الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كلام الرافضي على اختيار الناس لمذهب أهل السنة طلبا للدنيا والرد عليه]
فَصْلٌ (1) .
قَالَ الرَّافِضِيُّ (2) : " وَمَا أَظُنُّ أَحَدًا مِنَ الْمُحَصِّلِينَ (3) وَقَفَ عَلَى هَذِهِ الْمَذَاهِبِ وَاخْتَارَ (4) غَيْرَ مَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ بَاطِنًا، وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ يَصِيرُ إِلَى غَيْرِهِ طَلَبًا لِلدُّنْيَا؛ حَيْثُ وُضِعَتْ لَهُمُ الْمَدَارِسُ وَالرُّبُطُ وَالْأَوْقَافُ حَتَّى تَسْتَمِرَّ (5) لِبَنِي الْعَبَّاسِ الدَّعْوَةُ وَيُشِيدُوا (6) لِلْعَامَّةِ اعْتِقَادَ إِمَامَتِهِمْ ".
فَيُقَالُ: هَذَا الْكَلَامُ (7) لَا يَقُولُهُ إِلَّا مَنْ هُوَ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ بِأَحْوَالِ أَهْلِ السُّنَّةِ، أَوْ مَنْ (8) هُوَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ كَذِبًا وَعِنَادًا، وَبُطْلَانُهُ (9) ظَاهِرٌ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، فَإِنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ السُّنَّةَ كَانَتْ قَبْلَ أَنْ تُبْنَى الْمَدَارِسُ أَقْوَى وَأَظْهَرُ، فَإِنَّ الْمَدَارِسَ إِنَّمَا بُنِيَتْ فِي بَغْدَادَ فِي أَثْنَاءِ الْمِائَةِ الْخَامِسَةِ: بُنِيَتِ النِّظَامِيَّةُ فِي حُدُودِ السِّتِّينَ وَالْأَرْبَعِمِائَةِ، وَبُنِيَتْ عَلَى مَذْهَبٍ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ (10) . وَالْمَذَاهِبُ الْأَرْبَعَةُ طَبَقَتِ الْمَشْرِقَ
(1) ص، ر، هـ: الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ.
(2)
فِي (ك) ص [0 - 9] 07 (م) .
(3)
ن، أ: مِنَ الْمُخْلِصِينَ.
(4)
ك: فَاخْتَارَ.
(5)
ك: حِينَ تَسْتَمِرُّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(6)
ك: وَيُشِيدُ.
(7)
أ، ب: كَلَامٌ.
(8)
أ، ب: وَمَنْ.
(9)
ن: وَسُلْطَانُهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(10)
يَقُولُ ابْنُ خِلِّكَانَ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ الْعَبَّاسِ الْمُلَقَّبِ بِنِظَامِ الْمُلْكِ (وَفِيَّاتِ الْأَعْيَانِ 1/396: " وَشَرَعَ فِي عِمَارَةِ مَدْرَسَتِهِ بِبَغْدَادَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَفِي سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى طَبَقَاتِهِمْ لِيُدَرِّسَ بِهَا الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. . . " وَانْظُرِ: الْبِدَايَةَ وَالنِّهَايَةَ لِابْنِ كَثِيرٍ 12/140؛ الْكَامِلَ لِابْنِ الْأَثِيرِ 10؛ الْمُنْتَظِمَ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ 9/65 - 66 وَفِيهِ (وَفِي كِتَابٍ شَرَطَهَا أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَى أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَصْلًا. . .)
وَالْمَغْرِبَ (1) وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ مَدْرَسَةٌ، وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الْغَرْبِ (2) لَا يُذْكَرُ عِنْدَهُمْ وَلَدُ الْعَبَّاسِ.
ثُمَّ السُّنَّةُ كَانَتْ قَبْلَ دَوْلَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ أَظْهَرَ مِنْهَا وَأَقْوَى فِي دَوْلَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ، فَإِنَّ بَنِي الْعَبَّاسِ دَخَلَ فِي دَوْلَتِهِمْ كَثِيرٌ (3) مِنَ الشِّيعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ. ثُمَّ إِنَّ (4) أَهْلُ السُّنَّةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَةَ لَا تَخْتَصُّ بِبَنِي الْعَبَّاسِ، وَإِنَّهُ لَوْ تَوَلَّاهَا بَعْضُ الْعَلَوِيِّينَ أَوِ الْأُمَوِيِّينَ أَوْ غَيْرُهُمْ مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ جَازَ، ثُمَّ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ عُلَمَاءَ السُّنَّةِ كَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنْ مُدَاهَنَةِ الْمُلُوكِ أَوْ مُقَارَبَتِهِمْ، ثُمَّ إِنَّ (5) أَهْلَ السُّنَّةِ إِنَّمَا يُعَظِّمُونَ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ، وَلَيْسَ فِيهِمْ أَحَدٌ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ.
ثُمَّ مِنَ الْمَعْلُومِ لِكُلِّ عَاقِلٍ أَنَّهُ لَيْسَ فِي عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ الْمَشْهُورِينَ أَحَدٌ (6) رَافِضِيٌّ، بَلْ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى تَجْهِيلِ الرَّافِضَةِ وَتَضْلِيلِهِمْ، وَكُتُبُهُمْ كُلُّهَا
(1) ن، م، ص، ر، هـ: الشَّرْقَ وَالْغَرْبَ.
(2)
فِي الْغَرْبِ: كَذَا فِي (أ)، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: بِالْغَرْبِ.
(3)
أ، ب: فَإِنَّ دَوْلَةَ بَنِي الْعَبَّاسِ دَخَلَ فِيهَا كَثِيرٌ. . .
(4)
إِنَّ: فِي (ن) فَقَطْ.
(5)
إِنَّ: فِي (ن) فَقَطْ.
(6)
ن، م، و: وَاحِدٌ.
شَاهِدَةٌ بِذَلِكَ، وَهَذِهِ كُتُبُ الطَّوَائِفِ كُلُّهَا تَنْطِقُ (1) بِذَلِكَ، مَعَ أَنَّهُ لَا أَحَدَ يُلْجِئُهُمْ إِلَى ذِكْرِ الرَّافِضَةِ، وَذِكْرِ جَهْلِهِمْ وَضَلَالِهِمْ.
وَهُمْ دَائِمًا يَذْكُرُونَ مِنْ جَهْلِ الرَّافِضَةِ وَضَلَالِهِمْ مَا يُعْلَمُ مَعَهُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الرَّافِضَةَ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ وَأَضَلِّهِمْ، وَأَبْعَدِ طَوَائِفِ الْأُمَّةِ عَنِ الْهُدَى. كَيْفَ (2) . وَمَذْهَبُ هَؤُلَاءِ الْإِمَامِيَّةِ قَدْ جَمَعَ عَظَائِمَ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ، فَإِنَّهُمْ جَهْمِيَّةٌ قَدَرِيَّةٌ رَافِضَةٌ (3) . وَكَلَامُ السَّلَفِ وَالْعُلَمَاءِ فِي ذَمِّ كُلِّ (4) صِنْفٍ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ لَا يُحْصِيهِ إِلَّا اللَّهُ، وَالْكُتُبُ مَشْحُونَةٌ بِذَلِكَ، كَكُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْآثَارِ وَالْفِقْهِ وَالتَّفْسِيرِ وَالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ شَرٌّ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ كَالْمُرْجِئَةِ (5) وَالْحَرُورِيَّةِ.
وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مَعَ كَثْرَةِ بَحْثِي وَتَطَلُّعِي إِلَى مَعْرِفَةِ أَقْوَالِ النَّاسِ [وَمَذَاهِبِهِمْ](6) مَا عَلِمْتُ رَجُلًا لَهُ فِي الْأُمَّةِ لِسَانُ صِدْقٍ يَتَّهِمُ (7) بِمَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ (8) يَعْتَقِدُهُ فِي الْبَاطِنِ.
وَقَدِ اتُّهِمَ بِمَذْهَبِ الزَّيْدِيَّةِ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ، وَكَانَ فَقِيهًا
(1) أ، ب: تَشْهَدُ.
(2)
كَيْفَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب)
(3)
أ، ب: رَافِضِيَّةٌ.
(4)
كُلِّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(5)
أ، ب: وَالْمُرْجِئَةِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(6)
وَمَذَاهِبِهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(7)
أ: مِنْهُمْ؛ ب: مُتَّهَمًا.
(8)
إِنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
صَالِحًا (1) زَاهِدًا (2)، وَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَنْقُلْ (3) أَحَدٌ عَنْهُ (4) : إِنَّهُ طَعَنَ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَشُكَّ فِي إِمَامَتِهِمَا. وَاتُّهِمَ (5) طَائِفَةٌ مِنَ الشِّيعَةِ الْأُولَى (* بِتَفْضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ (6) ، وَلَمْ يُتَّهَمْ أَحَدٌ مِنَ الشِّيعَةِ الْأُولَى بِتَفْضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، بَلْ كَانَتْ عَامَّةُ الشِّيعَةِ الْأُولَى *) (7) الَّذِينَ يُحِبُّونَ عَلِيًّا يُفَضِّلُونَ عَلَيْهِ (8) أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، لَكِنْ كَانَ فِيهِمْ طَائِفَةٌ تُرَجِّحُهُ (9) عَلَى عُثْمَانَ، وَكَانَ النَّاسُ فِي الْفِتْنَةِ صَارُوا شِيعَتَيْنِ: شِيعَةً عُثْمَانِيَّةً، وَشِيعَةً عَلَوِيَّةً. وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ قَاتَلَ مَعَ عَلِيٍّ كَانَ يُفَضِّلُهُ عَلَى عُثْمَانَ، بَلْ كَانَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ يُفَضِّلُ عُثْمَانَ عَلَيْهِ، كَمَا هُوَ قَوْلُ سَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ.
(1) صَالِحًا: زِيَادَةٌ فِي (ر) ، (هـ) ، (ص) .
(2)
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ الْهَمْدَانِيُّ الثَّوْرِيُّ الْكُوفِيُّ، كَانَ فَقِيهًا مُحَدِّثًا مُتَكَلِّمًا، وَهُوَ رَأْسُ فِرْقَةِ الصَّالِحِيَّةِ مِنَ الزَّيْدِيَّةِ، وَقَوْلُهَا وَفِرْقَةُ الْبُتْرِيَّةِ أَصْحَابُ كَثِيرِ النَّوَى الْأَبْتَرِ قَوْلٌ وَاحِدٌ. وُلِدَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ سَنَةَ 100 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 168 وَجَعَلَهُمَا الْأَشْعَرِيُّ فِرْقَةً وَاحِدَةً سَمَّاهَا الْبُتْرِيَّةَ، وَيَقُولُ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ:" يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَوْلَاهُمْ بِالْإِمَامَةِ، وَأَنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ لَيْسَتْ بِخَطَأٍ، لِأَنَّ عَلِيًّا تَرَكَ ذَلِكَ لَهُمَا، وَيَقِفُونَ فِي عُثْمَانَ وَفِي قَتَلَتِهِ، وَلَا يُقْدِمُونَ عَلَيْهِ بِإِكْفَارٍ ". انْظُرْ عَنْهُ وَعَنْ آرَائِهِ: تَهْذِيبَ التَّهْذِيبِ 2/285 - 289؛ مِيزَانَ الِاعْتِدَالِ 1/496 - 499؛ الْأَعْلَامَ 2/208؛ مَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيِّينَ 1/136 - 138؛ الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/142 - 143 الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص [0 - 9] 4 - 25.
(3)
وَلَمْ يَنْقُلْ: كَذَا فِي (ن)، (م) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَلَمْ يَقُلْ.
(4)
عَنْهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(5)
ن، م، أ، ب: وَأَنَّهُمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(6)
عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ: كَذَا فِي (ص) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ.
(7)
سَاقِطٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(8)
أ، ب: وَيُفَضِّلُونَ عَلَيْهِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(9)
أ، ب: يُرَجِّحُونَهُ.