المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[زعم الرافضي أن رسول الله سمى عليا فاروق أمته والرد عليه] - منهاج السنة النبوية - جـ ٤

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[كلام الرافضي على خصائص الأئمة الاثنى عشر]

- ‌[الجواب على قول الرافضي إن الإمامية أخذوا مذهبهم عن أهل البيت]

- ‌[كلام الرافضي عن علي رضي الله عنه " وَظَهَرَتْ مِنْهُ مُعْجِزَاتٌ كَثِيرَةٌ " والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي عن زين العابدين ومحمد الباقر والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي عن موسى بن جعفر والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا والرد عليه]

- ‌[كَلَامُ الرَّافِضِيُّ على مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوَادُ والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على علي الهادي ولد محمد بن علي الجواد]

- ‌[كلام الرافضي على الْحَسَن الْعَسْكَرِيّ والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على محمد بن الحسن المهدي عندهم والرد عليه]

- ‌[الجواب عن كلام الرافضي على حديث المهدي من وجوه]

- ‌[كلام الرافضي على عصمة الأئمة والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على اختيار الناس لمذهب أهل السنة طلبا للدنيا والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على تدين بعض أهل السنة بمذهب الإمامية في الباطن والرد عليه]

- ‌[كلام الرَّافِضِيُّ على وُجُوبِ اتِّبَاعِ مَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ لأَنَّهُمْ لَمْ يَذْهَبُوا إِلَى التَّعَصُّبِ فِي غَيْرِ الْحَقِّ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ]

- ‌[زعم الرافضي بأن المنصور ابتدع ذكر الخلفاء الراشدين في خطب الجمعة]

- ‌[الجواب على زعم الرافضي بأن المنصور ابتدع ذكر الخلفاء الراشدين في خطب الجمعة من وجوه]

- ‌[كلام الرافضي على مسح الرجلين في الوضوء بدلا من غسلهما والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على متعة الحج والنساء والتعليق على كلامه]

- ‌[كلام الرافضي على مَنْعِ أَبي بَكْرٍ فَاطِمَةَ إِرْثَهَا]

- ‌[الْجَوَابُ على كلام الرافضي مَنْعَ أَبي بَكْرٍ فَاطِمَةَ إِرْثَهَا مِنْ وُجُوهٍ]

- ‌[كلام الرافضي على منع فاطمة من إرث فدك]

- ‌[كلام الرافضي على أبي ذر الغفاري وأبي بكر الصديق والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على أبي بكر رضي الله عنه " وَسَمَّوْهُ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْهُ فِي حَيَاتِهِ وَلَا بَعْدَ وَفَاتِهِ عِنْدَهُمْ " والرد عليه]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن النبي قال لعلي إِنِ الْمَدِينَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا بِي أَوْ بِكَ]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن النبي أَمَّرَ أُسَامَةَ عَلَى الْجَيْشِ الَّذِينَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ]

- ‌[زعم الرافضي أن رسول الله سمى عليا فاروق أمته والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على خديجة وعائشة رضي الله عنهما والجواب عليه]

- ‌[كلام الرافضي على عائشة رضي الله عنها أنها أذاعت سر رسول الله وخالفت أمر الله بالخروج على علي والرد عليه]

- ‌[زعم الرافضي أن الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ وجوابه من وجوه]

- ‌[الرد على قوله إن عائشة كانت تأمر بقتل عثمان من وجوه]

- ‌[كلام الرافضي على عائشة مع كلامه على معاوية والرد عليه]

- ‌[مزاعم الرافضي عن معاوية رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[الرد على مزاعم الرافضي عن معاوية رضي الله عنه " وَسَمَّوْهُ كَاتِبَ الْوَحْيِ وَلَمْ يَكْتُبْ لَهُ كَلِمَةً

- ‌[مزاعم الرافضي عن معاوية بقوله " وَكَانَ بِالْيَمَنِ يَوْمَ الْفَتْحِ يَطْعَنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ

- ‌[الرد على مزاعم الرافضي عن معاوية من أنه كَانَ بِالْيَمَنِ يَوْمَ الْفَتْحِ يَطْعَنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ]

- ‌[فصل وقوع أمور فِي الأمة بالتأويل في دِمَائِهَا وَأَمْوَالِهَا وَأَعْرَاضِهَا]

- ‌[الراففضة يُعَظِّمُونَ الْأَمْرَ عَلَى مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا وَيَمْدَحُونَ مَنْ قَتَلَ عُثْمَانَ]

- ‌[كلام الرافضي على خالد بن الوليد رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على خالد بن الوليد رضي الله عنه بأنه قَتَلَ مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ صَبْرًا وَهُوَ مُسْلِمٌ وَعَرَّسَ بِامْرَأَتِهِ والرد عليه]

- ‌[عود الرافضي إلى الكلام على معاوية رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على يوم مقتل الحسين رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[الناس في يزيد طرفان ووسط]

- ‌[النَّاسُ فِي قَتْلِ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه طرفان ووسط]

- ‌[أحدث الناس بدعتين يوم عاشوراء بِدْعَةَ الْحُزْنِ وَالنَّوْحِ وبِدْعَةُ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ]

- ‌[عود إلى الكلام على مقتل الحسين رضي الله عنه]

- ‌[مزاعم الرافضي عن يزيد بن معاوية]

- ‌[زعم الرافضي أن الإمامية ينزهون الله وملائكته وأنبياءه وأئمته]

الفصل: ‌[زعم الرافضي أن رسول الله سمى عليا فاروق أمته والرد عليه]

[زعم الرافضي أن رسول الله سمى عليا فاروق أمته والرد عليه]

فَصْلٌ ر، هـ، ص: الْفَصْلُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ. .

قَالَ الرَّافِضِيُّ فِي (1) : " وَسَمَّوْا عُمَرَ الْفَارُوقَ (2) ، وَلَمْ يُسَمُّوا عَلِيًّا [عليه السلام] عليه السلام: (3) بِذَلِكَ، مَعَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ [فِيهِ] (4) : «هَذَا فَارُوقُ أُمَّتِي يَفْرُقُ بَيْنَ أَهْلِ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.» وَقَالَ [ابْنُ] عُمَرَ (5) : مَا كُنَّا نَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا بِبُغْضِهِمْ عَلِيًّا عليه السلام (6) ".

فَيُقَالُ: أَوَّلًا: أَمَّا هَذَانِ الْحَدِيثَانِ فَلَا يَسْتَرِيبُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ أَنَّهُمَا (7) حَدِيثَانِ مَوْضُوعَانِ مَكْذُوبَانِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُرْوَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي [شَيْءٍ مِنْ](8) كُتُبِ الْعِلْمِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَلَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إِسْنَادٌ مَعْرُوفٌ لَمْ أَجِدِ الْحَدِيثَيْنِ لَا فِي كُتُبِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَلَا كُتُبِ الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ. .

وَيُقَالُ: ثَانِيًا: مَنِ احْتَجَّ فِي مَسْأَلَةٍ فَرْعِيَّةٍ بِحَدِيثٍ فَلَا بُدَّ لَهُ أَنْ يُسْنِدَهُ، فَكَيْفَ فِي مَسَائِلِ أُصُولِ الدِّينِ؟ وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ قَوْلِ الْقَائِلِ: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ

(1)(ك ; ص 111 (م) .

(2)

أ، ب: فَارُوقًا.

(3)

فِي: (و) ، (ك) . وَفِي (أ) ، (ب) ، (هـ) ، (ر)، (ص) : رضي الله عنه.

(4)

فِيهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (هـ) .

(5)

ن، م: وَقَالَ عُمَرُ.

(6)

عليه السلام: فِي (و) ، (ك) فَقَطْ.

(7)

ن، م، و: فَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُمَا.

(8)

شَيْءٍ مِنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

ص: 286

- صلى الله عليه وسلم " لَيْسَ حُجَّةً بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَلَوْ كَانَ حُجَّةً لَكَانَ كُلُّ حَدِيثٍ قَالَ فِي وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " حُجَّةً، وَنَحْنُ نَقْنَعُ فِي هَذَا الْبَابِ بِأَنْ يُرْوَى الْحَدِيثُ بِإِسْنَادِ مَعْرُوفِينَ (1) بِالصِّدْقِ مِنْ أَيِّ طَائِفَةٍ كَانُوا.

لَكِنْ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْحَدِيثُ لَهُ إِسْنَادٌ، فَهَذَا النَّاقِلُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُكَذِّبْهُ بَلْ نَقَلَهُ مِنْ كِتَابِ غَيْرِهِ، فَذَلِكَ النَّاقِلُ لَمْ يَعْرِفْ عَمَّنْ نَقَلَهُ. وَمِنَ الْمَعْرُوفِ كَثْرَةُ الْكَذِبِ فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ (22) :(2) ، فَكَيْفَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا لَمْ يُعْرَفْ إِسْنَادُهُ؟ .

وَيُقَالُ: ثَالِثًا: مِنَ الْمَعْلُومِ لِكُلِّ مَنْ لَهُ خِبْرَةً أَنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ أَعْظَمُ (3) . النَّاسِ بَحْثًا عَنْ أَقْوَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَطَلَبًا لِعِلْمِهَا، وَأَرْغَبُ النَّاسِ فِي اتِّبَاعِهَا، وَأَبْعَدُ النَّاسِ عَنِ اتِّبَاعِ [هَوًى](4) يُخَالِفُهَا، فَلَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ هَذَا، لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَوْلَى مِنْهُمْ بِاتِّبَاعِ قَوْلِهِ، فَإِنَّهُمْ يَتَّبِعُونَ قَوْلَهُ إِيمَانًا بِهِ، وَمَحَبَّةً لِمُتَابَعَتِهِ، لَا لِغَرَضٍ لَهُمْ فِي الشَّخْصِ الْمَمْدُوحِ.

وَلِهَذَا يَذْكُرُونَ مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ فَضَائِلِ عَلِيٍّ، كَمَا يَذْكُرُونَ مَا قَالَهُ مِنْ فَضَائِلِ عُثْمَانَ، كَمَا يَذْكُرُونَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ فَضَائِلِ الْأَنْصَارِ، كَمَا يَذْكُرُونَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ فَضَائِلِ الْمُهَاجِرِينَ، وَفَضَائِلِ بَنِي

(1) ب (فَقَطْ) : مَعْرُوفٍ.

(2)

سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(3)

أ، ب: أَهْلَ الْحَدِيثِ مِنْ أَعْظَمِ.

(4)

هَوًى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .

ص: 287

إِسْمَاعِيلَ وَبَنِي فَارِسَ وَيَذْكُرُونَ فَضَائِلَ بَنِي هَاشِمٍ (1) وَيَذْكُرُونَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ فَضَائِلِ [طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، كَمَا يَذْكُرُونَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ فَضَائِلِ](2) سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ [وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ فَضَائِلِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَيَذْكُرُونَ](3) مِنْ فَضَائِلِ عَائِشَةَ، [كَمَا يَذْكُرُونَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ] فَضَائِلِ فَاطِمَةَ (4) . وَخَدِيجَةَ، فَهُمْ فِي [أَهْلِ] (5) الْإِسْلَامِ كَأَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي أَهْلِ الْمِلَلِ: يَدِينُونَ (6) بِكُلِّ رَسُولٍ وَكُلِّ (7) كِتَابٍ، لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِ اللَّهِ، وَلَمْ يَكُونُوا مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دَيْنَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا.

فَلَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ: هَذَا فَارُوقُ أُمَّتِي، لَقَبِلُوا ذَلِكَ وَنَقَلُوهُ، كَمَا نَقَلُوا هـ، ر، ص: كَمَا قَبِلُوا وَنَقَلُوا. قَوْلَهُ لِأَبِي عُبَيْدَةَ: " «هَذَا أَمِينُ هَذِهِ

(1) أ: وَيَذْكُرُونَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ فَضَائِلِ 000 وَفَضَائِلِ بَنِي هَاشِمٍ (وَفِي الْهَامِشِ: بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ) ; ب: وَيَذْكُرُونَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ فَضَائِلِ قُرَيْشٍ وَفَضَائِلِ بَنِي هَاشِمٍ.

(2)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(3)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ر) ، (هـ) ، (ص) فَقَطْ. مَا ذَكَرَهُ ن، م: وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَمَا ذَكَرَهُ.

(4)

ن، م: مِنْ فَضَائِلِ عَائِشَةَ وَفَضَائِلِ فَاطِمَةَ

(5)

أَهْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(6)

أ، ب: يُؤْمِنُونَ.

(7)

أ، ب: وَبِكُلِّ.

ص: 288

الْأُمَّةِ» " (1) وَقَوْلَهُ لِلزُّبَيْرِ: "«إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ» (2)" وَكَمَا قَبِلُوا وَنَقَلُوا (3) قَوْلَهُ لِعَلِيٍّ: "«لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ [غَدًا] (4) رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» (5) وَحَدِيثُ الْكِسَاءِ لَمَّا قَالَ لِعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ: " «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا» (6) " وَأَمْثَالُ ذَلِكَ.

(1) الْحَدِيثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 5/25 26 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ، بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي عُبَيْدَةَ) وَنَصُّهُ: " أَنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَأَنَّ أَمِينَنَا أَيَّتُهَا الْأُمَّةَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ " ; سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/316 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي عُبَيْدَةَ) وَجَاءَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ: " هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي: سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/49 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابٌ فِي فَضَائِلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ. . فَضْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ. .) ; الْمُسْنَدَ (ط. الْمَعَارِفِ) 6/15

(2)

الْحَدِيثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْهَا 5/21 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ، بَابُ مَنَاقِبِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ) . وَهُوَ فِي: مُسْلِمٍ 4/1879 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ مِنْ فَضَائِلِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ. .) ; سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/45 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابٌ فِي فَضَائِلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ. .، فَضْلُ الزُّبَيْرِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 2/78 79، 131، 138 (عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه) ، (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/307، 314 وَصَفَحَاتٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه.

(3)

أ، ب: وَكَمَا نَقَلُوا ; ر، هـ، ص: وَكَمَا نَقَلُوا وَقَبِلُوا.

(4)

غَدًا: فِي (ص) فَقَطْ.

(5)

جَاءَ الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبُو بُرَيْدَةَ وَسَلَمَةُ رضي الله عنهم فِي: الْبُخَارِيِّ 5/18 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ، بَابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ) ; مُسْلِمٍ 4/1871 1872 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ) ، التِّرْمِذِيِّ 5/301 302 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ) ; سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/43 44 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابُ مِنْ فَضَائِلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ. .، فَضْلُ عَلِيٍّ. .) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 3/97 98، (ط. الْحَلَبِيِّ) 5/353 354، 358 359.

(6)

سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص [0 - 9]2.

ص: 289

وَيُقَالُ: رَابِعًا: كُلٌّ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ يُعْلَمُ بِالدَّلِيلِ أَنَّهُ كَذِبٌ، لَا يَجُوزُ نِسْبَتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَإِنَّهُ يُقَالُ: مَا الْمَعْنَى بِكَوْنِ (1) عَلِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (2) فَارُوقَ الْأُمَّةِ يَفْرُقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ؟ إِنْ عَنَى بِذَلِكَ أَنَّهُ يُمَيِّزُ بَيْنَ أَهْلِ الْحَقِّ وَأَهْلِ الْبَاطِلِ (3) ، فَيُمَيِّزُ [بَيْنَ](4) الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، فَهَذَا أَمْرٌ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ: لَا نَبِيٌّ وَلَا غَيْرُهُ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 101] ، فَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَعْلَمُ عَيْنَ كُلِّ مُنَافِقٍ فِي مَدِينَتِهِ وَفِيمَا حَوْلَهَا، فَكَيْفَ يَعْلَمُ (5) ذَلِكَ غَيْرُهُ؟ .

وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ يَذْكُرُ صِفَاتِ أَهْلِ الْحَقِّ وَأَهْلِ الْبَاطِلِ، فَالْقُرْآنُ قَدْ (6) بَيَّنَ ذَلِكَ غَايَةَ الْبَيَانِ، وَهُوَ الْفُرْقَانُ الَّذِي فَرَّقَ اللَّهُ فِيهِ بَيْنَ (7) . الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ بِلَا رَيْبٍ.

وَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ قَاتَلَ مَعَهُ كَانَ عَلَى الْحَقِّ وَمَنْ قَاتَلَهُ كَانَ عَلَى الْبَاطِلِ (88) : (8) .

فَيُقَالُ: هَذَا لَوْ كَانَ صَحِيحًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلَّا (9) التَّمْيِيزُ بَيْنَ تِلْكَ الطَّائِفَةِ

(1) ن، م: مَا الْمَعْنَى أَنْ يَكُونَ.

(2)

أ، ب: عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ.

(3)

أ، ب: يُمَيِّزُ أَهْلَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.

(4)

بَيْنَ: فِي (أ) ، (ب) فَقَطْ.

(5)

م، ر، ص، هـ، وَ: يَعْرِفُ.

(6)

قَدْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(7)

أ، ب: فَرَقَّ لِنَبِيِّهِ بَيْنَ. .، وَ: فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ.

(8)

سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(9)

ن، م، وَ: صَحِيحًا لَيْسَ فِيهِ إِلَّا.

ص: 290

الْمُعَيَّنَةِ. وَحِينَئِذٍ فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ رضي الله عنهم أَوْلَى بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَاتَلُوا بِالْمُؤْمِنِينَ أَهْلِ الْحَقِّ الْكُفَّارَ (1) أَهِلَ الْبَاطِلِ، فَكَانَ التَّمْيِيزُ الَّذِي حَصَلَ بِفِعْلِهِمْ أَكْمَلَ وَأَفْضَلَ ; فَإِنَّهُ لَا يَشُكُّ عَاقِلٌ أَنَّ الَّذِينَ قَاتَلَهُمُ الثَّلَاثَةُ كَانُوا أَوْلَى بِالْبَاطِلِ مِمَّنْ قَاتَلَهُمْ (2) عَلِيٌّ، وَكُلَّمَا كَانَ الْعَدُوُّ أَعْظَمَ بَاطِلًا كَانَ عَدُوُّهُ أَوْلَى بِالْحَقِّ.

وَلِهَذَا كَانَ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَتَلَ نَبِيًّا أَوْ [مَنْ] قَتَلَهُ نَبِيٌّ (3) ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ بَاشَرُوا الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم بِالتَّكْذِيبِ وَالْمُعَادَاةِ، كَأَبِي لَهَبٍ وَأَبِي جَهْلٍ، شَرًّا مِنْ غَيْرِهِمْ. فَإِذَا كَانَ مَنْ قَاتَلَهُ (4) الثَّلَاثَةُ أَعْظَمَ بَاطِلًا، كَانَ الَّذِينَ قَاتَلُوهُمْ أَعْظَمَ حَقًّا، فَيَكُونُوا أَوْلَى بِالْفُرْقَانِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ.

وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ فَارُوقٌ ; لِأَنَّ مَحَبَّتَهُ هِيَ الْمُفَرِّقَةُ بَيْنَ أَهْلِ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.

قِيلَ: أَوَّلًا: هَذَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ حَتَّى يَكُونَ هُوَ بِهِ فَارُوقًا.

وَقِيلَ: ثَانِيًا: بَلْ مَحَبَّةُ (5) رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْظَمُ تَفْرِيقًا بَيْنَ أَهْلِ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ (6) .

وَقِيلَ: ثَالِثًا: لَوْ عَارَضَ هَذَا (7) مُعَارِضٌ فَجَعَلَ مَحَبَّةَ عُثْمَانَ هِيَ الْفَارِقَةُ

(1) ر، هـ، وَ: لِلْكُفَّارِ.

(2)

ن، م: مِنَ الَّذِينَ قَاتَلَهُمْ.

(3)

ن، م: مَنْ قَتَلَهُ نَبِيٌّ أَوْ قَتَلَ نَبِيًّا، ر، هـ، ص، و: مَنْ قَتَلَ نَبِيًّا أَوْ قَتَلَهُ نَبِيٌّ.

(4)

أ، ب: قَتَلَهُ.

(5)

أ، ب: إِنَّ مَحَبَّةَ.

(6)

الْمُسْلِمِينَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(7)

هَذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

ص: 291

بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ لَمْ تَكُنْ (1) دَعْوَاهُ دُونَ دَعْوَى ذَلِكَ فِي عَلِيٍّ، مَعَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لَمَّا ذَكَرَ الْفِتْنَةَ:" «هَذَا يَوْمَئِذٍ (2) . وَأَصْحَابُهُ عَلَى الْحَقِّ» "(3) . وَأَمَّا إِذَا جَعَلَ ذَلِكَ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ أَظْهَرُ فِي الْمُقَابَلَةِ. وَمَنْ كَانَ قَوْلُهُ مُجَرَّدَ دَعْوَى أَمْكَنَ مُقَابَلَتُهُ بِمِثْلِهِ (4) .

وَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ مُطْلَقُ دَعْوَى الْمَحَبَّةِ، دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْغَالِيَةُ كَالْمُدَّعِينَ لِإِلَهِيَّتِهِ وَنُبُوَّتِهِ، فَيَكُونُ هَؤُلَاءِ أَهْلَ حَقٍّ (5) وَهَذَا كُفْرٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.

وَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ الْمَحَبَّةُ الْمُطْلَقَةُ (6) فَالشَّأْنُ فِيهَا، فَأَهْلُ (7) السُّنَّةِ يَقُولُونَ: نَحْنُ أَحَقُّ بِهَا مِنَ الشِّيعَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَحَبَّةَ الْمُتَضَمِّنَةَ لِلْغُلُوِّ هِيَ

(1) أ، ب: فَلَمْ يَكُنْ.

(2)

أ: الْفِتْنَةُ يَوْمَئِذٍ، ب: الْفِتْنَةُ يَكُونُ هَذَا

(3)

ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثًا فِي سُنَنِهِ 5/291 292 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ عُثْمَانَ) جَاءَ فِيهِ أَنَّ مُرَّةَ بْنَ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: لَوْلَا حَدِيثٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا قُمْتُ، وَذَكَرَ الْفِتَنَ فَقَرَّبَهَا فَمَرَّ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ فِي ثَوْبٍ، فَقَالَ:" هَذَا يَوْمَئِذٍ عَلَى الْهُدَى " فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، قَالَ: فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ، فَقُلْتُ: هَذَا؟ قَالَ: " نَعَمْ ". قَالَ التِّرْمِذِيُّ: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ وَكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ". وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثًا آخَرَ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ 5/292 293 عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِنَفْسِ الْمَعْنَى، وَقَالَ عَنْهُ:" هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ". وَأَوْرَدَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ هَذَا الْحَدِيثَ الْأَخِيرَ فِي مُسْنَدِهِ (ط. الْمَعَارِفِ) 8/216 217 عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَد شَاكِر: " إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ ".

(4)

ن، م: مُقَابَلَتُهُ بِهَا.

(5)

ص، ن: فَيَكُونُونَ هَؤُلَاءِ أَهْلَ الْحَقِّ، أ، ب: فَيَكُونُ هَؤُلَاءِ أَهْلَ الْحَقِّ.

(6)

ر، هـ، ص، و: الْمُطَابَقَةُ.

(7)

ب (فَقَطْ) . . لِأَهْلِ.

ص: 292

كَمَحَبَّةِ الْيَهُودِ لِمُوسَى، وَالنَّصَارَى لِلْمَسِيحِ، وَهِيَ مَحَبَّةٌ بَاطِلَةٌ. وَذَلِكَ أَنَّ الْمَحَبَّةَ الصَّحِيحَةَ (1) أَنْ يُحِبَّ الْعَبْدُ ذَلِكَ الْمَحْبُوبَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَلَوِ اعْتَقَدَ رَجُلٌ فِي بَعْضِ الصَّالِحِينَ أَنَّهُ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، أَوْ أَنَّهُ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ فَأَحَبَّهُ، (2) قَدْ أَحَبَّ مَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ ; لِأَنَّهُ أَحَبَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَوْصُوفٌ بِتِلْكَ الصِّفَةِ، وَهِيَ بَاطِلَةٌ، فَقَدْ أَحَبَّ مَعْدُومًا لَا مَوْجُودًا، كَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً تَوَهَّمَ أَنَّهَا عَظِيمَةُ الْمَالِ وَالْجَمَالِ وَالدِّينِ وَالْحَسَبِ فَأَحَبَّهَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا دُونَ مَا ظَنَّهُ بِكَثِيرٍ، فَلَا رَيْبَ أَنَّ حُبَّهُ يَنْقُصُ بِحَسَبِ نَقْصِ اعْتِقَادِهِ، إِذِ الْحُكْمُ إِذَا ثَبَتَ لِعِلَّةٍ زَالَ بِزَوَالِهَا.

فَالْيَهُودِيُّ إِذَا أَحَبَّ (3) مُوسَى بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ قَالَ: تَمَسَّكُوا بِالسَّبْتِ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَأَنَّهُ نَهَى عَنِ اتِّبَاعِ الْمَسِيحِ (4) وَمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَكُنْ مُوسَى كَذَلِكَ، فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ (5) حَقِيقَةُ مُوسَى [صلى الله عليه وسلم](6) يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُحِبُّ (7) مُوسَى عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَحَبَّ مَوْصُوفًا بِصِفَاتٍ لَا وُجُودَ لَهَا، فَكَانَتْ مَحَبَّتُهُ (8)

(1) ب (فَقَطْ) : بَاطِلَةٌ وَالْمَحَبَّةُ الصَّحِيحَةُ.

(2)

لَكَانَ أ، ب: كَانَ.

(3)

أ، ب: وَالْيَهُودُ إِذَا أَحَبُّوا.

(4)

أ، ب: ص: عِيسَى.

(5)

ب (فَقَطْ) : لَهُمْ.

(6)

صلى الله عليه وسلم: فِي (أ) ، (ب) فَقَطْ.

(7)

ب (فَقَطْ) : عَلِمُوا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُحِبُّونَ. . (وَاسْتَمَرَّتْ نُسْخَةُ (ب) عَلَى اسْتِعْمَالِ أُسْلُوبِ الْجَمْعِ) .

(8)

ن، م: مَحَبَّةً.

ص: 293

بَاطِلَةً، فَلَمْ يَكُنْ مَعَ مُوسَى الْمُبَشِّرِ بِعِيسَى الْمَسِيحِ (1) وَمُحَمَّدٍ.

وَقَدْ ثَبَتَ (2) فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» (3) ". وَالْيَهُودِيُّ لَمْ يُحِبَّ إِلَّا مَا لَا وُجُودَ لَهُ فِي الْخَارِجِ، فَلَا يَكُونُ مَعَ مُوسَى الْمُبَشِّرِ بِعِيسَى (4) . وَمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ لَمْ يُحِبَّ مُوسَى هَذَا. وَالْحُبُّ وَالْإِرَادَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ يَتْبَعُ الْعِلْمَ وَالِاعْتِقَادَ، فَهُوَ فَرْعُ الشُّعُورِ (5) ، فَمَنِ اعْتَقَدَ بَاطِلًا فَأَحَبَّهُ، كَانَ مُحِبًّا لِذَلِكَ الْبَاطِلِ، وَكَانَتْ مَحَبَّتُهُ بَاطِلَةً فَلَمْ تَنْفَعْهُ، وَهَكَذَا مَنْ (6) اعْتَقَدَ فِي بَشَرٍ الْإِلَهِيَّةَ فَأَحَبَّهُ لِذَلِكَ، كَمَنِ اعْتَقَدَ إِلَهِيَّةَ فِرْعَوْنَ وَنَحْوَهُ (7) ، أَوْ أَئِمَّةِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، أَوِ اعْتَقَدَ الْإِلَهِيَّةَ فِي بَعْضِ الشُّيُوخِ، أَوْ بَعْضِ أَهْلِ الْبَيْتِ، أَوْ فِي (8) بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ أَوِ الْمَلَائِكَةِ، كَالنَّصَارَى وَنَحْوِهِمْ (9) ، وَمَنْ عَرَفَ الْحَقَّ فَأَحَبَّهُ، كَانَ حُبُّهُ لِذَلِكَ الْحَقِّ فَكَانَتْ مَحَبَّتُهُ مِنَ الْحَقِّ فَنَفَعَتْهُ (10) .

(1) بِعِيسَى الْمَسِيحِ: كَذَا فِي (أ)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: بِالْمَسِيحِ.

(2)

أ، ب: وَثَبَتَ.

(3)

الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنهما فِي: الْبُخَارِيِّ 8/39 40 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابُ عَلَامَةِ حُبِّ اللَّهِ عز وجل ; مُسْلِمٍ 4/2034 (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ) ; سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4/22 (كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ) وَالْحَدِيثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ:" وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَصَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي مُوسَى ". وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ الدَّارِمِيِّ وَمَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ فِي الْمُسْنَدِ.

(4)

بِعِيسَى: كَذَا فِي (أ)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: بِالْمَسِيحِ

(5)

أ: فَهُوَ فَرْعُ السُّعُودِ. وَسَقَطَتِ الْعِبَارَةُ كُلُّهَا مِنْ (ب) .

(6)

أ: وَكَذَلِكَ مَنْ ; ب: وَذَلِكَ كَمَنِ.

(7)

وَنَحْوَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.

(8)

فِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(9)

أ، ب: كَاعْتِقَادِ النَّصَارَى فِي الْمَسِيحِ ; وَ: كَالنُّصَيْرِيَّةِ وَنَحْوِهِ.

(10)

أ، ب: فَنَفَعَهُ ; ن، م: فَيَنْفَعُهُ.

ص: 294

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ - وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ - ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ} [سُورَةُ مُحَمَّدٍ: 1 - 2] . وَهَكَذَا النَّصْرَانِيُّ (1) مَعَ الْمَسِيحِ: إِذَا (2) أَحَبَّهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ إِلَهٌ - وَكَانَ عَبْدًا - كَانَ قَدْ أَحَبَّ مَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْمَسِيحَ عَبْدٌ رَسُولٌ (3) لَمْ يَكُنْ قَدْ أَحَبَّهُ، فَلَا يَكُونَ مَعَهُ.

وَهَكَذَا مَنْ أَحَبَّ الصَّحَابَةَ [وَالتَّابِعِينَ](4) وَالصَّالِحِينَ مُعْتَقِدًا فِيهِمُ الْبَاطِلَ، كَانَتْ مَحَبَّتُهُ لِذَلِكَ الْبَاطِلِ بَاطِلَةً. وَمَحَبَّةُ الرَّافِضَةِ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه مِنْ هَذَا الْبَابِ ; فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ مَا لَمْ يُوجَدْ، وَهُوَ الْإِمَامُ الْمَعْصُومُ الْمَنْصُوصُ عَلَى إِمَامَتِهِ، الَّذِي لَا إِمَامَ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا هُوَ، الَّذِي كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ (5) أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما ظَالِمَانِ مُعْتَدِيَانِ أَوْ كَافِرَانِ (6) ، فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ أَفْضَلَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَإِنَّمَا غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا مِنْ أَحَدِهِمْ (7) ، وَإِنَّهُ كَانَ مُقِرًّا بِإِمَامَتِهِمْ وَفَضْلِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ مَعْصُومًا لَا هُوَ وَلَا هُمْ (8) ، وَلَا كَانَ مَنْصُوصًا عَلَى

(1) أ، ب، ن، م: النَّصَارَى.

(2)

أ: وَإِذَا، ب: فَإِذَا.

(3)

أ: عَبْدًا رَسُولًا ; ب: عَبْدٌ وَرَسُولٌ، وَ: عَبْدٌ رَسُولُ اللَّهِ.

(4)

وَالتَّابِعِينَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(5)

أَنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ ب) فَقَطْ.

(6)

ب (فَقَطْ) : وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهم ظَالِمِينَ مُتَعَدِّينَ أَوْ كَافِرِينَ.

(7)

أ (فَقَطْ) : أَحَدِهِمَا.

(8)

ص: لَا هَؤُلَاءِ وَلَا هَؤُلَاءِ.

ص: 295

إِمَامَتِهِ، تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُحِبُّونَ عَلِيًّا، بَلْ هُمْ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ بُغْضًا لِعَلِيٍّ رضي الله عنه فِي الْحَقِيقَةِ، فَإِنَّهُمْ يُبْغِضُونَ مَنِ اتَّصَفَ بِالصِّفَاتِ الَّتِي كَانَتْ فِي عَلِيٍّ أَكْمَلَ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ: مِنْ إِثْبَاتِ إِمَامَةِ الثَّلَاثَةِ وَتَفْضِيلِهِمْ، فَإِنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه كَانَ يُفَضِّلُهُمْ وَيُقِرُّ بِإِمَامَتِهِمْ. فَتَبَيَّنَ أَنَّهُمْ مُبْغِضُونَ لِعَلِيٍّ (1) قَطْعًا.

وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ «عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: إِنَّهُ لَعَهْدُ (2) النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ إِلَيَّ أَنَّهُ (3) " لَا يُحِبُّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُنِي إِلَّا مُنَافِقٌ» " (4) إِنْ كَانَ هَذَا مَحْفُوظًا ثَابِتًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ الرَّافِضَةَ لَا تُحِبُّهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، بَلْ مَحَبَّتُهُمْ مِنْ جِنْسِ مَحَبَّةِ الْيَهُودِ لِمُوسَى وَالنَّصَارَى لِعِيسَى (5) ، بَلِ الرَّافِضَةُ تُبْغِضُ نُعُوتَ عَلِيٍّ وَصِفَاتِهِ، كَمَا تُبْغِضُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نُعُوتَ مُوسَى وَعِيسَى، فَإِنَّهُمْ يُبْغِضُونَ مَنْ أَقَرَّ نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم (55) :(6) وَكَانَا مُقِرَّيْنِ بِهَا (7)[صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ](8) .

(1) أ، ب، و: يُبْغِضُونَ عَلِيًّا.

(2)

أ: يَعْهَدُ.

(3)

ب: أَنَّ. وَسَقَطَتْ مِنْ (أ) .

(4)

الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فِي: مُسْلِمٍ 1/86 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ حُبَّ الْأَنْصَارِ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهم مِنَ الْإِيمَانِ. .) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/306 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ عَلِيٍّ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/42 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابٌ فِي فَضَائِلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ. .، فَضْلُ عَلِيٍّ. .) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 2/57. وَهُوَ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى فِي الْمُسْنَدِ.

(5)

وَ: مِنْ جِنْسِ مَحَبَّةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِمُوسَى وَعِيسَى.

(6)

سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(7)

ب (فَقَطْ) : وَكَانُوا مُقِرِّينَ بِهِ.

(8)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (وَ) فَقَطْ.

ص: 296

وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ أَحَبَّ شَيْخًا عَلَى أَنَّهُ مَوْصُوفٌ بِصِفَاتٍ وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، كَمَنِ اعْتَقَدَ فِي شَيْخٍ أَنَّهُ يَشْفَعُ فِي مُرِيدِيهِ (1) يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَّهُ (2) يَرْزُقُهُ وَيَنْصُرُهُ وَيُفَرِّجُ عَنْهُ الْكُرُبَاتِ (3) وَيُجِيبُهُ فِي الضَّرُورَاتِ، (* كَمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ عِنْدَهُ خَزَائِنَ اللَّهِ، أَوْ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ، أَوْ أَنَّهُ مَلَكٌ، وَهُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَقَدْ *)(4) أَحَبَّ مَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ.

وَقَوْلُ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي هَذَا الْحَدِيثِ: «لَا يُحِبُّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُنِي إِلَّا مُنَافِقٌ» ، لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِهِ، بَلْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" «آيَةُ الْإِيمَانِ حُبُّ الْأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ» "(5) وَقَالَ: «لَا يُحِبُّ الْأَنْصَارَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا

(1) ن، م: فِي حَقِّ مُرِيدِيهِ.

(2)

ر، هـ، ص، و، أ: أَوْ أَنَّهُ.

(3)

ب (فَقَطْ) وَيُفَرِّجُ كُرْبَانَهُ.

(4)

(**) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (و) .

(5)

الْحَدِيثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي. . الْبُخَارِيِّ 5/23 (كِتَابُ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ، بَابُ حُبِّ الْأَنْصَارِ) ، مُسْلِمٍ 1/85 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ حُبَّ الْأَنْصَارِ. . .) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/130، 134، 249. وَقَالَ:" لَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارَ رَجُلٌ يُؤْمِنُ أ، ب: مُؤْمِنٌ. بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ " الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم فِي: مُسْلِمٍ 1/86 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ حُبَّ الْأَنْصَارِ. . .) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/373 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابٌ فِي فَضْلِ الْأَنْصَارِ وَقُرَيْشٍ) ، الْمُسْنَدِ، (ط. الْمَعَارِفِ) 4/293، 18/114 وَفِي مَوَاضِعَ أُخْرَى فِي الْمُسْنَدِ.

ص: 297

مُنَافِقٌ» " (1) . وَفِي [الْحَدِيثِ](2) الصَّحِيحِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا لَهُ وَلِأُمِّهِ أَنْ يُحَبِّبَهُمَا اللَّهُ إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: فَلَا تَجِدُ مُؤْمِنًا إِلَّا يُحِبُّنِي وَأُمِّي (3)

وَهَذَا مِمَّا يَبِينُ بِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا [الْحَدِيثِ] وَبَيْنَ الْحَدِيثِ (4) الَّذِي رُوِيَ (5) عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " مَا كُنَّا نَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا بِبُغْضِهِمْ عَلِيًّا "(6) فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يَعْلَمُ كُلُّ عَالِمٍ أَنَّهُ كَذِبٌ ;

(1) الْحَدِيثُ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 5/32 (كِتَابُ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ، بَابُ حُبِّ الْأَنْصَارِ) ، مُسْلِمٍ 1/85 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ حُبَّ الْأَنْصَارِ. .) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/371 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابٌ مِنْ فَضْلِ الْأَنْصَارِ وَقُرَيْشٍ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/283 وَفِي مَوَاضِعَ أُخْرَى فِي الْمُسْنَدِ.

(2)

الْحَدِيثِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(3)

هَذَا حَدِيثٌ مُطَوَّلٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ: " اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ "، وَقَالَ فِي آخِرِهِ:" اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ وَأُمَّهُ إِلَى عِبَادِكِ الْمُؤْمِنِينَ، وَحَبِّبَ إِلَيْهِمُ الْمُؤْمِنِينَ ". فَمَا خُلِقَ مُؤْمِنٌ يَسْمَعُ بِي وَلَا يَرَانِي إِلَّا أَحَبَّنِي. وَالْحَدِيثُ فِي: مُسْلِمٍ 4/1938 1939 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي هُرَيْرَةَ. . .) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 16/113 114. .

(4)

أ، ب: يُبَيِّنُ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْحَدِيثِ. . .، ن، م، و: يُبَيَّنُ بِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْحَدِيثِ.

(5)

الَّذِي رَوَى: كَذَا فِي (ص) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: الَّذِي رَوَاهُ.

(6)

الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/298 299 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ عَلِيٍّ. .) وَلَفْظُهُ: " وَإِنْ كُنَّا لَنَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ نَحْنُ مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ بِبُغْضِهِمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ". قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَقَدْ تَكَلَّمَ شُعْبَةُ فِي أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ". وَفِي " مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ " لِلْهَيْثَمِيِّ 9/132 133:" وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: وَاللَّهِ مَا كُنَّا نَعْرِفُ مُنَافِقِينَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا بِبُغْضِهِمْ عَلِيًّا. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ. وَالْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: مَا كُنَّا نَعْرِفُ مُنَافِقِينَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، بِأَسَانِيدَ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ ". وَلَمْ أَجِدِ الْحَدِيثَ عَنِ ابْن عُمَرَ رضي الله عنه.

ص: 298

لِأَنَّ النِّفَاقَ لَهُ عَلَامَاتٌ كَثِيرَةٌ وَأَسْبَابٌ مُتَعَدِّدَةٌ غَيْرُ بُغْضِ عَلِيٍّ، فَكَيْفَ لَا يَكُونُ عَلَى النِّفَاقِ عَلَامَةٌ إِلَّا بُغْضَ عَلِيٍّ؟ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ:" «آيَةُ (1) النِّفَاقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ» " وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: " «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» (2) ".

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ فِي صِفَةِ الْمُنَافِقِينَ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 58]، {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 61] ، {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 75] ، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 49] ، {فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 124] .

وَذَكَرَ لَهُمْ سبحانه وتعالى فِي سُورَةِ " بَرَاءَةٌ " وَغَيْرِهَا مِنَ الْعَلَامَاتِ وَالصِّفَاتِ مَا لَا يَتَّسِعُ هَذَا الْمَوْضِعُ لِبَسْطِهِ (3) .

بَلْ لَوْ قَالَ: كُنَّا نَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ بِبُغْضِ عَلِيٍّ لَكَانَ مُتَوَجِّهًا (4) ، كَمَا أَنَّهُمْ أَيْضًا يُعْرَفُونَ بِبُغْضِ الْأَنْصَارِ، [بَلْ](5) وَبِبُغْضِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ،

(1) أ، ب: إِنَّ آيَةَ.

(2)

مَضَى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ 2/82.

(3)

أ: مَا لَمْ يَتَّسِعْ هَذَا الْمَوْضُوعَ بَسْطُهُ، ب: مَا لَا يَسَعُ هَذَا الْمَوْضُوعَ بَسْطُهُ.

(4)

أ، ب: مُتَّجِهًا.

(5)

بَلْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

ص: 299

وَبِبُغْضِ غَيْرِ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ أَبْغَضَ مَا يُعْلَمُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّهُ وَيُوَالِيهِ، وَأَنَّهُ كَانَ (1) يُحِبُّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَيُوَالِيهِ، كَانَ بُغْضُهُ شُعْبَةً مِنْ شُعَبِ النِّفَاقِ (2) ، وَالدَّلِيلُ يَطَّرِدُ وَلَا يَنْعَكِسُ. وَلِهَذَا كَانَ أَعْظَمُ الطَّوَائِفِ نِفَاقًا الْمُبْغِضِينَ (3) لِأَبِي بَكْرٍ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الصَّحَابَةِ أَحَبُّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ، وَلَا كَانَ فِيهِمْ أَعْظَمُ حُبًّا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ، فَبُغْضُهُ مِنْ أَعْظَمِ [آيَاتِ](4) النِّفَاقِ. وَلِهَذَا لَا يُوجَدُ الْمُنَافِقُونَ فِي طَائِفَةٍ أَعْظَمَ مِنْهَا فِي مُبْغَضِيهِ، كَالْنُّصَيْرِيَّةِ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ (5) .

وَإِنْ (6) قَالَ قَائِلٌ: فَالرَّافِضَةُ (7) الَّذِينَ يُبْغِضُونَهُ يَظُنُّونَ أَنَّهُ كَانَ عَدُوًّا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَا يُذْكَرُ لَهُمْ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي تَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ يُبْغِضُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَهْلَ بَيْتِهِ فَأَبْغَضُوهُ (8) لِذَلِكَ.

قِيلَ: إِنْ كَانَ هَذَا عُذْرًا يَمْنَعُ نِفَاقَ الَّذِينَ يُبْغِضُونَهُ جَهْلًا وَتَأْوِيلًا، فَكَذَلِكَ الْمُبْغِضُونَ لِعَلِيٍّ الَّذِينَ اعْتَقَدُوا أَنَّهُ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ، أَوْ ظَالِمٌ فَاسِقٌ، فَأَبْغَضُوهُ لِبُغْضِهِ لِدِينِ الْإِسْلَامِ، أَوْ لِمَا أَحَبَّهُ اللَّهُ وَأَمَرَ بِهِ مِنَ الْعَدْلِ، وَلِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُ قَتَلَ الْمُؤْمِنِينَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَأَرَادَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَفَسَادًا،

(1) أ، ب: وَإِنْ كَانَ.

(2)

ن، م، و: كَانَ بُغْضُهُ دَلِيلًا عَلَى نِفَاقِهِ.

(3)

الْمُبْغِضِينَ: كَذَا فِي (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: الْمُبْغِضُونَ.

(4)

آيَاتِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(5)

أ، ب: وَنَحْوِهِمْ.

(6)

ب (فَقَطْ) : فَإِنْ.

(7)

أ، ب: الرَّافِضَةُ.

(8)

أ، ب: فَيُبْغِضُونَهُ.

ص: 300