المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[عود الرافضي إلى الكلام على معاوية رضي الله عنه والرد عليه] - منهاج السنة النبوية - جـ ٤

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[كلام الرافضي على خصائص الأئمة الاثنى عشر]

- ‌[الجواب على قول الرافضي إن الإمامية أخذوا مذهبهم عن أهل البيت]

- ‌[كلام الرافضي عن علي رضي الله عنه " وَظَهَرَتْ مِنْهُ مُعْجِزَاتٌ كَثِيرَةٌ " والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي عن زين العابدين ومحمد الباقر والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي عن موسى بن جعفر والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا والرد عليه]

- ‌[كَلَامُ الرَّافِضِيُّ على مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوَادُ والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على علي الهادي ولد محمد بن علي الجواد]

- ‌[كلام الرافضي على الْحَسَن الْعَسْكَرِيّ والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على محمد بن الحسن المهدي عندهم والرد عليه]

- ‌[الجواب عن كلام الرافضي على حديث المهدي من وجوه]

- ‌[كلام الرافضي على عصمة الأئمة والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على اختيار الناس لمذهب أهل السنة طلبا للدنيا والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على تدين بعض أهل السنة بمذهب الإمامية في الباطن والرد عليه]

- ‌[كلام الرَّافِضِيُّ على وُجُوبِ اتِّبَاعِ مَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ لأَنَّهُمْ لَمْ يَذْهَبُوا إِلَى التَّعَصُّبِ فِي غَيْرِ الْحَقِّ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ]

- ‌[زعم الرافضي بأن المنصور ابتدع ذكر الخلفاء الراشدين في خطب الجمعة]

- ‌[الجواب على زعم الرافضي بأن المنصور ابتدع ذكر الخلفاء الراشدين في خطب الجمعة من وجوه]

- ‌[كلام الرافضي على مسح الرجلين في الوضوء بدلا من غسلهما والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على متعة الحج والنساء والتعليق على كلامه]

- ‌[كلام الرافضي على مَنْعِ أَبي بَكْرٍ فَاطِمَةَ إِرْثَهَا]

- ‌[الْجَوَابُ على كلام الرافضي مَنْعَ أَبي بَكْرٍ فَاطِمَةَ إِرْثَهَا مِنْ وُجُوهٍ]

- ‌[كلام الرافضي على منع فاطمة من إرث فدك]

- ‌[كلام الرافضي على أبي ذر الغفاري وأبي بكر الصديق والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على أبي بكر رضي الله عنه " وَسَمَّوْهُ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْهُ فِي حَيَاتِهِ وَلَا بَعْدَ وَفَاتِهِ عِنْدَهُمْ " والرد عليه]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن النبي قال لعلي إِنِ الْمَدِينَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا بِي أَوْ بِكَ]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن النبي أَمَّرَ أُسَامَةَ عَلَى الْجَيْشِ الَّذِينَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ]

- ‌[زعم الرافضي أن رسول الله سمى عليا فاروق أمته والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على خديجة وعائشة رضي الله عنهما والجواب عليه]

- ‌[كلام الرافضي على عائشة رضي الله عنها أنها أذاعت سر رسول الله وخالفت أمر الله بالخروج على علي والرد عليه]

- ‌[زعم الرافضي أن الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ وجوابه من وجوه]

- ‌[الرد على قوله إن عائشة كانت تأمر بقتل عثمان من وجوه]

- ‌[كلام الرافضي على عائشة مع كلامه على معاوية والرد عليه]

- ‌[مزاعم الرافضي عن معاوية رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[الرد على مزاعم الرافضي عن معاوية رضي الله عنه " وَسَمَّوْهُ كَاتِبَ الْوَحْيِ وَلَمْ يَكْتُبْ لَهُ كَلِمَةً

- ‌[مزاعم الرافضي عن معاوية بقوله " وَكَانَ بِالْيَمَنِ يَوْمَ الْفَتْحِ يَطْعَنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ

- ‌[الرد على مزاعم الرافضي عن معاوية من أنه كَانَ بِالْيَمَنِ يَوْمَ الْفَتْحِ يَطْعَنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ]

- ‌[فصل وقوع أمور فِي الأمة بالتأويل في دِمَائِهَا وَأَمْوَالِهَا وَأَعْرَاضِهَا]

- ‌[الراففضة يُعَظِّمُونَ الْأَمْرَ عَلَى مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا وَيَمْدَحُونَ مَنْ قَتَلَ عُثْمَانَ]

- ‌[كلام الرافضي على خالد بن الوليد رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على خالد بن الوليد رضي الله عنه بأنه قَتَلَ مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ صَبْرًا وَهُوَ مُسْلِمٌ وَعَرَّسَ بِامْرَأَتِهِ والرد عليه]

- ‌[عود الرافضي إلى الكلام على معاوية رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على يوم مقتل الحسين رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[الناس في يزيد طرفان ووسط]

- ‌[النَّاسُ فِي قَتْلِ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه طرفان ووسط]

- ‌[أحدث الناس بدعتين يوم عاشوراء بِدْعَةَ الْحُزْنِ وَالنَّوْحِ وبِدْعَةُ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ]

- ‌[عود إلى الكلام على مقتل الحسين رضي الله عنه]

- ‌[مزاعم الرافضي عن يزيد بن معاوية]

- ‌[زعم الرافضي أن الإمامية ينزهون الله وملائكته وأنبياءه وأئمته]

الفصل: ‌[عود الرافضي إلى الكلام على معاوية رضي الله عنه والرد عليه]

وَهَؤُلَاءِ لَمْ يُقَاتِلُوهُمْ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يُؤَدُّوهَا إِلَى الصِّدِّيقِ ; فَإِنَّهُمْ لَوْ أَعْطَوْهَا بِأَنْفُسِهِمْ لِمُسْتَحِقِّيهَا (1) .

وَلَمْ يُؤَدُّوهَا إِلَيْهِ لَمْ يُقَاتِلْهُمْ. هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا. وَقَالُوا: إِذَا قَالُوا: نَحْنُ نُؤَدِّيهَا بِأَنْفُسِنَا وَلَا نَدْفَعُهَا إِلَى الْإِمَامِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ قِتَالُهُمْ. فَإِنَّ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه لَمْ يُقَاتِلْ أَحَدًا عَلَى طَاعَتِهِ، وَلَا أَلْزَمَ أَحَدًا بِمُبَايَعَتِهِ. وَلِهَذَا لَمَّا تَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَتِهِ سَعْدٌ (2)

لَمْ يُكْرِهْهُ عَلَى ذَلِكَ.

فَقَوْلُ الْقَائِلِ: " سَمَّوْا بَنِي حَنِيفَةَ أَهْلَ الرِّدَّةِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوا الزَّكَاةَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَقِدُوا إِمَامَتَهُ " مِنْ أَظْهَرِ الْكَذِبِ وَالْفِرْيَةِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " إِنَّ عُمَرَ أَنْكَرَ قِتَالَ بَنِي حَنِيفَةَ ".

[عود الرافضي إلى الكلام على معاوية رضي الله عنه والرد عليه]

وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَلَمْ يُسَمُّوا مَنِ اسْتَحَلَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ، وَمُحَارَبَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، مُرْتَدًّا، مَعَ أَنَّهُمْ سَمِعُوا قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "«يَا عَلِيُّ حَرْبُكَ حَرْبِي وَسِلْمُكَ سِلْمِي» (3) وَمُحَارِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَافِرٌ بِالْإِجْمَاعِ " (4) .

فَيُقَالُ فِي الْجَوَابِ: أَوَّلًا: دَعْوَاهُمْ أَنَّهُمْ سَمِعُوا هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ عَنْهُ كَذِبٌ عَلَيْهِمْ، فَمَنِ الَّذِي نَقَلَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ سَمِعُوا ذَلِكَ؟ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ عُلَمَاءِ (5) الْحَدِيثِ

(1) أ، ب: إِلَى مُسْتَحِقِّيهَا

(2)

أ، ب،: لَمَّا تَخَلَّفَ سَعْدٌ عَنْ مُبَايَعَتِهِ.

(3)

أ، ب، ن، م، ر: حَرْبِي حَرْبُكَ وَسِلْمِي سِلْمُكَ.

(4)

عِنْدَ عِبَارَةِ: " كَافِرٌ بِالْإِجْمَاعِ " تَبْدَأُ نُسْخَةُ (و) وَيَنْتَهِي السَّقْطُ الطَّوِيلُ فِيهَا.

(5)

عُلَمَاءِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (ص) ، (و) .

ص: 495

الْمَعْرُوفَةِ، وَلَا رُوِيَ بِإِسْنَادِ مَعْرُوفٍ. وَلَوْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَهُ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُونُوا قَدْ سَمِعُوهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ كُلٌّ مِنْهُمْ كُلَّ مَا قَالَهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، فَكَيْفَ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَهُ، وَلَا رُوِيَ بِإِسْنَادٍ مَعْرُوفٍ؟ بَلْ كَيْفَ إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ؟ (1) .

وَعَلِيٌّ رضي الله عنه لَمْ يَكُنْ قِتَالُهُ يَوْمَ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ بِأَمْرٍ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا كَانَ رَأْيًا رَآهُ.

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ (2) : " حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهُذَلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: أَخْبِرْنَا (3) عَنْ مَسِيرِكَ هَذَا: أَعَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَمْ رَأْيٌ رَأْيَتَهُ؟ قَالَ: مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا (4) ، وَلَكِنَّهُ رَأْيٌ رَأْيَتُهُ ".

وَلَوْ كَانَ مُحَارِبُ عَلِيٍّ مُحَارِبًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُرْتَدًّا، لَكَانَ عَلِيٌّ يَسِيرُ فِيهِمُ السِّيرَةَ فِي الْمُرْتَدِّينَ. وَقَدْ تَوَاتَرَ عَنْ عَلِيٍّ (5) يَوْمَ الْجَمَلِ لَمَّا قَاتَلَهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَتَّبِعْ مُدْبِرَهُمْ، وَلَمْ يُجْهِزْ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَلَمْ يَغْنَمْ لَهُمْ مَالًا (6) ، وَلَا سَبَى (7)

(1) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ.

(2)

كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابُ مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ فِي الْفِتْنَةِ) .

(3)

أ، ب،: أَخْبِرْنِي. وَالْمُثْبَتُ هُوَ الَّذِي فِي " سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ".

(4)

سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ: بِشَيْءٍ.

(5)

ن، م: وَقَدْ تَوَاتَرَ عَنْهُ.

(6)

ر، ص، هـ: وَلَمْ يَغْنَمْ عَلِيٌّ لَهُمْ مَالًا.

(7)

أ، ب: وَلَمْ يَسْبِ.

ص: 496

لَهُمْ ذُرِّيَّةً، وَأَمَرَ مُنَادِيَهُ يُنَادِي (1) فِي عَسْكَرِهِ: أَنْ لَا يُتَّبَعَ لَهُمْ مُدْبِرٌ (2) ، وَلَا يُجْهَزُ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَلَا تُغْنَمُ أَمْوَالُهُمْ. وَلَوْ كَانُوا عِنْدَهُ مُرْتَدِّينَ لَأَجْهَزَ عَلَى جَرِيحِهِمْ وَاتَّبَعَ مُدْبِرَهُمْ (3) .

وَهَذَا مِمَّا أَنْكَرَهُ الْخَوَارِجُ عَلَيْهِ، وَقَالُوا لَهُ: إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ فَلَا يَحِلُّ قِتَالُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا كُفَّارًا فَلِمَ حَرَّمْتَ أَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ؟ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَنَاظَرَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: كَانَتْ عَائِشَةُ فِيهِمْ، فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّهَا لَيْسَتْ أُمُّنَا كَفَرْتُمْ (4) بِكِتَابِ اللَّهِ، وَإِنْ قُلْتُمْ: هِيَ أُمُّنَا اسْتَحْلَلْتُمْ وَطْأَهَا (5) كَفَرْتُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ " (6) .

وَكَذَلِكَ أَصْحَابُ الْجَمَلِ كَانَ يَقُولُ فِيهِمْ: إِخْوَانُنَا (7) بَغَوْا عَلَيْنَا طَهَّرَهُمُ السَّيْفُ.

وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ رضي الله عنه أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَتْلَى الطَّائِفَتَيْنِ. وَسَيَجِيءُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بَعْضُ الْآثَارِ بِذَلِكَ.

وَإِنْ كَانَ أُولَئِكَ مُرْتَدِّينَ، وَقَدْ نَزَلَ الْحَسَنُ عَنْ (8) أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ،

(1) ن: وَأَمَرَ مُنَادٍ يُنَادِي ; أ: وَأَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى.

(2)

و: لَا يُتْبَعُ مُدْبِرُهُمْ.

(3)

ن، م، و: وَلَوْ كَانُوا عِنْدَهُ مُرْتَدِّينَ لَمَا فَعَلَ ذَلِكَ.

(4)

ص: فَقَدْ كَفَرْتُمْ.

(5)

أ، ب: سَبْيَهَا.

(6)

أَوْرَدَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ " تَلْبِيسِ إِبْلِيسَ " ص [0 - 9] 1 92 مُنَاقَشَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ لِلْخَوَارِجِ مُفَصَّلَةً.

(7)

و: كَانُوا يَقُولُونَ إِخْوَانُنَا.

(8)

هـ: عَلَى.

ص: 497

وَسَلَّمَهُ (1) إِلَى كَافِرٍ مُرْتَدٍّ، كَانَ الْمَعْصُومُ عِنْدَهُمْ قَدْ سَلَّمَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْمُرْتَدِّينَ. وَلَيْسَ هَذَا مِنْ فِعْلِ الْمُؤْمِنِينَ، فَضْلًا عَنِ الْمَعْصُومِينَ.

وَأَيْضًا فَإِنْ كَانَ (2) أُولَئِكَ مُرْتَدِّينَ، وَالْمُؤْمِنُونَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ، لَكَانَ الْكُفَّارُ (3) الْمُرْتَدُّونَ مُنْتَصِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ دَائِمًا.

وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ [: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} سُورَةُ غَافِرٍ، وَيَقُولُ فِي كِتَابِهِ](4) : {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ - إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ - وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} سُورَةُ الصَّافَّاتِ، وَيَقُولُ فِي كِتَابِهِ:{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ.

وَهَؤُلَاءِ الرَّافِضَةُ، الَّذِينَ يَدَّعُونَ أَنَّهُمُ الْمُؤْمِنُونَ، إِنَّمَا لَهُمُ الذُّلُّ [وَالصَّغَارُ](5) ، {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} .

وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} الْآيَةَ، سُورَةُ الْحُجُرَاتِ، فَقَدْ جَعَلَهُمْ مُؤْمِنِينَ إِخْوَةً مَعَ الِاقْتِتَالِ وَالْبَغْيِ.

وَأَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:

(1) ب: (فَقَطْ) : وَسَلَّمَهُمْ، وَهُوَ خَطَأٌ.

(2)

ن، م، ص: فَلَوْ كَانَ.

(3)

أ، ب: الْكَافِرُونَ.

(4)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(5)

ن، م، ر، ص، هـ، و: إِنَّمَا لَهُمُ الذِّلَّةُ.

ص: 498

" «تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ» "(1) . وَقَالَ: " «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» "(2) . وَقَالَ لِعَمَّارٍ: " «تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» "(3) لَمْ يَقُلِ: الْكَافِرَةُ.

وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ (4) بِالْحَدِيثِ، وَهِيَ مَرْوِيَّةٌ بِأَسَانِيدَ مُتَنَوِّعَةٍ، لَمْ يَأْخُذْ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ.

وَهَذَا مِمَّا يُوجِبُ الْعِلْمَ بِمَضْمُونِهَا.

وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ الْمُفْتَرِقَتَيْنِ مُسْلِمَتَانِ، وَمَدَحَ مَنْ أَصْلَحَ اللَّهُ بِهِ بَيْنَهُمَا.

و [قَدْ] أَخْبَرَ (5) أَنَّهُ تَمْرُقُ مَارِقَةٌ وَأَنَّهُ تَقْتُلُهَا أَدْنَى (6) الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحَقِّ.

ثُمَّ يُقَالُ لِهَؤُلَاءِ الرَّافِضَةِ: لَوْ قَالَتْ لَكُمُ النَّوَاصِبُ (7) : عَلِيٌّ قَدِ اسْتَحَلَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ: وَقَاتَلَهُمْ بِغَيْرِ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ عَلَى رِيَاسَتِهِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» "(8) . وَقَالَ:

(1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ 1/306.

(2)

سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ 1/539 540

(3)

سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص [0 - 9] 13 420

(4)

ن، م، و: بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ. .

(5)

ن، م، ر، ص، هـ، و: وَأَخْبَرَ.

(6)

ن، م: أَوْلَى.

(7)

أ، ب: النَّاصِبَةُ.

(8)

الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنهم فِي: الْبُخَارِيِّ 1/15 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ خَوْفِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ) ، 8/15 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابُ مَا يُنْهَى عَنِ السِّبَابِ وَاللَّعْنِ) ; مُسْلِمٍ 1/81 (كِتَابُ الْإِيمَانِ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: سِبَابُ الْمُسْلِمِ. .) ; سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 3/238 (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّتْمِ) ; سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1299 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ سِبَابِ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ. .) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 5/235، 6/4 وَفِي مَوَاضِعَ أُخْرَى فِيهِ.

ص: 499

" «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» "(1) . فَيَكُونُ عَلِيٌّ كَافِرًا لِذَلِكَ - لَمْ تَكُنْ حُجَّتُكُمْ أَقْوَى مِنْ حُجَّتِهِمْ ; لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي احْتَجُّوا بِهَا صَحِيحَةٌ.

وَأَيْضًا فَيَقُولُونَ: قَتْلُ النُّفُوسِ فَسَادٌ، فَمَنْ قَتَلَ النُّفُوسَ عَلَى طَاعَتِهِ كَانَ مُرِيدًا لِلْعُلُوِّ فِي الْأَرْضِ وَالْفَسَادِ. وَهَذَا حَالُ فِرْعَوْنَ. وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ:{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} سُورَةُ الْقَصَصِ فَمَنْ أَرَادَ الْعُلُوَّ فِي الْأَرْضِ وَالْفَسَادَ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فِي الْآخِرَةِ. وَلَيْسَ هَذَا كَقِتَالِ الصِّدِّيقِ لِلْمُرْتَدِّينَ وَلِمَانِعِي الزَّكَاةِ ; فَإِنَّ الصِّدِّيقَ إِنَّمَا قَاتَلَهُمْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ: لَا عَلَى طَاعَتِهِ. فَإِنَّ الزَّكَاةَ فَرْضٌ عَلَيْهِمْ، فَقَاتَلَهُمْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهَا، وَعَلَى أَدَائِهَا، بِخِلَافِ مَنْ قَاتَلَ لِيُطَاعَ هُوَ. وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُمَا: مَنْ قَالَ أَنَا أُؤَدِّي الزَّكَاةَ وَلَا أُعْطِيهَا لِلْإِمَامِ لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقَاتِلَهُ. وَهَذَا فِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، فَمَنْ يُجَوِّزُ الْقِتَالَ عَلَى تَرْكِ طَاعَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ جَوَّزَ قِتَالَ هَؤُلَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَيُحْكَى هَذَا عَنِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله.

(1) الْحَدِيثُ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم فِي: الْبُخَارِيِّ 1/31 (كِتَابُ الْعِلْمِ، بَابُ الْإِنْصَاتِ لِلْعُلَمَاءِ) ; مُسْلِمٍ 1/81 82 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ بَيَانِ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا تَرْجِعُوا. . .) ; سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/305 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابٌ فِي الدَّلِيلِ عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ) ; سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 3/329 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا) ; سُنَنِ الدَّارِمِيِّ 2 (كِتَابُ الْمَنَاسِكِ، بَابٌ فِي حُرْمَةِ الْمُسْلِمِ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 7/316 317، وَفِي مَوَاضِعَ أُخْرَى فِي الْمُسْنَدِ

ص: 500

وَمَنْ لَمْ يُجَوِّزِ الْقِتَالَ إِلَّا عَلَى تَرْكِ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، لَا عَلَى تَرْكِ طَاعَةِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، لَمْ يُجَوِّزْ قِتَالَ هَؤُلَاءِ.

وَفِي الْجُمْلَةِ فَالَّذِينَ قَاتَلَهُمُ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه كَانُوا مُمْتَنِعِينَ عَنْ طَاعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1) .

وَالْإِقْرَارِ بِمَا جَاءَ بِهِ، فَلِهَذَا كَانُوا مُرْتَدِّينَ، بِخِلَافِ مَنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَلَكِنِ امْتَنَعَ عَنْ طَاعَةِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ كَمُعَاوِيَةَ وَأَهْلِ الشَّامِ ; فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا مُقِرِّينَ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم: يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ، وَقَالُوا: نَحْنُ نَقُومُ بِالْوَاجِبَاتِ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ فِي طَاعَةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه لِمَا عَلَيْنَا فِي ذَلِكَ مِنَ الضَّرَرِ، فَأَيْنَ هَؤُلَاءِ مِنْ هَؤُلَاءِ؟ .

وَاعْلَمْ أَنَّ طَائِفَةً مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ جَعَلُوا قِتَالَ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَقِتَالَ الْخَوَارِجِ جَمِيعًا مِنْ قِتَالِ الْبُغَاةِ، وَجَعَلُوا قِتَالَ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ مِنْ هَذَا الْبَابِ. وَهَذَا الْقَوْلُ خَطَأٌ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ، وَهُوَ خِلَافُ نَصِّ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ، وَمُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ; فَإِنَّ الْخَوَارِجَ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقِتَالِهِمْ، وَاتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ الصَّحَابَةُ. وَأَمَّا الْقِتَالُ بِالْجَمَلِ وَصِفِّينَ (2) .

فَهُوَ قِتَالُ فِتْنَةٍ، وَلَيْسَ فِيهِ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَا إِجْمَاعٌ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَأَمَّا قِتَالُ مَانِعِي الزَّكَاةِ إِذَا كَانُوا مُمْتَنِعِينَ عَنْ أَدَائِهَا بِالْكُلِّيَّةِ، أَوْ عَنِ (3) . .

الْإِقْرَارِ بِهَا ; فَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ قِتَالِ الْخَوَارِجِ.

(1) ص (فَقَطْ) : عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم

(2)

ب (فَقَطْ) : وَأَمَّا قِتَالُ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ

(3)

ن، م: وَعَنْ

ص: 501

(* وَأَهْلُ صِفِّينَ لَمْ يَبْدَءُوا عَلِيًّا بِالْقِتَالِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ لَا يُجَوِّزُونَ قِتَالَ الْبُغَاةِ إِلَّا أَنْ يَبْدَءُوا الْإِمَامَ [بِالْقِتَالِ] (1)

، وَكَذَلِكَ أَحْمَدُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ لَا يُجَوِّزُونَ (2)

قِتَالَ مَنْ قَامَ بِالْوَاجِبِ، إِذَا كَانَتْ طَائِفَةٌ مُمْتَنِعَةٌ قَالَتْ:(3)

لَا نُؤَدِّي زَكَاتَنَا إِلَى فُلَانٍ *) (4) . ; فَيَجِبُ الْفَرْقُ بَيْنَ قِتَالِ الْمُرْتَدِّينَ وَقِتَالِ الْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ.

وَأَمَّا قِتَالُ الْبُغَاةِ الْمَذْكُورِينَ (5)

فِي الْقُرْآنِ فَنَوْعٌ ثَالِثٌ غَيْرُ هَذَا وَهَذَا ; فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْ بِقِتَالِ الْبُغَاةِ ابْتِدَاءً، بَلْ أَمَرَ إِذَا اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ هَذَا حُكْمَ الْمُرْتَدِّينَ وَلَا حُكْمَ الْخَوَارِجِ (6)

. وَالْقِتَالُ يَوْمَ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ فِيهِ نِزَاعٌ: هَلْ هُوَ (7)

مِنْ بَابِ قِتَالِ الْبُغَاةِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْقُرْآنِ؟ أَوْ هُوَ قِتَالُ فِتْنَةٍ الْقَاعِدُ فِيهِ (8)

خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، فَالْقَاعِدُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ وَأَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ [بَعْدَهُمْ] (9) يَقُولُونَ: هُوَ قِتَالُ فِتْنَةٍ، لَيْسَ هُوَ قِتَالَ الْبُغَاةِ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الْقُرْآنِ ; فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْ بِقِتَالِ الْمُؤْمِنِينَ الْبُغَاةِ ابْتِدَاءً لِمُجَرَّدِ بَغْيِهِمْ، بَلْ إِنَّمَا أَمَرَ إِذَا اقْتَتَلَ الْمُؤْمِنُونَ بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ.

(1) بِالْقِتَالِ: زِيَادَةٌ فِي (ص) ، (ب) .

(2)

ب (فَقَطْ) : لَا يُجِيزُونَ.

(3)

ص، ب: وَقَالَتْ.

(4)

مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (و)

(5)

ب (فَقَطْ) : الْمَذْكُورِ.

(6)

ن (فَقَطْ) : وَلَا حُكْمَ الْبُغَاةِ الْخَوَارِجِ.

(7)

ب (فَقَطْ) : أَهُوَ.

(8)

ن، م، و، هـ: فِيهَا.

(9)

بَعْدَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

ص: 502

وَقَوْلُهُ: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى} يَعُودُ الضَّمِيرُ فِيهِ إِلَى الطَّائِفَتَيْنِ الْمُقْتَتِلَتَيْنِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا يَعُودُ إِلَى طَائِفَةٍ مُؤْمِنَةٍ لَمْ تُقَاتِلْ. بِالتَّقْدِيرِ: فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ الْمُؤْمِنَتَيْنِ الْمُقْتَتِلَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى، فَقَاتِلُوا الْبَاغِيَةَ حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ، فَمَتَى كَانَتْ طَائِفَةٌ بَاغِيَةٌ وَلَمْ تُقَاتِلْ لَمْ يَكُنْ فِي الْآيَةِ أَمْرٌ بِقِتَالِهَا.

ثُمَّ إِنْ كَانَ قَوْلُهُ: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى} سُورَةُ الْحُجُرَاتِ بَعْدَ الْإِصْلَاحِ فَهُوَ أَوْكَدُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الِاقْتِتَالِ حَصَلَ الْمَقْصُودُ.

وَحِينَئِذٍ فَأَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ إِنْ كَانُوا قَدْ بَغَوْا قَبْلَ الْقِتَالِ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يُبَايِعُوا عَلِيًّا، فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ الْأَمْرُ بِقِتَالِ مَنْ بَغَى وَلَمْ يُقَاتِلْ. وَإِنْ كَانَ بَغْيُهُمْ بَعْدَ الِاقْتِتَالِ وَالْإِصْلَاحِ وَجَبَ قِتَالُهُمْ، لَكِنَّ هَذَا لَمْ يُوجَدْ ; فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُصْلِحْ بَيْنَهُمَا (1) .

(* وَلِهَذَا قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: " هَذِهِ الْآيَةُ تَرَكَ النَّاسُ الْعَمَلَ بِهَا " يَعْنِي إِذْ ذَاكَ.

وَإِنْ كَانَ بَغْيُهُمْ (2) بَعْدَ الِاقْتِتَالِ *) (3) وَقَبْلَ الْإِصْلَاحِ، فَهُنَا إِذَا قِيلَ بِجَوَازِ الْقِتَالِ، فَهَذَا الْقَدْرُ إِنَّمَا حَصَلَ فِي أَثْنَاءِ الْقِتَالِ. وَحِينَئِذٍ فَشِلَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ وَنَكَلُوا عَنِ الْقِتَالِ (4) لَمَّا رَفَعُوا الْمَصَاحِفَ. فَفِي الْحَالِ الَّتِي أُمِرَ بِقِتَالِهِمْ فِيهَا لَمْ يُقَاتِلُوهُمْ، وَفِي الْحَالِ الَّتِي قَاتَلُوهُمْ لَمْ يَكُنْ قِتَالُهُمْ مَأْمُورًا بِهِ. فَإِنْ كَانَ

(1) ص، ب: بَيْنَهُمْ.

(2)

ص: بَغَى.

(3)

مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (و) .

(4)

الْقِتَالِ: كَذَا فِي (أ)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: عَنْ قِتَالِهِمْ.

ص: 503

أُولَئِكَ بُغَاةً مُعْتَدِينَ فَهَؤُلَاءِ مُفَرِّطُونَ مُقَصِّرُونَ، وَلِهَذَا ذَلُّوا وَعَجَزُوا وَتَفَرَّقُوا، وَلَيْسَ الْإِمَامُ مَأْمُورًا بِأَنْ يُقَاتِلَ بِمِثْلِ هَؤُلَاءِ.

وَفِي الْجُمْلَةِ فَالْبَحْثُ فِي هَذِهِ الدَّقَائِقِ مِنْ وَظِيفَةِ خَوَاصِّ أَهْلِ الْعِلْمِ، بِخِلَافِ الْكَلَامِ فِي تَكْفِيرِهِمْ ; فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ يَعْلَمُ فَسَادَهُ الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ بِالدَّلَائِلِ الْكَثِيرَةِ.

وَمِمَّا يُبَيِّنُ كَذِبَ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَرْبُ عَلِيٍّ حَرْبًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ تَكَفَّلَ بِنَصْرِ رَسُولِهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} سُورَةُ غَافِرٍ، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ - إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ - وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} سُورَةُ الصَّافَّاتِ لَوَجَبَ أَنْ يُغْلَبَ مُحَارِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَلَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، بَلِ الْخَوَارِجُ لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقِتَالِهِمْ، وَكَانُوا مِنْ جِنْسِ الْمُحَارِبِينَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، انْتَصَرَ عَلَيْهِمْ، كَمَا كَانَ يَنْتَصِرُ عَلَيْهِمْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَالرُّسُلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَتْ تُبْتَلَى فِي حُرُوبِهِمْ، فَالْعَاقِبَةُ لَهَا. فَلَوْ كَانَتْ مُحَارَبَتُهُ مُحَارَبَةً لِلرَّسُولِ، لَكَانَ الْمُنْتَصِرُ فِي آخِرِ الْأَمْرِ هُوَ. وَلَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، بَلْ كَانَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ يَطْلُبُ مُسَالَمَةَ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه وَمُهَادَنَتَهُ، وَأَنْ يَكُفَّ عَنْهُ، كَمَا كَانَ مُعَاوِيَةُ يَطْلُبُ (1) ذَلِكَ مِنْهُ أَوَّلَ [الْأَمْرِ](2) .

فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ الْقِتَالَ، وَإِنْ كَانَ وَاقِعًا بِاجْتِهَادٍ، فَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْقِتَالِ

(1) أ، ب: كَمَا كَانَ يَطْلُبُ مُعَاوِيَةُ.

(2)

أَوَّلَ الْأَمْرِ: كَذَا فِي (أ)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: أَوَّلًا.

ص: 504

الَّذِي يَكُونُ مُحَارِبُ أَصْحَابِهِ مُحَارِبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ. ثُمَّ إِنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ مُحَارِبٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، فَالْمُحَارِبُونَ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ لَا يَكْفُرُونَ إِذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ.

وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} سُورَةُ الْمَائِدَةِ هَلْ هِيَ فِي الْكُفَّارِ أَوْ فِي الْمُسْلِمِينَ؟ وَمَنْ يَقُولُ: إِنَّهَا فِي الْمُسْلِمِينَ، يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} وَلَوْ كَانُوا كُفَّارًا مُرْتَدِّينَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَطْعِ أَيْدِيهِمْ وَلَا نَفْيِهِمْ (1) ; بَلْ يَجِبُ قَتْلُهُمْ فَإِنَّ الْمُرْتَدَّ يَجِبُ قَتْلُهُ.

وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ مُتَأَوِّلًا فِي مُحَارَبَتِهِ مُجْتَهِدًا لَمْ يَكُنْ كَافِرًا، كَقَتْلِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ لِذَلِكَ الْمُسْلِمِ مُتَأَوِّلًا لَمْ يَكُنْ بِهِ كَافِرًا. وَإِنْ كَانَ اسْتِحْلَالُ قَتْلِ الْمُسْلِمِ الْمَعْصُومِ كُفْرًا، وَكَذَلِكَ تَكْفِيرُ الْمُؤْمِنِ كُفْرٌ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا» "(2) . وَمَعَ هَذَا إِذَا قَالَهَا مُتَأَوِّلًا لَمْ يَكْفُرْ، كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ:

(1) ن، م، ر، ص، هـ، و: لَمْ يَجُزِ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَطْعِهِمْ وَلَا نَفْيِهِمْ.

(2)

الْحَدِيثُ - بِأَلْفَاظٍ مُقَارِبَةٍ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهم فِي: الْبُخَارِيِّ 8/26 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابُ مَنْ كَفَّرَ أَخَاهُ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ فَهُوَ كَمَا قَالَ) ; مُسْلِمٍ 1 79 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ بَيَانِ حَالِ إِيمَانِ مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ: يَا كَافِرُ) ; سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4 132 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ مَنْ رَمَى أَخَاهُ بِالْكُفْرِ) ; الْمُوَطَّأِ 2 984 (كِتَابُ الْكَلَامِ ; بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْكَلَامِ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 6 314.

ص: 505

" «دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ وَأَمْثَالِهِ» "، وَكَقَوْلِ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ:" إِنَّكَ لَمُنَافِقٌ (1) تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ " فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ (2) .

(فَصْلٌ (3)) .

قَالَ الرَّافِضِيُّ (4) : " وَقَدْ أَحْسَنَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فِي قَوْلِهِ: شَرٌّ مِنْ إِبْلِيسَ مَنْ لَمْ يَسْبِقْهُ فِي سَالِفِ طَاعَتِهِ (5) ، وَجَرَى مَعَهُ فِي مَيْدَانِ مَعْصِيَتِهِ (6) . وَلَا شَكَّ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ إِبْلِيسَ كَانَ أَعْبَدَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ (7) ، وَكَانَ يَحْمِلُ الْعَرْشَ وَحْدَهُ سِتَّةَ آلَافِ سَنَةٍ، وَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ (8) وَجَعَلَهُ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ، وَأَمَرَهُ بِالسُّجُودِ فَاسْتَكْبَرَ فَاسْتَحَقَّ اللَّعْنَةَ وَالطَّرْدَ (9) . وَمُعَاوِيَةُ لَمْ يَزَلْ فِي الْإِشْرَاكِ وَعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ (10) إِلَى أَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ ظُهُورِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، ثُمَّ اسْتَكْبَرَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ فِي نَصْبِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ إِمَامًا (11) ، وَبَايَعَهُ

(1) أ، ب: مُنَافِقٌ.

(2)

أ، ب: الْإِفْكِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(3)

ر، ص، هـ: الْفَصْلُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ.

(4)

فِي (ك) ص [0 - 9] 16 (م) .

(5)

طَاعَتِهِ: كَذَا فِي (ك) فَقَطْ. وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: طَاعَةٍ.

(6)

مَعْصِيَتِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) . وَفِي (ص) ، (ب)، (و) : مَعْصِيَةٍ. وَفِي (ر) : الْمَعْصِيَةِ.

(7)

أَعْبَدَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ: كَذَا فِي (ك) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: أَعْبَدَ الْمَلَائِكَةِ.

(8)

ك: اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ عليه السلام.

(9)

ك: وَاسْتَحَقَّ الطَّرْدَ وَاللَّعْنَ.

(10)

و: الْأَوْثَانِ وَالْأَصْنَامِ.

(11)

ك: أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام إِمَامًا.

ص: 506

الْكُلُّ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ (1) وَجَلَسَ مَكَانَهُ، فَكَانَ (2) شَرًّا مِنْ إِبْلِيسَ ".

فَيُقَالُ: هَذَا الْكَلَامُ فِيهِ مِنَ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ وَالْخُرُوجِ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَكُلِّ دِينٍ، بَلْ وَعَنِ الْعَقْلِ الَّذِي يَكُونُ لِكَثِيرٍ مِنَ الْكُفَّارِ، مَا لَا يَخْفَى عَنْ مَنْ تَدَبَّرَهُ.

أَمَّا أَوَّلًا: فَلِأَنَّ (3) إِبْلِيسَ أَكْفَرُ مِنْ كُلِّ كَافِرٍ، وَكُلُّ مَنْ دَخَلَ النَّارَ فَمِنْ أَتْبَاعِهِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى:{لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} سُورَةُ ص وَهُوَ الْآمِرُ [لَهُمْ](4) بِكُلِّ قَبِيحٍ الْمُزَيِّنُ لَهُ، فَكَيْفَ يَكُونُ أَحَدٌ شَرًّا مِنْهُ؟ لَا سِيَّمَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لَا سِيَّمَا مِنَ الصَّحَابَةِ؟ .

وَقَوْلُ هَذَا الْقَائِلِ: " شَرٌّ مِنْ إِبْلِيسَ مَنْ لَمْ يَسْبِقْهُ فِي سَالِفِ طَاعَةٍ، وَجَرَى مَعَهُ فِي مَيْدَانِ الْمَعْصِيَةِ "(5) يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَهُوَ شَرٌّ مِنْ إِبْلِيسَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ فِي سَالِفِ طَاعَةٍ، وَجَرَى مَعَهُ فِي مَيْدَانِ الْمَعْصِيَةِ. وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ آدَمُ وَذُرِّيَّتُهُ شَرًّا مِنْ إِبْلِيسَ ; فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» "(6) .

ثُمَّ هَلْ يَقُولُ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ: إِنَّ مَنْ أَذْنَبَ ذَنْبًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَكُونُ شَرًّا مِنْ إِبْلِيسَ؟ أَوَ لَيْسَ هَذَا مِمَّا يُعْلَمُ فَسَادُهُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ

(1) ك: بَعْدَ عُثْمَانَ.

(2)

ن، م: وَكَانَ.

(3)

أ، ب: فَإِنَّ.

(4)

لَهُمْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(5)

عِبَارَةُ " وَجَرَى مَعَهُ فِي مَيْدَانِ الْمَعْصِيَةِ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) . وَفِي (ب) : مَيْدَانِ مَعْصِيَةٍ.

(6)

سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ 2/407.

ص: 507

الْإِسْلَامِ؟ وَقَائِلُ هَذَا كَافِرٌ كُفْرًا مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ مِنَ الدِّينِ. وَعَلَى هَذَا فَالشِّيعَةُ دَائِمًا يُذْنِبُونَ، فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمْ شَرًّا مِنْ إِبْلِيسَ. ثُمَّ إِذَا قَالَتِ الْخَوَارِجُ: إِنَّ عَلِيًّا أَذْنَبَ فَيَكُونُ شَرًّا مِنْ إِبْلِيسَ - لَمْ يَكُنْ لِلرَّوَافِضِ (1) حُجَّةٌ إِلَّا دَعْوَى عِصْمَتِهِ (2) . وَهُمْ لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يُقِيمُوا حُجَّةً عَلَى الْخَوَارِجِ بِإِيمَانِهِ وَإِمَامَتِهِ وَعَدَالَتِهِ، فَكَيْفَ يُقِيمُونَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ بِعِصْمَتِهِ؟ وَلَكِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ تَقْدِرُ أَنْ تُقِيمَ الْحُجَّةَ بِإِيمَانِهِ وَإِمَامَتِهِ، لِأَنَّ مَا تَحْتَجُّ بِهِ الرَّافِضَةُ مَنْقُوضٌ وَمُعَارَضٌ بِمِثْلِهِ، فَيَبْطُلُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ.

ثُمَّ إِذَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} سُورَةُ طه، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ آدَمُ شَرًّا مِنْ إِبْلِيسَ.

وَفِي الْجُمْلَةِ فَلَوَازِمُ هَذَا الْقَوْلِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْفَسَادِ يَفُوقُ الْحَصْرَ وَالتَّعْدَادَ.

وَأَمَّا ثَانِيًا: فَهَذَا الْكَلَامُ كَلَامٌ بِلَا حُجَّةٍ، بَلْ هُوَ بَاطِلٌ فِي نَفْسِهِ. فَلِمَ قُلْتَ: إِنَّ شَرًّا مِنْ إِبْلِيسَ مَنْ لَمْ يَسْبِقْهُ فِي سَالِفِ طَاعَةٍ وَجَرَى مَعَهُ فِي مَيْدَانِ مَعْصِيَةٍ؟ (3) وَذَلِكَ أَنَّ أَحَدًا لَا يَجْرِي مَعَ إِبْلِيسَ فِي مَيْدَانِ مَعْصِيَتِهِ كُلِّهَا، فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ فِي الْآدَمِيِّينَ مَنْ يُسَاوِي إِبْلِيسَ فِي مَعْصِيَتِهِ، بِحَيْثُ يُضِلُّ النَّاسَ كُلَّهُمْ وَيُغْوِيهِمْ.

وَأَمَّا طَاعَةُ إِبْلِيسَ الْمُتَقَدِّمَةُ فَهِيَ حَابِطَةٌ بِكُفْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ (4) ، (* فَإِنَّ الرِّدَّةَ

(1) أ، ب: لِلرَّافِضَةِ.

(2)

ن، م: إِلَّا دَعْوَى عِصْمَتِهِ وَحُجَّتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ.

(3)

ر، هـ، ص، أ، ب: الْمَعْصِيَةِ.

(4)

ب: (فَقَطْ) : بِكُفْرِهِ وَرِدَّتِهِ.

ص: 508

تُحْبِطُ الْعَمَلَ، فَمَا تَقَدَّمَ (1) مِنْ طَاعَتِهِ: إِنْ كَانَ طَاعَةً فَهِيَ حَابِطَةٌ بِكُفْرِهِ وَرِدَّتِهِ *) (2) ، وَمَا يَفْعَلُهُ مِنَ الْمَعَاصِي لَا يُمَاثِلُهُ أَحَدٌ فِيهِ، فَامْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ شَرًّا مِنْهُ، وَصَارَ نَظِيرُ هَذَا الْمُرْتَدَّ الَّذِي يَقْتُلُ النُّفُوسَ وَيَزْنِي وَيَفْعَلُ عَامَّةَ الْقَبَائِحِ بَعْدَ سَابِقِ طَاعَاتِهِ، فَمَنْ جَاءَ بَعْدَهُ وَلَمْ يَسْبِقْهُ إِلَى تِلْكَ الطَّاعَاتِ الْحَابِطَةِ، وَشَارَكَهُ فِي قَلِيلٍ مِنْ مَعَاصِيهِ، لَا يَكُونُ شَرًّا مِنْهُ، فَكَيْفَ يَكُونُ أَحَدٌ شَرًّا مِنْ إِبْلِيسَ؟ .

وَهَذَا يَنْقُضُ أُصُولَ الشِّيعَةِ: حَقَّهَا وَبَاطِلَهَا. وَأَقَلُّ مَا يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَكُونَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَهُ، وَكَانُوا أَحْيَانًا يَعْصُونَهُ، شَرًّا مِنَ الَّذِينَ امْتَنَعُوا عَنْ مُبَايَعَتِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ عَبَدُوا اللَّهَ قَبْلَهُمْ، وَأُولَئِكَ جَرَوْا مَعَهُمْ فِي مَيْدَانِ الْمَعْصِيَةِ.

وَيُقَالُ: ثَالِثًا: مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ إِبْلِيسَ [كَانَ](3) أَعْبَدَ الْمَلَائِكَةِ؟ وَأَنَّهُ كَانَ (4) يَحْمِلُ الْعَرْشَ وَحْدَهُ سِتَّةَ آلَافِ سَنَةٍ؟ أَوْ أَنَّهُ (5) كَانَ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ فِي الْجُمْلَةِ؟ أَوْ أَنَّهُ كَانَ طَاوُوسَ الْمَلَائِكَةِ؟ أَوْ أَنَّهُ مَا تَرَكَ فِي السَّمَاءِ رُقْعَةً وَلَا فِي الْأَرْضِ بُقْعَةً إِلَّا وَلَهُ فِيهَا سَجْدَةٌ وَرَكْعَةٌ؟ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَقُولُهُ بَعْضُ النَّاسِ.

فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ إِنَّمَا يُعْلَمُ بِالنَّقْلِ الصَّادِقِ، وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا فِي ذَلِكَ خَبَرٌ صَحِيحٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَهَلْ يَحْتَجُّ بِمِثْلِ هَذَا فِي أُصُولِ الدِّينِ إِلَّا مَنْ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْجَاهِلِينَ؟ ! .

(1) ن، م: فِيمَا تَقَدَّمَ.

(2)

مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ص) .

(3)

كَانَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(4)

أ، ب: أَوْ كَانَ.

(5)

ن، م: وَأَنَّهُ.

ص: 509

وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: " وَلَا شَكَّ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ إِبْلِيسَ كَانَ أَعْبَدَ الْمَلَائِكَةِ ".

فَيُقَالُ: مَنِ الَّذِي قَالَ هَذَا مِنْ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ؟ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ؟ وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يَقُلْهُ قَطُّ عَالِمٌ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ. وَهُوَ أَمْرٌ لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِالنَّقْلِ، وَلَمْ يَنْقِلْ هَذَا أَحَدٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:[لَا](1) بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ. فَإِنْ كَانَ قَالَهُ بَعْضُ الْوُعَّاظِ أَوِ الْمُصَنِّفِينَ فِي الرَّقَائِقِ، أَوْ بَعْضُ مَنْ يَنْقُلُ فِي التَّفْسِيرِ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ مَا لَا إِسْنَادَ لَهُ (2) ، فَمِثْلُ هَذَا لَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي جُرْزَةِ بَقْلٍ (3) ، فَكَيْفَ يُحْتَجُّ بِهِ فِي جَعْلِ إِبْلِيسَ خَيْرًا (* مِنْ كُلِّ مَنْ عَصَى اللَّهَ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَيَجْعَلُ الصَّحَابَةَ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ إِبْلِيسُ خَيْرٌ مِنْهُمْ *)(4) ؟ .

وَمَا وَصَفَ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم إِبْلِيسَ بِخَيْرٍ قَطُّ وَلَا بِعِبَادَةٍ (5) مُتَقَدِّمَةٍ وَلَا غَيْرِهَا (5 مَعَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عِبَادَةٌ لَكَانَتْ قَدْ حَبِطَتْ بِكُفْرِهِ وَرِدَّتِهِ 5)(6) .

وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: " لَا شَكَّ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ الْعَرْشَ

(1) لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

(2)

أ، ب: مَا لَا أَصْلَ لَهُ.

(3)

و: فِي نَقْلٍ. وَفِي " لِسَانِ الْعَرَبِ ": " وَالْجُرْزَةُ ": الْحُزْمَةُ مِنَ الْقَتِّ وَنَحْوِهِ ".

(4)

مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (و) .

(5)

ب (فَقَطْ) : بِخَيْرٍ قَطُّ وَلَا بِعِبَادَةٍ. . .

(6)

(5 - 5) : سَاقِطٌ مِنْ (و) .

ص: 510

وَحْدَهُ سِتَّةَ آلَافِ سَنَةٍ " فَيَا سُبْحَانَ اللَّهِ! هَلْ قَالَ ذَلِكَ (1) أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ (2) الْمُسْلِمِينَ الْمَقْبُولِينَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ؟ وَهَلْ يَتَكَلَّمُ بِذَلِكَ إِلَّا مُفْرِطٌ فِي الْجَهْلِ؟ فَإِنَّ هَذَا لَا يُعْرَفُ - لَوْ كَانَ حَقًّا - إِلَّا بِنَقْلِ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَيْسَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ شَيْءٌ.

ثُمَّ حَمْلُ وَاحِدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْعَرْشَ (3) خِلَافُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ النَّقْلُ الصَّحِيحُ (4) . [ثُمَّ مَا بَالُهُ حَمَلَ الْعَرْشَ وَحْدَهُ سِتَّةَ آلَافِ سَنَةٍ وَلَمْ يَكُنْ (5) يَحْمِلُهُ وَحْدَهُ دَائِمًا؟](6) وَمَنِ الَّذِي نَقَلَ أَنَّ إِبْلِيسَ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ؟ .

وَهَذَا مِنْ أَكْذَبِ الْكَذِبِ (7) ; فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى (8) يَقُولُ: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} سُورَةُ غَافِرٍ، [فَأَخْبَرَ أَنَّ لَهُ حَمَلَةً لَا وَاحِدًا، وَأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ مُؤْمِنُونَ مُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، مُسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينِ آمَنُوا](9) .

(1) أ، ب: هَذَا.

(2)

ر، ص: عَالِمُ ; هـ: عَالِمُ أَحَدِ. . .

(3)

ن، م: لِلْعَرْشِ.

(4)

و: الْمَنْقُولَاتُ الصَّحِيحَةُ.

(5)

ر، هـ: ثُمَّ مَا بَالُهُ حَمَلَهُ سِتَّةَ آلَافِ سَنَةٍ وَحْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ ; ص: ثُمَّ مَا بَالُهُ سِتَّةَ آلَافِ سَنَةٍ وَحْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ.

(6)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

(7)

و: الْحَدِيثِ.

(8)

فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى: كَذَا فِي (أ)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَاللَّهُ تَعَالَى.

(9)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

ص: 511

وَإِذَا قِيلَ: هَذَا إِخْبَارٌ عَنِ الْحَمْلِ [الْمُطْلَقِ] ، لَيْسَ (1) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ لَهُ حَمَلَةٌ.

قِيلَ: قَدْ جَاءَتِ الْآثَارُ بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ لَهُ حَمَلَةٌ، كَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ (2)، «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ الْعَرْشَ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِحَمْلِهِ. قَالُوا: رَبَّنَا كَيْفَ نَحْمِلُ عَرْشَكَ وَعَلَيْهِ عَظَمَتُكَ؟ فَقَالَ: قُولُوا: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ (3) ، فَقَالُوهَا، فَأَطَاقُوا حَمْلَهُ» " (4) .

وَيُقَالُ: رَابِعًا: إِنَّ إِبْلِيسَ كَفَرَ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ (5) :{إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} سُورَةُ ص، فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ حَبِطَ بِكُفْرِهِ. كَذَلِكَ غَيْرُهُ (6) إِذَا كَفَرَ حَبِطَ عَمَلُهُ، فَأَيْنَ تَشْبِيهُ الْمُؤْمِنِينَ بِهَذَا؟ ! .

وَيُقَالُ: خَامِسًا: قَوْلُهُ: " إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يَزَلْ فِي الْإِشْرَاكِ إِلَى أَنْ أَسْلَمَ " بِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ فِيمَا قُصِدَ بِهِ الْجَمْعُ ; فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ أَسْلَمَ بَعْدَ الْكُفْرِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} سُورَةُ الْأَنْفَالِ، وَتَابَ مِنْ شِرْكِهِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} سُورَةُ التَّوْبَةِ.

وَإِبْلِيسُ كَفَرَ بَعْدَ إِيمَانِهِ فَحَبِطَ إِيمَانُهُ بِكُفْرِهِ، وَذَاكَ حَبِطَ كُفْرُهُ

(1) ن، م، و: إِنَّ هَذَا إِخْبَارٌ عَنِ الْحَمَلَةِ لَيْسَ.

(2)

ن، م: عَنْ مُعَاوِيَةَ عَنْ صَالِحٍ.

(3)

ن: بِاللَّهِ الْعَلِيِّ.

(4)

لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ فِيمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ مَرَاجِعَ.

(5)

أ، ب: كَمَا قَالَ تَعَالَى.

(6)

ص: كَذَلِكَ قَوْلُهُ.

ص: 512

بِإِيمَانِهِ (1) ، فَكَيْفَ يُقَاسُ مَنْ آمَنَ بَعْدَ الْكُفْرِ بِمَنْ كَفَرَ بَعْدَ الْإِيمَانِ؟ ! (2) .

وَيُقَالُ: سَادِسًا: قَدْ ثَبَتَ إِسْلَامُ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه وَالْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ. فَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ ارْتَدَّ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ مُدَّعِيًا دَعْوَى بِلَا دَلِيلٍ لَوْ لَمْ يُعْلَمْ كَذِبُ دَعْوَاهُ، فَكَيْفَ إِذَا عُلِمَ كَذِبُ دَعْوَاهُ، وَأَنَّهُ مَا زَالَ عَلَى الْإِسْلَامِ إِلَى أَنْ مَاتَ، كَمَا عُلِمَ بَقَاءُ غَيْرِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ؟ فَالطَّرِيقُ الَّذِي يُعْلَمُ بِهِ [بَقَاءُ إِسْلَامِ](3) أَكْثَرِ النَّاسِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ، يُعْلَمُ بِهِ بَقَاءُ إِسْلَامِ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه. وَالْمُدَّعِي لِارْتِدَادِ مُعَاوِيَةَ وَعُثْمَانَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهم لَيْسَ هُوَ أَظْهَرَ حُجَّةً مِنَ الْمُدَّعِي لِارْتِدَادِ عَلِيٍّ. فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي لِارْتِدَادِ عَلِيٍّ كَاذِبًا، فَالْمُدَّعِي لِارْتِدَادِ هَؤُلَاءِ أَظْهَرُ كَذِبًا، لِأَنَّ الْحُجَّةَ عَلَى بَقَاءِ إِيمَانِ هَؤُلَاءِ أَظْهَرُ، وَشُبْهَةُ (4) الْخَوَارِجِ أَظْهَرُ مِنْ شُبْهَةِ الرَّوَافِضِ.

وَيُقَالُ: سَابِعًا: هَذِهِ الدَّعْوَى إِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً، فَفِيهَا مِنَ الْقَدْحِ وَالْغَضَاضَةِ بِعَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَغَيْرِهِمَا مَالَا يَخْفَى. وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مَغْلُوبًا (5) مَعَ الْمُرْتَدِّينَ، وَكَانَ الْحَسَنُ قَدْ سَلَّمَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْمُرْتَدِّينَ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَهَرَ الْمُرْتَدِّينَ، فَيَكُونُ نَصْرُ اللَّهِ لِخَالِدٍ عَلَى الْكُفَّارِ (6)

(1) ن، م، و، ر، ص، هـ: وَإِبْلِيسُ كَفَرَ فَذَاكَ حَبِطَ كُفْرُهُ بِإِيمَانِهِ، وَإِبْلِيسُ حَبِطَ إِيمَانُهُ بِكُفْرِهِ.

(2)

أ، ب: بَعْدَ كُفْرٍ بِمَنْ كَفَرَ بَعْدَ إِيمَانٍ.

(3)

بَقَاءُ إِسْلَامِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) وَسَقَطَتْ " بَقَاءُ " مِنْ (م) ، (و) .

(4)

ن، م: وَشُبَهُ.

(5)

ن: مَعْلُومًا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(6)

أ، ب: عَلَى الْمُرْتَدِّينَ.

ص: 513

أَعْظَمَ مِنْ نَصْرِهِ لِعَلِيٍّ. وَاللَّهُ سبحانه وتعالى عَدْلٌ لَا يَظْلِمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا، فَيَكُونُ مَا اسْتَحَقَّهُ خَالِدٌ مِنَ النَّصْرِ أَعْظَمَ مِمَّا اسْتَحَقَّهُ عَلِيٌّ، فَيَكُونُ أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْهُ.

[بَلْ](1) وَكَذَلِكَ جُيُوشُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَنُوَّابِهِمْ ; [فَإِنَّهُمْ](2) كَانُوا مَنْصُورِينَ عَلَى الْكُفَّارِ، وَعَلِيٌّ عَاجِزٌ عَنْ مُقَاوَمَةِ الْمُرْتَدِّينَ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْكُفَّارِ أَيْضًا.

فَإِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى يَقُولُ: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آلِ عِمْرَانَ: 139] وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [سُورَةُ مُحَمَّدٍ: 35] .

وَعَلِيٌّ رضي الله عنه دَعَا مُعَاوِيَةَ إِلَى السَّلْمِ فِي آخِرِ (3) الْأَمْرِ، لَمَّا عَجَزَ عَنْ دَفْعِهِ عَنْ بِلَادِهِ، وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَبْقَى كُلُّ وَاحِدٍ [مِنْهُمَا] (4) عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 139] فَإِنْ (5) كَانَ أَصْحَابُهُ مُؤْمِنِينَ وَأُولَئِكَ مُرْتَدِّينَ وَجَبَ أَنْ يَكُونُوا الْأَعْلَيْنَ، وَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ.

[وَيُقَالُ ثَامِنًا](6) مَنْ قَالَ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه اسْتَكْبَرَ عَنْ طَاعَةِ

(1) بَلْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(2)

فَإِنَّهُمْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(3)

ن، م: أَوَاخِرِ.

(4)

مِنْهُمَا: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(5)

ن، م، و: فَإِذَا.

(6)

وَيُقَالُ ثَامِنًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .

ص: 514

اللَّهِ فِي نَصْبِ (1) أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلِمَ قُلْتَ: إِنَّهُ عَلِمَ أَنَّ وِلَايَتَهُ صَحِيحَةٌ، وَأَنَّ طَاعَتَهُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ؟ . فَإِنَّ الدَّلِيلَ عَلَى ثُبُوتِ وِلَايَتِهِ وَوُجُوبِ طَاعَتِهِ مِنَ الْمَسَائِلِ الْمُشْتَبِهَةِ الَّتِي لَا تَظْهَرُ إِلَّا بَعْدَ بَحْثٍ وَنَظَرٍ، بِخِلَافٍ مَنْ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى طَاعَتِهِ. وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ ذَلِكَ، فَلَيْسَ كُلُّ مَنْ عَصَى يَكُونُ مُسْتَكْبِرًا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ. وَالْمَعْصِيَةُ تَصْدُرُ تَارَةً عَنْ شَهْوَةٍ، وَتَارَةً عَنْ كِبْرٍ، وَهَلْ يُحْكَمُ عَلَى كُلِّ عَاصٍ بِأَنَّهُ مُسْتَكْبِرٌ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ كَاسْتِكْبَارِ إِبْلِيسَ؟ ! .

وَيُقَالُ تَاسِعًا: قَوْلُهُ: " وَبَايَعَهُ الْكُلُّ بَعْدَ عُثْمَانَ ".

إِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا حُجَّةً فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ حُجَّةً فَمُبَايَعَتُهُمْ لِعُثْمَانَ كَانَ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَيْهَا أَعْظَمَ. وَأَنْتُمْ لَا تَرَوْنَ الْمُمْتَنِعَ عَنْ طَاعَةِ عُثْمَانَ كَافِرًا، بَلْ مُؤْمِنًا تَقِيًّا.

وَيُقَالُ عَاشِرًا: اجْتِمَاعُ النَّاسِ عَلَى مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ [عَلَى قَوْلِكُمْ](2) أَكْمَلَ، وَأَنْتُمْ وَغَيْرُكُمْ تَقُولُونَ: إِنَّ عَلِيًّا تَخَلَّفَ عَنْهَا مُدَّةً. فَيَلْزَمُ [عَلَى قَوْلِكُمْ](3) أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ مُسْتَكْبِرًا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ فِي نَصْبِ أَبِي بَكْرٍ عَلَيْهِ إِمَامًا، فَيَلْزَمُ حِينَئِذٍ كُفْرُ عَلِيٍّ بِمُقْتَضَى حُجَّتِكُمْ، أَوْ بُطْلَانُهَا فِي نَفْسِهَا. وَكُفْرُ عَلِيٍّ بَاطِلٌ، فَلَزِمَ (4) بُطْلَانُهَا.

وَيُقَالُ: حَادِي عَشَرَ قَوْلُكُمْ: " بَايَعَهُ الْكُلُّ بَعْدَ عُثْمَانَ ".

مِنْ أَظْهَرِ الْكَذِبِ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ: إِمَّا النِّصْفُ، وَإِمَّا أَقَلُّ

(1) نَصْبِ: كَذَا فِي (ص)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: نَصْرِ.

(2)

عَلَى قَوْلِكُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) ، (هـ) ، (ر) .

(3)

عَلَى قَوْلِكُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) ، (هـ) ، (ر) .

(4)

ن، م: فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ. .

ص: 515

أَوْ أَكْثَرُ لَمْ يُبَايِعُوهُ، وَلَمْ يُبَايِعْهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَلَا ابْنُ عُمَرَ وَلَا غَيْرُهُمَا.

وَيُقَالُ: ثَانِي عَشَرَ: قَوْلُكُمْ: " إِنَّهُ جَلَسَ مَكَانَهُ ".

كَذِبٌ ; فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يَطْلُبِ الْأَمْرَ لِنَفْسِهِ ابْتِدَاءً، وَلَا ذَهَبَ إِلَى عَلِيٍّ لِيَنْزِعَهُ عَنْ (1) إِمَارَتِهِ، وَلَكِنِ امْتَنَعَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ عَنْ (2) مُبَايَعَتِهِ، وَبَقِيَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَالِيًا عَلَى مَنْ كَانَ وَالِيًا عَلَيْهِ (3) فِي زَمَنِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ. وَلَمَّا جَرَى حُكْمُ الْحَكَمَيْنِ إِنَّمَا كَانَ مُتَوَلِّيًا عَلَى رَعِيَّتِهِ فَقَطْ. فَإِنْ أُرِيدَ بِجُلُوسِهِ فِي مَكَانِهِ أَنَّهُ اسْتَبَدَّ بِالْأَمْرِ دُونَهُ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ، فَهَذَا صَحِيحٌ، لَكِنَّ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: إِنِّي لَمْ أُنَازِعْهُ شَيْئًا هُوَ فِي يَدِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدِي مَا يُوجِبُ عَلَيَّ دُخُولِي (4) فِي طَاعَتِهِ. وَهَذَا الْكَلَامُ سَوَاءٌ كَانَ حَقًّا أَوْ بَاطِلًا لَا يُوجِبُ كَوْنَ صَاحِبِهِ شَرًّا مِنْ إِبْلِيسَ، وَمَنْ جَعَلَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَرًّا مِنْ إِبْلِيسَ، فَمَا أَبْقَى غَايَةً فِي الِافْتِرَاءِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَالْعُدْوَانِ عَلَى خَيْرِ الْقُرُونِ (5) فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ، وَاللَّهُ يَنْصُرُ رُسُلَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ، وَالْهَوَى إِذَا بَلَغَ بِصَاحِبِهِ إِلَى هَذَا الْحَدِّ فَقَدْ أَخْرَجَ صَاحِبَهُ عَنْ رِبْقَةِ الْعَقْلِ، فَضْلًا عَنِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ مِنْ كُلِّ بَلِيَّةٍ، وَإِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُذِلَّ أَصْحَابَ مِثْلِ هَذَا

(1) أ، ب: مِنْ.

(2)

أ، ب: مِنْ.

(3)

(2 - 2) : سَاقِطٌ مِنْ (ص)، (ب) . وَفِي (ر) : عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ.

(4)

و: دُخُولًا.

(5)

ن، م: عَلَى خَيْرِ الْفِرَقِ ; هـ، و: عَلَى خِيَارِ الْقُرُونِ.

ص: 516