المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[كلام الرافضي على خالد بن الوليد رضي الله عنه والرد عليه] - منهاج السنة النبوية - جـ ٤

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[كلام الرافضي على خصائص الأئمة الاثنى عشر]

- ‌[الجواب على قول الرافضي إن الإمامية أخذوا مذهبهم عن أهل البيت]

- ‌[كلام الرافضي عن علي رضي الله عنه " وَظَهَرَتْ مِنْهُ مُعْجِزَاتٌ كَثِيرَةٌ " والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي عن زين العابدين ومحمد الباقر والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي عن موسى بن جعفر والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا والرد عليه]

- ‌[كَلَامُ الرَّافِضِيُّ على مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوَادُ والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على علي الهادي ولد محمد بن علي الجواد]

- ‌[كلام الرافضي على الْحَسَن الْعَسْكَرِيّ والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على محمد بن الحسن المهدي عندهم والرد عليه]

- ‌[الجواب عن كلام الرافضي على حديث المهدي من وجوه]

- ‌[كلام الرافضي على عصمة الأئمة والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على اختيار الناس لمذهب أهل السنة طلبا للدنيا والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على تدين بعض أهل السنة بمذهب الإمامية في الباطن والرد عليه]

- ‌[كلام الرَّافِضِيُّ على وُجُوبِ اتِّبَاعِ مَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ لأَنَّهُمْ لَمْ يَذْهَبُوا إِلَى التَّعَصُّبِ فِي غَيْرِ الْحَقِّ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ]

- ‌[زعم الرافضي بأن المنصور ابتدع ذكر الخلفاء الراشدين في خطب الجمعة]

- ‌[الجواب على زعم الرافضي بأن المنصور ابتدع ذكر الخلفاء الراشدين في خطب الجمعة من وجوه]

- ‌[كلام الرافضي على مسح الرجلين في الوضوء بدلا من غسلهما والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على متعة الحج والنساء والتعليق على كلامه]

- ‌[كلام الرافضي على مَنْعِ أَبي بَكْرٍ فَاطِمَةَ إِرْثَهَا]

- ‌[الْجَوَابُ على كلام الرافضي مَنْعَ أَبي بَكْرٍ فَاطِمَةَ إِرْثَهَا مِنْ وُجُوهٍ]

- ‌[كلام الرافضي على منع فاطمة من إرث فدك]

- ‌[كلام الرافضي على أبي ذر الغفاري وأبي بكر الصديق والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على أبي بكر رضي الله عنه " وَسَمَّوْهُ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْهُ فِي حَيَاتِهِ وَلَا بَعْدَ وَفَاتِهِ عِنْدَهُمْ " والرد عليه]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن النبي قال لعلي إِنِ الْمَدِينَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا بِي أَوْ بِكَ]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن النبي أَمَّرَ أُسَامَةَ عَلَى الْجَيْشِ الَّذِينَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ]

- ‌[زعم الرافضي أن رسول الله سمى عليا فاروق أمته والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على خديجة وعائشة رضي الله عنهما والجواب عليه]

- ‌[كلام الرافضي على عائشة رضي الله عنها أنها أذاعت سر رسول الله وخالفت أمر الله بالخروج على علي والرد عليه]

- ‌[زعم الرافضي أن الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ وجوابه من وجوه]

- ‌[الرد على قوله إن عائشة كانت تأمر بقتل عثمان من وجوه]

- ‌[كلام الرافضي على عائشة مع كلامه على معاوية والرد عليه]

- ‌[مزاعم الرافضي عن معاوية رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[الرد على مزاعم الرافضي عن معاوية رضي الله عنه " وَسَمَّوْهُ كَاتِبَ الْوَحْيِ وَلَمْ يَكْتُبْ لَهُ كَلِمَةً

- ‌[مزاعم الرافضي عن معاوية بقوله " وَكَانَ بِالْيَمَنِ يَوْمَ الْفَتْحِ يَطْعَنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ

- ‌[الرد على مزاعم الرافضي عن معاوية من أنه كَانَ بِالْيَمَنِ يَوْمَ الْفَتْحِ يَطْعَنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ]

- ‌[فصل وقوع أمور فِي الأمة بالتأويل في دِمَائِهَا وَأَمْوَالِهَا وَأَعْرَاضِهَا]

- ‌[الراففضة يُعَظِّمُونَ الْأَمْرَ عَلَى مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا وَيَمْدَحُونَ مَنْ قَتَلَ عُثْمَانَ]

- ‌[كلام الرافضي على خالد بن الوليد رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على خالد بن الوليد رضي الله عنه بأنه قَتَلَ مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ صَبْرًا وَهُوَ مُسْلِمٌ وَعَرَّسَ بِامْرَأَتِهِ والرد عليه]

- ‌[عود الرافضي إلى الكلام على معاوية رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على يوم مقتل الحسين رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[الناس في يزيد طرفان ووسط]

- ‌[النَّاسُ فِي قَتْلِ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه طرفان ووسط]

- ‌[أحدث الناس بدعتين يوم عاشوراء بِدْعَةَ الْحُزْنِ وَالنَّوْحِ وبِدْعَةُ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ]

- ‌[عود إلى الكلام على مقتل الحسين رضي الله عنه]

- ‌[مزاعم الرافضي عن يزيد بن معاوية]

- ‌[زعم الرافضي أن الإمامية ينزهون الله وملائكته وأنبياءه وأئمته]

الفصل: ‌[كلام الرافضي على خالد بن الوليد رضي الله عنه والرد عليه]

وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يُذَلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، ثُمَّ مَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ (1) .

[كلام الرافضي على خالد بن الوليد رضي الله عنه والرد عليه]

(فَصْلٌ)(2) .

قَالَ الرَّافِضِيُّ (3) : " وَسَمَّوْا خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ سَيْفَ اللَّهِ عِنَادًا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، الَّذِي هُوَ أَحَقُّ بِهَذَا الِاسْمِ، حَيْثُ (4) قَتَلَ بِسَيْفِهِ الْكُفَّارَ، وَثَبَتَ بِوَاسِطَتِهِ قَوَاعِدُ الدِّينِ (5)، وَقَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَلِيٌّ سَيْفُ اللَّهِ وَسَهْمُ اللَّهِ. وَقَالَ عَلِيٌّ عَلَى الْمِنْبَرِ: أَنَا سَيْفُ اللَّهِ عَلَى أَعْدَائِهِ، وَرَحْمَتُهُ (6) لِأَوْلِيَائِهِ.

وَخَالِدٌ لَمْ يَزَلْ عَدُوًّا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُكَذِّبًا لَهُ، وَهُوَ كَانَ السَّبَبَ فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَفِي كَسْرِ رَبَاعِيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَفِي قَتْلِ حَمْزَةَ (7) عَمِّهِ، وَلَمَّا تَظَاهَرَ بِالْإِسْلَامِ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ لِيَأْخُذَ مِنْهُمْ

(1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص [0 - 9]30.

(2)

ر، ص، هـ: الْفَصْلُ الثَّلَاثُونَ.

(3)

فِي (ك) ص [0 - 9] 15 (م) .

(4)

ن، م: حَتَّى.

(5)

ك: وَثَبَتَتْ بِوَاسِطَةِ جِهَادِهِ قَوَاعِدُ الدِّينِ.

(6)

و، هـ، ر: وَرَحْمَةٌ.

(7)

ك: حَمْزَةَ عليه السلام.

ص: 476

الصَّدَقَاتِ، فَخَانَهُ وَخَالَفَهُ عَلَى أَمْرِهِ وَقَتَلَ الْمُسْلِمِينَ، «فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أَصْحَابِهِ خَطِيبًا (1) بِالْإِنْكَارِ عَلَيْهِ رَافِعًا يَدَيْهِ (2) إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى شُوهِدَ بَيَاضُ إِبِطَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ» ، ثُمَّ أَنْفَذَ إِلَيْهِ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لِتَلَافِي فَارِطَهُ (3)، وَأَمَرَهُ بِأَنْ (4) يَسْتَرْضِيَ الْقَوْمَ مِنْ فِعْلِهِ " ك: الْقَوْمَ فَفَعَلَ..

فَيُقَالُ: أَمَّا تَسْمِيَةُ خَالِدٍ بِسَيْفِ اللَّهِ فَلَيْسَ هُوَ مُخْتَصًّا بِهِ، بَلْ هُوَ " سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ سَلَّهُ اللَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ " هَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (5) . - وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هُوَ أَوَّلُ مَنْ سَمَّاهُ بِهَذَا

(1) ن: خَطِيبًا فِي أَصْحَابِهِ.

(2)

أ، ب: يَدَهُ.

(3)

أ، ب: فَارِطَتَهُ.

(4)

أ، ب، ص: أَنْ.

(5)

صَحَّحَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ فِي " صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " 3/105، وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ أَنَّ ابْنَ عَسَاكِرَ أَخْرَجَهُ عَنْ عُمَرَ. وَالْحَدِيثُ فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 1/173 (رَقْمُ 43) عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَنَصُّهُ:. . أَنَّ أَبَا بَكْرٍ عَقَدَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " نِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَخُو الْعَشِيرَةِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَسَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ سَلَّهُ اللَّهُ عز وجل عَلَى الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ ". وَصَحَّحَ الشَّيْخُ أَحْمَد شَاكِر رحمه الله الْحَدِيثَ فَقَالَ: " إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَانْظُرْ مَجْمَعَ الزَّوَائِدِ 9/348 ". وَذَكَرَ الْأَلْبَانِيُّ فِي " سِلْسِلَةِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ " 3/241 (حَدِيثٌ رَقْمُ 1237) أَنَّ الْحَدِيثَ بِهَذَا اللَّفْظِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ 3/298 وَقَالَ الْحَاكِمُ " صَحِيحُ الْإِسْنَادِ " وَسَكَتَ عَلَيْهِ الذَّهَبِيُّ، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ (5/271، 2/17 \ 372) . وَانْظُرْ كَلَامَ الْأَلْبَانِيِّ 3/239 - 242 وَانْظُرْ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ بِنَفْسِ الْمَعْنَى ذَكَرَهَا السُّيُوطِيُّ فِي " صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " وَصَحَّحَهَا الْأَلْبَانِيُّ (رَقْمُ 3201، 3202، 3203) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنهم. وَانْظُرْ مِشْكَاةَ الْمَصَابِيحِ لِلتِّبْرِيزِيِّ 3/284، 285 (حَدِيثٌ رَقْمُ 6248، رَقْمُ 6253) ; سُنَنَ التِّرْمِذِيِّ 5/352 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ خَالِدٍ. . .) .

ص: 477

الِاسْمِ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَعَى زَيْدًا وَجَعْفَرًا وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ خَبَرُهُمْ، فَقَالَ: " أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ، حَتَّى أَخَذَهَا سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ خَالِدٌ (1) حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ» " (2) ..

وَهَذَا لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ سَيْفًا لِلَّهِ تَعَالَى، بَلْ هُوَ يَتَضَمَّنُ أَنَّ سُيُوفَ اللَّهِ مُتَعَدِّدَةٌ، وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْهَا. وَلَا رَيْبَ أَنَّ خَالِدًا قَتَلَ مِنَ الْكُفَّارِ أَكْثَرَ مِمَّا قَتَلَ غَيْرُهُ، وَكَانَ سَعِيدًا فِي حُرُوبِهِ، وَهُوَ أَسْلَمَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةَ، هُوَ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَشَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ، وَغَيْرُهُمْ. وَمِنْ حِينِ أَسْلَمَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُؤَمِّرُهُ فِي الْجِهَادِ، وَخَرَجَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " «أَمِيرُكُمْ زَيْدٌ، فَإِنْ قُتِلَ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ قُتِلَ

(1) ن، أ، هـ، و: حَتَّى أَخَذَ خَالِدٌ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ.

(2)

الْحَدِيثُ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 5/27 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ. .، بَابُ مَنَاقِبِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ) ، 5/143 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/113، 117 - 118، 5/299، 300 - 301 وَالْحَدِيثُ بِمَعْنَاهُ فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ 5/299، 300 - 301، وَفِي الْمُسْنَدِ (ط، الْمَعَارِفِ) 3/192 - 194 (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ) ، انْظُرِ الْبِدَايَةَ وَالنِّهَايَةَ لِابْنِ كَثِيرٍ 4/251 - 252

ص: 478

فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ» " (1) . وَكَانَتْ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَلِهَذَا لَمْ يَشْهَدْ هَؤُلَاءِ فَتْحَ مَكَّةَ، فَلَمَّا قُتِلَ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءُ أَخَذَ الرَّايَةَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، وَانْقَطَعَ فِي يَدِهِ (2) يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، وَمَا ثَبَتَ مَعَهُ إِلَّا صَفِيحَةٌ يَمَانِيَّةٌ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ (3) . ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَّرَهُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَأَرْسَلَهُ إِلَى هَدْمِ الْعُزَّى، وَأَرْسَلَهُ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ، وَأَرْسَلَهُ إِلَى غَيْرِ هَؤُلَاءِ، وَكَانَ أَحْيَانًا يَفْعَلُ مَا يُنْكِرُهُ عَلَيْهِ، كَمَا فَعَلَ يَوْمَ بَنِي جَذِيمَةَ، وَتَبَرَّأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ (4) .

ثُمَّ إِنَّهُ مَعَ هَذَا لَا يَعْزِلُهُ، بَلْ يُقِرُّهُ عَلَى إِمَارَتِهِ. وَقَدِ اخْتَصَمَ هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَوْمَ بَنِي جَذِيمَةَ، حَتَّى قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» ".

وَأَمَّرَهُ أَبُو بَكْرٍ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ، وَفَتْحِ الْعِرَاقِ، وَالشَّامِ، فَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ غَنَاءً (5) فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ. وَهَذَا أَمْرٌ لَا يُمْكِنُ أَحَدٌ (6) إِنْكَارَهُ. فَلَا رَيْبَ إِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ سَلَّهُ اللَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ.

(1) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص [0 - 9]78.

(2)

ن: فِي يَدَيْهِ.

(3)

الْحَدِيثُ عَنْ قَيْسِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 5/144 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ) وَنَصُّهُ: قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ يَقُولُ: لَقَدِ انْقَطَعَتْ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، فَمَا بَقِيَ فِي يَدِي إِلَّا صَفِيحَةٌ يَمَانِيَّةٌ. وَلَمْ أَعْرِفْ مَكَانَ الْحَدِيثِ فِي مُسْلِمٍ.

(4)

انْظُرْ كَلَامِي عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ صَفَحَاتٍ (487) .

(5)

غَنَاءً: كَذَا فِي (هـ) فَقَطْ. وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: عَنَاءً.

(6)

أ، ب، ر: أَحَدًا.

ص: 479

وَأَمَّا قَوْلُهُ: " عَلِيٌّ أَحَقُّ بِهَذَا الِاسْمِ ".

فَيُقَالُ: أَوَّلًا: مَنِ الَّذِي نَازَعَ فِي ذَلِكَ؟ وَمَنْ قَالَ: إِنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ سَيْفًا مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ؟ أ، ب: لَمْ يَكُنْ سَيْفًا لِلَّهِ.

وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلَّهِ سُيُوفًا مُتَعَدِّدَةً، وَلَا رَيْبَ أَنَّ عَلِيًّا مِنْ أَعْظَمِهَا. وَمَا فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ يُفَضِّلُ خَالِدًا عَلَى عَلِيٍّ، حَتَّى يُقَالَ: إِنَّهُمْ جَعَلُوا هَذَا مُخْتَصًّا بِخَالِدٍ. وَالتَّسْمِيَةُ بِذَلِكَ وَقَعَتْ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، فَهُوَ صلى الله عليه وسلم الَّذِي قَالَ:«إِنَّ خَالِدًا سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ.»

ثُمَّ يُقَالُ: ثَانِيًا: عَلِيٌّ أَجَلُّ قَدْرًا مِنْ خَالِدٍ، وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ تُجْعَلَ فَضِيلَتُهُ أَنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ ; فَإِنَّ عَلِيًّا لَهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْبَيَانِ وَالدِّينِ وَالْإِيمَانِ وَالسَّابِقَةِ (1) .

مَا هُوَ بِهِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُجْعَلَ فَضِيلَتُهُ أَنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ ; فَإِنَّ السَّيْفَ خَاصَّتُهُ الْقِتَالُ (2) ، وَعَلِيٌّ كَانَ الْقِتَالُ (3)

أَحَدَ فَضَائِلِهِ ; بِخِلَافِ خَالِدٍ فَإِنَّهُ كَانَ هُوَ فَضِيلَتُهُ الَّتِي تَمَيَّزَ بِهَا عَنْ غَيْرِهِ، لَمْ يَتَقَدَّمْ بِسَابِقَةٍ وَلَا كَثْرَةِ عِلْمٍ وَلَا عَظِيمِ (4) .

زُهْدٍ، وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ بِالْقِتَالِ ; فَلِهَذَا عُبِّرَ عَنْ خَالِدٍ بِأَنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ.

وَقَوْلُهُ: " إِنَّ عَلِيًّا قَتَلَ بِسَيْفِهِ الْكُفَّارَ ".

(1) أ، ب: وَالسَّابِقِيَّةِ ; و: الْمُسَابَقَةِ

(2)

ص، ب: خَاصِّيَّتُهُ الْقِتَالُ ; ن، م: خَاصَّتُهُ لِلْقِتَالِ.

(3)

أ، ن، م، و، ر، هـ: الْقَتْلُ.

(4)

ص، ب: عِظَمِ

ص: 480

فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ إِلَّا بَعْضَ الْكُفَّارِ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمَشْهُورِينَ بِالْقِتَالِ مِنَ الصَّحَابَةِ، كَعُمَرَ وَالزُّبَيْرِ وَحَمْزَةَ وَالْمِقْدَادِ وَأَبِي طَلْحَةَ وَالْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ رضي الله عنهم، مَا مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا قَتَلَ بِسَيْفِهِ طَائِفَةً مِنَ الْكُفَّارِ. وَالْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ قَتَلَ مِائَةَ رَجُلٍ مُبَارَزَةً، غَيْرَ مَنْ شَرَكَ فِي دَمِهِ (1) .

وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " «صَوْتُ أَبِي طَلْحَةَ فِي الْجَيْشِ خَيْرٌ مِنْ فِئَةٍ» "(2)

. وَقَالَ: " «إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حِوَارِيَّ، وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ» "(3) . وَكِلَا الْحَدِيثَيْنِ فِي الصَّحِيحِ.

وَفِي الْمَغَازِي أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ يَوْمَ أُحُدٍ، لَمَّا قَالَ لِفَاطِمَةَ عَنِ السَّيْفِ (4)

: " «اغْسِلِيهِ غَيْرَ ذَمِيمٍ» ": " «إِنْ تَكُنْ أَحْسَنْتَ فَقَدْ أَحْسَنَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ» "(5) .

(1) ذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي " الِاسْتِيعَابِ " 1/142، وَابْنُ حَجَرٍ فِي " الْإِصَابَةِ " 1، وَابْنُ الْأَثِيرِ فِي " أُسْدِ الْغَابَةِ " 1/207.

(2)

ذَكَرَ السُّيُوطِيُّ " صَحِيحَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " 5/249 حَدِيثًا نَصُّهُ: " صَوْتُ أَبِي طَلْحَةَ فِي الْجَيْشِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ " وَقَالَ " سِمَوَيْهِ عَنْ أَنَسٍ " وَعَلَّقَ الْأَلْبَانِيُّ 5/250 بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ صَحِيحٌ، وَذَكَرَ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي الْمُسْنَدِ وَالْمُسْتَدْرَكِ وَغَيْرِهِمَا.

(3)

الْحَدِيثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 4/27 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ فَضْلِ الطَّلِيعَةِ) ، 5/21 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -، بَابُ مَنَاقِبِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ) ، 5/111 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ وَهِيَ الْأَحْزَابُ) ; مُسْلِمٍ 4/1879 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ مِنْ فَضَائِلِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ. . .)(; سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/45 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، فَضَائِلُ الزُّبَيْرِ. . .) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/307، 314، 338.

(4)

ن، م: عَنْ سَيْفِهِ.

(5)

فِي سِيَرِ ابْنِ هِشَامٍ 3/106: " فَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِهِ نَاوَلَ سَيْفَهُ ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ، فَقَالَ: اغْسِلِي عَنْ هَذَا دَمَهُ يَا بُنَيَّةُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ صَدَقَنِي الْيَوْمَ ; وَنَاوَلَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ سَيْفَهُ، فَقَالَ: وَهَذَا أَيْضًا فَاغْسِلِي عَنْهُ دَمَهُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ صَدَقَنِي الْيَوْمَ ; فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَئِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ الْقِتَالَ لَقَدْ صَدَقَ مَعَكَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَأَبُو دُجَانَةَ " وَذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ 4/47 رِوَايَاتٍ أُخْرَى مِنْهَا: " لَئِنْ كُنْتَ أَحْسَنْتَ الْقِتَالَ فَقَدْ أَحْسَنَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ وَالْحَارِثُ بْنُ صِمَّةَ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ ".

ص: 481

وَقَالَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ: [" «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، مِنْهُمُ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ» "](1) . وَكَانُوا يَقُولُونَ فِي الْمَغَازِي لِلْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ: يَا بَرَاءُ أَقْسِمْ عَلَى رَبِّكَ، فَيُقْسِمُ عَلَى رَبِّهِ فَيُهْزَمُ (2) ثُمَّ فِي آخِرِ غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَالَ:" أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا رَبِّ لَمَا مَنَحْتَنَا أَكْتَافَهُمْ، وَجَعَلْتَنِي أَوَّلَ شَهِيدٍ " فَاسْتُشْهِدَ رضي الله عنه (3)(4) .

(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) . وَجَمَعَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ هُنَا بَيْنَ حَدِيثَيْنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، الْأَوَّلُ نَصُّهُ:" إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ " وَالْحَدِيثُ فِي: الْبُخَارِيِّ 3/186 (كِتَابُ الصُّلْحِ، بَابُ الصُّلْحِ فِي الدِّيَةِ) 4/19 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا. . .) ; مُسْلِمٌ 3/1302 (كِتَابُ الْقَسَامَةِ. بَابُ إِثْبَاتِ الْقِصَاصِ فِي الْأَسْنَانِ) ، 4/1969 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ مِنْ فَضَائِلِ أُوَيْسٍ) ، 4/2024 (كِتَابُ الْبِرِّ. .، بَابُ فَضْلِ الضُّعَفَاءِ وَالْخَامِلِينَ) . وَالْحَدِيثُ الثَّانِي نَصُّهُ: " كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لَا يَؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ مِنْهُمُ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ " وَهُوَ عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/355 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ. .) .

(2)

أ، ب: فَيَنْهَزِمُ. الْكُفَّارُ.

(3)

انْظُرْ هَذَا الْخَبَرَ فِي: الْإِصَابَةِ لِابْنِ حَجَرٍ 1/148 ; الِاسْتِيعَابِ 1/142 - 143 ; أُسْدِ الْغَابَةِ 1. وَقِيلَ: إِنَّ آخِرَ غَزْوَةٍ غَزَاهَا هِيَ مَعْرَكَةُ الْيَمَامَةِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ تُسْتَرَ مِنْ بِلَادِ فَارِسٍ..

وَالْقِتَالُ يَكُونُ بِالدُّعَاءِ كَمَا يَكُونُ بِالْيَدِ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " «هَلْ تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ؟ بِدُعَائِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ؟»

(4)

الْحَدِيثُ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 4/36 - 37 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ مَنِ اسْتَعَانَ بِالضُّعَفَاءِ وَالصَّالِحِينَ فِي الْحَرْبِ) وَنَصُّهُ: " عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: رَأَى سَعْدٌ رضي الله عنه أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ؟ " وَالْحَدِيثُ بِأَلْفَاظٍ مُقَارِبَةٍ فِي: سُنَنِ النَّسَائِيِّ 6/37 - 38 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ الِاسْتِنْصَارِ بِالضَّعِيفِ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 3/51 وَقَالَ: الشَّيْخُ أَحْمَد شَاكِر رحمه الله فِي تَعْلِيقِهِ: " إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِانْقِطَاعِهِ ". وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي " فَتْحِ الْبَارِي " 6/88 - 89 عَنْ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ: " ثُمَّ إِنَّ صُورَةَ هَذَا السِّيَاقِ مُرْسَلٌ ; لِأَنَّ مُصْعَبًا لَمْ يُدْرِكْ زَمَانَ هَذَا الْقَوْلِ، لَكِنْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ أَبِيهِ، وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ عَنْ مُصْعَبٍ بِالرِّوَايَةِ لَهُ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ. .، وَكَذَا أَخْرَجَهُ هُوَ، وَالنَّسَائِيُّ. .) . وَجَاءَ حَدِيثٌ آخَرُ بِأَلْفَاظٍ مُقَارِبَةٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 3/32 (كِتَابُ الْجِهَادِ بَابٌ فِي الِانْتِصَارِ بِرُذُلِ الْخَيْلِ وَالضَّعَفَةِ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 5/198.

ص: 482

«وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتِحُ بِصَعَالِيكِ الْمُهَاجِرِينَ» (1) .

وَمَعَ هَذَا فَعَلِيٌّ أَفْضَلُ مِنَ الْبَرَاءِ [بْنِ مَالِكٍ](2) وَأَمْثَالِهِ، فَكَيْفَ لَا يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ خَالِدٍ؟ ! .

وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَقَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلِيٌّ سَيْفُ اللَّهِ وَسَهْمُ اللَّهِ» ".

فَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يُعْرَفُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ، وَلَا لَهُ إِسْنَادٌ مَعْرُوفٌ (3) .

، وَمَعْنَاهُ بَاطِلٌ ; فَإِنَّ عَلِيًّا لَيْسَ هُوَ وَحْدَهُ سَيْفَ اللَّهِ وَسَهْمَهُ. وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ يَقْتَضِي ظَاهِرُهَا الْحَصْرَ.

(1) ذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي كِتَابِهِ " الْفَائِقِ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ " 2/246 (ط. عِيسَى الْحَلَبِيِّ، 1366/1947) : " النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِصَعَالِيكِ الْمُهَاجِرِينَ، أَيْ يَفْتَتِحُ الْقِتَالَ تَيَمُّنًا بِهِمْ وَقِيلَ: يَسْتَنْصِرُ بِهِمْ " وَذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ كَلَامًا مُقَارِبًا فِي " النِّهَايَةِ " وَلَكِنِّي لَمْ أَهْتَدِ إِلَى مَكَانِ الْحَدِيثِ.

(2)

بْنِ مَالِكٍ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(3)

لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ

ص: 483

وَالَّذِي فِي الصَّحِيحِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ: لَاهَا اللَّهِ (1) .

، إِذَنْ لَا نَعْمِدُ (2) إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسُودِ اللَّهِ تَعَالَى يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ عز وجل وَعَنْ رَسُولِهِ فَنُعْطِيكَ (3)

سَلَبَهُ.

فَإِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ عَلِيًّا وَحْدَهُ سَيْفُ اللَّهِ وَسَهْمُ اللَّهِ (4) ، فَهَذَا بَاطِلٌ. وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ، فَعَلِيٌّ أَجَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَفْضَلُ، وَذَلِكَ بَعْضُ فَضَائِلِهِ.

وَكَذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ: " أَنَا سَيْفُ اللَّهِ عَلَى أَعْدَائِهِ وَرَحْمَتُهُ (5) لِأَوْلِيَائِهِ ".

فَهَذَا لَا إِسْنَادَ لَهُ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ صِحَّةٌ. لَكِنْ إِنْ كَانَ قَالَهُ فَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ، وَهُوَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَمْثَالِهِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ (6) .

1 -

: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} سُورَةِ الْفَتْحِ، وَقَالَ:{أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} سُورَةُ الْمَائِدَةِ.

وَكُلٌّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْمُجَاهِدِينَ كَانَ سَيْفًا عَلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ وَرَحْمَةً لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ (7) .

. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ: إِنِّي أَنَا وَحْدِي سَيْفُ اللَّهِ، وَأَنَا وَحْدِي رَحْمَةٌ

(1) هـ، ب: لَاهَا لِلَّهِ ; و: كَلَّا وَاللَّهِ

(2)

ن، م: إِذَنْ نَعْمِدُ ; إِذَنْ لَا يُعْهَدُ ; ر، ص: إِذَنْ لَا يَعْمِدُ.

(3)

ن، ص، هـ: فَيُعْطِيكَ.

(4)

أ، ب: وَسَهْمُهُ.

(5)

ر، ص، هـ: وَرَحْمَةٌ.

(6)

ن، م: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِيهِمْ

(7)

أ، ب: كَانَ سَيْفَ اللَّهِ عَلَى أَعْدَائِهِ رَحْمَةً لِأَوْلِيَائِهِ

ص: 484

عَلَى (1) . .

أَوْلِيَاءِ اللَّهِ ; فَإِنَّ هَذَا مِنَ الْكَذِبِ الَّذِي يَجِبُ تَنْزِيهُ عَلِيٍّ عَنْ عَنْ: (2) أَنْ يَقُولَهُ.

وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ أَكْمَلُ مِنْ غَيْرِهِ ; فَالْحَصْرُ لِلْكَمَالِ، فَهَذَا صَحِيحٌ فِي زَمَنِهِ. وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ (3) أَنَّ عُمَرَ كَانَ قَهْرُهُ لِلْكُفَّارِ أَعْظَمَ، وَانْتِفَاعُ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ أَعْظَمَ. وَهَذَا مِمَّا يَعْرِفُهُ (4) كُلُّ مَنْ عَرَفَ السِّيرَتَيْنِ ; فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ جَمِيعَهُمْ حَصَلَ لَهُمْ بِوِلَايَةِ عُمَرَ رضي الله عنه مِنَ الرَّحْمَةِ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ مَا لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْهُ بِوِلَايَةِ عَلِيٍّ، وَحَصَلَ لِجَمِيعِ أَعْدَاءِ الدِّينِ (5) مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُنَافِقِينَ مِنَ الْقَهْرِ وَالْقَتْلِ وَالذُّلِّ بِوِلَايَةِ عُمَرَ رضي الله عنه مَا لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْهُ بِوِلَايَةِ عَلِيٍّ. هَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ [لِلْمُؤْمِنِينَ](6) الرَّحْمَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَنِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ، بَلْ كَانُوا يَقْتَتِلُونَ وَيَتَلَاعَنُونَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَى الْكُفَّارِ سَيْفٌ، بَلِ الْكُفَّارُ كَانُوا قَدْ طَمِعُوا فِيهِمْ، وَأَخَذُوا مِنْهُمْ أَمْوَالًا وَبِلَادًا، فَكَيْفَ يُظَنُّ مَعَ هَذَا تَقَدُّمُ عَلِيٍّ فِي هَذَا الْوَصْفِ عَلَى عُمَرَ وَعُثْمَانَ؟ .

ثُمَّ الرَّافِضَةُ يَتَنَاقَضُونَ، فَإِنَّهُمْ يَصِفُونَ عَلِيًّا بِأَنَّهُ كَانَ هُوَ النَّاصِرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي لَوْلَا هُوَ لَمَا قَامَ دِينُهُ، ثُمَّ يَصِفُونَهُ بِالْعَجْزِ وَالذُّلِّ الْمُنَافِي لِذَلِكَ.

(1) أ، ب: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى

(2)

زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) ، (و) .

(3)

أ، ب: فَمِنَ الْمَعْلُومِ.

(4)

ر، ص، هـ، و: يَعْلَمُهُ.

(5)

أ، ب: أَعْدَاءِ اللَّهِ.

(6)

لِلْمُؤْمِنِينَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

ص: 485

وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَخَالِدٌ لَمْ يَزَلْ عَدُوًّا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُكَذِّبًا لَهُ ".

فَهَذَا كَانَ قَبْلَ إِسْلَامِهِ، كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ مُكَذِّبِينَ لَهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِ بَنِي هَاشِمٍ (1) ، مِثْلُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَخِيهِ رَبِيعَةَ، وَحَمْزَةَ عَمِّهِ، وَعَقِيلٍ، وَغَيْرِهِمْ.

وَقَوْلُهُ: " وَبَعَثَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ لِيَأْخُذَ مِنْهُمُ الصَّدَقَاتِ، فَخَانَهُ وَخَالَفَهُ عَلَى أَمْرِهِ (2)

وَقَتَلَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا بِالْإِنْكَارِ عَلَيْهِ رَافِعًا يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى شُوهِدَ بَيَاضُ إِبِطَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ:" «اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ» " ثُمَّ أَنْفَذَ إِلَيْهِ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لِتَلَافِي فَارِطَهُ (3) ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَرْضِيَ الْقَوْمَ مِنْ فِعْلِهِ ".

فَيُقَالُ: هَذَا النَّقْلُ فِيهِ مِنَ الْجَهْلِ وَالتَّحْرِيفِ مَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْلَمُ السِّيرَةَ ; فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ لِيُسْلِمُوا، فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا، فَقَالُوا: صَبَأْنَا صَبَأْنَا، فَلَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِإِسْلَامٍ، فَقَتَلَهُمْ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَعْيَانِ الصَّحَابَةِ، كَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِمَا. وَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ يَدَيْهِ (4)

إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ:

(1) ن، م: وَغَيْرِهِمْ.

(2)

ن، م: وَخَالَفَ أَمْرَهُ.

(3)

أ، ب: فَارِطَتَهُ.

(4)

أ، ب: يَدَهُ.

ص: 486

" «اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ (1) خَالِدٌ» "(2) . لِأَنَّهُ خَافَ أَنْ يُطَالِبَهُ اللَّهُ بِمَا جَرَى عَلَيْهِمْ مِنَ الْعُدْوَانِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ} سُورَةُ الشُّعَرَاءِ، ثُمَّ أَرْسَلَ عَلِيًّا، وَأَرْسَلَ مَعَهُ مَالًا، فَأَعْطَاهُمْ نِصْفَ الدِّيَاتِ، وَضَمِنَ لَهُمْ مَا تَلِفَ حَتَّى مِيلَغَةَ الْكَلْبِ، وَدَفَعَ إِلَيْهِمْ مَا بَقِيَ احْتِيَاطًا لِئَلَّا يَكُونَ بَقِيَ شَيْءٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ (3) ..

وَمَعَ هَذَا فَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَعْزِلْ خَالِدًا عَنِ الْإِمَارَةِ (4) ، بَلْ مَا زَالَ يُؤَمِّرُهُ وَيُقَدِّمُهُ؛ لِأَنَّ الْأَمِيرَ إِذَا جَرَى مِنْهُ خَطَأٌ أَوْ ذَنْبٌ أُمِرَ بِالرُّجُوعِ عَنْ ذَلِكَ، وَأُقِرَّ عَلَى وِلَايَتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ خَالِدٌ مُعَانِدًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بَلْ كَانَ مُطِيعًا لَهُ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْفِقْهِ وَالدِّينِ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهِ، فَخَفِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ (5) .

وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا حَرَّكَهُ عَلَى قَتْلِهِمْ. وَعَلِيٌّ كَانَ رَسُولًا فِي ذَلِكَ.

(1) ص، هـ، و، م، ر: فَعَلَ.

(2)

الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - فِي: الْبُخَارِيِّ 4/100 - 101 (كِتَابُ الْجِزْيَةِ، بَابُ إِذَا قَالُوا: صَبَأْنَا، وَلَمْ يُحْسِنُوا: أَسْلَمْنَا) ، 5/160 - 161 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ بَعْثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ) 8 (كِتَابُ الدَّعَوَاتِ، بَابُ رَفْعِ الْأَيْدِي فِي الدُّعَاءِ) ، 9 (كِتَابُ الْأَحْكَامِ، بَابُ إِذَا قَضَى الْحَاكِمُ بِجَوْرٍ أَوْ بِخِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَهُوَ رَدٌّ) ; سُنَنِ النَّسَائِيِّ 8/208 - 209 (كِتَابُ آدَابِ الْقُضَاةِ، بَابُ الرَّدِّ عَلَى الْحَاكِمِ إِذَا قَضَى بِغَيْرِ الْحَقِّ) ; الْمُسْنَدِ (ط، الْمَعَارِفِ) 9/187 - 188.

(3)

انْظُرْ فِي ذَلِكَ: سِيرَةَ ابْنِ هِشَامٍ 4/70 - 74 ; السِّيرَةَ النَّبَوِيَّةَ لِابْنِ كَثِيرٍ 3/591 - 593. وَمِيلَغَةُ الْكَلْبِ: مَا يُحْفَرُ مِنَ الْخَشَبِ لِيَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ

(4)

أ، ب: عَنْ إِمَارَتِهِ.

(5)

ن، م، ر، هـ: الْقِصَّةِ.

ص: 487

وَأَمَّا قَوْلُهُ: " إِنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَرْضِيَ الْقَوْمَ مِنْ فِعْلِهِ ".

فَكَلَامُ جَاهِلٍ ; فَإِنَّمَا أَرْسَلَهُ لِإِنْصَافِهِمْ وَضَمَانِ مَا تَلِفَ لَهُمْ، لَا لِمُجَرَّدِ الِاسْتِرْضَاءِ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَنْ خَالِدٍ: " إِنَّهُ خَانَهُ وَخَالَفَ أَمْرَهُ وَقَتَلَ الْمُسْلِمِينَ ".

كَذِبٌ عَلَى خَالِدٍ ; فَإِنَّ خَالِدًا لَمْ يَتَعَمَّدْ خِيَانَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا مُخَالَفَةَ أَمْرِهِ، وَلَا قَتْلَ مَنْ هُوَ مُسْلِمٌ مَعْصُومٌ عِنْدَهُ، وَلَكِنَّهُ أَخْطَأَ كَمَا أَخْطَأَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فِي الَّذِي قَتَلَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَقَتْلُ السَّرِيَّةِ لِصَاحِبِ الْغُنَيْمَةِ الَّذِي قَالَ: أَنَا مُسْلِمٌ، فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا غَنَمَهُ (1)

وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} سُورَةُ النِّسَاءِ.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ، «بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ قَالَ:" وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَكَفَّ عَنْهُ الْأَنْصَارِيُّ، وَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا [الْمَدِينَةَ] الْمَدِينَةَ: (2) بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي: " يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ " قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَهَا مُتَعَوِّذًا.

(1) أ، ب: غُنَيْمَتَهُ.

(2)

فِي (ب) فَقَطْ.

ص: 488