِ: زِيَادَةٌ فِي (ر) ، (هـ) ، (ص) ، (و) .
(4)
ب (فَقَطْ) : إِذْ مَنِ ارْتَدَّ فِي حَيَاتِهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا بُدَّ. .
وَإِنْ قَالُوا بِجَهْلِهِمْ: إِنَّ هَذَا الذَّنْبَ كُفْرٌ (1) لِيُكَفِّرُوا (2) بِذَلِكَ أَبَا بَكْرٍ، لَزِمَهُمْ تَكْفِيرُ عَلِيٍّ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ فَالْمَلْزُومُ مِثْلُهُ. وَهُمْ دَائِمًا يَعِيبُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، بَلْ (3) وَيُكَفِّرُونَهُمْ بِأُمُورٍ (4) قَدْ صَدَرَ مِنْ عَلِيٍّ مَا هُوَ مِثْلُهَا أَوْ أَبْعَدُ عَنِ الْعُذْرِ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ مَأْجُورًا أَوْ مَعْذُورًا فَهُمْ أَوْلَى بِالْأَجْرِ وَالْعُذْرِ، وَإِنْ قِيلَ بِاسْتِلْزَامِ الْأَمْرِ الْأَخَفِّ فِسْقًا أَوْ كُفْرًا، كَانَ اسْتِلْزَامُ الْأَغْلَظِ لِذَلِكَ أَوْلَى.
وَأَيْضًا فَيُقَالُ: إِنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها إِنَّمَا عَظُمَ أَذَاهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَذَى أَبِيهَا، فَإِذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ أَذَى أَبِيهَا وَأَذَاهَا (5) كَانَ الِاحْتِرَازُ عَنْ أَذَى أَبِيهَا أَوْجَبَ. وَهَذَا حَالُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَإِنَّهُمَا احْتَرَزَا عَنْ (6) أَنْ يُؤْذِيَا أَبَاهَا أَوْ يُرِيبَاهُ (7) بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ عَهِدَ عَهْدًا وَأَمَرَ بِأَمْرٍ (8) ، فَخَافَا إِنْ غَيَّرَا عَهْدَهُ وَأَمْرَهُ أَنْ يَغْضَبَ لِمُخَالَفَةِ أَمْرِهِ وَعَهْدِهِ وَيَتَأَذَّى بِذَلِكَ. وَكُلُّ عَاقِلٍ يَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا حَكَمَ بِحُكْمٍ، وَطَلَبَتْ فَاطِمَةُ أَوْ غَيْرُهَا مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ الْحُكْمَ، كَانَ مُرَاعَاةُ حُكْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى، فَإِنَّ طَاعَتَهُ وَاجِبَةٌ، وَمَعْصِيَتَهُ مُحَرَّمَةٌ، وَمَنْ تَأَذَّى لِطَاعَتِهِ كَانَ مُخْطِئًا فِي
(1) ص: إِنَّهُ إِذَا أَذْنَبَ كَفَرَ.
(2)
ن: فَكَفَّرُوا؛ و، م: وَكَفَّرُوا.
(3)
بَلْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(4)
ن (فَقَطْ) : بِالْآخَرِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(5)
ن، م: بَيْنَ أَذَاهَا وَأَذَى أَبِيهَا.
(6)
عَنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .
(7)
أ، ب: يُرِيبَانِهِ.
(8)
أ، ب: وَأَمَرَ أَمْرًا.
تَأَذِّيهِ بِذَلِكَ، وَكَانَ الْمُوَافِقُ لِطَاعَتِهِ مُصِيبًا فِي طَاعَتِهِ. وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ آذَاهَا لِغَرَضِ نَفْسِهِ (1) لَا لِأَجْلِ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَمَنْ تَدَبَّرَ حَالَ أَبِي بَكْرٍ فِي رِعَايَتِهِ لِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ طَاعَةَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لَا أَمْرًا (2) آخَرَ، يُحْكَمُ أَنَّ حَالَهُ أَكْمَلُ وَأَفْضَلُ [وَأَعْلَى](3) مِنْ حَالِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما، وَكِلَاهُمَا سَيِّدٌ كَبِيرٌ مِنْ أَكَابِرِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ، وَحِزْبِ اللَّهِ الْمُفْلِحِينَ، [وَعِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ](4) ، وَمِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَمِنْ أَكَابِرِ الْمُقَرَّبِينَ، الَّذِينَ يَشْرَبُونَ بِالتَّسْنِيمِ. وَلِهَذَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَقُولُ:" وَاللَّهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي "(5) . وَقَالَ: " ارْقَبُوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فِي أَهْلِ بَيْتِهِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ (6) .
(1) أ: لِغَرَضٍ لِعَيْنِهِ؛ ب: لِغَرَضٍ بِعَيْنِهِ.
(2)
أ، ب، ص، هـ، ر: لَا لِأَمْرٍ.
(3)
وَأَعْلَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5)
أ، ب، ص، ر: إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَصِلَ قَرَابَتِي. وَهَذِهِ الْعِبَارَاتُ جُزْءٌ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي سَبَقَ إِيرَادُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُورَثُ وَأَنَّ مَا تَرَكَهُ صَدَقَةٌ (انْظُرْ هَذَا الْجُزْءَ، ص [0 - 9] 95) . وَجَاءَتْ هَذِهِ الْعِبَارَاتُ فِي الْبُخَارِيِّ 5/20 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بَابُ مَنَاقِبِ قَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ. .) ، 5/90 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ حَدِيثِ بَنِي النَّضِيرِ. .) ، 5/139 - 140 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ غَزْوَةِ خَيْبَرَ) . وَهُوَ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى وَانْظُرْ مَا سَبَقَ، ص 195.
(6)
الْحَدِيثُ عَنْ أَبَى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 5/21 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ. .، بَابُ مَنَاقِبِ قَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ. .) 5/26 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ. .، بَابُ مَنَاقِبِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ. .) .
لَكِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ آذَاهَا، فَلَمْ يُؤْذِهَا لِغَرَضِ نَفْسِهِ، بَلْ لِيُطِيعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُوَصِّلَ الْحَقَّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ. وَعَلِيٌّ رضي الله عنه كَانَ قَصْدُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، فَلَهُ فِي أَذَاهَا غَرَضٌ، بِخِلَافِ أَبِي بَكْرٍ. فَعُلِمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ أَبْعَدَ أَنْ يُذَمَّ بِأَذَاهَا مِنْ عَلِيٍّ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ طَاعَةَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ بِمَا لَا حَظَّ لَهُ فِيهِ، بِخِلَافِ عَلِيٍّ؛ فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ (1) حَظٌّ فِيمَا رَابَهَا بِهِ. وَأَبُو بَكْرٍ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَنْ هَاجَرَ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَهَذَا لَا يُشْبِهُ مَنْ كَانَ مَقْصُودُهُ امْرَأَةً يَتَزَوَّجُهَا (2) . وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُؤْذِيهِ مَا يُؤْذِي فَاطِمَةَ إِذَا لَمْ يُعَارِضْ ذَلِكَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِشَيْءٍ فَعَلَهُ، وَإِنْ تَأَذَّى مَنْ تَأَذَّى مِنْ أَهْلِهِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ فِي حَالِ طَاعَتِهِ لِلَّهِ يُؤْذِيهِ مَا يُعَارِضُ (3) طَاعَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَهَذَا الْإِطْلَاقُ كَقَوْلِهِ:" «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي» (4) ، 16/39 40، 17/107، 18/95؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 2/467، 471، 511. " ثُمَّ قَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم
(1) ن، م: فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ. .، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(2)
بَعْدَ كَلِمَةِ " يَتَزَوَّجُهَا " يُوجَدُ بَيَاضٌ فِي (ر) ، (ص)، (هـ) . وَكُتِبَ فِي هَامِشِ (ر) :" قَالَ فِي هَامِشِ الْأَصْلِ: وُجِدَ فِي الْأَصْلِ هَكَذَا ". وَفِي هَامِشِ (ص) : " بَيَاضٌ فِي الْأَصْلِ ".
(3)
أ: وَهُوَ حَالُ طَاعَةِ اللَّهِ مَا يُؤْذِيهِ مَا يُعَارِضُ. .؛ ب: فَهُوَ فِي حَالِ طَاعَةِ اللَّهِ يُؤْذِيهِ مَا يُعَارِضُ. وَالْمُثْبَتُ هُوَ الَّذِي فِي سَائِرِ النُّسَخِ إِلَّا أَنَّ فِيهَا. . لَا يُؤْذِيهِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(4)
جَاءَ الْحَدِيثُ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 9/61 (كِتَابُ الْأَحْكَامِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ. .) ؛ مُسْلِمٍ 3/1465، 1466 (كِتَابُ الْإِمَارَةِ، بَابُ وُجُوبِ طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 7/138 (كِتَابُ الْبَيْعَةِ، بَابُ التَّرْغِيبِ فِي طَاعَةِ الْإِمَامِ) ، 8/243 (كِتَابُ الِاسْتِعَاذَةِ، بَابُ الِاسْتِعَاذَةِ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا) ؛ سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ (الْمُقَدِّمَةُ، بَابُ اتِّبَاعِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) ، 2/954 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ طَاعَةِ الْإِمَامِ) ؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 13/52، 173 174، 14
: " «إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ» (1) ". فَإِذَا كَانَتْ طَاعَةُ أُمَرَائِهِ أَطْلَقَهَا وَمُرَادُهُ بِهَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ، فَقَوْلُهُ:" «مَنْ آذَاهَا فَقَدْ آذَانِي» " يُحْمَلُ عَلَى الْأَذَى فِي الْمَعْرُوفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى؛ لِأَنَّ طَاعَةَ أُمَرَائِهِ فَرْضٌ، وَضِدَّهَا مَعْصِيَةٌ كَبِيرَةٌ. وَأَمَّا فِعْلُ مَا يُؤْذِي فَاطِمَةَ فَلَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَعْصِيَةِ أَمْرِ النَّبِيِّ (2) صلى الله عليه وسلم، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ قَدْ (3) فَعَلَ مَا هُوَ أَعْظَمُ (4) مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَإِنَّ مَعْصِيَةَ أُمَرَائِهِ مَعْصِيَتُهُ، وَمَعْصِيَتَهُ مَعْصِيَةُ اللَّهِ (5) . (* ثُمَّ إِذَا عَارَضَ مُعَارِضٌ وَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَلِيَّا الْأَمْرِ، وَاللَّهُ قَدْ أَمَرَ بِطَاعَةِ أُولِي (6) الْأَمْرِ، وَطَاعَةُ وَلِيِّ الْأَمْرِ طَاعَةٌ لِلَّهِ وَمَعْصِيَتُهُ مَعْصِيَةٌ لِلَّهِ (7) ، *) (8) ، فَمَنْ سَخِطَ أَمْرَهُ وَحُكْمَهُ فَقَدْ سَخِطَ أَمْرَ اللَّهِ وَحُكْمَهُ.
ثُمَّ أَخَذَ يُشَنِّعُ عَلَى عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ رضي الله عنهما بِأَنَّهُمَا رَدَّا أَمْرَ اللَّهِ، وَسَخِطَا حُكْمَهُ، وَكَرِهَا مَا أَرْضَى اللَّهَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ يُرْضِيهِ طَاعَتُهُ وَطَاعَةُ وَلِيِّ الْأَمْرِ، فَمَنْ كَرِهَ طَاعَةَ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَقَدْ كَرِهَ رِضْوَانَ اللَّهِ، وَاللَّهُ يَسْخَطُ
(1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 3/388.
(2)
أ، ب: أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ.
(3)
قَدْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(4)
أَعْظَمُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(5)
ر، و، هـ: مَعْصِيَةٌ لِلَّهِ.
(6)
ب (فَقَطْ) : وَلِيِّ.
(7)
ن: وَطَاعَتُهُ طَاعَةٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَعْصِيَتُهُ؛ ب: وَطَاعَةُ وَلِيِّ الْأَمْرِ طَاعَةٌ لِلَّهِ وَمَعْصِيَتُهُ مَعْصِيَةٌ لِلَّهِ.
(8)
(**) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
لِمَعْصِيَتِهِ، وَمَعْصِيَةُ وَلِيِّ الْأَمْرِ مَعْصِيَتُهُ، فَمَنِ اتَّبَعَ مَعْصِيَةَ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَقَدِ اتَّبَعَ مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهَ رِضْوَانَهُ. وَهَذَا التَّشْنِيعُ (1) وَنَحْوُهُ (2) عَلَى عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ رضي الله عنهما أَوْجُهٌ مِنْ تَشْنِيعِ الرَّافِضَةِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ; وَذَلِكَ لِأَنَّ (3) النُّصُوصَ الْوَارِدَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي طَاعَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ، وَلُزُومِ الْجَمَاعَةِ (4) ، وَالصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ مَشْهُورَةٌ كَثِيرَةٌ، بَلْ لَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِطَاعَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ وَإِنِ اسْتَأْثَرُوا، وَالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِهِمْ، وَقَالَ:" «إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَونِي عَلَى الْحَوْضِ» "(5) وَقَالَ: " «أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ، وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ» (6) " وَأَمْثَالَ ذَلِكَ. فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما كَانَا ظَالِمَيْنِ مُسْتَأْثِرَيْنِ بِالْمَالِ لِأَنْفُسِهِمَا، لَكَانَ (7) الْوَاجِبُ مَعَ ذَلِكَ طَاعَتُهُمَا وَالصَّبْرُ عَلَى جَوْرِهِمَا.
ثُمَّ لَوْ (8) أَخَذَ هَذَا الْقَائِلُ يَقْدَحُ فِي عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ رضي الله عنهما وَنَحْوِهِمَا بِأَنَّهُمْ لَمْ يَصْبِرُوا وَلَمْ يَلْزَمُوا الْجَمَاعَةَ، بَلْ جَزَعُوا وَفَرَّقُوا الْجَمَاعَةَ، وَهَذِهِ مَعْصِيَةٌ عَظِيمَةٌ - لَكَانَتْ هَذِهِ الشَّنَاعَةُ أَوْجَهُ مِنْ تَشْنِيعِ
(1) وَهَذَا التَّشْنِيعُ: كَذَا فِي (أ) ، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ كَانَ هَذَا التَّشْنِيعُ.
(2)
وَنَحْوُهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3)
أ، ب: أَنَّ.
(4)
ن، م: وَلُزُومِ الطَّاعَةِ.
(5)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ مُخْتَصَرًا فِيمَا مَضَى فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص [0 - 9]40.
(6)
سَبْقَ هَذَا الْحَدِيثُ مُطَوَّلًا فِيمَا مَضَى 1/118 وَنَصُّهُ هُنَاكَ: " إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا. قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ، وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ ".
(7)
أ، ب: كَانَ.
(8)
لَوْ: فِي (ب) فَقَطْ وَإِثْبَاتُهَا يَقْتَضِيهِ السِّيَاقُ.
الرَّافِضَةِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَا تَقُومُ حُجَّةٌ بِأَنَّهُمَا تَرَكَا وَاجِبًا فِعْلًا مُحَرَّمًا أَصْلًا، بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا، فَإِنَّهُ قَدْ تَقُومُ الْحُجَّةُ بِنَوْعٍ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْ مِثْلَهَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ. وَمَا يُنَزَّهُ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ رضي الله عنهما عَنْ تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ مَحْظُورٍ إِلَّا وَتَنْزِيهُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَوْلَى بِكَثِيرٍ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَقُومَ شُبْهَةٌ (1) بِتَرْكِهِمَا وَاجِبًا أَوْ تَعَدِّيهِمَا حَدًّا، إِلَّا وَالشُّبْهَةُ (2) الَّتِي تَقُومُ فِي عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ أَقْوَى وَأَكْبَرُ (3) ، فَطَلَبُ الطَّالِبِ مَدْحُ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ رضي الله عنهما إِمَّا بِسَلَامَتِهِمَا مِنَ الذُّنُوبِ، وَإِمَّا بِغُفْرَانِ اللَّهِ لَهُمَا، مَعَ الْقَدْحِ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بِإِقَامَةِ الذَّنْبِ وَالْمَنْعِ مِنَ الْمَغْفِرَةِ - مِنْ أَعْظَمِ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ، وَهُوَ أَجْهَلُ وَأَظْلَمُ مِمَّنْ يُرِيدُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ رضي الله عنهما إِذَا أَرَادَ مَدْحَ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه، وَالْقَدَحَ فِي عَلِيٍّ رضي الله عنه.
الْوَجْهُ الثَّامِنُ (4) : أَنَّ قَوْلَهُ: " لَوْ كَانَ هَذَا الْخَبَرُ صَحِيحًا حَقًّا لَمَا جَازَ لَهُ تَرْكُ (5) الْبَغْلَةِ وَالسَّيْفِ وَالْعِمَامَةِ عِنْدَ عَلِيٍّ وَالْحُكْمُ لَهُ بِهَا (6) لَمَّا ادَّعَاهَا الْعَبَّاسُ ".
فَيُقَالُ: وَمَنْ نَقَلَ (7) أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ حَكَمَا بِذَلِكَ لِأَحَدٍ، أَوْ تَرَكَا ذَلِكَ
(1) أ، ب: حُجَّةٌ.
(2)
أ: وَالسُّنَّةُ ; ب: وَالْحُجَّةُ.
(3)
أ، ب، ن، م، و: وَأَكْثَرُ.
(4)
الثَّامِنُ: كَذَا فِي (ب) فَقَطْ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: الْخَامِسُ.
(5)
أ: حَقًّا أَنْ يُخْلِفَ. . ; ب: حَقًّا لَمَا جَازَ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ.
(6)
ب (فَقَطْ) : عِنْدَ عَلِيٍّ حِينَ حُكِمَ لَهُ بِهَا.
(7)
ن (فَقَطْ) : وَقَالَ وَمَنْ يَقُلْ. .
عِنْدَ أَحَدٍ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِلْكٌ لَهُ (1) ، فَهَذَا مِنْ أَبْيَنِ الْكَذِبِ عَلَيْهِمَا، بَلْ غَايَةُ مَا فِي هَذَا (2) أَنْ يُتْرَكَ عِنْدَ مَنْ يُتْرَكُ \ عِنْدَهُ، كَمَا تَرَكَا صَدَقَتَهُ (3) عِنْدَ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ لِيَصْرِفَاهَا (4) فِي مَصَارِفِهَا الشَّرْعِيَّةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَلَكَانَ أَهْلُ الْبَيْتِ الَّذِينَ طَهَّرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مُرْتَكِبِينَ مَا لَا يَجُوزُ ".
فَيُقَالُ لَهُ: أَوَّلًا إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُخْبِرْ أَنَّهُ طَهَّرَ جَمِيعَ أَهْلِ الْبَيْتِ وَأَذْهَبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ، فَإِنَّ هَذَا كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ. كَيْفَ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ فِي (5) بَنِي هَاشِمٍ مَنْ لَيْسَ بِمُطَهَّرٍ مِنَ الذُّنُوبِ، وَلَا أُذْهِبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ، لَا سِيَّمَا عِنْدَ الرَّافِضَةِ، فَإِنَّ (6) عِنْدَهُمْ كُلُّ مَنْ كَانَ مَنْ بَنِي هَاشِمٍ يُحِبُّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما فَلَيْسَ (7) بِمُطَهَّرٍ، وَالْآيَةُ (8) إِنَّمَا قَالَ فِيهَا:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 33] . وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا مِثْلَ قَوْلِهِ: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 6]
(1) عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِلْكٌ لَهُ: كَذَا فِي (ص) . وَفِي (ب) : عَلَى أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لَهُ. وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِلْكًا لَهُ.
(2)
أ، ب: بَلْ غَايَةُ هَذَا.
(3)
ص: أَنْ تُتْرَكَ عِنْدَ مَنْ تُتْرَكُ عِنْدَهُ كَمَا تُرِكَتِ الصَّدَقَةُ ; أ، ب: أَنْ يُتْرَكَ عِنْدَ مَنْ تُرِكَ عِنْدَهُ، كَمَا تَرَكَا صَدَقَتَهُ.
(4)
ن، م: لَيَصْرِفَانِهَا.
(5)
أ، ب: أَنَّ مِنْ.
(6)
ب (فَقَطْ) : لِأَنَّ.
(7)
أ، ب: لَيْسَ.
(8)
أ، ب: وَلِأَنَّهُ.
وَقَوْلِهِ: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 26] ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ بَيَانُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ ذَلِكَ لَكُمْ وَيَرْضَاهُ لَكُمْ وَيَأْمُرُكُمْ بِهِ، فَمَنْ فَعَلَهُ حَصَلَ لَهُ هَذَا الْمُرَادُ الْمَحْبُوبُ الْمَرْضِيُّ (1) ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ.
وَقَدْ بُسِطَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَبُيِّنَ أَنَّ هَذَا أَلْزَمُ (2) لِهَؤُلَاءِ الرَّافِضَةِ الْقَدَرِيَّةِ ; فَإِنَّ عِنْدَهُمْ [أَنَّ](3) إِرَادَةَ اللَّهِ بِمَعْنَى أَمْرِهِ، لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَفْعَلُ مَا أَرَادَ، فَلَا يَلْزَمُ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَطْهِيرَ أَحَدٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَدْ تَطَهَّرَ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُطَهِّرَ اللَّهُ أَحَدًا (4) ، [بَلْ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ تَطْهِيرَهُ، فَإِنْ شَاءَ طَهَّرَ نَفْسَهُ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُطَهِّرْهَا](5) ، وَلَا يَقْدِرُ اللَّهُ عِنْدَهُمْ عَلَى تَطْهِيرِ أَحَدٍ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " لِأَنَّ (6) الصَّدَقَةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ".
فَيُقَالُ لَهُ (7) : أَوَّلًا الْمُحَرَّمُ عَلَيْهِمْ صَدَقَةُ الْفَرْضِ، وَأَمَّا صَدَقَاتُ (8) التَّطَوُّعِ فَقَدْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنِ الْمِيَاهِ الْمُسَبَّلَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّمَا حُرِّمَ عَلَيْنَا الْفَرْضُ، وَلَمْ يُحَرَّمْ عَلَيْنَا التَّطَوُّعُ. وَإِذَا جَازَ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِصَدَقَاتِ الْأَجَانِبِ الَّتِي هِيَ تَطَوُّعٌ، فَانْتِفَاعُهُمْ بِصَدَقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَولَى وَأَحْرَى ; فَإِنَّ هَذِهِ الْأَمْوَالَ لَمْ تَكُنْ زَكَاةً مَفْرُوضَةً عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ الَّتِي حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ (9)
(1) الْمَرْضِيُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(2)
ن، م: لَزِمَ ; ص: إِلْزَامٌ.
(3)
أَنَّ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(4)
أ، ب: أَنْ يُطَهِّرَ أَحَدٌ أَحَدًا ; ص: أَنْ يُطَهِّرَ أَحَدًا.
(5)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .
(6)
أ، ب: إِنَّ.
(7)
ن، م: لَهُمْ.
(8)
أ، ب، ص: صَدَقَةُ.
(9)
ن، م، ص، هـ، ر: عَلَيْهِ.
وَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الْفَيْءِ الَّذِي أَفَاءَهُ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، وَالْفَيْءُ حَلَالٌ لَهُمْ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْفَيْءِ صَدَقَةً، إِذْ غَايَتُهُ (1) أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ أَحَقُّ بِصَدَقَتِهِ ; فَإِنَّ الصَّدَقَةَ [عَلَى الْمُسْلِمِينَ صَدَقَةٌ، وَالصَّدَقَةُ](2) عَلَى الْقَرَابَةِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ.
الْوَجْهُ التَّاسِعُ (3) : فِي مُعَارَضَتِهِ بِحَدِيثِ (4) جَابِرٍ رضي الله عنه فَيُقَالُ: جَابِرٌ لَمْ يَدَعْ حَقًّا لِغَيْرِهِ (5) يُنْتَزَعُ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَيُجْعَلُ لَهُ (6) ، وَإِنَّمَا طَلَبَ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهُ، وَلَوْ لَمْ يَعِدْهُ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا وَعَدَهُ بِهِ كَانَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ، فَلِهَذَا لَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى بَيِّنَةٍ. وَمِثَالُ هَذَا أَنْ يَجِيءَ شَخْصٌ إِلَى عَقَارِ بَيْتِ الْمَالِ فَيَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ خَاصَّةً، فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْزَعَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَيَدْفَعَهُ إِلَيْهِ بِلَا حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَآخَرُ طَلَبَ شَيْئًا مِنَ الْمَالِ الْمَنْقُولِ (7) الَّذِي يَجِبُ قَسْمَهُ (8) عَلَى الْمُسْلِمِينَ [مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ](9) ; فَهَذَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى بِلَا بَيِّنَةٍ (10) . أَلَا تَرَى أَنَّ صَدَقَةَ
(1) أ، ب: أَوْ غَايَتُهُ.
(2)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3)
التَّاسِعُ: كَذَا فِي (ب) فَقَطْ. وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: السَّادِسُ.
(4)
أ، ب: لِحَدِيثِ.
(5)
أ، ب: لِغَيْرٍ.
(6)
ص: وَيُبِيحُهُ لَهُ.
(7)
ن، م: الْمُنْفَقِ.
(8)
ن، م: قِسْمَتُهُ.
(9)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(10)
أ، ب: بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ.
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَوْقُوفَةَ، وَصَدَقَةَ غَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (1) لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ [مِنَ الْمُسْلِمِينَ] أَنْ يَمْلِكَ أَصْلَهَا (2) ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطَى مِنْ رِيعِهَا مَا يَنْتَفِعُ بِهِ، فَالْمَالُ الَّذِي أُعْطِيَ مِنْهُ جَابِرٌ هُوَ الْمَالُ الَّذِي يُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، بِخِلَافِ أُصُولِ الْمَالِ.
وَلِهَذَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما يُعْطِيَانِ الْعَبَّاسَ [وَبَنِيهِ](3) وَعَلِيًّا (4) وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَغَيْرَهُمْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَعْظَمَ مِمَّا أَعْطَوْا جَابِرَ [بْنَ عَبْدِ اللَّهِ](5) مِنَ الْمَالِ الَّذِي يُقَسَّمُ بَيْنَ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ (6) مَعَهُمَا وَعْدٌ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
فَقَوْلُ هَؤُلَاءِ الرَّافِضَةِ الْجُهَّالِ: إِنَّ جَابِرَ [بْنَ عَبْدِ اللَّهِ] أَخَذَ (7) مَالَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ (8) بَلْ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، كَلَامُ مَنْ لَا يَعْرِفُ حُكْمَ اللَّهِ، لَا فِي هَذَا وَلَا فِي ذَاكَ، فَإِنَّ الْمَالَ الَّذِي أُعْطِيَ [مِنْهُ](9) جَابِرٌ مَالٌ يَجِبُ قِسْمَتَهُ (10) بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. وَجَابِرٌ أَحَدُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَهُ حَقٌّ فِيهِ، وَهُوَ
(1) أ، ب: عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
(2)
ن، م: لَا تَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْلِكَ أَصْلَهَا ; أ، ب: لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ تَمَلُّكُ أَصْلِهَا.
(3)
وَبَنِيهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (أ) ، (ب) ، (و) . .
(4)
وَعَلِيًّا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ص) . وَفِي (أ)، (ب) : وَعَلِيٌّ.
(5)
ن، م: مِمَّا أَعْطَوْا جَابِرًا.
(6)
ن: وَلَمْ يَكُنْ.
(7)
ن، م: إِنَّ جَابِرًا أَخَذَ. .
(8)
أ، ب: بِلَا بَيِّنَةٍ.
(9)
مِنْهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(10)
أ، ب، و: قَسْمَهُ.
أَحَدُ الشُّرَكَاءِ، وَالْإِمَامُ إِذَا أَعْطَى أَحَدَ الْمُسْلِمِينَ (1) مِنْ مَالِ الْفَيْءِ وَنَحْوِهِ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، لَا يُقَالُ: إِنَّهُ أَعْطَاهُ مَالَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ ; لِأَنَّ الْقَسْمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَإِعْطَاءَهُمْ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى بَيِّنَةٍ، بِخِلَافِ مَنْ يَدَّعِي أَنَّ أَصْلَ الْمَالِ لَهُ دُونَ الْمُسْلِمِينَ (2) .
نَعَمِ الْإِمَامُ يُقَسِّمُ الْمَالَ بِاجْتِهَادِهِ فِي التَّقْدِيرِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُقَسِّمُ الْمَالَ بِالْحَثَيَاتِ. وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْكَيْلِ بِالْيَدِ. وَجَابِرٌ ذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَعَدَهُ بِثَلَاثِ حَثَيَاتٍ (3) ، وَهَذَا أَمْرٌ مُعْتَادٌ مِثْلُهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَذْكُرْ إِلَّا مَا عُهِدَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلُهُ، وَمَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهِ، فَأَعْطَاهُ حَثْيَةً، ثُمَّ نَظَرَ عَدَدَهَا فَأَعْطَاهُ بِقَدْرِهَا مَرَّتَيْنِ، تَحَرِّيًا لِمَا ظَنَّهُ مُوَافِقًا لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْقَسْمِ، فَإِنَّ
(1) لَا يُعْطِي أَحَدًا ; ب: إِذَا أَعْطَى أَحَدًا.
(2)
حَدِيثُ جَابِرٍ نَصُّهُ فِي: الْبُخَارِيِّ 3/96 (كِتَابُ الْكَفَالَةِ، بَابُ مَنْ تَكَفَّلَ عَنْ مَيِّتٍ دَيْنًا. .) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرِينِ قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ". فَلَمْ يَجِئْ مَالُ الْبَحْرِينِ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرِينِ أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا بِهِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِي: كَذَا وَكَذَا. فَحَثَى إِلَيَّ حَثْيَةً، فَعَدَدْتُهَا فَإِذَا هِيَ خَمْسُمِائَةٍ، وَقَالَ: خُذْ مِثْلَيْهَا ". وَجَاءَ الْحَدِيثُ مُفَصَّلًا وَفِيهِ قَوْلُ جَابِرٍ: " فَحَثَا لِي ثَلَاثًا " فِي الْبُخَارِيِّ 4/90 - 91 (كِتَابُ فَرْضِ الْخُمْسِ، بَابُ وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمْسَ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ) ، 4/98 (كِتَابُ الْجِزْيَةِ وَالْمُوَادَعَةِ، بَابُ مَا أَقْطَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْبَحْرِينِ. .) ; الْمُسْنَدَ (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/310.
(3)
وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: " أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ".