الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كلام الرافضي على عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا والرد عليه]
(فَصْلٌ)(1) .
قَالَ الرَّافِضِيُّ: (2) " وَكَانَ وَلَدُهُ عَلِيٌّ الرِّضَا (3) أَزْهَدَ أَهْلِ زَمَانِهِ وَ [كَانَ] أَعْلَمَهُمْ (4) وَأَخَذَ عَنْهُ فُقَهَاءُ الْجُمْهُورِ كَثِيرًا (5) ، وَوَلَّاهُ الْمَأْمُونُ لِعِلْمِهِ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الْكَمَالِ وَالْفَضْلِ (6) . وَوَعَظَ يَوْمًا أَخَاهُ زَيْدًا (7)، فَقَالَ: يَا زَيْدُ (8) ، مَا أَنْتَ قَائِلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَفَكْتَ الدِّمَاءَ، وَأَخَذْتَ الْأَمْوَالَ مِنْ غَيْرِ حِلِّهَا، وَأَخَفْتَ السُّبُلَ (9) ، وَغَرَّكَ حَمْقَى (10) أَهْلِ الْكُوفَةِ؟ وَقَدْ قَالَ (11) رَسُولُ اللَّهِ
(1) ر، ص، هـ: الْفَصْلُ التَّاسِعُ.
(2)
الرَّافِضِيُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) ، (أ) ، (ب) . وَالْكَلَامُ التَّالِي فِي (ك) ص [0 - 9] 02 (م) 103 (م) .
(3)
ك: عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا عليه السلام.
(4)
وَكَانَ أَعْلَمَهُمْ: كَذَا فِي (أ)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَأَعْلَمَهُمْ. وَسَقَطَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ (ك) .
(5)
أ، ب: وَأَخَذَ عَنْهُ الْفُقَهَاءُ الْمَشْهُورُونَ كَثِيرًا.
(6)
أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، الْمُلَقَّبُ بِالرِّضَا، ثَامِنُ الْأَئِمَّةِ عِنْدَ الرَّافِضَةِ، وُلِدَ فِي الْمَدِينَةِ سَنَةَ: 153 مِنْ أُمٍّ حَبَشِيَّةٍ، وَأَحَبَّهُ الْخَلِيفَةُ الْمَأْمُونُ، فَعَهِدَ إِلَيْهِ بِالْخِلَافَةِ مِنْ بَعْدِهِ، وَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ، وَضَرَبَ اسْمَهُ عَلَى الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، وَغَيَّرَ مِنْ أَجْلِهِ الزِّيَّ الْعَبَّاسِيَّ مِنَ السَّوَادِ إِلَى اللَّوْنِ الْأَخْضَرِ، وَثَارَ أَهْلُ بَغْدَادَ لِذَلِكَ وَخَلَعُوا الْمَأْمُونَ وَوَلَّوْا عَمَّهُ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ الْمَهْدِيِّ، وَلَكِنَّ الْمَأْمُونَ تَغَلَّبَ عَلَيْهِمْ وَقَمَعَ ثَوْرَتَهُمْ، وَمَاتَ الرِّضَا سَنَةَ 203 فِي حَيَاةِ الْمَأْمُونِ. انْظُرْ تَرْجَمَةَ الرِّضَا فِي: تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 7/386389، وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 2/432 434، مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 3/158، الْأَعْلَامِ 5/178.
(7)
زَيْدًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(8)
أ، ب، ص، ر، هـ، و: فَقَالَ لَهُ: يَا زَيْدُ.
(9)
ك، ص [0 - 9] 03:(م) الدِّمَاءَ وَأَخَفْتَ السُّبُلَ، وَأَخَذْتَ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ.
(10)
ك: غَرَّكَ حَمْقَاءُ، ص: وَغَرَّكَ حَمْقَاءُ.
(11)
ب (فَقَطْ) : أَوْ مَا قَالَ. وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَمَا قَالَ. وَمَا أَثْبَتُّهُ مِنْ (ك) .
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ فَاطِمَةَ أَحْصَنَتْ (* فَرْجَهَا، فَحَرَّمَ اللَّهُ ذُرِّيَّتَهَا عَلَى النَّارِ *) » (1) . (2)[وَفِي رِوَايَةٍ: «إِنَّ عَلِيًّا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ سَمَّيْتَ فَاطِمَةَ؟ قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ فَطَمَهَا وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ النَّارِ» ، فَلَا يَكُونُ الْإِحْصَانُ سَبَبًا لِتَحْرِيمِ ذُرِّيَّتِهَا عَلَى النَّارِ وَأَنْتَ تَظْلِمُ.](3) وَاللَّهِ مَا نَالُوا ذَلِكَ إِلَّا بِطَاعَةِ اللَّهِ (4) ، فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَنَالَ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ مَا نَالُوهُ بِطَاعَتِهِ، إِنَّكَ (5) إِذًا لَأَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ.
وَضَرَبَ الْمَأْمُونُ اسْمَهُ عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَكَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْآفَاقِ (6) بِبَيْعَتِهِ (7) وَطَرَحَ السَّوَادَ وَلَبِسَ الْخُضْرَةَ ".
قَالَ: (8) " وَقِيلَ لِأَبِي نُوَاسٍ: لِمَ لَا تَمْدَحُ الرِّضَا (9) ؟ فَقَالَ:
قِيلَ لِي أَنْتَ أَفْضَلُ النَّاسِ طُرًّا
…
فِي الْمَعَانِي وَفِي الْكَلَامِ الْبَدِيهِ
[لَكَ مِنْ جَوْهَرِ الْكَلَامِ بَدِيعٌ
يُثْمِرُ الدُّرَّ فِي يَدَيْ مُجْتَنِيهِ (10) ]
فَلِمَاذَا تَرَكْتَ مَدْحَ ابْنِ مُوسَى
…
وَالْخِصَالُ الَّتِي تَجْمَّعْنَ فِيهِ
قُلْتُ: لَا أَسْتَطِيعُ مَدْحَ إِمَامٍ
…
كَانَ جِبْرِيلُ خَادِمًا لِأَبِيهِ
" (11) .
(1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (أ) .
(2)
ب (فَقَطْ) : فَحَرَّمَهَا اللَّهُ وَذُرِّيَّتَهَا عَلَى النَّارِ.
(3)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (أ) ، (ب) فَقَطْ. وَسَقَطَ مِنْ سَائِرِ النُّسَخِ وَمِنْ (ك) ، وَلَعَلَّهُ فِي نُسْخَةٍ أُخْرَى مِنْ نُسَخِ (ك) نَقَلَ عَنْهَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ.
(4)
أ، ب، هـ، و: إِلَّا بِالطَّاعَةِ.
(5)
أ، ب: فَإِنَّكَ.
(6)
ك: إِلَى الْآفَاقِ، م: إِلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(7)
ك: بِبَيْعَتِهِ أَنَّهُ إِمَامُ أَهْلِ الْعَالَمِ وَنَحْنُ تَوَابِعُهُ وَتَوَابِعُ آبَائِهِ بَعْدَ الْيَوْمِ.
(8)
بَعْدَ الْكَلَامِ السَّابِقِ مُبَاشَرَةً فِي (ك) ص [0 - 9] 03 (م) .
(9)
ك: الرِّضَا عليه السلام.
(10)
هَذَا الْبَيْتُ فِي (أ) ، (ب) فَقَطْ. وَسَقَطَ مِنْ (ك) وَمِنْ سَائِرِ النُّسَخِ.
(11)
لَمْ أَجِدْ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ فِي " دِيوَانِ أَبِي نُوَاسٍ ".
فَيُقَالُ: مِنَ الْمَصَائِبِ الَّتِي ابْتُلِيَ بِهَا وَلَدُ الْحُسَيْنِ انْتِسَابُ الرَّافِضَةِ إِلَيْهِمْ، وَتَعْظِيمُهُمْ [وَمَدْحُهُمْ](1) لَهُمْ، فَإِنَّهُمْ يَمْدَحُونَهُمْ بِمَا لَيْسَ بِمَدْحٍ، وَيَدَّعُونَ لَهُمْ دَعَاوَى لَا حُجَّةَ لَهَا، وَيَذْكُرُونَ مِنَ الْكَلَامِ مَا لَوْ لَمْ يُعْرَفْ فَضْلُهُمْ مِنْ غَيْرِ كَلَامِ الرَّافِضَةِ (2) ، لَكَانَ مَا تَذْكُرُهُ الرَّافِضَةُ بِالْقَدْحِ أَشْبَهَ مِنْهُ بِالْمَدْحِ، فَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى لَهُ مِنَ الْمَحَاسِنِ وَالْمَكَارِمِ الْمَعْرُوفَةِ، وَالْمَمَادِحِ الْمُنَاسِبَةِ لِحَالِهِ (3) اللَّائِقَةِ بِهِ، مَا يَعْرِفُهُ بِهَا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ. وَأَمَّا (4) هَذَا الرَّافِضِيُّ فَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ فَضِيلَةً وَاحِدَةً بِحُجَّةٍ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " إِنَّهُ (5) كَانَ أَزْهَدَ النَّاسِ وَأَعْلَمَهُمْ " فَدَعْوَى مُجَرَّدَةٌ بِلَا دَلِيلٍ، فَكُلُّ مَنْ غَلَا فِي شَخْصٍ أَمْكَنَهُ أَنْ يَدَّعِيَ لَهُ هَذِهِ الدَّعْوَى، كَيْفَ وَالنَّاسُ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ كَانَ فِي زَمَانِهِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ، وَمَنْ هُوَ أَزْهَدُ مِنْهُ (6) ، كَالشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ (7) وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَأَشْهَبَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ، وَمَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ، وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ. هَذَا وَلَمْ يَأْخُذْ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ شَيْئًا، وَلَا رُوِيَ لَهُ حَدِيثٌ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ (8)، وَإِنَّمَا يَرْوِي لَهُ: أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ وَأَمْثَالُهُ نُسَخًا عَنْ آبَائِهِ فِيهَا مِنَ الْأَكَاذِيبِ
(1) وَمَدْحُهُمْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(2)
أ، ب: مِنْ كَلَامِ غَيْرِ الرَّافِضَةِ.
(3)
أ، ب: لِلْحَالَةِ.
(4)
أ، ب: أَمَّا.
(5)
إِنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(6)
ب (فَقَطْ) : وَأَزْهَدُ مِنْهُ.
(7)
وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ: كَذَا فِي (أ)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ.
(8)
أ، ب: وَلَا رَوَى لَهُ حَدِيثًا فِي كُتُبِ السُّنَّةِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
مَا قَدْ (1) نَزَّهَ اللَّهُ عَنْهُ الصَّادِقِينَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْبَيْتِ فَكَيْفَ بِالصَّادِقِينَ (2) مِنْهُمْ (3) ؟ ! .
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " إِنَّهُ أَخَذَ عَنْهُ فُقَهَاءُ الْجُمْهُورِ كَثِيرًا (4) " فَهَذَا مِنْ أَظْهَرِ الْكَذِبِ. هَؤُلَاءِ فُقَهَاءُ الْجُمْهُورِ الْمَشْهُورُونَ لَمْ يَأْخُذُوا عَنْهُ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ، وَإِنْ أَخَذَ عَنْهُ بَعْضُ مَنْ لَا يُعْرَفُ مِنْ فُقَهَاءِ الْجُمْهُورِ فَهَذَا لَا يُنْكَرُ، فَإِنَّ طَلَبَةَ الْفُقَهَاءِ قَدْ يَأْخُذُونَ عَنِ الْمُتَوَسِّطِينَ فِي الْعِلْمِ، وَمَنْ هُمْ دُونَ الْمُتَوَسِّطِينَ.
[وَمَا يَذْكُرُهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ أَنَّ مَعْرُوفًا الْكَرْخِيَّ كَانَ خَادِمًا لَهُ، وَأَنَّهُ
(1) قَدْ: زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) ، (و) .
(2)
سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(3)
قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي " مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ " 2/616: " عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ، أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، إِلَّا أَنَّهُ شِيعِيٌّ جَلْدٌ. رَوَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَعَلِيٍّ الرِّضَا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَمْ يَكُنْ عِنْدِي بِصَدُوقٍ، وَضَرَبَ أَبُو زُرْعَةَ عَلَى حَدِيثِهِ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: رَافِضِيٌّ خَبِيثٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مُتَّهَمٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: رَافِضِيٌّ خَبِيثٌ مُتَّهَمٌ بِوَضْعِ حَدِيثِ: الْإِيمَانُ إِقْرَارٌ بِالْقَلْبِ. وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كَلْبٌ لِلْعَلَوِيَّةِ خَيْرٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ.
(4)
، ب: الْفُقَهَاءُ الْمَشْهُورَةُ كَثِيرًا. وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي تَرْجَمَةِ عَلِيٍّ الرِّضَا فِي " مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ " 3/158: " عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ الْعَلَوِيُّ الرِّضَا: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ. قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: يَأْتِي عَنْ أَبِيهِ بِعَجَائِبَ. قُلْتُ: إِنَّمَا الشَّأْنُ فِي ثُبُوتِ السَّنَدِ إِلَيْهِ، وَإِلَّا فَالرَّجُلُ قَدْ كُذِبَ عَلَيْهِ، وَوُضِعَ عَلَيْهِ نُسْخَةٌ سَائِرَةٌ، فَمَا كَذَبَ عَلَى جَدِّهِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ، فَرَوَى عَنْهُ أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ أَحَدُ الْمُتَّهَمِينَ، وَلِعَلِيِّ بْنِ مَهْدِيٍّ الْقَاضِي عَنْهُ. . . قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَخْبَرَنَا ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِهِ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا يُرْوَى عَنْهُ عَجَائِبُ، يَهِمُ وَيُخْطِئُ ".
أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ، أَوْ أَنَّ الْخِرْقَةَ مُتَّصِلَةٌ مِنْهُ إِلَيْهِ، فَكُلُّهُ كَذِبٌ بِاتِّفَاقِ مَنْ يَعْرِفُ هَذَا الشَّأْنَ] (1) .
وَالْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَاطِمَةَ هُوَ كَذِبٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ (2) ، وَيَظْهَرُ كَذِبُهُ لِغَيْرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ [أَيْضًا](3)، فَإِنَّ قَوْلَهُ:" «إِنَّ فَاطِمَةَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَحَرَّمَ اللَّهُ ذُرِّيَّتَهَا (4) عَلَى النَّارِ» " يَقْتَضِي أَنَّ إِحْصَانَ فَرْجِهَا هُوَ السَّبَبُ لِتَحْرِيمِ ذُرِّيَّتِهَا [عَلَى النَّارِ](5) وَهَذَا (6) بَاطِلٌ قَطْعًا، فَإِنَّ سَارَّةَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا، وَلَمْ يُحَرِّمِ اللَّهُ جَمِيعَ (7) ذُرِّيَّتِهَا عَلَى النَّارِ.
قَالَ تَعَالَى: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ - وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ} [سُورَةُ الصَّافَّاتِ: 122، 113] .
(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .
(2)
قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي " اللَّآلِئِ الْمَصْنُوعَةِ " عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ: " مَدَارُهُ عَلَى عَمْرِو بْنِ غِيَاثٍ، وَيُقَالُ فِيهِ عَمْرٌو، قَدْ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ: مِنْ شُيُوخِ الشِّيعَةِ. قَالَ: وَإِنَّمَا حَدَّثَ بِهِ عَاصِمٌ عَنْ زِرٍّ عَنِ النَّبِيِّ مُرْسَلًا فَرَوَاهُ مُعَاوِيَةُ (بْنُ هِشَامٍ) فَأَفْسَدَهُ ". ثُمَّ قَالَ السُّيُوطِيُّ: إِنَّ الْحَاكِمَ أَخْرَجَهُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ عَنْهُ: إِنَّهُ صَحِيحٌ. وَتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ فِي " مُخْتَصَرِهِ " فَقَالَ: بَلْ ضَعِيفٌ تَفَرَّدَ بِهِ مُعَاوِيَةُ وَفِيهِ ضَعْفٌ عَنِ ابْنِ غِيَاثٍ وَهُوَ وَاهٍ بِمَرَّةٍ ". وَانْظُرْ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ: الْفَوَائِدَ الْمَجْمُوعَةَ لِلشَّوْكَانِيِّ، ص 392 - 393، تَنْزِيهَ الشَّرِيعَةِ 1/417 - 418، الْمَوْضُوعَاتِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ 1/422.
(3)
أَيْضًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4)
أ، ب: فَحَرَّمَهَا اللَّهُ وَذُرِّيَّتَهَا.
(5)
عَلَى النَّارِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6)
(5 - 5) سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(7)
جَمِيعَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (هـ) ، (ص) ، (ر) .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [سُورَةُ الْحَدِيدِ: 26] .
وَمِنَ الْمَعْلُومِ (1) أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ ذُرِّيَّةِ سَارَّةَ (2) وَالْكُفَّارُ فِيهِمْ لَا يُحْصِيهِمْ إِلَّا اللَّهُ. وَأَيْضًا فَصَفِيَّةُ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا وَمِنْ ذُرِّيَّتِهَا (3) مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ.
وَفِي الْجُمْلَةِ فَاللَّوَاتِي (4) أَحْصَنَّ فُرُوجَهُنَّ لَا يُحْصِي عَدَدَهُنَّ إِلَّا اللَّهُ عز وجل، وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، وَالْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ.
وَأَيْضًا فَفَضِيلَةُ فَاطِمَةَ وَمَزِيَّتُهَا لَيْسَتْ بِمُجَرَّدِ إِحْصَانِ فَرْجِهَا (5) ، فَإِنَّ هَذَا يُشَارِكُ فِيهِ فَاطِمَةَ جُمْهُورُ (6) نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ. وَفَاطِمَةُ لَمْ تَكُنْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ بِهَذَا الْوَصْفِ، بَلْ بِمَا هُوَ أَخَصُّ مِنْهُ، بَلْ هَذَا مِنْ جِنْسِ حُجَجِ الرَّافِضَةِ، فَإِنَّهُمْ لِجَهْلِهِمْ لَا يُحْسِنُونَ أَنْ يَحْتَجُّوا (7) ، وَلَا يُحْسِنُونَ أَنْ يَكْذِبُوا (8) كَذِبًا يَنْفَقُ (9) .
وَأَيْضًا فَلَيْسَتْ ذُرِّيَّةُ فَاطِمَةَ كُلُّهُمْ مُحَرَّمِينَ عَلَى النَّارِ، بَلْ فِيهِمُ الْبَرُّ
(1) ن، م: وَمَعْلُومٌ.
(2)
ن، و: مِنْ ذُرِّيَّتِهِ سَارَّةُ، أ، ب: مِنْ ذُرِّيَّتِهِ (وَسَقَطَتْ كَلِمَةُ: سَارَّةَ) .
(3)
ن، م، و: وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(4)
أ، ب: وَفِي الْجُمْلَةِ اللِّوَائِي.
(5)
أ، ب: الْفَرَجِ.
(6)
أ، ب: تَشَارَكُ فِيهِ فَاطِمَةُ وَجُمْهُورُ. . .
(7)
م، ص: لَا يُحْسِنُونَ يَحْتَجُّونَ.
(8)
ن: وَلَا يُحْسِنُونَ يَكْذِبُونَ.
(9)
أ، ب: كَذِبًا بِاتِّفَاقٍ يَنْفَقُ. وَفِي " اللِّسَانِ ": " وَنَفَقَ الْبَيْعُ نِفَاقًا: رَاجَ ".
وَالْفَاجِرُ. وَالرَّافِضَةُ تَشْهَدُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْهُمْ بِالْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ (1) وَهُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنْهُمُ الْمُتَوَلُّونَ (2) لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، كَزَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَأَمْثَالِهِ مِنْ ذُرِّيَّةِ فَاطِمَةَ [رضي الله عنها](3) ، فَإِنَّ الرَّافِضَةَ رَفَضُوا زَيْدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَمَنْ وَالَاهُ، وَشَهِدُوا عَلَيْهِمْ (4) بِالْكُفْرِ وَالْفِسْقِ، بَلِ الرَّافِضَةُ أَشَدُّ النَّاسِ عَدَاوَةً إِمَّا بِالْجَهْلِ وَإِمَّا بِالْعِنَادِ لِأَوْلَادِ فَاطِمَةَ رضي الله عنها.
ثُمَّ مَوْعِظَةُ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى لِأَخِيهِ الْمَذْكُورِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَرِّيَّةَ فَاطِمَةَ فِيهِمْ مُطِيعٌ وَعَاصٍ (5) وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا بَلَغُوا كَرَامَةَ اللَّهِ بِطَاعَتِهِ، وَهَذَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ جَمِيعِ الْخَلْقِ، فَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ أَكْرَمَهُ اللَّهُ، وَمَنْ عَصَى اللَّهَ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِإِهَانَةِ اللَّهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَوْلِيَةِ الْمَأْمُونِ لَهُ الْخِلَافَةَ، فَهَذَا صَحِيحٌ. لَكِنَّ [ذَلِكَ] لَمْ يَتِمَّ، [بَلِ] اسْتَمَرَّ ذَلِكَ إِلَى أَنْ مَاتَ (6) عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، وَلَمْ يَجْعَلْهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ (7) . وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالسُّمِّ، فَإِنْ كَانَ فِعْلُ الْمَأْمُونِ الْأَوَّلُ
(1) أ، ب: وَالْفِسْقِ، هـ، ر: أَوِ الْفِسْقِ.
(2)
ن، أ، و، هـ: الْمُتَوَالُونَ، ب: الْمُوَالُونَ.
(3)
رضي الله عنها: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4)
أ، ب: عَلَيْهِ.
(5)
أ، ب: الْمُطِيعُ وَالْعَاصِي.
(6)
ن، م: لَكِنْ لَمْ يَتِمَّ اسْتِمْرَارُ ذَلِكَ إِلَى أَنْ مَاتَ. .
(7)
أ، ب، م، و: وَلَمْ يَخْلَعْهُ مِنْ عَهْدِهِ، ن: وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ عَهْدِهِ. وَيَذْكُرُ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ فِي أَحْدَاثِ سَنَةِ: 201 هـ أَنَّ الْمَأْمُونَ جَعَلَ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى وَلِيَّ عَهْدِ الْمُسْلِمِينَ وَالْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنَّ هَذَا أَدَّى إِلَى خُرُوجِ الْعَبَّاسِيِّينَ عَلَيْهِ وَخَلْعِهِمْ لَهُ. وَفِي السَّنَةِ التَّالِيَةِ بَايَعَ أَهْلُ بَغْدَادَ عَمَّ الْمَأْمُونِ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ الْمَهْدِيِّ، وَفِي سَنَةِ 203 تُوُفِّيَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا وَخَلَعَ أَهْلُ بَغْدَادَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ الْمَهْدِيِّ وَبَايَعُوا الْمَأْمُونَ بِالْخِلَافَةِ مِنْ جَدِيدٍ. انْظُرْ: الطَّبَرِيَّ 8/554 - 571، الْكَامِلَ لِابْنِ الْأَثِيرِ 6/116 - 121، الْأَعْلَامَ 5/178.
حُجَّةً، كَانَ فِعْلُهُ الثَّانِي حُجَّةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُذْكَرَ مِثْلُ هَذَا فِي مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا، وَلَكِنَّ الْقَوْمَ جُهَّالٌ بِحَقِيقَةِ الْمَنَاقِبِ وَالْمَثَالِبِ، وَالطُّرُقِ الَّتِي يُعْلَمُ بِهَا ذَلِكَ (1) .
وَلِهَذَا يَسْتَشْهِدُونَ بِأَبْيَاتِ أَبِي نُوَاسٍ، وَهِيَ لَوْ كَانَتْ صِدْقًا لَمْ تَصْلُحْ أَنْ تُثْبِتَ فَصَائِلَ شَخْصٍ بِشَهَادَةِ شَاعِرٍ مَعْرُوفٍ بِالْكَذِبِ وَالْفُجُورِ الزَّائِدِ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى خِبْرَةٍ بِأَيَّامِ النَّاسِ، فَكَيْفَ وَالْكَلَامُ الَّذِي ذَكَرَهُ فَاسِدٌ؟ ! فَإِنَّهُ قَالَ: - قُلْتُ لَا أَسْتَطِيعُ مَدْحَ إِمَامٍ كَانَ جِبْرِيلُ خَادِمًا لِأَبِيهِ
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ هَذَا وَصْفٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ (* جَمِيعِ مَنْ كَانَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الرُّسُلِ، وَجَمِيعُ ذُرِّيَّةِ عَلِيٍّ يُشَارِكُونَهُ فِي هَذَا، فَأَيُّ مَزِيَّةٍ (2) لَهُ فِي هَذَا حَتَّى يَكُونَ بِهَا إِمَامًا دُونَ أَمْثَالِهِ الْمُشَارِكِينَ لَهُ فِي هَذَا الْوَصْفِ؟ ! ثُمَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَمْدَحُ أَحَدًا *) (3) مِنْ ذُرِّيَّةِ عَلِيٍّ أَصْلًا، لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ مُشْتَرَكٌ [بَيْنَهُمْ، ثُمَّ كَوْنُ الرَّجُلِ (4) مِنْ ذُرِّيَّةِ الْأَنْبِيَاءِ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ](5) بَيْنَ النَّاسِ [فَإِنَّ النَّاسَ](6)
(1) نَقَلَ الْأُسْتَاذُ إِحْسَان إِلَهِي ظَهِير فِي كِتَابِهِ " الشِّيعَةُ وَأَهْلُ الْبَيْتِ " ص 290 - 292، ط. إِدَارَةِ تُرْجُمَانِ السُّنَّةِ، هُورَ، بَاكِسْتَانَ، الطَّبْعَةِ الثَّالِثَةِ 1403/1983 أَنَّ الرَّافِضَةَ ذَكَرُوا فِي بَعْضِ كُتُبِهِمْ (كِتَابِ الِاسْتِبْصَارِ، 3/343) أَنَّ الرِّضَا كَانَ يَرَى جَوَازَ إِتْيَانِ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ فِي دُبُرِهَا، كَمَا نَسَبُوا إِلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَعْشَقُ ابْنَةَ عَمِّ الْمَأْمُونِ وَهَى تَعْشَقُهُ، وَذَكَرَ ذَلِكَ عَالِمُهُمُ ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ " عُيُونِ أَخْبَارِ الرِّضَا " 1/17، 18.
(2)
ن: مَيْزَةٍ.
(3)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(4)
أ: مَنْ كَانَ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَلِيٍّ أَصْلًا، لِأَنَّ هَذَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ مِنْ كَوْنِ الرَّجُلِ، ب: مَنْ كَانَ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَلِيٍّ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ، لِأَنَّ كَوْنَ الرَّجُلِ. . .
(5)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(6)
عِبَارَةُ " فَإِنَّ النَّاسَ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .