الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شُيُوخَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ، فَلَيْسَ فِي هَؤُلَاءِ [الْأَئِمَّةِ](1) مَنْ رَوَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ [هَذَا](2) الْعَسْكَرِيِّ مَعَ رِوَايَتِهِمْ عَنْ أُلُوفٍ مُؤَلَّفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، فَكَيْفَ يُقَالُ: رَوَتْ عَنْهُ الْعَامَّةُ كَثِيرًا؟ وَأَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ؟ وَقَوْلُهُ: " إِنَّهُ كَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ " هُوَ مِنْ هَذَا النَّمَطِ (3) .
[كلام الرافضي على محمد بن الحسن المهدي عندهم والرد عليه]
فَصْلٌ (4) .
قَالَ الرَّافِضِيُّ (5) : " وَوَلَدُهُ (6) مَوْلَانَا الْمَهْدِيُّ [مُحَمَّدٌ] (7) عليه السلام. رَوَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِي اسْمُهُ كَاسْمِي (8) وَكُنْيَتُهُ كُنْيَتِي، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا (9) ، كَمَا مُلِئَتْ
(1) الْأَئِمَّةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
هَذَا: زِيَادَةٌ فِي (هـ) ، (ر) ، (ص) .
(3)
أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، الْمُلَقَّبُ بِالْخَالِصِ وَبِالْعَسْكَرِيِّ، الْإِمَامُ الْحَادِي عَشَرَ عِنْدَ الرَّافِضَةِ، وُلِدَ فِي الْمَدِينَةِ سَنَةَ: 232 وَانْتَقَلَ مَعَ أَبِيهِ الْهَادِي إِلَى سَامَرَّا وَكَانَ اسْمُهَا مَدِينَةَ الْعَسْكَرِ فَقِيلَ لَهُ مِثْلَ أَبِيهِ الْعَسْكَرِيَّ، وَكَانَ صَالِحًا عَابِدًا، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ:260. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 1/372 373، شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 2/141، الْعِبَرِ 2/20، الْأَعْلَامِ 2/215216.
(4)
هـ، ر، ص: الْفَصْلُ الثَّانِيَ عَشَرَ.
(5)
فِي (ك) ص [0 - 9] 06 (م) .
(6)
ن، م: وَلَدُ، هـ، ر، ص، و: وَوُلِدَ، ك: وَكَانَ وَلَدُهُ.
(7)
مُحَمَّدٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(8)
ك: اسْمُهُ اسْمِي. .
(9)
ك: الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا. .
جَوْرًا " (1) فَذَلِكَ هُوَ الْمَهْدِيُّ» (2) .
فَيُقَالُ: قَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، وَعَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ (3) وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَنْسَابِ وَالتَّوَارِيخِ: أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسْلٌ وَلَا عَقِبٌ. وَالْإِمَامِيَّةُ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ وَلَدٌ يَدَّعُونَ أَنَّهُ دَخَلَ السِّرْدَابَ بِسَامَرَّا وَهُوَ صَغِيرٌ. مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: عُمُرُهُ سَنَتَانِ، وَمِنْهُمْ مَنْ
(1) ك: كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا.
(2)
هـ، ر، ص: فَهُوَ الْمَهْدِيُّ، ك: فَذَلِكَ هُوَ الْمَهْدِيُّ عليه السلام.
(3)
أ، ب، و: وَعَبْدُ الْبَاقِي بْنُ نَافِعٍ. وَسَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَعَلَى الطَّبَرِيِّ فِيمَا مَضَى 1/122 وَأَشَرْتُ هُنَاكَ إِلَى أَنَّ غَرِيبَ بْنَ سَعْدٍ الْقُرْطُبِيَّ قَدْ ذَكَرَ فِي " صِلَةِ تَارِيخِ الطَّبَرِيِّ " أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيَّ لَمْ يُعْقِبْ وَخُلَاصَةُ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ فِي " تَارِيخِ الطَّبَرِيِّ " 11/49 - 50 (كِتَابُ الصِّلَةِ) أَنَّ رَجُلًا زَعَمَ أَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَهْدِيُّ: " فَأَمَرَ الْمُقْتَدِرُ بِإِحْضَارِ ابْنِ طُومَارٍ نَقِيبِ الطَّالِبِيِّينَ وَمَشَايِخَ آلِ طَالِبٍ فَسَأَلَهُ عَنْ نِسْبَتِهِ فَزَعَمَ أَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الرِّضَا وَأَنَّهُ قَدِمَ مِنَ الْبَادِيَةِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ طُومَارٍ: لَمْ يُعْقِبِ الْحَسَنُ وَكَانَ قَوْمٌ يَقُولُونَ: إِنَّهُ أَعْقَبَ، وَقَوْمٌ قَالُوا: لَمْ يُعْقِبْ. . . إِلَخْ ". وَيَذْكُرُ الدُّكْتُورُ أَحْمَد صُبْحِي فِي كِتَابِهِ " نَظَرِيَّةِ الْإِمَامَةِ " ص [0 - 9] 95 396 أَنَّ أَصْحَابَ الْمَقَالَاتِ وَمُؤَرِّخِي الْفِرَقِ ذَكَرُوا أَنَّ الشِّيعَةَ قَدِ انْقَسَمُوا إِلَى مَا يَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ فِرْقَةً، وَلَيْسَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ التِّسْعِ مِنْ وَلَدِ الْحُسَيْنِ مَنْ أَجْمَعَ الشِّيعَةُ عَلَى إِمَامَتِهِ، وَيَقُولُ: إِنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ يَبْلُغُ أَشُدَّهُ بَعْدَ وَفَاةِ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ، إِذْ تَرَى فِرَقٌ كَثِيرَةٌ أَنَّهُ لَمْ يُعْقِبْ، وَشَارَكَ بَعْضُ أَهْلِ السِّنَّةِ فِي هَذَا الْقَوْلِ كَابْنِ حَجَرٍ الْهَيْثَمِيِّ مُعَارَضَةً مِنْهُمْ فِي الْعَقِيدَةِ الْمَهْدِيَّةِ بِمَفْهُومِهَا الشِّيعِيِّ، اسْتَنَدَتْ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّ جَعْفَرَ ابْنَ الْهَادِي قَدْ طَالَبَ بِمِيرَاثِ أَخِيهِ الْحَسَنِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا ادَّعَى الْإِمَامَةَ بَعْدَهُ، وَتَوَقَّفَتْ طَائِفَةٌ عِنْدَ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ وَعَدَّتْهُ الْقَائِمَ الْمُنْتَظَرَ، وَذَهَبَتْ أُخْرَى إِلَى بُطْلَانِ الْإِمَامَةِ بَعْدَهُ، فَلَيْسَ فِي الْأَرْضِ حُجَّةٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ النَّبِيِّ، وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ فِي الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ عَنِ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ. وَيَقُولُ الدُّكْتُورُ أَحْمَد صُبْحِي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ (ص 409) إِنَّ ابْنَ تَيْمِيَّةَ وَابْنَ حَجَرٍ الْهَيْثَمِيَّ قَدِ اسْتَنَدَا إِلَى أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ عَلِيٍّ قَدْ أَنْكَرَ وُجُودَ وَلَدٍ لِأَخِيهِ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ وَطَالَبَ بِاسْتِحْقَاقِ مِيرَاثِ أَخِيهِ، وَرَفَعَ الْأَمْرَ إِلَى السُّلْطَانِ الْعَبَّاسِيِّ وَحَمَلَهُ عَلَى حَبْسِ جِوَارِي الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ لِيَتَأَكَّدَ مِنْ عَدَمِ حَمْلِهِنَّ ".
قَالَ: ثَلَاثٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: خَمْسُ سِنِينَ (1) وَهَذَا لَوْ كَانَ مَوْجُودًا مَعْلُومًا، لَكَانَ الْوَاجِبُ فِي حُكْمِ اللَّهِ الثَّابِتِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ
(1) إِنَّ الْإِمَامِيَّةَ الرَّافِضَةَ أَنْفُسَهُمْ يُسَجِّلُونَ فِي كُتُبِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يُولَدْ. يَقُولُ الْأُسْتَاذُ إِحْسَان إِلَهِي ظَهِير فِي كِتَابِهِ " الشِّيعَةُ وَأَهْلُ الْبَيْتِ " ص 294: " هَذَا وَأَمَّا الثَّانِيَ عَشَرَ الْمَوْهُومَ فَكَفَى فِيهِ الْقَوْلُ أَنَّهُمْ يُصَرِّحُونَ فِي كُتُبِهِمْ أَنْفُسُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يُولَدْ وَلَمْ يُعْثَرْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُرَ لَهُ أَثَرٌ مَعَ كُلِّ التَّفْتِيشِ وَالتَّنْقِيبِ، ثُمَّ يَحْكُونَ حِكَايَاتٍ، وَيَنْسِجُونَ الْأَسَاطِيرَ، وَيَخْتَلِقُونَ الْقِصَصَ وَالْأَبَاطِيلَ فِي وِلَادَتِهِ وَأَوْصَافِهِ: إِمَّا مَوْجُودٌ وُلِدَ، وَإِمَّا مَعْدُومٌ لَمْ يُولَدْ؟ ". ثُمَّ يُورِدُ الْأُسْتَاذُ إِحْسَانٌ نَصًّا طَوِيلًا مِنْ كُتُبِهِمْ يَذْكُرُ أَنَّهُ فِي كِتَابِ الْحُجَّةِ لِلْكَافِي ص 505، الْإِرْشَادِ لِلْمُفِيدِ ص 339، 340، كَشْفِ الْغُمَّةِ ص 408، 409، الْفُصُولِ الْمُهِمَّةِ، ص 289، جَلَاءِ الْعُيُونِ ج [0 - 9] ص 762، إِعْلَامِ الْوَرَى، ص 377، 378. وَوَجَدْتُ هَذَا النَّصَّ عِنْدِي فِي كِتَابِ " الْأُصُولِ مِنَ الْكَافِي " لِلْكِلِينِيِّ (ط. طَهْرَانَ، 1381) فِي كِتَابِ الْحُجَّةِ، بَابُ مَوْلِدِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عليهما السلام وَهُوَ مِنْ ص 503 506. وَسَنَدُ هَذَا الْخَبَرِ فِي الْكَافِي هُوَ:" الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: كَانَ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ خَاقَانَ عَلَى الضِّيَاعِ وَالْخَرَاجِ بِقُمَّ، فَجَرَى فِي مَجْلِسِهِ يَوْمًا ذِكْرُ الْعَلَوِيَّةِ وَمَذَاهِبِهِمْ، وَكَانَ شَدِيدَ النَّصْبِ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ وَلَا عَرَفْتُ بِسُرَّ مَنْ رَأَى رَجُلًا مِنَ الْعَلَوِيَّةِ مِثْلَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الرِّضَا فِي هَدْيِهِ وَسُكُونِهِ وَعَفَافِهِ وَنُبْلِهِ وَكَرَمِهِ عِنْدَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَبَنِي هَاشِمٍ. . ثُمَّ يَسْتَطْرِدُ رَاوِي الْخَبَرِ إِلَى أَنْ يَقُولَ (ص 504 506) : " وَلَقَدْ وَرَدَ عَلَى السُّلْطَانِ وَأَصْحَابِهِ فِي وَقْتِ وَفَاةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ مَا تَعَجَّبْتُ مِنْهُ وَمَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكُونُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَعْتَلَّ بَعَثَ إِلَى أَبِي أَنَّ ابْنَ الرِّضَا قَدِ اعْتَلَّ، فَرَكِبَ مِنْ سَاعَتِهِ فَبَادَرَ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ، ثُمَّ رَجَعَ مُسْتَعْجِلًا وَمَعَهُ خَمْسَةٌ مِنْ خَدَمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ كُلُّهُمْ مِنْ ثِقَاتِهِ وَخَاصَّتِهِ، فِيهِمْ نِحْرِيرٌ، فَأَمَرَهُمْ بِلُزُومِ دَارِ الْحَسَنِ وَتَعَرُّفِ خِبْرِهِ وَحَالِهِ، وَبَعَثَ إِلَى نَفَرٍ مِنَ الْمُتَطَبِّبِينَ فَأَمَرَهُمْ بِالِاخْتِلَافِ إِلَيْهِ وَتَعَاهُدِهِ صَبَاحًا وَمِسَاءً، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَّاتَةٍ أُخْبِرَ أَنَّهُ قَدْ ضَعُفَ، فَأَمَرَ الْمُتَطَبِّبِينَ بِلُزُومِ دَارِهِ، وَبَعَثَ إِلَى قَاضِي الْقُضَاةِ، فَأُحْضِرَ مَجْلِسَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ أَصْحَابِهِ عَشَرَةً مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ فِي دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ وَوَرَعِهِ، فَأَحْضَرَهُمْ فَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى دَارِ الْحَسَنِ وَأَمَرَهُمْ بِلُزُومِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا، فَلَمْ يَزَالُوا هُنَاكَ حَتَّى تُوُفِّيَ عليه السلام، فَصَارَتْ سُرَّ مَنْ رَأَى ضَجَّةً وَاحِدَةً، وَبَعَثَ السُّلْطَانُ إِلَى دَارِهِ مَنْ فَتَّشَهَا وَفَتَّشَ حُجَرَهَا وَخَتَمَ عَلَى جَمِيعِ مَا فِيهَا، وَطَلَبُوا أَثَرَ وَلَدِهِ، وَجَاءُوا بِنِسَاءٍ يَعْرِفْنَ الْحَمْلَ، فَدَخَلْنَ إِلَى جَوَارِيهِ يَنْظُرْنَ إِلَيْهِنَّ، فَذَكَرَ بِعْضُهُنَّ أَنَّ هُنَاكَ جَارِيَةً بِهَا حَمْلٌ، فَجُعِلَتْ فِي حُجْرَةٍ، وَوُكِّلَ بِهَا نِحْرِيرٌ الْخَادِمُ وَأَصْحَابُهُ وَنِسْوَةٌ مَعَهُمْ، ثُمَّ أَخَذُوا بَعْدَ ذَلِكَ فِي تَهْيِئَتِهِ وَعُطِّلَتِ الْأَسْوَاقُ وَرَكِبَتْ بَنُو هَاشِمٍ وَالْقُوَّادُ وَأَبِي وَسَائِرُ النَّاسِ إِلَى جِنَازَتِهِ. . . فَلَمَّا دُفِنَ أَخَذَ السُّلْطَانُ وَالنَّاسُ فِي طَلَبِ وَلَدِهِ، وَكَثُرَ التَّفْتِيشُ فِي الْمَنَازِلِ وَالدُّورِ، وَتَوَقَّفُوا عَنْ قِسْمَةِ مِيرَاثِهِ، وَلَمْ يَزَلِ الَّذِينَ وُكِّلُوا بِحِفْظِ الْجَارِيَةِ الَّتِي تُوُهِّمَ عَلَيْهَا الْحَمْلُ لَازِمِينَ حَتَّى تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْحَمْلِ، فَلَمَّا بَطَلَ الْحَمْلُ عَنْهُنَّ قُسِمَ مِيرَاثُهُ بَيْنَ أُمِّهِ وَأَخِيهِ جَعْفَرٍ وَادَّعَتْ أُمُّهُ وَصِيَّتَهُ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَالسُّلْطَانُ عَلَى ذَلِكَ يَطْلُبُ أَثَرَ وَلَدِهِ، فَجَاءَ جَعْفَرٌ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى أَبِي. . . . فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ، حَتَّى مَاتَ أَبِي، وَخَرَجْنَا وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، وَالسُّلْطَانُ يَطْلُبُ أَثَرَ وَلَدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ".
أَنْ يَكُونَ مَحْضُونًا عِنْدَ مَنْ يَحْضُنُهُ فِي بَدَنِهِ، كَأُمِّهِ، وَأُمِّ أُمِّهِ، وَنَحْوِهِمَا مَنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ، وَأَنْ يَكُونَ مَالُهُ عِنْدَ مَنْ يَحْفَظُهُ: إِمَّا وَصِيُّ أَبِيهِ إِنْ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ، وَإِمَّا غَيْرُ [الْوَصِيِّ] :(1) إِمَّا قَرِيبٌ، وَإِمَّا نَائِبٌ لَدَى السُّلْطَانِ (2) ، فَإِنَّهُ يَتِيمٌ لِمَوْتِ أَبِيهِ.
وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 6] ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُ مَالِهِ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْلُعَ النِّكَاحَ وَيُؤْنَسَ مِنْهُ الرُّشْدُ، كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ، فَكَيْفَ يَكُونُ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فِي بَدَنِهِ وَمَالِهِ إِمَامًا لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مَعْصُومًا، لَا يَكُونُ أَحَدٌ مُؤْمِنًا إِلَّا بِالْإِيمَانِ بِهِ؟ ! .
ثُمَّ إِنَّ (3) هَذَا بِاتِّفَاقٍ مِنْهُمْ: سَوَاءٌ قُدِّرَ وُجُودُهُ أَوْ عَدَمُهُ، لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ
(1) ن: وَإِمَّا غَيْرُهِ.
(2)
ن، م، ص: لِذِي سُلْطَانٍ، هـ: لِذِي سُلْطَانٍ.
(3)
إِنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
لَا فِي دِينٍ وَلَا فِي دُنْيَا (1) ، وَلَا عَلَّمَ أَحَدًا شَيْئًا (2) ، وَلَا يُعْرَفُ (3) لَهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ الْخَيْرِ وَلَا الشَّرِّ، فَلَمْ يَحْصُلْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ مَقَاصِدِ الْإِمَامَةِ وَلَا مَصَالِحِهَا (4) لَا الْخَاصَّةُ وَلَا الْعَامَّةُ، بَلْ إِنْ قُدِّرَ وَجُودُهُ فَهُوَ ضَرَرٌ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ بِلَا نَفْعٍ أَصْلًا، فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِهِ (5) ، وَلَا حَصَلَ لَهُمْ بِهِ لُطْفٌ وَلَا مَصْلَحَةٌ، وَالْمُكَذِّبُونَ بِهِ يُعَذَّبُونَ [عِنْدَهُمْ](6) عَلَى تَكْذِيبِهِمْ بِهِ، فَهُوَ شَرٌّ مَحْضٌ وَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَخَلْقُ مِثْلِ هَذَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْحَكِيمِ الْعَادِلِ.
وَإِذَا قَالُوا: إِنَّ النَّاسَ بِسَبَبِ ظُلْمِهِمُ احْتَجَبَ عَنْهُمْ.
قِيلَ: أَوَّلًا: كَانَ الظُّلْمُ مَوْجُودًا فِي زَمَنِ (7) آبَائِهِ وَلَمْ يَحْتَجِبُوا.
وَقِيلَ: [ثَانِيًا] : (8) فَالْمُؤْمِنُونَ بِهِ طَبَّقُوا الْأَرْضَ فَهَلَّا اجْتَمَعَ بِهِمْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، أَوْ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا يُعَلِّمُهُمْ شَيْئًا مِنِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ؟ ! .
وَقِيلَ: ثَالِثًا: قَدْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْوِيَ إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي فِيهَا شِيعَتُهُ، كَجِبَالِ الشَّامِ الَّتِي كَانَ فِيهَا الرَّافِضَةُ عَاصِيَةً، وَغَيْرِ ذَلِكَ (9) مِنَ الْمَوَاضِعِ الْعَاصِيَةِ.
وَقِيلَ: رَابِعًا: فَإِذَا هُوَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَذْكُرَ شَيْئًا مِنِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ
(1) أ، ب: لَا فِي الدِّينِ وَلَا فِي الدُّنْيَا، هـ، ر، ص، و: لَا فِي دِينٍ وَلَا دُنْيَا.
(2)
ن، و: وَلَا عَلِمَ أَحَدٌ شَيْئًا.
(3)
ب: وَلَا عُرِفَ.
(4)
أ: مِنْ مَقَاصِدِ الْإِمَامِ وَمَصَالِحًا، ب: مِنْ مَقَاصِدِ الْإِمَامَةِ وَمَصَالِحِهَا.
(5)
أ، ب: لَمْ يَنْتَفِعُوا بِهِ أَصْلًا.
(6)
عِنْدَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(7)
أ، ب: الظُّلْمُ كَانَ فِي زَمَنِ. . .
(8)
ثَانِيًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(9)
ن، م: وَغَيْرِهَا.
لِأَحَدٍ، لِأَجْلِ هَذَا الْخَوْفِ، لَمْ يَكُنْ فِي وُجُودِهِ لُطْفٌ وَلَا مَصْلَحَةٌ، فَكَانَ هَذَا مُنَاقِضًا لِمَا أَثْبَتُوهُ. بِخِلَافِ مَنْ أُرْسِلَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَكُذِّبَ، فَإِنَّهُ بَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَحَصَلَ لِمَنْ آمَنَ مِنَ اللُّطْفِ وَالْمَصْلَحَةِ مَا هُوَ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَهَذَا الْمُنْتَظَرُ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ لِطَائِفَتِهِ إِلَّا الِانْتِظَارُ لِمَنْ لَا يَأْتِي، وَدَوَامُ الْحَسْرَةِ وَالْأَلَمِ، وَمُعَادَاةُ الْعَالَمِ، وَالدُّعَاءُ الَّذِي لَا يَسْتَجِيبُهُ اللَّهُ؛ لِأَنَّهُمْ يَدْعُونَ لَهُ بِالْخُرُوجِ [وَالظُّهُورِ](1)(* مِنْ مُدَّةٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً لَمْ (2) يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا. ثُمَّ إِنْ عُمِّرَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ *) (3) هَذِهِ الْمُدَّةَ أَمْرٌ يُعْرَفُ كَذِبُهُ بِالْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، فَلَا يُعْرَفُ أَحَدٌ وُلِدَ فِي دِينِ (4) الْإِسْلَامِ وَعَاشَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً (5)، فَضْلًا عَنْ هَذَا الْعُمُرِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ (6) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ: " «أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّهُ (7) عَلَى رَأْسِ مِائَةٍ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَيْهَا (8) أَحَدٌ» (9) .
(1) وَالظُّهُورِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) . وَفِي (أ)، (ب) : بِالظُّهُورِ وَالْخُرُوجِ.
(2)
ب (فَقَطْ) : وَلَمْ.
(3)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (و) .
(4)
ب (فَقَطْ) : زَمَنِ.
(5)
ن، م، ر، هـ، و: مَائِةً وَعَشْرَ سِنِينَ.
(6)
ص: فِي الصَّحِيحَيْنِ.
(7)
ب، م: فَإِنَّ.
(8)
ص، هـ، و، ر: عَلَيْهَا الْيَوْمَ.
(9)
الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي: الْبُخَارِيِّ 1/119 120 (كِتَابُ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، بَابُ السَّمَرِ فِي الْفِقْهِ وَالْخَيْرِ بَعْدَ الْعَشَاءِ) وَنَصُّهُ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْعِشَاءِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةٍ لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ ". فَوَهَلَ النَّاسُ مِنْ مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ عليه السلام إِلَى مَا يَتَحَدَّثُونَ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَنْ مِائَةِ سَنَةٍ، وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهَا تَخْرِمُ ذَلِكَ. وَجَاءَ الْحَدِيثُ مُخْتَصَرًا فِي مَوْضِعَيْنِ آخَرَيْنِ فِي: الْبُخَارِيِّ 1 (كِتَابُ الْعِلْمِ، بَابُ السَّمَرِ فِي الْعِلْمِ) ، 1/113 (كِتَابُ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، بَابُ ذِكْرِ الْعَشَاءِ وَالْعَتَمَةِ. .) . وَجَاءَ الْحَدِيثُ مُفَصَّلًا فِي: مُسْلِمٍ 4/1965 1966 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَأْتِي مِائَةُ سَنَةٍ وَعَلَى الْأَرْضِ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ الْيَوْمَ) ، سُنَنَ أَبِي دَاوُدَ 4/176 (كِتَابُ الْمَلَاحِمِ، بَابُ قِيَامِ السَّاعَةِ) سُنَنَ التِّرْمِذِيِّ 3/354 355 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ 55) . وَقَالَ مُحَقِّقُ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ: " وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ بْنَ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّ وَفَاتَهُ كَانَتْ سَنَةَ مِائَةٍ مِنِ الْهِجْرَةِ "
فَمَنْ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَهُ سَنَةٌ وَنَحْوُهَا لَمْ يَعِشْ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ قَطْعًا. وَإِذَا كَانَتِ الْأَعْمَارُ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ لَا تَتَجَاوَزُ هَذَا الْحَدَّ، فَمَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَعْصَارِ أَوْلَى بِذَلِكَ فِي الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ الْعَامَّةِ، فَإِنَّ أَعْمَارَ بَنِي آدَمَ فِي الْغَالِبِ كُلَّمَا تَأَخَّرَ الزَّمَانُ قَصُرَتْ وَلَمْ تَطُلْ، فَإِنَّ نُوحًا [عليه السلام] لَبِثَ فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا، وَآدَمُ [عليه السلام](1) عَاشَ أَلْفَ سَنَةٍ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ (2) ، فَكَانَ
(1) عليه السلام: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(2)
الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/123 124 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، الْبَابُ الْأَخِيرُ فِيهِ) وَأَوَّلُهُ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ بِإِذْنِهِ. . الْحَدِيثَ وَفِيهِ " قَالَ: يَا رَبِّ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ، وَقَدْ كَتَبْتُ لَهُ عُمُرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. قَالَ: يَا رَبِّ زِدْهُ فِي عُمُرِهِ. قَالَ: ذَاكَ الَّذِي كُتِبَ لَهُ. قَالَ: أَيْ رَبِّ فَإِنَّى قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عُمُرِي سِتِّينَ سَنَةً. قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ. قَالَ: ثُمَّ اسْكُنِ الْجَنَّةَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ اهْبِطْ مِنْهَا، فَكَانَ آدَمُ يَعُدُّ لِنَفْسِهِ. قَالَ: فَآتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: قَدْ عَجَّلْتَ، قَدْ كُتِبَ لِي أَلْفُ سَنَةٍ. قَالَ: بَلَى وَلَكِنَّكَ جَعَلْتَ لِابْنِكَ دَاوُدَ سِتِّينَ سَنَةً، فَجَحَدَ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَنَسِيَ، فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ. قَالَ: فَمِنْ يَوْمِئِذٍ أُمِرَ بِالْكِتَابِ وَالشُّهُودِ ". قَالَ التِّرْمِذِيُّ: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ": قَالَ الْأَلْبَانِيُّ فِي تَخْرِيجِ " مِشْكَاةِ الْمَصَابِيحِ " لِلتَّبْرِيزِيِّ 2/543: " وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ، وَهُوَ كَمَا قَالَا ". وَجَاءَ حَدِيثٌ آخَرُ بِنَفْسِ الْمَعْنَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ فِي السَّنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 4/71، 72، 252، 5/174 175. وَأَوْرَدَ ابْنُ كَثِيرٍ هَذَا الْحَدِيثَ فِي تَفْسِيرِهِ لِآيَةِ الدَّيْنِ (الْبَقَرَةِ 282) وَعَلَّقَ عَلَيْهِ، كَمَا أَوْرَدَهُ السُّيُوطِيُّ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ 1/370.
الْعُمُرُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ طَوِيلًا، ثُمَّ أَعْمَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ، وَأَقَلُّهُمْ مَنْ (1) يَجُوزُ ذَلِكَ، كَمَا [ثَبَتَ] ذَلِكَ فِي [الْحَدِيثِ] الصَّحِيحِ (2) .
وَاحْتِجَاجُهُمْ بِحَيَاةِ الْخَضِرِ احْتِجَاجٌ بَاطِلٌ عَلَى بَاطِلٍ، فَمَنِ الَّذِي يُسَلِّمُ لَهُمْ بَقَاءَ الْخَضِرِ. وَالَّذِي عَلَيْهِ سَائِرُ الْعُلَمَاءِ الْمُحَقِّقِينَ (3) أَنَّهُ مَاتَ، وَبِتَقْدِيرِ بَقَائِهِ فَلَيْسَ [هُوَ](4) مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ (5) .
(1) أ، ب: مِمَّنْ.
(2)
ن، م: كَمَا ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ، ر، هـ، ص، و: كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ. وَالْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 3/387 (كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي أَعْمَارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ) . . . وَنَصُّهُ: " عُمُرُ أُمَّتِي مِنْ سِتِّينَ سَنَةً إِلَى سَبْعِينَ ". قَالَ التِّرْمِذِيُّ: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ". وَالْحَدِيثُ فِي: سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1415 (كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ الْأَمَلِ وَالْأَجَلِ) وَنَصُّهُ: " أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ ". وَصَحَّحَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ فِي " صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " 1/354. وَانْظُرْ كَلَامَهُ عَلَيْهِ فِيهِ " سِلْسِلَةِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ " 2/320 (رَقْمِ 757) .
(3)
أ، ب: الْعُلَمَاءِ وَالْمُحَقِّقُونَ.
(4)
هُوَ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(5)
لِابْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيِّ رِسَالَةٌ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ عُنْوَانُهَا: " الزَّهْرُ النَّضِرُ فِي نَبَأِ الْخَضِرِ " نُشِرَتْ فِي " مَجْمُوعَةِ الرَّسَائِلِ الْمِنْبَرِيَّةِ " 2/195 234 قَالَ فِي آخِرَهَا (ص 234) : " وَالَّذِي تَمِيلُ إِلَيْهِ النَّفْسُ مِنْ حَيْثُ الْأَدِلَّةُ الْقَوِيَّةُ خِلَافُ مَا يَعْتَقِدُهُ الْعَوَامُّ مِنِ اسْتِمْرَارِ حَيَاتِهِ ".