الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَلِكَ يَوْمَ خَيْبَرَ (1) كَانَ قَدْ طَلَبَ عَلِيًّا، فَقَدِمَ وَهُوَ أَرْمَدُ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ لَا هُوَ وَلَا عَلِيٌّ.
وَكَذَلِكَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَالطَّائِفِ، وَكَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَ عَلِيٌّ بِالْيَمَنِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ حَاجًّا فَاجْتَمَعَا بِمَكَّةَ وَلَيْسَ بِالْمَدِينَةِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا.
وَالرَّافِضَةُ مِنْ فَرْطِ جَهْلِهِمْ يَكْذِبُونَ الْكَذِبَ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ بِالسِّيرَةِ أَدْنَى عِلْمٍ.
[الرد على قول الرافضي أن النبي أَمَّرَ أُسَامَةَ عَلَى الْجَيْشِ الَّذِينَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ]
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " إِنَّهُ أَمَّرَ أُسَامَةَ رضي الله عنه عَلَى الْجَيْشِ الَّذِينَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ".
فَمِنَ الْكَذِبِ الَّذِي يَعْرِفُهُ مَنْ لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ بِالْحَدِيثِ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَكُنْ فِي [ذَلِكَ] ذَلِكَ:(2) الْجَيْشِ، بَلْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَخْلِفُهُ فِي الصَّلَاةِ فِي حِينِ (3) . مَرِضَ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَأُسَامَةُ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قَدْ عُقِدَ لَهُ الرَّايَةُ قَبْلَ مَرَضِهِ، ثُمَّ لَمَّا مَرِضَ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَصَلَّى بِهِمْ إِلَى أَنْ مَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (4) ، فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ أُمِرَ بِالْخُرُوجِ
(1) أ، ب: وَيَوْمَ خَيْبَرَ.
(2)
سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (هـ) .
(3)
أ، ب: قَدِ اسْتَخْلَفَهُ مِنْ حِينِ.
(4)
فِي " إِمْتَاعِ الْأَسْمَاعِ " لِلْمَقْرِيزِيِّ 1/536 - 539 (تَحْقِيقُ الْأُسْتَاذِ مَحْمُود مُحَمَّد شَاكِر، ط. لَجْنَةِ التَّأْلِيفِ وَالتَّرْجَمَةِ وَالنَّشْرِ، الْقَاهِرَةِ، 1941) أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَّرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ بِالتَّهَيُّؤِ لِغَزْوِ الرُّومِ، ثُمَّ دَعَا مِنَ الْغَدِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ لِتَوَلِّي إِمْرَةَ الْجَيْشِ وَأَوْصَاهُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ ابْتَدَأَ مَرَضُ رَسُولِ اللَّهِ فَصُدِعَ وَحُمَّ، وَعَقَدَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِأُسَامَةَ لِوَاءً بِيَدِهِ، فَخَرَجَ أُسَامَةُ وَعَسْكَرَ بِالْجُرُفِ، وَخَرَجَ النَّاسُ، وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَالْأَنْصَارِ إِلَّا انْتُدِبَ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ كَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَتَكَلَّمَ رِجَالٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فِي ذَلِكَ وَقَالُوا: يَسْتَعْمِلُ هَذَا الْغُلَامَ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخَطَبَ النَّاسَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ نَزَلَ فَدَخَلَ بَيْتَهُ وَذَلِكَ يَوْمَ السَّبْتِ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ
مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَجَاءَ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مَعَ أُسَامَةَ يُوَدِّعُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ عُمَرُ رضي الله عنه فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: أَنْفِذُوا بَعْثَ أُسَامَةَ، فَمَضَى النَّاسُ إِلَى الْمُعَسْكَرِ فَبَاتُوا لَيْلَةَ الْأَحَدِ، وَنَزَلَ أُسَامَةُ يَوْمَ الْأَحَدِ فَعَادَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُعَسْكَرِهِ وَغَدَا مِنْهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُفِيقًا، وَجَاءَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ اغْدُ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ، فَوَدَّعَهُ أُسَامَةُ وَرَسُولُ اللَّهِ مُفِيقٌ ". يَقُولُ الْمَقْرِيزِيُّ:" وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصْبَحْتَ مُفِيقًا بِحَمْدِ اللَّهِ، وَالْيَوْمُ يَوْمُ ابْنَةِ خَارِجَةَ فَأْذَنْ لِي، فَأَذِنَ لَهُ، فَذَهَبَ إِلَى السُّنْحِ، وَرَكِبَ أُسَامَةُ إِلَى مُعَسْكَرِهِ وَصَاحَ فِي أَصْحَابِهِ بِاللُّحُوقِ بِالْعَسْكَرِ. . . فَبَيْنَا هُوَ يُرِيدُ أَنْ يَرْكَبَ مِنَ الْجُرُفِ، أَتَاهُ رَسُولُ أُمِّهِ - أُمِّ أَيْمَنَ - تُخْبِرُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَمُوتُ، فَأَقْبَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ مَعَهُ عُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ رضي الله عنهما فَانْتَهَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَمُوتُ ". وَانْظُرْ: سِيرَةَ ابْنِ هِشَامٍ 4/291، 298 - 305.
مَعَ أُسَامَةَ قَبْلَ الْمَرَضِ لَكَانَ أَمْرُهُ لَهُ بِالصَّلَاةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ، مَعَ إِذْنِهِ لِأُسَامَةَ أَنْ يُسَافِرَ فِي مَرَضِهِ، مُوجِبًا لِنَسْخِ إِمْرَةِ أُسَامَةَ عَنْهُ، فَكَيْفَ إِذَا لَمْ يُؤَمَّرْ عَلَيْهِ أُسَامَةُ بِحَالٍ؟ .
وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ تَكُنْ عَادَتُهُ فِي سَرَايَاهُ (1) ، [بَلْ] وَلَا [فِي] مَغَازِيهِ (2) أَنْ يُعَيِّنَ كُلَّ مَنْ يَخْرُجُ مَعَهُ فِي الْغَزْوِ بِأَسْمَائِهِمْ، وَلَكِنْ يَنْدُبُ النَّاسَ نَدْبًا عَامًّا مُطْلَقًا، فَتَارَةً يَعْلَمُونَ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ كُلَّ أَحَدٍ بِالْخُرُوجِ مَعَهُ وَلَكِنْ نَدَبَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، كَمَا فِي غَزْوَةِ
(1) أ، ب: فِي السَّرَايَا.
(2)
ن، م: فِي سَرَايَاهُ وَلَا مَغَازِيهِ.
الْغَابَةِ (1) ، وَتَارَةً يَأْمُرُ أُنَاسًا (2) بِصِفَةٍ، كَمَا أَمَرَ فِي غَزْوَةِ (3) بَدْرٍ أَنْ يَخْرُجَ مَنْ حَضَرَ ظُهْرَهُ، فَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَمَا (4) أَمَرَ فِي غَزْوَةِ السَّوِيقِ بَعْدَ أُحُدٍ أَنْ لَا يَخْرُجَ مَعَهُ إِلَّا مَنْ شَهِدَ أُحُدًا، وَتَارَةً يَسْتَنْفِرُهُمْ نَفِيرًا (5) عَامًّا، وَلَا يَأْذَنُ لِأَحَدٍ فِي التَّخَلُّفِ، كَمَا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ.
وَكَذَلِكَ كَانَتْ سُنَّةُ خُلَفَائِهِ [مِنْ](6) بَعْدِهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَمَّا أَمَّرَ الْأُمَرَاءَ إِلَى الشَّامِ وَغَيْرِهَا يَنْدُبُ (7) النَّاسَ إِلَى الْخُرُوجِ مَعَهُمْ (8) ، فَإِذَا خَرَجَ مَعَ الْأَمِيرِ مَنْ رَأَى حُصُولَ الْمَقْصُودِ بِهِمْ سَيَّرَهُ.
وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَرْسَلَ إِلَى مُؤْتَةَ السَّرِيَّةَ الَّتِي أَرْسَلَهَا وَقَالَ: «أَمِيرُكُمْ زَيْدٌ، فَإِنْ قُتِلَ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ قُتِلَ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ» (9) لَمْ
(1) ن: الْغَايَةِ، وَهُوَ خَطَأٌ. يَقُولُ ابْنُ هِشَامٍ فِي السِّيرَةِ 3/293 - 297 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَلَمْ يَقُمْ بِهَا إِلَّا لَيَالِيَ قَلَائِلَ حَتَّى أَغَارَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ فِي خَيْلٍ مِنْ غَطَفَانَ عَلَى إِبِلٍ لِرَسُولِ اللَّهِ بِالْغَابَةِ (مَوْضِعٌ قُرْبَ الْمَدِينَةِ) ، وَفِيهَا رَجُلٌ مَنْ بَنِي غِفَارٍ وَامْرَأَةٌ لَهُ فَقَتَلُوا الرَّجُلَ وَأَخَذُوا الْمَرْأَةَ مَعَ الْإِبِلِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ عَلِمَ خَبَرَهُمْ سَلَمَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْأَكْوَعِ فَلَحِقَ بِهِمْ وَجَعَلَ يَرْمِيهِمْ وَيَصِيحُ، وَبَلَغَ صِيَاحُهُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَصَرَخَ بِالْمَدِينَةِ:" الْفَزَعَ الْفَزَعَ " فَتَرَامَتِ الْخُيُولُ إِلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَاجْتَمَعَ النَّاسُ فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بْنَ زَيْدٍ وَلَحِقَ النَّاسُ بِالْقَوْمِ وَتُعْرَفُ هَذِهِ الْغَزْوَةُ بِغَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ. وَانْظُرْ: " زَادَ الْمَعَادِ " لِابْنِ الْقَيِّمِ (تَحْقِيقَ شُعَيْبٍ الْأَرْنَؤُوطِ وَعَبْدِ الْقَادِرِ الْأَرْنَؤُوطِ) 3/278 281، ط. بَيْرُوتَ، 1399/1979.
(2)
أ، ب، وَ: نَاسًا.
(3)
أ، ب: غَزَاةِ.
(4)
أ، ب: النَّاسِ وَكَانَ.
(5)
أ، ب: نَفْرًا.
(6)
مِنْ: فِي (أ) ، (ب) ، (هـ) فَقَطْ.
(7)
ن، م: نَدَبَ.
(8)
مَعَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(9)
هَذِهِ الْعِبَارَةُ جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي: الْبُخَارِيِّ 5/143 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ) وَنَصُّهُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، وَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ. . الْحَدِيثَ. وَجَاءَ بِمَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي: الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 4/90. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَنْ حَدِيثِ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ بِالتَّفْصِيلِ فِيمَا يَلِي فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص 478 479.
يُعَيِّنْ كُلَّ مَنْ خَرَجَ مَعَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَلَمْ تَكُنِ الصَّحَابَةُ مَكْتُوبِينَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي دِيوَانٍ، وَلَا يَطُوفُ نُقَبَاءُ يُخْرِجُونَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَعْيَانِهِمْ، بَلْ كَانَ (1) يُؤَمِّرُ الْأَمِيرَ، فَإِذَا اجْتَمَعَ مَعَهُ مَنْ يَحْصُلُ بِهِمُ الْمَقْصُودَ أَرْسَلَهُمْ وَصَارَ أَمِيرًا عَلَيْهِمْ، كَمَا أَنَّهُ فِي الْحَجِّ لَمَّا أَمَّرَ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يُعَيِّنْ مَنْ يَحُجُّ مَعَهُ، لَكِنْ مَنْ حَجَّ مَعَهُ كَانَ أَمِيرًا عَلَيْهِ (22) :(2) وَأَرْدَفَهُ بِعَلِيٍّ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ (3) ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَمِيرٌ عَلَيْهِ. وَلَمَّا أَمَّرَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ (4) بَعْدَ مَقْتَلِ أَبِيهِ، فَأَرْسَلَهُ (5) إِلَى نَاحِيَةِ الْعَدُوِّ الَّذِينَ قَتَلُوا أَبَاهُ، لِمَا رَآهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ، نَدَبَ النَّاسَ [مَعَهُ](6) فَانْتَدَبَ مَعَهُ مَنْ رَغِبَ فِي الْغَزْوِ، وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ مِمَّنِ انْتُدِبَ مَعَهُ، لَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَيَّنَ عُمَرَ وَلَا غَيْرَ عُمَرَ (7) لِلخُرُوجِ مَعَهُ، لَكِنْ مَنْ خَرَجَ مَعَهُ فِي الْغَزَاةِ كَانَ أُسَامَةُ أَمِيرًا عَلَيْهِ، كَمَا أَنَّهُ لَمَّا اسْتَخْلَفَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ عَلَى مَكَّةَ،
(1) بَلْ كَانَ: كَذَا فِي (أ)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَكَانَ.
(2)
سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3)
أ، ب: أَخْبَرَهُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ.
(4)
بْنَ يَزِيدَ: لَيْسَتْ فِي (أ) ، (ب) .
(5)
ب (فَقَطْ) : وَأَرْسَلَهُ.
(6)
مَعَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(7)
ن، م: لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَا عَيَّنَ عُمَرَ وَلَا غَيْرَهُ.
كَانَ مَنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ فَعَتَّابٌ أَمِيرٌ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَمَّا أَرْسَلَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدَ وَغَيْرَهُ مِنْ أُمَرَاءِ السَّرَايَا، كَانَ مَنْ خَرَجَ مَعَ الْأَمِيرِ، فَالْأَمِيرُ أَمِيرٌ عَلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ الْخُرُوجَ مَعَهُ، لَا بِأَنَّ (1) النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَيَّنَ لِلْخُرُوجِ مَعَ الْأَمِيرِ كُلَّ مَنْ مَعَهُ وَمِنْ هَذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَلْ وَلَا مِنْ عَادَةِ أَبِي بَكْرٍ.
وَهَذَا (2) كَمَا أَنَّهُ إِذَا كَانَ إِمَامٌ رَاتِبٌ فِي حَيَاتِهِ يُصَلِّي بِقَوْمٍ، فَمَنْ صَلَّى خَلْفَهُ كَانَ ذَلِكَ الْإِمَامُ إِمَامًا لَهُ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُ أَفْضَلَ مِنْهُ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ [وَغَيْرِهِ](3) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنِّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا، وَلَا يَؤُمَنَّ الرَّجُلُ [الرَّجُلَ] (4) فِي سُلْطَانِهِ ; وَلَا يَجْلِسُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ» (5) فَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الْإِمَامِ ذِي السُّلْطَانِ (6) وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُ أَفْضَلَ مِنْهُ.
(1) أ، ب: لَا أَنَّ.
(2)
ن، م: وَلِهَذَا.
(3)
وَغَيْرِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .
(4)
الرَّجُلُ: فِي (ب) فَقَطْ.
(5)
الْحَدِيثُ بِأَلْفَاظٍ مُقَارِبَةٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ الْأَنْصَارِيِّ فِي: مُسْلِمٍ 1/465 (كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ، بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ) ; سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 1/226 (كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ) ; سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 1/149 150 (كِتَابُ الصَّلَّاة بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ) ; سُنَنِ النَّسَائِيِّ 2/59 (كِتَابُ الْإِمَامَةِ بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ) ; سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/313 314 (كِتَابُ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ. .، بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/118، 121 122.
(6)
أ: عَلَى الْإِمَامِ ذِي سُلْطَانٍ ; ب، ص: إِمَامٍ ذِي سُلْطَانٍ.
وَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِنَّ الْإِمَامَ الرَّاتِبَ لَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ.
وَكَانَتِ السُّنَّةُ أَوَّلًا أَنَّ الْأَمِيرَ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي بِالنَّاسِ. وَتَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إِذَا اجْتَمَعَ صَاحِبُ الْبَيْتِ وَالْمُتَوَلِّي: أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: كَمَا تَنَازَعُوا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ هَلْ يُقَدَّمُ الْوَالِي أَوِ الْوَلِيُّ (1) . وَأَكْثَرُهُمْ قَدَّمَ (2) الْوَالِيَ.
وَلِهَذَا لَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَدَّمَ أَخُوهُ الْحُسَيْنُ [بْنُ عَلِيٍّ] أَمِيرَ (3) . الْمَدِينَةِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَقَالَ: لَوْلَا أَنَّهَا السُّنَّةُ لَمَا (4) قَدَّمْتُكَ. وَالْحُسَيْنُ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ الْأَمِيرِ الَّذِي أَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى أَخِيهِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ هُوَ الْأَمِيرُ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" «لَا يَؤُمَنَّ الرَّجُلُ [الرَّجُلَ] (5) فِي سُلْطَانِهِ» " قَدَّمَهُ لِذَلِكَ.
وَكَانَ يُقَدِّمُ الْأَمِيرَ عَلَى مَنْ مَعَهُ فِي الْمَغَازِي، كَتَقَدُّمِهِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الْحَجِّ (6) ; لِأَنَّهُمْ صَلَّوْا خَلْفَهُ بِاخْتِيَارِهِمْ، وَحَجُّوا مَعَهُ، مَعَ أَنَّهُ (7) قَدْ تَتَعَيَّنُ صَلَاتُهُمْ خَلْفَهُ وَحَجُّهُمْ مَعَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحَجِّ إِلَّا أَمِيرٌ وَاحِدٌ وَلِلصَّلَاةِ إِلَّا إِمَامٌ وَاحِدٌ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَرَادَ الْغَزْوَ وَلَيْسَ لِلْغَزْوِ إِلَّا أَمِيرٌ وَاحِدٌ (8/8) :(8) خَرَجَ مَعَهُ، وَلَكِنْ فِي الْغَزْوِ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ جَمِيعَ
(1) ن، م، و، هـ، ر: الْوَلِيُّ أَوِ الْوَالِي.
(2)
ن، م: يُقَدِّمُ ; ص، ر، هـ، و: قَدَّمُوا.
(3)
ن، م: قَدَّمَ أَخُوهُ الْحُسَيْنُ لِأَمِيرِ ; هـ، و، ر: قَدَّمَ أَخُوهُ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ لِأَمِيرِ.
(4)
ن، م: مَا.
(5)
الرَّجُلَ: فِي (ب) فَقَطْ.
(6)
أ، ب: وَالْحَجِّ.
(7)
أ، ب: مَعَ كَوْنِهِ.
(8)
سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
النَّاسِ بِالْخُرُوجِ فِي (1) السَّرَايَا، وَلَا يُعَيِّنُ مَنْ يَخْرُجُ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَعْيَانِهِمْ، بَلْ يَنْدُبُهُمْ فَيَخْرُجُ مَنْ يَخْتَارُ الْغَزْوَ. وَلِهَذَا كَانَ الْخَارِجُونَ يُفَضَّلُونَ (2) عَلَى الْقَاعِدِينَ، وَلَوْ كَانَ الْخُرُوجُ مُعَيَّنًا لَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ مُطِيعًا لِأَمْرِهِ. بَلْ قَالَ تَعَالَى:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا - دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 95، 96] .
فَأُسَامَةُ رضي الله عنه كَانَ أَمِيرًا مِنْ أُمَرَاءِ السَّرَايَا، وَأُمَرَاءُ السَّرَايَا لَمْ يَكُونُوا يُسَمَّوْنَ خُلَفَاءَ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَخْلُفُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلَا خَلَفُوهُ فِي مَغِيبِهِ عَلَى شَيْءٍ كَانَ يُبَاشِرُهُ، بَلْ هُوَ أَنْشَأَ لَهُمْ سَفَرًا وَعَمَلًا اسْتَعْمَلَ عَلَيْهِ (3) رَجُلًا مِنْهُمْ فَهُوَ مُتَوَلٍّ عَلَيْهِ (4) ابْتِدَاءً لَا خِلَافَةَ عَمَّنْ كَانَ يَعْمَلُهُ قَبْلَهُ. وَقَدْ يُسَمَّى الْعَمَلُ عَلَى الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى خِلَافَةً، وَيُسَمَّى الْعَمَلُ مِخْلَافًا. وَهَذِهِ أُمُورٌ لَفْظِيَّةٌ (5) تُطْلَقُ بِحَسَبِ اللُّغَةِ وَالِاسْتِعْمَالِ.
وَقَوْلُهُ (6) : " وَمَاتَ وَلَمْ يَعْزِلْهُ ".
(1) أ: عَلَى ; ب: مَعَ.
(2)
أ، ب: مُفَضَّلِينَ.
(3)
أ، ب: عَلَيْهِمْ.
(4)
عِبَارَةُ " فَهُوَ مُتَوَلٍّ عَلَيْهِ " سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) . وَفِي (ن)، (م) : فَهُوَ مُتَوَلٍّ عَلَيْهِمْ.
(5)
ن، م: لَطِيفَةٌ.
(6)
ب (فَقَطْ) : وَأَمَّا قَوْلُهُ.
فَأَبُو بَكْرٍ أَنْفَذَ جَيْشَ أُسَامَةَ رضي الله عنه بَعْدَ أَنْ أَشَارَ النَّاسُ عَلَيْهِ بِرَدِّهِ خَوْفًا مِنَ الْعَدُوِّ. وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَحُلُّ رَايَةً عَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَنَّهُ كَانَ يَمْلِكُ عَزْلَهُ، كَمَا كَانَ يَمْلِكُ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَهُ، فَيَعْمَلُ مَا هُوَ أَصْلَحُ لِلْمُسْلِمِينَ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ غَضَبِ أُسَامَةَ لَمَّا تَوَلَّى أَبُو بَكْرٍ، فَمِنَ الْأَكَاذِيبِ السَّمِجَةِ، فَإِنَّ مَحَبَّةَ أُسَامَةَ رضي الله عنه لِأَبِي بَكْرٍ وَطَاعَتِهِ لَهُ أَشْهَرُ وَأَعْرَفُ مِنْ أَنْ تُنْكَرَ (1) ، وَأُسَامَةُ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنِ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُقَاتِلْ لَا مَعَ عَلِيٍّ وَلَا مَعَ مُعَاوِيَةَ وَاعْتَزَلَ الْفِتْنَةَ. وَأُسَامَةُ لَمْ يَكُنْ مِنْ قُرَيْشٍ، وَلَا مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْخِلَافَةِ، وَلَا يَخْطُرُ بِقَلْبِهِ أَنْ يَتَوَلَّاهَا، فَأَيُّ فَائِدَةٍ [لَهُ](2) فِي أَنْ يَقُولَ مِثْلَ (3) هَذَا الْقَوْلِ لِأَيِّ مَنْ تَوَلَّى الْأَمْرَ، مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى الْأَمْرَ أَحَدٌ إِلَّا كَانَ خَلِيفَةً عَلَيْهِ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَّرَهُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ مَاتَ، فَبِمَوْتِهِ صَارَ الْأَمْرُ إِلَى الْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِهِ، وَإِلَيْهِ الْأَمْرُ فِي إِنْفَاذِ الْجَيْشِ أَوْ حَبْسِهِ، وَفِي تَأْمِيرِ أُسَامَةَ أَوْ عَزْلِهِ (4) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَعَزْلِهِ. . وَإِذَا قَالَ: [أَمَّرَنِي عَلَيْكَ](5) فَمَنْ (6) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: مَنْ. اسْتَخْلَفَكَ عَلَيَّ؟ قَالَ: مَنِ اسْتَخْلَفَنِي عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَلَى مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْكَ. وَإِذَا قَالَ: أَنَا أَمَّرَنِي عَلَيْكَ (7) . قَالَ: أَمَّرَكَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُسْتَخْلَفَ، فَبَعْدَ أَنْ صِرْتُ خَلِيفَةً
(1) ب: تُذْكَرَ.
(2)
لَهُ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(3)
مِثْلَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(4)
أَوْ عَزْلِهِ: كَذَا فِي (أ) ، (ب) .
(5)
أَمَّرَنِي عَلَيْكَ: فِي (أ) ، (ب) فَقَطْ.
(6)
فَمَنْ: كَذَا فِي (أ) ، (ب) .
(7)
أ: أَمَّرَنِي عَلَيْكَ ; ب: إِنَّهُ أَمَّرَنِي عَلَيْكَ.
صِرْتُ أَنَا الْأَمِيرُ عَلَيْكَ (1) ، كَمَا لَوْ قُدِّرَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَمَّرَ عَلَى عُمَرَ أَحَدًا ثُمَّ مَاتَ أَبُو بَكْرٍ وَوُلِّيَ عُمَرُ، صَارَ عُمَرُ أَمِيرًا عَلَى مَنْ كَانَ أَمِيرًا عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَّرَ عُمَرُ عَلَى عُثْمَانَ أَوْ عَلِيٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا أَحَدًا (2) ، ثُمَّ لَمَّا مَاتَ عُمَرُ صَارَ هُوَ الْخَلِيفَةُ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ أَمِيرًا عَلَى مَنْ كَانَ هُوَ أَمِيرًا عَلَيْهِ (3) ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ أَرْسَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَمَّرَ عَلَيْهِ غَيْرَهُ، كَمَا أَمَّرَ عَلَيْهِ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا أَرْسَلَهُ [لِيَحُجَّ بِالنَّاسِ](4) سَنَةَ تِسْعٍ، وَلَحِقَهُ (5) عَلِيٌّ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ: أَنْتَ أَمِيرٌ أَوْ مَأْمُورٌ؟ فَقَالَ: بَلْ مَأْمُورٌ. فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَمِيرًا عَلَى عَلِيٍّ، فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ عَلِيًّا هُوَ الْخَلِيفَةُ، لَكَانَ يَصْلُحُ أَمِيرًا عَلَى أَبِي بَكْرٍ.
وَمِثْلَ هَذَا لَا يُنْكِرُهُ إِلَّا جَاهِلٌ. وَأُسَامَةُ أَعْقَلُ وَأَتْقَى وَأَعْلَمُ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِمِثْلِ هَذَا الْهَذَيَانِ لِمِثْلِ أَبِي بَكْرٍ.
وَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا (6) قَوْلُ هَؤُلَاءِ الْمُفْتَرِينَ: إِنَّهُ مَشَى هُوَ وَعُمَرُ إِلَيْهِ حَتَّى اسْتَرْضَاهُ، مَعَ قَوْلِهِمْ: إِنَّهُمَا قَهَرَا عَلِيًّا وَبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، وَلَمْ يَسْتَرْضِيَاهُمْ (7) ، وَهُمْ أَعَزُّ وَأَقْوَى [وَأَكْثَرُ (8) ] وَأَشْرَفُ مِنْ أَسَامَةَ رضي الله عنه فَأَيُّ حَاجَةٍ بِمَنْ قَهَرُوا بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي أُمَيَّةَ وَسَائِرِ بَنِي
(1) أ، ب: فَبَعْدَ أَنْ صِرْتُ أَنَا خَلِيفَةً فَأَنَا الْأَمِيرُ عَلَيْكَ.
(2)
أ، ب: أَمِيرًا.
(3)
أ، ب: الْأَمِيرَ عَلَيْهِ.
(4)
لِيَحُجَّ بِالنَّاسِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(5)
ص: وَأَلْحَقَهُ.
(6)
أ، ب: مِنْ ذَلِكَ.
(7)
وَلَمْ يَسْتَرْضِيَاهُمْ: كَذَا فِي (ب) . . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَلَمْ يَسْتَرْضُوهُمْ.
(8)
وَأَكْثَرُ: زِيَادَةٌ فِي (ر) ، (هـ) ، (ص) .
عَبْدِ مَنَافٍ، وَبُطُونِ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ وَالْعَرَبِ، إِلَى أَنْ يَسْتَرْضُوا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَهُوَ مِنْ أَضْعَفِ رَعِيَّتِهِمْ، لَيْسَ لَهُ قَبِيلَةٌ وَلَا عَشِيرَةٌ، وَلَا [مَعَهُ](1) مَالٌ وَلَا رِجَالٌ، وَلَوْلَا حُبُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُ (2) وَتَقْدِيمهُ لَهُ لَمْ يَكُنْ إِلَّا كَأَمْثَالِهِ مِنَ الضُّعَفَاءِ؟ .
فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّهُمَا اسْتَرْضَيَاهُ (3) لِحُبِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ، فَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: إِنَّهُمْ بَدَّلُوا عَهْدَهُ، وَظَلَمُوا وَصِيَّهُ وَغَصَبُوهُ (4) ، فَمَنْ عَصَى الْأَمْرَ الصَّحِيحَ، وَبَدَّلَ الْعَهْدَ الْبَيِّنَ، وَظَلَمَ وَاعْتَدَى وَقَهَرَ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَمْ يَرْقُبْ فِي آلِ مُحَمَّدٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً، يُرَاعِي مِثْلَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَيَسْتَرْضِيهِ؟ وَهُوَ قَدْ رَدَّ شَهَادَةَ أُمِّ أَيْمَنَ وَلَمْ يَسْتَرْضِهَا، وَأَغْضَبَ فَاطِمَةَ وَآذَاهَا، وَهِيَ أَحَقُّ بِالِاسْتِرْضَاءِ. فَمَنْ يَفْعَلُ (5) مِثْلَ هَذَا أَيُّ حَاجَةٍ بِهِ (6) إِلَى اسْتِرْضَاءِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ؟ وَإِنَّمَا يُسْتَرْضَى الشَّخْصُ لِلدِّينِ أَوْ لِلدُّنْيَا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ دِينٌ يَحْمِلُهُمْ عَلَى اسْتِرْضَاءِ مَنْ يَجُبُ اسْتِرْضَاؤُهُ، وَلَا هُمْ مُحْتَاجُونَ فِي الدُّنْيَا إِلَيْهِ، فَأَيُّ دَاعٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اسْتِرْضَائِهِ؟ وَلَا هُمْ مُحْتَاجُونَ فِي الدُّنْيَا إِلَيْهِ، فَأَيُّ دَاعٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اسْتِرْضَائِهِ؟ وَالرَّافِضَةُ مِنْ جَهْلِهِمْ وَكَذِبِهِمْ يَتَنَاقَضُونَ تَنَاقُضًا [كَثِيرًا](7) بَيِّنًا إِذْ هُمْ (8) فِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ، يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ.
(1) مَعَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
أ، ب: لَهُ.
(3)
أ، ب: إِنَّهُ اسْتَرْضَاهُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(4)
ن: وَظَلَمُوا وَصِيَّهُ وَصَيَّغُوهُ ; م: وَظَلَمُوا وَصِيَّتَهُ وَصَيَّغُوهُ، أ: وَظَلَمُوا وَصِيَّهُ وَغَضَّبُوهُ ; ص: وَظَلَمُوا وَصِيَّتَهُ وَأَغْضَبُوهُ.
(5)
أ، ب: فَمَنْ فَعَلَ.
(6)
أ: أَيُّ حَاجَةٍ لَهُ ; ب: فَأَيُّ حَاجَةٍ لَهُ.
(7)
كَثِيرًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(8)
ب (فَقَطْ) : أَوْ هُمْ.