المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الجواب على زعم الرافضي بأن المنصور ابتدع ذكر الخلفاء الراشدين في خطب الجمعة من وجوه] - منهاج السنة النبوية - جـ ٤

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[كلام الرافضي على خصائص الأئمة الاثنى عشر]

- ‌[الجواب على قول الرافضي إن الإمامية أخذوا مذهبهم عن أهل البيت]

- ‌[كلام الرافضي عن علي رضي الله عنه " وَظَهَرَتْ مِنْهُ مُعْجِزَاتٌ كَثِيرَةٌ " والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي عن زين العابدين ومحمد الباقر والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي عن موسى بن جعفر والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا والرد عليه]

- ‌[كَلَامُ الرَّافِضِيُّ على مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوَادُ والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على علي الهادي ولد محمد بن علي الجواد]

- ‌[كلام الرافضي على الْحَسَن الْعَسْكَرِيّ والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على محمد بن الحسن المهدي عندهم والرد عليه]

- ‌[الجواب عن كلام الرافضي على حديث المهدي من وجوه]

- ‌[كلام الرافضي على عصمة الأئمة والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على اختيار الناس لمذهب أهل السنة طلبا للدنيا والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على تدين بعض أهل السنة بمذهب الإمامية في الباطن والرد عليه]

- ‌[كلام الرَّافِضِيُّ على وُجُوبِ اتِّبَاعِ مَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ لأَنَّهُمْ لَمْ يَذْهَبُوا إِلَى التَّعَصُّبِ فِي غَيْرِ الْحَقِّ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ]

- ‌[زعم الرافضي بأن المنصور ابتدع ذكر الخلفاء الراشدين في خطب الجمعة]

- ‌[الجواب على زعم الرافضي بأن المنصور ابتدع ذكر الخلفاء الراشدين في خطب الجمعة من وجوه]

- ‌[كلام الرافضي على مسح الرجلين في الوضوء بدلا من غسلهما والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على متعة الحج والنساء والتعليق على كلامه]

- ‌[كلام الرافضي على مَنْعِ أَبي بَكْرٍ فَاطِمَةَ إِرْثَهَا]

- ‌[الْجَوَابُ على كلام الرافضي مَنْعَ أَبي بَكْرٍ فَاطِمَةَ إِرْثَهَا مِنْ وُجُوهٍ]

- ‌[كلام الرافضي على منع فاطمة من إرث فدك]

- ‌[كلام الرافضي على أبي ذر الغفاري وأبي بكر الصديق والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على أبي بكر رضي الله عنه " وَسَمَّوْهُ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْهُ فِي حَيَاتِهِ وَلَا بَعْدَ وَفَاتِهِ عِنْدَهُمْ " والرد عليه]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن النبي قال لعلي إِنِ الْمَدِينَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا بِي أَوْ بِكَ]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن النبي أَمَّرَ أُسَامَةَ عَلَى الْجَيْشِ الَّذِينَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ]

- ‌[زعم الرافضي أن رسول الله سمى عليا فاروق أمته والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على خديجة وعائشة رضي الله عنهما والجواب عليه]

- ‌[كلام الرافضي على عائشة رضي الله عنها أنها أذاعت سر رسول الله وخالفت أمر الله بالخروج على علي والرد عليه]

- ‌[زعم الرافضي أن الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ وجوابه من وجوه]

- ‌[الرد على قوله إن عائشة كانت تأمر بقتل عثمان من وجوه]

- ‌[كلام الرافضي على عائشة مع كلامه على معاوية والرد عليه]

- ‌[مزاعم الرافضي عن معاوية رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[الرد على مزاعم الرافضي عن معاوية رضي الله عنه " وَسَمَّوْهُ كَاتِبَ الْوَحْيِ وَلَمْ يَكْتُبْ لَهُ كَلِمَةً

- ‌[مزاعم الرافضي عن معاوية بقوله " وَكَانَ بِالْيَمَنِ يَوْمَ الْفَتْحِ يَطْعَنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ

- ‌[الرد على مزاعم الرافضي عن معاوية من أنه كَانَ بِالْيَمَنِ يَوْمَ الْفَتْحِ يَطْعَنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ]

- ‌[فصل وقوع أمور فِي الأمة بالتأويل في دِمَائِهَا وَأَمْوَالِهَا وَأَعْرَاضِهَا]

- ‌[الراففضة يُعَظِّمُونَ الْأَمْرَ عَلَى مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا وَيَمْدَحُونَ مَنْ قَتَلَ عُثْمَانَ]

- ‌[كلام الرافضي على خالد بن الوليد رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على خالد بن الوليد رضي الله عنه بأنه قَتَلَ مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ صَبْرًا وَهُوَ مُسْلِمٌ وَعَرَّسَ بِامْرَأَتِهِ والرد عليه]

- ‌[عود الرافضي إلى الكلام على معاوية رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على يوم مقتل الحسين رضي الله عنه والرد عليه]

- ‌[الناس في يزيد طرفان ووسط]

- ‌[النَّاسُ فِي قَتْلِ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه طرفان ووسط]

- ‌[أحدث الناس بدعتين يوم عاشوراء بِدْعَةَ الْحُزْنِ وَالنَّوْحِ وبِدْعَةُ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ]

- ‌[عود إلى الكلام على مقتل الحسين رضي الله عنه]

- ‌[مزاعم الرافضي عن يزيد بن معاوية]

- ‌[زعم الرافضي أن الإمامية ينزهون الله وملائكته وأنبياءه وأئمته]

الفصل: ‌[الجواب على زعم الرافضي بأن المنصور ابتدع ذكر الخلفاء الراشدين في خطب الجمعة من وجوه]

الْعَلَوِيَّةِ (1)[خِلَافٌ](2)، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأُرْغِمَنَّ أَنْفِي وَأُنُوفَهُمْ وَأَرْفَعُ (3) عَلَيْهِمْ بَنِي تَيْمٍ وَعَدِيٍّ، وَذَكَرَ الصَّحَابَةَ فِي خُطْبَتِهِ، وَاسْتَمَرَّتْ [هَذِهِ الْبِدْعَةُ](4) إِلَى هَذَا الزَّمَانِ ".

[الجواب على زعم الرافضي بأن المنصور ابتدع ذكر الخلفاء الراشدين في خطب الجمعة من وجوه]

فَيُقَالُ: الْجَوَابُ (5) مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ ذِكْرَ الْخُلَفَاءِ عَلَى الْمِنْبَرِ كَانَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، بَلْ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، وَحَدِيثُ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ (6) مِنْ أَشْهَرِ الْأَحَادِيثِ. فَرَوَى الطَّلَمَنْكِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: كَانَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رضي الله عنه إِذَا خَطَبَ بِالْبَصْرَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَكَانَ وَالِيَهَا، صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ثَنَّى بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَدْعُو لَهُ. فَيَقُومُ ضَبَّةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْعَنَزِيُّ فَيَقُولُ (7) : فَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ (8) ذِكْرِ صَاحِبِهِ قَبْلَهُ يُفَضِّلُهُ؟ (9) - يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنهما. ثُمَّ قَعَدَ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا أَمْحَكَهُ (10) أَبُو مُوسَى، فَكَتَبَ أَبُو مُوسَى إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ ضَبَّةَ

(1) ص، ر، هـ: وَبَيْنَ الْعَلَوِيِّينَ.

(2)

خِلَافٌ: فِي (ب) ، (ك) فَقَطْ.

(3)

ك: فَأَرْفَعُ.

(4)

هَذِهِ الْبِدْعَةُ: فِي (ب) ، (ك) فَقَطْ.

(5)

أ، ب: فَيُقَالُ فِي الْجَوَابِ.

(6)

أ: ضَبَّةَ بْنِ مُحْسِنٍ، ن: صَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ، هـ: ظَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ. وَهُوَ ضَبَّةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْعَنَزِيُّ الْبَصْرِيُّ. ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي: تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 4/442 443.

(7)

ب (فَقَطْ) : فَقَامَ ضَبَّةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْعَنَزِيُّ فَقَالَ.

(8)

ب (فَقَطْ) : مِنْ.

(9)

ب (فَقَطْ) : تُفَضِّلُهُ عَلَيْهِ.

(10)

ص، م: مَحَكَهُ. وَفِي " لِسَانِ الْعَرَبِ ": " الْمَحْكُ: الْمُشَادَّةُ وَالْمُنَازَعَةُ فِي الْكَلَامِ. وَالْمَحْكُ: التَّمَادِي فِي اللَّجَاجَةِ عِنْدَ الْمُسَاوَمَةِ وَالْغَضَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَالْمُمَاحَكَةُ: وَالْمُلَاجَّةُ، وَقَدْ مَحَكَ يَمْحَكُ، وَمَحِكَ مَحْكًا وَمَحَكًا، فَهُوَ مَاحِكٌ وَمَحِكٌ، وَأَمْحَكَهُ غَيْرُهُ "

ص: 156

يَطْعَنُ عَلَيْنَا وَيَفْعَلُ، فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى ضَبَّةَ يَأْمُرُهُ (1) أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِ، فَبَعَثَ بِهِ أَبُو مُوسَى، فَلَمَّا قَدِمَ ضَبَّةُ الْمَدِينَةَ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ لَهُ الْحَاجِبُ (2) : ضَبَّةُ الْعَنَزِيُّ بِالْبَابِ. فَأَذِنَ لَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ [عَلَيْهِ] (3) قَالَ: لَا مَرْحَبًا بِضَبَّةَ وَلَا أَهْلًا. قَالَ ضَبَّةُ: أَمَّا الْمَرْحَبُ فَمِنَ اللَّهِ، وَأَمَّا الْأَهْلُ فَلَا أَهْلَ وَلَا مَالَ، فَبِمَ اسْتَحْلَلْتَ إِشْخَاصِي مِنْ مِصْرِي بِلَا ذَنْبٍ أَذْنَبْتُ وَلَا شَيْءٍ أَتَيْتُ؟ قَالَ: مَا الَّذِي شَجَرَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عَامِلِكَ؟ .

قُلْتُ (4) : الْآنَ أُخْبِرُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: إِنَّهُ كَانَ إِذَا خَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَأَثْنَى عَلَيْهِ (5) وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، [ثُمَّ] ثَنَّى (6) يَدْعُو لَكَ، فَغَاظَنِي (7) ذَلِكَ مِنْهُ، وَقُلْتُ: أَيْنَ أَنْتَ عَنْ (8) صَاحِبِهِ: تُفَضِّلُهُ عَلَيْهِ؟ فَكَتَبَ إِلَيْكَ يَشْكُونِي. قَالَ: فَانْدَفَعَ عُمَرُ رضي الله عنه بَاكِيًا وَهُوَ يَقُولُ: أَنْتَ وَاللَّهِ أَوْفَقُ مِنْهُ وَأَرْشَدُ مِنْهُ، فَهَلْ أَنْتَ غَافِرٌ لِي ذَنْبِي، يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ؟ قُلْتُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ انْدَفَعَ بَاكِيًا وَهُوَ (9)

(1) يَأْمُرُهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(2)

أ، ب: فَقَالَ الْحَاجِبُ.

(3)

عَلَيْهِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(4)

م (فَقَطْ) : قَالَ.

(5)

أ، ب، م: حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ.

(6)

و، ر: وَثَنَّى. وَسَقَطَتْ " ثُمَّ " مِنْ (ن) ، (م) ، (ص) ، (هـ) .

(7)

أ، ن، م، و، ر: فَغَاضَنِي؛ ب: فَغَاضَبَنِي.

(8)

ب: مِنْ؛ ن: عَمَّنْ.

(9)

وَهُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

ص: 157

يَقُولُ: وَاللَّهِ لَلَيْلَةٌ (1) مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَيَوْمٌ خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ وَآلِ عُمَرَ، فَهَلْ لَكَ أَنْ أُحَدِّثَكَ بِلَيْلَتِهِ (2) وَيَوْمِهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

قَالَ: أَمَّا اللَّيْلَةُ (3) فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ هَارِبًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ خَرَجَ لَيْلًا، فَتَبِعَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَجَعَلَ يَمْشِي مَرَّةً أَمَامَهُ، وَمَرَّةً خَلْفَهُ، وَمَرَّةً عَنْ يَمِينِهِ، وَمَرَّةً عَنْ يَسَارِهِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" مَا هَذَا يَا أَبَا بَكْرٍ؟ مَا أَعْرِفُ هَذَا مِنْ فِعْلِكَ ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَذْكُرُ الرَّصْدَ فَأَكُونُ أَمَامَكَ، وَأَذْكُرُ الطَّلَبَ فَأَكُونُ خَلْفَكَ، وَمَرَّةً عَنْ يَمِينِكَ، وَمَرَّةً عَنْ يَسَارِكَ، لَا آمَنُ عَلَيْكَ. فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ حَتَّى حَفِيَتْ. فَلَمَّا رَأَى أَبُو بَكْرٍ أَنَّهَا قَدْ حَفِيَتْ (4) حَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، حَتَّى أَتَى بِهِ فَمَ الْغَارِ، فَأَنْزَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تَدْخُلُهُ حَتَّى أَدْخُلَهُ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ فَيَبْدَأُ بِي قَبْلَكَ، فَلَمْ يَرَ (5) شَيْئًا يَسْتَرِيبُهُ، فَحَمَلَهُ فَأَدْخَلَهُ (6) ، وَكَانَ فِي الْغَارِ خَرْقٌ فِيهِ حَيَّاتٌ (7) ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ (8) أَلْقَمَهُ عَقِبَهُ، فَجَعَلْنَ يَلْسَعْنَهُ أَوْ يَضْرِبْنَهُ (9) وَجَعَلَتْ دُمُوعُهُ تَتَحَادَرُ عَلَى خَدِّهِ مِنْ أَلَمِ مَا يَجِدُ،

(1) ن، م: لَيْلَةٌ.

(2)

أ، ب: بِيَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ.

(3)

أ، ب: أَمَّا لَيْلَتُهُ.

(4)

أ، ب: أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه أَنَّهَا حَفِيَتْ.

(5)

أ، ب: فِيهِ شَيْءٌ فَبِي فَدَخَلَ فَلَمْ يَرَ. . .

(6)

و: يُرِيبُهُ فَحَمَلَهُ حَتَّى أَدْخَلَهُ. .

(7)

أ، ب: فَأَدْخَلَهُ فَلَمَّا دَخَلَ فَوَجَدَ (ب: وَجَدَ) الصِّدِّيقُ أَحْجَارَ الْأَفَاعِي. .

(8)

أ، ب، م: فَلَمَّا رَأَى أَبُو بَكْرٍ ذَلِكَ. . .

(9)

أ، ب: وَيَضْرِبْنَهُ.

ص: 158

وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «لَا تَحْزَنْ يَا أَبَا بَكْرٍ (1) إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا» " فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ وَطُمَأْنِينَتَهُ لِأَبِي بَكْرٍ (2) ، فَهَذِهِ لَيْلَتُهُ (3) .

وَأَمَّا يَوْمُهُ فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نُصَلِّي وَلَا نُزَكِّي. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نُزَكِّي وَلَا نُصَلِّي. فَأَتَيْتُهُ لَا آلُوهُ نُصْحًا. فَقُلْتُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، تَأَلَّفِ النَّاسَ وَارْفُقْ بِهِمْ. فَقَالَ لِي: أَجَبَّارٌ (4) فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَخَوَّارٌ (5) فِي الْإِسْلَامِ؟ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَارْتَفَعَ الْوَحْيُ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُعْطُونَهُ رَسُولَ اللَّهِ (6) صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ. فَقَاتَلْنَا مَعَهُ (7) ، فَكَانَ وَاللَّهِ رَشِيدَ الْأَمْرِ، فَهَذَا يَوْمُهُ. ثُمَّ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى يَلُومُهُ (8) .

(1) عِبَارَةُ " يَا أَبَا بَكْرٍ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (و) .

(2)

ب (فَقَطْ) : عَلَى أَبِي بَكْرٍ.

(3)

ن: فَهَذِهِ اللَّيْلَةُ.

(4)

ن، هـ، ر، ص، و: جَبَّارٌ، م: جَبَانٌ.

(5)

وَخَوَّارٌ: كَذَا فِي (أ)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: جَوَّارٌ.

(6)

ن، م: يُعْطُونَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ؛ ص: يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ.

(7)

عِبَارَةُ " فَقَاتَلْنَا مَعَهُ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(8)

ذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي كِتَابِهِ " الرِّيَاضِ النَّضِرَةِ فِي مَنَاقِبِ الْعَشَرَةِ " ص 89، 91 (ط. الْخَانَجِيِّ، الطَّبْعَةَ الثَّانِيَةَ، 1372 1953) وَقَالَ الْمُحِبُّ: " وَخَرَّجَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بِشْرَانَ وَالْمُلَّاءُ فِي سِيرَتِهِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ الْغَنَوِيِّ (كَذَا) ". ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ سَرْدِ الْخَبَرِ: " خَرَّجَهُ الْمُلَّاءُ فِي سِيرَتِهِ وَصَاحِبِ فَضَائِلِهِ، وَخَرَّجَ الْخُجَنْدِيُّ مَعْنَاهُ وَزَادَ. . . ". وَأَوْرَدَ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ 4/184 185 (ط. الْمَعَارِفِ) . خَبَرًا عَنْ وَاقِعَةٍ أُخْرَى بَيْنَ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ وَبَيْنَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ حَكَمَ فِيهَا عُمَرُ رضي الله عنه.

ص: 159

فَإِنْ قِيلَ: ذَاكَ فِيهِ ذِكْرُ عُمَرَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ هُوَ السُّلْطَانَ الْحَيَّ. قِيلَ: فَأَبُو بَكْرٍ كَانَ (1) قَدْ مَاتَ، فَعُلِمَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا الْمَيِّتَ أَيْضًا.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ قِيلَ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ذَكَرَ الْخُلَفَاءَ الْأَرْبَعَةَ لَمَّا كَانَ بَعْضُ بَنِي أُمَيَّةَ يَسُبُّونَ عَلِيًّا، فَعَوَّضَ عَنْ ذَلِكَ بِذِكْرِ الْخُلَفَاءِ وَالتَّرَضِّي عَنْهُمْ، لِيَمْحُوَ تِلْكَ السُّنَّةَ (2) الْفَاسِدَةَ.

[الْوَجْهِ](3) الثَّالِثُ: أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ إِحْدَاثِ الْمَنْصُورِ وَقَصْدِهِ بِذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما تَوَلَّيَا الْخِلَافَةَ قَبْلَ الْمَنْصُورِ وَقَبْلَ بَنِي أُمَيَّةَ، فَلَمْ يَكُنْ فِي ذِكْرِ الْمَنْصُورِ لَهُمَا إِرْغَامٌ لِأَنْفِهِ وَلَا لِأُنُوفِ بَنِي عَلِيٍّ، إِلَّا لَوْ كَانَ بَعْضُ بَنِي تَيْمٍ أَوْ بَعْضُ بَنِي عَدِيٍّ [يُنَازِعُهُمُ الْخِلَافَةَ (4) ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ](5) يُنَازِعُهُمْ فِيهَا.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ لَا يَقُولُونَ: إِنَّ ذِكْرَ الْخُلَفَاءِ [الْأَرْبَعَةِ](6) فِي الْخُطْبَةِ فَرْضٌ، بَلْ يَقُولُونَ إِنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى عَلِيٍّ وَحْدَهُ، أَوْ ذِكْرِ الِاثْنَى عَشَرَ هُوَ الْبِدْعَةُ الْمُنْكَرَةُ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ، لَا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَا مِنَ التَّابِعِينَ، وَلَا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَلَا مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ. كَمَا يَقُولُونَ: إِنَّ سِتَّ عَلِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ [مِنَ السَّلَفِ](7) بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ، فَإِنْ كَانَ

(1) أ: الْحَيُّ وَأَبُو بَكْرٍ كَانَ. .؛ ب: قُلْنَا: وَأَبَا بَكْرٍ كَانَ. .

(2)

ن: السَّيِّئَةَ.

(3)

الْوَجْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

(4)

أ: مُنَازِعِيهِمُ الْخِلَافَةَ؛ ب: مُنَازِعِيهِمْ فِي الْخِلَافَةِ.

(5)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

(6)

الْأَرْبَعَةِ: زِيَادَةٌ فِي (ص) ، (ر) ، (هـ) .

(7)

مِنَ السَّلَفِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

ص: 160

ذِكْرُ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ (1) بِدْعَةً، مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَفَاءِ فَعَلُوا ذَلِكَ، فَالِاقْتِصَارُ عَلَى عَلِيٍّ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الْأُمَّةِ، أَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِدْعَةً، وَإِنْ كَانَ ذِكْرُ عَلِيٍّ لِكَوْنِهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مُسْتَحَبًّا، فَذِكْرُ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ هُمُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ أَوْلَى بِالِاسْتِحْبَابِ، وَلَكِنَّ الرَّافِضَةَ مِنَ الْمُطَفِّفِينَ (2) : يَرَى أَحَدُهُمُ الْقَذَاةَ فِي عُيُونِ (3) أَهْلِ السُّنَّةِ، وَلَا يَرَى الْجِذْعَ الْمُعْتَرِضَ فِي عَيْنِهِ.

وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْخُلَفَاءَ الثَّلَاثَةَ اتَّفَقَتْ (4) عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ، وَكَانَ السَّيْفُ فِي زَمَانِهِمْ مَسْلُولًا عَلَى الْكُفَّارِ، مَكْفُوفًا عَنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ. وَأَمَّا عَلِيٌّ فَلَمْ يَتَّفِقِ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مُبَايَعَتِهِ، بَلْ وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ تِلْكَ الْمُدَّةَ، [وَكَانَ السَّيْفُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ](5) مَكْفُوفًا عَنِ الْكُفَّارِ مَسْلُولًا عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَاقْتِصَارُ الْمُقْتَصِرِ عَلَى ذِكْرِ عَلِيٍّ وَحْدَهُ دُونَ مَنْ سَبَقَهُ، وَهُوَ تَرْكٌ لِذِكْرِ الْأَئِمَّةِ وَقْتَ اجْتِمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَانْتِصَارِهِمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ، وَاقْتِصَارٌ عَلَى ذِكْرِ الْإِمَامِ الَّذِي كَانَ إِمَامًا وَقْتَ افْتِرَاقِ الْمُسْلِمِينَ [وَطَلَبِ عَدَوِّهِمْ لِبِلَادِهِمْ (6) .

فَإِنَّ الْكُفَّارَ بِالشَّامِ وَخُرَاسَانَ طَمِعُوا وَقْتَ الْفِتْنَةِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ] (7) ،

(1) الْأَرْبَعَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(2)

ر، ص، هـ: قَوْمٌ مُطَفِّفُونَ؛ و: قَوْمٌ يُطَفِّفُونَ.

(3)

أ، ب: عَيْنِ.

(4)

ب (فَقَطْ) : اتَّفَقَ. 1

(5)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ. 1

(6)

أ، ب: لِلْبِلَادِ. 1

(7)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

ص: 161

لِاشْتِغَالِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ (1) بِبَعْضٍ، وَهُوَ تَرْكٌ لِذِكْرِ أَئِمَّةِ (2) الْخِلَافَةِ التَّامَّةِ الْكَامِلَةِ، وَاقْتِصَارٌ عَلَى ذِكْرِ الْخِلَافَةِ الَّتِي لَمْ تَتِمَّ وَلَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُهَا.

وَهَذَا كَانَ [مِنْ](3) حُجَّةِ مَنْ كَانَ يُرَبِّعُ بِذِكْرِ مُعَاوِيَةَ [رضي الله عنه](4) وَلَا يَذْكُرُ عَلِيًّا رَضِيَ عَنْهُ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ مَنْ [كَانَ] (5) يَفْعَلُهُ بِالْأَنْدَلُسِ وَغَيْرِهَا. قَالُوا (6) : لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ [رضي الله عنه](7) اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ عَلِيٍّ [رضي الله عنه](8) . وَلَا رَيْبَ أَنَّ قَوْلَ هَؤُلَاءِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً، فَقَوْلُ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ عَلِيًّا وَحْدَهُ أَعْظَمُ خَطَأً مِنْ هَؤُلَاءِ. وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ (9) كُلِّهِ ذِكْرُ الِاثْنَى عَشَرَ فِي خُطَبِهِ أَوْ غَيْرِهَا، أَوْ نَقْشُهُمْ عَلَى حَائِطٍ، أَوْ تَلْقِينُهُمْ لِمَيِّتٍ، فَهَذَا هُوَ الْبِدْعَةُ الْمُنْكَرَةُ الَّتِي يُعْلَمُ (10) بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّهَا (11) مِنْ أَعْظَمِ الْأُمُورِ الْمُبْتَدَعَةِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ. وَلَوْ تَرَكَ الْخَطِيبُ ذِكْرَ الْأَرْبَعَةِ جَمِيعًا (12) لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْمُنْكَرُ الِاقْتِصَارُ

(1) ن، م، و: لِاشْتِغَالِهِمْ بَعْضِهِمْ. .

(2)

أ: الْأَئِمَّةِ. وَسَقَطَتِ الْكَلِمَةُ مِنْ (ب) .

(3)

مِنْ: زِيَادَةٌ فِي (ر) ، (هـ) ، (ص) . 1

(4)

ن، م، و: يَرْفَعُ بِمُعَاوِيَةَ.

(5)

كَانَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) ، (هـ) .

(6)

أ، ب: وَقَالُوا.

(7)

رضي الله عنه: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(8)

رضي الله عنه: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(9)

أ، ب: مِنْ هَذَا.

(10)

أ، ب، ن: تُعْلَمُ.

(11)

أ، ب: لِأَنَّهَا.

(12)

جَمِيعًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

ص: 162

عَلَى وَاحِدٍ دُونَ الثَّلَاثَةِ السَّابِقِينَ، الَّذِينَ كَانَتْ خِلَافَتُهُمْ أَكْمَلَ، وَسِيرَتُهُمْ أَفْضَلَ. كَمَا أُنْكِرَ عَلَى أَبِي مُوسَى ذِكْرُهُ لِعُمَرَ دُونَ أَبِي بَكْرٍ، مَعَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ هُوَ الْحَيَّ خَلِيفَةَ الْوَقْتِ.

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ خُطَبَاءِ السُّنَّةِ يَذْكُرُونَ الْخُلَفَاءَ فِي الْخُطْبَةِ، بَلْ كَثِيرٌ مِنْ خُطَبَاءِ السُّنَّةِ بِالْمَغْرِبِ وَغَيْرِهِ (1) لَا يَذْكُرُونَ أَحَدًا مِنَ الْخُلَفَاءِ بِاسْمِهِ، وَكَانَ كَثِيرٌ مِنْ خُطَبَاءِ الْمَغْرِبِ يَذْكُرُونَ (2) أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَيُرَبِّعُونَ بِذِكْرِ مُعَاوِيَةَ (3) لَا يَذْكُرُونَ عَلِيًّا. قَالُوا: لِأَنَّ (4) هَؤُلَاءِ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى إِمَامَتِهِمْ دُونَ عَلِيٍّ. فَإِنْ كَانَ ذِكْرُ الْخُلَفَاءِ بِأَسْمَائِهِمْ حَسَنًا فَبَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ [يَفْعَلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَسَنًا فَبَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ](5) يَتْرُكُهُ، فَالْحَقُّ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا يَخْرُجُ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ.

الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّهُ يُقَالُ: إِنَّ الَّذِينَ اخْتَارُوا ذِكْرَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِنَّمَا فَعَلُوهُ تَعْوِيضًا عَمَّنْ يَسُبُّهُمْ (6) وَيَقْدَحُ فِيهِمْ، وَكَانَ ذَلِكَ فِيهِ (7) مِنَ الْفَاسِدِ فِي الْإِسْلَامِ مَا لَا يَخْفَى، فَأَعْلَنُوا (8) بِذِكْرِهِمْ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ وَالدُّعَاءِ لَهُمْ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ حِفْظًا لِلْإِسْلَامِ بِإِظْهَارِ مُوَالَاتِهِمْ وَالثَّنَاءِ

(1) أ، ب: وَغَيْرِهَا.

(2)

(2 - 2) ؛ سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(3)

ن، و: وَيَرْفَعُونَ بِمُعَاوِيَةَ.

(4)

لِأَنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(5)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.

(6)

ب (فَقَطْ) : عَنْ سَبِّ مَنْ يَسُبُّهُمْ.

(7)

أ، ب: وَكَانَ فِي ذَلِكَ.

(8)

فَأَعْلَنُوا: كَذَا فِي (ب)، (و) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَأَعْلَنُوا.

ص: 163

عَلَيْهِمْ وَمَنْعًا (1) مِمَّنْ يُرِيدُ عَوْرَاتِهِمْ وَالطَّعْنَ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» "(2) .

وَالْأَحَادِيثُ فِي ذِكْرِ خِلَافَتِهِمْ (3) كَثِيرَةٌ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَنِي أُمَيَّةَ مَنْ يَسُبُّ عَلِيًّا رضي الله عنه وَيَذُمُّهُ (4) وَيَقُولُ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْخُلَفَاءِ (5) الرَّاشِدِينَ، وَتَوَلَّى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ [بَعْدَ أُولَئِكَ](6)، فَقِيلَ: إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ ذَكَرَ الْخُلَفَاءَ [الرَّاشِدِينَ](7) الْأَرْبَعَةَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَأَظْهَرَ ذِكْرَ (8) عَلِيٍّ وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ وَذِكْرَ فَضَائِلِهِ، بَعْدَ أَنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِمَّنْ يُبْغِضُ عَلِيًّا لَا تَخْتَارُ ذَلِكَ (9) . وَالْخَوَارِجُ تُبْغِضُ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَتُكَفِّرُهُمَا، فَكَانَ فِي ذِكْرِهِمَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهم رَدٌّ عَلَى الْخَوَارِجِ الَّذِينَ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقِتَالِهِمْ.

(1) ن، م، و، أ: وَمَنَعَهَا؛ ب: وَمَنَعَهُمْ.

(2)

هَذَا جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رضي الله عنه، وَأَوَّلُهُ:" وَأُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ. . . الْحَدِيثَ. وَهُوَ فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/280 281 (كِتَابُ الْعِلْمِ، بَابُ الْأَخْذِ بِالسُّنَّةِ. .) ؛ سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/15 16 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابٌ فِي اتِّبَاعِ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ) ؛ سُنَنِ الدَّارِمِيِّ 1/44 45 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابُ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ) ؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/126 127. وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ الْأَلْبَانِيُّ فِي " صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " 2/346.

(3)

ن، م: خِلَافِهِمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(4)

وَيَذُمُّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(5)

أ، ب: وَيَقُولُ: لَيْسَ هُوَ مِنَ الْخُلَفَاءِ. . .

(6)

بَعْدَ أُولَئِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(7)

الرَّاشِدِينَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .

(8)

ن، م، أ: فَأَظْهَرَ ذَلِكَ. .

(9)

أ، ب: لَا يَخْتَارُونَ ذَلِكَ. .

ص: 164

وَالرَّافِضَةُ [شَرٌّ](1) مِنْ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، يُبْغِضُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَيَسُبُّونَهُمْ، بَلْ قَدْ يُكَفِّرُونَهُمْ، فَكَانَ فِي ذِكْرِ هَؤُلَاءِ وَفَضَائِلِهِمْ رَدٌّ عَلَى الرَّافِضَةِ، وَلَمَّا قَامُوا فِي دَوْلَةِ خُدَابَنْدَةَ الَّذِي صَنَّفَ لَهُ هَذَا الرَّافِضِيُّ هَذَا الْكِتَابَ (2) ، فَأَرَادُوا إِظْهَارَ مَذْهَبِ الرَّافِضَةِ وَإِطْفَاءَ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَعَقَدُوا أَلْوِيَةَ الْفِتْنَةِ، وَأَطْلَقُوا عِنَانَ الْبِدْعَةِ، وَأَظْهَرُوا مِنَ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا رَبُّ الْعِبَادِ، كَانَ مِمَّا احْتَالُوا بِهِ أَنِ اسْتَفْتَوْا بَعْضَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى السُّنَّةِ فِي ذِكْرِ الْخُلَفَاءِ فِي الْخُطْبَةِ: هَلْ يَجِبُ؟ فَأَفْتَى مَنْ أَفْتَى بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ: إِمَّا جَهْلًا بِمَقْصُودِهِمْ، وَإِمَّا خَوْفًا مِنْهُمْ وَتَقِيَّةً لَهُمْ (3) .

وَهَؤُلَاءِ إِنَّمَا كَانَ مَقْصُودُهُمْ مَنْعَ ذِكْرِ الْخُلَفَاءِ، ثُمَّ عَوَّضُوا عَنْ ذَلِكَ بِذِكْرِ عَلِيٍّ وَالْإِحْدَى عَشَرَ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمُ الْمَعْصُومُونَ (4) ، فَالْمُفْتِي إِذَا عَلِمَ أَنَّ مَقْصُودَ الْمُسْتَفْتَى لَهُ (5) أَنْ يَتْرُكَ ذِكْرَ الْخُلَفَاءِ وَأَنْ يَذْكُرَ (6) الِاثْنَى عَشَرَ، وَيُنَادِي بِحَيِّ (7) عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ لِيُبْطِلَ الْأَذَانَ الْمَنْقُولَ بِالتَّوَاتُرِ مِنْ عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَمْنَعَ قِرَاءَةَ (8) الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ الصَّحِيحَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيُعِوِّضَ عَنْهَا بِالْأَحَادِيثِ الَّتِي افْتَرَاهَا

(1) شَرٌّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(2)

انْظُرْ كَلَامِي عَنْ خُدَابَنْدَةَ فِي الْمُقَدِّمَةِ ص 96 (م) .

(3)

أ، ب: وَهَيْبَةً لَهُمْ.

(4)

أ، ب: أَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ.

(5)

لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .

(6)

أ، ب: وَيَذْكُرَ.

(7)

ب: حَيِّ. وَسَقَطَتِ الْكَلِمَةُ مِنْ (أ) .

(8)

ن: وَمَنَعَ قَوْلَهُ؛ م: وَيَمْنَعَ قَوْلَهُ.

ص: 165

الْمُفْتَرُونَ، وَيُبْطِلَ الشَّرَائِعَ الْمَعْلُومَةَ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَيُعَوِّضَ عَنْهَا بِالْبِدَعِ (1) الْمُضِلَّةِ، وَيَتَوَسَّلَ بِذَلِكَ مَنْ يَتَوَسَّلُ (2) إِلَى إِظْهَارِ دِينِ الْمَلَاحِدَةِ، الَّذِينَ يُبْطِنُونَ مَذْهَبَ الْفَلَاسِفَةِ، وَيَتَظَاهَرُونَ بِدِينِ الْإِسْلَامِ، وَهُمْ أَكْفَرُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَقَاصِدِ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ، الْكَائِدِينَ (3) لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ - لَمْ يَحِلَّ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِمَا (4) يَجُرُّ إِلَى هَذِهِ الْمَفَاسِدِ.

وَإِذَا كَانَ ذِكْرُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ هُوَ الَّذِي يَحْصُلُ [بِهِ] الْمَقَاصِدُ (5) الْمَأْمُورُ بِهَا عِنْدَ مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ، كَانَ هَذَا مِمَّا يُؤْمَرُ بِهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْوَاجِبَاتِ الَّتِي تَجِبُ مُطْلَقًا، وَلَا مِنَ السُّنَنِ الَّتِي يُحَافَظُ عَلَيْهَا فِي (6) كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، كَمَا أَنَّ عَسْكَرَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ إِذَا كَانَ لِهَؤُلَاءِ شِعَارٌ وَلِهَؤُلَاءِ شِعَارٌ وَجَبَ إِظْهَارُ شِعَارِ الْإِسْلَامِ دُونَ شِعَارِ الْكُفْرِ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْحَالِ؛ لِأَنَّ هَذَا وَاجِبٌ (7) فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، فَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ الْوَاجِبَاتِ الشَّرْعِيَّةَ لَا تَقُومُ إِلَّا بِإِظْهَارِ ذِكْرِ الْخُلَفَاءِ، وَإِنَّهُ إِذَا تُرِكَ ذَلِكَ ظَهَرَ شِعَارُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ، صَارَ مَأْمُورًا بِهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ. وَالْأُمُورُ

(1) أ، ب: بِالْبِدْعَةِ.

(2)

مَنْ يَتَوَسَّلُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ

(3)

ب (فَقَطْ) : الْمُكَايِدِينَ.

(4)

أ، ب: لِمَا.

(5)

ن، م: يَحْصُلُ الْمَقَاصِدُ.

(6)

أ، ب: الَّتِي تُحَافِظُ فِي. .

(7)

أ، ب: الْحَالُ هَذَا وَاجِبٌ؛ ن، م، ر: الْحَالُ لَا لِأَنَّ هَذَا وَاجِبٌ؛ هـ: الْحَالُ لَا إِنَّ هَذَا وَاجِبٌ.

ص: 166

الْمَأْمُورُ بِهَا مِنْهَا مَا هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مَسْنُونٌ دَائِمًا، كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَالْوَتْرِ، وَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ. وَمِنْهَا مَا يُؤْمَرُ بِهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ إِذَا لَمْ تَحْصُلِ الْوَاجِبَاتُ إِلَّا بِهِ، وَلَمْ تَنْدَفِعِ الْمُحَرَّمَاتُ إِلَّا بِهِ.

الْوَجْهُ السَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: الْكَلَامُ فِي ذِكْرِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَفِي الدُّعَاءِ لِسُلْطَانِ الْوَقْتِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ: إِذَا تَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِمُوجَبِ (1) الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، كَانَ كَلَامُهُمْ فِي ذَلِكَ مَقْبُولًا، وَكَانَ لِلْمُصِيبِ مِنْهُمْ أَجْرَانِ، وَلِلْمُخْطِئِ أَجْرٌ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنَ الْخَيْرِ، وَخَطَؤُهُ مَغْفُورٌ لَهُ، وَأَمَّا إِذَا أَخَذَ يَعِيبُ ذَلِكَ مَنْ يُعَوِّضُ عَنْهُ بِمَا هُوَ شَرٌّ مِنْهُ، كَطَائِفَةِ ابْنِ التُّومَرْتِ الَّذِي كَانَ يُدَّعَى فِيهِ أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ الْمَعْلُومُ، وَالْإِمَامُ الْمَعْصُومُ، إِذَا ذَكَرُوهُ بِاسْمِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَوَصَفُوهُ بِالصِّفَاتِ الَّتِي تُعَلَمُ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ، وَجَعَلُوا حِزْبَهُ هُمْ خَوَاصُّ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَتَرَكُوا مَعَ ذَلِكَ ذِكْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَالْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ (2) الَّذِينَ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ (3) وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ (4) أَنَّهُمْ خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَأَفْضَلُهَا، وَهُمُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالْأَئِمَّةُ الْمَهْدِيُّونَ فِي زَمَنِ أَفْضَلِ الْقُرُونِ، ثُمَّ أَخَذَ هَؤُلَاءِ التُّومَرْتِيَّةُ يَنْتَصِرُونَ لِذَلِكَ بِأَنَّ ذِكْرَ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ لَيْسَ سُنَّةً بَلْ بِدْعَةً - كَانَ هَذَا الْقَوْلُ مَرْدُودًا عَلَيْهِمْ غَايَةَ الرَّدِّ مَعَ ذِكْرِهِمْ لِإِمَامِهِمْ (5) ابْنِ

(1) ن، م، و: يَتَكَلَّمُونَ مِنْ حَيْثُ. . .

(2)

أ، ب: وَالْأَئِمَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ. .

(3)

أ، ب: ثَبَتَ لَهُمْ بِالْكِتَابِ. .

(4)

ن (فَقَطْ) : بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

(5)

أ، ب: إِمَامَهُمْ.

ص: 167

التُّومَرْتِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَشُكُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا رضي الله عنهم خَيْرٌ مِنْهُ وَأَفْضَلُ مِنْهُ، وَأَنَّ اتِّبَاعَهُمْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقِيَامَهُمْ بِأَمْرِهِ أَكْمَلُ (1) ، بَلْ ذِكْرُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ خُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ (2) وَبَنِي الْعَبَّاسِ أَوْلَى مِنْ ذِكْرِ هَذَا الْمُلَقَّبِ بِالْمَهْدِيِّ، فَإِنَّ خِلَافَةَ أُولَئِكَ خَيْرٌ مِنْ خِلَافَتِهِ، وَقِيَامَهُمْ بِالْإِسْلَامِ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِهِ، وَظُهُورَهُمْ بِمَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا أَعْظَمُ مِنْ ظُهُورِهِ، وَمَا فَعَلُوهُ مِنَ الْخَيْرِ أَعْظَمُ مِمَّا فَعَلَهُ هُوَ، وَفَعَلَ هُوَ (3) مِنَ الْكَذِبِ وَالظُّلْمِ وَالْجَهْلِ وَالشَّرِّ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ أُولَئِكَ، فَكَيْفَ يَكُونُ هُوَ الْمَهْدِيَّ دُونَهُمْ؟ أَمْ كَيْفَ يَكُونُ ذِكْرُهُ وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ فِي الْخُطْبَةِ مَشْرُوعًا (4) دُونَ ذِكْرِهِمْ، فَكَيْفَ يُنْكِرُ ذِكْرَ أُولَئِكَ مَنْ يَذْكُرُ مِثْلَ هَذَا؟ .

وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ إِنْكَارُ [هَؤُلَاءِ](5) الْإِمَامِيَّةِ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ ذِكْرَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَيَذْكُرُونَ اثْنَى عَشَرَ رَجُلًا: كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ خَيْرٌ مِنْ أَفْضَلِ الِاثْنَى عَشَرَ، وَأَكْمَلُ خِلَافَةً وَإِمَامَةً. وَأَمَّا سَائِرُ الِاثْنَى عَشَرَ، فَهُمْ أَصْنَافٌ: مِنْهُمْ مَنْ هُوَ مِنَ الصَّحَابَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، كَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَقَدْ شَرَكَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ خَلْقٌ كَثِيرٌ (6) وَفِي السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُمَا، مِثْلُ أَهْلِ بَدْرٍ. وَهُمَا رَضِيَ اللَّهُ

(1) أ، ب: أَجْمَلُ.

(2)

أ، ب: مِنَ الْخُلَفَاءِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ. .

(3)

أ، ب: وَفَعَلَ هَؤُلَاءِ.

(4)

أ، ب: وَاجِبًا.

(5)

هَؤُلَاءِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.

(6)

أ، ب: الْحُسَيْنِ وَشَرَكَهُمْ فِي ذَلِكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ. . .

ص: 168

عَنْهُمَا (1) وَإِنْ كَانَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَهَذَا الصِّنْفُ أَكْمَلُ (2) مِنْ ذَلِكَ (3) الصِّنْفِ. وَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ: هُمَا وَلَدُ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قِيلَ وَعَلِيُّ [بْنُ أَبِي طَالِبٍ] أَفْضَلُ (4) مِنْهُمَا بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ، وَلَيْسَ هُوَ وَلَدَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِبْرَاهِيمُ ابْنُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْهُمَا، وَلَيْسَ هُوَ أَفْضَلَ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَكَذَا أُمَامَةُ (5) بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ بِنْتُ بِنْتِهِ، وَكَانَ لِعُثْمَانَ وَلَدٌ مِنْ بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَإِذَا قِيلَ: [عَلِيٌّ](6) هُوَ ابْنُ عَمِّهِ.

قِيلَ: فِي أَعْمَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَنِي عَمِّهِ جَمَاعَةٌ (7) مُؤْمِنُونَ صَحِبُوهُ: كَحَمْزَةَ وَالْعَبَّاسِ وَعَبْدِ اللَّهِ (8) وَالْفَضْلِ ابْنَيِ الْعَبَّاسِ، وَكَرَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَحَمْزَةُ أَفْضَلُ مِنَ الْعَبَّاسِ، وَعَلِيٌّ وَجَعْفَرُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَعَلِيٌّ أَفْضَلُ مِنَ الْعَبَّاسِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْفَضْلَ بِالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى لَا بِالنَّسَبِ. وَفِي الِاثْنَى عَشَرَ مِنْ هُوَ مَشْهُورٌ بِالْعِلْمِ

(1) رضي الله عنهما: فِي (ن) ، (م) فَقَطْ.

(2)

ر، هـ، ص: أَفْضَلُ.

(3)

أ، ب: مِنْ هَذَا.

(4)

ن، م: وَعَلِيٌّ أَفْضَلُ. .

(5)

وَكَذَا أُمَامَةُ: كَذَا فِي (ب) فَقَطْ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ وَأُمَامَةُ. .

(6)

عَلِيٌّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (و) .

(7)

جَمَاعَةٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (و) .

(8)

ن، هـ، ر، و: وَعُبَيْدِ اللَّهِ. وَفِي " الْإِصَابَةِ " 2/430: " عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ أَحَدِ الْإِخْوَةِ، وَهُوَ شَقِيقُ الْفَضْلِ وَعَبْدِ اللَّهِ وَقُثَمَ وَمَعْبَدٍ. . .

ص: 169